حركة حماس التي التهت وفرحت بحكمها لغزة، وقد تكون اكتفت بذلك حسب ما آلت إليه الأمور حاليا، إذ توقفت المقاومة ضد إسرائيل من غزة، وراحت إلى أبعد من ذلك حيث تقف قوة حماس بالمرصاد لكل من يحاول العبث بالهدنة من طرفها ( الهدنة وافقت عليها حماس مع الوسيط المصري دون أن تعلن إسرائيل موافقتها، وهذا يعني تفاهما وليس اتفاقا وغير ملزم لإسرائيل ) .. إذن! لن نخجل إن قلنا أن حماس صارت تصون وتحمي حدود إسرائيل مع غزة، وهذا يؤكده ما نشر مؤخرا في صحف إسرائيلية بأن حكومة حماس في غزة قامت بتشكيل جيش خاص من أربعمائة رجل لحماية حدودها مع غزة ( يقال: أن ذلك تم بوساطة قطرية مقابل تسهيل مرور باخرة النفط القطرية لقطاع غزة..) وأكثر دلالة من ذلك هو تصريحات رئيس حكومة غزة مؤخرا السيد إسماعيل هنية، حين قال: " لن ننجر إلى حرب مع إسرائيل إذا ما قامت الأخيرة بضرب إيران.." من يعيش في غزة يرى ويلامس عن قرب تصرف وسلوك قيادات وكوادر حركة حماس وطبقة التجار الموالية لها، لا يحتاج إلى تصريحات أو تفسيرات ليتأكد أن حركة حماس غير راغبة في محاربة إسرائيل.. كيف لا ؟! وقد امتلأت بطونهم وجيوبهم وصاروا يسكنون في قصور غناء، ويركبون سيارات فارهة، وغسلت كل أموالهم أو معظمها في العقارات والأراضي والأبراج السكنية.. غير مبالين بأحاسيس الناس ومشاعرهم وآلامهم وشكواهم ومعاناتهم.. كيف لا ؟ وهم أول من رغبوا بهدنة طويلة الأمد مع إسرائيل..؟ ويكفي أن تشاهد الرئيس يمارس رياضة المشي في شوارع غزة حتى راح بعض من أهالي غزة يتمنون ويقولون: " يجي الرئيس يمشي في شارعنا علشان يرصفوه ويكون نظيفا.." وهنا نتساءل: هل وصلنا إلى ما وصل إليه الفاروق ـ رضي الله عنه ـ عندما وصف بـ : " عدلت فأمنت يا عمر.." ؟؟ هل هذا وهم؟! أم غرورا أصاب الجماعة؟؟ أم هذا هو ما يريدونه ؟؟ صار مؤكدا لجميع أهالي غزة أن عدد الجماعة الذين اغتنوا وصاروا أثرياء يتزايدون يوما بعد يوم.. ولا أحد يعرف عددهم، ولا أحد يعرف كيف ومن أين صاروا أغنياء بعد أن كانوا يعانون من الفقر؟؟ إذا كانت مالية السلطة الفلسطينية عند نشأتها قد مرت بمرحلة مهلهلة، إلا أنها صارت مؤخرا نزيهة وشفافة إلى درجة كبيرة وصرنا نقرأ ونشاهد الموازنات والواردات والمصروفات عبر وسائل الإعلام المختلفة.. لكننا بعد ستة سنوات من حكم حماس لغزة لا نعرف ما يدور ماليا، ولا نعرف إن كانت العقارات الكثيرة والأراضي والأبراج الكثيرة، هي ملك لأشخاص أو للحركة أو للحكومة؟؟ هل هي ملك عام؟ أم خاص؟ ولم نسمع من النواب أي تقرير أو رقابة؟؟ ولا نعرف حجم الجباية من الشعب المحاصر..؟! ولا نعرف حجم التبرعات.. ولا نعرف حجم المصروفات.. لكننا نعرف حجم الأغنياء الجدد.. ونعرف حجم شبابنا العاطلين، ونعرف حجم الغاضبين، ونعرف حجم شبابنا الغير قادرين على الزواج والتعليم، ونعرف عدد الذين يموتون نتيجة لعدم توفر العلاج لهم، ونعرف حجم الذين هاجروا من غزة وحجم الذين يتمنون الهجرة..!
من الواضح أن حجم التجارة مع غزة قبل الحصار كان يمر عبر إسرائيل، ويتم تحويل الضرائب والجمارك لصالح السلطة الفلسطينية بعد أن تقوم إسرائيل بخصم مستحقاتها.. لكن ذلك قد تقلص إلى درجة كبيرة وخسرت السلطة مبالغ كبيرة من جراء ذلك.. واستبدلت الواردات التي تحتاجها غزة من الأنفاق على الحدود المصرية، وباتت حكومة حماس في غزة تجبي أموالا طائلة المفروضة على السلع مثل الوقود والسجائر وغيرها.. إذن المستفيد اقتصاديا من الحصار هو حركة حماس في غزة ومجموعة المهربين من الطرف المصري، وقد يرغب الكثير منهم استمراره وإطالة أمده أكبر فترة ممكنة.. لذلك لم يطالبوا بفك الحصار، ولم يتم مناقشته في صفقة تبادل الأسرى مع (شاليط ، الجندي الإسرائيلي الذي كان مخطوفا لدى حماس في غزة) الذي كان له السبب الرئيسي في فرض الحصار، والذي دفعت غزة من أجله ثمنا باهظا من الأنفس والشجر والحجر.. إذن! حماس ومجموعة المهربين المصريين هم الرابح الأول اقتصاديا.. وإذا ما حسبنا أن حماس كانت تسعى لهدنة طويلة مع الاحتلال، تكون قد حققت هذا الهدف بشكل أو بآخر؛ فتكون هي الرابح الأول أيضا.. أما الخاسر الكبير من كل ذلك هو الشعب الفلسطيني، وأمام هذه الخسارة الكبيرة فلا بد أن يكون سقوطا مدويا لحركة حماس...
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق