على شرف الأول من أيار عيد التضامن العالمي مع الطبقة العاملة ..!/ شاكر فريد حسن

في الأول من أيار تحتفل الطبقة العاملة في جميع انحاء العالم بعيدها الأممي  بهدف رفع جاهزية العمال والأجيرين للذود عن حقوقهم المسلوبة ، وإحياءً لشهداء العمل والكدح والتضحية ، الذي سقطوا في معارك الكفاح والنضال الطبقي دفاعاً عن الحقوق الطبقية والمعيشية العادلة ، ومن اجل تحسين ظروف الشغيلة وتخفيض ساعات العمل الى ثمانٍ ساعات . وكذلك تاكيداً على دور الطبقة العاملة التاريخي بوصفها الطبقة الأكثر ثورية في المجتمع ، وطليعة الجماهير الشعبية المؤهلة لقيادة مسيرة التغيير والبناء والتحول الاجتماعي النوعي والتقدم الحضاري ، وصانعة المستقبل ، الجديرة  ببناء العالم الانساني الجديد ، وتأسيس المجتمع التقدمي المتحرر، الخالي من الفوارق الطبقية والاستغلال والاضطهاد والعبودية واستلاب الانسان ، مجتمع الحرية والعدالة والمساواة والاستقرار والتقدم في شتى الميادين ومجالات الحياة.
ان أول أيار هو رمز للتضامن العمالي الأممي ، ورمز لكفاح العمال والشغيلة وكل الكادحين والمسحوقين الدؤوب المثابر والعنيد ضد كل أشكال وصنوف القهر والإستغلال الفاحش والظلم السياسي والاجتماعي والاقتصادي ، ولأجل التحرر والبناء والقضاء على استغلال الانسان . وقد استطاعت الطبقة العاملة عبر سلسلة نضالاتها ومعاركها العمالية الثورية انتزاع هذا العيد، واضفاء الطابع الشرعي عليه .
وأول أيار بكل معانيه السامية ، هو مناسبة لتجديد العهد حفاظاً على قيم الثورة الطبقية الحمراء ، التي فجرها البلاشفة بقيادة فلاديمير ايلتش لينين ، والتاكيد على ضرورة وأهمية تلاحم ووحدة الحركات والنقابات العمالية ، ولذلك فمن المهم بهذه المناسبة النضالية التاريخية ، التي استمدت عظمتها من عظمة الطبقة العاملة ، وفي ظروف استفحال الفقر وتفاقم البطالة واستشراس البرجوازيات على حقوق العمال وتشديد قبضة الاستغلال حول أعناقهم ، من المهم رفع شعارات وحدة العمال والشغيلة والمثقفين الثوريين ، ووحدة المنظمات المهنية والنقابات العمالية في البلدان العربية والعالم بشكل عام وفي فلسطين بشكل خاص ، عبر تكاتف كل الجهود والطاقات ، التي تخدم مصالح الكادحين والطبقات المسحوقة المهمشة ، ومصالح الانسان الفلسطيني القومية داخل الخط الاخضر وفي الضفة الغربية وقطاع غزة .
فالطبقة العاملة الفلسطينية ، التي سطرت صفحات مشرقة ومضيئة في التاريخ الكفاحي البشري ، لا يمكنها القبول بالانقسام والتشرذم داخل صفوفها ، ولن ترحم محاولات تكريس الشرخ والانشقاق في الحركة الوطنية الفلسطينية ، لتحقيق مآرب شخصية وذاتية واهداف ضيقة على حساب طبقتنا العاملة وقضيتنا الوطنية المقدسة .
فتحياتنا لعمال وكادحي فلسطين في جميع اماكن تواجدهم على طريق احقاق الحقوق الوطنية الثابتة لشعبنا الفلسطيني ، وتحية اكبار لعمال الوطن العربي في كفاحهم من اجل البناء والتغيير والتحرر من نير التبعية والرجعية والاستعمار ، وتحية لعمال العالم اجمع في عيدهم الاممي ونضالهم الشرس في سبيل بناء صرح مجتمع العدل والمساواة ، وانهاء كل مظاهر الفقر والجهل والتخلف ، والقضاء على صور الاستغلال الطبقي والقهر القومي وصولاً الى مجتمع انساني يجمع كل مظاهر الرقي الحضاري المتمدن .ولتبق رايات أيار خفاقة عالية ترفرف في سماء الكون .

ربك موجود/ محمد محمد على جنيدي

أخي عندي سؤال من عمنوّل
عايش روقان وانا بتبهدل
ربك موجود مش بيطوّل
الحال دا مسيره هيتحوَّل
زي ما بيدبر ويعدِّل
هيجيب الآخر للأول
ليه عايزني أطبّل وأموَّل
وأمد الإيد وارضى أتحوّل
انس اني عرفتك مالأول
دانا اموت مالجوع ولا أتسوّل

الشاعر حنا ابو حنا الحائز على جائزة محمود درويش للعام 2013/ شاكر فريد حسن

 حاز الشاعر والاديب الفلسطيني حنا ابو حنا مؤخراً،على جائزة محمود درويش للعام 2013، ضمن احتفالية شعبنا ومؤسساته الأدبية والثقافية بيوم الثقافة الوطنية الفلسطينية ، عرفاناً وتقديراً لجهوده الأدبية ومنجزاته الشعرية والبحثية، واسهاماته الرائدة في المشهد الثقافي الفلسطيني .
حنا ابو حنا هو واحد من شعراء المقاومة والوطن والتراب ، ومن طلائع الشعر الوطني الثوري الفلسطيني، ومن الرواد الأوائل ، الذين رفدوا حياتنا الثقافية بعد النكبة بأشعارهم وقصائدهم الوطنية الكفاحية الملتزمة والمقاتلة . ويعتبر المعلم الاول للجيل الادبيي والشعري الفلسطيني ، جيل محمود درويش وسميح القاسم وراشد حسين وتوفيق زياد وسالم جبران وحنا ابراهيم ومحمود الدسوقي ونايف سليم وسواهم، وذلك بشهادة درويش ، الذي قال :" حنا ابو حنا علمنا ترابية القصيدة " . وهو يتميز عن مجايليه من شعراء وادباء فلسطين بتجدده المتواصل وتطويره للقصيدة الحداثوية، ومعاييره الفنية الجمالية الابداعية  ،ولونه الخاص ، ولغته المتفردة البعيدة عن لغة الخطابية والتقريرية المباشرة والشعارات السياسية .
وحنا ابو حنا من مواليد قرية الرينة قضاء الناصرة العام 1928، ويعيش منذ زمن بعيد في حيفا عروس البحر والكرمل . عشق القراءة منذ الصغر وراح يلتهم كتب التراث الأدبي العربي القديم بدءاً بأدب وشعر المعلقات مروراً بالجاحظيات فالجبرانيات وادب المهجر والرابطة القلمية وصولاً الى شعر الحداثة والقصيدة الحرة .
كتب الشعر في جيل مبكر وبدأ بنشر بواكيره الشعرية في المجلات والصحف الصادرة في تلك الحقبة منها :" المنتدى" و"القافلة" و"المهماز" و"الأديب".
انخرط حنا في سلك التدريس في ثانوية الناصرة البلدية ، وفي العام 1948أسس مع ميشيل ديرملكنيان جوقة الناصرة ، فرعى مسيرتها وكتب لها الأشعار ، ثم شارك في انشاء اتحاد الشبيبة الديمقراطية ابان الحكم العسكري البغيض ، وحين جرى الاندماج بين عصبة التحرر الوطني والحزب الشيوعي في اسرائيل انضم الاتحاد الى اطار الشبيبة الشيوعية ، وبسبب نشاطه السياسي والنضالي والحزبي ومواقفه الوطنية والتقدمية تعرض للفصل السياسي التعسفي من السلك التعليمي هو والمرحومين فؤاد خوري وعيسى لوباني ونمر مرقس وغيرهم من المعلمين الديمقراطيين ، فاحترف العمل السياسي الحزبي في اطار الحزب الشيوعي ، وشارك في تأسيس مجلة "الجديد" الأدبية الفكرية سنة 1953 ، كذلك بادر الى اصدار مجلة "الغد" سنة 1953، التي عنيت واهتمت بقضايا الشباب والتثقيف السياسي ، وعمل ايضاً في تحرير صحيفة "الاتحاد" العريقة . وكان له اليد الطولى في اقامة وتنظيم المهرجانات الشعرية في القرى والبلدات العربية،  والاهتمام بالمواهب الأدبية الناشئة وتشجيعها .وكان يكتب في "الاتحاد" زاوية بعنوان "وحي الأيام" حول الأحداث والتفاعلات السياسية اليومية .
وفي ايار 1958 اعتقل حنا ادارياً وتنقل بين المعتقلات والسجون ، ومن معتقله كان يبعث بقصائده لنشرها في "الاتحاد" و"الجديد" و"الغد" . ثم عاد الى سلك التعليم ليعمل مدرساً للغة العربية وآدابها وللادب العالمي في الكلية العربية الارثوذكسية بحيفا، بعدها أصبح مديراً لها عام 1974 وعمل على تطورها والارتقاء بها من النواحي الثقافية والتربوية . وكان له مساهمة كبرى في ادخال نماذج من الادب الفلسطيني في مادة منهاج اللغة العربية من خلال عضويته في اللجنة المنبثقة عن قسم المناهج ، سعياً لتعميق هوية الطلاب العرب، وبلورة وعيهم، وتعزيز انتمائهم لتراثهم .
وفي سنة 1984 أسس حنا ابو حنا مع المرحومين الشاعر فوزي جريس عبداللـه والدكتور سامي مرعي مجلة "المواكب" الثاقية ، التي ساهمت في الحراك الأدبي والثقافي وتنشيط العملية الابداعية والثقافية في الداخل الفلسطيني.
وفي العام 1987 خرج حنا للتقاعد المبكر ، وانتقل للتعليم في كلية اعداد المعليمين بحيفا حتى العام 1995 ، وفي الوقت نفسه أشغل مديراً لمركز الجليل للأبحاث الاجتماعية . وقد أنشأ مع مجموعة من الادباء والمثقفين العرب مجلة "مواقف " الادبية والثقافية ، وعندما تأسس التجمع الوطني الوحدوي انضم الى صفوفه . وتقديراً لنشاطه وابداعه نال العديد من الجوائز والاوسمة ، وتم تكريمه عدة مرات كان آخرها في جامعة تل – ابيب خلال امسية ادبية نظمتها كتلة "جفرا" التجمع الديمقراطي الطلابي.
صدر لحنا ابوحنا العديد من الدواوين الشعرية والمؤلفات الادبية والمنجزات البحثية وهي : نداء الجرح، قصائد من حديقة الصبر، تجرعت سمك حتى المناعة، عراف الكرمل، راعي البرعم ، ظل الغيمة، ديوان الشعر الفلسطيني ، رحلة البحث عن التراث ، ثلاثة شعراء، طلائع النهضة في فلسطين، رواية مفلح الغساني، روحي على راحتي، مذكرات نجاتي صدقي ، مقالات وابحاث، عالم القصة القصيرة، اوراق خضراء، فستق ادبي،  ، خميرة الرماد وغير ذلك من دراسات ومقالات وأشعار غير مطبوعة .
حنا ابو حنا كغيره من الشعراء والمبدعين الفلسطينيين، عاش النكبة وعايشها وذاق على جلده معنى القهر والظلم والاضطهاد العنصري فجاءت تجربته الشعرية والادبية صادقة وحارة وأصيلة . وتدور قصائده حول الارض والانسان والهوية والقضية الفلسطينية بكل تشظياتها وابعادها ، وما يميزها تلك الروح الوطنية الصادقة والشعور القومي والرفض للاقتلاع من الوطن والحث على التمسك بالتراب، وتوظيف الموروث التراثي ، واستخدام الايحاءات والرموز والدلالات لخدمة اغراضه الشعرية .
ومن جميل اشعاره قصيدة"  لن ننسى "التي تحاكي الواقع وتتحدث عن مجزرة كفر قاسم ، نقتطف منها هذه الأبيات :
يا اخوتي كيف ننسى مرّ ماضينا
                   وحاضراً لم يزل يروي مآمسينا
ولم تزل حولنا الأغلال تخنقنا
                   والغدر يسعى الى تشريد باقينا
وحولنا حلقة التهويد مطبقة
                  ترمي الى سلبنا باقي اراضينا
من يخدعون؟ وقد ذقنا مظالمهم
                  طوال عشر سنين لم تلن حينا!
واخيراً ، حنا ابو حنا شاعر انساني ملتزم ومرتبط بهموم الشعب وآلام الانسان المقهور والمظلوم وقضاياه وأحلامه وامانيه في الحياة الحرة الكريمة . ورغم شيخوخته وبلوغه الخامسة والثمانين الا نه جزيل العطاء ويشارك بفعالية في الانشطة السياسية المطالبة بحقوق الشعب الفلسطيني ، وفي الندوات والأماسي الشعرية والادبية في بلادنا.
فتحية من القلب الى حنا ابو حنا ، شاعراً واديباً مبدعاً صاحب تجربة ابداعية غنية ، وتهانينا له بنيله جائزة محمود درويش ، مع تمنياتنا له بموفور الصحة والعافية ودوام الابداع المتجدد المتميز .

التاريخ يصنعه الابطال/ سري القدوة


التاريخ يصنعه الابطال .. وللبطولة في الجزائر عنوان التحدي والإرادة التي هزمت فرنسا .. ولم تكن قصة كفاح الجزائر بقصة كفاح عادية .. بل كانت اصرار وإرادة شعب قدم الشهداء وخاض اعنف المعارك من اجل نيل الحرية والتصدي للمحتل ..

إنها الجزائر التي شكلت الاهتمام الأول للقيادة الفلسطينية وكانت عنوان دائم لرحلات الرئيس الشهيد ياسر عرفات واستمرت العلاقات الأخوية بين الرئيس عبد العزيز بوتفليقة وأخيه الرئيس محمود عباس لتشكل معنى للحب الكبير والانتماء العروبي الأصيل للثورة والتاريخ والحضارة .

إنها الجزائر التي ناضلت من أجل الحرية والاستقلال وقدمت الشهداء والجرحى والتي عانى شعبها من ويلات الاستعمار فخاضت الثورة وتنقل مجاهديها الأبطال واستبسلوا بالدفاع عن حقوقهم حتى نالوا الاستقلال ورسموا معالم الانتصار في أعظم ثورة عرفها التاريخ العربي هي ثورة الجزائر .

إنها الجزائر التي تتخذ اليوم طريقا نحو التنمية والاستقرار وتنطلق بقوة لتعزيز الأمن الاقتصادي والانفتاح الديمقراطي والتنمية بخطوات واثقة نحو المستقبل والتطور والنهوض لترسم ملامح مشرقة في تاريخ عربي أصيل .

انها الجزائر التي دفعت هذه الطفلة الي البكاء وهي تتحدث عن فلسطين بقصيدة بعنوان القدس .. لم اكن اتصور رغم معرفتي بتفاصيل دقيقة عن حب الجزائريين لفلسطين بأنني سأشاهد هذه الطفلة التي لم تتجاوز الثمانية اعوام بأنها ستبكي لان القدس تحت الاحتلال وهي لم تستطيع أن تفعل شيء لإخوتها وأشقائها في فلسطين فكان لزاما علي أن اشاهد هذا الشريط علي موقع ( اليوتيوب ) اكثر من عشر مرات في تلك الليلة التي عشت مع روعه الاحساس والمشاعر والصدق فتكاد أن تبكي وأنت تتابع هذه الطفلة التي حرصت علي أن توصل احساسها لشعب فلسطين .. فكانت دموعها البريئة قوية لتهز مشاعر كل من يشاهدها من ابناء شعب فلسطين .

في الجزائر التي تمتد ولاياتها الي ثمانية وأربعين ولاية ومن خلال تنقلنا عبر الولايات فأنت تستمع الي نفس الكلمات ونفس الشعور ونفس الاحساس وكل مواطن يعرف انك فلسطيني يحرص علي احتضانك والتعبير عن مشاعر الحب لفلسطين الوطن والقضية والعنوان وسرعان ما يقول لك بشكل عاطفي لو أن فلسطين جاءت  بجانب الجزائر جغرافيا لو ما استمرت تحت الاحتلال ولو حررناها وهزمنا الصهاينة .. حقا هذا هو الشعور بين ابناء الشعب الجزائري لتترجمه هذه الطفلة بكل حب ودفيء المشاعر والإحساس ولتكون صوت الشعب الجزائري الحي ولتكون تلك الدموع الغالية علينا هي ثمنا لهذا الحب وهذا العطاء وهذا الوفاء لقضيتنا الفلسطينية العادلة ..

أن التاريخ يصنعه الابطال ولا يمكن لهذا الشعب الجزائري أن يكون عابرا امام التاريخ حيث شعب قدم مليون ونصف المليون من الشهداء هو شعب بطل وشعب صنع تاريخا وكتب اروع قصص الكفاح بالتاريخ المعاصر وكانت الثورة الجزائرية نموذجا للثورة التحررية العربية وتركت بصماتها الواضحة علي وقائع متعددة لدعم الثورات العربية من اجل استقلال الدول العربية ونيل الحرية بل دعمت العديد من الشعوب الافريقية لنيل الحرية وكانت الجزائر الدولة هي عنوان لحركات التحرر العربية والعالمية ووقفت الجزائر داعمة لشعب فلسطين ونضاله من اجل نيل حريته شعبنا وحكومات متعاقبة ورؤساء حيث ارست الثورة الجزائرية مبادئ يحفظها كل جزائري وهذا المبدأ العام في العلاقات بين فلسطين والجزائر ومن ضمنها نحن مع فلسطين ظالمة او مظلومة ( هواري بوميدن ) ولا يكتمل استقلال الجزائر ألا باستقلال فلسطين ( الرئيس عبد العزيز بوتليقة ) ..

أن الجزائر وشعبها الذي يتعلم ويدرس عبر مناهج الدراسة عن قضية فلسطين واحتلالها ونكبة الشعب الفلسطيني هي جزائر الثورة والشهداء وهؤلاء الاطفال الذين يبكون لان القدس تحت الاحتلال ولان شعب فلسطين يقتل ويذبح بدم بارد من قبل الاحتلال الاسرائيلي وهم لا يستطيعون أن يقدمون شيء ويتألمون ويبكون بحرقة لان اخوانهم في القدس يعذبون .. حقا انها مشاعر يحق لنا أن نقف امامها ونسجلها ونكتب عنها لتكون مدرسة للأجيال القادمة وعنوانا للحرية ولمن يتطلعون الي صناعة الانتصار ..

تلك هيا ارادة الشعوب ولا يمكن لم كان أن يهزمها او ينال منها وحقا ستنتصر وتبتسم طفلة الجزائر في القدس مهما طال الزمن هكذا تعلمنا في ابجديات الثورة الفلسطينية وكان شعار حركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح الشعار الاول لها ثورة حتى النصر أي أننا مستمرون من نصر الي نصر حتى تحرير فلسطين وإقامة دولتنا الفلسطينية وان هذا الانتصار لا يمكن أن يتحقق الا بالوحدة الوطنية وان هذه الوحدة يجب أن تكون مدعومة بالعمق العربي والعالمي فكانت  الثورة الفلسطينية وجهها فلسطيني وعمقها عربي وبعدها عالمي ..

أن هذا العمق الاخوي بين الجزائر وفلسطين هو العمق الذي يدفع الجزائر اليوم الي تبني ملف الاسري ودعم الصحف الجزائرية ووسائل الاعلام المقروءة والمرئية والمسموعة للقضية الفلسطينية وان يكون الحدث الفلسطيني هو المتصدر والعنوان الاساسي والرئيسي في وسائل الاعلام الجزائرية .. فهذا التوجه لم يكن صدفة بل جاء من خلال احساس كل الجزائريين بان لا فرق بين الجزائر وفلسطين وان اهل فلسطين والقدس يشعرون بنفس الشعور لان الهدف واحد بين الشعبين وهو تحقيق الحرية لفلسطين ودعم الدولة الفلسطينية ..
 المجد للجزائر شعبا و قيادة
التقدير لتلك الطفله الجزائريه الرائعة التي ستبقي دموعها نبراسا لإنارة الطريق لشعب فلسطين من اجل الحرية والاستقلال وكل التحية والفخار لشعب الجزائر الاصيل .

هل حقاً قام؟/ أنطوني ولسن

انني هنا لن أناقش أي عقيدة أو دين حول صلب وقيامة الرب يسوع المسيح . إنما اقدم حوارا شخصيا بيني وبين نفسي حول حقيقة قيام الرب يسوع متسائلا هل حقا قام ؟
انني كأنسان عادي أرفض الصلب ، بل أرفض أصلا الميلاد الألهي . وأرفض نظرية الأله المتجسد أو الأله الأنسان ، لأنني أؤمن وأعتقد بأن الخلق لا بد وان تتواجد له عوامل خاصة ماديةلاتمامه . وما من مخلوق على الأرض انسانا كان أو حيوانا أو طائراإلا وتمت عملية المادة الجسدية ، أي لابد وان يتواجد عنصرا الخلق الذكر والأنثى ومن العوامل الجسدية يتم التلقيح ثم الحمل وبعدها الولادة  .

ميلاد الرب يسوع المسيح قد تم بوجود عنصر واحد جسدي مادي ملموس ومعروف الا وهو جسد القديسة الطاهرة المطوبة إلى الأبد الأبدين ودهر الداهرين العذراء مريم . اما العنصر الآخر الأساسي للأنجاب فلم يكن أبدا جسدا ملموسا يراه الناس ويتأكدون من أنه الآب واضع إخصاب المولود . ونعرف أن روح الله القدوس قد حل عليها وحبلت منه بالمولود المسمى بسوع تسألني نفسي . وهل هذا معقول أن تحبل إمرأة أي إمرأة دون توفر عنصري الحمل من ذكر وأنثى ؟ وأرد على نفسي بسؤال أطرحه عليها . من الذي أوجد الذكر والأنثى في بداية الخلق ؟ هل جاءا عفويا بمجرد تواجد بالصدفة بين ذكر وانثى ؟ وإن كان كذلك من الذي دلهما على الأخصاب والأنجاب ؟ ومن أنجبهما كل على حدة قبل أن يلتقيا .
ترد علي نفسي قائلة : الانسان جاء من مادة أو عنصر آخر من البحار كان له شكل آخر غير هذا الشكل ثم تطور . أو انه كان حيوانا ثم ارتقي الى ان وصل الى هذا الشكل المعروف والوضع الجسدي والنفسي الذي يعيش عليه الآن .

جميل جدا أرد على نفسي . ولماذا الإنسان دون مخلوقات البحر هو الذي تطور آخذا هذا الشكل الذي نحن عليه ؟ ولماذا الإنسان دون مخلوقات البر الذي تطور من حيوان الى هذا الشكل الذي نحن عليه ؟ لماذا لم يتطور الدرفيل والحوت او سمك القرش الى شكل آخر ولو قريب الى هيئة وشكل الانسان ؟ ولماذا لم يتطور الأسد اقوى الحيوانات او الفيل اذكاها او القرد الذي يقولون عنه انه جدنا الذي انحدرنا منه وبقي كل حيوان منهم على ما هوعليه منذ ان عرف الانسان ما يدور حوله وسماه اسماء تنم عنه ؟
وأجد انه لا اجابة . ببساطة لأن لكل مخلوق من هذه المخلوقات وجودا خاصا به يتفاعل مع الوجود الكوني الذي اوجدته قوة قادرة استطاعت ان تخلق وتوجد ماهو على الأرض وما هو في قاع البحار وما هو في السماء بسلطات عظيمة وسمى الناس هذه القوة تسميات عديدة عن طريق رسل او مفكرين وأنبياء وعرف الأنسان ان القوة هذه هو الله .

لم تجد نفسي ردا على هذا الحوار . لكنها سألتني ولماذا تحبل امرأة معينة من الروح القدس ؟ ولماذا يكون مولودها هو الله الظاهر في الجسد ولا يكون انسانا مميزا عن بقية البشر ويبقى بشرا مثلنا ؟
وأقول لها يا نفسي لم تكن المرأة هذه إمرأة عادية . كانت صاحبة إيمان قوي وخوف عظيم من الله . وكانت في عين الرب هي المختارة لحمل الخلاص. الخلاص الذي لا يستطيع مولود امرأة أن يقوم به . لأنه مولود الخطيئة ، مولود معرفة الخير والشر .. مولود اللعنة التي حلت على آدم وحواء يوم اكلا من تلك الشجرة المحرمة . لذا لكل مولود امرأة نقائصه حتى لو كان مرسلا نبيا أو رسولا من الله . ويستطيع من ضلل أول قديسين .. آدم وحواء .. أن يضلل نسلهما . لذا كان يجب على المخلص أن يكون أقوى من المضلل . وطريق الخلاص هو طريق الآلام الذي لا يستطيع تحمله مولود امرأة .
لذا حل روح الله القدوس في الطاهرة البتول وصارطريق الآلام مكرزا مبشرا ومعلما .

فسألتني نفسي أيضا .. لو وافقتك على التجسدالالهي  أجد نفسي مترددة في الصلب والموت للأله !! الا توافقني في هذا ؟
أردعلى نفسي بما جاء في الكناب المقدس عندما تقدمت إليه إمرأة معها قارورة طيب باهظ الثمن فسكبته على رأسه وهو متكيء . لما رأي تلاميذه ذلك اغتاظوا قائلين لماذا هذا الاتلاف . وكان رده عليهم " ... فانها إذ سكبت هذا الطيب علي جسدي انما فعلت لأجل تكفيني " إنجيل متى 26 : 7 – 12 . وكانت هذه اشارة الى موته . وجاء في نفس الاصحاح  من إنجيل متى 26 : 26 – 28 " وفيما هم يأكلون أخذ يسوع وبارك وكسر وأعطى التلاميذ وقال خذوا كلوا هذا هو جسدي . وأخذ الكأس وشكر وأعطاهم قائلا اشربوا منها كلكم لأن هذا هو دمي الذي للعهد الجديد الذي يسفك من أجل كثيرين لمغفرة الخطايا " .
وهنا اشارة أخرى الى  الجسد والدم . الى موت وسفك دماء . وهذا ما حدث له على الصليب .
وتسألني نفسي .. هل فعلا مات فوق الصليب ،أم انه عندما عطش بلل له مريدوه وتلاميذه قطعة قماش أو اسفنجة بمخدر . وعندما أدنوها من أنفه اغمى عليه وفقد الوعي فادعوا انه مات وأخذوا جسده وهربوه خارج البلاد وعاش وأمه الى ان ماتا كأي بشر؟
قلت لنفسي .. أيتها المسكينة .. الشك وعدم الإيمان هما آفة الإنسان وهما عنصرا موته . هل نسيتي الأحداث والمناسبات التي كانت وقت صلبه ؟ عيون اليهود ساهرة لأنه مكتوب في إنجيل متى الإصحاح 27 : 62 – 66  "وفي الغد الذي بعد الأستعداد للدفن اجتمع رؤساء الكهنة والفريسيون الى بيلاطس قائلين يا سيد قد تذكرنا ان ذلك المضلل قال وهو حي اني بعد ثلاثة أيام أقوم . فمر بضبط القبر الى اليوم الثالث لئلا يأتي تلاميذه ليلا ويسرقوه ويقولوا للشعب انه قام من الأموات . فتكون الضلالة الأخيرة أكثر شرا من الأولى .

فقال لهم بيلاطس : عندكم حراس . اذهبوا واضبطوه كما تعلمون . فمضوا وضبطوا القبر بالحراس وختموا الحجر .
فهل يا نفسي وجدت فيما هو مكتوب اجابة على شكك وعدم ايمانك !! . من كان أكثر حرصا على التأكد من موته بعد صلبه ودفنه والسهر على قبره طيلة الثلاثة أيام التي أشار اليها بنفسه عنها غير اليهود ؟ وقد قرأنا ذلك واضحا . أما موته المؤكد على عود الصليب وما تبعه من علامات نجده في إنجيل متى الصحاح 27 : 50 – 52 " فصرخ يسوع أيضا بصوت عظيم وأسلم الروح . وإذ حجاب الهيكل  قد انشق الى اثنين من فوق الى أسفل والأرض تزلزلت والصخور تشققت والقبور تفتحت وقام كثير من أجساد القديسين الراقدين " .

وفي إنجيل مرقس نجد تأكيدا لهذا الكلام في الإصحاح 15 : 27 – 29 " فصرخ يسوع بصوت عظيم وأسلم الروح . وانشق حجاب الهيكل الى اثنين من فوق الى اسفل . ولما رأى قائد المئةالواقف مقابلة انه صرخ هكذا وأسلم الروح قال حقا كان هذا الإنسان ابن الله " . ونقرأ أيضا في إنجيل يوحنا الأصحاح 19 : 30 – 33 " فلما أخذ يسوع الخل قال قد أكمل . ونكس رأسه وسلم الروح . ثم إذ كان استعداد فلكي لا تبقى الأجساد على الصليب في السبت لأن يوم ذلك السبت كان عظيما . سأل اليهود بيلاطس أن تكسر سيقانهم ويرفعوا . فأتى العسكر وكسروا ساقي الأول والآخر المصلوب معه  . وأما يسوع فلما جاؤوا اليه لم يكسروا ساقيه لأنهم رأوه قد مات "
أما هل حقا قام فيا نفسي ارتاحي واهدأي وآمني . لأنه مكتوب في إنجيل لوقا الإصحاح 24 : 1 – 6 " ثم في أول الأسبوع أول الفجر آتين الى القبر حاملات الحنوط الذي اعددنه ومعهن أناس فوجدن الحجر مدحرجا عن القبر . فدخلن ولم يجدن جسد الرب يسوع . وفيما هن محتارات في ذلك إذا رجلان وقفا بهن بثياب براقة . وإذ كن خائفات ومنكسات وجوههن الى الأرض قالا لهن . لماذا تطلبن الحي بين الأموات . ليس هو ههنا لكنه قام " .
لماذا تطلبن الحي بين الأموات !! .
المسيح قام .. بالحقيقة قام
إخريستوس أنيستي .. أليسوس أنيستي
من ذاكرة كتاب " المغترب " الجزء الثاني الصادر في سيدني عام 1997
والمقال نشر بجريدة " النهار العندارية " نسبة إلى صاحبها ورئيس تحريرها المرحوم الأستاذ بطرس عنداري
بتاريخ 11 / 4 / 1996
وكل عام وحضراتكم بخير
أستأذن القراء الأعزاء بالخلود إلى الراحة والإستجمام بعيدا عن الكتابة والقراءة لفترة أتمنى أن لا تطولأنطوني ولسن

سامر الفلسطيني/ جواد بولس

أخاف عندما يفيض الفرح، فَطَميُهُ خانق وقلوبنا معدّة للقلق. قنعتُ بأفراحي الصغيرة، عشت معها على ضفاف الأمل. تأهبّت دومًا لموجعات دهري والعطش، فلكم:
 "ظمئتُ إلى برد الشراب وغرّني
                                 جَدا مُزنةٍ يرجى جداها وما تجدي"
شهدتُ اليوم ميلادَ بطلٍ في فلسطين. على صهوة أمعائه اندفع كالسَّيل، كانت الأرض بصفّه وجُند الغيم رماحُه. واقفٌ على صدر الخسارة، حفرت الكرامة برقَها وصرخ الرعدُ عاليًا:
 "لا يستوي داعي الضلالة والهدى
                                   ولا حجة الخصمين حقٌ وباطلُ"
في زمن القحط، وُلدَ في أمّة العرب انتصار وهو "انتصار لكل الشعوب المجاهدة من الظلم والطغيان ومصادرة حقوق الشعوب .. صفحة مشرقة في تاريخ العرب والمسلمين" (القدس العربي يوم 24/4). فلسطين ما زالت فلسطين: ولّادة الأنبياء وأرض الخسارة والبطولات؛ لأبطالها آباء كثر، ولانتصاراتها رعاة وعروش مخلّدة ومساند.
في زمن النفط وُلِدَت في الشرق أسطورة. أما هَمَستُ في صدرك يا ابن العيسوية وقلت: انتبه! كلّهم بحاجة "لداودنا" يقارع "جولياتهم" وينتصر. هكذا ستنطق الليالي والرواية ستبلّغ بعد أن ينقضي عصر الدم. كم حذّرتك يا ابن أمك، ترفّق بقلبك ولا تنكسر، فلا لحمك لحمك ولا عظمك عظمك، من أوّل القهر صرت للعرب فارسًا وفرسًا ونهرًا. عليك الموت محظور يا سامر، فلسطين ما زالت ترتب مخادع شهدائها، لا تشوّش عليها رتابة الوعد. عش! كفاها عرسانًا زُفّوا، كما يشتهي الدود، بالأبيض.
في كل مرّة قابلتك خفت إن غابت البسمة عن وجهك، وخفت أكثر عندما كنت تضحك. أنا لا أعرف كيف يكون الأبطال؟ عنترة في الذاكرة عابس غضوب مصقول من عتمة، والمقدوني كان يضحك من قدميه وأنف سيفه. لم يبك "أخيل" ولا ابن ذي يزن. لا تضحك كثيرًا ولا تبك فأنت مولود من خصر الزمن، أسطورة أمة غفت ولا تفيق إلا بميلاد بطل، ساحر ونصر.
في كلّ زيارة كنت أجدك ناقصًا، كمن يعيد حياته لباريها بالتقسيط. راهنوا على سقوطك والهزيمة، لأنهم عرفوا أنك الفلسطيني عاشق الحياة. قامروا بكل وسيلة وحيلة، ونحن مثلهم خبرنا أن الحرب خدعة و"ابن ذي يزن" جاد بشجاعته، لكنها كانت أختًا للمراوغة والحيلة. رسمنا معًا وتواعدنا على هدف وميعاد. في كل مرّة تركتك، تقاوم، تناور، تعاند، تهادن، تهدد، تصالح، افعل ما شئت وابقَ على بسمة. خوف يزيله أمل. ننام والليلة حبلى. نفيق في حضن فجر باسم. على حدود القلب أقمنا الخيمة، فيها ولدت، كما اشتهتك أمّتك للمجد، وحياتك عندها كانت هامشًا في سفر البطل.
 لتكن بطلًا إلى حين يرسب غبار هذه المعركة!
 لتكن أسطورةً، ونم قليلًا، ثم أفق وعُد إلينا إنسانًا بقلب عاشق كما في حكايات البشر!
أين الحقيقة؟ في هذا العرس حاصرني هذا الفيض من المجد العربي الجارف. أُشفِق على سامر اليوم وأخاف عليه. هو ابن أمه، سيبكي عندما يسقط عصفور عن شجرة في حاكورة بيته في العيسوية، ولن ينام إذا الحبيبة أعرضت عنه من حيطة أو دلال أو شفقة. قهر سامر عنجهية جهاز خطط أن لا يتراجع ولا يساوم إلا بإرجاعه ليقضي زهرة عمره وراء قضبان القهر، فعل سامر ذلك بروية عاقل وثبات مناضل وإصرار صاحب حق وقضية. لم يكن ساحرًا، خطَّ لنفسه سياج الكرامة وفراشها. تمسّك بذلك كمن يؤثر العزة على الحياة المذلّة. لم يكن واهمًا. عشق الحياة واستعدَّ لحرب فرضت عليه، واجهها بكل جاهزية حتى حافة الرحيل، ونجح بإسقاط المكيدة.لم يكن حالمًا.
سامر الذي كنت ألقاه بين بسمة وعبسة يتأهَّب كل يوم لجديد، كان خلاصة الإنسان الذي يشبه أخي وجاري ويشبهك أيضًا. إنّه واقعي حتى التراب، فلا تخبِّئوه في أساطيركم نقيضًا خارقًا وحيدًا لا يُرى ولا يلمس ولا يصل لأفعاله أحد! أفلتوه من حكايا الجن وليالي الشرق الساحرة!
أحيانًا أفكر أن وراء هذا التعلّق بسامر الأسطورة قدر من خبث وتغليف للحقيقة والواقع. فسامر هو نقيض واقعكم وهزائمكم، وهو بهذا المعنى أيضًا ليس ابن اسطورة، بل ابن فلسطين وواقعها. هو "مفخرة للعرب وللأمة الإسلامية جميعًا"... ربّما، ولكن اتركوا لنا عطرَه وخضرة الغصن الذي زرع.
أخشى من تعويم سامر، سريعًا سيطير منّا، وسريعًا سيصير كالأثير. بعضهم عن قصد يحيله مشاعًا على أمل أن تقلَّ قيمته هنا في فلسطين وفي القدس تحديدًا، ليصبح سهمًا في حسابات العرب، كل العرب والمسلمين. لمرة سأكون "فلسطيني" الأنانية. سامر لنا، لكل مناضل من أجل حرية خالصة، وإنسانية ناصعة، وكرامة حقة وعزة لا تعرف إلا التراب فراشًا يدوم. سامر مناضل كثير الإنسانية، عاشق يفيض عنادًا، مفاوض شديد النباهة، مناور حذق الاختيار. هو نقيض المستحيل، هو الممكن الذي يجب أن نحبَّه.
كنت أتمنى لو أستطيع نشر ما تسلمته من رسائل لتروا معي كم كان سامر قريبًا من الأرض. فرحتُ بما كُتب، فحتى للدمع كان طعم أشهى. الناس عطشى للفرح الحقيقي. فرح الحياة وفرح الناس البسطاء الذي يكون صغيرًا وليس لفرح الأساطير.
"مبروك لسامر نصرَه، أرجوك أشكره باسمي على أنه أعاد للنضال قيمة المعنى والإيمان بالأمل"- هكذا كتبت لي محرّرة جريدة "الاتحاد" الحيفاوية العزيزة، عايدة توما سليمان. فالنصر أولًا لسامر لأنه عاش ليعطي للنضال قيمة المعنى والإيمان بالأمل.هذه هي الحقيقة والعبرة.

لم تعد دولة/ ايمان حجازى


وكيف تكون دولة تلك التى لا يهتم من فيها إلا بما يحققه وما يحصل عليه لذاته أولا !!!!
 وكيف تعد دولة تلك التى لا يحافظ حاكميها إلا على كراسيهم ومقاليد الحكم فيها !!!!
 وكيف تعد دولة تلك التى لم يحسب أيا من أهلها لوجودها لأمانها لأمنها أى حساب !!!
 قبيل 25 يناير كانت دولة برغم أن كل أنظمتها كانت تعمل لمصالحها الشخصية ضاربين بعرض الحائط من هى ومن تكون وماذا يراد لها لكى تبقى وتستمر وتعلو فوق الأمم

بعد 25 يناير لم تعد دولة إنقسم أهلها على أنفسهم وتنازعوها وتصارعو على كرسى الحكم فيها فهددو وتواعدو وأعلنوها حربا شعواء إن لم يحصلو على مرامهم,, سيشعلونها نارا  لا تبقى ولا تزر

وكنا نظن بهم خيرا كما إعتقدنا فى غيرهم الشر وتوقعنا منه السوء , ولكن لم يتحقق فى جوارهم الخير ولم يتأتى الإستقرار ولا النماء مع حكمهم ولم يتيسر لنا الوئام بل ظلت الحروب الداخلية والمشاحنات والصراعات التى إنتشرت بيد الأخطبوط تحتل وتحتل الأماكن والوظائف وتتقلد المناصب وياليتهم بعد كل ذلك قد حققو خيرا ولكن لم يأتى منهم خير وربما لن يأتى غير الوجه القبيح الذى يتفننون فى إظهاره لنا يوما بعد يوم  !!!!

وأخذ البعض موقف المعارض الممانع الواقف على الجهة الأخرى من الطريق ليسده ويحول دون الوصول للسيطرة والهيمنة ويعلن أن دونها الموت ولكنه أيضا لا يجيد فعل شيىء !!!

ظل الوضع هكذا طوال سنتين هما عمر الثورة المصرية التى بتنا نترحم على ذكراها , ليخرج علينا مؤخرا كلا من الطرفين الأول يعلنها حربا على القضاء ليهدم صرحه ويزلزل كيانه من الأساس والآخر ليعلن أنه أسقط الجنسية المصرية عن أبناء الرئيس لحيازتهم لجنسية دولة أجنية – ربما هذا الخبر لا يستحق أكثر من ثمن أحبار الطباعة – ولكن الخبر الذى لا يجب أن ينشر هو أن المحكمة أقرت بأن السيد أحمد شفيق هو من كان له حق الحكم والرئاسة وأنها أخفت هذا الخبر مؤقتا !!!!

مجرد هذا الخبر حتى وإن كان عار من الصحة لم يكن من المفضل إعلانه حتى ولو فى كواليس الأخبار لأنه يعتبر ضرب للجهتين – الأولى القضاء الذى أشرف على الإنتخابات وبعد أن إئتمنه الشعب خان وأعلن غير الذى جاءت به نتيجة الإستفتاء أو الإنتخابات وبهذا هو خائن للأمانة وعليه يجب بتره تماما,, والثانية والتى لابد أن تسقط الحكم والرئاسة عن الرئيس الذى يتغنى بأنه جاء عن طريق الصناديق وبكلمة الشعب – هذا الخبر يعد هراءا فى حد ذاته يجب أن يحاسب من أعلنه

هذا الخبر ومن أعلنه – وبغض النظر عن صحته من عدمه – إنما يعنى أن من أعلنه لا يهمه أبدا صالح تلك البلد , وإنما لا يهتم إلا بمصالحه الشخصية وكفى ولا ينتصر إلا لموقفه ضاربا عرض الحائط بالوطن والشعب !!!

وبعد التفكير العميق فى هذا الكلام سوف نجد أنفسنا أمام خيار واحد ليس له ثان – رغم أننا كنا نعيب على المشير طنطاوى ونتهمه بالتصالحات التى أبرمها مع الإخوان حتى يمكنهم من الحكم ويتنازل لهم عن البلاد – ولكن بنظرة موضوعية وبعقل وتروى نجد أن المشير هو الوحيد الذى آثر صالح هذا البلد ولم يتآمر عليه – إلا فيما يخص أمنه الشخصى وإبرام إتفاقية عدم تقديمه للمحاكمة وبالطبع هذا من حقه ,, وربما نتفهم الآن أنه كان معه كل الحق ,, فهو لم يريدها حربا أهلية ولم يريدها فتنة خاصة بعد أن توعدو الإخوان بالقتل وسفك الدماء والفوضى التى تحققت بحكمهم أكثر مما كانت ستتحقق لو لو يحكمو – والله تعالى أعلى وأعلم

لكن للأسف من يمثلون الشعب الآن سواء كانو حكاما أو معارضة أو حتى هيئة القضاء لا يستحقون أن يتواجدو فى أماكنهم بل لا يستحقون الإنتماء الى هذه الأرض وهذا البلد فللأسف لم يجعلو منها بلدا بل أصبحت غربة لأصحابها يغتربون فيها ليل نهار , بينما هم كحكام لا يكتفون من التناحر والعراك على الكراسى  والوظائف وفرد السيطرة على من يولونهم ولم يعد معروف من هم الأقلية ومن هم الأكثرية ,, فكل طرف يدعى لنفسه الغلبة ولك الله يا مصر ولك الله يا شعب مصر !!!

أيها السادة الأفاضل – الحكام والمعارضة – لكم فإعلمو أنه يستوجب عليكم  أن تتقو الله فى مصر وشعبها ,, يستوجب عليكم أن تنحو جانبا مصالحكم الشخصية وطموحكم الضار بمصر وأهلها ,, يستوجب عليكم الأخذ بعين الإعتبار ما يريده هذا الشعب وهو ليس بالكثير فكل مراده العيش بكرامة وحرية, العيش فى سلام وأمان

أيها السادة الأفاضل – الحكام والمعارضة – إتقو شر الحليم إذا غضب

أيها السادة الأفاضل – الحكام والمعارضة – إتقو شر يوم لا تعلمون مغبته ,, إتقو شر غضبة المارد الجبار 

ألا هل بلغت اللهم فإشهد

العيساوي ينتصر لفلسطين/ ابراهيم الشيخ

ها هو سامر العيساوي ينتصر لقضيته ولوطنه، سيشهد العالم وكتب التاريخ، وتاريخ البشرية بأن هناك سجين فلسطيني حطم الارقام القياسية بجوعه من اجل الحرية، فالعيساوي سيكون القدوة والعبرة لابناء فلسطين من اجل الوصول الى الحقوق المسلوبة، نحن الضعفاء وهو القوي الشامخ المحلق عاليا في سماء فلسطين.
 اكلنا وشربنا ولهونا وكأننا اصبحنا بلا احساس عما يجري حولنا، بينما كان هو يعاند محتلي ومغتصبي ارضه بالصبر على الجوع، وكل هذا من اجل الحرية التي لا تقدر بثمن.
الحرية أو الشهادة، هذا هو كان شعار العيساوي عاشق الحياة والوطن، فهو من عشق  هذه الحرية، ان توقه للحرية كان أكبر من اي جوع، وبصبره هذا كان يعرف انه من الممكن يدفع حياته ثمنا لها، ما اروع هذا الصبر وهذا العناد من اجل الحرية ومن اجل فلسطين الوطن والارض والانسان. فبصبرك وعنادك تكون قد انتصرت على سجانك، لانه لم يقدر كسر تحديك له، ولانك لم تضعف امامه.
ان اصرارك على رفض النفي الى غزة او الى اي مكان اخر قد حير هذا العدو، وحير الذين  كانوا يبحثون عن اي حل يخلصهم من ورطة اسمها العيساوي، ولكن لم يفهموا بان النفي هو تكريس الاحتلال للمناطق التي يسيطر عليها.
فلسطين لا تشبهكم لا تشبه وجه المتخاذلين، فلسطين لا تشبه هؤلاء الذين ادمنوا الانبطاح والاستسلام، والذل والاذعان، انما فلسطين تشبه وجه الشهداء، فلسطين تشبه صمود المعتقلين وصبرهم على نيل الحرية، فلسطين تشبه وجه الامهات الصابرات اللاتي انجبن هؤلاء الابطال.
فلسطين لا تخلد الجبناء، فلسطين لا تخلد المراهنين على استرجاعها من محتليها بالجلوس معهم والمساومة والاستجداء،  ولكن فلسطين تخلد المعتقلين الذين قضوا اجمل سنين حياتهم في السجون، فلسطين تخلد الشهداء الذين دفعوا حياتهم ودمهم ثمنا لها.
كم كنت عظيماً في نضالك وكم انت مخيف لهذا العدو الذي لم يجرؤ على اطلاق سراحك، فحريتك كانت خطراً عليه، هل لهذه الدرجة يخاف العدو من حريتنا وصلابتنا واصرارنا على الحياة.
ان العدو لا يخاف المنبطحين والمستسلمين، فهو يعطيهم حريتهم ويسهل لهم مهماتهم، لانهم لا يؤثرون عليه، فأما انت، كنت شوكة في احلاقهم، فبجوعك أخفتهم، ولم تهمك حياة من غير حرية، وما قيمة الحياة من غير حرية.
ان احد اهم اهداف العدو الصهيوني هو كسر روح المقاومة لدى ابناء الشعب الفلسطيني، فما زال القتل مستمرأ وسرقة الاراضي واعتقال المناضلين، ولم تنجح صلافة وعنجهية هذا العدو في كسر روح المقاومة وصمود الشعب الفلسطيني.
ولكن الذي يريد منا ان نصمت وان لا نقاوم ليس العدو الصهيوني فقط، وانما ايضا بعض القيادات الفلسطينية التي صمت اذنها، ودفنت رأسها بالرمال من اجل ان لا تسمع، وترى معاناة الاف الاسرى الذين هم ابطال وشرفاء هذا الشعب.
ماذا فعلت السلطة الفلسطينية من اجل رفع المعاناة عن الاسرى، وماذا قدمت الاتفاقيات الموقعة مع اسرائيل، وماذا افاد التنسيق الامني مع هذا العدو، هل اطلقت السلطة الفلسطينية اسيرا واحدا، وما نفع سلطة لا تقدر على حماية شعبها.
اذا كانت هذه السلطة غير قادرة على تحرير اسير واحد من سجون الاحتلال، فكيف  ستستعيد هذه السلطة وطنا اسمه فلسطين، بالرغم من كل الاذعان الذي تبديه هذه السلطة، وعدم ممارسة المقاومة وابداء حسن النية تجاه هذا العدو لم تستطع تحرير الاسير العيساوي وغيره من الاسرى، فأي معنى يبقى لوجود السلطة وقياداتها التي تتمتع بحرية الحركة من خلال بطاقات الVIP الذي يصدرها العدو. 
يذهب الوطن الى مقصلة المحتل اما معتقلا واما شهيدا، وتُسرق ارض فلسطين قطعة بعد قطعة، ونحن نتفرج ونصدق اكاذيب اوباما ونتنياهو عن السلام واقامة الدولة الفلسطينية، وهناك من يلهث وراء المناصب والسلطة الوهمية حيث لا سلطة، واللهاث وراء الميزنيات والرواتب، اما الاحتلال فانه اخر ما يفكر به هؤلاء، وفوق كل ذلك يتم حرمان الشعب من ممارسة حقه بالنضال من اجل ارجاع الحقوق الفلسطينية.

مع الصديق فلاح أمين الرهيمي/ د. عدنان الظاهر

زرته شهرَ شباط المُنصرم في بيته فقدّم لي كتابين جديدين صدرا له حديثاً . نشر قبلهما الكثير من الكتب ( 13 كتاباً ) تناول في أغلبها قضايا الماركسية ونهج الحزب الشيوعي العراقي بقياداته الجديدة عارضاً قضايا خلافية قال فيها رأيه صريحاً قويّاً قول الماركسي المجرِّب القديم فقد واكب ثم انتمى للحزب الشيوعي منذُ بواكير صباه وأوائل شبابه تحت تأثير ابني عمّته المرحوم الدكتور محمد عبد اللطيف مطلب وشقيقه الصيدلي عزيز.
كرّمته ونظّمت له في يوم الجمعة 29/6/2012 " جمعية الروّاد الثقافية المُستقلّة ـ المركز العام ، بابل " إحتفالية تكريمية قالت في التوطئة لها :
( نظراً للدور الوطني والإجتماعي المميّز للأديب الكاتب الحلي الأستاذ الفاضل فلاح أمين جواد الرهيمي ولمناسبة صدور مُنجزه الثقافي الأخير الموسوم [ أمركة العالم وليس عولمته ] ...). هذا وقد نشرت جمعية الرواد الثقافية كتاباً يضم كافة الكلمات التي قيلت في هذه المناسبة بحق الأستاذ الرهيمي مع بعض القصائد الشعرية . كما نشرت ـ بناءً على إصرار المحتفى به الأستاذ فلاح ـ ما كتب تحت عنوان " حديث الروح "
إستعرض فيه بإسهاب تأريخ حياته الشخصي والعائلي والإجتماعي ثم السياسي بيّن فيه موسوعيته فيما يخص تنظيمات الحزب الشيوعي وأعضائه وأصدقائه في محافظة بابل [[ لواء الحلة سابقاً ]] وما حلَّ بكل واحد منهم من إقصاء من المدارس أو سجن أو موت . أحسبُ أنَّ السيد الرهيمي هو أفضل من كتب في هذه المواضيع فقد أرّخ للحلة وأجوائها السياسية منذ عام 1948 حتى إنقلاب الثامن من شهر شباط 1963 وما تلا ذلك من أعوام. لكني وجدتُ بعض الأخطاء في بعض ما سرد ربما لخيانة الذاكرة أو ربما نتيجة إصابة إحدى أذنيه بالصمم جرّاء ما تعرّض له من تعذيب مارسه بحقه وحوش الفاشية الدموية التي حكمت العراق في زمان الإنقلاب الأسود المار ذكره.
1 ـ لعل أكبر هفوة وجدتها فيما كتب قوله إنه في أوائل عام 1962 قدم (( طلباً للحزب طالباً إعفاءه من المهام والواجبات الحزبية والإتصال بي بصورة فردية مع دفع الإشتراكات والتبرعات لحين عودة والدي لعدم استطاعتي التوفيق بين عملي في المحل ومهامي الحزبية المتشعبة فوافق الحزب على طلبي / الصفحة 185 )). بلى قد كان .. كان حتى مغادرتي الحلة والعراق في السادس من شهر آب 1962 عضواً في لجنة " لقج " وهذه الحروف الثلاثة تعني لجنة القطّاع الجنوبي ، وأذكرُ بعض مَنْ كان معه عضواً في هذه اللجنة المرحوم عبد الوهاب غني القاضي وطالب عبد الأمير وموظف في الزراعة لقبه الألوسي . كان يحضر إجتماعات هذه اللجنة الأسبوعية ، مرةً في الأسبوع ، بانتظام وما كان اتصاله بالحزب إتصالاً فردياً . تكيّفاً للظروف السياسية الصعبة والمعقّدة التي ضربت العراق جرّاء ضعف حكومة عبد الكريم قاسم وتفاقم الحالة الأمنية بسبب تماديات عصابات البعث والقوميين التي مارست الإغتيالات والإعتداءات على الناس وهتك الحُرُمات ثم فتوى السيد محسن الحكيم سيّئة الصيت ... أضطر الحزب الشيوعي للّجوء إلى شكل جديد من أشكال التنظيم الحزبي أطلق عليه اسمَ [ التنظيم المحلي ] الذي قضى بتقسيم  التنظيمات إلى ثلاثة مواقع جغرافية تخص مدينة الحلة فقط .. الأول بإسم لجنة القّطاع الشمالي [ لقش ] والثاني تحت إسم لجنة القطّاع الجنوبي [ لقج ] وهما تابعان إلى الصوب الكبير .. والأخير دُعي لجنة الصوب الصغير مختص بشؤون التنظيم في الجانب الصغير من مدينة الحلة . وفق هذا الشكل من التنظيم إختفت التنظيمات التي كانت قائمة على أساس المهنة [ معلمون .. مهندسون .. أطباء ... محامون .. إلخ ] أو نوع العمل [ نقابة عمال النسيج ... عمال الميكانيك ... عمال المطاحن ... كَسَبة ... إلخ ] وكانت تنظيمات الطلاب مستقلة عن باقي التنظيمات فذابت في جسد التنظيم الجديد ، التنظيم المحلي. حافظت تنظيمات النساء ـ ربّات البيوت والطالبات والمعلمات والمدرّسات وسائر الموظفات ـ على إستقلاليتها ولكن هي الأخرى ضمن التنظيم المحلي .
كذلك كان الأمر بالنسبة إلى تنظيمات العمّال .. بقي العامل مع العامل ضمن منطقته ومحل سُكناه .
أصبحت اللجنة أو الخلية الرئيسة أو الفرعية تضم في عضويتها الطالب والمدرس أو المعلم والمحامي والطبيب.  كان أخي الأستاذ فلاح الرهيمي حتى آب 1962 عضواً في لجنة " لقج " ... لجنة القطاع الجنوبي  لكنه كان عضواً متفرغاً لا يقود تنظيماً وغير مسؤول إلاّ عن نفسه رغم كامل عضويته في لقج .
2 ـ ذكر العزيز الصديق فلاح الرهيمي في الصفحة 204 لقاءنا صيف عام 1965 في بيروت حيث جاءت والدتي لوحدها للقائي هناك في العاصمة اللبنانية وجئتُ أنا بيروتَ قادما إليها من موسكو . ما زلتُ أذكر دعوته الكريمة على غداء في مقهى ومطعم بيروتي يطلُّ على البحر الأبيض المتوسط حيث كان الطعام سمكاً مشويّاً لم أذق مثله في حياتي . في يوم آخر دعوته إلى الفندق الذي كنتُ فيه مع والدتي ففاجأتنا أنها أعدّت أكلة دولمة عراقية فأكلنا معاً ثم غادرنا الفندق نتمشى طويلاً في شوارع بيروت من المركز حتى منطقة الحمراء والروشة والجامعة الأمريكية.
إختلطت الأحداث في هذه الفقرات فلم يميّز الصديق بين ما وقع لنا في بيروت عام 1965 وبين ما حصل صيف عام 1966 .
3 ـ لقاء صيف عام 1966
جاءت والدتي إلى بيروت مرة ثانية صيف عام 1966 لكنها جاءت بصحبة شقيقتي القتيلة بحادث سيارة في مدخل مدينة السليمانية خريف عام 1973. كانت مع زوجها فقط في هذا الحادث وما كانت والدتي معهما . إلتقيت بالصديق فلاح وكانت مفاجأة كبيرة إذْ انقطعت أخباره عني طوال عام دراسي كامل وتوقف عن مراسلتي من بيروت حيثُ كنتُ ما زلتُ أواصل دراستي وأبحاثي في جامعة موسكو . كان كسابقه لقاءً حميماً قضينا الكثير من أوقاتنا معاً . وهنا وقع صديقي فلاح في خطأ آخر إذْ حسب أننا تمشينا حتى الفالوغا والصحيح كنا تمشينا من منطقة بحمدون حتى عاليه ثم رجعنا نتمشى إلى بحمدون ومنها ركبنا التاكسي وعدنا إلى بيروت . رأينا في بحمدون سيارة المهندس والمقاول الأستاذ عباس عبد العظيم الماشطة الشفروليه الفستقية اللون واقفة في الشارع .. وقد دأب المهندس عباس وصديقه وشريكه في المقاولات عم فلاح السيد عبد الرزاق الرهيمي أنْ يزورا بيروت كل صيف للأصطياف ولأعوام عدة.
مفاجآت كبيرة :
1 ـ ذكر الصديق الأستاذ فلاح الرهيمي في الصفحة 226 اسم كنعان محمد جميل سوية مع ذكره لأسم الصيدلي الحلاّوي السيد فاضل عبد الرضا [ رُمّان ] وقال عن السيد كنعان إنه رئيس جامعة بغداد . ما كان هذا رئيساً لجامعة بغداد أبداً إنما كان مساعداً لرئيس الجامعة الدكتور سعد عبد الباقي الرواي للشؤون العلمية . وقد عرقل هذان الشخصان تعييني مدرساً في كلية العلوم / جامعة بغداد بعد أنْ رشّحني قسم الكيمياء وعمادة كلية العلوم أواخر عام 1969 بحجّة عدم توفّر الملاك ! لكنَّ وزيرة التعليم العالي والبحث العلمي الجديدة الدكتورة سعاد إسماعيل البستاني أجبرتهما على قبول ترشيحي للتدريس في كلية العلوم فسجّلتُ مباشرتي في اليوم الخامس من شهر شباط عام 1970 . ما علاقته بالسيد فاضل عبد الرضا ؟ كانا يدرسان في كلية واحدة إسمها يومذاك كلية الكيمياء والصيدلة أو الصيدلة والكيمياء. كان السيد فاضل طالباً في قسم الصيدلة ومدة الدراسة فيه كانت خمس سنوات .. أما السيد كنعان فكان يدرس في قسم الكيمياء ومدة الدراسة فيه أربع سنوات. بعد إكماله دراسته في الولايات المتحدة الأمريكية تم تعيين السيد كنعان مُدرساً على ملاك كلية الصيدلة ( أوالعلوم ) / جامعة بغداد . حصل خطأ في أمر تعيينه إذ أُحتُسِبت له خمس سنوات كأعوام دراسة أي أنه عومل في أمر تعيينه كأنه خريج قسم الصيدلة لا قسم الكيمياء ! ترتب على ذلك احتساب سنة إضافية لغرض التعيين والترفيع والتقاعد . مرّ الخطأ ولم ينتبه له أيُّ أحدٍ ولكن  أثاره زميله في قسم الكيمياء السيد نوري سالم الشيخ أحمد لافتاً النظر إلى حقيقة كون السيد كنعان هو خريج قسم الكيمياء وليس قسم الصيدلة والدراسة في هذا القسم أربع سنوات فقط.  وما الذي ترتّب على جهد السيد نوري [ المُشاغب ] ؟ إعادة النظر في أمر تعيين السيد كنعان وتصحيح وضعيته بحرمانه من السنة الإضافية التي تمتع بها ومن كافة متعلقاتها فتساوى بذلك مع وضع السيد نوري زميله السابق في نفس القسم . كنعان اليوم مقيم في أمريكا ونوري مقيم مع عائلته الإنكليزية في بريطانيا . الصديق الدكتور نوري سالم هو شقيق مدرس الرياضة المعروف في الحلة أوائل وأواسط خمسينيات القرن الماضي الأستاذ المرحوم أحمد سالم .
2 ـ أخطأ العزيز فلاح في مديح شخصين لا يستحقان المديح ... كال لهما المديح إعتماداً على ماضٍ لهما سرعان ما أساءا له بعد فترة قصيرة من العمل في صفوف الحزب الشيوعي . تنكّر كلاهما لما كانا فيه فأحدهما أصبح موالياً للبعث خلال فترة خدمته في بعض مستشفيات بلد عربيّ  حتى أواخر سبعينيات القرن الماضي . أما الآخر فكانت له صلات مشبوهة مع بعض ضباط المخابرات أوالإستخبارات في الجيش العراقي في سبعينيات القرن الماضي ولا أعرف ما جرى له بعد ذلك.
3 ـ كذلك فاجأني أخي فلاح أنه كان صديقاً للسيد فاروق النائب ربطتهما أواصر صداقة قوية . مبعث عجبي هو إني كنتُ أعرف أنَّ السيد فاروق شاب منعزل لا يختلط بأحد ولا صديق له في الحلة . مفاجأة كبيرة حقاً أنَّ هذا السيد يُقيم علاقات صداقة متينة مع شاب شيوعي !
مأساة الشهيد البطل الأستاذ كاظم عبيد / أبو رهيب
عرفتُ الشهيد البطل الشيوعي كاظم عبيد في ناحية المحاويل أواسط أربعينيات القرن الماضي وقد كُنا في عمر واحد أو كنا متقاربي الأعمار.
كان يتيم الأب فاحتضنه مدير مدرستنا الفقيد المربي الفاضل أبو شهاب السيد أحمد السيد عباس واتخذه ولداً فنشأ في بيته سويةً مع ولديه شهاب وثاقب وكريمتيه سلمى وبتول. حين نقل أبو شهاب خدماته التدريسية من ناحية المحاويل إلى مركز مدينة الحلة لم يتخلَ عن ولده الجديد بل أخذه معه فواصل دراسته في مدارس الحلة ثم أكمل دارالمعلمين الإبتدائية وتم تعيينه معلماً في بعض مدارس الحلة أو ضواحيها. كان زمن عبد الكريم قاسم عضواً في الحزب الشيوعي وكان مثالاً للشيوعي المنضبط والملتزم والحريص على مُثل الشيوعية وأسرار تنظيمه وسمعة الحزب ورفاق الحزب. غدا مربيّاً لكنَّ تلقائية وبراءة الطفولة لم تفارقانه أبداً. كان متفانياً في خدمة حزب الفقراء والمُستضعفين في الأرض ولا من غرابة فإنه واحدٌ منهم. قتله الفاشست البعثيون في بعض سنوات الحرب العراقية الإيرانية حسبما أشار الأستاذ فلاح الرهيمي في كتابه على الصفحة 213. بأي ذنبٍ قتلوك يا كاظم ؟ قتلتُك هم اليوم أحرار يسرحون ويمرحون في العواصم العربية وغير العربية فمن يا تُرى سيأخذ بثأرك وثأر رفاقك الأبرار ؟ ما قالت أمّك وما قال سيّدك الأستاذ أبو شهاب السيد أحمد السيّد عباس وما قال العراق وطنك ؟
سيرة حياة ومؤلفّات الصديق فلاح الرهيمي
ـ فلاح أمين جواد الرهيمي الخفاجي
ـ مواليد عام 1937 حلة / محلة الجباويين
ـ المهنة موظف متقاعد
ـ التحصيل الدراسي الصف الثاني / كلية التجارة ـ تركها لأسباب قاهرة.
مؤلفاته الصادرة :
ـ دفاعاً عن النظرية الماركسية
ـ دور الإنسان في التاريخ
ـ على قارعة التاريخ
ـ حديث الروح سيرة ذاتية
ـ خواطر ماركسية
ـ الفكر الماركسي بين النظرية والتطبيق
ـ ظاهرة ستالين بين النظرية والتطبيق
ـ عبقرية ماركس
ـ دور لينين في تطور النظرية الماركسية أمركة العالم وليس عولمته
ـ صدام الحضارات والستراتيجية الأمريكية
ـ من وحي التجربة
ـ النظرية الماركسية نشأتها وتطورها وانتكاستها .
هامش /
كتاب وقائع الإحتفالية التكريمية للأديب الكاتب والباحث فلاح أمين الرهيمي / إعداد صلاح اللبّان. منشورات جمعية الروّاد الثقافية المُستقّلة المركز العام ـ بابل 2012.

دور النشطاء الاقباط/ لطيف شاكر

  في زخم الامور المتردية  للاقباط  في مصر وفي خضم الاحداث الدموية والهجمات الغوغائية علي  كنائسهم   وبيوتهم  ومتاجرهم   دون مبالاة من الحاكم او اهتمام الحكومة, واستمرار اضطهاد الاقباط بطريقة مستفزة ومتكررة في العلن دون استحياء او اتخاذ اي اجراء حاسم.
كان لزاما للاقباط ان يتصدوا لهذه الامور المريرة التي  المت بهم خاصة في عهد بات ظلم  الاقباط  امرا عاديا  لاتبالي به الدوله  كالماء الذي يشربونه والهواء الذي بتنفسونه   ولاتكترث به المؤسسة الرئاسية او يشغل بال جهاز الداخلية او الاجهزة الاخري المعنية ويتلقفه الاعلام حينا ويغض النظرعنه اغلب الاحيان   .
حقيقة ان هذا الاضطهاد ليس وليد الساعة وليس بجديد في عهد مرسي  ونظامه الفاسد ,بل كان سمة كل الحكام  في كل العصور السوداء  و يزداد  درجته او ينقص  طبقا لعاملين  الاول  يعتمد علي شخصية الحاكم  وثقافته  وخلفيته الدينية وتربيته , والسبب الآخر قدرة الاقباط علي التعبير علي ظلمهم وامكانية فرض انفسهم علي المسئولين من خلال حضورهم  سياسيا وحزبيا , كما حدث  في الزمن الجميل  قبل ثورة العسكر المشئومة 52  ,او عن طريق اثبات وجودهم في مجالات  الاستثمارات او نبوغهم  علميا وشهرتهم بالخارج الذي  ينعكس علي الداخل  .
 لكن في كل الاحوال يحاط  تواجد الاقباط   بشئ من الشكوك والريبة من المؤسسات الامنية, مما يسبب خوف ورعب للمستثمر القبطي الذي يسعي جاهدا ان يبعد عنه شبه الطائفية باسلوب يدفع ثمنه غاليا لدرء هذه الشكوك , لان الدولة باتت  تتعامل  مع الاقباط من خلال العنصرية وليس من خلال المواطنة الصحيحة وبفرز ديني تعصبي .
هذا الموقف يحتم علي الاقباط  ان يفكروا بحكمة وتروي في ظل اليات دولية كثيرة وقنوات شرعية ,  وجهات حقوق الانسان والامم المتحدة وهيئاتها القانونية والمعنية بحماية الاقليات  , ومحاكمها الجنائية والدولية  , يحتاج الاقباط والاقليات ان  يتعرفوا عليها وكيفية  ولوج ابوابها واقناع المسئولين  بقضيتهم  وما هي  الادوات التي يستخدمونها  لاقناع هذه الجهات بالظلم الواقع عليهم وما يجب ان يقدموه  من سجلات وصور وفيديوهات توضح الاحداث والمجازر جماعية و فردية لتفعيل دور هذه المؤسسات الحقوقية.
ان  هذا الامر يستلزم تاسيس لوبي قبطي ومن الاقليات  علي درجة كبيرة  من الوعي القانوني والمعرفة الحقوقية  والثقافة السياسية والقدرة علي التعبير  علي ان يتسموا اعضاء اللوبي  بالغيرة المقدسة وانكار الذات والعمل الدؤوب ولديهم دراية كاملة بالاحداث والمشاكل القبطية .
لا ننكر وجود نشطاء كثر في كل بلاد المهجر وفي بعض البلاد الاوربية  يحملون هموم الوطن داخلهم ويتألمون بالآم اخوتهم في مصر ويشاركونهم انينهم  ,لكن يعملون بطريقة فردية  او شبه جماعية  دون انساق جماعي علي مستوي جماعة الاقباط  ومجتمع  الاقليات مما يؤدي الي ضعف صوتهم وخفوته  ولا يلتفت اليه في اغلب الاحيان
ان وجود جمعيات او هيئات او مؤسسات لخدمة القضية القبطية  أمر طيب اذا كان هدفهم واحد ولديهم بوصلة للوصول الي  الهدف المنشود , لكن للاسف نجد تضاربا بينهم كاعضاء وكجمعيات  مما ا أدي الي فشل  التوصل الي نتيجة مرجوة حتي الان .
ان تضارب الاراء وتباين الاهداف والتنافس علي الكرسي الاول والظهور بمظهر غير لائق  يتسبب ليس في عرقلة  الوصول الي الهدف , بل الي استخدامهم ضد القضية القبطية وتشتيت الاقباط , لاسيما ان  المخابرات المصرية لها دور  ملحوظ  في اختراق بعض الجمعيات  والقنوات الفضائية (سنفرد مقال عن الاعلام) وكونت صداقات مع  بعض النشطاء  وقامت بتوجيههم ورسم سياستهم الظاهرة تتسم بالتقية امام الناس والخفية  الحقيقية لحساب دولة الظلم .
 والامر المخزي ان اختراق بعض الجمعيات والنشطاء يتم من خلال تقديم مكافأت مالية سخية اومراكز حكومية او تعينهم في  مجالس تشريعية وهذه وظائف  طالما حلموا بها قبل حماسهم الكاذب  للقضية القبطية  وبالنسبة للشرفاء يكون  بالتهديد المباشر والغير مباشر لاهلهم وذويهم  بمصر.
ناهيكم عن تواجد بعض  الجمعيات تحمل اسماء كبيرة ملفتة للانظار مقترنة بكلمة العالمية او الدولية او المصرية او القبطية  وخلافه ولا تحمل من هذا الاسم الا وهما  وخيالا ,  دون اي عمل  او نشاط سوي الكلام الكثير والرغي الفاضي ,والطعن في جمعيات او هيئات نشيطة  ,مما يعيق الطريق نحو المراد , وغالبا مايؤخذ بكلام هؤلاء  عند حاجة الدولة والاعلام المصري الي رأي مناهض للقضية القبطية  وضد حقوق الاقليات, بل يصل الامر ان يشيد بهم الاعلام  حسب التوجه الحكومي  معتبرين اياهم المسئولين  عن الاقباط , وينشروا تصاريحهم  واقوالهم بالصحف ويفسحوا لهم حوارات بالفضائيات الدينية والحكومية .
ان الموقف الحالي لبعض النشطاء والجمعيات يعطل سير القضية القبطية,  ولن يستقيم الامر  ولن يلتفت الي شكوي الاقباط  وعدم الاصغاء الي طلبهم  ورفع الظلم عنهم ,الا اذا اتحد النشطاء الاوفياء كجمعيات او افراد علي هدف واحد ورأي واحد وفكر واحد ,بل من الافضل ان ينضم الي صفوف الاقباط  كثير من  المسلمين  الغير متذمتين والرافضين للغبن ,ولرفع سيف الظلم عن رقبة الاقليات , بل يكون ايضا  من المفيد ضم  مسيحيو الشرق وهم يحملون نفس النير والظلم  ,اضافة  الي  عدد من الجمعيات والهيئات  المهجرية والاوربية الذين يتبنون شأن الاقليات في المنطقة العربية  والدفاع عن تواجدهم وعدم تفريغ المسيحيين  من البلاد العربية  .
واقول الحق وضميري شاهد علي كلامي ان اقباط الداخل  بعد خروجهم من عباءة الكنيسة التي فرضت عليهم  اكثر من اربعة عقود قدموا نفوسهم الغالية  رخيصة علي مذبح  الجهاد ضد الظلم وطلب العدل والمساواة  , ولم  يألوا جهدا في التظاهرات والمشاركة الوطنية  والحضور الحزبي  وتكوين الائتلافات المختلفة ,واستشهد منهم عدد لاباس به  تحت عجلات مركبات الجيش والامن ,واثناء الهجوم الغير ادمي علي الكنائس والمتاجر والبيوت وصمدوا بشجاعة ضد الظلم ,ومازالوا  يجأرون بالشكوي والظلم من حاكم ظالم ودولة فاسدة وحكومة رخوة لاضمير لها, ولهم مواقف يشار بها بالبنان وقد اثبتوا انهم رجال اشداء مع اخوتهم المسلمون الاحرار . هذا ماقام به اقباط واقليات الداخل رغم الظلم والبطش والسجون والقتل.. فما دور اقباط الخارج الان وهم يتنعمون بحرية الكلمة .
ان اقباط الخارج لديهم  امكانيات ضخمة جدا ماديا واستثماريا  وعلميا وفكريا ويشغل كثير منهم مراكز مرموقة وفي مواقع استراتيجية هامة وبعضهم لهم علاقة وطيدة بصناع القرار, ولهم كامل الحرية في التعبير عن الام واوجاع الاقباط والاقليات دون خوف او ضعف .
 اقباط الخارج بامكانياتهم المهولة وعددهم الكثير الذي يربو عن الثلاثة ملايين يحتاجوا الي  تنسيق وتوجيه وترشيد  ليكونوا جالية محترمة لها تواجد في  كل المحافل الدولية وفي وطنهم الثاني ,ويكون لهم صوت قوي في الانتخابات الرئاسية والبرلمانية  ليحظوا باهتمام المرشحون, والسعي الي كسب اصوتهم مثل الجالية اليهودية والارمنية وخلافهم وهم اقل عددا    , خاصة وان اقباط  الخارج يحملون في قلوبهم حبا شديدا لمصر ومحبة قوية للاقباط  ويأملون درء الظلم عن كاهل كل الاقليات .
دون هذا لن يكون امام الاقباط خاصة والاقليات عامة الا ترك قضيتهم في يد حكومات ظالمة يلتمسون مراحم حاكم فاسد, ويبكوا علي اطلال وطن الاقباط  ضاع منه الاقباط المسلمون والمسيحيون ونندم حظنا العاثر من ظلم الحكام بالداخل وتفكك الاقباط بالخارج ولايكون  امامهم سوي الترحيب  بالغزو او الفتح العربي الجديد كما اشاروا اليه دعاة الاخوان والسلفيين  ومكتب الارشاد فور تنصيب مرسي حكم مصر . ولا يكون امامهم الا قبول  احد الاختيارات الثلاث اما الاسلمة الجبرية او دفع الجزية وهم صاغرون (لااعرف حكمة دفع الجزية وهم صاغرون) او القتل  ويمكن في سماحتهم الآن ان يضعوا بديل رابع وهو التهجير من بيوتهم ووطنهم ... وللعدل والانصاف  سيتركوا للاقباط  حق الاختيار !!!!!!
في حوار اخير  مع المفكر الكبير  د. بطرس غالي  وردا علي سؤال : باعتبارك قبطياً.. كيف ترى مظاهرات أقباط المهجر ودعاوى اضطهاد الأقباط فى مصر؟
يقول سيادته : لست خائفاً من أى مظاهرات ينظّمها الأقباط فى العواصم الأوروبية والأمريكية، ولا داعى لأن نقلق ونكبّر الموضوعات أكثر مما تحتمل، وعلينا تقوية جاليتنا المصرية فى الخارج بصرف النظر عن كونهم أقباطاً أم لا، ويجب أن نتعلم من إسرائيل التى استفادت كل الاستفادة من جاليتها فى الخارج
وهنا بيت القصيد والكلام المفيد : كيف نقوي جاليتنا المصرية في الخارج ؟ سؤال مطروح علي النشطاء افرادا وجمعيات قبل فوات الاوان  .
اما كيف نتعلم من اسرائيل  فسوف اخصص له مقال في القريب بعد مقال عن دور الاعلام الفبطي .

الوجود.. الكتابة.. الجحيم/ أسعد البصري

مهما فعلت فأنت إنسان محدود الوجود ، تعيش في مكان و زمان واحد . تكون في غرفة النوم لأنك غير موجود في المقهى ، في استراليا لأنك غير موجود في كندا ، في القرن الواحد والعشرين لأنك غير موجود في القرون القادمة . لا يوجد أي أمل ، الإنسان محدود جداً من الناحية الوجودية . ربما هناك أمل طفيف واحد ، للأرواح القلقة هو الكتابة .

يمكن لكاتب سيدهارتا مثلا أن يوجد في قرون و أماكن لا متناهية في اللحظة الواحدة . إن الله أكثر وجوداً منك ، ليس لأنه خلق الوجود فقط ، بل لأنه كتب القران
. هذا الكتاب أكثر وجوداً من أي مخلوق أو كاتب آخر . الكتاب ليس مخلوقاً أصلاً ، إنه هو ( الله ) . حين يقول عليّ بن أبي طالب بأنه هو ( القرآن الناطق ) ، هذه العبارة حقاً تعني وإن لم يقصد بأنه ( هو الله ) ، ولا ألوم الفرق التي تصورت ذلك .

هناك عبارات كثيرة ( محيرة ) كالتي اقتنصها جبران خليل جبران حين قال بأن نبي العرب يؤكد عقيدة التناسخ : (( وَكُنْتُمْ أَمْوَاتًا فَأَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ )) . الكتابة تميتكم فتحييكم ، ثم تميتكم ثم تحييكم . مهما كانت الطريقة التي تعيش بها ، والطريق المتبعة ، مهما كانت الخطوات مدروسة والإحتياطات متخذة . مهما كان عدد الصور ، والرحلات ، والمغامرات ، والخطط . و مهما كان عدد بيوتك و أطفالك و علاقاتك . تجولت حول العالم ، أم نمت في حفرة ، سواء عشت كما عاش ألفيس بريسلي ، أو صدام حسين ، أو الجواهري . ستشعر في النهاية بأنك مخدوع . ثمت شيء ما خدعك ، سيطر على حياتك كلها ، وبالرغم من كل شيء ، تكتشف بأن الشيء الوحيد الذي كان عليك القيام به لم يكن راجعاً إليك . وهو الظهور في هذا الوجود المريض . الإنسان مخلوق مريض بعيد عن الطبيعة . يكتشف أشياء كل يوم ، تزيده مرضاً وانقراضاً . كاميرات ليراقب بها نفسه . قوانين ليتحول بها إلى سجين .

الخوف / الكآبة / القلق / العزلة / الشك . إن انشغال الشرق بالخبز ، والموت ، في الشوارع ، والعنف الديني ، طردهم من المشاركة بأي تساؤل فلسفي محترم . ما أراه على مد البصر هو إنسان ذاهب إلى الجحيم . جحيم الفتاة الفخورة بجلدها و جمالها الزائل . الجمال زائل ، والمرآة باقية . ذاكرة الخداع المستمر لكوكب ابراهيم الآفل . لقد ظهر أنبياء بسبب الآلام ، كما ظهرت المراهم بسبب الجراح . أما أولئك الذين لا يؤمنون بالأنبياء فقد اخترعوا : الكتابة .

رباعيات/ رضا محمد السيد

الكريم طول عمـــره كريم
ما يرد من وقف على بابه
أمــــا الندل ديمــــــــا لئيم
وعتــــــــاب الندل إجتنابه .
**
إللى يعرف الدنيا على حقيقتها
عمره فى يوم ما هيبكى عليها
غداره وحذارى مــن ضحكتها
الكل مفارقها مهما عاش فيها .
**
أنا إللى ماليش حظ وديمــــــــــا كده منحوس
ولوجانى الحظ مرة بيجينى بالمعكـــــــــــوس
ألاقى نفسى إتوكست أكتر ما أنـــــــا موكوس
الحظ مش بس مـــال  مش كل حاجة فلوس .
**
أنــــــــــــا إللى الفقر كان ليا أعز صــديق
كل ما أروح فى مكان يسبقنى فى الطريق
لا عمره لحــظة سابنى وكأنه ليا رفيـــــق
يارب إمتى الفرج يا مفـــرج كل ضـــــيق .
**
أ مُنا هى الوحيدة إللى مـن قلبها حبتنا
وتبقى فى غاية السعادة بسبب  لـــمتنا
لمــــا كانت معانا مكناش نعرف قيمتها
يا خسارة عرفنا الحقيقة بعد مـا فرقتنا .
**
هـــــو أنت ليه ياحظ ديما عننا غايب ؟
وإن جيت لنا مرة تجيب معاك مصايب
نفسنا تصالحنا يـــا حظ ونبقالك حبايب
دا ربك عاوزنى كده مَتفكرنيش  خايب .
**
قولى ليه يا زمن زادت عداوتنا
وما عاد فى أمــان حتى فى بيتنا
فاكر زمان يـــــا زمن فاكر لمتنا
ليــه العداوة كترت وقلت محبتنا ؟

الطالبي.. إعلامياً وشاعرا واعداً.. عراقياً: نظرات على رسم ملامحه ونقـد نصوصه 2/ كريم مرزة الاسدي

الحلقة الثانية
1 - مقدمة : عن الشاعر الدؤوب الخلوق ، والنقد الجاد الصدوق ...!! :
تفضّل عليَّ الطامح للآفاق ، والدمث في الأخلاق ، والمتواضع كالشجر الملآن بألوان الثمار ، لتشابك الأفنان ، علي مولود الطالبي ، بإرسال  ديوانه الثاني ، الذي أوسمه " شمسً على ثلج الحروف " ، وبعنوان فرعي شاء له : " قصائد نافرة "  والصادر من دار أكد - البريطانية - العراقية  للنشر والتوزيع من لندن والقاهرة ، سنة 2013م ، و يقع في120 صفحة من القطع المتوسط .
ومن حقـّه وواجبه - هو أوغيره - أن يطلب تقديم ديوانه للقارئ الكريم ، ومن حق الأخر وواجبه - أنا أوغيري - أن يستجيب له  ،  لآن رفد الثقافة والأدب والشعر والعلم ، والتفاعل الفكري لرقيها ، شأن إنساني وقومي و وطني عام ، لا يجوز التقصير فيه  ، والتقليل من أهميته، مهما تكالبت التفاهات والخزعبلات لإعاقة الأمة عن رقيها وازدهارها في الأزمنة الرديئة العمياء ،  والأمة لابد أن تصحو ذات يوم وتغربل ، فلا يصحّ إلا الصحيح  ، وإرادة أبنائها الواعين لا تقهرها صغائر الأمور ...نعم قد يتمّ التأخير من باب الأولويات ، والاجتهادات في تحديد الأفضلية ، والقدرة والإمكانية ، ويجب أن تكون هذه سنـّة  يسيرعليها المثقفون ، لكي نبرز المواهب ، ونمجّد الأقلام ،  فتتلاقح الأفكار ، وتـُهجّن الأراء من أجل التطور والارتقاء ، ففي الحركة بركة ، ومن ناحيتي ، ليعذرني القارئ الكريم ، والمترجم عنه الحليم عن أي تقصير، أو قصور ، إذ أنني لم أعطِ عهدا لأحد أن أكون كما يريد ، ولا يمكنني أنْ أكون أنا إلا أنا فقط  في أي لحظة عابرة لدنياي، وفي  أيّ مجال  ، فالمرء مرء بحريته وحرية فكره ضمن الصالح العام للأمة عمودياً وأفقياً ، وليكن ما يكون ، لذا يُقال ليكتب الكاتب على أن كلَّ الناس أعداء - كما يقول المازني - ، والله من وراء القصد، وهو نفسه  - أعني أي إنسان آخر - أعجزمن أن يكون كما يريد ، والمتنبي شاهد وشهيد :
طلبتُ من زمني ذا أنْ يبلغني **ما ليس يبلغه من نفسه الزمنُ
و بالرغم من تقديرنا للذات الإنسانية البالغ ، والتبجيل المبالغ  ، وهذه هي أخلاق أمتنا أبان صحوتها وعزّها واستقرارها ، لا أيام تخوّفها وارتباكها وشكوكها  ، وعدم وضوح رؤيتها  ، فقد تأخذ بعضهم الظنون حتى الإثم في حقّ أيّ مصلح أو مفكرأو ناقدٍ أو شاعر أو كاتب ... مضح ٍّ صادق ٍصدوق ، والنقد نقد ، والفكر فكر  والحقُّ حقُّ  ، و يبقى الإنسان عرضة للأقوال ،  من بعض الجهّال ،في كلّ الأحوال، وعلى الله المآل ، والشاعر قد قال :
على المرء أن يسعى بمقدار جهده ***وليس عليه أن يكون موفقا
 الحديث شجون ، فلنرجع لشاعرنا وكنزه المكنون في  ديوان  آخر له  مطبوع في دمشق - دار تموز رند -  2011 م  ، وقد نعته بـ " ضوء الماء " .
والحقيقة ، الشعر أحد اهتمامات الطالبي الدؤوب ، فهو إعلامي ناجح يحضّر أكاديمياً  بجد واجتهاد لنيل الشهادات العليا في مجال اختصاصه بجامعة القاهرة العريقة  ، بعد أن جاز شهادة الإجازة ( البكلوريوس) في الإعلام  ، إذاعة وتلفزيون ، هذا ما ذكره نفسه في  " محاولة لرسم ملامحي "  المنشور في موقع (النور ) النير ، وفي حواره مع (رونا صبري ) في القاهرة تحت عنوان "علي مولود الطالبي ... إعلامي وشاعر في حكمة إنسان " ، توصل إلى تعريف (الإعلام ) : إنـّه " التعريف بقضايا العصر ومشاكله ، وكيفية معالجة هذه القضايا في ضوء النظريات والمبادئ التي اعتمدت لدى كل نظام أو دولة من خلال وسائل الإعلام المتاحة داخليا وخارجيا ، وبالأساليب المشروعة أيضا لدى كل نظام وكل دولة " ثم يردف القول بقول : " ومن هذا المنطلق يمكننا أن نفهم أهمية الإعلام ، حيث قيل قديما عنه أنه يحمل شعاراً " ليكن هناك نور " فهو يسلط النور على القضايا المهمة في المجتمع " .
 ومن الإعلام  الصحافة ، فعمل  صاحبنا في عدّة صحف عربية وعراقية وشبكات أنباء ، ذاكراً أسماءها ، وشارك في العديد من المهرجانات  والمسابقات ، ونال ما شاء الله من الشهادات التقديرية  والتشكرات والجوائز ، إضافة  لعضويته في كلٍّ من نقابة الصحفيين العراقيين ، والاتحاد العام للأدباء والكتاب العراقيين ، وقد ترجم شعره إلى الأنكليزية والفرنسية والكردية  والألمانية والعبرية ، ولكن لا أعرف إلى أيّ مدى ، فإنْ أردتْ المزيد ، عليك بمراجعة  صفحة نصوصه في موقع النور لِما تريد  .
وعندما سألته محاورته (رونا ..) عن المفاضلة بين الشعر والإعلام ،أجاب بلا تردد:
" أما لو خُيّرتُ ، فسأختار أن أكون إعلامياً خدوماً للثقافة والادب والفن ، حتى لو ضحيتُ بمشواري الشعري الذي أراه يكبر على مشارف البوح واعتز به حد الموت ، لكن خدمة للآخرين سأتخلى وبكل ثبوت . " ، ولهذا السبب جعلتُ (الطالبي إعلامياً شاعراً ) في العنوان الرئيسي لمقالتي ، ومن الحق أنْ نعلن أنَّ الشعر أكبر بكتير من أنْ يحتاج إلى أنصاف رجال ، إلا أن يكون للنصف بالكاد  نصف شعر ، ومع ذلك للشعر لحظات عبقرية ، قد تسمو بصاحبها إلى الخلود السامي الرفيع بإنزياح الخوالج والأحاسيس والآلام لتتفاعل مع الخيال الخصب والإيحاء في بودقة اللغة وتشكيلاتها العبقرية الجميلة  ، لذا نتعجب من الطالبي حين جعله صنعة كالإعلام ، يستطيع إيقافه " بكل ثبوت " !! وتذكرت الآن كلمة لأحد نقاد الشعر العالميين الكبار - شرد من ذهني اسمه - يقول : للشعر العالمي برج ، ولكلّ أمة طابق في هذا البرج ، أما أمة العرب ، فهم حفاة عراة ، يدورون حول البرج ، وفيهم رجل يمتطي صهوة جواد ، وبيده رمح ، يرميه ، فيصيب قمة البرج ، ذلكم هو المتنبي العظيم ، وعلى ما يبدو لنا ، أنَّ هذه الرؤية الظالمة ، هي التي حجبت العرب عن جائزة نوبل العالمية للشعر !! ، وأكاد أجزم أنّ تعصبهم الأعمى ، وعدم تفهمهم لأسرار اللغة العربية الجميلة ، وعمق مضامينها ، وعدم وجود مترجمين عرب أكفّاء في لغتين أو أكثر ،  كان الحائل الرئيسي لعدم تبوأ الشعر العربي المكانة العالمية الرفيعة ، إضافة لدور بعض الحركات المعادية للعرب في كبح جماح عباقرتهم للوصول إلى الأمل المنشود.        
  أمّا كيف نبغ صاحبنا في الشعر  ،فيروي إلى محاورته الـ (رونا...) قائلاً : في مرحلة المتوسطة بدأ الأمر يتطور وكتبتُ أول قصيدة عمودية موزونة بكامل أبياتها في عمر الخامسة عشر ، وكانتْ مجاراة لقصيدة الشاعر المصري عبد الرحمن شكري وضئ القسمات ، وقلتُ في بعض أبياتها رغم عدم تذكرها جيدا:
رائعٌ إن غابَ عني       وجـمـيـلُ وهــو آتِ
فإذا بالشعرِ يرقــى       حـيـثُ ترقى كلماتي
وسالـتُ القـلبَ لما        جال شيء ما بذاتي
نعلق قليلاً ، ونواصل المشوار ، الأبيات من مجزوء الرمل (فاعلاتن أربع مرات)، وورد زحاف الخبن في أول وآخر تفعيلات البيت الثاني (فإذابشْ)، و (كلماتي) ، فأصبحتا (فعلاتن) ، وهو حسن في الرمل ، وياء المتكلم في (كلماتي) قد أجبر عليها الشاعر من أجل تمشية القافية ، وإلا أصيح للبيت خصوصية تحدّ من تعميمه ، أما البيت الثالث ، فجاء الخبن في أول تفعيلة البيت ، شرط أن تكتب الهمزة المفتوحة فوق الألف ( وسألْ تُلْ    فعلاتن) ،  يبقى عندنا عجز البيت الأول ( وجميلُ ) على هذه الشاكلة يمشي البيت ، لأن التفعيلة أصابها زحاف الشكل المركب ، وهو مقبول ، ومن الأفضل أن تنون اللام ( وجميلٌ ) لتصبح التفعيلة (فعلاتن ) ، وهو زحاف حسن في الرمل ، وعلى العموم الأبيات موزونة ، ليس فيها أي عيب عروضي ، والبحر قصير راقص مطرب ،وأرى في الأبيات  صنعة وتكلفاً ، وكلمات مستهلكة غير شعرية في احتلال مواقعها كرائع وجميل  ، البيت الأخير بيت القصيد الرائع ، ربما تجشم الشاعر الصبي - في حينه - كل هذا التكلف ليقول : ( جال شيءٌ ما بذاتي ) ، هذه الحركة الجوّالة الغامضة بديعة  في إيحاءاتها أي إبداع ، ولا ننسى أنّ الفتى هو في صباه ، ويقول مثل هذه الأبيات  الشعرية الموزنة الراقصة , والتي خرج منها باستنتاج ملفت يرعش البدن  ، لا جرم أن نعترف بالموهبة الشعرية واللغوية كانت تكمن عنده منذ الطفولة ، وهو قد أشار إلى عائلته المتميزة في هذا المجال ، فللوراثة أثر ، والرجل الشاب ، لم ينس رعاية أبيه وأمه ، وبعض متعلقيه ، لينمي نقطته المورثة بالآكتساب البيئي ، نعود إليه ليكمل معنا حديثه :  " وإستمرت الحروف في يدي التقط من طفولتي ومراهقتي لحظات تشف رئة قلمي وتحتفل بالدموع والحزن والأمل والصراع ، وغِصتُ في معناي القران ودلالاته وأطل الوقوف في جواهره وأيضاُ كنتُ أتسأل هل إن للحديث النبوي عين الحبكة والسبك اللغوي في التعابير القرآنية ؟ وإستمر هذا القلق يراودني حتى التقيت الأستاذ الدكتور فاضل صالح السامرائي أثناء حوارنا المنشور في الصحف العالمية وسالته هذا السؤال كي أتبصر اكثر ، وأيضا رافقتُ شعراء الجاهلية والإسلام والأموي والعباسي وإنتقلت مع العقد الحديث بمرافقة سامي البراودي ، وبعدها تعلقتُ بالسياب ونازك ورجعت للمتنبي والمعري وإنتقلتُ لقباني ودرويش ودنقل وأنا لم ادخل مرحلة الجامعة بعد ، كان هناكَ العديد ممن شجعوني ووقفوا بجاني وطبعاً العائلة التي أفدي أمي وأبي بنفسي كانا أول من وقف بجانبي وآمنوا بي ، فكان الشعر يأتي إليّ في خفقات لا أخطط لها ولا أعلم بمقدمها ، ورغم صعوبة الشراع لكني كنتُ أقاوم الريح فتكأتُ على الإطلاع والمتابعة والإهتمام حتى رسيتُ على ضفة البوح وبدأتُ حضوري في الوسط الأدبي أزخ قصائدي بدون موعد أو سكون ، لأني أشعر بصخرة سيزيف تثقل صدري ولابد من إنزيحها كي أرتاح ، وايضاً أرى أحداث تهز كياني فانزفها على ساحة القول ، وأصدرت أولى مجموعاتي وحصلتُ على عضوية إتحاد الأدباء والكتاب العراقيين وأنا لم أزل في مرحلتي الجامعية ، وايضاً عضوية نقابة الصحفين ، أما قدوتي فكل شاعر إنساني حقيقي هو قدوتي ، وكل الناس لهم الفضل عليَ في ترتيب قصائدي على جدران الشعر ، فهم وطني الذي أنتمي إليه وأكتب له وأعيش به حتى تنام الحرائق في ملاذ الروح .." . .
نشر أكثر من ثمانين مقالة أدبية ، ونصاً شعرياً ، وحواراً ، وأدباً مترجماً، منذ تموز 2010 م في الموقع المذكور آنفاً ، وعلى أغلب ظني ، إنّ معظم ما كتبه من شعر ،  أو نثر ، أو حوار ، أو ترجمة ، قد دوّنه فيه ، ولا تنسى دراسته ، وعمله  كشاب في مقتبل العمر .
2 - الشاعر ونقـّاده المحبّون :
قد وقع نظري الكليل على عدة مقالات قد كُتبتْ عنه في بعض المواقع ،منها المقالة الرصينة للدكتورة (  رويدة العزاوي) المنشورة في موقع (المثقف ) المثقف بعنوان (علي مولود الطالبي .. يدخل القلوب بروحه النقية شعرا ) ، نقتطف منها الفقرة التالية :
  "من قصائده الممتعة للروح ( قطوف الليل) التي قال فيها :
وأسهر فيك الليل كالنجم لا يغضي***لأقطف زهر الفلِّ من روضك الغضِّ
فأنتَ حبيبي حين تمضي وكيفما ***  تكون .. فشوقي نحو منهلكم يمضي
فأردت أن أتجول عوالم الطالبي...لأنه مع كل ومضة يزدهر في قلبه المعجون بتعلقه / ذلكم الغرام الذي لا تسعه الأرض ولا صدر السماوات لأنه لم يجدهُ فيهما، وهي صرخة عاشق يبحث عن العشق الحقيقي في جسد الكون / ليكون دينه الحب وكي يبتعد عن البغض والحقد ؛ وبهذه اللمحة الإنسانية النابعة بعذوبة نفس الشاعر المؤمنة وخصوبة فكره في تطويع الشعر إلى حقيقته في رسالته الضميرية إلى الشعوب والبشر / داعيا إلى قلوب متيمة بالنقاء وتذوب كالثلج لأجل من تحب، وهذه خيالات الشعراء الذين يملكون أحداق تفكر بالأبدية الكونية والحياة الرغيدة لأجل من يحبون / ويختمون بهم حياتهم وكل مراحلهم سواء ناموا أو صحوا فبهم يكون يومهم ...".
وأخيراً نشر الأستاذ صالح  الطائي مقالة في عدّة مواقع منها (كتابات في الميزان) ، و(المثقف ) ، و(النور) عن ديوان شاعرنا الجديد موضع البحث عنونه " شمس علي مولود الطالبي تشرق على ثلج حروفه " ، ونقتطع منها : " أما الهدف الإيحائي للعنوان المختار (شمس على ثلج الحروف) فتجده واضحا في تنوع القصائد التي ضمها. كما لم تكن المصادفة هي التي وضعت قصيدة (سيقان الغياب) في بداية المجموعة، بل الحنين إلى الوطن هو الذي اختار لها الصدارة، حيث تتكرر مفردة (الوطن) و(الأوطان) و (موطني) في قصائده الأخرى لتدلل على عمق ارتباطه بالوطن. فالشاعر الذي عاش الغربة مجبرا وهو الذي لم يعرف الاغتراب أراد أن يعبر من خلال هذه قصيدة (سيقان الغياب) عما يدور في مخيلة شاب غريب هجر الوطن سعيا في طلب العلم، ولكن الحنين إلى الوطن أظناه وأرقه فكتب عن عشقه للعراق :
أؤولُ عشقي للبلادِ قصيدةً
ويسألني التأويلُ
من ذا سيفهمُكْ؟
هكذا أراد الطالبي تأويل عشقه للوطن الذي مثله كائنا حيا يقف قبالته.. يخاطبه .. يتحاور معه .. يكلمه عن شوقه وحنينه إليه، وحينما تصدمه الحقيقة ويستفيق على نفسه وهي تشم هواء غير هوائه وتشرب ماء ليس من مائه يحاول تعليل الخلط الذي وقع فيه، فيقول:
فيا وطني
عيني تحاولُ أنْ ترى
وشعري
على بعدِ المسافاتِ يرسمُكْ
ودونَكَ
ذابت في الكؤوسِ
قصائدي
ويحكمُني الدمعُ الشقيُّ
ويَحْكُمُك " .
فإذا ذهبت الدكتورة إلى جانب الطالبي الإنساني والكوني ،  لإتساع أفقه، وتفهّم كونه ، هذا لا ينفي الأقرب أولى بالمعروف ، لترابط الآلف  والمألوف ، ومن هنا تتشكل روابط الأوطان، حيث الأهل والخلان والأخوان ، والهموم المشتركة ، والمصير الواحد، والذكريات واللغة ، فهذه المنظومة من أقوى الروابط الإنسانية في الوجدان ، لذا سلط الطائي على هذا الجانب من شعرالشاعر . 
 ونشرت (وكالة أنباء الشعر - القاهرة) مقالاً عن ديوان شاعرنا الجديد قالت فيه : الديوان حمل ملخصاً نقديّاً، للناقد والشاعر العراقي الدكتور قصي عسكر ، جاء فيها : " إنها تجربة شاعرية عمودية ،يتحسس فيها الشاعر مآسي مجتمعه وآلام أمته وإنسانيته فينقلها من خلال جنة شعرية وارفة ،تبدأ قصائدها وفق الترتيب الهجائي لحروف اللغة العربية ..." ، ثم يعرّج الدكتور عسكر على ديوان الشاعر الأول قائلاً : " صدر له ديوان " ضوء الماء " 2011 عن دار تموز رند ، وكتبت حوله شهادات نقدية كتبها : د . قصي الشيخ عسكر ، سامي العامري ، علي الخباز ، سلام كاظم فرج ، أ.د محمود العلي ، أحمد فاضل ، د. رويدة العزاوي ، هالة حمدي ، د. بلقيس شنوّ ، وجدان عبد العزيز ، وغيرهم من نقاد الوسط الادبي.والطالبي من مواليد العراق ويقم في مصر لإكمال دراساته العليا في الإعلام ، نشرت له أهم الصحف العراقية والعربية قصائده التي تتميز بلغتها الشاعرية التي تحاكي الإنسان بإعتباره أهم مرتكزات الوجود ، ويحاول دائماً السعي الى بلوغ قمة غايته في الوجود ..." ، والشاعر نفسه يدلي بذاكرته حول مجموعة ( ضوء مائه ) في حواره مع ( رونا صبري )  مصرحاً :  " ضمتْ في سِفرها خمس وثلاثين نصاً ، توزعتْ بين ضفاف الشعر العمودي والتفعيلة والنثر ، ونالتْ استحساناً طيباً لدى الجمهور والنقاد بفضل الله ، فقد كُتب عنها أكثر من خمسة وعشرين قراءة ودراسة نقدية ، توزعتْ بين نقاد أكاديميين وإنطباعيين ..." ، وقدمته (ررونا...)  في مطلع حوارها قائلة : "انسان بكامل صفاته الداخلية والخارجية ،وطني الى اخر نبضة في ضميره ووجدانه ورسالته ،اعلامي منذ الطفولة ،وشاعر يتغنى بكل محبة ،يتميز عن اقارنه انه يكتب الرسالة بحس صحافي يشعره بالقضية تجاه الموقف ..." .
هذا ما قاله هو في  (محاولته لرسم ملامحه ) ، وما سطـّره بعض نقـّاد شعره ، ومحبّوه ، و محاوروه من رؤى حول الشاعر وشعره  ، وما علـّق على بعض هذه الروئ ، وما حلل عدّة أبيات من شعر الشاعرأبان صباه ، كاتب هذه السطور ، كتمهيد للعبور إلى بعض ملامح مطلع ديوانه الثاني " شمس على ثلج الحروف" ، ولمطلع الديوان التاني القسم الثاني ، والله ولي التوفيق .

الغناء العراقي يخسر صلاح عبد الغفور!/ شاكر فريد حسن

فقد الغناء العراقي قبل أيام المطرب الشعبي المعروف صلاح عبد الغفور ، صاحب اغنية "شلونك عيني شلونك" ، الذي غادرنا على حين غرة اثر حادث مروري في مدينة اربيل العراقية باقليم كردستان، مخلفاً وراءه ارثاً غنائياً كبيراً مكوناً من ثلاثين البوماً ، وأكثر من 300 اغنية .
وصلاح عبد الغفور من المطربين العراقيين الكبار ، ينحدر من اصل كردي . لمع نجمه وذاع صيته في الثمانينات من القرن الماضي ، وتجاوزت شهرته حدود العراق . وهو من جيل فني اصيل ومبدع وراق وملتزم أثرى الحياة الغنائية والمشهد الفني العراقي ، وترك بصماته الواضحة فيها وعليها.  تبوأ مكانة متميزة ومرموقة بين الاوساط الفنية والجماهيرية في العراق وخارجه بشخصيته الانسانية النبيلة المتواضعة والدمثة ، وفنه الجميل الرائع ، وصوته الشجي الصداح كالبلبل الغريد في الفضاء العراقي والعربي ، واقترابه من الناس البسطاء وانغماسه بهمومهم وآلامهم وجراحاتهم وعذاباتهم اليومية . هؤلاء الناس الذين اسعدهم وابكاهم بصوته وآهاته ودمعاته السخية واغنياته ، التي طغى عليها طابع الحزن والشجن والأسى .
غنى صلاح في بدايات حياته اغاني المطرب العراقي الكبير ناظم الغزالي بتوزيع جديد ، ثم غنى المقام العراقي والاهازيج التراثية والمواويل العراقية ، وغنى ايضاً اغاني الحب والعاطفة والغزل والوطن والامل . ومن اغانيه التي اشتهر بها غير اغنيته المشهورة "شلونك عينك شلونك" نذكر : خسرتك يا حبيبي" و"بس تعالو" و"لا تلوموني" و"يا دنيا" و"يا عود اعزف حباً" و"بغداد بغداد" و"يا كاسك يا فلسطين" والكثير غيرها.
ان رحيل صلاح عبدالغفور هي خسارة جسيمة وفادحة للاغنية الشعبية العراقية ، وصدمة كبيرة وقوية لمحبي صوته واغانيه، وللوسط الفني العراقي والعربي ، لما تميز به من اعمال جميلة وصوت حزين باك يتغلغل عميقاً في الروح والصميم ويلامس المشاعر وشغاف القلب .
مات صلاح عبد الغفور وفي قلبه حزن والم وغصة وحسرة وغضب على الخلاعة والرداءة ، التي وصل اليها الواقع الفني والغنائي العربي في مرحلة الردة وتراجع الاغنية . فسلاماً لروحه ، وسيبقى بغنائه الملتزم في وجدان الناس وعقولهم ومخيلتهم دائماً وابداً .

أبو جهاد: لا صوت يعلو فوق صوت الانتفاضة / سري القدوة

 ابو جهاد عقل الثورة ورمز الوطنية وثورة البندقية .. ابو جهاد عنوان المقاومة وحكاية الانطلاقة ومعني الانتفاضة ورمز الاستشهاد والبطولة .. ابو جهاد نفتقدك الان ونحتاج الي حكمتك في توحيد شعبنا وتوجيه مسارنا الوطني وتقديم واجبات الوطن وحتى لا نفقد البوصلة وندور في نفس الدائرة كان لزاما علينا أن يكون ابو جهاد هو عنواننا الثوري والوطني الدائم الحاضر .. ابو جهاد مدرسة المقاومة والتاريخ المشرف لثورتنا وبندقيتنا الفلسطينية والتي كانت دائما مشرعة في وجه الاحتلال ولم تضل الطريق يوما او تفقد البوصلة .. ابو جهاد موحدا لشعبنا ورمزا لمسيرتنا ووحدتنا الوطنية .. اننا اليوم وفي ذكري رحيله نتطلع الي منهج ابو جهاد وروحه الكفاحية والوطنية من اجل الاستمرار في مسيرتنا والعمل علي توحيد الجهد الفلسطيني والانطلاق نحو المجد الفلسطيني نحو دولتنا الفلسطينية المستقلة .
ابو جهاد احببناه .. وشكلت تعليماته منهجا لحياة ابناء الشعب الفلسطيني .. فكان الحاضر دائما بحضوره وشخصيته وروعته وخطواته الواثقة وكلماته الحية ( لا صوت يعلو فوق صوت الانتفاضة ) .
لأنه اول الرصاص وأول الحجارة .. لا يختلف عليه احد ويهتف بحياته كل فلسطيني فهو من عشق الارض وعمل من اجلها وهو من اقدمت اسرائيل علي اغتياله بشكل همجي ووقح متحديه العالم وقامت بإعدامه بشكل همجي وإجرامي لا يسبق له مثيل ..
ابو جهاد صانع الانتفاضة .. صانع الثورة .. تعرفه ارض الجزائر ويعرفه ابناء الشهداء في الجزائر .. ويتذكره المجاهدين في الجزائر فهو اول من اسس حركة فتح في الجزائر وقام بفتح اول مكتب لها واشرف علي العديد من عمليات الحركة العسكرية وكان للجزائر عند القائد ابو جهاد الكثير من الحب والوفاء وكانت دائما حاضرة في وجدانه فهي البلد الامن والطيب والداعم للثورة الفلسطينية منذ الرصاصة الاولي للثورة الفلسطينية وهي من احتضنت الخلية الاولي للحركة وأسهمت في دعمها وتوفير المناخ التنظيمي لدعم اطر الحركة ..
القائد ابو جهاد هو حكاية الفلسطيني وهو الذاكرة الحية للأجيال وهو كتاب النضال الفلسطيني الذي يحفظه الاجيال جيلا وراء جيل .. ولا نستغرب أن طالب الصف الاول في المدرسة الفلسطينية اول ما يكتب قصة الشهيد يكتب قصة استشهاد خليل الوزير .. يكتبها بشكل لا ارادي ويكتب عن تلك البطولة التي يحفظها الشعب الفلسطيني والتي يفتقدها في هذا الزمن .. حقا اننا نفتقد خليل الوزير .. نفتقد هذا العطاء وهذا التنظيم فهو كان رجل في ثورة.. احبه ابناء العاصفة وحفظوا تعليماته وكانوا يلتفون حوله في كل المواقف ..
ابو جهاد الانسان والأب كان دائما هو من يجمع الكل الفلسطيني وهو الاكثر حرصا والحامي لوحدة شعبنا الفلسطيني والأحرص علي الاستمرار في توحيد الجهود من اجل توجيه الضربات الموجعة للعدو ..
ابو جهاد كم نحتاج الي  صوته وحكمته وحنكته وعبقريته العسكرية وقدراته السياسية وأسلوبه الوحدوي والوطني وصدق انتمائه للأرض والوطن والقضية . 
إن المرحلة بحاجة إلي رجل الثورة الأول ابو جهاد ليكون صوتا وطنيا من اجل فلسطين ووحدة الجبهة الوطنية فهو الذي طالما أصر علي تشكيل القيادة الوطنية الموحدة للانتفاضة وكان الأسبق في تفعيل الروح المقاومة , والأحرص علي الوحدة الوطنية , هو القائد الذي نحتاجه اليوم ليكون بيننا موحدا لشعبنا وإمكانياتنا الوطنية وحاشدا كل الطاقات من اجل تحقيق الحلم الفلسطيني والحق الوطني.
ابو جهاد رجل الثورة الاول وهو الذي جعل من العمليات العسكرية النوعية والموجعة في قلب العدو دروسا للأجيال حيث كانت عملياته العسكرية النوعية مدرسة عسكرية للمقاومة والثورة وسجل في ذلك قدرته الفائقة علي اختراق صفوف العدو وتوجيه العمل العسكري ليشكل قاعدة اساسية لمواجه العدو الاسرائيلي ..
أبو جهاد تاريخ أصيل لشعب عظيم لا يخفى على أحد دوره المميز في الوحدة الوطنية…وهذه أكثر النقاط إشراقاً في تاريخ حافل بالعطاء من اجل فلسطين , رحمه الله كان نقطة إجماع والتقاء لجميع القوى الفلسطينية ،عبر كونه نواة للفصائل المناضلة كافة وموضع احترام لها، أما الحالة الإبداعية عنده فتتمثل في القدرة على استقراء الماضي ودراسة الحاضر واستشراف المستقبل , رجل المواقف الصعبة واللحظات الحاسمة ولا ننسى اليوم الذي ودعنا فيه ابو جهاد ولا الشهداء الذين سقطوا برصاص الاحتلال في اليوم الأول لرحيله صباح يوم السبت 16 نيسان 1988 فوق ارض تونس وهو يؤدي واجبه الثوري والكفاحي برصاصات الصهاينة النازيين الجدد محاولين بذلك الخروج من مأزقهم الخانق وإطفاء لهيب انتفاضة شعبنا العملاقة حيث قدم شعبنا الفلسطيني في اليوم الأول لاستشهاده أربع وعشرين شهيدا من بينهم ثلاثة نساء.
اخر اسطر كتبها الشهيد ابو جهاد قبل استشهاده  :
لا صوت يعلو فوق صوت الانتفاضة.
قام أفراد من الموساد بعملية الاغتيال، ( حيق ليلة ) حيث  تم إنزال 20 عنصراً مدرباً من الموساد مع أربع سفن وغواصتين وزوارق مطاطية وطائرتين عموديتين للمساندة على شاطئ الرواد قرب ميناء قرطاجة في تونس، وبعد مجيئه إلى بيته كانت اتصالات عملاء الموساد على الأرض تنقل ألأخبار فتوجهت هذه القوة الكبيرة إلى منزله في قلب العاصمة التونسية فقتلوا الحراس وتوجهوا إلى غرفته وأطلقوا عليه سبعين رصاصة أدت الى استشهاده في نفس اللحظة  رحمه الله ...
المجد كل المجد والخلود كل الخلود لشهيدنا أمير الشهداء ابو جهاد.

رئيس تحرير جريدة الصباح – فلسطين
http://www.alsbah.net
infoalsbah@gmail.com

في مواجهة القمع والارهاب الفكري في العراق/ شاكر فريد حسن

لا جدال في أن الهجوم الغوغائي المنظم ، الذي تعرضت له مؤخراً الصحف العراقية الأربعة الصادرة في بغداد عاصمة الرشيد ، وهي " الناس" و"الدستور" و"البرلمان" "المستقبل " من قبل قوى وجماعات ومليشيات الارهاب وعصابات الظلام والتكفير السلفية ، هو اعتداء بكل المقاييس على الصحافة المستقلة،وتهديد للكلمة الحرة، وقمع لحرية الرأي والتعبير، وانتهاك فاضح وصارخ للحريات الخاصة والعامة وتقييد الحقوق.
 وهذا الهجوم هو ليس امر جديد وغريب ومستهجن في استهداف الصحفيين والمؤسسات الاعلامية العراقية . فمنذ سنوات طويلة يواجه الاعلام العراقي الحر والمستقل هجمة ارهابية من النظم الحاكمة وقوى العمالة والخيانة وجماعات التطرف والتعسف الديني والاستبداد السلفي ، وذلك في محاولة بائسة لفرض لغة الغاب على نهج الحوار والديمقراطية في العراق وحجب الحقائق والمعطيات عما يجري على ارض الواقع في المجتمع العراقي ، الغارق حتى اذنيه في غلواء المذهبية والطقوسية الطائفية والقبلية والعشائرية والنزاعات الفكرية والدينية والسياسية .
ان المتابع للحالة السياسية الراهنة والمشهد العراقي الحاضر يلحظ بشكل واضح وملموس عمليات القمع والارهاب الفكري ، الذي تواجهه الثقافة والصحافة العراقية ويتعرض له المثقفون العراقيون . فهنالك قمع منظم ومدبر ومخيف ضد الثقافة الحرة التقدمية والنخب الطليعية والمثقفين التقدميين الاحرار ، الذين يغردون خارج السرب لما يضطلعون به من دور تعبوي وتنويري وطليعي في خدمة الشعب والناس وقضاياهم اليومية والمصيرية وفي البناء العراقي ، وطموحهم المستقبلي في تأسيس المجتمع المدني الحر الديمقراطي المتطور ، الذي يرسي التقاليد الديمقراطية ويحقق آمال وطموحات الانسان العراقي في الحرية والامن والعدل والاستقرار والرخاء الاقتصادي والعيش الكريم .
وهذا القمع السلطوي يستهدف بالاساس تدجين الاعلاميين والمثقفين وشراء ضمائرهم وتزييف مواقفهم ، وتغييب دور المثقف الحر والحد من مساهمته الحضارية في عملية التطور الاجتماعي ووأد مشروعه التأصيلي التنويري النهضوي . وكذلك تكميم الافواه وتصفية الوعي السياسي والفكري المتنامي واغتيال العقول العراقية المفكرة واخراس اصوات المعارضة المنادية بالتغيير والمطالبة بالبديل الديمقراطي المأمول، والتنكيل بالفكرالتحرري وحملته والمؤمنين به، عدا عن تهيئة الاجواء وتوفير المناخ لتكريس خطابات السلطة وتوجهاتها القامعة ولاجل تعميق ثقافة التوجه الطائفي المحاصصي المنعزل ،الذي يجزئ الوطن العراقي.
اننا نريد لوسائل الاعلام في العراق والوطن العربي والعالم أجمع ممارسة عملها ونشاطها بعيداً عن كل عوامل الضغط والتهديد والتعتيم . وعليه فإننا ندين بشدة الاعمال البلطجية والافعال الدنيئة بحق الصحفيين العراقيين وضد الصحف العراقية ، التي تقوم بواجبها وتؤدي دورها ، ونرفض جملة وتفصيلاً الاعتداء الاخير ، الذي طال الصحف العراقية الاربعة ،ويندرج في اطار ثقافة العنف والقمع والهيمنة والاقصاء . ومن الأجدر دعم المثقفين والاعلامين وحمايتهم من الاعتداءات التعسفية ، فهم سؤدد شعبهم وبوصلته الحقيقية حتى يتم تصويب الاوضاع في العراق والقضاء على كل اشكال الفساد والتخلف والتجاذبات الطائفية البغيضة ، ويتحقق الحلم العراقي بالمستقبل السعيد في الوطن الحر الديمقراطي التعددي الذي يحترم الرأي الآخر .

حبيب يحتضرُ بين فواصل الكلمات/ ميمي احمد قدري

ألثمُ ثغرِ الليلِ ... لأضمها وتضمني أوراقي
أيها التائه بين شذرات هذياني
العارج من طيات أحزاني
والساكن أنات انكساري!!
تآتيني بشهقة احتضار و الوهم خلف المرايا..
ينتظر؟!
تهمسني حيرتي بين الكلمات ...بفاصلة وعدة نقاط
و في حال قراري!!
لأهبك من مخاض الشمس..
عطراً يتكيء على أنفاسي
في لحظاتِ تمتطي صهوة الخيال
تُلملم ذؤابات الرحيلِ
وتبحث على استعجال بين الزوايا
عن بعض قطرات من الذكرى
تُنثرها على سجادةِ أحلامي
وبهوى النفس تُدميني
!!...لربما... يطول قُنوتي ..
بدون بريق دمعة تُغلف آيات الصبر
بين كفَّي وجداني
أيها المُسبح بحمد الألم!!
القاطف لعناقيد السحب المُغتسلة بآنيني..
.وعن عمد تُفرطها في كؤوس جذوتها التمني
أثقلت الدموع كاهل القمر وأثقلتني!!
التحم الشتيتان وأورثنا الأرض دقات أقدامنا
من غير التخفي ...وراء الغيمِ
انتبهنا على لُجج الأرق راكضة مع أرصفة الحزن
هاربة من ضوء شمعة يُعانق ظلنا
استمرت الخُطى تُسيرنا...
لينبت بين خطوة وخطوة صبانا
وفي آخر الطريق صليب!!
يفرد ساعِديه ليكتمل بالحزنِ و وهج الأرقِ
تعالت الضحكات!
و بحثنا عن أنفسنا نشتاق الرقص!!
تراشقنا بالتهاني!!...
وكم آلمتنا النهاية!!
**
الهجين الطويل وهو من أندر تفعيلات البحر البسيط "
مستفعلن فاعلن مستفعل فاعلن"

لا ننساهم... وفي نيسان نُحيي ذكراهم/ محمود كعوش

ما من مثقف عربي أدرك ما آلت إليه أحوال النظام الرسمي العربي من عجز ووهن وانبطاح واستسلام بلغت حد التئام قادته في قمة عربية خُصصت لتصعيد الموقف ضد قطر عربي وشعبه مثلما حصل في القمة الأخيرة التي انعقدت في العاصمة القطرية الدوحة إستجابة  لمتطلبات مخططات الهيمنة الصهيونية - الأميركية المشتركة على الوطن العربي ومنطقة الشرق الأوسط بدل أن تُخصص للتوصل إلى تضامن عربي يقود إلى اتخاذ قرار التصدي العملي لغطرسة الإرهاب الصهيوني والاستكبار الأميركي المُتصلين بهذا الوطن بشكل عام وبفلسطين بشكل خاص، إلا وأبقى يده متحفزة على"زناد" قلمه تماماً كما يُبقي المقاتل العربي يده متحفزة على زناد بندقيته.
فالمثقف العربي مثله مثل المقاتل العربي يبقى في حالة استنفار دائمة كي يتمكن من الدفاع عن قضايا أمته الوطنية والقومية، لكن عن طريق الكتابة وتدوين الصفحات تلو الصفحات من السير الذاتية الأسطورية لشهداء القضية التي يفترض أن تكون قضية العرب المركزية، أولئك الشهداء الذين سقطوا ويسقطون زرافاتٍ ووحدانا نتيجة هذا الإرهاب الإجرامي الذي عادة ما يتخندق وراء ذلك الاستكبار الجهنمي، ومن ثم العمل على توثيقها وحفظها في"موسوعة الشهادة والاستشهاد"، لتسهل مهمة انتقالها من جيل عربي إلى جيل عربي آخر دون تزييف أو تزوير أو تدليس.
ولا أظن أن هناك فارقاً أو تبايناً يُذكر بين المثقف العربي من جهة والمقاتل العربي من جهة أخرى في هذا الصدد، طالما أن كلاً منهما مُعرض للشهادة والاستشهاد في كل لحظة وطالما أنه يؤدي نفس الرسالة ويتبنى نفس العقيدة الجهادية ويدافع عن نفس القضية ويقاتل من أجل ذات الهدف. ولربما أن الفارق أو التباين الحقيقي والوحيد بين الإثنين هو في نوعية السلاح الذي يحمله كل منهما والذخيرة التي يحشو بها كل منهما هذا السلاح!!
ولا أذكر أن هذا الفارق أو التباين قد شفع في يوم لمثقف عربي دون مقاتل عربي أو لمقاتل عربي دون مثقف عربي في مواجهة غطرسة الإرهاب الصهيوني والإستكبار الأميركي على مدار ستة عقود ونصف العقد!!! ولربما أن هذه الحقيقة قد تجلت بوضوح في الساحة الفلسطينية أكثر من غيرها من الساحات العربية الأخرى.
فكم من العقول والأقلام والرموز الثقافية العربية وبالأخص الفلسطينية استهدفها الإرهاب الصهيوني، مثلما استهدف المقاتلين والكوادر والقادة السياسيين والعسكريين!!  وهل من مرة واحدة ميز فيها هذا الإرهاب أو فرّق بين المسلحين والمدنيين العُزل، أو بين الأطفال الرضع والنساء والشيوخ، الأصحاء والمقعدين منهن ومنهم؟
 ألم يستهدف هذا الإرهاب السياسيين والعسكريين من شعب الجبارين في كل مكان وزمان دون ما تمييز أو تفريق؟ وألم يستهدف الحجر والشجر والحرث والزرع والنسل وباطن الأرض وأديمها والماء والهواء وكل البحر والفضاء في فلسطين؟ وألم يحول كل هذه منفردة أو مجتمعة إلى أهدافٍ عسكرية استراتيجيةٍ لجيشه وعصاباته وآلة بطشه وجبروته وفاشيته بدعوى وزعم " الضرورات والمقتضيات الأمنية" للكيان الصهيوني العنصري القائم فوق ثرى فلسطين منذ عام 1948، بمنطق القوة والإرهاب ودبلوماسية البوارج والقاذفات الصاروخية!!؟
في عصر التئام القمم العربية للتآمر على هذا القطر العربي وشعبه أو ذاك القطر العربي وشعبه، وهو العصر الذي يوغل فيه الإرهاب الرسمي الصهيوني تحت مظلة الاستكبار الأميركي في ارتكاب جرائمه البشعة والنكراء المتواصلة ضد الفلسطينيين خاصة والعرب عامة، أقبل علينا شهر نيسان هذا العام بكل ما حملته جعبته واختزنته ذاكرته من قوافل الشهداء الفلسطينيين الأبرار الذين سقطوا على مدار خمسة وستين عاماً من الاغتصاب الصهيوني لفلسطين.
 وهل بين الفلسطينيين في الوطن والشتات من نسي أو غاب عن باله ولو للحظة واحدة مسلسل المذابح والمجازر وعمليات الاغتيال التي ارتكبها جزارو وسفاحو الكيان الصهيوني بحق شعب فلسطين على المستويين الجماعي والفردي في أعوام وشهور تلك العقود وبالخصوص الشهور النيسانية!!؟
 وهل بين هؤلاء المظلومين والمضطهدين دائماً وأبداً دونما ذنب ارتكبوه غير حب الوطن والوفاء له، من نسي أو غاب عن باله ولو لبرهة أو لمحة بصر خاطفة جرائم عصابتي "شتيرن" و"الهاغاناة" وغيرهما من العصابات الصهيونية الإرهابية المنظمة وغير المنظمة قبل نكبة عام 1948 الكبرى وأثناء وبعد حدوثها وصولاً إلى عصر الانحطاط والردة هذا، وبالأخص جرائم رجال وعملاء جهاز الموساد التي ارتكبت بحق الفلسطينيين الأبرياء في شتات الداخل والخارج؟ بالتأكيد لا وألف لا.
مذابح ومجازر بربرية تجاوزت حدود الإبادات الجماعية وجرائم اغتيال جماعية وفردية لا أخلاقية ولا إنسانية كبيرة لا حصر ولا وصف لها إلا في قواميس التتار والمغول والنازيين ارتكبها الجزارون والسفاحون الصهاينة بحق الفلسطينيين خاصة والعرب عامة منذ عهد الإرهابي بن غوريون وصولاً إلى عهد الإرهابي الحالي بنيامين نتانياهو، مروراً بعهود كل من تعاقبوا على السلطة اللقيطة في تل أبيب من كبار الإرهابيين الصهاينة.
شلالات من الدماء الفلسطينية الطاهرة سفكها الإرهاب الرسمي الصهيوني الإجرامي على مدار 65 عاماً من الاحتلال القهري المستمر، ومسلسل دموي صهيوني بغطاء استكبار أميركي ما تزال حلقاته تتواصل حتى اللحظة الراهنة يتقاطع مع مسلسل دموي يشهده عدد من الأقطار العربية يتصدرهم القطرالعربي السوري على مدار عامين كاملين، ولربما أن الآتي أعظم وأدهى وأمر!!
ببلوغنا شهر نيسان الجاري الذي تجاوزنا اليوم منتصفه فإنك ترانا نعيش أيامه بكل ما تستدعيه من مستلزمات التأمل والاستنفار وما تفترضه من متطلبات الحيطة والحذر، لما لها وما عليها من مخاطر وتبعات سلبية محتملة. ونحن بدورنا نرى أنفسنا مندفعين تلقائياً ومن باب الوفاء لإنعاش ذاكرتنا باسترجاع شريط تلك المذابح والمجازر وجرائم الاغتيال التي دفع فيها الشعب الفلسطيني من دمه الذكي والغالي الكثير الكثير من أجل أرضه المباركة وقضيته المقدسة، جراء صنوف وأنواع الإرهاب الصهيوني التي مورست ضده ولم تزل تُمارس حتى أيامنا هذه.
 ونحن نعيش هذه الأيام بحلوها ومرها، نستذكر القسطل ودير ياسين وفردان وسيدي بوسعيد والسارة وغيرها الكثير، ونستذكر أرواح الشهداء الأبرار الذين سقطوا في شهور نيسانية مماثلة اصطُلح على تسميتها فلسطينياً شهور البذل والعطاء والشهادة والاستشهاد من أجل الشرف والكرامة وحرية الأرض والإنسان، لكثرة الشهداء الفلسطينيين الذين سقطوا خلالها وبالأخص على المستويات القيادية.
ونستذكر أرواح الشهداء عبد القادر الحسيني وكمال عدوان وأبو يوسف النجار وكمال ناصر وخليل الوزير "أبو جهاد" والدكتور عبد العزيز الرنتيسي والعقيد طيار محمد درويش والعقيد طيار غسان ياسين والمهندس طيار ثيودوروس جيورجي.
 نستذكر أرواح ثمانية عشر شهيداً أبت أرواحهم إلا أن تهاجر من الأرض الفلسطينية المحتلة لتعانق روح "أمير الشهداء" يوم وصلت يد الغدر الإرهابي الصهيوني إلى جسده الطاهر في العاصمة التونسية، وتُزف معها في عرس شهادةٍ ما بعدها شهادة.
 ونستذكر أرواح هؤلاء الذين قالوا للكيان الصهيوني لا وألف لا، لن تموت جذوة الانتفاضة المباركة مع اغتيال "أمير الشهداء". نستذكر أرواح الشهداء الثلاثة الذين قضوا دفاعاً عن "الأمير" والقضية، مصطفى وحبيب التونسي وأبو سليمان.
وحتى أجنب نفسي إحتمال الوقوع في النسيان وأنا لم أزل في شهر نيسان وحتى لا يؤخذ علي مأخذ "التجاهل المتعمد لا قدر الله"  ولكي لا أرزخ تحت طائلة لوم نفسي قبل لوم الآخرين لها، أرى أن من العدل والإنصاف استذكار أرواح كل الشهداء الفلسطينيين والعرب الذين وصلتهم يد الغدر الصهيونية والأميركية والبريطانية والغربية بشكل عام خلال شهور نيسان والشهور الأخرى وعلى مدار عقود الصراع العربي ـ الصهيوني الطويلة .
لكن ضرورات اختصار الحديث عن هذا الشهر اللعين تستدعي مني أن أتوقف فقط عند رموز قياديةٍ كبيرةٍ ومميزة كان شغلها الشاغل وهمها الأول الحفاظ على وحدة الصف الفلسطيني من أجل خدمة القضية المقدسة ولم تفكر يوماً بتقديم "الأنا" أو المصلحة الذاتية أو الحركية أو الفئوية على المصلحتين الوطنية والقومية، استهدفها الإرهاب الصهيوني في شهور نيسانية لعينة سابقة.
فالحديث عن القائد الشهيد عبد القادر الحسيني يعيدنا بالذاكرة إلى الوراء 65 عاماً. والحديث عن هذا القائد الكبير يعيدنا إلى تاريخ استشهاده في معركة القسطل في 8 نيسان 1948، ويعيدنا أيضاً إلى أيام بالغة الظلمة والسواد، أفرطت خلالها عصاباتا شتيرن" و "الهجاناة" الإرهابيتان في عدوانهما النازي والفاشي على المواطنين الفلسطينيين لغرض ترحيلهم والاستيلاء على أراضيهم، فارتكبتا من المذابح والمجازر الجماعية ما لا يُعد ولا يُحصى وما يندى لها جبين الإنسانية.
ومن بين تلك المجازر كانت مجزرة دير ياسين التي حدثت في 9 و10  من ذات الشهر والعام والتي اغتال الصهاينة الأنذال فيها جميع أبناء البلدة إلا من نجا منهم بأعجوبة،  في واحدةٍ من أسوأ عمليات الإبادة الجماعية .
والتوقف عند تاريخ 10 نيسان 1973 يذكرنا بذلك اليوم الأسود الذي تمكن فيه الإرهاب الصهيوني النازي بواسطة مجموعات مجرمة تابعة لجهاز "الموساد" من اغتيال ثلاثة من القادة الفلسطينيين الكبار في شارع فردان في قلب العاصمة اللبنانية بيروت هم الشهداء كمال عدوان وأبو يوسف النجار وكمال ناصر.
 لقد كان الشهيد القائد كمال عدوان واحداً من أهم وأبرز الإعلاميين إن لم يكن أبرزهم وأهمهم. وكان الحريص الدائم على أن تتعانق الكلمة الحرة مع البندقية الحرة، فرأى العالم من خلال القضية الفلسطينية، وكان القائل، وصَدَقَ قوله، "حتى تكون قومياً وحتى تكون أممياً لا بد أن تكون فلسطينياً أولاً. أتقن فن الثورة ودرب الآخرين على إتقانه وممارسته. أصدر جريدة "فتح" من قلب المعركة عندما تطلبت الضرورة ذلك.
وكان الشهيد القائد أبو يوسف النجار "السهل الممتنع" في مرونته وصلابته صاحب الشعار الثابت والدائم "الحق أولاً والمبدأ أولاً". وقد مثل أبو يوسف النجار نموذجاً لجيلٍ فلسطينيٍ كاملٍ عَبَرَ عنه بنقاء ثوري أصيل.
 أما الشهيد القائد كمال ناصر "ضمير الثورة"  الذي أحبه جميع الثوار كما أحبهم، إذ كان لحركة فتح كما كان لجميع فصائل المقاومة الفلسطينية، فقد كان أديباً وشاعراً ومفكراً، وكان إنساناً بكل معاني الإنسانية النبيلة.
حبّب القتال إلى قلوب الجماهير فأصبحت الجماهير الحاضن الأمين والحُضن الآمن والدافئ لفكر المقاومة وممارساتها. وكان حريصاً على الوحدة الوطنية الفلسطينية وعمل من أجلها بشكل دؤوب ومتواصل إلى درجة أنه سُمي ب "ضمير الثورة" لما شكله من قاسمٍ فكريٍ وسياسيٍ مشتركٍ بين جميع فصائل المقاومة، بتعدد نزعاتها الفكرية والسياسية.
أما أمير الشهداء القائد الرمز خليل الوزير"أبو جهاد"  فما من أحد عرفه إلا واحترمه وأحبه، وأنا كنت واحداً من هؤلاء وهم كُثر جداً في الأوساط الفلسطينية والعربية والإسلامية. فما أقوله أنا وغيري عن الأمير الشهيد القائد لا يُمثل إلا جزءاً يسيراً مما اتصف به من نُبل وعُرف عنه من أخلاق حميدة ومسلك مُشرف. ولا أبالغ حين أقول أنني مهما اخترت له من الصفات النبيلة والكريمة والإنسانية الشائعة والجديدة لن أوفيه بعض ما استحقه في حياته وما يستحقه في مماته، وهو أكثر بكثير.
كان "أبو جهاد"  قائداً بكل معاني الكلمة، وما أحوجنا لأمثاله وأمثال إخوانه الذين عاصروه وقضوا قبله وبعده في الأيام العصيبة والظروف الدقيقة والخطيرة التي مرت بها القضية الفلسطينية وكل قضايا الأمة الوطنية والقومية.
 لقد وصلت يد الإرهاب الصهيوني المجرم إلى جسده الطاهر في 16 نيسان 1988 فاغتالته مع ثلاثةٍ من مرافقيه بعد معركةٍ غلب عليها طابع الغدر في ضاحية سيدي بوسعيد التونسية. ويوم اغتال الكيان الصهيوني الشهيد الكبير الذي سُميت باسمه "دورة الانتفاضة" للمجلس الوطني التي انعقدت في مدينة الجزائر في تشرين الثاني 1988، اعتقد أنه بذلك الاغتيال تمكن من اغتيال الانتفاضة المباركة، لكن وفاء أبنائها للقضية وللقائد زاد الانتفاضة اشتعالاً وتوهجاً، إلى أن جاءت "أُوسلو" اللعينة فاغتالتها بالإنابة عن الكيان الصهيوني!!
أما القائد الشهيد الدكتور عبد العزيز الرنتيسي، فقد وصلت إليه يد الغدر والإجرام الحاقدة عندما قصفت الطائرات الحربية الصهيونية أميركية الصنع مساء 17 نيسان 2004 سيارته، فعانقت روحه الطاهرة أرواح جميع شهداء فلسطين الأبرار الذين سبقوه.
حدثت جريمة اغتيال الرنتيسي بعد 25 يوماً فقط من جريمة اغتيال ملهمه وقدوته المغفور له الشيخ أحمد ياسين مؤسس حركة حماس الذي سقط في حينه مع اثنين من مرافقيه هما الشهيدان أكرم نصار وأحمد الغرة. ولا شك أن مسيرة القائد الرنتيسي المميزة هي نسخة مشرفة عن مسيرة ملهمه وقدوته، وتجعلنا هي الأخرى أعجز من أن نذكر كل صفاته ومآثره الكريمة في كلمات أو سطور قليلة.
وكلا الرجلين، القائد والقدوة، حرصا على الوحدة الوطنية الفلسطينية وعملا وقضيا من أجلها ومن أجل وحدة الشعب والأرض والقضية، ولربما أنه لو كتب لهما أن يعيشا أطول لما حدث ما حدث، ولما كان ما كان، ولما وصل الحال إلى ما وصل إليه، ولما فُرض على قطاع غزة أن يدير ظهره للضفة الغربية وقلبها مدينة القدس المباركة ويتباعد عنهما.
توقفي في مقالي هذا عند ستة فقط من الرموز الفلسطينية الكبيرة في مسيرة النضال والاستشهاد وفي مسيرة الوحدة الوطنية الفلسطينية لا يقلل أبداً من شأن وقيمة أي من الشهداء الأبرار الآخرين، أكان ذلك على مستوى القيادة أو القاعدة.  فكلهم شهداء القضية النبيلة، من أصغر طفل رضيع وامرأة وشيخ مسن حتى أكبر قائد  فلسطيني، وكلهم تتمزق قلوبنا ألماً وحسرةً  على فراقهم ولا ننساهم أبداً .
لا شك أن قوافل كثيرة من الشهداء سبقت وأخرى تنتظر دورها، والعطاء يبقى مستمراً ومتواصلاً ولا تنقطع حلقاته. لكن "نيسانية" الموقف افترضت التوقف عند هؤلاء القادة للتدليل على فيض العطاء الفلسطيني وللتدليل على أنه لا يقتصر على مقاتل دون قائد، بانتظار وقفات أخرى قادمة.
إنه قدر فلسطين وشعبها أن يُلازمهما على الدوام حصادٌ دموي "نيساني" يعقبه حصاد بعد حصاد. مسلسل من الحصاد الدموي المستمر والمتواصل. فالإرهاب الصهيوني بشتى أشكاله وصوره الهمجية والمقززة مستمر ومتواصل، وشلال العطاء الفلسطيني من أجل الأرض والإنسان والقضية بشتى أشكاله وصوره النبيلة والمشرفة مستمر ومتواصل بغزارة هو الآخر.
ولنا في كل يوم وأحياناً كثيرة في كل ساعة أو دقيقة شهيد بل عشرات الشهداء، و "موسوعة الشهادة والاستشهاد" التي استوجبتها النكبة الكبرى لتخليد الدم الفلسطيني الطاهر تبقى مشرعة الأبواب ومفرودة الصفحات لاستقبال سير جديدة لكواكب من الشهداء الجدد، قادة وأفرادا، ينضمون إلى إخوان ورفاق لهم سبقوهم إلى شرف الشهادة، إلى أن تتحقق العودة ويتحقق حلم الدولة الفلسطينية المستقلة ويعترف العالم كله بالمدينة المقدسة عاصمة لها. رحم الله كل شهداء فلسطين.
ويتواصل الحديث عن الشهداء والشهادة والاستشهاد، طالما أن النضال الفلسطيني مستمر والعطاء الفلسطيني متواصل بلا انقطاع.
كوبنهاجن في نيسان 2013
محمود كعوش
كاتب وباحث فلسطيني
kawashmahmoud@yahoo.co.uk