البديع من مسلم المصروع حتى ابن المعتز المخلوع/ كريم مرزة الاسدي

التجديد قي الشعر العربي - العصر العباسي
ما بين مسلم ولطيفه البديع ، وابن المعتز، وتأليفه للبديع 
 1  - المقدمة : 
عندما اضمحلت اللغة اليمانية بما فيها من شعر ونثر ، وقامت مقامها اللغة الحجازية بأدابها بعد سيطرة قريش بفصاحتها - ولا أقول سلامة لغتها -على  ملتقى تجار العرب وساداتهم وصفوة رجالاتهم ، ولما نزل القرآن الكريم سحَرَهم إعجازه ، وعذوبة ألفاظه ، وما أن طلّ العصر الأموي حتى تعصبوا لأحزابه ، وأصبح الشعراء لسان أحواله ، وتقدم العصر العباسي بعد الفتوحات يهلهل بأعجامه من فرس وأهل هند وسند وأحباش وروم وأغريق وصقالبة ، ويغنّي بجواريه وقيناته , وتـُترجم له اللغات الأجنبية ، لسان أعرق الأقوام السابقة ،لإثرائه بالفلسفة والطب والحكمة والحكايات والعلوم والفنون ، عقبى هذا الأختلاط ، تفنن الشعراء بأساليبهم ومعانيهم وصورهم وإيحاءاتهم , وحاولوا زخرفة كلامهم  - كعصرهم المزخرف - ذاتياً دون الاعتماد على منهجية الشعوب الأخرى بادئاً ، وإنما أفكار لشتات ، وأساليب لحياة وحياة ،  أقول زخرفة العارف بعمق المعاني ، وجذور الإبداع اللغوي العربي سلامة وفصاحة ،  وممن أبدع بالمجال الأخير حتى بدايات العصر العباسي الثاني ، بشار بن برد ، وابراهيم بن هرثمة ،  وكلثوم بن عمرو العتابي ، ، ومسلم بن الوليد ، وأبي نؤاس ، وأبي العتاهية ،ودعبل الخزاعي ، و أبي تمام ، والبحتري ،وابن الرومي ، وابن المعتز .
وكما ذكرنا في الحلقة الأولى بشار الرائد الأول ، وسلـّم الراية للمسلم الصريع  ،وأبي نؤاس الخليع .
2 - مسلم الصريع بين الفاخوري والمأمون :
و هذا المسلم هو مسلم بن الوليد الأنصاري  (130 هـ - 208 هـ / 747 م - 823 م) ، ولد في الكوفة وتوفي في جرجان ، يقول عنه فاخوري في (تاريخ أدبه) :" كان كثير الأفتقار إلى المعاني ، ومع ذلك  ، صائغاً ماهراً للكلام ، وصانع ألفاظ بالغا في اللباقة ، فهو يفهم الشعر على أنه صياغة جميلة ، وصقل متق براق ،  فيبطئ في النظم ، ويتوفر على زخرفته " (87) ، لا أميل إلى ما يقول عن افتقار المعانى، يحتاج الرجل  الصريع إلى دراسة معمقة متأملة ، وإنْ  كان يكثر من الاستعارات والمحسنات البديعية حتى أصبحت السمة الظاهرة على شعره ، لذلك أعتبره المؤسس الرسمي لـ (علم البديع) ، نشرع من أواخر حياته ، بهذا الخبر الذي يرويه الأصفهاني في (أغانيه) :
 " أخبرني جعفر بن قدامة قال: قال لي محمد بن عبد الله بن مسلم: حدثني أبي، قال: اجتمع أصحاب المأمون عنده يوماً، فأفاضوا في ذكر الشعر والشعراء، فقال له بعضهم: أين أنت يا أمير المؤمنين عن مسلم بن الوليد؟ قال حيث يقول ماذا ؟  قال حيث يقول وقد رثى رجلاً :
أرادوا ليُخْفوا قبرَه عن عَدُوِّه  *** فَطِيبُ تُرابِ القبر دلّ عَلَى القَبْرِ
وحيث مدح رجلاً بالشجاعة فقال :
 يَجودُ بالنَّفْس إذْ ضَنَّ الجَواد بها *** والجُودُ بالنَّفْس أقْصَى غايةِ الجُودِ
وهجا رجلاً بقبح الوجه والأخلاق فقال : 
 قَبُحَتْ مناظِرُه فحين خَبرتُه *** حَسُنَتْ مناظرُه لِقُبْح المَخْبَرِ 
 : وتغازل فقال
 هَوىً يَجِدُّ وحَبيبٌ يَلَعَبُ  *** أَنْتَ لَقىً بينهما مُعَذَّبُ
فقال المأمون هذا أشعر من خضتم اليوم في ذكره " (88)
كما ترى لا يخلو بيت من بديعه ، من جناس ، أو تكرار ، أو طباق ، التكلف أوالتصنع اللفظي والمعنوي واضحان ، لا يحتاجان إلى نباهة ، ولكن هل أخل هذا البديع المتكلف من المعاني الرفيعة السامية  ، التي هزّت مجلس الخليفة المأمون الأديب البارع ، ولم يتمالك نفسه حتى قال : " هذا أشعر مَن خضتم اليوم في شعره " !!  
 مهما يكن من أمر ،لا نستطيع أن نفهم عصر الروّاد  البديعيين المبدعين المجددين ، إذا لم نفهم مبادئ هذا العلم ، لا من حيث ماهيته ودراسته  ، بل من نواحي كيفية تطوّره وتجدّده ، وأسس أركانه ، فلا بدّ لنا إذن من أن نمسك بأول مؤلف جاد ، ورفيع ، ومتميز بالعبقرية في منهجيته ومحتواه وأسلوبه و شواهده ، وأصالته  ، علماً وفناً ، ألا وهو كتاب ( البديع ) لابن المعتز العباسي  .
3 - الدكتور طه حسين وأصالة بديع ابن المعتز :
ونشرع بهذه الفقرة لتثبيت أصالته العربية دون التباس لاقتباس  ، أو نحل ، أو نسخ  ،أو سلخ ، أو سرقة  ، أو تناص ، أو تلاص ...!!  ،  لأنَّ الدكتور طه حسين (1889 م - 1973 م) الذي نفى الشعر الجاهلي من قبل، متأثراً بالمدرسة الفرنسية ، وشك ديكارتها ، ثم عدل عن رأيه ، عاد ليقول في مقالة باللغة الفرنسية قبل نيف وثمانين عاماً : إن كتاب (البديع ) المعتزي العربي العريق  به أثر بيّن للقسم الأول من الفصل الثالث لكتاب (خطابة) أرسطو الهيلينية  ، فيما يخصّ بحثه في العبارة (89) ، ومن سخرية الأقدار  أن ابن المعتز استشهد بأشعار شعراء العرب الذين تقدموه ، وغلبهم أبو تمام إلى ذهنه وعقله ، ولم ينسَ البحتري ودعبلاً ، ولكنه ضرب معاصره (ابن الرومي) الذي يكبره ربع قرن من الزمان  عرض الحائط ، ولم يذكره حتى ببيت واحد !  وعلى أغلب ظني المطلق ! لا لروميته ، بل لأن الأخير هجا أباه المعتز بالله ، حين عذبه الأتراك لخلع خلافته (255 هـ) ، بقوله :
دع الخلافة يا معتز من كثـب *** فلـيس يكسوك منها الله ما سلـبا
فكيف يرضاك بعد الموبقات لها**لا كيف؟ لا كيف؟إلا المين والكذبا
وكان الرومي موسوساً ، ضعيف الحيلة ليس بذي شأن في حياته ، وهذا ابن المعتز الذي توّلى الخلافة ليلة واحدة ، وخُلع بالقتل ، لم يكن يخشَ أحداً ، أو يتهيب من أن يعلن معرفته باللغة اليونانية أو غيرها ، بل  على الأكثر يعتبر ذلك مكسباً ، ويصرح به ، وإنما وضع كتابه ليقيم الحجة على أن القدماء قبل المحدثين عرفوا البديع (البلاغة في عصرنا) ، فالدافع عربي بحت ، ليس له علاقة بمناهضة الهيلينية مطلقاً ، ولعل أول من نقل كتاب  (خطابة ) أرسطو إلى العربية بشكل يعتمد عليه نوعما ، معاصره إسحاق بن حنين المتوفي بعده بسنتين أو ثلاث (298 ، 299 هـ) ،قد ظهر بعد تأليفه لـ (البديع) ، إذ انتهى منه معتزنا  (274 هـ) ، والظاهرمن أوائل مؤلفاته، وأنه ألفه قبل أن يلم بثقافة أخرى سوى الثقافة العربية  (90)  إذ لم يبلغ عمره سبعة وعشرين عاماً ، وكان الكندي( ت 253هـ) من قبل اختصر كتاب (شعر) أرسطو  ، ويمكنك مراجعة (فهرست) ابن النديم للاستفاضة   ، وقد تأثرصاحب (البديع) بـ (قواعد شعر) أستاذه  أبي العباس ثعلب (ت 291 هـ ) ، وأخذ من نثر (بيان وتبيين) الجاحظ، الذي توفي (255 هـ ) ،  وصاحبنا  لم يتجاوز ثماني سنوات من عمره  ، ونقل عن (حماسة) أبي تمام  ، وقد توفي 228 هـ ) قبل ولادته بعشرين عاماً تقريباً - نعم تأثر  معاصره   قدامة بن جعفر (ت 337 هـ / 948 م)  كثيراً في أحد فصول  نقده  بـ (خطابة) أرسطو  ، مهما يكن دحض رأي الدكتور طه عن مظاهر التأثر كل من الدكتور شوقي ضيف قائلاً : لم يبين أي دليل على هذا التأثر (91) ، ويؤكد ما ذهبنا إليه الدكتور محمد عابد الجابري موجزاً : إذا كانت الفلسفة هي معجزة اليونان فإن علوم العربية معجزة العرب (92) ، والحق معه ، القرآن الكريم قبل الترجمة والمترجمين ، والروم واليونانيين ، معجزة الأولين والآخرين "  وقد رفض د. على الجندي : أن يكون الكتـاب متأثراً بالبيان اليوناني ( لو أن الجناس كان منقولاً عن اليونان، لعثرنا على أثر هذا النقل، ولو في مثال واحد على الأقل ) ، وأكـد ذلك قول د. حمادي حمود : أن الكتاب كان على أسس عربية صريحة وصحيحة في محاولة لإرساء علم البلاغة والنقد، وبهذا كان أول كتاب يتناول الأدب تناولاً فنياً "(93) ، ومن الجدير ذكره أن الدكتور محمود الربداوي في (متخيره) ينوّه قد تناول أرسطو في (خطابته ) أربعة فنون بديعية ، وهي الآستعارة والجناس (يسميها أرسطو المشابهة ) والطباق ، ثم ردّ الإعجاز على الصدور ، أما الفن الخامس المذهب الكلامي ، أخذه عن الجاحظ، فهو فن عربي الأصل ، ويواصل الدكتور الربداوي قوله " لا ينقص ابن المعتز فضله ، ذلك لأنه لم يأخذ عن أرسطو إلا التوجيه العام ..." (94) ، هذا التوافق العابر ليس بدليل مقنع لنا على اقتباس التوجيه العام  من أرسطو أو  (خطابتة) ، إلا بشكل غير مباشر ، من حيث لا يدري  ، لأن البديع كان شائعاً في الأوساط الأدبية العربية (العراقية حصراً) قبل جيلين أو أكثر  من ولادة ابن المعتز  ، فشغل الساحة جدالاً ، واستشهاداً ، وتمثيلاً ، وتوسعاً ، وولد ثمرة لذلك هذا الدرّ المكنون  ، فالرجل كان لا يعرف من اللغة الهيلينية حتى مبادئها ، ولم يشهد ترجمة هذا الخطابة ، بدليل أنَّ الكتاب يتضمن "   313 شاهدًا من عيون الشعر العربي تبلغ حوالي 425 بيتًا أو يزيد، فوق ما اشتمل عليه من بليغ الشواهد من: الذكر الحكيم، وحديث رسول الله، وكلام الصحابة والأعراب، وبلغاء الكُتَّاب. والكِتَاب مع ذلك مطبوع بالطابع الأدبي الخالص؛ فهو  خلو  من الاصطلاحات العلمية، وتحديدات المنطقيين العميقة، وهو يكتفي في توقيفك على مدلول اللون البديعي بشرح أدبي موجز حينًا، وبما تدل عليه الشواهد حينًا آخر، وبأسلوب واضح يفيض بلاغة وسهولة ،ويمتاز بحصافة الذوق وسَعَة الاطلاع وحسن الاختيار في جميع شواهد الكتاب " (95) ، من أوحى له أن يستشهد بهذه الشواهد الرائعة بلاغة ولغة ومضموناً وصوراً ... بأسلوب أدبي ولا أبدع ، ثم من أين استدل على المحاسن الثلاثة عشر ، ونوّه بالمزيد منها ...!! وسنمرّ على ذكرها دون الخوض في أعماقها ، إلاّ بما يحتمه التجديد ، لا البديع .
 4 - لقب (البديع) ليس مستحدثاً في عصر ابن المعتز : 

لقب البديع ليس لقبًا مستحدثًا في عهد ابن المعتز - كما ذكرنا -  ولكنه اسم لهذه الألوان الساحرة في الأسلوب، ولهذا الترف البياني في الأداة، من تشبيه واستعارة وتجنيس وتطبيق وسوى ذلك، سماه به مسلم بن الوليد ، وكان يُعرف قبل ذلك بـ (اللطيف)  (96) ، ودرج على هذا اللقب من بعده من العلماء والأدباء ، هذا من حيث المصطلح البلاغي ، أمّا من الناحية اللغوية ، فأحيلك إلى (لسان) ابن منظور،  فنقتطف ما يلائم موضوعنا راوياً :
المبتدع الذي يأتي أمرا على شبه لم يكن ابتدأه إياه . وفلان بدع في هذا الأمر أي أول لم يسبقه أحد . ويقال : ما هو مني ببدع وبديع ، قال الأحوص :
فخرت فانتمت فقلت : انظريني  *** ليس جهل أتيته ببديع 
وأبدع وابتدع وتبدع : أتى ببدعة ، قال الله - تعالى : ورهبانية ابتدعوها ، و قال رؤبة :
إن كنت لله التقي الأطوعا ***  فليس وجه الحق أن تبدعا
وبدعه : نسبه إلى البدعة . واستبدعه : عده بديعا . والبديع : المحدث العجيب . والبديع : المبدع . وأبدعت الشيء : اخترعته لا على مثال . والبديع : من أسماء الله - تعالى - لإبداعه الأشياء وإحداثه إياها وهو البديع الأول قبل كل شيء (97)
والبديع من أسماء الله ، وقد ورد مرتين في القرآن الكريم  بتمام لفظه : 
 " بَدِيعُ السَّمَوَاتِ وَالأْرْضِ وَإِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ "  ( البقرة 117) ، وقوله تعالى : " بَدِيعُ السَّمَوَاتِ وَالأْرْضِ أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُنْ لَهُ صَاحِبَةٌ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ "  (الأنعام 101) .
ونستشهد لك بشاعرين آخرين  من العصر الأموي ، بما ضمنا من البديع لغة ، قال عمر بن أبى ربيعة :
فأتتها فأخبرتها بعذرى *** ثم قالت أتيت أمراً بديعاً
وقال الفرزدق :
أبت ناقتى إلا زياداً ورغبتى *** وما الجـود من أخلاقه ببديع
5 - البداية الساخرة :
تأثر بمسلم شعراء عصره كدعبل وأبي نؤاس ، ثم خفّفا  من المبالغة، والإغراق في محيطه الناشز ، وذهب أبو نؤاس حتى السخرمن صاحبه الصريع المبدع لـ ( بديعه) ، ينقل الدكتور جميل سلطان في كتابه عن (المسلم الصريع) :" اجتمع أبو نؤاس ومسلم في مجلس فتلاحيا على نبيذ، فقال مسلم لأبي نؤاس : والله ما تحسن الأوصاف ، فقال أبو نؤاس : والله ما أحسن أن أقول :
سُلـَّتْ فسُلـَّتْ ثمّ سُلّ سليلـُها *** قأتى سليل سليلها مسلولا
والله لو رجمتَ الناس في الطريق لكان أحسن من هذا " (98) ، ولو أنّ الجلسة جلسة مزاح ، والشاعرين صديقان ،ولكن الحق مع أبي نؤاس ظاهرياً  من حيث تكلف وتصنع المسلم حتى الخروج التام عن الإلهام   ،، فبيت مسلم المذكور ، قاله عن الخمر ، فجاء  متكلفاً من السلسلة حتى السماجة ، يذكرالثعالبي في (خاصه الخاص) ، والواحدي يروي في ( شرحه لديوان المتنبي ) بعد الغربلة ما يلي :
سمعت الشيخ أبا منصور الثعالبي رحمه الله يقول: قال لي أبو نصر بن المرزبان: ثلاثة من رؤساء الشعراء شلشل أحدهم ،وسلسلَ الثاني ،وقلقلَ الثالث ،أما الذي شلشل فالأعشى وهو من رؤساء شعراء الجاهلية قال :
وقد غدوت إلى الحانوت يتبُعني  *** شاوٍ مشلٌّ شلول شلشلٌ شولُ
وأما الذي سلسل فمسلم بن الوليد وهو من رؤساء المحدثين وهو الذي قال :
سلَّت وسلت ثم سلَّ سليلُها *** فأتى سليلُ سليلها مسلولا
وأما الذي قلقل فهو المتنبي وهو من رؤساء العصريين وهو الذي يقول :
فقلقلتُ بالهمّ الَّذي قلقلَ الحشا *** قلاقلَ عيسٍ كلُّهـنّ قلاقـلُ
فبلبلْ أنت أيضا ، فقلت بعد حينٍ من الدهر :
وإذا البلابل أفصحت بلغاتها*** فانفِ البلابلَ باحتساءِ بلابل (99)
هذا تلاعب بالألفاظ ، يحسّ فيها القارئ  ضحكاً على العقول والذقون ، يستصغرها ، ويعتبرها هفوات نادرة  من الشعراء ، ويمشي قارئاً ، وقائلاً : إنـّا له وإنـّا إليه راجعون ! ولكن من وجهة نظري ، يمكن أن نجد العذر لمسلم من جهتين ، الأولى السلسلة أخف ثقلاً على الآذان من الشلشلة والقلقلة  ، وأسلس منهما ، دعنا عن البلبلة جاءت تماشياً ، لربطها بما سبق ، والثانية قد يكون مسلم  ذهب إلى السلسلة ليضع حجر الأساس للبديع الإيقاعي   ، ولم يفصح به لأبي النؤاس ليتسنم حلبة السبق ، ويُعرف عن المسلم الصريع الهدوء ، وقلة البوح ، والكلام سيأتي عن البديع الإيقاعي .
6 - الجواهري والصريع والله أعلم ! :
وكلامنا عن ابن وليدنا المذكور - والحق يقال - لديه ثروة لغويه ، يحسده عليها الكبار ، فلا تجد في شعره كلمة نابية ، ولا نافرة من أختها المرافقة لها حتى في قوافيه الجارية كالماء الزلال ، ولم يزلزلها المجرى الضنك في وعر الجبال !! ،
ونستطرد معك ، ولك أن تحسبه ما تشاء ، إشارة إلى جديد ، أو دفع الملل الرتيب ، أو إبراز لذات الكاتب العنيد !!  تعجبني أبيات هذا المسلم الصريع في جارية كانت على رأس الفضل بن جعفر البرمكي حين ناغاها مغازلة من البسيط النوني :
إن كنت تسقين غير الراح فاسقيني *** كأساً ألذ ّ بها من فيك تشفيني
وعلى ما يخيل لي ، عندما شرع الجواهري بنظم قصيدته بحق حبيبته (دجلة الخير) في براغ ، شعّ في ذهنه خيال بغداد العباسية ، فناجى دجلته على غرار الصريع ، فأنَّ ونوّن حادياً :
حيّيتُ سفحك عن بعدٍ فحيّني *** يا دجلة الخير يا أمَّ البساتين
  لذلك دعوت مقدماً بضرورة دراسة شعره بتأمل وتعمق ، على كلّ حال ، البحتري وابن المعتز من بعد (المسلم) بجيل وجيلين سارا على نهجه إلى حد ما ،  ثم عدل الأول عنه إلى طبع جبلته الشاعرية الأصيلة ، أما الثاني فمال إلى ما يوافق عصره وبيئه الأجتماعية والأدبية في زخرفته اللفظية ، وتحدثنا عنه بإسهاب بالنسبة لمتطلبات بحثنا  ، بقى لدينا معاصره الصغير عمراً ، والكبير شاعرية وشأناً ، أبو تمام - ستأتي حلقة الكلام عن تجديده ، وتجديد أبي نؤاس - ، فلما انتشر فن البديع في ذلك العصر ، واشتدّ الصراع بين خصومه وأنصاره ، بالغ الطائي أبو تمام في أمر هذا البديع وروّاده ، فينقل لنا أبو بكر الصولي في (أخباره) : " أن أحمد بن طاهر دخل على ابي تمام وهو يعمل شعرا وبين يديه شعرا لابي نواس ومسلم بن الوليد، فقال ماهذا ؟ قال : الـلات والعزى وأنا أعبدهم من دون الله مذ ثلاثون سنة " (100)
هذا التعلق التمامي - والعياذ بالله - بالبديع المتنامي في عصره المترامي دافع عنه الصولي دفاع المتيم الولهان .
 7 - مسلم بين النقد البناء والموهبة والذكاء :
البديع ليس بجناسه وطباقه وتوريته ومقابلته ، يطوّعه الشاعر كيفما شاء للتماهي ، والتلاعب بالألفاظ لإبراز الذات ، ومقدرته اللغوية ، ولا كما قال الجواهري " وخلّها حرّة تأتي بما تلدُ "  تماماً ، بمعنى الشعر بمعانيه وصوره  وتشكيله  ، للذات الشاعرة الملهمة النصيب الأكبر ، وللعقل الذكي النبه إتمام الآخر ، دون تعرج ملفت ، ولا نشاز مُفتـِّت ، لنرى ما ذهب إليه النقاد قديماً  ، يقول قدامة بن جعفر  عنه : " وأكثر الشعراء المصيبين من القدماء والمحدثين قد غزوا هذا المغزى ورموا هذا المرمى، وإنما يحسن إذا اتفق له في البيت موضع يليق به، فإنه ليس في كل موضع يحسن، ولا على كل حال يصلح، ولا هو أيضاً إذا تواتر واتصل في الأبيات كلها بمحمود، فإن ذلك إذا كان، دل على تعمل وأبان عن تكلف  ..." (101) ، والآمدي في (موازنته) بين الطائيين  - أبي تمام وتلميذه البحتري - فصل الأمر ، بادئاً بمسلم ، وأطال مع أبي تمام  راوياً : ...أن أول من أفسد الشعر مسلم بن الوليد، وأن أبا تمام تبعه فسلك في البديع مذهبه فتحير فيه،كأنهم يريدون إسرافه في طلب الطباق والتجنيس والاستعارات، وإسرافه في التماس هذه الأبواب وتوشيح شعره بها، حتى صار كثيرٌ مما أتى به من المعاني لا يعرف ولا يعلم غرضه فيها إلا مع الكد والفكر وطول التأمل، ومنه ما لا يعرف معناه إلا بالظن والحدس، ولو كان أخذ عفو هذه الأشياء ولم يوغل فيها، ولم يجاذب الألفاظ والمعاني مجاذبة ويقتسرها مكارهة، وتناول ما يسمح به خاطره وهو بجمامه غير متعب ولا مكدود.... لظننته كان يتقدم عند أهل العلم بالشعر أكثر الشعراء المتأخرين، وكان قليله حينئذٍ يقوم مقام كثير غيره؛ لما فيه من لطيف المعاني ومستغرب الألفاظ..." (102) .
والحقيقة مسلم لم يترك الحبل يجري على غواربه ، ولا الكلام يطلق على عواهنه في (لطيفه) الذي أوسمه بـ (البديع) ، بل عند لحظات الإبداع الشعري ، يجعل عقله يتحكم بدقة متناهية مع مسيرة شعره الإلهامية ، وتساعده في ذلك حافظته اللغوية الثرّة والماهرة ، تأثر ببلاغة القرآن الكريم ، وألطف في قوله ، لكي ينزل برداً وسلاماً على مسامع المتلهفين ،وتأثر به أبو تمام  الطائي، لذلك يذهب أبن قتيبة الدنيوري  في (شعره وشعرائه) بقوله :
   " وكان يلقب " صريع الغواني " لقوله في قصيدةٍ له :
هَلِ العَيْشُ إِلاَّ أَنْ تَرُوحَ مَعَ الصِّبَا *** وتَغْدُو صَرِيعَ الكأْسِ والأَعْيُنِ النُّجْلِ
وهو أول من ألطف في المعاني ورقق في القول، وعليه يعول الطائيُّ في ذلك وعلى أبي نواس " (103) ، ولا نميل مع الآمدي أنه أول مَن أفسد الشعر ، فهو يعتبر التجديد إفساداً ، ولم يتعمق بشعره ، منشغلاً بالطائيين ، بينما يعدّه ابن رشيق القيرواني في (عمدته) ( زهير المولدين) ، ويدلي بمقارنة مختصرة مكثفة بين شعراء العصر الذي قصدناه بقوله " واستطرفوا ما جاء من الصنعة نحو البيت والبيتين في القصيدة بين القصائد، يستدل بذلك على جودة شعر الرجل، وصدق حسه، وصفاء خاطره؛ فأما إذا كثر ذلك فهو عيب يشهد بخلاف الطبع، وإيثار الكلفة، وليس يتجه البتة أن يتأتى من الشاعر قصيدة كلها أو أكثرها متصنع من غير قصد؛ كالذي يأتي من أشعار حبيب والبحتري وغيرهما. وقد كانا يطلبان الصنعة ويولعان بها: فأما حبيب فيذهب إلى حزونة اللفظ، وما يملأ الأسماع منه، مع التصنيع المحكم طوعاً وكرهاً، يأتي للأشياء من بعد، ويطلبها بكلفة، ويأخذها بقوة. وأما البحتري فكان أملح صنعة، وأحسن مذهباً في الكلام، يسلك منه دماثة وسهولة مع إحكام الصنعة وقرب المأخذ، لا يظهر عليه كلفة ولا مشقة. وما أعلم شاعراً أكمل ولا أعجب تصنيعاً من عبد الله بن المعتز؛ فإن صنعته خفية لطيفة لا تكاد تظهر في بعض المواضع إلا للبصير بدقائق الشعر، وهو عندي ألطف أصحابه شعراً، وأكثرهم بديعاً وافتتاناً، وأقربهم قوافي وأوزاناً، ولا أرى وراءه غاية لطالبها في هذا الباب، غير أنا لا نجد المبتدئ في طلب التصنيع ومزاولة الكلام أكثر انتفاعاً منه بمطالعة شعر حبيب وشعر مسلم بن الوليد؛ لما فيهما من الفضيلة لمبتغيها، ولأنهما طرقا إلى الصنعة ومعرفتها طريقاً سابلة، وأكثرا منها في أشعارهما تكثيراً سهلها عند الناس، وجسرهم عليها. على أن مسلماً أسهل شعراً من حبيب، وأقل تكلفاً، وهو أول من تكلف البديع من المولدين، وأخذ نفسه بالصنعة، وأكثر منها. ولم يكن في الأشعار المحدثة قبل مسلم صريع الغواني إلا النبذ اليسيرة، وهو زهير المولدين: كان يبطئ في صنعته ويجيدها " (104) .
هذه الخلاصة تستطيع أن تقنعنا بمضمونها ، ودقة تتبعها ،  فالرجل سلك منهج المحسنات البديعية على المستويين الإيقاعي واللغوي المجازي ، ومن هذا المجاز الاستعارة التي كانت تحسب على البديع لا البيان الذي ضمها من بعد .
8 - ملامح عابرة من بديعه :
وعلينا بالمسلم ، فمن بديعه القديم ،الاستطراد - والآن هوأيضاً من أنواع علم البديع ،الذي هو فرع من علم البلاغة المتضمن علوم البيان والمعاني والبديع، والأستطراد : هو خروج المرسل أو المتكلم عن الموضوع الذي هو فيه إلى غرض آخر لسبب ما ، ثم يرجع لإتمام الكلام الأول ، قال العسكريّ : " وهو أن يأخذ المتكلّم في معنى، فبينا يمرُّ فيه يأخذ في معنى آخر، وقد جعل الأوّل سببًا إليه." (105)، وقال القزويني : " وهو الانتقال من معنى إلى آخر متّصل به، لم يقصد بذكر الأوّل التوصلُ إلى ذكر الثاني ...وقد يكون الثاني هو المقصود، فيذكر الأوّل قبله ليتوصّل إليه " (106) ، وإليك استطراد مسلم بن الوليد ، وخروجه من الغزل إلى مدح يحيى بن جعفر :
أَجِدَّكِ ما تدرين أن ربّ ليلةٍ ***  كأنّ دجاها من قرونك تُنْشرُ
لهوت بها حتّى تجلّت بغُرَّة *** كغُرّة يحيى حيــــن يُذكر جعفرُ
ولا ريب أنّ الاستطراد كان معروفاً منذ العصر الجاهلي ، فورد في شعر السموأل وزهير ، وفي صدر الإسلام جاء على لسان كعب , وغيرهم من الشعراء ، ولكن الصريع أكثر منه وقصده بمهارة فنية ، ملفته في حسن التخلص من غرض إلى آخر ، بمعنى نقل الاستطراد من العفوية الجزلة إلى الصنعة السلسة  ، وإليك :
إذا شئتما أن تسقياني مدامةً *****  فلا تقتلاها، كــــل ميتٍ محرمُ
خلطنا دماً من كرمةٍ بدمائنا ***** فأثر فــــي الألوان منا الدم الدمُ
ويقظى ثنيت النوم فيها بسكرةٍ ** لصهباء صرعاها من السكر نُوّمُ
فمن لامني في اللهو أو لام في الندى**أبا حسنٍ زيد الندى فهو ألومُ
دقق في البيت الأول كيف استعار القتل للمزاج ، والدم للكرمة، وأردفه بالدم الحقيقي ، فتولد الجناس التام ، ولا يفوت القارئ الكريم الجناس في البيت الثالث ، حتى ختم البيت الرابع بالاستطراد ، والانتقال من وصف الخمرة إلى المدح ، وإن كان لا تُخفى عليك خافية ، تستطيع من مفردات صدر البيت الأخير أن تكرر مع الشاعر قافيته ( ألومُ)  ، وهذا هو (الإرصاد) الذي سماه علي بن هارون المنجم (تسهيمًا) ، وسماه ابن وكيع (المطمع ) .
 ما كانت هذه الصنعة اللفظية ، والبديعية ، وإن شئت البلاغية في العصور التي سبقت المسلم الصريع ، ونستأنس برأي ابن وكيع التنيسي في (سارقة ومسروقه) حول أبيات المسلم ، إذ  يستحسن تحليل مسلم على ما جاء به المتنبي بعده بقوله : وقال المتنبي :
كل شيء من الدماء حرام *** شربه ما خلا دم العنقود
تحريم هذا الدم بمنزلة قوله :
يترشفن من فمي رشفات  *** هن فيه أحلى من التوحيد
كله يدخل في قلة الورع واستعارة الدم للعنقود قد سبقه إليه مسلم في قوله :
خلطنا دما من كرمة بدمائنا *** فأظهر في الألوان منا الدم الدم
إذا شئتما أن تسقياني مدامة  ****  فلا تقتلاها كـــل ميت محرم
فملح في الجمع بين دم الاستعارة ودم الحقيقة واستعار في البيت الثاني للمزاج لفظا مليحا في القتل وجاء بتحليل أحسن من تحليل المتنبي فصار أولى بما سبق إليه لرجحانه. وأول من سمى المزاج قتلا للراح حسان بن ثابت فقال :
إن التي ناولتني فرددتها  *** قتلت قتلت فهاتها لم تقتل (107)
ومما أعجب النقاد القدماء دقة تعبير البيتين التاليين في تضمين المعنى الرائع ، المتعارف عليه في عصره :
وإني وإسماعيل بعد فراقهٍ *****لكالغمدِ يوم الروع زايلهُ النصلُ
فإن أغْشَ قوماً بعدهُ أو ازرهمُ**فكالوحشِ يدنيها من الأنسِ المحلُ
ولشدة إعجاب ابن المعتز  بهما  ، قال في (طبقات شعرائه) : " معنى لا يتفق للشاعر مثله في ألف سنة " (108)
وبعد أنْ جاء بشار بالبحور القصيرة الراقصة ، وجد مسلم فيها فسحة للولوج إلى إبدعات مشابهة لها ، أو مدخلاً لتوليد تقسيمات مسجعة راقصة من البحور الطويلة ، معتمداً على محسنات بديعية كالترصيع :
كأنه قمرٌ أو ضيغمٌ عصر*** أو حيّةٌ ذكر أو عارضٌ هطلُ
وقد أخذ المتنبي هذا المعنى ، والأسلوب ، فقال :
يا بدر يا بحر يا غمامة يا *** ليث الثرى يا حمام يا رجل (109)
وقال مسلم مرصعاً :
يورى بزندكَ أو يسعى بجدكَ ***  أويفرى بحدك.. كل غير محدودِ
وسار أبو   تمام على هذا النهج من التصنيع البديعي ، وأجاد قائلاً :
تجلى به رشدي، وأثرت به يدي، *** وفاض به ثمدي، وأروى به زندي
وقال أيضاً وأحسن ما شاء - على حد تعبير ابن رشيق - :
تدبير معتصم، بالله منتقم، *** لله مرتقب، في الله مرتغب (110)
فذلكة الأقوال : مسلم بن الوليد جدّد المحسنات البديعية مجازاً وإيقاعاً يدقة متناهية ، لا يجعلك تشعر بصناعته للطفه ، ونباهته ، وكان أكثر سعياً وجدّاً من أستاذه بشار ، وأطلق البديع على اللطيف ، وسلم الراية لأبي تمام الذي كان تلميذاً نجيباً ماهراً، نسدل الستار على مسلم ، ويكفي هذا المغنم ، والسلام .

وداعا ابو علي شاهين/ سري القدوة

عندما ينتصر ابو علي شاهين علي الموت بعبقرية المكان .. وعندما ينتقل الي مستشفي الشفاء ويصر علي العودة الي غزة وهو في لحظاته الاخيرة ليرحل ويتركنا وهمنا الوطني فهو يؤكد لنا جميعا ابناء هذا الوطن وأبناء حركة فتح أن الوطن والموت فوق تراب الوطن اغلي ما نملك وما يتمناه الفلسطيني ولأننا نعرف ابو علي شاهين التاريخ الفلسطيني ومدرسة الفتح وكل من يعرف ابو علي شاهين وتابع تفاصيل رحلته مع مرضه حتى لحظة رحيله يقف عاجزا عن وصف علاقة الروح بالمكان حيث كان لرحيل ابو علي في غزة معاني كبيرة اراد الشهيد الحي ابو علي شاهين أن يتركها للأجيال وان يوصل رسالة مهمة لأبناء حركة فتح وشعبنا الفلسطيني وهي أن غزة هي بوابة الانتصار وان غزة هي بوابة الوحدة الوطنية .. وان غزة هي بوابة الحلم الفلسطيني .. وان وطننا فلسطين اغلي ما نملك خلقنا من ترابه وشربنا من ماءه وعلي هذه الارض ما يستحق الحياة  .
اننا نقف اليوم امام حالة وطنية ومكانة عالية في الفكر والإبداع والثورة والتاريخ فمن ملامح الهجرة من ( بشيت ) تشكلت معاناة ابو علي ومن بساطير جنود الاحتلال وقمعهم وبطشهم عاش ابو علي حالما في يوم العودة الي ( بشيت ) ومن جبال دورا في الخليل كتب ابو علي لحظات ميلاد المكان وفجر ثورة الجبال وكانت بندقية ابو علي هي بندقية الثائر المجبولة بدماء الشعب الثائر ومن سجون الاحتلال كتب ابو علي صياغة ادبيات الفتح ومن بين اوجاع مخيمات الشتات شكل ابو علي مدرسة الشبيبة الفتحاوية لتمتد في كل بيت ولتكون اقصر الطرق لاجتثاث الاحتلال .. ومن ملامح الانتصار لشعبنا قاد ابو علي مسيرة العمل والبناء في غزة ..
ابو علي شاهين كان قائد اول مسيرة خرجت ضد الانقسام في غزة وأول متظاهر ضد المليشيات السوداء في غزة فشارع عمر المختار يشهد علي ذلك وان مواقف ابو علي شاهين الكبيرة كانت بمثابة النبراس الذي يسترشد منه الاجيال لمواصلة مسيرة الكفاح الوطني الكبير من اجل نيل الحرية والاستقلال لشعبنا وإقامة دولتنا الفلسطينية المستقلة والقدس عاصمتها .
ابو علي شاهين رجل المواقف الوطنية الاول .. ورجل الكفاح ورجل التنظيم والخلية الاولي لحركة فتح .. ورجل جبال دورا ويطا والخليل .. رجل الدوريات والانطلاقة وعيلبون .. ورجل العمل والفعل والاستمرار.. رجل الزنازين والابعاد ورجل الدهينية ورجل رفح ومخماتها وابن بشيت .. يرحل اليوم في غزة البطولة والإصرار والقيادة والطلقة وحكاية فتح التي امتدت عبر الاجيال دروسا في النضال والمقاومة وحكاية لشعبنا الاصيل الذي عمد نضاله بالتضحيات والإبعاد والنفي عن ارض الوطن ووقف ابو علي متحديا للجلاد بإصرار شعب فلسطين مؤمنا بان فلسطين هي ملك للشعب الفلسطيني وان الاحتلال الي زوال ولا يمكن أن يستمر ..
ابو علي شاهين رجل حركات التحرر العربية والعالمية وصاحب مقولة أن ( فتح وجهها فلسطيني وعمقها عربي وبعدها انساني ) متنقلا في فلسفته الخاصة شارحا تاريخ الثورة وعلاقتها بتجربة الواقع الفلسطيني والعمق العربي والبعد العالمي حيث شكل فهم ابو علي لإدارة الصراع مدرسة الفتح التي امتدت لعشرات السنين في سجون الاحتلال فكرا ومدرسة ثورية ونضالية خرجت ألاف من القادة الشهداء وكتبت تاريخ السجون والنضال بحروف من نور وإبداع وطني خلاق علي طريق الكفاح والثورة والانتصار التاريخي وإرادة شعب لا تقهر ولا تلين ..
أن شعبنا الفلسطيني وهو يودع رمز الثورة الفلسطينية وابن حركة فتح احد قادتها الاوائل ورموزها الذي نفخر بهم ليؤكد أن رحيل ابو علي هي مبايعة لهذا الرمز الذي رفض الانقسام ونادي للوحدة وعمل من اجل فلسطين التاريخ المشرف لشعبنا ..
أن حركة فتح وفلسطين خسرت برحيل ابو علي  مناضلا وطنيا ومفكرا ومنارة شامخة رسمت طريقها بالنضال عبر مسيرة مشرفة من الكفاح المسلح والاعتقال والابعاد والعودة للمشاركة في بناء مؤسسات الدولة الفلسطينية العتيدة.
إن  عظمة ابو علي شاهين أنه كان في حياته تعبيرا عن آمال الشعب الفلسطيني  كلها وطموحاته كان جسر العبور لشعبنا نحو النضال لنيل حقوقه، تحمل مسؤوليات خطيرة وواجه تحديات هائلة، خاض معارك كثيرة وعاش مقاتلا ومناضلا في سبيل حرية الشعب والأوطان، وكان محاربا ضد الاحتلال والظلم والاستبداد .. ومناضلا صلبا وعنيدا مطالبا بالحق الفلسطيني رافضا اغتصاب فلسطين وسرقتها وحلم بالعودة الي قريته بشيت ولكن الاحتلال الغاصب رفض الساماح له بالعودة واليوم روحه تحلق من جنوب رفح الي سماء بشيت حيث عبقرية اللحظة تكمن في روعة زمان الرحيل ومكانه .
انه رحيل ابو علي شاهين .. رجيل التاريخ المشرف لشعبنا .. رحيل وقف شعبنا وخرجت غزة عن بكرة ابيها في جنازة الوداع لتنتفض من جديد ولتؤكد لابو علي وتبايعه علي الاستمرار في معركة الكفاح والحرية من اجل فلسطين الدولة المستقلة واحدة موحدة قوية علي الانكسار ..
رئيس تحرير جريدة الصباح – فلسطين
http://www.alsbah.net
infoalsbah@gmail.com
سري القدوة

تراتيل... وبؤس/ عبد العالي غالي

في نهاية الأسبوع الفارط، كنت أمشي الهوينا عبر المسالك الملتوية للغابة الموحشة، أتنسم أريج الجريد وأهش بوحدتي على صخب كثيرا ما رافقني منذ إطلالة هذا الربيع العربي الممجوج... جلست إلى ساقية علي أجد عندها ما به أروي عطشا أحس أنه لازمني لأيام طوال، طول الحنق في ذواتنا التي ملت الأنين. وبينما كنت أراني على صفحة الماء أغوص في غيبوبة مستملحة، إذا بنغمات موسيقى غربية تتسلل إلى سمعي من وراء النخيل... كدت أطرب لها لولا أن تبعتها خطوات شاب بلحية كثيفة كثافة التاريخ الإسلامي، يداعب هاتفه المحمول من النوع الحديث، بأصابع يده الخشنة، علامة الكد في طلب الرزق الحلال، بعرق الجبين، وخدش الأرض بالأظافر علها تجود بحبات قمح وقليل خضروات لأفواه مافتئت مفتوحة تنتظر من يطعمها على بساط هذه البلاد المنزوية التي يتعايش أهلها مع الفقر من المهد إلى اللحد.
بعد التحية الكاملة والرد المقتضب، جلس الشاب القرفصاء على جانب الساقية، والنغمات الغربية تملأ المكان نشوة، بعد أن وضع هاتفه بتوءدة في مكان آمن عن مجرى الماء. رفعت عيناي أتلصص مسلكا إلى أذن الشاب الوقور من أين لها هذه اللياقة السمعية، وكيف لها أن تتقبل كل هذا الفن بينما تحيته ولحيته توحيان بأنه ممن لا يهوون المعازف... غير أني سرعان ما تداركت نفسي، وأطفأت كثيرا من المحركات بداخلي، حفاظا على طاقة الاختلاف التي مازلت من اشد المنادين بالمحافظة عليها.
توقف صوت الطرب فاسحا مجال الأثير للمذيع يتلو نشرة الأخبار... آنذاك عرفت أن الشاب إنما كان يستمع إلى "راديو سوا" (...) وأنني قبل الظن كنت آثما لا بعده... جولة سريعة في أخبار طواف المسؤولين الأمريكين على كثير عواصم نفط، وحج كثير أمراء نفط للطواف حول البيت الأبيض... تبعه حديث عن عدد القتلى والجرحى في كل من مالي ونيجيريا واليمن والصومال والسودان والعراق وليبيا وتونس ومصر ولبنان وصولا إلى بروما واندونيسيا عبر باكستان وأفغانستان... حتى تمنيت لو أنه اختصر نشرته بأن يعلن أن الموت أصبح يتنقل عبر قطار فائق السرعة على خط طنجة جاكارتا وكفى(...) ثم انتقل المذيع بلطافة أظنها مصحوبة بابتسامة عريضة لحديث خاص عن "الثورة السورية" خاتما خطبته الموغلة في الدماء والجثث والصديد بالحديث عن أن "كتائب الأسد مدعومة بالحرس الثوري الإيراني ومقاتلي حزب الله" (...) قد بدأت هجوما على مدينة القصير وأن "الجيش الحر" قد تصدى للهجوم بنجاح وأوقع المئات من المهاجمين بين قتيل وجريح (...) هنا أطلق الشاب الورع صوتا يدل على التهكم والازدراء وأضاف دون أن يوجه الخطاب لي ما معناه "هزمنا الشيوعيين من قبل وكنا قليلي خبرة... أو يظنون أننا قد نحتار في مواجهة الشيعة الروافض؟(...)". في هذه اللحظة كان مناد ينادي عليه أن هيا بنا نلحق صلاة المغرب في الجامع الكبير، فوقف الشاب مهرولا... وأظنه نسي أن يحييني تحية الوداع...
استعصى علي أن أكون طيعا لسماع كل هذا الدمار الذي أبى أن يشد الرحال لغير أوطاننا... وبقيت متسمرا في مكاني أداعب الماء تارة وأشرب أخرى... وأنا أتأمل مدى ما بلغناه من سوء أحوال وجودية جعلت كل المحافل ضدنا، حتى أننا ما عدنا نعاف القماقم والحفر... فوحدنا تألق فينا الغياب وصنع منا أهراما من العبث ودوائر من العدم. ومعه أصبحت مدرجات ملاعبنا تهتز إذ نسجل الأهداف في شباكنا، مادامت الشباك الأخرى تملك حراسا من فرط راحتهم تحولوا إلى مدربين لنا (...) وهنا تذكرت بيت شاعر ما عادت الذاكرة تسعف في ذكر اسمه، إذ يقول:
إذا انصبَّ ماء اليأس في مقلة الرجا *** فليس لها عند اللبيب سوى القدَح
أخرجني من هذا الخلط، قهقهات شابة اختارت أن ترتدي ملابسا تكشف عورة العين لا عورتها(...) وأظنها تعمدت أن ترفع صوتها، وضحكاتها المصحوبة بسباب أنيق للشاب بجانبها، بعدما علمت بوجودي في المكان، إيذانا بأنها تتصرف بعفوية من لا يهوى أوكار الخفافيش (...) وقف الشابان وحيياني باقتضاب ونزل الشاب يملأ قنينة ماء يشرب منها ثم يناولها الشابة التي شربت وقد بدا أن حواسها قد هدأت بعد تيقظ سبق التعرف على الغريب بجانب الساقية الذي هو أنا... ثم انسحب الشابان في هدوء تاركين لي فرصة العودة إلى الهدوء الذي أظنه يأبى أن يصاحبني بديلا عن صخب الأزمنة الرديئة... فقررت أن ألملم أشلاء ذاكرتي بعد هذه الرحلة الدالة بنوع الطالعين (...) والمجحفة حد التشاؤم بموسيقاها الغربية التي سبقت وتلت حتما وصلة الاكتئاب التي أظنها أصبحت سرمدية دون أن يتجرأ طبيب نزيه ليعلن أن الكيانات المسماة دولا عندنا قد تحولت إلى مصحات نفسية من الدرجة العاشرة، ومعها تحولت الأوطان إلى أوثان لا تصلح حتى للعبادة (...)
نعم إن علة الحياة قلة الأحياء رغم كثرة عددهم، ذلك أن الأحياء بيننا هم من يستطيعون أن يعطوا للروح شراب المعنى، وهم قليلون بقلة من يشهرون أحلاما لا نملك جسارة التفكير فيها...
يبقى فقط أن أختم بالإشارة إلى أن السيطرة تكون أسهل كلما كان المسيطر عليه غير واع... وتلك حال خط طنجة جاكارتا للأسف.

المغرب

ماذا بعد/ ايمان حجازى


بعد 30 - 6 - 2013 لن يكون إلا العودة الى المربع صفر - بعد التنحى مباشرة !!!!!! هذا بالطبع بعد إعلاء كلمة الشعب فى سحب الثقة من الدكتور مرسى كرئيس للجمهورية
وكما أرى -  أرجو - ألا يتعجل أحد بالترشح للرئاسة لأنه فى ظل هذه الإجواء - فاشل أو مفشل - لا محالة !!!!!
ولذلك من وجهة نظرى إتباع أحد 3 حلول أو طرق للخروج من عنق الزجاجة والعبور من هذه المرحلة الحرجة وهى إما
تشكيل مجلس رئاسى
تشكيل حكومة إئتلافية
تشكيل حكومة تكنوقراط
يجب أن تتفق - مايسمى بالنخبة - مع رؤوس الجيش مع الحكومة مع الإخوان والسلفيين ,,, على أن يمثل الشعب تمثيلا حقيقيا وتاما من كل من هؤلاء الفئات الممثلة للشعب
ويوضع خطة لإدارة البلاد والكل يلتزم بما يخول إليه
أن تعلى مصلحة البلاد ومصلحة الشعب على كل فصيل وعلى كل مصلحة أخرى
أن تكون إرادة الشعب هى المعبر والمسير وهى المنار التى يسير فى ركابه الجميع
وإن لم يأتى 30 - 6 - 2013 ونكون قد رتبنا أوراقنا جيدا كبلد وكشعب بعد ثورة فلن تقم لنا قائمة بعد ذلك أبدا !!!!!!
إن ظللنا حتى 30 -6 - 2013 نتكلم ونتكلم ونشجب ونرفض ونعلى الصوت ونترك الغير - الإخوان تحديدا - يرتبون أوراقهم - كما إعتادو - ويحشدون لأنفسهم المناصرين فى كل مكان فى البلد بداية من الرئاسة الى مجلس الشورى الى جميع الوحدات الحكومية والمؤثرة بما فيه من الخطورة التى لا تخفى على أحد وذلك لمحاولاتهم التحكم فى مفاصل الدولة بل وإحتلالها وسجنها داخل دهاليزهم فسوف تكون عاقبة هذا وخيمة ولن نستطيع مجابهتها !!!!!!
ليتنا نفكر بجدية ونستمع الى كل مفكر لديه من الحنكة العلمية والسياسية والقانونية والإجتماعية والإقتصادية - وهم كثر والحمد لله - حتى نرسم خطة مستقبلية شاملة تعى الحاضر وتخدم المستقبل ويراعى فيها قبول التعديلات الدورية أثناء التنفيذ والمتابعة حتى نصل بسفينة هذا الوطن الى بر أمان .
حتى نصل الى حياة آمنة بهذا الشعب الطيب الصبور على كل مصاعب وكوارث مرت به على مر العصور والحقبات التاريخية
يا كل النخبة السياسية الذين عرفناكم قبل وبعد الثورة
يا كل الفصائل الأخرى التى تشغل حيز من شرائح الشعب المصرى
يا كل من تطمعون فى حكم هذا البلد
يا كل من لكم رغبة فى السيطرة على هذا الشعب
إتقو الله
فمصر لن تحكم بالإكراه
والشعب المصرى لن يعود مرة أخرى الى الساقية , ولن يستطيع أحد أن يغمى عيونه مرة أخرى وأن يديره ليل نهار بلا هدف ولا رؤية
لمثل هذا فليعمل العاملون .......................
ألا هل بلغت اللهم فإشهد

وما هو ضرر الحروب/ أسعد البصري

وماذا تفعل لنا الحروب ؟ لا شيء . منذ فجر السومريين والآشوريين ، منذ هجرات القبائل العربية التائهة من الصحراء اليابسة إلى أرض السواد ، ومنذ هجرات الفرس والهنود والأرمن إلى بلادنا ، خلال خمسة آلاف سنة من الدموع ، والحقول المليئة بالقمح والرز والنخيل ، منذ الدعاء الصادق في المعابد والكنائس والمساجد . كان عدد العراقيين عام 1979م ميلادية ، ثلاثة عشر مليون مواطنا فقط ، هذه حصيلة الشعب ، بعد كفاح آلاف السنين من أجل البقاء . في تلك السنة " 1979م" ، تم تتويج أكبر دكتاتور في التاريخ ، كما يقولون ، سيدا على بغداد . ثم أزعجوا نوم قصيدتي منذ ذلك الحين حتى امتلأ بريدي . يقولون سوف نغرق بدمائنا ، حتى آخر عراقي بسبب الحرب مع إيران ، و يقولون قضت علينا قوات الحلفاء بقاذفات آل B2 ، و بآلاف الأطنان من اليورانيوم ، يقولون لم يبق أحد لقد هاجر الجميع ، ويقولون الحصار والجوع والمرض سوف ننقرض نحن حفنة متبقية من شعبك . وقبل سنوات امتلأ بريدي بحرب أهلية ، أكلت الأخضر واليابس في بغداد . كل مرة أفتح البريد ، لأقرأ نصف الرسائل الجاف ، ويبتلَّ النصف الآخر بالدموع . ثم عرفتُ فيما بعد ، أن هذا الشعب يخدعني ، و يضحك علي . فهو يتكاثر بطريقة جنونية من الفرح والشهوة . في آخر تعداد للسكان ، وبعد ثلاثين عاما من الإبادات ، والحصارات ، والحروب ، اتضح أن عددنا أربعون مليونا . اذهبوا إلى الجحيم ، لقد انقرضت دموعي ، ويبس قلبي بسبب أكاذيبكم . توقفوا عن القتال ، والتكاثر ، و إزعاج الآلهة . دعوا المهاجر الوحيد يموت بسلام ، يا مزرعة الأرانب التي تنتشر كوباء . أيتها الأرحام التي تمد لسانها ، بلعاب من السائل المنويّ الخصب ، لتسخر كل يوم من الحروب المقدسة .  هذه ورقة للتفكير خارج الصندوق ، والكف عن " الولولة " الثقافية المزرية . نحن بحاجة إلى فهم ،  بحاجة إلى تنمية ، و تخطيط حتى ينتشر التعليم والثقافة . بحاجة إلى تحديد نسل ، لتتمكن الدولة من العناية بكل فرد . أما هذا الإنفجار العشوائي ، فيؤدي إلى التطرف والأصولية والحروب والطائفية . تخيل بعض البيوت في مدينة الصدر ، والبصرة و غيرها يلزمون " طابورا " على المرحاض ، عوائل مكتظة بالبشر هكذا ، ينشؤون بشكل جماعي عشوائي ، ماذا نتوقع من كل فرد من أفرادها حين يكبر  ؟؟ .
 المرأة الكندية تنجب طفلا واحدا ، معدل طفل ونصف ، لكل سيدة كندية منذ عام 1990م ، تربيه بعناية فائقة ، و ثقافة ، و أخلاق ، و تعليم ، و سلام . أفضل من المرأة العراقية ، التي تنجب عشرة أطفال ، يموت منهم ثلاثة في الحروب ، وتقضي وقتها بالبكاء واحتضان السبعة المتبقين . ما هذا الضجيج الذي لا داعي له . من البداية تحديد نسل ، و خطة تنمية . حين لا يكون هناك انفجار سكاني ، بشري عشوائي ، لن تكون هناك حروب ، و هجرات ، و كوارث اجتماعية

تطابق النبؤات/ لطيف شاكر


ينتشر علي صفحات الانترنت  نبؤات  نوستردامس الشهيرة والتي تحقق اغلبها وكتب عنها سابقا  الكاتب الراحل انيس منصور وحذر خوفا من  تحقيق  متون  هذه  النبؤات   , والغرب يهتم الآن بهذه النبؤات لان مسرح احداثها يجري حاليا في هذا الوقت الراهن وتنطق  بامور مثيرة للدهشة.
وسوف  اذكر المختصر المفيد للنبؤة  لعدم الاطالة ثم اذيل  نبؤة نوسترامس بنبؤة اخري حدثت لي شخصيا وتتطابق مع هذه النبؤة وسبق ان نشرتها علي عدة مواقع في 28 ديسمبر 2009 ويمكن الرجوع اليهما من جوجل  والاخيرة بعنوان  الظهورات ودلالاتها حتي يسهل قراءتهما من الاترنت لمن يريد البحث.
Nostradamus 1503-1566
وبينما كانت مصر تبدأ خوض الإنتخابات الرئاسية عبر جون هوج عن سعادته بأن إسم الرئيس القادم والذي يخشي أن يغلق دائرة القدر ليست من المرشحين للإنتخابات المصرية وظل الأمر كذلك لبعض الوقت لكن مع إعلان ترشح محمد مرسي صرح جون هوج وهو في حالة شديدة من الإضطراب على شبكة فوكس نيوز الأمريكية بمخاوفه صراحة وبمنتهى الوضوح قائلا: سيفوز هذا الرجل فخلفه يقف الشيطان بكل أبناءه
وعندما تحدثت محاورته عن أن فرص نجاح محمد مرسي ليست كبيرة حتى في ظل دعم الإخوان له قال جون هوج بلهجة من هو متأكد تماما: سيفوز حتى لو لم يذهب أحد لإعطاءه صوته ،إسمه منبأ عنه ولدي رأس الكنيسة في مصر التفاصيل

ولأن الإعلام الأمريكي لا يهتم كثيرا لنبؤات العرافين فإن الأمر لم يعره أحد إهتماما سوى بعض جرائد الإثارة في أمريكا وبعض مطبوعات التابلويد البريطانية لكن أحد الصحفيين الفرنسيين أعلن على صدر الفيجارو أن معلومات مؤكدة من داخل مصر أكدت له أن محمد مرسي هو الفائز بمنصب الرئاسة…كان ذلك بينما كانت دورة الإعادة في منتصفها وهو ما أزعج كثيرا الرئاسة الفرنسية التى كانت تجد دائما في الأنباء الصحفية تجاه مصر عنصر مزعج خاصة في ظل عدم تأكدها من هوية حكامها الجدد لكن نفس الصحفي الفرنسي عندما سأله أحد مقدمي برامج (فرنسا 24 ) عن مصدره قال :بالإضافة إلى إستقراء الأحداث فإنه جون هوج
ومع فوز محمد مرسي بالمنصب عكف جون هوج على إعادة تفسير نبؤات نوستراداموس من جديد وبشئ من التركيز كما لو كان يحاول إستقراء كل ما سيحدث يوما بيوم وهو بالطبع أمر غير متاح لكن الرجل رفض الحديث تماما عن الأمر حتى للمقربين منه لكن المثير في الأمر أن أكثر من إهتم بأمر جون هوج وتفسيراته لنبؤات نوستراداموس كان السي آي إيه الأمريكية التى إشتهر عنها إهتمامها حتى بما وراء الطبيعة أحيانا ومن المعروف عن السي آي إيه أنها أنفقت على فترات خلال الحرب الباردة مبالغ كبيرة على جيش من العرافين وأصحاب القدرات الخارقة لذلك كان من الطبيعي أن تهتم بجون هوج تماما وهو ما كان
ظلت السي آي إيه تضع جون هوج ضمن دائرة إهتمامها كلما جد جديد فيما يخص الشأن المصري وفي النهاية أبرمت السي آي إيه تعاقدا جديا مع جون هوج فيما يخص الشأن المصري فقط فلم تطلب منه أي خدمات فيما يخص أي بلد آخر وكانت إحدى تجليات جون هوج هو إثناء باراك أوباما عن إستضافة محمد مرسي في الولايات المتحدة الأمريكية كونه يحمل (ختم الشيطان) حسبما أنبأ ضباط السي آي إيه ،وعندما يكون جهاز مخابرات معتمدا لتلك الأساليب الخارقة للطبيعة فإن التفسيرات التى ستقدمها أيضا للرئيس قد تكون غريبة ومستعصية على الفهم لكنها قدمت تقريرا لباراك أوباما تثنيه عن مقابلة محمد مرسي مجددا سواء داخل الولايات المتحدة الأمريكية أو خارجها وذكرت ضمن ما ذكرت في تقريرها (أنه يحمل ختم الشيطان)

أما ما هو ختم الشيطان فهو أثر غائر طفيف لجراحة في رأس محمد مرسي لكنها تأتي عفويا على شكل مقلوب حرف (في ) الإنجليزي وكان ما تحدث به جون هوج حول تلك النقطة مثيرا لطبيب جراح أوضح للسي آي إيه أن عمليات جراحة المخ لا تنتهي في المعتاد بذلك الأثر لأن جراحي المخ يصلون للقطعة المستهدفة من المخ بدقة شديدة عبر جرح غائر بآلات ميكانيكية تترك أثرا لكنه لا يكون متعدد الخطوط بما يرسم شكل مقلوب الحرف (في) ولغرابة الأمر فإن تقرير الجراح الأمريكي كان كافيا لأوباما لتجنب لقاء محمد مرسي أثناء مروره بمنطقة الشرق الأوسط بينما تم رفع إسمه من أجندة الدعوات لزعماء العالم إلى الولايات المتحدة الأمريكية
..................
تحدث جون هوج مؤخرا وقبل أيام عن أن إسم محمد مرسي مذكور حرفيا داخل نبؤات نوستراداموس بإعتباره إسم الملك الذي يغلق دائرة القدر حيث أن إسم  Morsee حسب أحرف الهجاء المذكوة مكتوب نصا في نبؤات نوستراداموس بإعتباره ضمن مكونات إسم الملك الذي يغلق إسمه دائرة القدر والذي له مواصفات تتالي معلومة فهذا الملك سيكون ثالث من يحمل إسم (محمد) بالتتالي دون أن يفصل بين من حملوا الإسم ملك آخر وأن هذا الملك سيحمل ضمن مكونات إسمه الكامل إسم  Morsee كما ذكر في نبؤات نوستراداموس وحتى في باب النبؤات المعلوم للكهنة المسيحيين في مصر
ويزيد جون هوج أن الملك المغلق لدائرة القدر لا يملك فعليا الحديث من تلقاء ذاته فشيطانه يتحدث بدلا عنه ويعاقبه بآلام مبرحة في رأسه كلما ظن أنه قادر على الحديث بذاته
لكن الجديد أن مطابقات التواريخ الخورزمية بعثت جديدا في قراءة نبؤة نوستراداموس حيث حددت أن العام الحالي 2013 لن ينتهي قبل أن ينزل هذا الملك عن عرش مصر ليكون أحد أقصر حكام مصر عمرا في حكم البلاد وأن نزوله عن الحكم لن يكون هادئا فحسب ما أوضح جون هوج فإن جسده سيتمزق ليستعصي على المصريين جمع أشلاءه بينما يفر رفاقه إلى الجبال شرقا يطاردهم كل من يستطيع السير حتى يخرجون من الدائرة التى تشمل لعنتهم الأبدية وهي حدود كل مصر التى ستشهد حسب النبؤة (أياما من الدم والنار) تمثل لمصر تعميدا تخرج بعده مصر من حال إلى حال
............
           وبتاريخ 28 ديسمبر تم نشر مقال بعنوان الظهورات ودلالاتها علي عدة مواقع
 ........,
 كنتُ وحيدًا بالمنزل,خلال شهر يوليو 1981 (لااتذكر اليوم بالضبط) وإذ بضيف يدق جرس الباب, وكانت الساعة في حدود الخامسة مساءًا ورحبت بالضيف كالعادة, لأنه سيؤنس وحدتي لبعض الوقت....... وتكلمنا في بعض الأمور العادية وأحسست أنه لم يبالِ بالحديث, وكأنه يريد أن يبلغني برسالة معينة, وكنت منتبهًا بطريقة عرضه لكلامه مما جعلني مشدودًا 
  "وكانت رسالته كالاتي :سيموت رئيس البلد وبطرك الزمان في نفس اليوم وسيتولي البلد رئيس باسم محمد، ثم ذكر لي بأن البلد سيتغير حالها تمامًا بعد أن تحكم بثلاث رؤساء كل منهم باسم محمد, وفي عهد الثالث سيكون خلال  السنتين لحكمه لا تحتمل من الأتعاب والأوجاع التي سيعاني منها الأقباط لصعوبتها ومرارتها, وسيحل على البلاد أيام سوداء وبعد محمد الأخير، ...سيعم الفرح والسلام وسيأتي الفرج" .. 
 كان الكلام مثيرًا جدًا لدرجة أنني قابلتُ كلامه بسخرية، إلا أنه ابتسم وهم بالخروج، .....   وعندما شعر بعدم اقتناعي بكلامه، أكد لي بأن المخطوطة بها أحداث كثيرة حدثت بالفعل مثل خروج الملك فاروق والحرب العالمية الأولى والثانية ولم يكمل، وأسرع بالخروج وأغلق الباب وراءه, وتركني .... وقد يسألني أحد أن البابا شنودة  كان يعيش بدير الانبا بيشوي بوادي النطرون  متحفظا عليه بناءًا على أوامر السادات الظالمة, وقد تم تعيين من قبل الرئاسة خمسة أساقفة ليقوموا بشئون الكنيسة ...وكان في ذلك الوقت الأنبا صموئيل أسقف الخدمات هو الذي يقوم فعلا بدور البطريرك لأن الأربعة أساقفة المعينون  معه ليست لهم الخبرة الإدارية والاحتكاك بالدولة ورافضين لهذا القرار ويثقون جدًا في حكمة ودراية الأنبا صموئيل, فتخلوا عن دور الرئاسة للأنبا صموئيل خاصة وأنه كان نشيطًا جدًا في المجالات الدولية والعلاقات الداخلية وله صداقات مكثفة مع المسئولين  بالبلد، فضلاعن كونه المتحدث الرسمي للكنيسة, وكان يقوم بدور البطريرك في ذلك الزمن, وكان وجوده بالمنصة كبطريرك للاقباط، أي انه بطرك هذا الزمن فعلاً, وعند  انتقاله، دُفن بمقبرة البطاركة أسفل الكاتدرائية بالعباسية وجثمانه الطاهر بمقبرة البطاركة تحت الكاتدرائية .
يقول المثل: "كذب المنجمون ولو صدقوا"، ولا أعرف هل يندرج هذا الكلام تحت بند التنجيم الواهم؟, أم رؤية صادقة لهذا الرجل الذي أبلغني بها؟, أو أن هذا المخطوط القديم الذي قرأ منه موضح به مستقبل الأيام؟, .... 
 وكنت قد قرأتُ منذ فترة بسيطة كتاب د. سيد كريم بعنوان "لغز الحضارة الفرعونية" وأفاض عن لغز الهرم الأكبر ومتونه وأسراره ونبؤاته التي تحققت  جزء كبير منه تقريبًا ..  وكتبت  ثلاث مقالات بعنوان "الهرم الأكبر كمرصد فلكي"، و"بيت الأسرار"، و"لغز متونه" نشرتها احدي الصحف بكاليفورنيا  .
وقبل أن أنهي كلامي تقابلت مع الإنسان الذي تخيلتُ أنه هو الذي كلمني بالنبؤة سالفة الذكر وذلك  بعد مقتل أنور السادت  و بطرك الزمان الأنبا صموئيل لكي أشيد بنبؤته التي تحققت  وإذ به يتنكر تمامًا أنه تكلم معي عن هذه النبوات، أو هذا الكلام ولم يزورني منذ مدة طويلة ، بل أكثر من هذا، كان شغوفًا أن يسمع مني، وشعرت بأن الكلام غريب بالنسبة له، ومندهشًا لسماعة، مما جعلني في "حيص بيص"، وعدتُ إلى منزلي مندهشًا ومرتبكًا لأني متأكد أنه هو الشخص، وهو صادق ولا داعي أن يكذب ومعروف بنبل أخلاقه وبالصدق والأمانة.  ، وتذكرت ما قاله صديق لي ، أنه يحدث للإنسان أشياء في حياته لا يدرك معناها وعسرة الفهم؟ لاأعرف شيئا.. ولكن أعرف شيئًا واحدًا: أن الكلام الذي سمعته كتبته لكم الآن .
Lampra333@yahoo.com

في سوريا السباق بين الرصاص والسياسة/ راسم عبيدات


من الواضح جداً أنه بعد إجتماع مجموعة أعداء سوريا في عمان،فإن تلك المجموعة حزمت أمرها تحت الضغوط الأمريكية بالذهاب الى مؤتمر جنيف (2) الذي اتفقت عليه امريكا وروسيا،ف"كيري" أقنع أردوغان بضرورة حضور المؤتمر،وكذلك هو حال مشيخات النفط العربية غير المالكة لقرارها،ولكن تلك القوى المعنية بعدم الذهاب الى هذا المؤتمر والتي ستذهب مرغمة ستحاول قدر الإمكان خلق الحجج والذرائع التي تتيح لها فرصة وضع العصي في الدواليب وتخريب عقد المؤتمر،فهي على سبيل المثال ستبقى تناور في قضية حضور وعدم حضور ايران لمؤتمر،
وكذلك  حول تخلي الرئيس السوري بشار الأسد عن صلاحياته قبل أية مفاوضات،وهذه الإشتراطات على ما يبدو أصبحت خلف ظهر النظام السوري،فهو من رفضها عندما كانت الأوضاع الميدانية غير مريحة له،ولكن الان بعد ما يحققه الجيش العربي السوري من إنجازات على الأرض،فإن النظام سيضع إشتراطات جديدة،ولكن  علينا القول بأن جماعة اعداء سوريا،هي لا تريد الذهاب الى المؤتمر،وهي تجرجر أذيال الهزيمة والخيبة،بعد ما انفقت من أموال الطائلة من اجل إسقاط الرئيس السوري بشار الأسد ونظامه،وكذلك قوى الغرب الإستعماري ومعها امريكا،حيث اتفقوا على تسليح قوى المعارضة من اجل خلق توازنات على الأرض،
وبالتالي جعل الرئيس السوري ونظامه يذعنون الى اشتراطاتهم السياسية،وفي هذا الإطار نستطيع ان نسجل ما تقوم به تلك العصابات من إفتعال للمعارك في مدينة طرابلس اللبنانية،من اجل التأثير على نتائج معركة القصير،ورغم تراجع تلك العصابات عن تهديداتها بإحتلال الجبل في طرابلس،بعد تلقيها تهديدات واضحة هي وقوى الرابع عشر من آذار اللبنانية، بان أي تقدم لمسافة متر واحد تجاه الجبل سيقابله تقدم كيلو متر للقوات السورية تجاه طرابلس،ولكن هذا التراجع مؤقت حيث أفرغت ثلاثة سفن غربية أسلحة لتلك العصابات في ميناء طرابلس،وسنشهد كذلك جسراً جوياً من أمريكا واوروبا الغربية لدعم ما يسمى بقوى المعارضة،لكي تستطيع الصمود والثبات وتحقيق إنجازات على الأرض،وستعمل دول الجوار الأردن وتركيا وقوى الرابع عشر من آذار واسرائيل على دعم ومساندة تلك القوى،على ان تتولى قطر والسعودية تحمل تكاليف ثمن الأسلحة ورواتب وإمدادات القوى والعصابات المعارضة للنظام في الداخل.
الحل السياسي في سوريا لن يكون سهلاً،فهو يحتاج الى وقت ليس بالقصير وستكون هناك صولات وجولات ومفاوضات وتهديدات بالحسم العسكري،وهذا كله سيتوقف على ما يجري على الأرض،فإذا ما استكمل النظام تحقيق الإنجازات على الأرض بعد معركة القصير الإستراتيجية،فإنه سيفرض شروطه في المؤتمر،والمؤتمر قد يتعرض للتفجير اذا ما شعر اعداء سوريا بانه لم يحقق لهم اية إنجازات سياسية،فعدم تحقيق إنجازات سياسية لهم من شأنه فرض معادلات جديدة في المنطقة يكون فيها الأسد ونجاد ونصر الله لاعبين رئيسيين فيها،وهذا ما هو مرجح،حيث ان روسيا تلقي بثقلها الى جانب سوريا،وبالتالي التغطية السياسية والعسكرية للأسد تجعله يقوم بخطوات جراحية عسكرية ضد أوكار الإرهاب وما يسمى بالجيش الحر،حيث يجري النظام عمليات تطهير شاملة وضبط للحدود،والنجاحات التي يحققها ستنعكس سلبا على اعداء سوريا فأردوغان سلطته تتعرض الى إهتزاز كبير،وكذلك التداعيات ستطال الأردن والخليج،وعلينا ان لا ننسى اسرائيل فهي لاعب رئيسي في هذه القضية،فهى ترى بأن ثبات وإستقرار سوريا وتماسك تحالفها مع ايران وحزب الله اللبناني،سيشكل خطراً على دورها ووجودها في المنطقة،ولربما تقدم على مغامرة عسكرية من شأنها ان تدفع المنطقة نحو حرب إقليمية شاملة وطاحنة،وخصوصاً أن العديد من جنرالاتها ينظرون لشن حرب على سوريا،وما المناورات والتعليمات التي  تقوم بها وتوجها الى جبهتها الداخلية،إلا دليل على ان اسرائيل تتوقع إندلاع حرب مع سوريا في أية ساعة،وهي تدرك ان هذه الحرب لن تكون نزهة،وكذلك امريكا واوروبا الغربية باتتا مقتنعتين بأن النظام الإيراني المقبل على انتخابات يمسك بزمام الأمور ولا مجال لتغيره عبر ما يسمى بالقوى الإصلاحية والتي أصبحت خارج السباق الإنتخابي.
ما يجري على الأرض السورية،هو صراعات ومصالح إقليمية ودولية،ولا نقول عربية،لأن العرب المصطفين لجانب أعداء الأمة هم ادوات وبراغي في دولاب كبير يحركهم على "الريموت كونترول" كيفما يشاء، صراعات لها علاقة بالمصالح وبسط النفوذ،وليس صراعات  من أجل الحرية والديمقراطية والإصلاحات،صراعات على طرق الغاز والنفط والخيرات والثروات،فالقصير كمنت وتكمن اهميتها في كونها تتحكم في خطوط الغاز المارة من والى تركيا وروسيا وايران والعراق والاردن والخليج العربي،صراع من أجل من سيتولى عمليات الإعمار بعد الدمار الكبير الذي سببته هذه الحرب،فالإعمار بحاجة الى ما كلفته 80 مليار دولار.
صراع يستهدف سوريا كدولة ومجتمع وجيش وسلطة وجغرافيا،لتحقيق أحلام الغرب الاستعماري وجماعة التتريك بفرض الإستعمار والوصاية على الأمة العربية،فالمطلوب ليس الإستيلاء على السلطة،بل إخراج سوريا من محور المقاومة والممانعة وتحويلها الى دولة فاشلة  كليبيا والصومال والعراق تنخرها الخلافات والصراعات الطائفية المذهبية والطائفية،وليس لها تأثير في المعادلات العربية والإقليمية والدولية،وإذا ما قيد للأسد ونظامه طحن ووأد هذا المخطط،فإن الملف القادم ستكون وجهته مصر،حيث ما يجري في سيناء من تهريب للسلاح وإقامة تحصينات وتعزيزات هناك،وتجميع للقوى المتطرفة والعصابات،وكذلك معسكرات التدريب في ليبيا،يوحي بأن شيئاً ما يقترب من مصر،من اجل تفتيت الجيش المصري وإضعافة،وضمن المخطط المرسوم امريكياً وغربيا،تدمير المشروع القومي العربي،وبأدوات عربية وإسلامية،بحيث يجري تدمير ركائز هذا المشروع الثلاثة العراق وسوريا ومصر،ومن ثم يجري إعادة تركيب الجغرافيا العربية من أجل إعادة إقتسام المنطقة العربية وفق العوائد والثروات والمذهبية والطائفية،من خلال خلق كيانات إجتماعية هشه مرتبطة إقتصاديا بالمركز الرأسمالي العالمي،وإتفاقيات امنية مع أمريكا والغرب الإسعماري،وقواعد إحتلالية على اراضيها.
نعم سيستمر السباق بين الدبلوماسية والحرب،بين الرصاص والسياسة في القضية السورية،وهذا رهن كله بما يتم حسمه على الأرض عسكرياً،وسيبقى السوريون يدفعون الثمن من دمائهم وقوداً لهذا الصراع الإقليمي والدولي،إلى ان يتم حسم الأمور عسكرياً من قبل النظام وحلفاءه،فهذا النصر من شانه تغير الخارطة السياسية وكل المعادلات في المنطقة.

الضرورات الشعرية والدراسة الضرورية/ كريم مرزة الاسدي

الحلقة الأولى 
القصر والمد ، والإشباع والاختلاس
  المقدمة والدافع  لذكرها وتعريفها : 
1 - المقدمة :
نظمتُ العديد من القصائد  على (البحر الكامل التام) ، منها : الملحمة الحسينية وضربها مقطوع ( متفاعلن متفاعلن متفاعلْ) ،ويبلغ المطبوع والمنشور منها مائة وعشرين بيتاً ، وعنوانها :
ليسَ(الحسينُ)الرمزُ قـَد خُصّت بهِ *** شيعٌ ولكنْ يستطيلُ فضــــاءا
وقصيدة رثاء الجواهري التي نظمت بمناسبة مرور أربعين يوماً على وفاته ، وألقيت في الحفل التأبيني الذي أقامه  المثقفون العراقيون في دمشق ، بمشاركة عائلة الفقيد ، ونشرتها عدة صحف عربية وعراقية ،  والعديد من المواقع الرصينة في السنوات الأخيرة ، ويتضمنها ديواني الثاني المطبوع سنة 1998 م (حصاد أيّام وأيّام)   ، وأيضاً ضربها مقطوع ، ومطلعها :
عمرٌ يمرُّ كومضةِ الأحلامِ *** نبضُ الحياةِ خديعة ُالأيّامِ
وقصيدة عن أحداث الجزائر في تسعينات القرن الماضي  ، ونشرت في العديد من الصحف والمواقع ، وتوجد في ديواني الثاني نفسه ، ويتشكل عقدها من اثنين وأربعين بيتاً ، ويتميز ضرب كاملها التام بالتذييل ، وهو نادر جداً في الشعر العربي من(الكامل التام) ، ومطلعها :
كفّاً جزائرُ نزفَ جرحكِ للدماءْ *** في كلِّ يوم ٍنستفيقُ وكربلاءْ 
إلى غيرها من قصائد هذا التام ، ناهيك عن مجزوئه ... وأخيراً نشرت قصيدتي ( يا لعبة الأقدارِ لا تتردّدي ...!!) في العديد من المواقع ، وسبق في تسعينات القرن الماضي ، تلاقفتها صحف عربية وعراقية بشيءٍ من التغيير, وهي  من البحر الكامل التام نفسه ، ولكن ضربه صحيح ( متفاعلن متفاعلن متفاعلن) .
والشاعر الشاعر - وأعني القدير المتمكن، وليس بالناظم المتقنن - لحظة الإبداع ، لا يضع علم العروض في ذهنه، وكما يقول الجواهري : (وخلّها حرّةً تأتي بما تلدُ)، لذا وقع في هفوات عروصية ونحوية نادرة وعابرة  ، لم يلتفت إليها لحظة إبداعها ، ولم يصححها من بعدها، وأعطى أذناً صماء لمنتقديه ، والحق معه  ، فقد وضع أكثر من ضعف مما عقد المتنبي من درّره ، لأن عمره الشعري أكثر من ضعف الأخير ، ولأنَّ أذنه " أكبر من العروض" ، على حد تعبير أبي العتاهية ، وهويتحدى الخليل المعاصر له بعروضه وبحوره ، حين خروجه عنه و عنها ، فجاء بوزن ٍشعري لم يكن معروفاً من قبل , ( دق الناقوس ), وإنّ عبد الله بن هارون السّميدع , وهو تلميذ الفراهيدي أيضا "كان يقول أوزاناً من العروض غريبه في شعره , ثم أخذ ذلك عنه , ونحا نحوه فيه رزين العروضي , فأتى فيه ببدائع جمّة " , كما يقول الأصفهاني صاحب الأغاني .
إذن الشاعر بأذنه المرهفة ، هو الحجة على علم العروض ، وليس العكس ، عليه أنْ يقول ، وعلى الآخرين من النقاد والأدباء ، أن يلتمسوا العلل لأشعاره بعد بحث وتمعن شديدين ، شرط أن يكون الشاعر موهوبا  ، ومن هنا تتطلع الإنسانية إلى الإبداع الفني المتجدد  ، والكمال لله وحده على كلّ حال .
 2 - الدافع لذكرها  :
مرً أحد القرّاء الكرام من الأدباء على قصيدتي ( يا لعبة الأقدار : لا تتردّدي ...!!) ، التي تتضمن خمسين بيتاً ، دون غيرها من قصائدي التي ذكرت بعضها مقدمةً ببحرها الكامل ً، مبدياً رأيه  بأربعة أشطر ، تتضمن  قصر الممدود ، وذكر متواضعاً ، أن القصر لا يأتي إلا بالقافية ضرورة ..!! ، وعلى تخفيف حرفي ياء لشطرين ، وأقرَّ بنفسه بجواز قراءة أحدهما خطفاً  ، ثم وقع في خطأ قراءة الفعل (رقى) لازماً ، وهو متعدٍ بتشديد القاف (رقـّى) ، وعجز البيت يوضح تعديه . وقد أجبته مباشرة بتعليقين ، ولابد من الإشارة أنْ هذا المرور والتعليق الكريم  حفّزني على فتح موضوع الضرورات في الشعرالعربي ، التي ذكرتها معدّدا   دون أيِّ توسع ، وبغير أمثلة في بحوثي  السابقة العروضية . ، لأنني حسبتها سهلة يسيرة ، ولكن هنالك العديد من الشعراء ،وحتى بعض الكبار منهم تفوتهم أمور في غفلة الزمن ، وسهو الذهن ، بل أن بعض العمالقة كالمتنبي والجواهري ، يسيرون أحياناً على المدرسة الكوفية ، فيحسبهم المتضلعون ، أنهم غير ضالعين ،  فيجب منع الالتباس عن الرموز النبراس .
 3 - تعريف الضرورات :
هي مخالفات لغوية ، قد يلجأ إليها الشاعر مراعاة للقواعد العروضية وأحكامها، لاستقامة الوزن ، ولا تُعدّ عيباً ، ولا خطأً ، إذا كانت وفق ما تعارف عليه عباقرة العرب من الشعراء والنقاد والعروضيين القدماء  ، وقبلوا به ، سواء كان للشاعر فيه مندوحة أم لا ،والحقيقة  أول من شرع  بأحكام الضرورة  سيبويه (188 هـ ) في كتابه (لكتاب) دون تعريف أو تنظيم ، ووضعها في باب (ما يحتمل الشعر ) ، واستند على أستاذه الخليل في بعض أحكامه ، ولما جاء ابن فارس ( 395 هـ) أجاز الضرورات الشعرية على أن لا تخل بالإعراب ، وأول من ألف كتاب (ضرورة الشعر) أبو سعيد السيرافي (ت 369 هـ)  ، وتطرق إلى تسعة أوجه منها ،ولكن أهم كتاب في هذا المجال هو(ضرائر الشعر ) لابن عصفور (ت 669  )، حيث جمع فيه جهود كل من سبقه ، مهما يكن تصنف على ثلاثة أسس  ، وهي: ضرورة الزيادة ، وضرورة الحذف ، وضرورة التغيير ،  وكلّ ما يصحّ أن يأتي بالنثر ، لا يعدّ من الضرورات في الشعر ، لأن الناثر لا يجوز أن يلجأ للضرورة ، لعدم إلزامه بالإيقاع الوزني، وسنأخذ في هذه الحلقة (القصر والمد) و(الإشباع والاختلاس .
الضرورات الشعرية :
1 - قصر الممدود  :
 جائز عند  أقطاب المدرستين البصرية والكوفية بالإجماع ، وشائع جدا في الشعر العربي منذ الجاهلية حتى يومنا ، وقد قال ابن مالك عنه في (ألفيته) :
وقصر ذي المدِّ اضطراراً مجمعُ *** عليهِ ،والعكسُ بخلفٍ يقعُ
فكما تقرأ : القصر مجمع عليه لدى البصريين والكوفيين ، فاحتجاج  الشاعر الكريم - ولا أظنه شاعراً عمودياً - على قصر ( البقاء )إلى (البقا) في الشطر(مَنْ عاشَ  عاشَ ومِنْ يمتْ فلهُ البقا ) ، ليس صائباً ، ،لأنه جائز بالإجماع ، وشائع لدى كلّ الشعراء - كما أسلفنا - ، وإليك ، قال النمر بن تولب ، وهو شاعر مخضرم بين الجاهلية والإسلام ، وأسلم ، وقصر الكلمة نفسها التي قصرتها (البقاء) :
يَسُرّ الْفَتَى طُول السَّلَامَة وَالْبَقَا *** فَكَيْف تَرَى طُول السَّلَامَة يَفْعَل
وكذلك وردت كلمتا ( الحياء ، السماء)  مقصورتين في  أشطر قصيدتي التالية  : (ولِمَ الحيا  أمن الضعيفِ الأوهدِ؟!) ، (وتعلّقي بالعرشِ وارثةَ الســــما) ، وجميعها - مع البقا - شائعة الاستعمال في الشعر العربي قديمه وحديثه ، وهي رائعة في مكانها ، فيجب على الشاعر المجيد أن يحسن توظيف الضرورة ،وذلك يرجع لموهبته ، ومدى سعة ذخيرته الأدبية !!
يقول الشاعر إيليا أبو ماضي  :
قلتُ : ابتسم ، يكفي التجهم في السما
وإليك قول الشاعر الذي قصر( أساء) إلى (أسا) :
ليت شعري أمحسن من أسا بي ***  وقليلٌ أجداءُ يا ليت شعري
والشريف الرضي يقصر  (كربلاء) ، و(بلاء)  في شطر واحد : (كرْبَلا، لا زِلْتِ كَرْباً وَبَلا) ، وعجز بيت المثل السائر  (لابد من صنعا وإن طال السفر ) ، قد قصرت (صنعاء) إلى (صنعا) ،
 2 - مد المقصور :
 ولا أطيل عليك ، والأمثلة تكفي ، وستأتي ! ، الذي لم يجزه البصريون ، ونحن اليوم نسير على نحوهم ، مد المقصور ، وكما مرّ عليك ابن مالك قد أجازه قائلاً : (العكس يقع ) ، ولكنه غير مجمع عليه ، وأبو العباس المبرد شيخ البصريين في عصره ،  يعلل بـ (كامله) ، سبب إجازة القصر ، لا المد  بقوله : " وذلك أن الممدود قبل آخره ألف زائدة، فإذا احتاج حذفها لأنها ألف زائدة، فإذا حذفها رد الشيء إلى أصله، ولو مد المقصور لكان زائداً في الشيء ما ليس منه " (الكامل : المبرد -الوراق - الموسوعة الشاملة 1/ 57) .
ولكن أبا تمام(ت 228 هـ)الذي سبق المبرد (ت 285 هـ) بجيل، قصر ومدّ في بيت واحد قائلاً :
 ورث الندى وحوى النُّهى وبنى العلا ** ورجا الدجى ورما الفضا بهداء
قصر (الفضاء)إلى ( الفضا)، ومد (الهدى) إلى (هداء )  ، والجواهري في عصرنا ، لم يلتفت إلى مذهب البصريين ، وسار على مذهب قومه الكوفيين ، فمدّ (ضحى)  إلى (ضحاء) في  وصف سامراء ، ببيته التالي :
بلدٌ تساوى الحسن فيه فليله *** كنهاره وضحاؤه كأصيله
ولكن في البيت الآتي اختلف البصريون والكوفيون حول كلمة (غناء)
سيُغنيني الذي أغْناك عنّي ***  فلا فقرٌ يَدومُ ولا (غِنـَاءُ)
ابن منظور في (لسانه - مادة غنا )  يعتبرها من (الغنى)  ضد الفقر،  أي بالألف المقصورة  ،  ، وهو محق ، بدليل - والكلام لي - ، ورد طباقها (فقر)  بالعجز نفسه ، إذن مدّ الشاعر المقصور ، وهذا البيت أوقع خلافاً بين الكوفيين والبصريين على مدّ المقصور ، إذ يذهب البصريون أنّ (الغناء) مصدر لـ (غانيت)، لا لـ (غنيت)  ، وهذا تعسف منهم ، والكوفيون يصرّون على صحة رأيهم - وأنا معهم - ويستشهدون بقول الشاعر :
قد علمتْ أمّ أبي السّعلاءِ ***  وعلمت ذاك مع الجراءِ
أنْ نِعْم مأكولاً على الخواءِ**يا لك من تمرٍ ومنْ شيشاءِ
ينشب في المسعلِ واللهاءِ
والسعلاء والخواء واللهاء ،،، كلّه مقصور في الأصل ، ومدّه لضرورة الشعر ، فدلّ على جوازه ، هذه وجهة نظرنا ، فنحن على مذهب الكوفيين كالمتنبي والجواهري في هذه المسألة  ( إذا أردت التوسع ، راجع : نشأة النحو العربي ومسيرته الكوفية - ص 68 - 76 - لكاتب  هذه السطور - توجد كل المصادر بدقة ).
3 - الإشباع :
يعني تبليغ وإشباع الحركة حتى يتولد منها حرف من جنسها , لكي يستقيم الوزن , فنشبع الضمة  إلى الواو ، والكسرة إلى الياء ، والفتحة إلى الألف , وكما  شرحنا من قبل - في علم العروض -  أنّ الكم الصوتي  لحرف اللين أكبر من الكم الصوتي للحركة المجانسة له ، ولكن ليس بكثير ، فيمكن في حالات خاصة لضرورة ، إشباع الحركات لتولد حروف لينها  ، أو اختلاس الحروف لتصبح حركات جنسها ، وقد يكون الإشباع واجباً  ، نظراً لأحكام الشعر ، كالحركات  الأخيرة  لصدر البيت وعجزه ، وإليك قول مجنون ليلى ، وقد أشبع حركة الفتح في قافية الصدر والعجز إلى الألف :
ألا ليت شعري مالليلى وماليا *** وماللصبا من بعد شيب علانيا
وكذلك كحركة ضمير الغائب المفرد ، إذا سبقه حرف متحرك ، مثل : ( لَهُ) تصبح (لَهو)، و(بهِ) تغدو(بهي)،و(كلّهمُ) تمسي(كلَّهمو) ،ولكن في (منْهُ)،و( عنْهُ)...  للشاعر الخيار بالإشباع أو عدمه ومن ذلك قول الشاعرمسكين الدارمي ربيعة بن عامر بن أنيف وقد أشبع حركة الكاف مرتين  ، و الخاء  ،والهاء في صدر البيت التالي ، وقصر الهيجاء إلى الهيجا في عجزه :
أخاكا أخاكا إن من لاأخا لهو *** كساعٍ إلى الهيجا بغير سلاحِ
البيت من (الطويل)، يمكن عدم إشباع حركتي الفتح للكافين ، فتقبض تفعيلتي (فعولن ، مفاعيلن) ، فتصبحان ( فعولُ، مفاعلن)  ،وهما من جوازات الطويل ، فيكتب البيت على الشكل الآتي  :
أخاكَ أخاكَ إنْ من لا أخاً لهو *** كساعٍ إلى الهيجا بغير سلاحِ
ولكن يجب إشباع حرف الخاء لاستقامة الوزن ، ناهيك عن إشباع الهاء فهو لازم  ، وكذلك قول الفرزدق وقد أشبع حركة الفتحة في راء الورَق لتصبح وراق حتى يستقيم الوزن :
فظلا يخيطان الوراق عليهما *** بأيديهما من أكل شرِّ طعامِ
وقول الشاعر ، وقد أشبع فتحة الراء في كلمة (العقرب) لتصبح :
أعوذ بالله من العقراب ***  الشائلات عقد الأذناب 
ويذكر ابن رشيق في (عمدته) (الوراق - الموسوعة الشاملة : 1/ 205) قول قيس بن زهير ، وقد أشبع حركة تاء الفعل المجزوم  (يأتيك) :  
ألم يأتيك والأنباء تنمى ***بما لاقت لبون بني زياد
    4 - الاختلاس: 
يعني النطق بالحركة سريعًاً ( خطفاً) ، وهو ضد الإشباع ، أي تقليل موجة  الكم الصوتي لحروف اللين إلى مدى كمّ الحركات المجانسة لها ، لكي يستقيم الوزن ، وقد استخدم سيبويه المصطلح ، بقوله : " وأما الذين لا يشبعون فيختلسون اختلاسا " ( دراسات في اللغة - اتحاد الكتاب العرب : 1/ 155 ) . وهو جائز على مستوى الحروف والحركات ، ونعني حركات الضمائرالتي يمكن أن تُختلس ، وتُمنع من الإشباع  كـ (منْهُ) ، (عنْهُ) ، (إليْهِ) ، (عليْهِ) ، ، فالحرف قبل الضمير ساكن  ، أمّا إذا كان إشباع الضمير واجباً ، لأن الحرف الذي قبل الضمير محرّك، فلا يجوز اختلاسه  كـ (لَهُ) ، (بِهِ)  ،و (كلَّهُمُ) . فمثلاً البحتري في البيت التالي (الكامل) ، لم يشبع الهاء في كلمة (فيهِ) :
أظْهرْتَ عزّ الدين فيهِ بجحفلٍ  *** لجب يحاط الدين فيه وينصرُ
وسنقطع صدر البيت ، لنعرف علّة عدم الإشباع : أظْهرْتعزْ (متْفاعلن) ، زدْدي نفي(متْفاعلن) ،هبجحْ فلن ( متفاعلن) ،  إذا أشبعت كسرة الهاء ، يكسر البيت ، فتصبح التفعيلة (ماتفاعلن) .
ومن هذا الاختلاس الحركي أيضاً، قول السموأل :
وما قلّ منْ كانتْ بقاياه مثلنا ***  شباب ٌ تسامى للعلا وكهول
لم يشبع الشاعر الهاء في كلمة (بقاياهُ)،ولو أشبعها لانكسر الوزن ، تعال معي رجاءً  ،  سأقطع لك صدره ، الذي يتضمن (بقاياه) ، البيت من الطويل ،  وللطويل عروضة واحدة مقبوضة ، فتفعيلات الصدر (فعولن مفاعيلن فعولن مفاعلن ) ، إذن :
وماقلْ (فعولن ) ، لمن كانتْ (مفاعيلن) ، بقايا(فعولن)، همثْ لنا (مفاعلن ) ، ولو شبعت الهاء يتولد لنا هومثْ لنا  (مستفعلن) ، وهذا التفعلية غريبة على الطويل ، قينكسر البيت !! 
أمّا الحروف  فيجب اختلاس ألف (أنا) عند الوصل ، وتثبيتها يُعدّ ضرورة ، ولكن عند الوقف تثبت ، كما في نهاية القافية ،يقول الجواهري :
بأبي أنت لا أبي لكِ كفؤٌ ولا أنا
 ومثال الاختلاس أيضاً قول المغيرة بن حبناء :
ولا أنزِلُ الدار المقيمَ بها الأذَى *** ولا أرْأم الشيْ الذي أنا قادرهْ
فالاختلاس في ألف (أنا) الذي تكتب ولا تنطق، كما أنّ ألف (أنا) قد تكتب وتنطق في حالة الإشباع كقول الشاعر للطرافة :
مرّ الجرادُ على زرعي فقلتُ لهُ*** الْزْم طريقَك لا تولَعْ بإفْساد
فقال منهم خطيبٌ فوقَ سنبلةٍ**** أنَا على سفَرٍ لا بــدَّ من زادِ
ويمكن اختلاس حروف العلّة ، كما اختلس الشاعرالقديم الألف في كلمة (وصّني) بالشطر التالي: وصّاني العجاج فيما وصَّني
فالألف  حوّلت إلى فتحة ضرورة ، وقد حذفت الألف حين كتابة  الشعر ، كي يعلم القارئ الكريم  أنَّ الاختلاس ضرورة ، وإليك حين تريد قطع همزة وصل ضرورة ، من المفروض أن تضع القطعة فوقها أو تحتها ، كما في كلمة (الاثنين)  حين قطعها في الشعر فقط ضرورة تكتبها هكذا (الإثنين ) ، وهذا لا يجوز في النثر مطلقاً  .
نعود والعود أحمد للاختلاس ، ففي قصيدتي (يا لعبة الأقدار..) ، أقرّ  قارئنا الأديب بجواز الشطر الأول الآتي (خطفاً ) ، أي بسبب ضرورة الآختلاس ، ولكن لم يوفق في تقطيع الشطر الثاني ، مع العلم هي الضرورة نفسها ، إليك: 
 بدءًا بعدنان ٍوثنّي باحمدِ
بدْأن بعدْ (متْفاعلن) ، نانن وثنْ (متْفاعلن) ،نِبِأحْ مدي (متفاعلن)  .
وقد  أقرً الرجل بالخطف ، ويعني من حيث يدري أو لا يدري بضرورة الاختلاس ، ونعرج على الشطر الثاني  المعني :
إنْ قال كفّاً قولي بلْ كلِّ اليدِ
البيت واضح جدا ، كلّ ما هنالك اختلاس ياء (قولي) إلى الكسر ، بمعنى القراءة الشاعرية السريعة (الخطف) بالاختلاس ،خذ التقطيع إن أردت :
إنْ قالكفْ (متْفاعلن) ،فن قولِبلْ (متفاعلن) ، كلْلِلْ يدي (متْفاعلن ) ، لا أعرف أين شرق وغرّب صاحبي بالتقطيع ...!!
وقد لا تكتب بعض الضرورات الشعرية في دواوين لشعراء مشهورين ، أما السببه قد يكون  الإهمال ، أو من باب الخطأ الشائع خير من الصحيح الضائع ، فيترك أمر القراءة لنباهة القارئ اللبيب  ، أو لقلة معرفة المشرفين على الطبع ، فمثلاً من أشرف على دواوين الجواهري الكبير ، وقعوا في هذا الخطأ المطبعي ، أو الجواهري نفسه تركه لذوق القارئ وثقافته ، وهي نادرة جداً ، ونحن نذكرها لغرض الدراسة والبحث ، والأمانة العلمية ، فمثلاً  قد اختلس ياء (حمورابي) في البيت التالي (البسيط) ، :           
   هنا حموراب سنَّ العدل معتمداً *** به على حفظ أفرادٍ وعمرانِ
لم يكتب ياء حمورابي على أساس الاختلاس ، وهذا هو الصحيح ، فلو كتب الياء ، التفعيلة الثانية تكون (فاعيلن ) ، وليس (فاعلن) ، فينكسر البيت  ،  وكاتب هذه السطور ، أيضا لم يكتب ياء المخاطبة ، وعوضها بالكسرة للضرورة نفسها ، في الشطر (فدعِ العـــــراقَ بشعبهِ وترابهِ ) .
نرجع  ،وفي البيت الآتي يختلس الجواهري ألف (غاندي ) لفظاً ، وتكتب في الديوان خطأً ، لأن بوجود الألف ، لا يستقيم وزن (فاعلاتن) إلاّ بـ (صانغن دي) بالاختلاس، البيت من (الخفيف) ، وكتبت التدوير صحيحاً ، وليس كما ورد في الديوان ، إذ كتبت الهند كلها في العجز   :
صان غاندي دم الجموع وصانَ الـ *** هندَ أن تستبيحها شعواء
ومن قصيدة (براها) : من (مجزوء الكامل) :
براها سلام كلما ***خفق الصباح على جناحِ
لايستقيم الوزن إلا باختلاس ألف براها (برَهَا سلا متفاعلن) ، وقد كتبت الألف ، والأفضل عدم كتابتها .
لكي لا نطيل عليك ، ونترك سعة للراحة والتأمل والإعادة والإفادة ، ولك أنْ تحسب ما تشاء ، ( وما تشاءون إلا أن يشاء الله ) ، شكراً لصبركم الجميل .     

الإسلام تجربة روحية، وثقافة/ أسعد البصري

وجودنا على هذه الأرض ، روحاني ، و جمالي . أنت ، في الحقيقة ، حر ، و أكبر من الزمان . (( لا أطمع في شيء ... لا أخاف من شيء ...أنا حر )) هذا ما كتبه الأديب نيكوس كازانتزاكيس على قبره ، في جزيرة كريت . لقد أخذ ذلك من قصة هندية سحرته . تقول الحكاية إن هندياً كان يقود قاربه مقاوما تيار النهر الجارف ، الذي يدفع بالقارب نحو شلال صخريّ ، بعد أن استنفذ كل طاقته في مقاومة التيار ، ترك مجذافيه و بدأ يغني بصوت عميق (( آه ... فلتكن هذه الأغنية حياتي ...أنا لا أطمع في شيء .... لا أخاف من شيء ... أنا حر )) . اللحظة التي يكف فيها الإنسان عن المقاومة ، والدفاع ، والرغبة ، والطموح هي بالضبط لحظة الحرية . ميشيل فوكو يُعرّف الإنسان بأنه (( مجموعة الأعضاء التي تكافح الموت )) في اللحظة التي تتعب فيها هذه الأعضاء يتدفق الموت . لقد وجدت الحرية دائماً ، على الحدود والهاوية والخطر ، في اللحظة التي نشتبك فيها مع الموت . هذه اللحظة ، هي لحظة روحية ، و دينية أيضا . هل اتخذنا الموقف السليم من الإسلام ؟ .

لا يستقيم الإسلام بوجود رجال دين و عبادة بشر . يظهر الله دائما في واد غير ذي زرع .، عندما يغدر بك كل الناس . التوحيد ، هو معرفة الله خلف جسدك ، و خلف جسد العالم . ظهور إنسان مسلم اليوم ، أصبح صعبا ، لأن اجتماع المسلمين مع بعضهم ، أصبح ضلالة ، و سفك دماء ، و رياء . الثراء الروحي ، المتروك على شرفات الوجود ، بلغة واضحة ما علاقته ، بهؤلاء الذين يركضون خلف رجال الدين ، ويعبدونهم . هل تريد محاكمة هذا على أنه إسلام ؟؟ . إن روح المسلم ليست له ، مهما فعل بها ، هي كالطائر السجين ، لابد في يوم من الأيام ، أن تتذكر الأرض التي جاءت منها . جاذبية الله على المسلم ، أقوى من جاذبية الحياة والعقل . فليغلق كل واحد منا عينيه، وليفكر بأسوأ الأشياء التي حدثت له ، هل جاءت من الإسلام ؟ . ألم نُعجب جميعا بروحانية جبران ، و ميخائيل نعيمة ، و دوستويڤسكي ، و كازانتزاكي ، وعلاقتهم العميقة الراقية بالمسيح ؟ . الموت يشرق على حافة الحياة ، وكلما تقدمت أكثر ، يعلو الموت في سمائك . لا أعرف كيف تستطيع إخفاء مشاعرك الحقيقية ، في بيت فارغ ، وبعيد عن العالم . لا يكترث البشر لعذابك . لا شمال بعد القطب الشمالي . وإنك لن تخرق الأرض ، ولن تبلغ الجبال طولا . التجربة الروحانية إذا كانت شعرية وإنسانية لا بأس ، وكل الثقافات الحية ، بحاجة إلى إشعاع روحي ، من هذا النوع . الإسلام كثقافة و تجربة ، روحية إنسانية موضع ترحيب ، و حاجة دائمة . لكن ليس كدعاية سياسية ، و إرهاب .


ياسمين آذار المخضب بالدم (الحلقة 24)/ محمد فاروق الإمام

أحمد أبو صالح يرفع دعوى قضائية ضد أمين الحافظ
والحافظ يكتشف أن الضباط العلويين ليسوا بعثيين
أحمد منصور: أنت حينما قدمت استقالتك من عضوية القيادة القطرية في حزب البعث ومن مجلس الوزراء، قلت أنهم قبلوا استقالتك من مجلس الوزراء، ولكن رفضوها من..
أحمد أبو صالح: مجلس قيادة الثورة وليس القيادة القطرية نعم.
أحمد منصور: مجلس قيادة الثورة. آه مجلس الثورة عفوا، ولكنك أقمت دعوى ضد الرئيس أمين الحافظ في مجلس الدولة في نهاية عام 64 أو بداية 65، أنت لا تذكر التاريخ، وأنا لم أجد في المصادر شيء دقيق يتعلق بهذا، أيه اللي دفعك لتقديم هذه الدعوى؟
أحمد أبو صالح: يا سيدي، كما ذكرت أنا تقدمت باستقالتي من مجلس الوزراء ومن مجلس قيادة الثورة بعد سحب الثقة منا في المؤتمر القطري الاستثنائي، قبلت الاستقالة من مجلس الوزراء ورفضت من مجلس قيادة الثورة، ورشحت لأن أكون رئيسا لدورات مجلس قيادة الثورة باعتباري أصبحت متفرغا، إلا أن صلاح جديد رشح الوليد طالب في مواجهتي فأنا بشيء من السخرية قلت: لا، إذا كان الوليد طالب هو المزاحم لي فأنا أتنازل عن ترشيحي وليفز بذلك بالتزكية وهذا ما كان.
أحمد منصور: نعم.
أحمد أبو صالح: لذلك يعني عندما أقمت الدعوى، أقمت الدعوى لأن..
أحمد منصور: ضد رئيس الدولة.
أحمد أبو صالح: ضد رئيس الدولة أمين الحافظ
أحمد منصور: انتو كان لسه عندكم قانون ومحاكم وممكن واحد..
أحمد أبو صالح: محاكم موجودة فعلا محاكم.
أحمد منصور: آه، يعني فضلت مستقلة ولها وضعها..
أحمد أبو صالح: محاكم وخاصة مدنية موجودة، أما أخذنا جزء كبير من اختصاصات المحاكم الجزائية وخاصة فيما يتعلق بالأمور الضخمة الكبرى.
أحمد منصور: أصل من خلال متابعة يعني تاريخ المرحلة ومن خلال الروايات التي سمعتها منك ومن الآخرين الواحد بيعتقد أو بيظن إن هيكل الدولة لم يكن موجود، كان موجود مجموعة من الناس بتسيطر على كل شيء، كل واحد معاه خمس وزارات وخمس قيادات و500 وظيفة وبقية الناس عبارة عن رعاع، وما فيش قانون ولا حاجة بتحمي الناس من شيء حتى إن.. إنك قلت الوزراء كانوا بيعتقلوا وأنتوا ما تدروش.
أحمد أبو صالح: آه.
أحمد منصور: فمش متخيل إن.. إن فيه محكمة وممكن الواحد يروح يرفع قضية ضد رئيس الدولة.
أحمد أبو صالح: حقك، لكن مجلس الدولة بقي يعني.. عين هيئة عليا للقضاء في سورية، وقد أستطيع القول بأنه أعلى من محكمة التمييز، فمجلس الدولة هو المختص بالقضايا التي ترفع على الدولة أو على رموز الدولة بالدرجة الأولى، فهذا من اختصاص مجلس الدولة.
أحمد منصور: أيه.. أيه فحوى القضية اللي رفعتها؟
أحمد أبو صالح: يا سيدي، لأنه عندما رفضت استقالتي من مجلس قيادة الثورة استمريت حتى شهر تشرين الثاني يعني نوفمبر/تشرين الثاني، وأنا أتقاضى..
أحمد منصور: 63.. 64.
أحمد أبو صالح: نعم، وأنا مستمر بتقاضى مخصصاتي..
أحمد منصور: لكن كنت بتحضر الاجتماعات؟
أحمد أبو صالح: أحيانا.. أحيانا، وإذ في يوم من الأيام ذهبت لقبض مخصصاتي كعضو مجلس قيادة ثورة، قيل لي من قبل المحاسبة في المجلس النيابي إنه مع الأسف الشديد جاءنا بلاغ بأنه قبلت استقالتك من مجلس قيادة الثورة، اتصلت بأمين الحافظ كيف تقبل استقالتي وأنتم الذين رفضتموها؟ قال لي: يا أبو طموح، تعال يا أخي احضر ما فيه مشكلة وما أني عرفان شو هادولا بها المعنى العكاريت بيمرروا علي القراروأنا باوقعه، والله ما انتبهت يا أبو طموح وإلى آخره.. نحنا أخوة ما هي في حاجة تروح تقيم علي دعوى.
أحمد منصور: تعال ما هي عزبة يعني.. ما فيش..
أحمد أبو صالح: وتبهدلني أمام المحاكم، وتحكي علي وكذا لأنه.. لأنه استدعاء الدعوى يعني فيه هجوم صارخ عليه وعلى الناس المحيطين به، لأنه هاي عصابة هاي.. يعني هاي ما هي دولة، هادول أناس ما بيملكوا حق يعني حكم بلد مثل سورية، فحكيت كلام كتير في الاستدعاء ده، والغرض لم يكن العودة إلى مجلس قيادة الثورة بقدر ما..
أحمد منصور: أنت محامي بقى و..
أحمد أبو صالح: وكان معي زميل شاركني استدعاء الدعوى والتحدث هو الأستاذ عارف جزماتي.
أحمد منصور: دافعك كان دافع تحدي وانتقام أكثر منه دافع..
أحمد أبو صالح: وإثبات على أنه ما بيجوز الاستمرار بهذا الشكل، يعني الاستخفاف أنا عضو مجلس قيادة ثورة، أنا من الذين شاركوا في التهيئة لـ8 آذار، أنا أقدم من كثيرين منهم بالحزب، أنا أحمل شهادات عالية، اجيد لغات، كيف بها البساطة أصرف من مجلس قيادة الثورة دون أن أتقدم بطلب استقالة، ذلك السبب إنه النصيرية الموجودة بدهم يتخلصوا مني بأي ثمن.
أحمد منصور: إشمعنى أنت؟
أحمد أبو صالح: لأنه قلت لك أنا كنت.. كانت علاقتي كبيرة وطيدة جدا في عدد كبير من الضباط السنة الذين اكتشفوا الحقيقة بعد أيام من 8 آذار بأنه هناك نفس طائفي وكانوا في جبهة العقيد محمد شريف سعود كان يبعث بتقارير لأمين الحافظ بأن هؤلاء ليسوا بعثيين، ليه؟ لأنهم ما كانوا يدرسوا المنطلقات للحزب، وإنما كانوا يحكوا بالهفت الشريف (كتاب ينسب إلى جعفر الصادق)  وبنهج البلاغة وبالجفر (كتاب ينسب إلى علي بن أبي طالب) وبأشياء كثيرة يعني منسوبة لعلي بن أبي طالب.
أحمد منصور: أنت كنت بتطلع على هذه التقارير؟
أحمد أبو صالح: لأ، أنا مؤخرا من العقيد محمد شريف سعود حكى لي، أنا أمين الحافظ لم يطلعني على هذه التقارير.
أحمد منصور: أمين الحافظ كان بيحفظ هذه الأشياء ويوقع من..
أحمد أبو صالح: أمين الحافظ كان يحفظ هذه الأشياء حتى انفجر مرة واحدة وبدأ يتحدث بالطائفية أكثر من أي إنسان آخر.
أحمد منصور: متى هذا؟
أحمد أبو صالح: يعني هاي قبل الإطاحة به، لأنه عندها نشب خلاف بينه وبصراحة وبين العلويين بين النصيرية محمد عمران اللي كان يحاول بكل الوسائل يكون طرف مستقل عن الآخرين، وهذا غير صحيح.
أحمد منصور: عبد الناصر كان قلق من هذا، وتحدث أمين الحافظ معي في شهادته إن إزاي عبد الناصر تحدث مع محمد عمران أثناء مؤتمر القمة لما جلسوا.. تحدث في هذه القضية تحديا، وكان فيه قلق دائم ومستمر بين أمين الحافظ وبين محمد عمران.
أحمد أبو صالح: هذا صحيح، وكنا نحاول بكل الوسائل عندما نسأل عن ذلك أن نقول هذا غير صحيح، ما فيه أي خلاف، في الحقيقة كان خلاف..
أحمد منصور: زي عملية التدليس الي بتم دائما على الشعوب وعلى وسائل الإعلام.
أحمد أبو صالح: لا مع.. مع الأسف الشديد، فأقمت الدعوى أنا..
أحمد منصور: لكن كان.. كان في نفس الوقت أمين الحافظ كان بيطمئن جدا لحافظ الأسد.
أحمد أبو صالح: لحافظ الأسد؟
أحمد منصور: آه، وظل مطمئن له إلى الانقلاب الي قام عليه إن كان مطمئن إن حافظ الأسد قائد الطيران سيكون معه ضد الآخرين.
أحمد أبو صالح: لأ، والسبب كما ذكرت إنه صلاح جديد هو مسؤول شؤون الضباط قبل أن يكون رئيسا للأركان..
أحمد منصور: ده (باتريك سيل) طبعا مصدري باتريك سيل في..
أحمد أبو صالح: نعم.
أحمد منصور: مصدري في هذا هو باتريك سيل.
أحمد أبو صالح: لأ، وأنا باعرف أشياء نحنا اللي سميناه مسؤول شؤون الضباط وبعدين صار رئيس أركان، فكانت.. كل شؤون الجيش كلها بإيده تقريبا، كل الأشياء اللي نحنا ما بنعرفها هو بيعرفها، أمين الحافظ أدرك ذلك على أنه معظم الخيوط للجيش العربي السوري أصبحت في ايد صلاح جديد، محمد عمران كان بيسميه لواص يعني بيقيم علاقات بكل الجهات للتمويه وللخداع وللغش، يعني صراحة - بين قوسين - كنا في السجن فحاول إقناعي بشتى الوسائل أن نهرب أنا ومحمد عمران أنا وإياه، فسألته وأين نذهب؟ قال: إلى القاهرة، قلت له: كيف نذهب إلى القاهرة وأنت بالأمس القريب يعني اعترفت بأنك داسس محمد نبهان في صفوف الناصريين اللي انذبحوا بـ18 تموز، كيف ممكن أنت توصل للقاهرة؟ تبين لي مع الأسف شيء إنه كان ممكن تكون مؤامرة علي إنه أنا وقت اللي بدي أنزل على الحبل وإلى آخره، وإنه هو مهيء عناصر، بيطلقوا علي النار وباسقط أنا على أساس والله واحد كان في..
أحمد منصور: سآتي لفترة السجن، قلت لي كنت بتتكلم لغات، أنت بتتقن أي اللغات؟
أحمد أبو صالح: أنا طبعا في الأصل فرنسي، ودرست في بلجيكا باللغة الفرنسية، وفي ألمانيا الحزب الشيوعي طلب مني أن أقدم بحث دكتوراه بيتعلق بالحياد الإيجابي وعدم الانحياز، فعلموني اللغة الألمانية خصصوا لي أستاذة إلي ولزوجتي بروفيسور ياباني تعلمنا اللغة الألمانية، فتعلمت اللغة الألمانية.
أحمد منصور: صحيح عرض عليك من خلال هذا أن تكون وزير للخارجية في فترة الثورة هذه أو انقلاب 63؟
أحمد أبو صالح: يا سيدي، الأستاذ ميشيل عفلق بسبب معرفته بأنه أنا يعني عشت فترة بأوروبا وأجيد عدة لغات فرشحني لأن أكون وزيرا للخارجية قبل أن يطلع على إنه أنا شخصيا يعني لي موقف حدي من موضوع يعني منطلقات الحزب وإلى آخره، رشحني لأن اكون وزيرا للخارجية، فإجابتي كانت بأنني لا أصلح لأن أكون وزيرا للخارجية، لأنه لست منسجما تمام الانسجام مع.. مع سياستنا فكيف ممكن..
أحمد منصور: سياسة الحزب نفسها..
أحمد أبو صالح: سياسة الحزب طبعا، فكيف ممكن أنا أروح يعني أكلف الوزراء بالدفاع عن أشياء أني ما أني قانع فيها أو.. أو إلى آخره، فأنا قلت لهم أنا بافضل يعني ما أكون وزير..
أحمد منصور: نعود إلى ما بينك وبين أمين الحافظ.
أحمد أبو صالح: فأقمت الدعوى أنا واستمرت الدعوى وفي كل مرة آتي فيها إلى دمشق كان أمين الحافظ يتصل فينا هو أو زوجته على فندق السفراء ويترجوني إنه أعمل له زيارة حتى قابلته في إحدى المرات، كان جالسا في الطابق العلوي ويعني عمال يأكل ويشرب وإلى آخره، فعاتبني إنه ليش يا أبو طموح ما نحنا إخوة وإلى آخره يعني بتفضحني بتبهدلني كذا..
أحمد منصور: أنت كنت يعني عضو اليمين بتاعه، دائما تجلس على اليمين.
أحمد أبو صالح: أجلس على اليمين بس أنا ما أني اليمين بتاعه لا.. لا.
أحمد منصور: لأنه كان صلاح جديد.
أحمد أبو صالح: لا يعني أنا بصراحة وبتواضع باقول لك أنا معتبر نفسي أهم منه على كافة الأصعدة مع الأسف يعني بيجوز يكون هذا فيه مبالغة بس هيك أنا حتى هذه اللحظة..
أحمد منصور: صلاح جديد كان الياوران اليمين.
أحمد أبو صالح: كان.. أيه كان الياوران اليسار.. كان ياوران..
أحمد منصور: اليسار.. مين كان اليمين؟
أحمد أبو صالح: أنا، إذا مصر على كلمة ياوران..
أحمد منصور: ما أنت كبير الياوران اللي شد ايدك..
أحمد أبو صالح: فليكن.. يا سيدي، فأمين الحافظ روحت لعنده زرته شوفته قاعد حاطط الفروة وقاعد على الأرض ومتكئ على هيك كرسي، يعني وجلابية لابس، أخذت جانبه أنا شاركته الأكل والشرب وكذا، وإذ بالمرافق مصطفى العيسى هذا أحد الذين شاركوا في 8 آذار ضابط هو من جهاز حلب من.. ابن إحدى العشائر هناك يعني أبوه معروف الشيخ جميل، إجا قال له: سيدي، الدكتور نور الين تحت بده إياك، قال له: خليه يتفضل، نزل طلع مرة أخرى قال له سيدي يريد يشوفك على انفراد، أمين الحافظ قال له شو فيه.. شو على انفراد يأخ أبو طموح قال له: أصلا لما قلت له أبو طموح فوق أصر إنه يشوفك على انفراد، قلت روح أبو عبده شوف شو عليه معلش، ونزل أبو عبده ما غاب هي فترة قصيرة ورجع عم يرجف أيه ها الكذا وكلام قاسي وبذئ عم بيحكي، خير إنشاء الله؟ قال لي: هاي الكذا يا أخي جاي عم بيقول لي إنه انتبه سيادة الفريق لأنه صلاح جديد وحافظ الأسد وها المجموعة الطائفية عم يتآمروا عليك، فشايف الابن الكذا ما هو إيده للأبط واللي ايده للأبط هو معاهم، فهو عم بيحاول يعني إذا ما انتصروا علي بيكون بلغني وإذا انتصروا علي بيكون هو معاهم.
أحمد منصور: كان هو وزير داخلية نور الدين في ذلك الوقت.
أحمد أبو صالح: نور الدين في ها الوقت أيه كان وزير الداخلية بالضبط نعم، واستمرينا بالدعوى لحين ما اعتقلنا أنا وأمين الحافظ ورحنا السجن.
أحمد منصور: طبعا ده لما سقط.. لكن خلصت.. خلصت على أيه القصة أنت بعد الآن ما أقمت الدعوى في نهاية 64 لم يعد لك علاقة بالحكم لحد ما رحت السجن؟
أحمد أبو صالح: رحت لأ، رحت أنا وآخرين وكنا فعلا من قبل إقامة الدعوى من وقت ما يعني أنا في الحقيقة ما عدت أشارك جديا بمجلس قيادة الثورة قبل قبول استقالتي المزعومة، أنا ها إلى يعني مجموعة مو إلي طبعا علاقتي وطيدة بمجموعة من العسكريين ومجموعة من.. من..
أحمد منصور: بقيت علاقتك..
أحمد أبو صالح: ما أنا حزب البعث العربي الاشتراكي اليساري حزب مستقل عن حزب.. وهذاك بنقول هادوليك ما إلهم علاقة..
أحمد منصور: يعني حزب..
أحمد أبو صالح: في الحزب لأنه خالفوا النظام الداخلي وإلى آخره، لذلك الحزب..
أحمد منصور: أقدر أقول دورك السياسي كان فاضل مستمر في تلك الفترة رغم أنك كنت استقلت من مجلس الوزراء، ومن القيادة القطرية هم شالوك منها..
أحمد أبو صالح: شالوني نعم.
أحمد منصور: بعدين حتى هم أقالوك من مجلس قيادة الثورة.
أحمد أبو صالح: مجلس قيادة الثورة.
يتبع

احمد القبانجي في ميزان الحداثه وتأثيره على المجتمع العراقي/ احمد البياتي

بادئ ذي بدء أتمنى على القارئ لهذه السطور أن يترك أي فكره مسبقه سواء كانت مؤيدة أو معارضة لما يطرحه أحمد القبانجي ويقرأ السطور بروح الباحث المحايد الذي لا يرضى غير العقل حكماً وعليه أن يعلم أن هذه السطور لم تكتب دفاعا عن الإسلام أو عن مؤسسة معينة فالإسلام بنظري أعز وأكرم من أن يقلل من شأنه المتطرفون سواءاً كانوا اسلاميين او ملحدين او متصيدين، والمؤسسات تستطيع ان تدافع عن نفسها بنفسها إن كانت تسمع وترى وتتكلم !!! ولكن كتبت للأسباب التي ستعرفها حال قرائتك السطور.
ميزان الحداثه :
الحداثة مفردة تم استخدامها لاول مرة في القرن الخامس الميلادي للتمييز بين الحقبة الوثنية والحقبة المسيحية، لذا هي ببساطة تعني التخلي عن الماضي القريب لصالح بداية جديدة واعادة تفسير الأصل التاريخي ليتلائم مع هذه البداية الجديدة. الحداثة أمر متشعب كتشعب الحياة، فهناك الحداثة على المستوى الاقتصادي وعلى المستوى الديني وعلى المستوى الهندسي والإداري وعلى مستوى البنية التحتية وعلى مستوى التقاليد وهكذا إلى ما لا نهايه.
السؤال هو ما علاقه أحمد القبانجي بالحداثه؟ الجواب أن  ما يطرحه أحمد القبانجي محصور بالاتجاه الديني فهذا يعني أن طرحه لن يغيّر الواقع الثقافي أو الإداري أو الخدماتي أو القوانين وغيرها من الأمور التي هي أساس أي مجتمع متطور فلدينا تجارب مثل أوربا وأمريكا واليابان كل مجتمع له توجه ديني مختلف عن الأخر تماماً ولكنّهم يجتمعون بكونهم في رياده العالم اقتصادياً وسياسياً واجتماعياً نتيجة المنظومة التي تدير هذه البلدان التي هي إلى حد كبير متشابة، أطروحه أحمد القبانجي محصوره فيما يمكن تسميته الحداثة على المستوى الديني  وهنا  يجب الالتفات إلى الفرق الكبير بين الأطروحات الإصلاحية التوضحية التي قادها ويقودها  كبار مفكري المسلمين أمثال الدكتور علي شريعتي والدكتور فرج فوده والدكتور عدنان ابراهيم وجمال الدين الأفغاني وغيرهم الكثير  وبين  أطروحه أحمد القبانجي  الحداثوية والمؤلفه من ثلاثه محاور :
الأول: محور يتفق الجميع عليه وهو عدم الرضا عن أداء المؤسسات الدينية القائمة بشكل عام وهي انتقادات واعتراضات موجودة على لسان الجميع وأنا كإنسان علماني في اول قائمة المنتقدين ولا خلاف في انتقاد الممارسات الخاطئة.
الثاني: محور لا قيمة فعلية عملية او عقلية له وإنما مجرد وسيلة لتقوية المحور الثالث، فمثلاً عندما يقول أن اليابان تطورت لأنّها لا تتبع الشريعة الاسلامية وبالتالي الشريعة مضرة ولا قيمة لها، هذا الكلام لا يمكن أن يقنع أي مثقف أو أي شخص عادي لديه اطلاع بسيط على أسباب تقدم الدولة المتحضرة ومن ضمنها اليابان وهو كلام لا يستحق الرد أو الوقوف عنده.
الثالث: وهو المحور الأهم الذي يبلور فكرة أحمد القبانجي الحداثوية وهو محور ضرب الإسلام ومبادئه بالخصوص دون سائر الأديان لقله معلوماته بها كما واضح عندما يتكلم عن المسيحية مثلاً (التقى أحمد القبانجي قبل فتره بأحد رجال الدين المسيحين وقال له بالحرف أن العلاقة في المسيحية هي علاقة بين الأب والابن وهذا أفضل من العلاقه في الإسلام التي هي بين العبد والمعبود، وهذا كلام من لا يفقه شيئا عن المسيحية، حيث أن عيسى حسب المفهوم المسيحي يعتبر ابن حقيقي لله وليس ابن على المستوى المعنوي وعلاقته بالله تختلف عن سائر البشر فهو ابنه الوحيد أما سائر البشر فهم نتيجه علاقه بين الرجل والمرأة).
أحمد القبانجي يستغل التعاطف الذي يحصل عليه نتيجة كلامه في المحورين الأول والثاني وبالتالي هو يستغل عدم الرضا عن الأداء الحالي وهو أداء متخلف بطبيعة الحال للمؤسسات الدينية لتمرير المحور الثالث وعمله هنا يشابه إلى حد بعيد استغلال القوى السلفية لعدم الرضى في الشارع العربي عن أداء الحكام وتوجيهه بالاتجاه الذي يخدم أجنداتهم الدينية والسياسية بعيداً عن حاجات مجتمعاتهم الاقتصادية والإدارية والحضارية.
هذه المحاور الثلاثة لا تطرح أي فكر ممكن أن نقول عنه حداثة فالمحور الأول هو فكر انتقاد ومطالبة بالإصلاح وهي مطالب يتفق عليها الجميع، أما المحور الثاني فهو بعيد كل البعد عن الحداثة وبالرغم من عدم اهميته إلا أنه يساهم في زيادة غفلة المجتمع عن أسباب تخلفه على المستوى الاقتصادي والسياسي والاجتماعي فبدلاً من أن يهتم بتوجيه الناس في سبيل إصلاح أحوالهم عن طريق اتباع الطرق العلمية الحديثة في الإداره والإنتاج و تطوير الجامعات فإنّه يوجههم إلى نبذ إيمانهم ويطلق شعارات مثل "لقد آن الآوان لوضع الشريعة الإسلامية في متحف التاريخ" فيجيبه أحد أتباعه في "مزبلة التاريخ " ويجيب الأخر " هذا ما أكدته الوقائع من خلال تعارضها مع الحداثه "!!!! أبمثل هذا الكلام تبنى الدول ويحارب الفساد؟ وكل منصف يعلم أن الإيمان بالدين الفلاني من عدمه لا علاقة له بتقدم الدول من تخلفها والدول المتقدمة كلها شاهد على ذلك، أمّا المحور الثالث فهو أيضا لا علاقة له بمبادئ الحداثة التي تعني استبدال القديم بشي جديد  لأنّه يقدم بديلاً واضحاً عن القديم في حين أحمد القبانجي فكر مشوش غير واضح المعالم ولليوم يحتار من يستمع له ولا يعرف بماذا يؤمن أحمد القبانجي وكيف يستدل على إيمانه و اعتقاده فهو يكثر من كلمات كنت مخدوعاً ولا نعرف كيف نثبت أنه ليس مخدوعا اليوم بما يطرحه من افكار حول ربه؟ أما كلامه بأسباب تقدم الدول وغيرها فهو بالتأكيد مخدوع ويهرف بما لا يعرف، فاليابان التي تكلم عنها أحمد القبانجي لم تتطور وتتقدم بسبب نبذها لإيمان أفرادها أو الاستنكار لتراثها الديني وإنما اليابان كدولة وجدت نفسها محطمة بعد الحرب العالمية الثانية فكان الحل الوحيد هو تطوير منتوجاتها  لتجد قبولاً في مختلف دول العالم الامر الذي يمكنهم من خلاله بيع منتوجاتهم وشراء الطعام وتم ذلك بخطوات علمية مدروسة لم تبدأ بنبذ الدين والتراث وانتقاد إيمان اليابانين وإنّما بدعوة الدكتور الامريكي "منغ" أحد رواد إدارة الجوده الشاملة ومن تلك اللحظة بدأت ريادة بضائع اليابان في مجال الجودة والموضوع يطول ولا مجال للاسهاب ولكن ببساطه الحداثه بطبيعتها تتطلب فكر واضح المعالم لتجاوز الفكر القديم وهذا غير متوفر في أطروحه احمد القبانجي المشوشة فالحداثة ليست مجرد انتقاد أجوف للموجود وإنما توفير بديل ذو مميزات واضحه ودلائل أكثر اقناعا من السابق.
فكر احمد القبانجي  و المجتمع العراقي
تأثير فكر أحمد القبانجي على المجتمع العراقي لا يختلف كثيراً عن تأثير أي فكر متطرف فلا أعرف ما الفرق بين التكفيري الذي يهاجم قيم الشعب العراقي بالقول والفعل  وبين أحمد القبانجي الذي يقول "محمد كان يكثر من الزواج لرغبته في الحصول على ولد يخلفه في الحكم" أو "الحوزه أسوأ ظاهرة اجتماعيه" فإذا كان الفكرين متفقين في التطرف فأن الفرق بينهما هو إمكانية الفعل، فعدم الفعل هنا يعزى إلى قلة أتباعه ولنا أن نتصور لو أن صدام سمع بفكر أحمد القبانجي أو كَثُرَ أتباعه فما ستكون النتيجه!!! أحمد القبانجي  يوجه مشاعر الطبقة الشعبية المعترضة على أداء المؤسسات الدينية و المؤسسات الحكومية ذات الطابع الديني باتجاه لا يقدم أي حلول فعليه تساهم في القضاء على الفساد والتخلف الإداري والاقتصادي ولنا أن نتصور لو أن احمد القبانجي يقول ما يقوله اليوم في زمن لم يكن للمؤسسات الدينية هذه السطوة في الخمسينيات أو التسعينيات من القرن الماضي فلن يكون لكلامه أي صدى لأن المشكلة كانت في الانظمة الحزبية والعسكرية وليس كما هو الحال اليوم  وهذا دليل آخر على أن كلامه لا علاقه له بطرق تقدم الدول حيث كلامه موجه الى عامل واحد فقط  وهو العامل الديني. باختصار شديد كلامه وجد قبولاً لانه اوجد منفذاً للتعبير عن الغضب وعدم الرضا الشعبي ولكن هذا المنفذ خطير على المجتمع العراقي لسبيبين :
أولا: هو لا يقدم أي حلول لواقع الفساد وتردي الخدمات بالعكس هذا التوجه يدير أعين الناس عن المشكله الحقيقه المتمثلة بتغلغل الفساد تحت ستار الدين اليوم وحزب البعث بالامس والملكية قبل الأمس إلى مؤسسات الدولة نتيجه غياب المؤسسات القانونية والادارية والرقابية الفاعلة. وبالتالي إشغال الناس في صراعات جانبية هي أبعد ما تكون عن توفير الحلول لمشاكلهم والأمثله كثيرة ومنها ما كتبه أحد المقربين منه تعليقا "على صورة امراءه عراقيه تبحث في القمامه حيث قال بالحرف "أنها تبحث في اكوام العمامه" عازيا هذه الحالة الاجتماعية إلى العمائم ولا أدري ما سيكون تبريره لو رأى نفس الصوره في عراق صدام حسين او في روسيا أو أمريكا وهي موجودة. الحل لهذه الظواهر لا يتأتى بترك الدين او تطبيق الشريعة ولا يتأتى بصلاح الحاكم أو صلاح الرعيه وغيرها من الشعارات والتشويشات وإنما الحل هو بنظام الحكم المقنن والمنظم والذي يحاسب الحاكم والرعية إن أخطئوا او تجاوزوا وبتوفير نظام إداري وقضائي ورقابي و ضمان اجتماعي متكامل بغض النظر عن إيمان الرعيه او الحاكم.
ثانيا: هو يزيد من تفكك المجتمع العراقي حيث بالإضافه إلى الطائفيين والخارجين عن القانون هو يعمل على إبراز طابور جديد غاضب على الدين الذي يمثل عقيده الكثير من العراقيين لانه يعتقد أن سبب عدم تطور العراق كاليابان هو الشريعه و هذا الغضب سيوجه باتجاه من يؤمن بهذا الدين بالضرورة لأن الدين ليس شخصاً معنوياً وبالتالي زيادة تنافر شرائح المجتمع بإضافة بُعدٍ جديد بالإضافه إلى الأبعاد المذهبية والقومية الموجودة.
لا بد من الإشاره ايضاً إلى أن بعض من يمجّد ما يطرحه القبانجي هم من المعروفين مجتمعياً بابتعادهم عن الدين وممارساته قبل القبانجي بكثير ونتيجة لأنهم يعيشون في مجتمع يهوى إطلاق الأحكام على الأخرين بمناسبة وبغير مناسبة الأمر الذي وضعهم تحت ضغط عائلي ومجتمعي دائم وخصوصا مدمني الكحول منهم، فإذا بهم يستمعون لشخص معمم يزيل هذا الضغط على الاقل نفسياً وليس هذا فقط وإنما يجعل من تصرفاتهم قمة الحضارة والإنسانية والسبيل الوحيد إلى انقاذ العراق من مأزقه وقبل ذلك يخرجهم من مأزقهم مجتمعياً على الأقل أمام أولادهم وزوجاتهم  فكيف لا يتّخذه هؤلاء صنماً و مفكراً لا نظير له ولا مثيل له.
لا بد من الإشارة إلى أن أحمد القبانجي كذلك يعمد إلى ما يعتقده البسطاء او السائد مجتمعيا وليس دينيا ليلصقه بالدين ومن ثم ينكره على سبيل المثال قوله تعالى (يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَن تَنفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ فَانفُذُوا ۚ لَا تَنفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطَانٍ) يقول أحمد القبانجي أن المسلمين يعتبرون هذه الآية إعجازاً علمياً ولكن هذا غير صحيح لان الآية ما هي إلّا إقرار بأنّه لا يمكن الفرار من حكومه الله ... وهنا أحمد القبانجي يصور نفسه بأنه المصحح والمكتشف لأخطاء المسلمين ولكن المفاجأة أن كل التفاسير تشير الى هذه الآية تؤكد ما ذهب إليه أحمد القبانجي، إذاً من أين آتى أحمد القبانجي بمقوله أن المسلمين يعتبرون هذه الآية إعجازاً علمياً؟؟؟ إنّه فهم بعض الناس وليس فهم المختصين لها، إذاً هو يشير إلى فهم بعض الناس ويلصقه بالدين ثم يستنكره ومن ثم وهنا الطامه الكبرى لا يشير أن مفسيرين الاسلام ايضا يذهبون الى رأيه. ولابد أن أشير هنا أن رأيي الشخصي هو أن الآية تؤكد أنه لا يمكن الفرار من حكومه الله ولكن في نفس الوقت اجدها لا تخلو من الاشارة الى إمكانية النفاذ من اقطار الارض والسماوات بلسطان فالآية تحمل المعنيين.
الخلاصة:
اولا :السطور أعلاه ليست لتكميم الأفواه وإنما جزء من منظومة البحث العقلي والمنطقي وحرية الفكر وحرية انتقاد أي فكر مطروح على الساحة.
ثانيا: ليس كل من ينتقد الدين مثقف والعكس صحيح.كما ان ليس كل من ينتقد الاديان متطرف كالقبانجي والعكس صحيح .
ثالثا :ما يطرحه أحمد القبانجي لم ولن يقدم أي حلول لواقع العراق السياسي أو الاقتصادي وعلى المهتمين بالشأن العراقي فعلاً الاشتغال على دعم وإقرار القوانين والأساليب العالمية التي أثبتت نجاحها في الإداره والاقتصاد والسياسية…الخ، بعيداً عن الشعارات الجوفاء.
ما يطرحه أحمد القبانجي لا يمثل اي حداثة بالاتجاه الديني فالفكر المشوش لا يمكن أن يحل محل أي دين واضح المعالم.
رابعا:فكر أحمد القبانجي يسخر طاقات الشباب المنزعج من آداء المؤسسات الدينية الغير متطرفة، والمؤسسات الدينية التكفيرية لإنشاء فكر متطرف كرد فعل على ما موجود بالساحه الأمر الذي يزيد الطين بله.
خامسا: فكر أحمد القبانجي يستغل طاقات الشباب المنزعج من أداء المؤسسات الدينية المتطرفة وغير المتطرفة بشكل لا يخدم العراق ومستقبله فهو لا يوجه هذه الطاقات بالاتجاه الصحيح للعمل على دعم مسيرة العراق السياسيه والاقتصاديه ودوره هنا لا يختلف كثيرا عن دور المؤسسات الدينية التي ينتقدها هو ولكن نظرته المتطرفة قد تكون عاملاً في زيادة التنافر بين مكونات المجتمع العراقي بإنشاء طابور لا ديني متطرف.
سادسا :السؤال الذي لا يمكنني الإجابة عليه هو هل تأسيس هذا الطابور المتطرف اتجاه الدين ومعتنقيه في المجتمع  هو أحد مقاصد أحمد القبانجي أم هو ناتج عرضي.
سابعا :على المؤسسات الدينيه المبادره بإصلاح ذاتها بذاتها قبل أن تتحول إلى أحفوريات فكرية،
وعليها أن تتفاعل مع ما يطرح على الساحه بالرد والتوضيح .