الأسرى موعدٌ مع فجرٍ جديد/ د. مصطفى يوسف اللداوي

قيدٌ جديدٌ ينكسر، وفجرُ صبحٍ ينبلج، وخيوطُ حريةٍ عزيزةٍ تنسج، وإرادة عدوٍ تنكسر، ويقين الفلسطينيين ينتصر، وأملٌ آخر ينهض، ووعدٌ بالحرية يتجدد، وعهدٌ قديم لا يتبدد، وظلالُ رجالٍ يلوحون في الأفق، يطلون من تحت الضباب، وقد ملأوا صفحة السماء، بروؤسٍ عاليةٍ ما طأطأتها السجون، وقاماتٍ ممشوقةٍ ما أحنتها المعتقلات، وجوهٍ صبوحةٍ وضوءةٍ ما عضنتها المعاناة، ولا أشقتها سنون العذاب، يخرجون من السجون رجالاً كما دخلوها أول مرةٍ، يملؤهم اليقين بالنصر، ويعمر قلوبهم الإيمان بكل الوطن، فما أوهى السجان عزيمتهم، ولا أضعف إرادتهم، ولا زعزع بالنصر يقينهم، ولا أجبرهم على التخلي عن حقهم شقاء السجون، ولا بؤس المعتقلات، ولا صدأ وسماكة أبواب الزنازين الصماء، ولا وحشة العزل وكآبة البقاء سنيناً في زنازين العزل منفردين، ولا الحرمان من رؤية الولد، والاحساس بحنين الأم، ودفء الأب، ولا الحنين إلى حنو الأخت، ووفاء الأخ، وعزوة الجار والقريب.
مرحى بالحرية، وأهلاً بالفرج، وهنيئاً للأسرى الذين سيفرج عنهم بعد أيام، وسيعودون إلى بيوتهم وأهلهم بعد سنواتٍ طويلة من الأسر والاعتقال، إذ تجاوز اعتقال بعضهم أكثر من ثلاثين سنة، قضوها في غياهب السجون والمعتقلات، في ظل معاناةٍ مريرة، وضيقٍ شديد، وحرمانٍ قاسي، وألمٍ كبير، وقد فاتتهم صفقاتٌ سبقت، وتجاوزتهم فرصٌ كانت، فما تحققت خلالها حريتهم، ولا كتب لهم الفرج، في الوقت الذي نعم فيه كثيرٌ من إخوانهم بالحرية، واستمتعوا بالانعتاق من قيد السجون والمعتقلات، ففرحوا بعودتهم إلى بيوتهم وأسرهم، ولم ينغص عليهم فرحتهم بهم أنهم لم يكونوا مثلهم، ولم يطلق سراحهم معهم، ولم تشملهم قوائم التبادل، ولا مبادرات حسن النية.
اليوم نفرح لأسرانا ومعتقلينا الذين سيخرجون من سجونهم، وسيغادرون معتقلاتهم، أياً كانت الوسيلة التي سيتم بموجبها إطلاق سراحهم، وفك قيدهم، طالما أنه ليس فيها تنازلٌ عن حق، أو تراجعٌ عن موقف، أو إلزامٌ بنهج، أو تعهدٌ للمستقبلن أو اعتذارٌ عن فعل، أو ندمٌ عن عمل، فأهلاً وسهلاً بالحرية، ومرحى بالفرج، نفرح ونبتهج، ونسر ونسعد، وسنغني وسنطرب، ومن قبل سنحمد الله العظيم، الذي مَنَّ على الأسرى بالحرية، وأكرمهم قبل الموت برؤية أهلهم، والعودة إلى أسرهم، والعيش بالقرب من أولادهم، فهذا فضلٌ من الله عظيم، وكرمٌ منه سبحانه وتعالى جليل، فله جل وعلا نتوجه بالحمد والشكر، إذ هو وحده أهل الفضل والمنة.
لا تظنوا أن العدو الإسرائيلي راضٍ عن هذه المبادرة، أو أنه سعيدٌ بهذه الخطوة، أو أنه يتقدم بها عن طيب خاطرٍ ورضى نفس، وأن مؤسساته الأمنية والعسكرية والسياسية موافقة على هذه المبادرة، ومرحبةً بها، وكأنه يريد أن يتقرب بها إلى الشعب الفلسطيني، وأن يبدي له حسن نيته، وسلامة طويته، وجديته في التوصل معهم إلى اتفاقِ سلامٍ، أو أنه حزينٌ لواقع الأسرى، وغير راضٍ عن احتجازهم وحبس حرياتهم، وأنه كدولةٍ متحضرةٍ ديمقراطيةٍ متقدمة، يحرص على أن تكون صورته أمام العالم جميلةً نقية، فهو لا يقبل أن يحتجز شيوخاً كباراً، ولا أسرى أطفالاً، ولا نساء أو مرضى، مصابين بأمراضٍ مزمنةٍ أو مستعصية.
الحقيقة أن الكيان الصهيوني لا يرغب في الإفراج عن أي أسيرٍ فلسطيني، ولا يتطلع لتقديم أي مبادرة حسنِ نيةٍ لهم، بل إنه يتطلع إلى أن يبقي عليهم جميعاً في السجون والمعتقلات، يعانون ويعذبون، ويقاسون ويشكون، فهو لا يشعر تجاههم بأي رحمة، ولا ينظر إليهم بعين الشفقة، بل إنه يقوم بقتلهم قتلاً بطيئاً مؤلماً، وهو يرى أن العديد منهم قد أصيبوا بالعمى وفقدان البصر، أو بالسرطان وأمراض القلب، ومنهم من شل وفقد القدرة على الحركة وخدمة نفسه، ولكن الكيان الصهيوني لا يأبه بهم، ولا يفكر في الإفراج عنهم، أو التخفيف من معاناتهم، ولهذا فإنه لا يفرح لحريتهم، ولا يرضيه عودتهم إلى بيوتهم وأسرهم، وقد بدا عليهم الاضطراب والاختلاف، فخرجوا في مظاهراتٍ واعتصاماتٍ، وتوجهوا إلى المحاكم للطعن، ومنع الحكومة من إطلاق سراحهم، بحجة أنهم قتلة، وأن أيديهم ملطخة بالدماء.
اليوم نفرح ونبتهج، فلا ينبغي لأحدٍ أن يعترض أو يرفض، أو ينتقد ويخالف، أو يحاول من موقعه المريح، ومسكنه الوثير، وسيارته الفارهة، أو وهو في أهله وبين أولاده، معافىً من كل سوء، سليماً من أي مرض، يأكل أطيب الطعام، ويلبس أبهى الثياب، ويملك قراره الحر بالترحال أو الانتقال، فلا قيود تمنعه، ولا سجان يحبسه، ولا جدران تحيط به، ولا قيود تنغرس في معاصمه، ولا شئ ينغص حياته، ويقرب مع الأيام أجله، فلا يرفعن صوته منتقداً، ولا يصخبن بمواقف رعناء، وتحليلاتٍ عقيمة، ورؤى مريضة، ووجهاتِ نظرٍ سقيمة، ولا يناضلن بمعناة الآخرين، وشقاء الأسرى والمعتقلين، وليسكت من أجلهم، وليتوقف عن اللجاجة والمجادلة إكراماً لهم، فهذا يومٌ ننتظره منذ زمن، ونترقبه منذ حين، وقد ابيضت عيون آباءٍ وأمهاتٍ وهم يبكون انتظاراً لهذا اليوم، الذي فيه يرون أولادهم، عل الله الذي رد يعقوب بصيراً أن يكرمهم في أواخر أيامهم بلقاء من يحبون ويعشقون.
كما لا ينبغي أن تتوقف الجهود ولا المساعي، ولا أن نكتفي بما حققنا، ونرضى بما أنجزنا، بل علينا أن نواصل الجهود، وأن نتابع العمل، وأن نعدد الوسائل والأدوات، فلا ندخر جهداً، ولا نستبقي وسيلة، وألا نيأس أو نمل، وألا نستجم أو نرتاح، وألا نجمد وسائلنا عند طريقةٍ واحدة، وإن كان الأمل أن ينجح مقاومونا في أسر جنودٍ إسرائيليين، نجبر به الحكومة الإسرائيلية على القبول مرغمةً بتبادلٍ جديدٍ للأسرى، نحقق من خلاله الحرية العزيزةَ لأكبرِ عددٍ من أبنائنا، وقد أكرمنا الله بأسرى إسرائيليين سابقين، حققنا من خلالهم صفقاتٍ مشرفة، كانت نتيجتها الإفراج عن مئات الأسرى والمعتقلين، أفرحتنا وأسعدتنا بعزةٍ وكرامة، وأبكت العدو ومرغت أنفه بالتراب، وأجبرته على أن يفتح الأبواب، وأن يكسر الأقفال، ويخرج من عتمة الزنازين مئات الرجال الأبطال.

أبايعـك رئاسة مصـر يا سيسي/ مهندس عزمي إبراهيم

إستجابة لشعور دافئ يغمر حنايا نفسي، أفتتح مقالي باللغة العامية المصرية الحبيبة إلى قلبي وإلي قلب كل مصري:
السيسي البطل قال كِلمته، أثبت ذكاؤه وحكمته، أثبت ولاؤه لأمّته، وشرَّف بلاده ومهنته. نِسر الوطن شاف الوطن كبس عليه هَمّ الزمن، وكاد يكون بؤرة عفن. شاف الوطن جسد بينزف عزته، فَرَد جناحه وسطوته. لا هَمُّه غرب ولا هَمُّه شرق، ولا عرب ولا امريكان، ولا "سَلـَف" ولا "اخوان"، ولا أوباما ولا أردوغان. ما هَمُّه إلا دولته ومصريته. طرد التتار وِش الدمار، طرد العميل والجاسوس، شال الكابوس. عزل "الخروف" راعي "الجاموس"، اللي في أيام حكمه ما شاف الا عشيرته وصفوته، واللي على الكرسي ما خاف لامن إلـَـه ولا من ضمير، بس خاف من مرشده وعصبته وشِـلته.
قام البطل، السيسي البطل، سَمَع لشعبه واستجاب، وبرضه شعبه لدعوته هب انتفض له واستجاب، بالرجال وبالنساء وبالكهول قبل الشباب.. حرر بلاده بنخوته وبهمته
***
علاوة على مقالات عديدة ناشدت بها جيش مصر للنهوض لدرء كابوس الأخوان الجاثم على صدر مصر، نشرت في ٢٢ ديسمبر ٢٠١٢ قصيدة بعنوان " فينك يا جيش مصر غايب؟"
الشـمعــة كـــادت تِتحــرق *** وَصَـــل فتيــــلها القَعــْـــر
والريـح شـديــد والسحـاب *** جناحاتــه.. كالــدَمّ حُمــْــر
والبحـــر هايــــج ومايـــج *** والمـوج في كــَــر وفــَـــر
ومصـر من غيـر شـــراع *** مش قـــادرة توصـل بـَـــر
عـايـــــمة.. بـلا قبطـــــان *** يتـــولى فيـــــها الأمــْـــــر
المصري الصَبـور أيــوب *** فـاض بـه القلـَــق والصبـر
مصــر الفتـــــاة اغتصبها *** بلطـَـجي... وقاصِــد شــَــر
بيقولـوا اخــوان مسـلميـن
بيتســتروا في الـديـــــــن
دَوَّرت.. مالقيـــــــت لــهم *** في ســفـر الديــانـة سـطــر
لقيـــت تاريخـــهم مُلغــَّــم *** بِشـَــــرّ.. يمــــلا دَهـــْــــر
سَـفــْـك دمـــــاء واغتيــال *** ومكــر وخيـــانـة وغــــدر
***
فينك يا جيش مصر غايب *** نـايــــم... ونـاسـي مصـــر
كفـــاية يا جيشـــنـا نــــوم *** كفـــايـة نومـــَـــك طــــــال
قــوم يا جيشــــــــنـا قــول *** كما امــرؤ القيــــــس قــال
اليـــوم يا مصــر خمــْـــر *** وغـــــداً يا مصــر أمــْــــر
*******

ونشرت في 7 مارس 2013 قصيدة أخرى بعنوان "ياجيـش بلدنـا" ناشدت فيها شعب مصر الحر وجيش مصر الباسل:
الثـــورة محتــاجة القيــــادة، ومن غيـر قيــادة أو سـيـادة
يبقى الوطن مالوش صحاب
حيهِـب في عينيــنا التــراب، وتبتـدي بدايــــة الخــراب
وحتلقوا شعـر الطفـل شـاب
حيبقى سـوق من غير نظـام
ولا أمان ولا سـلام ولا حمام
حتبقى مصـر.. مصـرستان والشــرّ مطلـوق له العنــان
حتبـقى مصـر.. أسخــم ألـف وألـف مـرة... من زمــان
يا مصري قـوم فتـَّح عينيـك، فــوق وفـَتــِّـش حـواليـــك
تلــقى التعــالـب والديـــابة، هاجمين كأن الوادي غــابـة
اللي يلهـــف واللي يخطــف واللي إيـــده مـش بتنضَـف
واللي هايـص واللي مايـص واللي وسـط الشــلة لايـص
واللي يُقرُص واللي يُنغُـص واللي وسـط الزفـَّة يُرقُـص
واللي كــل هَمــُّــه يكســب، واللي ع الوشـيـن بيلعــــب
***
واللي شـايــــل قنبــــــــــلة، ونـاوي فــوضى وبَهــــدلة
واللي شـــايل بندقـِيــــّـــــه، ومستخـبّي في التـَقـِيــــّــــة
واللي شاهر سـيف في إيـده، واللي جـايّ بأمـــر سِـيــده
واللي راسـم مش بس سـيف، بل سـيفـيــن على العـَلــَــم
قـول لي دا رمــز الســــلام... والا مضمــون الألـــــَـــم
اِدّيــني عَقـلــَــك يا زلــَــم!
***
يا رجال جيـش بلــدنا فتـَّحوا العيـون
رَيَّحُـوا النفــوس وبَـدِّدوا الظنـون
الوطـن.. محتــاج سـلام
الوطـن.. محتــاج نظــام
محتــاج قانــون.. محتــاج بوليـس.. محتــاج رئيــس
حكيـم وعـادل يأمـِّـن البلـــد
من نـار الخـراب، وريـاح الهَـدَد
من شـر التتــار.. من شــرالدمـار.. من لِعـب الصغـار
مصـر عايـزة حاكم أميــن
ما بقــاش قدامنــا غيـركم
يا جيش بلدنـا.. اِنقـذوا " البلــد الأميـن "
*******
وختمتها بندائي: أناشد جيش مصر الأمين أن ينقذها من براثن الخراب والدمار والأشرار. يا جيـش بلدنـا: يا رجال جيش بلدنـا العظيم.. انقذوا مصر واحموها ممن يَدَّعون أنهم أبناؤها وهم من ألد أعدائها. أحموها من الخطر المشرئب فأنتم القادرون، وأنتم المسئولون عن أمنها، داخلها وخارجها. الشعب معكم.. والله قبل الجميع معكم.

واليـــوم... وبكـل فخــر
أبايعـك يا سيسي، يا بطـل مصـر.
يا أسد مصر.. يا نسر مصر.. يا إبن مصر... يا إبن مينا وخوفو وأحمس ورمسيس
أبايعـك وتبايعـك معي الأمة العظيمة التي بايعت يوماً زعيمها المحبوب سعد زغلول.
أبايعـك ومعي الملايين محبيك أبناء مصر الأوفياء.
أبايعك رئاسة مصر يا سيسي، فما أوفى منك، وما أحكم منك، وما أحق بها منك أحد.
فاقبل مبايعتي ومبايعة الملايين أبناء وطنك.. وفقك اللـــه وحماك لمصر ولمجد مصر.
***
مهندس عزمي إبراهيم

البحتري الصغير، الشاعر الجزائري أحمد مكاوي/ هدلا القصار

يسكن بين الخيال والطيف، ويسبح بين الماهيات والموروث

لا شك أن لكل شاعر مقام، ولكل فرس فارس، نتتبع خطاه نبحث عن أصولة، عشيرته، انتمائه، ونهجه... كما لكل شاعر شيخ نفتش عن تواجد تعويذاته السحرية في نصوص شعراء ينتمون إليه ...  كما بحثنا في نصوص الشاعر الجزائري احمد مكاوي، لنجد بعضاً من قصائده تنتمي إلى مذهب الشاعر البحتري، الذي توالدت كلماته كمياه الينابيع عبر نصوص أبن منطقة الوادي الجزائرية الشاعر أحمد مكاوي .
ولا شك أيضا أن الشاعر أحمد مكاوي، يسعى نحو الاختلاف والتفرد والتميز بما يسكنه من لغة مستحدثة... لنسترق منه حثيث سيوف لغة الأبيات... او لنسكن أرصفة الشعر الملوح بزجاج يتوهج في تجربته المعبرة عن معاناته، ووجد الشوق والعشق الذي يلوح  بالتعبير، والفكر، والشعور، ومؤثرات تصوير المشاعر في اللحظة المقتولة على أوراق الشاعر  . 
أستطاع الشاعر احمد مكاوي أن يصوغ مشاعره بلغته الخاصة وحسب ظروف مخيلته وأنفاسه الذاهبة إلى معشوقته التي فككت ما يربط بينه وبين أحلام البحتري، حيث تجلي شاعرنا سيد الغناء الطرب في رحاب العاطفة وتدفق الأحاسيس والمشاعر ... 
لذا منذ فترة لا باس بها ونحن نتتبع نصوص الشاعر الجزائري أحمد مكاوي، وأسلوبه الشعري المعاصر، وما حرض روحه على نقطة الانطلاقة وتحديث الشعور والعاطفة، وما تملكه ملكات الشعر بإيقاع العشق الصوفي الرومانسي، القائم في مخيلته التي قامت بدور التواصل الحسي الملموس، الذي تملكه ملكة الرؤى، وانفعالات المخيلة والعواطف المحسوسة، في حركة وقائع قصائده المتأرجحة هياكلها بين العامودية، والنثرية، والسردية، اللذين احتضنوا انكسار الشاعر وألمه واعتناقه، إضافة إلى صيغته البلاغة في تكنيك النداءات والأمر والنهي في أبيات نصوصه .... 
فان صمت الشاعر احمد مكاوي، لم يكن سوى ضجيجه الداخل وصرخات مكحلة بصدى يخترق فضاءات لا يسمعها سوى الشاعر في سكون يزمجر في لهفة الليل ... 
فمن الصعب علينا تعدد وصف ما تحمله مقاطع أبياته الفنية الزاهدة، وارتباطها بالمسائل الشعورية على أوراق تعيش مع الشاعر، ومتغيرات الفكر الذي  يقراه القلب في كرنفال العشق الموجع، وسط رياح عتمة ليال أظهرت أشجان أغنياته، وما فيها من دهشة تفرده  الذي كشف لنا خصائصه وتنوع جماليات إبداعات قصائد ديوانه "صخب الصمت"  المحمل بـ 48 صفحة تضم بين طياتها 19 قصيدة، تتميز بأبيات متعددة، ولكل بيت مخيلة يروي بها أوراقه الفاغر، كما في قصيدته الأولى " يغريني وينسحب" 
فبإمكان القارئ أن يترجم روح الشاعر بكل بساطة وسهولة، من خلال عناوين  قصائده المعبرة عن واقع روح قلمه البعيد عن التكلفة المزخرفة ، مما أحرز منذ النص الأول قفزات دراميتيكية سمحت للشاعر أن يرفرف وهو مذبوحا على ضفتي الغنج بلا سيف .
يمكننا أن نطلق عليه شاعر الوجدان، الواقع بين العشق والبوح، وبين  الالتفاف على الذات، وبين المحسوس والتجريد، وما بين اللغة والمخيلة المبحرة في يقظة الشاعر الذي ينزف بدم ساخن على أوراق مصفاة الليالي الكتومة ليأتينا بمثل هذا النص  وغيره "يغريني وينسحب ":

رأيت العشق في عينيك يهزمني/ ويدميني ../ وإن غنى سبحت بلحنه الغجري يبعدني/ ويغويني ../رأيت الآه حمراء/ كما اللهب ../ تشد الحبل من صوتي/ وتغري الليل كي يجتث من صوتي صدى صمتي/ فهاك اللحن ..هاك العشق .. هاك الكل .. ضمني/ أيا عمرا/ يصب العشق أنهارا وأقمارا بلا عدد/ دعي قلبي يفتش في بقايا الكأس عن وتر/ بطعم الصبر يعزفه/ دعي قلبي بحضن الحلم ينتحر/ فقد ضاعت مراسيه/ دوار البحر في عينيك مزقه/ وكل مراكب الإبحار شتتها/ هوى تدنو .. فيبتعد/ دعي قلبي يصارع وحده الأنواء/ إن العشق في عينيه يغريه/ وينسحب. 

- أما قصيدة  " غريب" فما هي سوى صرخة سجن تلملم دموع الهوان وليل يسكر الحلم ويعطر الآمال بعشق مخمر بجمر  الهيام .
" أجـلك أن تظلــي فـــي ظنــونــــي/ وعشقـا هائمـا يطــوي الفيـافـــي/ بصدري يحتسـي كـأس السكــون/ وطيفـا في ضميــر الســر يشــدو/ بعطـر الحـب فـي دمعـي الهتــون/ وســــرا مـــن أمــــــان غافيـــات/ وكحــلا بـاهتــا يبكـــي عيـونــــي/ أجـــلك أن تظلـــي علــى الحيـــاد/ وجمــر الظــن يـأكــل مـن يقينــي/ كـأنـي مـا صحبـت النجــم يـومـــا/ ولا غـنــى هــــواك الحلـــم منــي/ أرجـع فـي سمـاء العشــق لحنــي/ وأمـضي في الرؤى رحلي التمني/ غــريب في عيونــك مــا انتميــت/ لغيرهـمـا هـمــا خمـــري ودنـــي/ عـلــى أنــي وكــــل السكــر أنــت/ صحـا قلبـي علـى جمـر التجـنـــي

وهكذا يتلو علينا الشاعر عشقه اليتيم، بإيقاعات رقيقة تبلل عطش الصمت همسا، ليكون أوسع وأعمق من نهر مجهول ينتظر أقصى العتمة ليتوه صوته الغارق في اللا وعي، كي يسجل صوت ذمار رغبة المخاطبة بلسان ملائكة تتحدث عن غبطة الشاعر وسهاد المشاعر، إذ ما جاءت الرؤية لتفح الأسرار وتخوضر المشاعر المتيبسة في ليل يتنفسه بخلوة تستعرض اندحار الفراغ المغدور بخناجر أجناسه، وما يقترن في نفس الشاعر، كما في قصيدة سهاد " وهج الرؤى" : 

ضـمـي يـدي وهـدهـدي أشـواقــي/ سمـراء يـا وهـج الـرؤى الرقراق/ بين النـدى والعطـر ألتمس المنـى/ وأضــــم طيفــك ضمــة المشتــاق/ يـا واحة العمــر الــذي كـــم هـــده/ سفــر تـولـى فـي دمـي إغـراقـي؟/ في ربوة الحلم الجميل وفـي دمـي/ فـي مــوعـد ينسـاب مـن أحداقــي/ في بسـمة زفت على شفة الهــوى/ أرنـو لهـا فتـزيــد مـن إحــراقـــي .......
هو وهجا هارب من وراء خط افق رؤيته الحالمة، وكأننا نسمع الصحراء تغني الأطلال بانتظار خيلاء بهائها الذي يتحدى الغياب في ذلك الفم الفاغر بانتظار من يوقظ عاصفة الشوق والحنين، ليحترق في رغبة خاسرة تنام في صحوة توقظ جنون حواس الشاعر وصوره المستمدة من حواسه التي استخلصتها تلك الصور الشعرية المليئة بالأفكار والتأملات والمحاكاة وانعكاسها على الذات الشاعرة
أما قصيدة " مـتـى ؟ " الدالة على رسائل الشاعر ومضمون فكرة الشعر الذي يؤدي إلى التعبير عن نداء الشاعر في كهف المسافة المجروحة، لحبيب يعتلي أبواب الذكريات في برهة الظلام  حيث يفيض الكلم في بوح الشاعر الذي يحترق كفراء الكستناء، لشعل ولادات عطائه الإبداعي: 
لـي فيـك من صفو العذاب شـــراب/ تعـب الهــوى وتفــرق الأحبـاب/ عزف اللظى أنسى اللحون جميعها/ من ذا يغني و الحضور غيــاب؟/ أو مــن يغنـي حيـن يطفـو حلمـــه/ فـوق السراب ويحتويه ضباب ؟/ أو مــن يغنـي حيـن تذبحـه الدمــو/ ع وتشتكـي من حزنه الأهداب ؟/ شادت رؤاي الذكريات وقد مضـت/ فبكـــــى علـى أطلالهــن شبــاب/ وتوطنت ريح النـوى في مهجتــي/ فغـدا الجــوى بجـوانحي ينساب/ وغـدا الجـوى يشـدو بروحي لحنه/ فيرجــع اللحـن اللعيــن رغـــاب/ هيجت بالصمـت اللجـوج عوالمـي/ وهجرتنــي فمتـى يكون إيـاب ؟ .
نلمح في رسائله المكثفة مضامين حوار يتوزع بين النفس والإحساس والتمزق، والصراع مع غربة النفس، وانكسار القصد في الأمنيات ... ولن ننسى الصياغات التي قدمها في تراكيبه اللغوية التي تركت اثر جميل في غناء قصائده، المشغلة يخصب معاني "صخب الهمس" الذي كان بمثابة صرخة في هدوء العوامل التي وظفت المسافات المنسجمة مع توجه خميرة المخيلة في القصائد التي يطلق عليها النواح الرفيع، كما في قصيدة " ضياع " 

هـا جئت أكتـب تـاريخ الهـوى شجنـــا/وجئــت أحمل في خطو الرؤى الحزنــا/ وســـرت لا ذا الـذي فـي قلبـه سكنـــت/أحلام عمـري سـرى فاستوقف الزمـنـا/ ولا الــدمــوع التـي أوقــدت جمــرتهــا/ بـالعشــق هبــت رياحـا تـرسـل السفنـا/ فالبحـــر يمضـي غـريبـا دون زرقتـــه/ والمــوج يكتــم فـي أحشائـه المحـنــــا/ والبــدر يرسـم وجهـا كــان صـورتـــه مــن ظلمـة الليــل أرســى ليلـه فتـنــــا/ وراح يعصــر مـن مــاء الـرؤى سبــلا/ ضيعتــها.. فغــدا يستعـطــف الشـجنــا. 

ها هو شاعرنا احمد مكاوي، يعود بنا  ليسكن من جديد نواة الفوضى الخرساء، ورعشة الليل الذابل في خياله المخصب، بالتأمل، والصفاء المتوازن، على مستوى الماهية والموروث، كما وانه يجيد سبك اللفظ في المعنى النازف من وحي القلم والخيال الذي يبث من خلالهم الأشجان، والأحلام، وتأمله بالاعتبارات المرجوة  كما في قصيدة " سحر العيون: 
أشدوك هذي الرؤى غنت على وتري/ وحركـت فـي ضميـر السـر أشــواقــي/ وأسرجـــت فـي سمـاء البــوح زنبقـة / تنـدى أريجـا وتسقـي نبـض أوراقـــي / هـنــا استكـنــت وآه حيـــن تعتعنــــي/ سحـر العيـون فيـا خـوفـي وإشفـاقــي/ مابيـن شكـي وهمـس الوجـد ألمحهـــا/ طيفـــا تهـــادى وفـي جفنيـه ترياقــي/ يدنـــو فألمــس فــي إيقــاع خطـوتــه/ صوت الحنيـن يناجي حلـم مشتــاق!! . 

"يقولوا شعراء العرب " أن من ينشد الشعر الغزلي  لا يمكن إلا وان يكون عاشق مكتمل الصورة والأركان" وعندما نتأمل في نصوص شاعرنا احمد مكاوي، نجده يتمتع برقة صور العشق،  وطقوس السهاد في ابتكارات المعاني والأفكار، التي كشفت عن نورانية رؤى الشاعر ... كما وكأنه يرفع المستور باندفاعية وانفعالية جارفة لتكتسح طريق الوصول إلى من تتأمله المخيلة التي تحقق تصوير معاناة النفس، وصعوبة الطريق ومشقة العبور إلى منطقة مساحات تجلياته الواضحة في نصوصه التي نجد فيها بعضا من الصوفية الرومانسية، رغم ما فيها من براعة  المخيلة، وإبداع الفكر، ويقظة المعالجة، ومفهوم نسق العلاقة القيمة، كما في قصيدة "  أجــل أهـــواك "

أجــل أهـــواك يــا عـمــري/ وأهــــوى فيــك حــرمــانـي/ وأهـــوى نـظـــرة ســكـرى/ تحـــرك صمــت أشجــانــي/ وتــوقـظ حـلـمــي الـغـافــي/ وتــــزرع قحـــط أزمــانـــي/ وتـمضــي في دمـي سمــرا /  مـــن التحـنــــان يـلـقـانـــي/ رؤى عـينيـــك يــا قمــــري/ و أحـلامـــــي وألحــــانــــي/ ودنيــــا كـنــت أرســـمهــــا/ و شطـــــآنــي وخلـجــانــي/ ألامــســـهـــا إذا هــبـــــــت / نســائــم خطـــوك الحــانـي/ ألــمـلـــم هــمـســه سـحــرا/ وأســــكنــه بــــوجـــدانـــي/ وأعــــرف أن لــي دمعــــي/ ولــي صمـتـي وأحــزانــــي / ولـــي فيــــك صـبــابــــــات /تـــــراودنـــي وتـنســانــــي/ فــأمــضــي فــي مــدائنـــها/ وقــــد ضيعــت عنــوانــــي .

أما هذا النص السردي الذي يحمل عنوان " من أمس الأمس لأعود"  نستعرض على المتلقي مقدمته لعدم سعة الورق، هذا النص الذي يعبر عن خلاصة الذات في الصوت الإنساني، داخل عالم الشاعر المرهف المتجدد، الذي يسكنه عالم المخيلة، والأحلام التي يتمناه مع الغائب الحاضر، وما بينهم  من مساحة  الانهيار، والوجع، والحب، والتمسك بالأمل .... 
لذا نرى الشاعر احمد مكاوي يملك الجرأة على الإفصاح عما يراوده من إعراب الأفكار، بلغة تضيء مكونات تجربته في ديوان "صخب الصمت" لنكتشف الخفي والظاهر الذي يجمع بين مشاعر العاطفة والفك،ر بما ان الفكر هو الذي يجعلنا نعبر عن عواصف النفس ولغز الخيال وخواطر المرء من خلال تجربة الشاعر نفسه .  

أحمل في أكفاني لفظا ممجوجا و حكايا وبقايا من نبع يتلفع مائي تدنيه مراكب ما سكرت من نغم الريح ولا عرفت طعم الصخر ولا وحل الشطآن أو لمست عري الموج وقد واراه البدر بهالته فاستخفى في ملكوت النجم الهائم خلف شهاب من شهوات الروح يدحرجها الحسن على غنج الغيمة في قطرة ماء من نبع اللفظ وقد ضمته الأرض بذورا للقحط القادم في ركب يمتد سكونا يختال بقلب الريح مراوحة ومراوحه شمس وهوان
(2)
أحمل من أمسي ذاكرة تجتاح قرونا وبحارا وأناس تطعمهم باللفظ/الشعر/الوجد/الطلل/الوثن/الخيل/الوأد/السيف/السبي/ الغلمان .. و حكايا العشق وليلى

وبما أن البحث غني عن طرح الأسئلة بما توفر لدينا من مفاهيمَ وأدواتٍ تكتفي التأمل بما في مخيلته، وما يواجهه الشاعر الجزائري احمد مكاوي، الذي حرص على التميز كوسيلة لإدراك تطور قصائده التي لا تخلو من خواطر إنسانية الشاعر، وحالاته النفسية والذهنية في "سيكوجمالية" التعبير التصويري التي تظهر حالة الشاعر وتطور قيمة أسلوبه من خلال العوامل والمؤثرات  التي تتأرجح فيها النفس، في محراب الرغبة المرتفعة بالأفراح والأحزان، لتهبط في وادي العشق ودوران الحياة التي تعطي المحبين الآلام والآمال، إلى أن تبلغ غايتها في الحياة الإنسانية، ليتذوق الفرد من جمالية العشق ولذة الوجع إلى أن ينتهي بتراجيديا، هذه التشكيلة الشعرية في قصائده الموزعة بين النثر، والسرد، والعامودية الحديثة في تجربته الإبداعية ليسجل تاريخ ما يخبئه المستقبل لمجموعته الشعرية الصادرة في 2011عن (مديرية الثقافة لولاية الوادي الجزائرية ) التي فازت بلحظات حنين الشاعر احمد مكاوي .

 ( مهدا إلى الشاعر احمد مكاوي على خلفية عوامل نصوص "صخب الصمت "
خلسة ..غادرتك النورس / لتدخل حزن المواويل/ وفضاء الشعر المرتمي بين كفي خوف المسافة/ لذكرى تفوق احتمال عبور أرصفة بكت فيها طفولة الشباب … واحتضنت الغياب/ حيث ترف براهين شهد القلب الذي لم يتأهبه الفؤاد الشوق متربع في صخب الخيال ....)

مصر توجه صفعة قوية لأوباما والإرهاب/ مجدي نجيب وهبة

** فى إحتفالية عظيمة .. كانت ليلة من ليالى ألف ليلة وليلة .. خرج الشعب المصرى يلبى نداء قائده وزعيمه وملهمه ، إبن مصر البار ، الفريق أول "عبد الفتاح السيسى" ، لتفويضه فى مواجهة الإرهاب الإسود ، والقضاء عليه ..
** ورغم الحشود التى إنطلقت بالأمس إلا انه مازال بعض الأغبياء والمتأمرين لا يدركون مغزى رسالة القائد العظيم "عبد الفتاح السيسى" .. ويقولون أنها دعوة للإقتتال ، وإعلان الحرب الأهلية .. وفسر بعض المنتميين للتيار الإخوانى المضلل بأنها دعوة لإستعراض القوة والتلميع الإعلامى ، والبعض يذهب لمزيد من الكذب والتضليل ، بأنه طمع الإدارة العسكرية فى السلطة ..
** نقول لكل هؤلاء الأغبياء المتأمرين أن دعوة البطل عبد الفتاح السيسى للشعب المصرى بالتفويض للقوات المسلحة والشرطة ، هى أمر للتعامل مع الإرهابيين بصفة أن الشعب المصرى هو صاحب القرار ..
** وللرد على الإرهابى أوباما ودلاديله من الإتحاد الأوربى أو ألمانيا أو فرنسا .. الذين يقولون أن ما حدث فى مصر يوم 30 يونيو هو إنقلاب عسكرى وليس ثورة شعبية ، كما أن الدعوة تكشف حجم الإرهاب فى مصر ، وأن المعركة ليست إنشقاق فى الشارع المصرى بين من يزعم أنهم مؤيدون للرئيس المعزول والمعارضين له ..
** الحقيقة هى صراع بين مصر الحضارة .. مصر المستقبل .. مصر الأمان ضد الإرهاب .. فهل يمكن إعتبار أن الإرهاب فصيل يحسب على الشعب المصرى .. أعتقد أنهم منبوذون وهم خارج الهوية المصرية ، إرهابيين مطاردين من العدالة .. دمويين لا يؤمنون بالوطن ولا بالمواطنة ولا بالأخر ، بل هم عصابة وجماعة إرهابية ليس لها مكان بين أبناء الشعب المصرى ، بل مكانهم هو السجون والمعتقلات !! ..
** نترك هؤلاء المغيبين المدعمين للإرهاب وننطلق برسائل الشعب المصرى التى وجهها بالأمس لبعض الأنظمة والدول الداعمة للإرهاب ..
أمريكا :
** وهى على رأس الدول الداعمة للإرهاب فى العالم .. لا تقولوا أن الإدارة الأمريكية شئ والشعب الأمريكى شئ أخر .. بل أن الإدارة الأمريكية والمتمثلة فى القواد أوباما والشعب الأمريكى وجهان لعملة واحدة قبيحة .. فالشعب الأمريكى هو الذى إنتخب أوباما وهو الذى صفق لبوش ، وهو الذى دعم كل الرؤساء السابقين .. وأكبر دليل هو ما فعلته الجالية المصرية المنتمية للتيار الإسلامى بأمريكا ، فقد جمعوا توقيعات تطالب أوباما بالتدخل العسكرى فى مصر ، لإنقاذ حكومة مرسى الإرهابى ، ووقف المساعدات عن مصر ، بل أنه للأسف كانت تأتينى ردود من بعض أقباط المهجر بالهجوم على مقالاتنا عندما كنا نهاجم أمريكا فى بداية نكسة 25 يناير 2011 ، وكانت تعليقاتهم تشمل السفاهة وتوجيه البذاءات بالكف عن مهاجمة أمريكا ، بزعم أن أمريكا هى التى تمدنا بالخبز ، وأننا نتسول من أمريكا على حد زعم البعض !!..
** أرجو أن تكون رسالة الشعب المصرى العظيم والتى خرجت بالأمس فى صورة لم يسبق لها مثيل للرد على الدولة الأولى فى العالم وعلى القواد أوباما الداعم للإرهاب ..
** أرجو أن تكون رسالة الشعب المصرى العظيم قد وصلت إلى ألمانيا وقرأتها السيدة "ميراكل" .. فمصر أعظم من كل دول العالم ، وهى المعلم والقائد .. وجيش مصر هو أعظم جيوش العالم ، وخير أجناد الأرض ..
** أرجو أن تكون الرسالة وصلت إلى الحرباء "آن باترسون" ، وعليها أن ترحل الأن .. فلم تجدى أموالهم لإسقاط مصر .. فالخونة الذين قبلوا دولارات الخيانة ، لا يتعدوا أصابع اليد الواحدة التى يجب بترها ، حتى يتعافى الجسد من الأمراض الخبيثة ..
** أرجو أن تكون رسالة الشعب المصرى وصلت إلى كل الإعلام المصرى سواء القنوات المصرية التى عادت مؤخرا إلى حضن الوطن ، أو القنوات الخاصة التى تقدم برامج سياسية .. فقد حان وقت المحاسبة ولا تدعون الوطنية .. فمعظم الإعلاميين كانت برامجهم أبوابا مفتوحة للإرهابيين ، مما أدى إلى وصولهم للحكم وخداع الشعب وحجب رأى الشعب المصرى ، والإصرار على الكذب والتضليل .. فنرجو الإنتباه ألا يتكرر ما حدث عقب 25 يناير ، والعودة إلى ملء برامجكم السياسية بأنصاف الرجال ، أو أصحاب الأجندات الأمريكية ، أو السماح بتسلل الإخوان مرة أخرى عن طريق إستضافة بعض الإسلاميين ، بزعم أنهم فصيل مصرى ..
** كفاية .. عيب .. عيب .. فمصر كادت أن تضيع .. وكلنا نتذكر أن الإعلامى وائل الإبراشى فى بداية نكسة 25 يناير وأيام الفوضى كانت هناك سيارات عديدة يتم ضبطها محملة بالأسلحة والصواريخ ، وكان يتلو الخبر وهو يقول بالنص "أن هذه الأسلحة المهربة كانت بقصد الإتجار" .. وكنا نصرخ ونرد عليه أى إتجار تتحدث عنه .. هل يمكن الإتجار بالصواريخ .. هل توجد مدافع أر بى جى فى فترينات المحلات للبيع .. لقد ذكرت فى كل مقالاتى أن هذه الأسلحة سوف توجه لصدور المصريين .. وقد كان ..
** لقد أسعدنى كثيرا الإعلامى "خيرى رمضان" بالأمس .. وأسعدتنى كلماته ، وهو يصف الميادين بالقاهرة وكل المحافظات .. ولكنه للأسف قام بعمل مداخلة هاتفية مع عماد الدين أديب .. هذا الإعلامى الإخوانى يصر على الإستهزاء من إرادة الشعب المصرى ، يصر على لى الحقائق ، فهو يقول أن هناك صراع بين فصيلين وأنه يجب ألا نقصى فصيل على حساب فصيل أخر ، وأنه يجب أن يكون هناك حوار للحد من الإحتقان بين الشعب ، ورغم رد الإعلامى خيرى رمضان على الإخوانى عماد الدين أديب ، إلا أن الحوار إستفز ملايين المشاهدين وإضطر الأستاذ محمد الأمين ، رئيس قنوات سى بى سى إلى عمل مداخلة للرد على الإخوانى عماد الدين أديب ..
** هؤلاء المندسين الذين يدمرون الإعلام يجب بترهم ، وعدم السماح لهم بالعودة للشاشة الصغيرة لبث سمومهم بل وطردهم من الوطن .. فهل يعقل أن يقول الإخوانى "عماد الدين أديب" انهم فصيل موجود سواء وافقنا أم أبينا .. وللأسف هو يتحدث عن سى إن إن ، وأنها قامت ببث ما يحدث فى إشارة رابعة العدوية ، ولم تنشر ما يحدث فى كل ميادين مصر ومحافظتها ، وبرر هذا الإخوانى بأن هناك تقصير من إعلامنا فى نشر الصورة ، وعلى الإعلام مخاطبة سى إن إن !!..
** وللرد على هذا الإعلامى الإخوانى .. نقول إذا كانت السى إن إن مصابة بالحول والعمى .. فهل هذه هى مشكلة الإعلام المصرى .. وإذا كانت السى إن إن هى قناة تعمل لحساب إسرائيل وقطر وأمريكا ، فهل المتوقع منها أن تبث ما يدور فى كل شوارع القاهرة .. إتق الله فى نفسك وإرحل من البلد ، وعد حيثما كنت قبل نكسة 25 يناير ، فأنت غير مرغوب فيك فى مصر ، أنت وصديقك معتز بالله عبد الفتاح ..
** الأخ "معتز الدمرداش" مقدم برنامج "مصر الجديدة" على قناة المحور 2 .. كفاكم مسك العصا من النصف .. وللأسف مازال هذا الإعلامى يقول عن الجاسوس محمد مرسى العياط ، (الدكتور السابق محمد مرسى العياط) .. وأتساءل ، أى دكتوراة حصل عليها من كان يريد أن يدمر مصر .. عيب ، فهذه هى مصر يامعتز الدمرداش .. لقد كنت حريص على السخرية من محمد حسنى مبارك ، وتذكير المشاهد دائما بكلمة الرئيس المخلوع ، علما بأن مبارك تقدم بتنحيه عن الحكم بنفسه ، وتكليف المجلس العسكرى بإدارة شئون البلاد ، ومع ذلك لم يسلم من لسانك بوصفك لمبارك بالمخلوع .. بل أنه قام بالإتصال بمراسل قناة المحور (2) فى الأسكندرية التى قالت له نصا أن هناك معركة شرسة بين مؤيدين المعزول ضد مدعمين للجيش ، ويبدو أن هذا الخبر أسعد معتز الدمرداش  لدرجة أنه أسعده ، وأعاد التنويه على الخبر بقوله "إذن ففى الأسكندرية هناك إنقسام حاد بين مؤيدى المعزول ومعارضيه" ، ولم يذكر لنا كلمة واحدة عن الملايين التى خرجت فى الأسكندرية بعيدا عن ثورة الإشتباك لتأييد الجيش وتفويض الفريق أول عبد الفتاح السيسى .. بل أنه كالعادة قام بإستضافة شخص ظهر فى بعض البرامج التليفزيونية فى النيل الإخبارية ، وكان داعما للإخوان يدعى "بشير" .. وبالطبع هذا البشير دعا للحوار مع معتصمى رابعة العدوية حتى لا تستاء منا الدول الغربية أو أمريكا على حد قوله .. وبرر ذلك بوقف تسليم 4 طائرات إف 16 لمصر ..
** أما الأخت "لبنى العسل" .. فقد رحبت بالمداخلة التى تمت بينها وبين الإخوانى "نادر بكار" ، والطبع سيدعو الجميع للحوار ، وكأن هناك خلاف وليس إرهاب وجاسوسية وعصابات مدمرة أرادت أن تدمر مصر ، بل انه تمادى فى حواره وزعم أن يتوسط للحوار بين الإخوان والجيش المصرى ..
** على المسئولين بحث أهداف هذه القنوات التى سوف تجعل الإرهاب يعود ويتسلل مرة أخرى ويبث أفكارهم المسمومة .. فهذه خيانة للوطن .. وإذا رفضوا الإحترام والإنصياع للإرادة الشعبية التى لفظت الإرهاب إلى الأبد .. فعليهم الرحيل الأن .. وغلق قنواتهم ، فالوطن أغلى وأثمن من هؤلاء المجرمين الخونة ..
** أما عن المعتصمين بمستنقع رابعة العدوية .. فأرجو أن يذهب الإعلام الغربى أو السى إن إن ، ويقوم بتصوير الوجوه المعتصمة وإجراء حوار معهم حتى يرى العالم حقيقة هذا الإعتصام ، وأنهم لا يعدوا أن يكونوا مجموعة من المتسولين وجامعى أعقاب السجائر ومدمنى الكلة والإرهابيين ولن يكونوا غير ذلك .. هؤلاء اللصوص هم الستار الذى هرول إليه قادة الإخوان الإرهابيين ليحتموا داخله ويهربوا من قرارات ضبطهم وإحضارهم للمثول أمام النائب العام لتقديمهم للمحاكمة ..
** هؤلاء القوادين والإرهابيين أعضاء عصابة الإخوان المتأسلمين يدفعون الأن أموالا طائلة ، يتحصلون عليها من شركائهم وعصابتهم المنتشرة فى بعض الدول ، وعلى رأسهم تركيا وقطر وأمريكا ولندن ..
** هؤلاء القذرين يحملون قاذوراتهم ويصرون على إعتصامهم لأنهم بلا هوية ولا إنتماء .. وعلى الجيش المصرى والشرطة المصرية بعد تفويض الشعب لهم للتعامل مع هذا الفصيل الإرهابى بكل صرامة وحسم ، ويتم القبض فورا على المطلوبين للعدالة ، وعلينا أن نطوى هذه الصفحة السوداء من حياتنا للأبد .. فلا هم مصريين ولا هم فصيل يمكنه العودة للعمل السياسى ، ولا هم جزء من هذا الشعب العظيم .. هكذا قال الشعب المصرى ..
** رسالة أخرى للأخت توكل كرمان التى قادت الطاعون العربى فى اليمن ، وحصلت على جائزة العار من الولايات المتحدة .. بدأت الأخت توكل بالتحريض على الجيش المصرى ووعدت بتوجهها إلى رابعة العدوية .. وبهذه المناسبة نقول لها "توكلى على الله ياتوكل وروحى إشتغلى راقصة .. أو أمامك الطريق متسع يا أختى المجاهدة لممارسة جهاد النكاح فى مستنقع رابعة العدوية" ..
** رسالة لحركة تمرد بتونس .. أن من أسقط الإرهاب أو الإخوان المتأسلمين أو الفوضى الهدامة التى أرادتها أمريكا وفرنسا وألمانيا لمصر .. هم الشعب المصرى والجيش المصرى والشرطة المصرية ، ولم تكن حركة تمرد فى مصر إلا فكرة قبلها الشعب المصرى ودعمها وإحتضنها ثم خرج ولبى الجيش النداء ، وهكذا قضى على الإرهاب فى مصر .. وأتمنى أن يكون فى تونس جيش قوى لإعادة تونس من حكم الإرهاب ..
** سؤال أخير لن نكل أو نمل منه .. كيف يسمح للمستشار حاتم بجاتو بالعودة إلى منصة القضاء .. ألم يكن هذا المستشار هو من زور الإنتخابات الرئاسية وأتى بالإرهابى الجاسوس مرسى العياط للحكم .. ألم يكن هذا المستشار هو من ذهب للمحكمة الدستورية العليا ومعه اللواء ممدوح شاهين قبل الحكم الصادر فى الدعوى بحل مجلس الشورى الباطل .. أعتقد أن هناك أسباب كثيرة تمنع عودته لمنصة القضاء !!..
** أما أهم رسالة للأحزاب والحركات الثورية والسياسية .. أن يعلموا أن الشعب المصرى خرج ليس بتفويض القائد والزعيم عبد الفتاح السيسى للتعامل مع الإرهابيين فقط .. بل أن الشعب المصرى بأكمله خرج لدعم الفريق أول عبد الفتاح السيسى فى الإستفتاءات الرئاسية القادمة رئيسا لجمهورية مصر العربية .. وعلى المتلونين والمخادعين والمتحولين أصحاب الرؤيا ، أن يدعموا موقفهم ورؤيتهم السياسية لكى يدفعوا بالوطن إلى الأمام فى هذه المرحلة التى تعيشها مصر ..
** على المتنطعين الرافضين للحكم العسكرى .. أعتقد أننى عندما كتبت أن الجيش هو الحل بتاريخ 5 إبريل 2011.. لم أكن إلا قارئا للأحداث قبل وقوعها ، وكفاكم مزايدة ، فلن يسمح الشعب المصرى مرة أخرى بظهور الأفاعى أو الأبراص أو القوارض على الإعلام ليتحدثون بإسم مصر ..
** حماك ِ الله يا أرض مصر .. وحمى شعبك العظيم .. وجيشك الباسل .. وقائدك وزعيمك الفريق اول "عبد الفتاح السيسى" !!..
مجدى نجيب وهبة
صوت الأقباط المصريين

جريمة التخابر مع حركة حماس/ د. مصطفى يوسف اللداوي

هل انقلبت الموازين وتغيرت الأحوال وأصبح المقاومون مجرمين، والوطنيون خارجين عن القانون، والمقاتلون من أجل الحرية إرهابيين، وغدت حركات المقاومة العربية والإسلامية كإسرائيل، يجرم كل من يتعامل معها أو يتصل بها، ويعاقب من يقدم لها العون، أو يمد لها يد المساعدة، ويتهم كل من ينبري للدفاع عنها والحفاظ عليها، ويخون من يحاول تبرئتها وتطهير ساحتها، والذوذ عنها ورد الشبهات التي تدور حولها.
هل بات القضاة والمدعون العامون وممثلو النيابة العامة يسطرون استناباتٍ قضائية بالاعتقال والملاحقة، ضد كل من يثبت في حقه أنه مخلصٌ لأمته، صادقٌ مع شعبه، وطنيٌ في مواقفه، غيورٌ على دينه، وأنه يضحي من أجل قضايا الأمة، وينبري للدفاع عنها، وصون كرامتها.
لا ندري ما الذي يحدث في مصرَ اليوم، ولا نعرف كيف نفسر ما تقوم به المؤسسة العسكرية وقيادة الجيش المصري، الذي ندافع عنه أكثر من المصريين أنفسهم، ونكن له كل حبٍ وتقديرٍ واحترام، ونذكر دوماً فضله ودوره، وقيادته وريادته في مواجهة إسرائيل والتصدي لها، فنحن نصف الجيش المصري دوماً حتى في ظل إتفاقية كامب ديفيد، أنه ما زال يحمل عقيدةً قومية صادقة، تعادي إسرائيل ولا تطمئن إليها، وأنه يطور جيشه ويدرب جنوده لمواجهتها، والتصدي لها، وما زالت بياناته ونداءاته العسكرية تصف إسرائيل بأنه عدو، وتتعامل معها على أساسٍ من الحذر والريبة وعدم الثقة.
فهل أصبحت حركة المقاومة الإسلامية "حماس" عدواً لمصر، أو جهةً أجنبية تتآمر عليها، وتسعى للإضرار بها، وهي التي كانت وما زالت تستضيفها مصر، وتستقبل في عاصمتها القاهرة قيادتها، وتنسق وتتفاوض معها، فهل أصبح التعامل معها تهمة، والتواصل معها جريمة، ووجودها خطر، وهل أصبح من دواعي الأمن القومي المصري أن يضيق عليها، ويشدد على قيادتها، ويمارس الضغوط على أبنائها، فلا يسمح لهم بالدخول أو المرور، وفي حال جواز ذلك فإنه يتم وفق إجراءاتٍ أمنيةٍ قاسية ومهينة، عز أن يقوم بها عدو، أو يمارسها ضدها محتلٌ.
أليس غريباً أن حركة حماس كانت في ظل نظام مبارك تستقبل وتحترم وتقدر، وأن المخابرات الحربية المصرية كانت تحرص على علاقةٍ طيبة معها، وأنها كانت تسهل مهامها، وتذلل الكثير من الصعاب التي تعترضها، وأنها كانت تتوسط بينها وبين السلطة الفلسطينية وحركة فتح، وأنها كانت تسعى لإتمام المصالحة بينهما، وإنهاء الإنقسام الذي دب بينهما، ولم يسبق أن قامت بتوجيه إتهاماتٍ إليها، أو تشويه صورتها، أو تسطير مذكرات اعتقالٍ ضد عناصرها والمنتمين إليها، ولم يكن الإعلام المصري مسلطاً عليها، ومنشغلاً بها، يفضح أسرارها، ويهتك أستارها، فلم يجرمها، ولم يشيطنها، ولم يتفرغ لتوجيه الاتهامات إليها والافتراء عليها، وتحميلها مسؤولية أحداثٍ وجرائمٍ تدينها وترفضها ولا تقبل بها.
اليوم تقوم النيابة العامة المصرية باستخدام حركة حماس في لعبتها السياسية، وتوظفها لخدمةٍ أهدافٍ خاصة، وتتهمها دون وجه حقٍ باتهاماتٍ باطلة ومشينة، يخجل أي عربيٍ من توجيهها، ويشعر بالخزي من إثارتها، فهي اتهاماتٌ يفرح بها العدو ويطرب، ويبش لها ويسعد، إذ أنها تخدمه وتساعده، وتريحه من عناء مواجهة حركةِ مقاومةٍ عظيمة، عجز عن هزيمتها أو الإطاحة بها، وأعياه قتالها والتصدي لها، فتجنب استفزازها، ونأى بنفسه عن إثارتها، وترك أمرها لمصر، تنسق معها وتطلب منها، وتضغط عليها وتضبط سياستها، فحركة حماس تحترم مصر وتحرص على كلمتها ومكانتها، وتحافظ على هيبتها وعزة قراراتها، فلا تهينها ولا تحرجها، ولا تخدعها ولا تكذب عليها، ولا تضر بها ولا تتآمر عليها.
إن ما قامت به النيابة العامة المصرية بإصدارِ أمرٍ بتوقيف رئيس جمهوريتها بتهمة التخابر مع حركة حماس، ينطوي على خطرٍ شديد، ويدمر مفاهيم عظيمة تربينا عليها، ويهدد عرىً وطنية وقومية نشأت عليها أمتنا، وينسف تاريخاً من التلاحم والتعاضد، ويصدم مشاعر العرب والمصريين، فهو قرارٌ غريبٌ ومستنكر، وهو مدانٌ وغير مقبول، وهو يهدد قيمنا ومبادئنا، ويعرض أمننا العربي كله للخطر، وهو قرارٌ يسيئ إلى الشعب الفلسطيني كله، وإلى شعب مصر وأمتنا العربية والإسلامية، فحركة حماس هي جزءٌ من الشعب الفلسطيني، وتمثل قطاعاً كبيراً منه، وهي مكونٌ أساسٌ من مكوناته الوطنية والنضالية، وتاريخها شاهدٌ وحاضر، وصفحاتها ناصعةٌ ونقية، ومواقفها وطنية وثورية، وسجلاتها تحفل بالصدق والوفاء لمصر وشعبها.
النيابة العامة المصرية، وسجلات المؤسسة العسكرية والأمنية في مصر، حافلةٌ بمواجهة العدو الإسرائيلي، والتصدي لعملائه وجواسيسه، وقد نجحت في الإيقاع بعملائه، وتفكيك شبكاته، واختراق مؤسساته الأمنية، وقد عجز العدو الإسرائيلي عن اختراق أمن مصر، أو التأثير عليها، وما كانت هذه الحصانة لتكون لولا وطنية المخابرات الحربية المصرية، التي تتصدى بقوة، وتواجه بعنف، كل محاولات التخريب والاختراق الصهيونية، وتعاقب بشدةٍ كل من يتآمر على أمنها، ويتعاون مع عدوها.
فلا ينبغي أن تلوث سجلات المخابرات الحربية المصرية الناصعة بهذه الاتهامات المهينة، ولا يجوز لها أن تقبل بأي تشويهٍ لصورتها، أو إساءةٍ إلى شرف عملها القومي، وعليها أن تعجل بشطب هذه الإدعاءات، والتراجع عن هذه الإتهامات، فهذه سابقةٌ خطيرة، وعملٌ لم يقم به غيرهم، ولم يسبقهم إليه سواهم، فلا يكونوا مثالاً في السوء، ونموذجاً في الخطأ، ولا يتحملوا وزر تقليد الأنظمة لهم، واتباع الأجهزة الأمنية العربية لنهجهم، ولا ينبغي أن يقبلوا بأن تشرع مصر قوانين تجرم المقاومة، وتخون الإسناد والمناصرة.
فهذه صفحاتٌ سيحفظها التاريخ، وستذكرها الشعوب والأمم، وسيكون لها أثرها الكبير، ونتائجها الخطيرة، وهي أيامٌ صعبةٌ وعسيرة، فيها محنٌ وابتلاءات، وفيها تحدٍ ومواجهات، ولكنها تبقى أيام عزةٍ وكبرياء، ترسم الغد، وتحفظ الوعد، وتصون العهد، وليعلموا أن رجالات مصر العظماء، لن يقبلوا أن تتخلى بلادهم عن أدوارها القومية، ومواقفها التاريخية، ولن يقبلوا أن يكونوا سكيناً تحز رقبة المقاومة، أو تطعنها في قلبها أو صدرها، أو تقطع شرايين الصمود، وخطوط الثبات والإمداد.

نداء وقربان شعر/ ميمي احمد قدري

لبى الأحرار النداء
نحن يا مصر فداء
وتاجنا دماء الأبرياء
لترابك يبقى الكبرياء
لبى الأحرار النداء
طريقنا في الخُلد صفاء 
لمن عاهدوا الله الولاء 
ياكنانة خُلقتي للشرفاء
فلتكن مصر للعظماء 
تحيتها
السلام والجلال والجلاء
**
قربان شعرٍ
كان دائماً يكتب من أجل الآخرين
وفي يوم تمردت نفسه وأراد الكتابة من أجلها
وضع النقطة ولكن كالبرق أورقت النهاية
وأنتهى السطر
لقد هاجمته الذكرى ...منذ سنتين تمت محاكمته
ومنعه تماما من الكتابةِ...فأنشطر القلم!

يوميات نصراوي: خمسة زهرات تقتل بوحشية/ نبيل عودة

بعض النقد السلبي الذي يوجه للمرحلة المبكرة من قصائد شعراء الوطن الفلسطيني، او شعراء المقاومة كما ذاع صيتهم، هو كون شعرهم أكثر مهرجانية، شعرا منبريا، خطابيا او شعارتيا .. ليت نقاد هذا الشعر يعيشون المراحل التاريخية بكل احداثها، التي فجرت قصائد شعرائنا قبل ان يدلو بدلوهم النقدي ويصدروا احكامهم.
كتبت مرات عديدة عن هذه الظاهرة، ولن اعود لما سجلته، انما اضيف ان تبرير هذا الشعر وعظمته، تنجلي بقوتها اذا كشفنا النقاب عن خلفية الأحداث التي فجرت هذا اللون الشعري الذي لا اعرف شعرا عربيا بمستواه وبقدرته ان يصبح سلاحا قويا بأيدي مليون عربي يعانون من الاضطهاد القومي ، ويعاملهم العالم العربي ( في تلك الفترة) كخونة ، او شبه صهاينة حتى كانت حرب عام 1967 ليكتشف اولا الكاتب الفلسطيني الشهيد غسان كنفاني كنوزنا الشعرية.. ويصعق العالم العربي بشعر مقاوم متحد يواجه المخرز بكفه العزلاء بجرأة وقوة ولا يتردد بدفع حريته الشخصية  ومستقبله ، ثمنا للدفاع عن وطنه وحقوق شعبه وفضح ممارسات النظام العنصري الابرتهايدي وممارساته الاجرامية ضد اقلية عربية محاصرة ومعزولة عن محيطها، ينظر اليها العالم العربي بعين الشك والازدراء، لكنها تهب بقوة دفاعا عن شرعية وجودها بوطنها وتهز الأرض ضد الممارسات الاجرامية للنظام الصهيوني. 
____________

ما علق في ذاكرتي قصيدة ابكتنا حين القاها محمود درويش في مهرجان احتجاجي ضخم عقد في مدينة الناصرة وكان من المستحيل لشاب في جيلي ان ينسى مطلعها وخلفيتها المأساوية، ما زلت اذكر مطلعها الذي يقول : "يحكون في بلادي / يحكون في شجن/ عن صاحبي الذي مضى / وعاد في كفن"
كيف لشاب في جيلي، ربط مصير حياته بمصير شعبه منذ بداية تفتح وعيه، ان ينسى حادثا فجر الغضب في شوارع بلداتنا، خاصة في مدينتي الناصرة، يوم انطلقت المظاهرات الجبارة وهي تهتف: "شعبنا شعب حي دمه ما بصير مي"؟

*******

عام 1961 وتحديدا اوائل شهر تشرين اول ، كنت طالبا في الصف التاسع في المدرسة الثانوية البلدية في الناصرة، كانت المدرسة بجانب ساحة كنيسة البشارة للروم الأرثوذكس، عرفت باسم "مدرسة ابو جميل"، اسم احد مدرائها المشهورين يوم كانت مدرسة ابتدائية، ثم تحولت الى مدرسة ثانوية واليوم أصبحت دارا لبلدية الناصرة. 
صباحا مع وصولي للمدرسة وجدت قيادات من الحزب الشيوعي والشبيبة الشيوعية بانتظارنا على باب المدرسة ليزفوا لنا نبا مرعبا رهيبا..
السلطات ارتكبت جريمة نكراء بقتل خمسة شباب عرب وتشويه أجسادهم، على الأغلب قبل قتلهم ولا بد من تحرك احتجاجي. الضحايا هم ثلاثة شباب من حيفا: جورج شاما(17 سنة)، جريس بدين(16 سنة) وريمون خوري(17 سنة) وهناك ضحيتان من عرابة وسخنين هما الشابان فايز احمد سبع ومحمود عبد السعد، أيضا ما دون العشرين من عمرهما..
كنت عضوا في منظمة الشبيبة الشيوعية، تجمع عدد آخر من الطلاب الشيوعيين ، الخبر احدث ردود فعل غاضبة لدى جميع الطلاب، تقرر بمشاورة طلابية عامة وسريعة اعلان الاضراب عن التعليم والخروج بمظاهرة تتجه للمدارس في الناصرة من اجل اشراك طلابها بالإضراب والمظاهرة الطلابية الاحتجاجية.
في الساعة الثامنة صباحا، موعد دخول الطلاب لغرف التدريس، كنا قد تنظمنا للخروج بمظاهرة تشمل كل الطلاب، توجهنا لمدرستين قريبتين، مدرسة مفتان الصناعية، حيث كانت في ايام زمان " سينما ريكس الجليل" قرب هيبر ابو خضرة اليوم (منطقة عين العذراء)، ليس بعيدا عنها المدرسة المعمدانية (الأمريكان) مقابل بستان البلدية، اخرجنا الطلاب الثانويين من الصفوف حيث انضموا الينا في مظاهرتنا الاحتجاجية. 
توجهنا باتجاه مركز المدينة، الى مدرسة سليم التوفيق الابتدائية، التي هدمت واقيمت مكانها حديقة في مركز المدينة. 
بعدها واصلنا مسيرتنا التظاهرية الى مدرسة المطران التي تقع على قمة جبل في حي المطران بالمنطقة الجنوبية في الناصرة، ايضا هناك اخرجنا الطلاب وصارت مظاهرتنا ضخمة حيث انضم اليها تلقائيا المئات من الشباب والأهالي، بعد ان علموا بالجريمة النكراء..
اثناء نزولنا من مدرسة المطران ومقابل معسكر الجيش بالمنطقة الجنوبية، كانت الشرطة وقوات حرس الحدود قد اعدوا لنا كمينا ، هوجمنا بعنف من قبل مئات رجال الشرطة وحرس الحدود، لم يكن امامنا الا التراجع ، عدا بعض من اعتقلوا، صددنا الهجمة البوليسية بالحجارة كالعادة وخضنا معركة استمرت لساعات طويلة قبل ان نتفرق في اتجاهات مختلفة.
في اليوم التالي دعا الحزب الشيوعي الى اضراب عام ومظاهرة في الناصرة في الوقت الذي خرجت فيه الجنازة المشتركة للضحايا الثلاثة من مدينة حيفا والجنازتان في عرابة وسخنين. 
لأول مرة تشهد الناصرة مسيرة بمشاركة (10) الاف متظاهر. المظاهرة الأضخم في تاريخ الناصرة ولأهل الناصرة فقط.
كان الغضب كبيرا ودوى الهتاف مثل الرعد: "شعبنا شعب حي دمه ما بصير مي" وطالبنا بلجنة تحقيق بمقتل الشباب الخمسة. تفاصيل قتلهم تدعو للشك في رواية جهاز الأمن الاسرائيلي خاصة عملية التشويه لأجساد الضحايا الثلاثة من حيفا.
ما علمته ان الجنازة في حيفا تحولت الى مسيرة غاضبة بمشاركة الالاف من المواطنين من كافة انحاء البلاد. انتشرت قوات الشرطة في الأحياء العربية من حيفا، خاصة وادي النسناس لفرض جو من الارهاب،غير ان ارهابهم ضاعف الغضب ودفع المزيد من الجماهير للمشاركة في الجنازة المشتركة.
اود ان أذكر حادثة صغيرة...
الشباب الثلاثة من حيفا، هم اصدقاء من ايام الطفولة، قررت الجماهير ووافق الأهل على دفنهم بمقبرة واحدة وبقبر واحد.
بعض العناصر المشبوهة حاولت ان تلعب لعبة الطائفية ..الشباب ينتمون لثلاث طوائف مختلفة، كاثوليكي، ماروني وأرثوذكسي.
احد رجال الدين تفوه بشكل لا يليق بأهمية الحدث، رافضا الدفن المشترك جراء اختلاف الانتماء الطائفي. في المقبرة الأرثوذكسية كان قد حفر قبر واحد، تنادى الشباب ان وسعوا القبر ليتسع للأصدقاء الثلاثة سوية، لن يفرقهم الموت. تناول الشباب عدة الحفر ووسعوا القبر ليتسع للأصدقاء الثلاثة، كما كانوا في الحياة سوية دفنوا في قبر واحد ومقبرة واحدة، ولتذهب العقليات الطائفية الى الجحيم.
رثى شعراءنا ضحايا الجريمة النكراء .. واتذكر ان محمود درويش كتب قصيدة جعلتنا نبكي، القاها (اذا لم تخني الذاكرة) في قاعة "سينما امبير" في الناصرة (اليوم مخبز).
ها انا اسجلها كوثيقة، مع الخلفية التاريخية التي فجرت كلماتها.
قصيدة مهرجانية، منبرية؟ أه ما كان احوجنا لهذا الشعر في تلك الأيام السوداء!! 
___________________

يــحــكــون فــي بــلادنــا 
قصيدة محمود درويش في رثاء الشباب الخمسة
-1- 

يحكون في بلادنا 
يحكون في شجن 
عن صاحبي الذي مضى 
وعاد في كفن 
كان اسمه... 
لا تذكروا اسمه! 
خلوه في قلوبنا... 
لا تدعوا الكلمة 
تضيع في الهواء، كالرماد... 
خلوه جرحاً راعفاً... لا يعرف الضماد 
طريقه إليه... 
أخاف يا أحبتي... أخاف يا أيتام... 
أخاف أن ننساه بين زحمة الأسماء 
أخاف أن يذوب في زوابع الشتاء! 
أخاف أن تنام في قلوبنا 
جراحنا... 
أخاف أن تنام!! 

-2- 

العمر... عمر برعمٍ لا يذكر المطر... 
لم يبك تحت شرفة القمر 
لم يوقف الساعات بالسهر... 
وما تداعت عند حائطٍ يداه... 
ولم تسافر خلف خيط شهوةٍ... عيناه! 
ولم يقبّل حلوةً... 
لم يعرف الغزل 
غير أغاني مطرب ضيّعه الأمل 
ولم يقل لحلوة: الله! 
إلا مرتين! 
لم تلتفت إليه... ما أعطته إلا طرف عين 
كان الفتى صغيرا... 
فغاب عن طريقها 
ولم يفكر بالهوى كثيرا... !

-3-
يحكون في بلادنا 
يحكون في شجن 
عن صاحبي الذي مضى 
وعاد في كفن 
ما قال حين زغردت خطاه خلف الباب 
لأمه: الوداع! 
ما قال للأحباب... للأصحاب: 
موعدنا غداً! 
ولم يضع رسالة... كعادة المسافرين 
تقول: إني عائدٌ... وتسكت الظنون 
ولم يخطّ كلمةً... 
تضيء ليل أمه التي... 
تخاطب السماء والأشياء، 
تقول: يا وسادة السرير! 
يا حقيبة الثياب! 
يا ليل! يا نجوم! يا إله! يا سحاب! : 
أما رأيتم شارداً... عيناه نجمتان؟ 
يداه سلتان من ريحان 
وصدره وسادة النجوم والقمر 
وشعره أرجوحةٌ للريح والزهر! 
أما رأيتم شارداً 
مسافراً لا يحسن السفر! 
راح بلا زواًّدة، من يطعم الفتى 
إن جاع في طريقه؟ 
من يرحم الغريب؟ 
قلبي عليه من غوائل الدروب! 
قلبي عليك يا فتى... يا ولداه! 
قولوا لها، يا ليل! يا نجوم! 
يا دروب! يا سحاب! 
قولوا لها: لن تحملي الجواب 
فالجرح فوق الدمع... فوق الحزن والعذاب! 
لن تحملي... لن تصبري كثيرا 
لأنه... 
لأنه مات، ولم يزل صغيرا! 

-4- 

يا أمه! 
لا تقلقي الدموع من جذورها! 
للدمع يا والدتي جذور، 
تخاطب المساء كل يوم... 
تقول: يا قافلة المساء! 
من أين تعبرين؟ 
غصًّت دروب الموت... حين سدّها المسافرون 
سدّت دروب الحزن... لو وقفت لحظتين 
لحظتين! 
لتمسحي الجبين والعينين 
وتحملي من دمعنا تذكار 
لمن قضوا من قبلنا... أحبابنا المهاجرين 
يا أمه ! لا تقلقي الدموع من جذورها 
خلّي ببئر القلب دمعتين! 
فقد يموت في غد أبوه... أو أخوه 
أو صديقه أنا 
خلي لنا... 
للميتين في غد لو دمعتين... دمعتين! 

-5- 

يحكون في بلادنا عن صاحبي الكثيرا 
حرائق الرصاص في وجناته 
وصدره... ووجهه... 
لا تشرحوا الأمور! 
أنا رأيت جرحه 
حدقت في أبعاده كثيرا... 
"قلبي على أطفالنا" 
وكل أم تحضن السريرا! 
يا أصدقاء الراحل البعيد 
لا تسألوا: متى يعود 
لا تسألوا كثيرا 
بل اسألوا: متى 
يستيقظ الرجال!
___________________
nabiloudeh@gmail.com

قراءةٌ في قصيدةِ العطرِ الأزرق– للشاعرة آمال عوّاد رضوان/ د. جمال سلسع

حينَ دخلتُ مَقرّ الشّبيبةِ العاملةِ والمُتعلّمةِ في النّاصرة، بتاريخ 8-7-2013، للاحتفاءِ بالشاعر جَمال سلسع وبصُدورِ ديوانِهِ الشّعريّ "ما زالَ يغسلُنا الرّحيلُ"، استقبلتني عزيزتي سلوى ناصر، وأخذتني مِن يدي لتُعرّفَني على الشاعر جمال سلسع، وحينَ سلّمتُ عليهِ، أمسكَ بيدي ونظراتُهُ الثاقبةُ تتأمّلُني قائلًا بنبرةٍ مَذهولة: أنت الشاعرة آمال عوّاد رضوان! أنتِ يا آمال قصيدة! 
استغربتُ أنّهُ يَعرفُني وباسْمي الثلاثيّ، رغمَ أنّها المرّةَ الأولى الّتي ألتقيهِ وأتبادلُ معهُ الحديثَ، وتابَعَ: أنا أتابعُكِ في جَريدةِ القدس، فلَكِ فيها صفحةٌ أسبوعيّةٌ تقريبًا. وقد كتبتُ عنكِ عدّةَ قراءاتٍ نقديّةً، ألَمْ تقرئيها؟ أنا مِنَ المُعجَبينَ بشِعرِكِ، ولكنّي كنتُ قاسيًا في نقدي، لأنّي أحبُّ شِعرَكِ! 
وقد أرسلَ لي القراءةَ بحسبِ وعدِهِ لأطّلعَ عليها، ولأنّني موضوعيّةٌ، وأحترمُ عينَ قارئي ورأيَ ناقدي، أقومُ بنشرِ هذه القراءةِ النقدِيّة، عِرفانًا للشّاعر الناقدِ جمال سلسع، واحترامًا للكلمةِ الصادقةِ، وتقديرًا للعينِ القارئة، وهذه هي القراءةُ الثالثةُ التي وصلَتني لقصيدةِ "مرّغوا نهديَّ بعطرِهِ الأزرقِ"، فقد سبقهُ إليها الشاعرُ والناقدُ العراقيُّ عبدالعزيز وجدان، وكذلكَ الناقدُ العراقيُّ علوان السلمان!
يقولُ الناقد الفلسطينيّ جمال سلسع:
تلجأ الشاعرةُ  في تجربتِها الشعريّةِ هذه،  إلى الاعتمادِ على الصورِ الشعريّةِ المُركّبةِ، في أغلب صوَرِ هذه القصيدة، فلا تجعلُها ترتاحُ على أنفاسِها، بل تتركُها تركضُ في لهاثِ عِطرِها. إنّ تتابُعَ هذهِ الصورِ المُركّبةِ وتراكُمَها، يُتيحُ لها فرصةَ الدّخولِ إلى ضبابيّةِ المَكانِ، وصعوبةِ التفسيرِ لدى القارئ. 
مع أنّها تمتلكُ أدواتِها الشعريّةِ بجَدارةٍ، ولكنّها لا تنجحُ في توظيفِها شعريًّا، كما هو مُتوقّعٌ ممّن يَملكُ مثلَ تلكَ الأدواتِ الشّعريّةِ، إذ إنّ لكلِّ قصيدةٍ قضيّةٌ شعريّةٌ، وضوحُ هذهِ القضيّةِ أمرٌ هامٌّ. وهنا أحبُّ أن أُقدِّمَ لكِ يا آمال مثالًا واحدًا على ما طرحتُهُ بخصوصِ الصوّرِ الشعريّةِ المُركبّة، فمثلًا في هذا الشطرِ الشعريّ:
(بومضِ عِطرِكَ العابثِ مَضـيْـتَ تـتـخـفّـى): صورةٌ شعريّةٌ جميلةٌ، ولكنّها غيرُ مُكتملة. إذ لم توّضحي بماذا يومضُ عطرُهُ العابثُ مثلًا، كي يرتاحَ على جَمالِ أنفاسِهِ، ويَستعدَّ لصورةٍ شعريّةٍ جديدةٍ، توسعُ تشكيلَهُ الجَماليّ. ولكنّكِ يا سيّدتي كسرتِ اكتمالَ هذهِ الصورةِ الجميلةِ، بإضافةِ صورةٍ أخرى جديدةٍ ومُلاصِقةٍ لها قائلةً : بومضِ عِطرِكَ العابثِ مَضـيْـتَ تـتـخـفّى/ تـقـتـرِفُ تقوَى إشاعةٍ بشوشةٍ. 
وهكذا يا آمال أغلقتِ نوافذَ هذا الجَمالِ الشّعريّ، مِن خلالِ تركيبِ صورةٍ جديدةٍ قبلَ أوانِها، وتمّ إضافتَها فوقَ الصورةِ الأولى، قبلَ أن تستنشقَ هواءَ راحتِها بينَ كلماتِها الجميلة، فجاءَ الضبابُ بعباءَتِهِ يَلفُّ هذا الجَمالَ الشعريَّ، خاصّةً وأنتِ تثملينَ بموجٍ مُستحيلٍ. تقولُ آمال: 
"على عَنانِ بُشرى جائعةٍ/ تماوَجْتَ../ بليلٍ لائلٍ اقتفيْتَ فيْضَ ظِلِّي المُبلَّلِ/ بضوضاءِ أَصفادي/ أرخيْتَ مناديلَ عتبٍ مُطرَّزٍ بتعبٍ/ تستدرجُ بِشريَ المُستحيل/ وفي تمامِ امْتثالي المُتمرِّدِ تورَّدْتَ!
بومضِ عِطرِكَ العابثِ مَضـيْـتَ تـتـخـفّـى/ تـقـتـرِفُ تقوَى إشاعةٍ بشوشةٍ / وأنا في سكرةِ أعماقي/ أثملُ بموْجِ مُستحيلٍ/ لا يُذبِلُ نُواحَهُ جنونُكَ!" 
وما بينَ استدراجِ بُشرى المُستحيلِ وحتّى الثمالةِ منهُ، كانَ عِطرُهُ العابثُ يَمضي.. يتخفّى.. ويقترف. تقولُ الشاعرةُ: بومضِ عِطرِكَ العابثِ مَضـيْـتَ تـتـخـفّـى/ تـقـتـرِفُ تقوَى إشاعةٍ بشوشةٍ
هنا يا آمال في الشطرِ الأخير، قد حمّلت التقوى (إشاعةً بشوشةً)، فأثقلتِ الصورةَ الشعريّةَ بضبابيّةِ التفسيرِ، لذا مِنَ الأفضلِ حذفُ إمّا كلمة (إشاعة) أو كلمة ( بشوشة)، فنمسحُ ثِقلَ الضبابِ عن هذا الشطرِ الشعريّ. أنا لا أريدُ أن أتصيّدَ بعضَ هذهِ الكلماتِ، الّتي تُلقي بضبابيّتِها على قصيدتِكِ الجميلة، ولكن حِرصي على إبداعِكِ واستمرارِهِ، يَجعلُني أُشيرُ إلى القليلِ مِن ذلكَ، كي تَخرجَ قصيدتَكِ جميلةً بمستوى تجربتِكِ الشعريّة.
بعدَ ذلكَ تنتقلُ الشاعرةُ مِن عِطرِهِ العابثِ إلى أناملِهِ الّتي تُقشّرُ سحابَ النعاسِ والتثاؤُبِ، وهي تُراقصُ نيرانَ أحلامٍ، قدِ استهوى طعمَها مَذاقَ الشاعرةِ، فتقول آمال: 
أنامِلُكَ.. ما فتئتْ تتندَّى اشتعالاً دامِسًا/ تُقشِّرُ سحابَ وقتِي الموْشومِ بالنّعاسِ!/ ولمّا تزلْ تخلعُ أسمالَ تثاؤُبٍ/ كم تيمّنَ بالأزلْ!/ ولمّا تزلْ.. في سديمِ الصّمتِ المثقوبِ/ تمتطي تراتيلَ كَوْني الغافي!
أسرابُ وهنِكَ المغناجِ/ انسَلَّتْ/ تُراقصُ نيرانَ أحلامٍ / ما غابَ طعمُها عن لساني!
ثمّ تأتي إلى طيوفِ جراحِها الطّاعنةِ في سَرمديّتِها، على حيرةِ تَساؤلاتٍ مُتعدّدةٍ، فهل تُخدِّرُها وثُمولِها مِن نقشِ خشخاشِهِ؟ أم مِن تَعلُّقِ حَدْسِها الكفيفِ على موجِ فِردوْسِهِ؟ ولكنّ الشاعرةَ تتكسّرُ مُنصاعةً مِن سُيولِ تَمَرُّغِهِ، فيأتي الحبيبُ ويُرَصِّعُها بانكسارِها هذا، فتقولُ الشاعرةُ:
طُيوفُ جراحي طاعنةٌ في سَرمديّتها/ أسهْوًا.. / تَشدّقها سُهْدٌ أُسطوريُّ الملامِحِ؟/ أَشابَها خَدرُ نَقْشِكَ الخشْخاشِ؟/ أَعلَّقْتَ حَدْسِيَ الكفيفَ/ على مِقبضِ موجِكَ الفردوسيِّ؟
زفراتُ نجومي جرَفَتْها سيولُ تمرُّغِكَ/ حينما غرَّها بَسْطُكَ المُهترِئُ/ وَ.. على مَقامِكَ المرْكونِ/ مُــنْــصَــاعَــةً 
تَــكَــسَّــرَتْ/ وَ.. رصَّعتني بانكساري!
وتؤكّدُ الشاعرةُ المُنصاعةُ، أنّ الحبيبَ مَضى يَستبيحُ رفوفَ انشطارِها ( انكسارِها) بجَناحَيْ جُنونِهِ، وهو يَمتشقُ إغواءاتِ احتضارِها، ويُسمِّرُها بعدَ أنْ خطفَ قصاصاتِ توْقِها، بينَ وعودٍ مُؤجّلةٍ وجدرانَ تتهاوى. تقول آمال:
بجناحَيْ جنونِكَ انبثقْتَ عائِمًا تُرفرِفُ/ اضطرَبْتَ هائِجًا تُهفهِفُ/ تَستبيحُ رُفُوفَ انشِطارٍ/ لَكَمْ صَفّدْتَهُ بضياعي المُنمْنَمِ/ كي تمتشِقَ إِغواءاتِ احتضاري!
فتائِلُ دهشةٍ/ خطفَتْ قُصاصاتِ تَوْقي مسحورةَ الطّوقِ/ سمّرْتَني/ بينَ وعودٍ مُؤجّلةٍ وجدرانَ تتهاوى!
وتحترفُ الشاعرةُ تضميدَ حُروقِ حروفِها، مِن ريحِ العاشقِ الضريرةِ، الّتي شبَّ لهيبُها في اقتفاءِ أثرِها، وهوَ يتمرّدُ ويتبغددُ على هذه الحبيبةِ في مَحافلِ الترقُّبِ. تقول آمال: خُطى ريحِكَ الضّريرَةُ وَشَتْ أجنحتكَ/ شبَّ لهيبُها في اقتفاءِ أثري/ تنيْرَنْتَ! / تبغْدَدْتَ!/ وفي مَحافِلِ التّرقُّبِ/ احترفتَ تضميدَ حروقِ حروفي!
وهذهِ الحوريّةُ العاشقةُ الجميلةُ تستجيرُ، لأنّهُ سَباها في عِشقِهِ، وبعثرَ وجهَها في ذاكرةِ الحُجُبِ، وابتلعَ ذيْلَها الذهبيَّ، لأنّهُ أغواها في حُبِّهِ. تقول الشاعرةُ:- ألْسِنةُ بوْحي النّاريِّ/ طليتَها بوَشوشةٍ انبجَسَتْ تستجيرُ: 
سرابُ حوريّةٍ أنا؛/ إِلى مسارِبِ الوَهْمِ أَغواني/ بثوْبِ السّباني.. سَباني/ بَعثرَ وجهيَ في ذاكرةِ الحُجُبِ/ وَابتلعَ ذيليَ الذّهبيّ!
وهي تستجيرُ تارةً بـ (رُفقاءَ الأسمى) وطورًا بـ (سليمان الحكيم)، لأنّ حبيبَها قد تعنّقَ مُنتشيًا نحوَ عشِّ النارِ، ولكنّها في نهايةِ تجربتِها الشعريّةِ، تستظلُّ تحتَ ظلالِ هذا الحُبِّ (عشِّ النار)، وهي تَهُزُّ قلائدَ سمائِها غيثًا يَتضوّعُ حُبًّا، وهي تتلهّفُ لعِطرِهِ الأزرقِ يُمرّغُ نهدَيْها. تقولُ آمال: يا رُفقاءَ الأسمى/ بوّابةُ سمائي مَحفوفةٌ بهياكِلَ مَجْدٍ/ ساحَ ضوؤُها زركشةً تتجَنّحُ/ وما انفَكّتْ بأهدابِ الذّهولِ تتموّجُ
اِستنيروا بي!/ لَدُنِي المُقدّسُ كَمِ ازدانَ بأرياشِ الشّمسِ/ وَمُنتشيًا / تَعَنّقَ نحوَ عُشِّ النّارِ!
بسليمانَ أغيثوني/ بأسرابِ جِنِّهِ؛ تَحفُرُ قاعَ بَحري أَفلاجًا/ تُهْدينيها في ليلةِ عيدي/ مرِّغوا نهْدَيَّ بعِطرِهِ الأزرقِ/ لتهُزَّ قلائدُ سمائي غيثًا.. يتضوّعُ حُبّا.
يا رُفقاءَ الأسْمى/ مرِّغوا نهْدَيَّ بعِطرِهِ الأَزرقِ/ وزُفُّوا إليَّ.. ذيْلِيَ الوضّاء!
الشاعرةُ هنا تنقشُ تجربتَها الشعريّةَ بمَذاقٍ أنثويٍّ، وهي تبحثُ عن بُشرى جائعةٍ، تستدرجُها حتّى تثملَ بها. فكيفَ كانتْ حالةُ الشاعرةِ، مِن خلالِ هذهِ التجربةِ، وهي تستغيثُ كي يَحصلَ نهداها على عِطرِهِ الأزرقِ؟ نستطيعُ تلخيصَ ذلكَ على النّحوِ الآتي:-
موقفُ الشاعرةِ: الثّملُ. وموقفُ الحبيبِ: يُقشّرُ النعاسَ! 
موقفُ الشاعرةِ: تشتعلُ شهوتُها. وموقفُ الحبيبِ: يُراقصُ نيرانَ أحلامِهِ! 
موقفُ الشاعرةِ: انكسَرتْ مُنصاعةً. وموقفُ الحبيبِ: رَصَّعَها بانكسارِها. 
موقفُ الشاعرةِ: احتضارُها. وموقفُ الحبيبِ: استباحَ انكسارَها. 
موقفُ الشاعرةِ: تَسمّرَتْ. وموقفُ الحبيبِ: خطَفَ قصاصاتِ توْقِها. 
موقفُ الشاعرةِ: احترفَتْ تضميدَ الحُروقِ. وموقفُ الحبيبِ: أشعلَ لهيبَها. 
موقفُ الشاعرةِ: تَستجيرُ لأنّهُ سَباها. وموقفُ الحبيبِ: ابتلعَ ذيْلَها الذهبيّ. 
موقفُ الشاعرةِ: تستغيثُ بسليْمانَ. وموقفُ الحبيبِ: تَعنّقَ نحوَ عُشِّ النار. 
موقفُ الشاعرةِ: تتضوّعُ حُبًّا. وموقفُ الحبيبِ: عِطرُهُ الأزرقُ يُمرِّغُ نَهدَيْها.
فعندما تثملُ الشاعرةُ ببشرى المستحيلِ، تُقشِّرُ أناملُهُ هذا النعاسَ والتثاؤبَ، وعندما تبدأ تُراقصُ نيرانَ أحلامِهِ، تشتعلُ شهوتُها بطَعمِهِ الّذي ما زالتْ أشواقُهُ على لِسانِها. وعندما انكسرَتْ مُنصاعةً، رصّعَها بلهفةِ انكسارِها. وعندما استباحَ انشطارَها (انكسارَها)، كانت في إغواءاتِ احتضارِها. وعندما خطفَ قصاصاتِ توْقِها، تسمّرتِ الشاعرةُ بينَ وعودٍ مُؤجّلةٍ، وجُدرانَ تتهاوى. وعندما شبَّ لهيبُها في اقتفاءِ أثرِ الحبيبِ، احترفَتْ تضميدَ حُروفِ حُروقِها. وتستجيرُ الشاعرةُ لأنّهُ سَباها، عندما ابتلعَ ذيْلَها الذهبيّ. ولمّا تعنّقَ نحوَ عُشِّ النّارِ، بدأتْ تَستغيثُ بسليمانَ ورُفقاءِ الأسمى. وعندما تضوّعتْ حُبًّا، كانَ عِطرُهُ الأزرقُ يُمرّغُ نهدَيْها.
إنّ هذا الترتيبَ الشعريَّ الجَميلَ يُوحي بجَمالِ القصيدةِ، فزيدي هذا الجَمالَ جَمالًا، واستغيثي بقدرتِكِ الإبداعيّةِ، فأنتِ قادرةٌ على الابتعادِ عن الضبابيّةِ في بعض الصورِ الشعريّةِ، واجْعليها ترتاحُ على عِطرِ جَمالِها، وحافظي على وُرودِ أنفاسِها، لأنّكِ مُبدعة. 

المشهد المصري والمستقبل المنظور/ شاكر فريد حسن

ما من شك ان التغير الذي حدث في مصر باسقاط مرسي والاطاحة بحكم الاخوان المسلمين هو انجاز عظيم ، وملحمة اسطورية سطرها الشعب المصري في لحظة تاريخية حاسمة  . وكان للجيش المصري ، وعلى رأسه الفريق أول عبد الفتاح السيسي ، الفضل الكبير والدور الرئيس في احداث هذا التغير . وقد اثبت هذا الجيش ولاءه وانحيازه للوطن والشعب ، وليس للأحزاب والطوائف والمذاهب ، وانقذ مصر من خطر حقيقي داهم واخرجها من الأنفاق المعتمة والمظلمة . وكما كان لموقف هذا الجيش المناصر لثورة يناير الدور الحاسم في ارغام الرئيس محمد حسني مبارك التنحي عن سدة الحكم فها هو ينتصر اليوم مجدداً لأرادة الشعب المصري .  وسوف يكتب التاريخ في سجلاته ، بحروف ناصعة من نور، اسم السيسي ، لأنه كان له الفضل الأعظم في تخليص مصر من كابوس وخطر حكم الاخوان المسلمين .
والواقع ان هناك الكثير من الناس يرون في هذا التغيير انقلاباً على الشرعية متناسين ان الشرعية الوحيدة هي  شرعية الشعب ، وأكبر استفتاء هو استفتاء الشعب،  الذي انتخب مرسي ومنحه الثقة ، وعندما رأى انه ليس اهلاً لهذه الثقة ثار ضده وخرج بالملايين الى الشوارع والميادين والساحات العامة مطالباً بازحته عن الحكم . 
ان الأخطاء التي ارتكبها مرسي وجماعته هي التي اضرت بهم وبحكمهم ، وكما قال المثل "على نفسها جنت براقش " ، وقد جنوا على انفسهم بما فعلوه هم ورئيسهم بمصر وقضائها ودستورها ومؤسساتها وشعبها ما كان ابداً ان يفرغ من ثورة الغضب الشعبي والجماهيري الساطع ولا انحياز القوات المسلحة المصرية لارادة هذا الشعب ، الذي تمرد على حكمهم لأن رئيسهم  محمد مرسي لم يحقق ما كان يتطلعون ويصبون اليه بعد ثورة 25 يناير 2011 من الحياة والعيش الكريم والحرية والعدالة الاجتماعية والكرامة الانسانية ، حيث شهدت حقبة مرسي تردي الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية ، وتنامى الفقر والبطالة والفساد ، وتزايدت الجرائم ، وانهار النظام العام،وغرقت البلاد بأزمة سياسية، وتراجعت الخدمات الاجتماعية، وتعطل الاستقرار الضروري للنهوض بالمشكلات الاجتماعية والاقتصادية . واثبتت ممارسات ومواقف مرسي وجماعته ارتباطهم بامريكا وحليفاتها بالمنطقة وعلى رأسها قطر ، وانخراطهم في مشاريع اجهاض الدولة الوطنية لصالح المخطط الاستعماري المشبوه في المنطقة . وظهر ذلك جلياً في السياسة التي اتبعها محمد مرسي تجاه قطاع غزة والحرب الدائرة في سورية ودعوته للجهاد في اراضيها ومناصرة القوى السلفية والتكفيرية الارهابية .
لقد نسي الاخوان ان مصر ام الدنيا ، مصر العروبة، مصر النيل ، مصر جمال عبد الناصر ، ذات التاريخ الحضاري والقومي والثقافي العريق الضارب في عمق الارض ، انها ليست قبيلة او عشيرة او امارة تنقاد لجماعات سلفية وغيبية مناهضة للتقدم والعصرنة والتمدن والحضارة والحداثة ومعادية للفكر الانساني الحديث ، وللقوى التقدمية والعلمانية والليبرالية واليسارية والديمقراطية . وان مصر شهدت خلال القرنين الماضيين نشوء وبروز تيارات وحركات واتجاهات سياسية اصلاحية وتجديدية قادها ساسة وزعماء ومصلحون ومفكرون ومتثاقفون كبار وعظام أدت الى احداث ثورة فكرية  نهضوية في المفاهيم والمعايير القيمية في المجتمع المصري الحديث ، وترسيخ اسس ومبادئ الدولة المدنية العصرية والمجتمع المدني الديمقراطي .
يمكن القول ان الثورة في مصر، التي اطاحت بحكم مرسي وجماعته ، هي في الحقيقة والواقع ثورة تصحيحية لمسار ثورة يناير العام 2011 ، وانها دليل ومؤشر واضح على سقوط "التاسلم السياسي "،  وفشل لشعار "الاسلام هو الحل"، وتراجع للخطاب السلفي الطائفي التكفيري،  وانهيار لمشروع الاخوان المسلمين الرامي الى اعادة البلاد الى حكم الخلافة وعصور الجاهلية وكهوف الظلام والتخلف والجهل والامية . واثبتت ان مشروع الاسلام السياسي لا يتناغم ولا يأتلف مع شعارات "الحرية والعدالة والديمقراطية ". ولعل هذا السقوط المدوي للاسلام الساسي وفشل تجربة لاخوان المسلمين ، يؤكد بما لا يدع مجالاً للشك انه لا مستقبل للاسلام السياسي  في صورته الراهنة في هذا العالم العصري الحضاري التعددي المنفتح .
ان المشهد السياسي الراهن لا زال بعيداً عن الاستقرار ، وقد يستغرق وقتاً طويلاً ، لكن هنالك حقيقة واضحة لا لبس فيها ان وضعاً جديداً حدث في مصر بعد ان سقط حكم الاخوان المسلمين ، وان المصريين سيواجهون تحديات المرحلة الانتقالية  المتمثلة بمسلكيات انصار وجماعات الاخوان وتمسكهم باستعادة مرسي، وتهديدهم باستدراج مصر الى حلقات ومسلسل الارهاب والقتل وسفك الدماء والفوضى الخلاقة والهدامة.  لكننا على ثقة تامة بأن الشعب المصري العظيم قادر على تجاوز وتخطي ازمته ومحنته الراهنة بفضل تماسكه ووحدته الوطنية الغلابة  ، وانه يدرك جيداً دوره في حماية الثورة ومكتسباتها وانجازاتها وعدم سرقتها واختطافها سياسياً مرة أخرى مثلما حدث لثورة يناير 2011 ، وحتمية اصطفافهم واحتشادهم امام صناديق الاقتراع المقبلة، من استفتاء على الدستور وانتخاب مجلس النواب وانتخاب رئيس الجمهورية . وباعتقادنا ان ذلك يصب في عودة مصر لتتبوأ ريادتها وموقعها ومكانتها العروبية والقومية في مواجهة كل المشاريع الامبريالية والاستعمارية في المنطقة الرامية الى تجزئة وتقسيم الاقطار العربية .

ماذا يجري في باحات الأقصى ..؟!/ شاكر فريد حسن

من العار والمعيب أن تتحول باحات المسجد الأقصى المبارك الى ميدان للخصام والفرقة والمشاحنات والمهاترات والصراعات السياسية والعقائدية والايديولوجية والاصطفافات الفصائلية والحزبية . فما معنى ان ترفع الحركة الاسلامية في الداخل صورة الرئيس المصري المخلوع مرسي على واجهة الأقصى؟! وما معنى ان تصطف وتلتئم كل مجموعة على حدة مع بعضها البعض بمثابة تظاهرة سياسية وتهتف مع مرسي او ضد مرسي أو تدعو لدولة الخلافة ؟!.
ان ما يجري في باحات الأقصى من اعمال استعراضية وبهلوانية تهريجية ومسرحية هو بلا شك أمر مرفوض ومدان، لأنها تتنافى وتتعارض مع تقاليدنا العربية السمحة ومع مبادئ وقيم الاسلام والدين الحنيف ، الذي يدعو للمحبة والتسامح والمودة والألفة ويمقت الفتنة والنزاع والفرقة والتعصب . انها أعمال تسيئ أولاً وقبل كل شيء لشعبنا العظيم المكافح والمناضل من أجل استرداد حقوقه المسلوبة ، وللاقصى والقدس وفلسطين . وهي تساهم في شحن وتوتير الأجواء،  وبث الفرقة والتشرذم بين ابناء وقوى شعبنا المختلفة،  في وقت نحتاج فيه الى التماسك والوحدة والتلاحم الوطني والموقف الموحد والمجند لمواجهة التحديات الراهنة التي تواجه شعب فلسطين . ويكفي ما يعيشه الشارع الفلسطيني منذ سنوات من انقسام وتشرذم ومناكفات بين أكبر فصيلين على الساحة السياسية الفلسطينية هم "حماس" و"فتح" . 
فالأقصى مكان مقدس ومهبط الديانات السماوية ، وموطن الحضارة والتاريخ ،  ومهوى القلوب المسلمة المؤمنة التقية الورعة ، وهو ليس لهذه الفئة او تلك المجموعة أو تلك القبيلة والعشيرة وانما لجميع المسلمين والعرب في كل انحاء المعمورة ، بمختلف انتماءاتهم وأفكارهم ومعتقداتهم . وقد كان طوال الوقت على امتداد التاريخ العربي والاسلامي مكاناً للعبادة والصلاة والتسبيح والدعاء ، وبعيداً عن الخلافات والشرذمات، ورمزاً للوحدة ، وساحة رحبة لتعانق الأرواح  وتصافي القلوب والتسامح الانساني . 
وازاء ما يحدث ويجري في الأقصى،  فأن المطلوب من جميع الناس العقلاء المتنورين والمتدينين الحقيقيين ، ممن تعز عليهم القدس ومكانة الأقصى كمعلم ديني وتاريخي وحضاري وتراثي، التصدي بحزم والوقوف بوجه كل الهتافات والشعوذات والطقوس الاستعراضية الجديدة ، التي تفرق ولا توحد ، والتي لا ولن يستفيد منها سوى أعداء شعبنا . وليبق الأقصى، الذي يئن ويصرخ ، خارج الصراعات والخلافات والمهاترات السياسية . ولنقلها بصوت عال وموحد : كفى لهذه الأعمال المعيبة والمسيئة والمخزية  في باحات الأقصى ، ولتتوقف هذه المهزلة حالأ وسريعاً قبل ان تستعر وتزيد الفرقة بين ابناء الشعب الواحد . وكفانا ما حل بنا من محن ومصائب ومجازر ومعاناة متواصلة وتشريد وتنكيل ، وما يواجه اهلنا في النقب من نكبة جديدة،  وفق مشروع برافر .                          

رحيل الكاتب الروائي الكبير الأستاذ محفوظ أيوب بصمت/ مفيد نبزو

كما ترحل طيور السماء بعد أن توقع لحنها الأخير ، هكذا رحل الأديب والمفكر والكاتب الروائي محفوظ أيوب الذي نذر عمره للكلمة، ووهب حياته للثقافة والفلسفة والمعرفة، والعطاء الذي لا ينتظر مقابلا ً من أحد.
إنه ابن محردة البار وصاحب المؤلفات العديدة في مجالات الفلسفة والرواية والشعر المنثور والبحوث الفكرية، وإن أهم ما يميز أسلوبه تأثره بجون شتاينبك من خلال المسروية التي تعتمد الرواية المسرحية في الكتابة، واعتماده من خلال مواضيعه وطروحاته مما يستمد من الواقع المعاش، فينتقد سلبياته ويفسح طاقات الوعي أمام القارئ كي يساهم في إصلاح المجتمع مع إخوته في الإنسانية لبناء مجتمع يسوده الخير والعدالة والسلام.
ولد في محردة عام  1934م .
نال الشهادات التالية:
1- الإجازة في الفلسفة وعلم الاجتماع.
2- دبلوم عامة في التربية.
3- دبلوم الدراسات العليا في علم النفس.
4- ماجستير.
عمل مدرساً للفلسفة وعلم النفس في دور المعلمين والمعلمات في حمص وحماة، ومديراً لبعض المدارس الثانوية والإعدادية في شتى أنحاء سورية. ومشرفاً على إدارة المكتبات المدرسية في محافظة حماة.
من مؤلفاته : زهرة في قبر 
- بابل الخاطئة 
- محاورات المساء 
-نبي نينوى -
حكمة من الشرق 
- الفاتح الأكبر 
- سدوم وعامورة 
- زبيدة ملكة ساحة النجمة
- الفكر الحي -
وغيرها من الروايات والأبحاث الفكرية الهامة للإنسان في كل مكان وزمان.

رحم الله الأديب الكبير محفوظ أيوب الذي ترك لنا إرثا ً خالدا ً لا يموت، ومكتبة عامرة من أميز وأكبر المكتبات الخاصة إن لم تكن على مستوى المحافظة فعلى مستوى القطر بأكمله.
                                                            مفيد نبزو - محردة -

كيري يحاصر عباس بالعرب/ نقولا ناصر

(لقد نجحت الإدارة الأميركية في تحويل لجنة متابعة مبادرة السلام العربية إلى أداة من أدوات السياسة الخارجية الأميركية مثلها مثل جامعة الدول العربية المنبثقة عنها)

لقد نجح وزير الخارجية الأميركي جون كيري في إحداث انقسام بين المؤيدين وبين المعارضين لخطته من مفاوضي منظمة التحرير الفسطينية لاستئناف مفاوضاتهم مع دولة الاحتلال الإسرائيلي، كما اتضح من اجتماع قيادة المنظمة يوم الخميس الماضي، لكن الأهم أنه نجح في دق اسفين وإحداث افتراق بينهم وبين لجنة متابعة مبادرة السلام العربية التي وافقت على خطته قبل إعلان موافقة منظمة التحرير عليها.

في جولته السادسة للمنطقة منذ تقلد منصبه، استثنى كيري لأول مرة دولة الاحتلال من جولاته، واتخذ من العاصمة الأردنية عمان - "التي تحولت مركزا لغرفة العمليات وبؤرة للنشاط الدبلوماسي العربي والإقليمي" للولايات المتحدة في رأي المحلل السياسي الأردني فهد الخيطان - قاعدة لجولته الجديدة استقبل فيها الرئيس الفلسطيني محمود عباس ولجنة جامعة الدول العربية المعنية بمبادرة السلام العربية.

وهذه وغيرها مؤشرات إلى أن كيري الذي يسعى جاهدا لاستئناف مفاوضات المنظمة مع دولة الاحتلال لا يركز ضغوط مساعيه الآن على الاحتلال ودولته المسؤولة عن فشل هذه المفاوضات بعد عشرين عاما من إطلاقها بل يركزها على مفاوض المنظمة، ويحاصره مستعينا بلجنة متابعة مبادرة السلام العربية التي أنشئت في الأصل لدعم هذا المفاوض لكن إدارته نجحت كما يبدو الآن في تحويلها إلى أداة من أدوات السياسة الخارجية الأميركية مثلها مثل الجامعة العربية المنبثقة عنها التي استخدمتها الولايات المتحدة أداة لإضفاء شرعية عربية على حروبها العدوانية من أجل "تغيير أنظمة" عربية بدءا من العراق مرورا بفلسطين (التخلص من الشهيد ياسر عرفات ونظامه) وليبيا واليمن فسوريا والحبل على الجرار ما لم يتدارك العرب أنفسهم قبل أن تصبح كل أنظمتهم الحاكمة مرشحة أميركيا ل"التغيير" بغطاء من شرعية الجامعة العربية التي لم تعد شعوبها تعترف بصدقيتها وشرعيتها.

في بيانها الذي أصدرته بعد اجتماعها في عمان مع كيري بحضور الأمين العام للجامعة العربية نبيل العربي الأربعاء الماضي، ومن دون انتظار تبلور موقف مفاوضي منظمة التحرير منها، أكد وفد لجنة المتابعة "دعمه الكبير" لجهود كيري لإحياء المفاوضات واستئنافها، ووصفت الأسوشيتدبرس هذا الدعم بأنه كان "فوزا" له، وهللت النيويورك تايمز لهذا الفوز بالقول إن "جهود كيري تتكلل بالنجاح"، وكان كيري قد أعلن في عمان أن رئاسة المنظمة وحكومة الاحتلال تمكنا من تضييق الفجوات بينهما إلى حد "هام جدا" وبقيت فقط "بعض العناصر وبعض اللغة بحاجة إلى الاتفاق عليها".

غير أن عودة كبير مفاوضي المنظمة صائب عريقات إلى عمان للقاء كيري بعد اجتماع وصف بأنه "صاخب" يوم الخميس الماضي لقيادتي منظمة التحرير وحركة فتح التي تقودها برام الله تمخض عن توكيل لجنة مصغرة ببلورة مطالبهم لاستئناف المفاوضات، ثم مسارعة كيري إلى رام الله لقطع الطريق على هذه اللجنة قبل تقديم توصياتها والضغط على الرئاسة الفلسطينية مستقويا بالدعم المسبق الذي حصل عليه من لجنة المتابعة العربية وفي معزل عن أي دعم علني منها لتحفظات "القيادة الفلسطينية" على خطته، لم يترك مجالا للشك في أن الخيار الوحيد الذي بقي لهذه القيادة هو التساوق مع "إعلان كيري" مساء الجمعة الماضي عن سروره "للتوصل إلى اتفاق يرسي أساسا لاستئناف مفاوضات وضع نهائي مباشرة" بين منظمة التحرير وبين دولة الاحتلال ومع دعوته لمفاوضيهما للتوجه خلال الأيام المقبلة إلى واشنطن لاستكمال تفاصيل "الاتفاق" الذي أعلن عنه.      

وكانت وكلة الأنباء الفرنسية "ا ف ب" قد نقلت عن مسؤول رفيع في المنظمة قوله إن كيري كان "مصمما" هذه المرة على إعلان استئناف المفاوضات قبل مغادرته المنطقة، وكانت المتحدثة باسم الخارجية الأميركية جن ساكي الثلاثاء الماضي أعلنت بأن "الوزير (كيري) لن يعود إلى المنطقة" إذا لم يحرز تقدما في جولته السادسة، في تهديد واضح يستهدف الضغط على الرئيس عباس الذي كرر وكبار مفاوضيه حرصهم على إنجاح جهوده واستمرارها.

وفي جولته السادسة لم يترك كيري لعباس مجالا للتملص من الرد على مقترحاته بتكرار حجته المألوفة بأن عليه أولا العودة إلى القيادة الفلسطينية (أي قيادة منظمة التحرير) ولجنة المتابعة العربية، فقد جاءه كيري بهذه اللجنة إلى عمان وحصل على موافقتها على أن "الأفكار التي طرحها كيري تضع أرضية وبيئة مناسبتين للبدء في المفاوضات" كما جاء في بيان وفد اللجنة بعد لقائه به، وهي موافقة تحاصر قيادة المنظمة عربيا ولا تترك لها خيارا غير الموافقة بدورها عليها كتحصيل حاصل، لذلك كانت هذه هي المرة الأولى التي لا يعلن عباس فيها بعد لقائه كيري عزمه التشاور مع لجنة المتابعة العربية قبل الرد عليه.

ولأن عباس لم يعلن اعتراضه على "أفكار" كيري ولا على الموافقة العربية عليها أو نقده لهما فإن استنكافه عن ذلك يعني ضمنا موافقته عليها بدوره، ليضع رئاسته بين سندان المعارضة الفلسطينية شبه الإجماعية لخطة كيري وبين مطرقة التهديد بعقوبات أميركية في حال رفضه لها، ولتتحول عودته بهذه "الأفكار" إلى "القيادة الفلسطينية" إلى مجرد إجراء شكلي يستهدف العلاقات العامة والايحاء بوجود ديموقراطية وقيادة جماعية فلسطينية.

لقد تحولت لجنة المتابعة العربية إلى أداة ضغط وبوابة مشرعة الأبواب لكيري يستخدمها ويدخل منها ل"إقناع" الرئاسة الفلسطينية باستئناف المفاوضات منذ 29 نيسان الماضي عندما عرض وفد للجنة برئاسة قطر على كيري في واشنطن موافقتها على مبدأ تبادل الأراضي فيما فسر في حينه بتعديل ليس من صلاحية اللجنة إجراؤه على مبادرة السلام العربية، كون هذه صلاحية فقط لمؤسسة القمة العربية التي أقرت المبادرة، لكنه تعديل وصفته في حينه الوزيرة الصهيونية المسؤولة عن ملف المفاوضات في حكومة بنيامين نتنياهو تسيبي ليفني بأنه "خبر جيد ينبغي الترحيب به".   

في مقال له مؤخرا كتب الباحث العربي اللبناني زياد الصائغ أنه "بعد فشل تدويل المفاوضات"، في إشارة إلى فشل اللجنة الرباعية الدولية المعنية بملف المفاوضات المشلولة الآن، تجري حاليا "محاولة جادة .. لأقلمة هذه المفاوضات" ب"إسنادها إلى حركة تقوم بها جامعة الدول العربية بالتنسيق مع الولايات المتحدة الأميركية، وبتشجيع من الاتحاد الأوروبي"، مضيفا أن هذه المحاولة "استندت إلى مبادلة الأرض" التي رفضها شبه إجماع فلسطيني نادر عبر الانقسام القائم.

وكل الدلائل تشير الآن إلى أن ما وافقت عليه لجنة المتابعة العربية وما عرضه عباس على "القيادة الفلسطينية" الخميس الماضي برام الله لم يكن مجرد "أفكار"، فنبيل العربي تحدث الثلاثاء الماضي عن "خطة أميركية بشأن عملية السلام تقوم على ثلاثة محاور سياسية واقتصادية وأمنية" ("بترا" الأردنية)، وكررت صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية في اليوم التالي ما قاله العربي عن "المحاور الثلاثة" ل"الخطة ألأميركية" موضحة أن المحور السياسي يستهدف العودة للمفاوضات، والأمني سوف يقيّمه جنرال أميركي سيأتي إلى المنطقة، والاقتصادي يتناول الفوائد التي ستجنيها سلطة الحكم الذاتي الفلسطينية.

ويلفت النظر أن كيري في جولته السادسة، مثلما كان في جولاته السابقة، لم يتطرق أبدا إلى ذكر المستعمرات الاستيطانية اليهودية التي كانت مطالبة مفاوض المنظمة بوقف توسعها فحسب، وليس بإزالتها، السبب الرئيسي لوقف المفاوضات وعدم استئنافها، مع أن دولة الاحتلال حرصت على تذكير كيري بها وبتصميمها على مواصلة مشروعها الاستيطاني في الضفة الغربية المحتلة عندما منحت الإدارة المدنية بمكتب الحاكم العسكري للاحتلال فيها موافقتها الأولية على بناء (732) وحدة استيطانية جديدة في مستعمرة مودعين عيليت غربي القدس بالتزامن مع اجتماعات كيري في عمان.

ولم يتطرق لها كذلك بيان وفد لجنة المتابعة الذي أكد "الالتزام بمبادرة السلام العربية" بعموميتها من دون التأكيد على الالتزام بحدود ما قبل الاحتلال الإسرائيلي عام 1967 التي كان الاعتراف بها أساسا ل"حل الدولتين" الموعود ومسوغا لتوجه المنظمة نحو الأمم المتحدة للاعتراف بدولة فلسطين على أساسها، ما يعني أن "خطة" أو "مبادرة" كيري الجديدة وموافقة لجنة المتابعة العربية عليها تبني على أساس "تبادل الأراضي" بصمت من جانب مفاوض منظمة التحرير ينطبق عليه المثل الشعبي القائل إن "الصمت علامة الرضى".

قال كيري يوم الجمعة الماضي في نهاية جولته السادسة إن "الطريقة الأفضل لإعطاء المفاوضات فرصة هي إبقاؤها خاصة" (أي سرية)، لذلك رفض خلال جولاته الست الافصاح عن تفاصيل الخطة – المبادرة التي عرضها على لجنة المتابعة العربية فوافقت عليها من دون أن تفصح عنها أيضا ولم يرفضها عباس ولم يفصح عنها كذلك في اتفاق يرقى إلى التواطؤ بين هذه الأطراف جميعها على إبقاء الشعب الفلسطيني في الظلام.

* كاتب عربي من فلسطين
* nassernicola@ymail.com


إرادة شعب .. والمصالحة الوطنية/ أنطوني ولسن

قد يعتقد البعض أن الشعب المصري شعب كسول يرضخ للظلم ولا يستطيع أن يواجه أعداءه خوفا وجبنا توارثه على مدى العصور . يحتمل الظلم ويكتفي بالدعاء عليه ويستنجد بأولياء الله الصالحين لينتقموا له من ظلم الظالمين . تجمعهم زمارة وتفرقهم عصا . تابعون وليسوا قيادين يتبعهم الناس .

بدون شك كل هذه الأفكار وأكثر منها عن الشعب المصري تبدوا للبعض أنها صحيحة لطيبتهم وتحملهم الكثير على مدى التاريخ من قساوة حكامهم الذين توالوا عليهم  .

 لكن الحقيقة مغايرة تماما لأن الشعب المصري له تجارب وخبرات سبعة آلاف سنة  خاض معارك وإنتصر ، وخاض معارك وهُزم . لكنه دائما وأبدا يصلح من ذاته بذاته وينهض من كبوته ليواجه الحياة بالعمل الشاق والأرتباط بأرض الوطن مصر  لم يتحدث التاريخ عن المصريين أنهم تركوا أرضهم وهاجروا إلا في أواخر القرن العشرين . ومع ذلك فالمهاجر في الغربة وبلاد المهجرهو هو المحب لمصر . هاجر بالجسد والعقل . أما الروح فهي مازالت في قلب مصر ولم تتركها ولن تتركها حتى النفس الأخير للمصري بالمهاجر .

صبر الشعب على حكامه . لكنه مهما طال الزمن مثلما حدث مع الرئيس المتخلي عن الحكم محمد حسني مبارك الذي خضع لمطالب الشعب وإرادته وترك إدارة البلاد للمجلس الأعلى للقوات المسلحة . ومنذ ذلك اليوم وحتى الأن الشعب المصري يواجه مصاعب جمة من الخارج والداخل .

أولا : من الخارج ..

** الأدارة الأمريكية ..

 التي لا أحد يعرف السبب الحقيقي الذي حدى بالرئيس أوباما إعادة التفكير في الشرق الأوسط وإتخاذ قرار كانت وزيرة خارجية أميركا كوندليزارايس قد إقترحته للعمل على تفتيت قوة الأسلام السياسي في المنطقة بتقسيم دول المنطقة إلى تقسيمات جغرافية الشكل لكنها في العمق والفعل تقسيمات قائمة على الديانات والمذاهب . ولماذا الديانات والمذاهب بالذات ؟ نجد الأجابة في إعتقاد أميركا والغرب أن الناس في هذه البلاد عندها حمية التمسك بالدين والمذهب والدفاع عن ما يؤمنون به بالموت والشهادة في سبيله . وقد نجحت في العراق وقسمته إلى تنافرات دينية سنه وشيعة ، وأضافت إلى ذلك النعرات العرقية والتي خصت الأكراد  وها نحن نرى ونسمع ما يحدث في العراق الذي نتمنى على الشعب العراقي أن يفيق ويعرف أن كل عراقي بغض النظر عن مذهبه أو جنسه فهو عراقي وعليه الحفاظ على العراق والشعب العراقي .

بناء على تلك النظرية فكرت الأدارة الأمريكية بإستخدام نفس النظرية في منطقة الشرق الأوسط بتنفيذ مخطتطها الشيطاني الذىي أطلقت عليه الربيع العربي مستخدمة لتنفيذه جماعة الأخوان المسلمين لما وجدته عندهم من شبق الرغبة في الوصول إلى الحكم . وما إنخدعت به الأدارة الأمريكية  على أنهم الأقوى والأكثر عددا وعدة للقتال والأستشهاد في سبيل الوصول إلى الحكم .

تمت التجربة ونجحت في تونس ثم مصر ثم بقية دول المنطقة . وظنت الأدارة الأمريكية  انها قد نجحت في تحقيق الهدف بعد ترك الرئيس مبارك الحكم في مصر وتولي المجلس الأعلى للقوات المسلحة إدارة البلاد وإنتهى الأمر بفوز الأخوان والسلفيين في البرلمان وتولي الدكتور محمد مرسي سدة الحكم على الرغم من كل الشكوك التي حامت حول وصوله لإدارة بلد مثل مصر .

** العمق العربي لمصر ..

 وخيانة البعض والتي لم يعرف الشعب المصري سببا لهذه الخيانة . لأن المعروف عن مصر هي أم العرب والعرب لم ينكروا أمومة مصر لهم منذ وجودهم . توجد لحظات شد وجذب بين الحكام العرب وحكام مصر ، لكنها دائما وأبدا تنتهي بعودة المياه إلى مجاريها مرة أخرى دون أي خلافات بين الشعوب نفسها . وهذا العمق العربي لمصر في قلوبهم ظهر واضحا وجليا في الأيام القليلة الماضية بعد خلع وعزل الدكتور محمد مرسي من كرسي الرئاسة . فقد تدفقت المعونات من كل قطر عربي بما فيهم قطر التي خانت مصر في فترة نحمد الله أنها قصيرة بعد تولي الأمير تميم حكم البلاد خلفا لوالده .

** تركيا والأخوان ..

عند تولي الأخوان الحكم في مصر حضر رئيس وزراء تركيا أردوغان إلى مصر فاستقبلته جحافل الأخوان إستقبال الأبطال والأصدقاء على أساس أنه زعيم إخواني وستمتد يد التعاون والمحبة بينهما لتحقيق حلمهم بإعادة الخلافة الأسلامية من جديد .

لكن الصدمة التي صدمتهم جاءت في خطابه لهم عندما أعلن فيه أنه يتبع النظام العلماني في إدارة شئون البلاد . وهنا شعر الأخوان في مصر بخيبة أمل فيه وفي تركيا .

لكن ذلك الأستقبال كان له تأثير عكسي عند شباب تركيا فقد إستشعروا منه أن أردوغان لربما يكون بالفعل يريد إعادة الخلافة العثمانية في تركيا خاصة وأن شواهد كثيرة يمكن ربطها من أحداث مع مطالب الأخوان في مصر .

مثلا تم إبعاد الجيش تماما عن التدخل في الشأن الخاص بإدارة البلاد إن كان مع الرئاسة أو الوزارة . كذلك المتتبع لمسلسل " وادي الذئاب " يجد تجسيد هذا الشعور فيما عُرض من أجزاء المسلسل والتي بلغت 6 أجزاء ومع الأسف إستشعرت أنا نفسي بذلك بعد مشاهدة عدد قليل من حلقات الجزء السادس  فتوقفت عن المشاهدة ، فكانت ردات الفعل من شباب الأتراك بالوقوف في وجه أردوغان مستغلين فكرة قطع أشجار بتقسيم منددين بسقوطه . وأعتقد أن الشباب مازال مستمرا في تمرده وعصيانه ضد حكم الأخوان في تركيا .

لكن أظن أن الأمور إنكشفت بعد ذلك التجمع الأخواني في إسطنبول والذي طالب بإعادة الدكتور مرسي إلى الكرسي .

ثانيا : من الداخل ..

بعد أن تم للشعب المصري الذي خرج عن بكرة أبيه مطالبا الرئيس مبارك بالرحيل  بدأت مشاكل من نوع جديد . مشاكل داخلية مريرة بتدخل الأخوان الذين هم والسلفيين إقتنصوا الفرصة ، فرصة إخلاء الميدان من جموع المحتشدين بعد أن تم لهم الأمر وتخلي مبارك عن إدارة البلاد للمجلس الأعلى للقوات المسلحة والذي أدى تصرفه " المجلس الأعلى للقوات المسلحة " لوصول الأخوان والسلفيين والتيارات الأسلامية السياسية ، التي إستطاعت للوصول إلي البرلمان ثم إلى رئاسة الجمهورية ورئاسة الوزراء . وهنا أترك للتاريخ الحكم على المجلس الأعلى للقوات المسلحة سلبا أو إيجابا لما وصلت إليه مصر من حال بعد إستيلاء الأخوان على الحكم وعملهم على أخونة مصر . خاصة أن الشعب المصري بدأ يشعر بالنفور من تصرفات المجلس العسكري .

لذلك  وصول الأخوان إلى الحكم كان يعكس إلى جانب التوجس خاصة من اول خطاب ألقاه الدكتور مرسي على الشعب في ميدان التحرير مخاطبا لهم بالأهل والعشيرة . وأيضا عندما خرج من قصر الأتحادية مخاطبا جموع المحتشدين بالأهل والعشيرة ولم يوجه أية كلمة لبقية جموع الشعب المتواجدة في ميدان التحرير . ومع ذلك في البداية شعر الشعب المصري بنوع من الأمل بعد تولي الأخوان الحكم على الرغم من الأجراءات المتعاقبة التي ظهرت بوضوح التي تثبت أن الأخوان جُل همهم هو السيطرة والهيمنة والأستيلاء على مؤسسات الدولة وأخونتها وظهر ذلك جليا في محاولاتهم تفتيت جهاز الشرطة والقضاء والقوات المسلحة .

لكن لأن الله مع مصر وحاميها ، فقد إستطاعات مجموعة من شباب وشابات مصر والمهتمين بالشأن المصري أن تتوحد تحت شعار " تمرد ". وتم عزل الدكتور مرسي من الحكم ووضعه تحت الحراسة لحين تقديمه للمحاكمة . كذلك تم القبض على كل من المهندس خيرت الشاطر وحازم أبو إسماعيل وسعد الكتاتني  مع حفظ الألقاب لحين تقديمهم للنيابة العامة للتحقيق معهم .

الشارع المصري يعاني من تجمعات بعض الأخوان الذين تم حشدهم في ميدان رابعة العدوية والذين سببوا بوجودهم في المكان لفترة طويلة مضايقات لسكان المنطقة وقد تقدموا بشكاوى للجهات المختصة .

لم ينتهي الأمر في سيناء عند ذلك بعد خلع الرئيس ، فقد نفذ الدكتور البلتاجي ما هدد به إن لم يتم إعادة الرئيس المخلوع إلى كرسي الحكم . سيرى الجيش المصري في سيناء ما لم يره من قبل .

بالفعل بدأت الأشتباكات مع القوات المسلحة التي واجهت الجميع بحزم وشدة .

ثالثا : المصالحة الوطنية ..

لا أحد في مصر لا يريد مصالحة وطنية بين أبناء الشعب الواحد الذين يعيشون على أرض مصر . لكن المصالحة تتم بين خصمين أو مجموعتين من المواطنين بعد سوء فهم أدى إلى معركة وضحايا . أما مصالحة بين وطن ومغتصبين للوطن فلا مكان لها على خارطة الطريق الجديدة لأعادة مصر إلى مكانها اللائق بها وتعويض الشعب المصري سنوات الجفاف والتشرد والتي أوصلت البعض من الشعب إلى إرتكاب أبشع أنواع الجرائم لغياب القانون والعدالة في فترة حكم الأخوان .

بدون شك ليس كل إخواني مجرما أو متهما . لكن كل من أجرم في حق مصر والشعب المصري يجب تقديمه للمحاكمة . وأليكم رأي في المصالحة الوطنية الذي كتبته كتعليق على هذا الموضوع .

[ كم أتمنى أن أجد من يشرح ليّ معنى مصالحة وطنية . الوطن متصالح مسلميه ومسيحيه وجميع المذاهب والأطياف ماعدا من يسمون أنفسهم بالأخوان المسلمين الذين هم لا أخوان ولا هم مسلمين .

إذن الأسم غير صحيح وغير واقعي ، إلا إذا تابوا ورجعوا إلى الله وعرفوا أن مصر فقط للمصريين .

فهل هم على أتم إستعداد للرجوع إلى حضن مصر وترك عالميتهم وخلافتهم ؟؟!!. أشك في ذلك وإلا ما كانوا هددوا مصر المسلمون منهم بالقنابل والقتال ، والمسيحيون بالحرق ] .

يجب تسمية الأمور بمسمياتها .. وإلا سنعود إلى المربع صفر ..

أرجوكم تذكروا .. أن إرادة الشعب المصري ووحدته هي التي أسقطت نظامين .