الجزائر.."الفساد" و إعلام "الإعجاز"/ حاج محلي

فضّاح الفساد الجزائري، وشاة الإنقسام السيادي، يُطعّمون القلوب بفيروسات الحقد، وضخّ طفيليات سرطانية، يُدبّرون على الشعب الرأي الشارد أصلا، فهذا يبشر بثورة برتقالية، وآخر يؤهّل “الجياع” لدور ريادي في إسقاط أجنة الشّوه، في حين يكسر آخرون “طابو” العشق المحرّم عند المسلمين والبوذيين والأكراد، ويستجمعون كالرجال قواهم قهرا ونيلا، في مخاطبة أوغاد ومرّاق أضحوا بين عشية وضحاها واسطة الحلّ، وبارقة الرّبط والعقد، شؤون خلق متفرد، استوت كلها وتعانقت في جزائر الفاطر المعجز!
  الشهداء يعودون هذا العام، وفي مجالس الأقضية سيحطّون الرّحال، هو المشهد بعيون الصحافة الجزائرية المستقلة، أصوات الحق المروم بالشدّ والنّدب والعضّ!
 عجلة أوهام، وحلول ترقيع فساد عَقَدي بلا ترنّح، يدفع بمقاصده الشعب ومن تولّى أمرهم على حد سواء، رهان تورّط حاق بالبلاد منذ زمن بعيد،  تحالفات حماة “البروليتاريا “الساذجة متفرّقة العصب،  في المعامل والإدارات، والجرائم المنظمة، ومزاد محافل استحقاقات بناء الدولة، نواب أو بالأحرى نهاّب برلمانات السحت، ورئاسيات خلودٍ بضمان مرجعية جهاد نكح استدمار، في ثورة لم تعد نبراسا ولا علم شهادةٍ بعد أن استبدّ بها السّقط، ولقط الغالي والرخيص، الكريم والنفيس، الهضب والسهل، في جعب واحدة، وعلى المرأى والمسمع.
ما يمارسه إعلامنا شكلا ومضمونا فتنة محيا، ورواج لهف مناجزة، وعزف “شطحات” حسرات بدموع حبّ وهيام، يلدغ وينفث سموم نزف راجفة، يعقبها عصف أمن، وهوج صقيع، و”صعقات” دحر وطن مثخن بتدابير أبناء محسوبين على غلال 50 عاما من الحرية ـ كما جاء في عهدة كتب التاريخ المدرسي ـ ما طال الجزائر بهم غير التشرذم والخلف والتلف!
 ردّات فعل تسير وفق هوى الكبار الأنذال، وقود روايات غواية ثورة جزائرية إعجازية طلسمية سنتصدر بها حمامات دم العرب وكفى، هوانٌ بحبر منافق يخطّ يافطة “ تَسيّدنا"” والواقع يؤسس لمعالي نفوس عليلة، قانطة،  مهووسة بالانتقام، واستعراض نهم الإجرام المدوي، آليات تسيير عرجاء جدباء، تفتقد للعصرنة المواكبة لمرونة إنعاش فعاّل لدوالب حكم، سطت فيه الخفافيش وتوغلت، والعتب على المبيض لا الصوص!
 نهاية الفساد ليست غدا، وعلى القوى الوطنية والنخبوية الدفع بالإصلاح الجمعي، من خلال إجماع وتوافق يجبر النظام الجزائري على التّمكين لإرادة سياسية حقيقية صادقة،  أمّا شخصنة الفساد وقرنها بخليل أو خليفة وغيرهما فموج مدّ وجزر لأنه تجاذب حتمي،  في خضم شبكة تطاحن مصالح مافيا المال والسياسة،  ولا أدلّ على ذلك من صراعات الأجنحة والزمر في أفق رئاسيات 2014،  مثالا لا حصرا.
تقاطع محوري مفصلي، بأكمة منظومة أخلاقية متفسخة،  وأزمة رجال لا تزول الدولة بزوالهم، أيادٍ نظيفة بيضاء بحث عنها الراحل المغتال غدرا محمد بوضياف أشهرا ليشكل مجلسه الاستشاري بعد توقيف المسار الانتخابي الحرّ والنزيه عام 1992،  واعترف بخيبة مسعاه، رحمة الله عليه.
فساد الجزائر أورام خبيثة متشعبة، استئصال شأفته بحاجة إلى تميّز حزمة من القواعد والمعايير ذات الديمومة، وتمايز سلوكات وأداء،  لقوامة تجذير نوعي يصلح  المجتمع و الدولة و يرسو بهما بهدوء وعناية لبرّ الأمان.


فؤاد نعمان الخوري وأنطوان السبعلاني يتراشقان بالشعر

كتاب 
فؤاد نعمان الخوري
الى الشاعر النقيب أنطوان السبعلاني الذي أرسل اليّ كتابه الأخير

كتاب منه أم عمر ينادي؟
لقد جاءت تسامرني بلادي،
وماج البحر في "سدني" طروبا
على وقع الزمان المستعاد..
ورود الذكريات تضوع عطرا:
هنا كنّا، هنا مرج الوداد،
و"سبعل"، والعشيّات استراحت
على صوت يغنّي "يا فؤادي"...
وحسن السبعليّات القوافي
هتاف صارخ في كلّ نادي؛
ويغمرنا "النقيب" بشال حبّ
قلوب طرّزته، لا الأيادي،
وزادي من صداقته وفير،
تعتّق في الغياب، وزاد زادي!

كتاب منه يأتيني ربيعا،
فينمو العشب في قفر البعاد؛
وجوه الجمر ضاءت في المسايا،
أفيقي يا عصافير الرماد!
ورديّني لضيعتنا صبيّا
تشرّده القصيدة في الوهاد،
فتلقى في "السبعلاني" ملاذا
كما "بيار" ، كما "ناتالي وشادي"؛
ويحملها الى "الأنوار" طوعا
ليجلو النورغابات السواد..
فديتك، يا نقيب، لأنت أرز
له قدّمت اوراق اعتمادي!

أشمّ من الكتاب عبير كفّ
أصابعها قناديل الزناد،
ونمرغاضب، أو عصف ريح 
على من خان عهدا أو مبادي...
ببالي الآن لبنان جريح،
واستقلاله نهب الجياد،
وعيد، كيف عاد، "بأيّ حال"؟
وحقّ بيع في سوق المزاد...
ونبقى صرخة في الكون تدوي،
وبدرا في ظلام الشرق هادي؛
وتبقى راية الشعر المصفّى
ترفرف فوق رايات الحداد!

سدني 22 تشرين الثاني 2013
**

 معارضة قصيدة  فؤاد الخوري 
 انطوان السبعلاني

أتى لبنانَ مِن" سِدْني" يُنادي
فقلنا: صوتُ شاعرِنا فؤادِ
 سفيرُ الشِّعرِ مُعْتمَداً بأمْرٍ
الى الدُّنيا بلا وَرقِ اعْتِمادِ
 فجاءَتْنا  قَوافٍ  سيِّداتٌ
لهُنَّ مَنابرٌ في كلِّ نادِ
 وبيتُ الشِّعرِ أفْديهِ ببيْتي
- إذا لبنانُ شاعِرُهُ-وَزادي
 لنا  وَطنٌ  نُغنِّيهِ  سَعيداً
 وفي الجُلَّى نُغنِّي في حِدادِ
 كذا الأوطانُ من حالٍ لحالٍ
وأهْلوْها  مَشاريعُ الجِهَادِ
 وما وَطنٌ يَطيبُ الشِّعرُ فيهِ
 كما  وَطني  فمِنْ شادٍ  ِلشادِ
 إذا كثُرتْ ديونُ الشِّعرِ عندي
 أداويها بخَمْرٍ مِن مِدادي
 وكانَ الشِّعرُ في أهلِ المبادي  
عزيزاً عندنا مثلَ المبادي
  و ضيعتُنا   تُحبُّكَ  يا صديقي
 كرَجْعِ قصيدةٍ بينَ الوِهادِ
 حَنينُ النَّايِ وَجَّعَني كثيراً
 الى طيرٍ ورُعْيانٍ   ووَادِ
 كتابي في حِمى الشُّعراءِ يزْهو
 ويَأبى جيرةَ القصْرِ الجَمادِ
 وإنَّكَ  يا فؤادُ  رسولُ  حبٍّ  
على اسْمِ الشِّعرِ في وجْهِ الفسادِ...
ودَيْنُ  الشِّعرِ ما أحلاهُ   دَيْناً
 نُصَفِّيهِ  "بِبنكٍ" مِنْ وِدادِ
  يُعذِّبُني  أنا في الشِّعرِ دوماً
 بريدُ الشِّعرِ من دنيا البُعادِ
 فمنْ جبرانَ، أيُّوبٍ، وماضي
وروحانا، وآخرِهم فؤادِ...
 مضى زمنٌ على أهلي"بِسِدْني"
فيا" سِدْني" سلامٌ من بلادي!  
                                 

أمراضٌ عربية لا تعالجها تسوياتٌ دولية/ صبحي غندور

يشهد العالم في هذه الفترة تحركاً دبلوماسياً كبيراً بشأن الملفين السوري والإيراني، وصل إلى درجة تفاهم الدول الكبرى مع إيران بشأن ملفها النووي، ثمّ الإعلان عن موعد لمؤتمر "جنيف 2" الخاص بالأزمة الدموية السورية. 
والأمر لم يكن هكذا في الأشهر والسنوات القليلة الماضية. فالتباين في المواقف؛ بين موسكو وبكين من جهة، وبين واشنطن والاتحاد الأوروبي من جهةٍ أخرى، قد بلغ في السابق درجةً كبيرة من السخونة، خاصّةً في الموقف من تطوّرات الأوضاع السورية. 
لكن يبدو من مسار التطوّرات والأحداث المتتالية منذ شهر سبتمبر الماضي أنّ إدارة أوباما جعلت من تفاهمها مع موسكو بشأن الأسلحة الكيمائية السورية مدخلاً لتنفيذ أجندةٍ وضعها الرئيس الأميركي لنفسه في العام 2009 حين تولّى مقاليد الرئاسة الأميركية، ولم يتمكّن في فترة حكمه الأولى من تنفيذها لاعتباراتٍ أميركية داخلية ولظروفٍ دولية لم تكن مشجّعة آنذاك على تحقيق تسويات.
فلقد تحدّث الرئيس أوباما في سنة حكمه الأولى في "البيت الأبيض" عن الحاجة لوقف السياسة الانفرادية الأميركية وللتخلّي عن أسلوب الحروب الاستباقية، وهما الأمران اللذان سارت عليهما إدارة جورج بوش الابن وأوصلا الولايات المتحدة والعالم إلى أزماتٍ سياسية وعسكرية واقتصادية كبيرة. والبديل عن هذه السياسة كان الإقرار الأميركي بعصر التعدّدية القطبية، وبالسعي لتفاهمات مع القوى الكبرى الأخرى في العالم من أجل صياغة تسويات لما هو قائمٌ من أزماتٍ دولية تهدّد، في حال عدم تدارك تداعياتها، مصير العالم كلّه.
أيضاً، لم تجد الإدارة الأميركية الحالية أيَّ مصلحةٍ في تصعيد التوتّر مع إيران أو في تبنّي مقولة الحكومة الإسرائيلية بشأن استخدام الضربات العسكرية على مواقع إيرانية، بل نظرت إدارة أوباما إلى هذا العمل العسكري المطلوب إسرائيلياً كخطرٍ أكبر على أميركا ومصالحها من أيّة حربٍ أخرى خاضتها في المنطقة.
لذلك حصلت هذه التفاهمات الأميركية/الروسية على كيفيّة التعامل مع الملفين السوري والإيراني دون أن يعني ذلك "يالطا" جديدة الآن، أو تفاهماتٍ على توزيع الحصص الجغرافية في العالم، كما حصل بين موسكو وواشنطن عقب الحرب العالمية الثانية. فهي الآن تفاهمات على مبدأ تحقيق تسويات سياسية وعلى منع استمرار الانحدار السلبي للملف السوري أو وصوله لحالة الحرب الإقليمية، وعلى جعل ذلك مستقبلاً كأساس للتوافق الدولي على قضايا أخرى عديدة منها الملف الفلسطيني ومصير الصراع العربي/الإسرائيلي.
فخيار التسويات هو المطلوب حالياً من قبل الأقطاب الدوليين حتّى لو كانت هناك "معارضات" لهذه التسويات على مستويات محلية وإقليمية، إذ بعد أكثر من عامين على المراهنات العسكرية في الأزمة السورية، وصلت هذه المراهنات إلى طريقٍ مسدود؛ فلم تنجح الحكومة السورية في إنهاء الأزمة من خلال حلّها الأمني الذي اعتمدته منذ بداية الحراك الشعبي السوري، كما لم تنجح بعض قوى المعارضة التي اختارت عسكرة هذا الحراك الشعبي من إسقاط النظام، بل أدّى خيارها هذا إلى تصعيد العنف وإلى فتح أبواب سوريا أمام قوًى مسلّحة متطرّفة أعلنت جهاراً ارتباطها بجماعات "القاعدة"، المنبوذة عربياً وإسلامياً ودولياً.
وأصبح مزيج الأمر الواقع على أرض سوريا هو صراعات محلية وإقليمية ودولية، وحالات من الحرب الأهلية والعنف السياسي والطائفي والإثني، إضافةً إلى وجود قوًى تُمارس الإرهاب الدموي وتهدّد وحدة الشعب السوري، وأصبحت كل سوريا أمام خطر الانزلاق إلى التشقّق وتفكيك الكيان والدولة والمجتمع. وهذا المزيج السيء من واقع الصراعات في سوريا واحتمالات نتائجها هو ما جعل نيرانها مصدر خطرٍ كبيرٍ أيضاً على الدول العربية المجاورة لسوريا، بل على كلّ دول المنطقة.
لكن هذه المخاطر كلّها تكن كافيةً وحدها إلى دفع الدول الكبرى، وفي مقدّمتها الولايات المتحدة، للسعي الجاد لإنهاء الحرب السورية، ما لم تكن مصالح هذه الدول تتعرّض للضرر من جرّاء استمرار الأزمة، وهو ما يحصل الآن، حيث أصبح "الملف السوري" هو العقبة الأبرز أمام التفاهم المنشود بين واشنطن وحلف "الناتو" من جهة، وبين روسيا والصين من جهةٍ أخرى، تماماً كما أنّ الأزمة السورية قضية كبرى هامّة في ملف التفاوض الأميركي والغربي مع إيران. 
إنّ الاتفاق الأميركي- الروسي بشأن الملفين الإيراني والسوري هو الذي سيحدّد مصير الأجندة التي وضعتها إدارة أوباما لنفسها في مسائل السياسية الخارجية والعلاقات مع القوى الكبرى في العالم، ولمستقبل أزمات دولية أخرى معنيّة بها واشنطن؛ كالأزمة مع كوريا الشمالية، والحرب في أفغانستان، والصراع العربي- الإسرائيلي. 
أيضاً، فإنّ مخاوف إدارة أوباما من زيادة نفوذ جماعات التطرف المسلّحة في سوريا واحتمال انتشارها إلى دول مجاورة، لا يمكن إزالتها من دون تسوية سياسية للحرب الدائرة في سوريا وعلى سوريا. فكلّما زاد التصعيد العسكري كلّما ازداد نفوذ هذه الجماعات وتأثيراتها على مستقبل الأحداث في عموم المنطقة. ولا خيار الآن أمام إدارة أوباما سوى البحث عن تسوية سياسية، إذ ليست واشنطن بوارد التدخّل العسكري المباشر، ولا هي تثق بمصير السلاح الذي يمكن أن تقدّمه لبعض قوى المعارضة السورية.
وقد أدركت الولايات المتحدة وبعض الدول الأوروبية أنّها لم تنجح في توظيف الأحداث الداخلية في سوريا لتحقيق ما عجزت عن تحقيقه بسياسات العزل والعقوبات في العقد الماضي من دفع دمشق إلى تغيير تحالفاتها الإقليمية والدولية، خاصّةً لجهة العلاقة القوية مع موسكو ومع طهران، وإلى وقف دعم المقاومة ضدّ إسرائيل في لبنان وفلسطين. فقد كانت سياسة واشنطن، لسنواتٍ عدّة ماضية، ساعيةً إلى تغيير سلوك الحكم في دمشق أكثر من اهتمامها بتغيير الحكم نفسه، إذ أنّ معيار المصالح الأميركية هو الأساس بغضِّ النّظر عن طبيعة الحكومات هنا أو هناك.
وستكون العقبة الكبرى أمام أي صيغة تسوية سياسية جادّة للأزمة السورية هي في جماعات التطرّف المسلّحة على المستوى الداخلي، وفي إسرائيل ومن لديها من عملاء أو حلفاء على المستويين الإقليمي والدولي. فلا مصلحة لهذين الطرفين في إنهاء الصراع الدموي في سوريا أو في التفاهمات الدولية مع إيران، وما قد تفرزه هذه المتغيرات الدولية من نتائج سلبية على كلٍّ منهما.
هل هذه التسويات الدولية الممكنة الآن لأزماتٍ في المنطقة ومحيطها تعني "برداً وسلاماً" للأوطان العربية وشعوبها؟ الإجابة هي بنعم في الحدّ الأدنى، وفي ظلّ الظروف العربية السلبية القائمة حالياً وما فيها من مخاطر أمنية وسياسية على الكيانات الوطنية، لكن هي حتماً مراهناتٌ عربية جديدة على "الخارج" لحلّ مشاكل مصدرها الأساس هو ضعف "الداخل" وتشرذمه. فأيُّ حلٍّ يرجوه العرب لصالحهم إذا سارت التفاهمات الدولية والإقليمية تبعاً لمصالح هذه الأطراف غير العربية ولموازين القوى على الأرض، وليس لمرجعية الحقوق المشروعة للشعوب والأوطان؟!.
إنّ الأوطان العربية مهدّدةٌ الآن بمزيدٍ من التشرذم، ليس حصيلة التدخل الأجنبي والدور الإسرائيلي فقط، بل أصلاً بسبب البناء الهش لدول هذه الأوطان ولما فيها من تخلّف فكري في مسائل فهم الدين والهويّات المتعدّدة للإنسان. 
فالمنطقة العربية لم تستفد بعد من دروس مخاطر فصل حرّية الوطن عن حرّية المواطن ومن انعدام الممارسة الصحيحة لمفهوم المواطنة. ولم تستفد المنطقة أيضاً من دروس التجارب المرّة في المراهنة على الخارج لحلِّ مشاكل عربية داخلية. والأهمُّ في كلّ دروس تجارب العرب الماضية، والتي ما زال تجاهلها قائماً، هو درس مخاطر الحروب الأهلية والانقسامات الشعبية على أسسٍ طائفية أو إثنية، حيث تكون هذه الانقسامات دعوةً مفتوحة للتدخّل الأجنبي ولهدم الكيانات والمجتمعات العربية.
*مدير "مركز الحوار العربي" – واشنطن
Sobhi@alhewar.com

الوضع العربي الراهن والبديل الديمقراطي المنتظر/ شاكر فريد حسن

المواكب للمتغيرات والمستجدات السياسية النوعية المتدفقة في شرقنا العربي يلحظ أن الاقطار العربية تعيش حالة من التشرذم والتمزق والتشتت والصراع الفئوي والاقتتال الدموي والفساد المستشري ، وتنهشها النزاعات والفتن الداخلية ، الدينية والعرقية والطائفية والمذهبية . 
فالعراق الذي كان مستقراً وهادئا ً، يتعرض لموجات عنف تطال المدنيين العزل من أبناء الشعب العراقي ، حتى بات يتضح لكل مراقب للوضع الداخلي  أن سطوة الارهاب والجماعات المسلحة تتوسع وتنتشر وتعمق جذورها في المجتمع العراقي ، وهذه الجماعات والعصابات تحاول فرض اجندتها ومنهجها واسلوبها الدموي التدميري بنسق جديد متصاعد يومي ، ليشمل دور المساجد والكنائس والأسواق الشعبية والتجمعات السكنية وقاعات الأفراح واماكن االلهو ومجالس العزاء ،  وكل مكان تستطيع الوصول اليه . في حين ان مصر لا تبتعد عن هذا المشهد كثيراً ، ولا تشذ عن القاعدة ، فبعد اسقاط حكم الاخوان المتأسلمين وعزل محمد مرسي وحظر جماعتهم فإن الجيش المصري يقف بالمرصاد لانصار قوى الظلام  والارهاب والتكفير والاقصاء ، التي تسعى الى نشر الفوضى الخلاقة في القطر المصري واستخدام العنف بهدف استعادة السلطة . 
اما سورية ، فإننا نعي وندرك تماماً حجم المؤامرة الكونية عليها ، والتعدي على استقلالها ، التي تتم بأيدٍ عربية واسلامية تقدم المساعدات والسلاح والدعم المالي والمعنوي والسياسي لعصابات الارهاب والقتل والجماعات الوهابية التكفيرية، وترسل النساء الى ساحات الوغى والمعارك على الأرض السورية بهدف انكاحهن من قبل المسلحين في الجيش الحر واشباع رغباتهم الجنسية ليتمكنوا من مواصلة "الجهاد " ضد الحيش السوري .. !. ولكن هذه المؤامرة لم تنجح بفضل صمود الجيش السوري وتحقيقه الانتصارات الكبرى . فلم تسقط سورية ، بل انتصرت على اعدائها ، وتكتب مجدها وتاريحها من جديد بصفحات من نور ونار ،  وبقي الأسد في عرينه شامخاً كالجبال ، وتؤكد جميع الاستطلاعات انه يتمتع بشعبية كبيرة ، ويحظى بثقة ومحبة الشعب والجماهير السورية .
لقد بات واضحاً للجميع الدور التآمري المشين الذي تلعبه الأنطمة العربية الرجعية والإسلامية العميلة ، خاصة السعودية وقطر وتركياً ودول الخليج والنفط العربي ، ولم تعد تخفى على أحد مواقفها المتخاذلة المتآمرة على مصالح شعوبنا وثرواتها وخيراتها ، وطاعتها العمياء للسياسة الغربية الامريكية المعادية لطموحات شعوبنا في الحرية والاستقلال والديمقراطية والعدالة الاجتماعية والسلام . ولا ريب ان هذه الأنظمة العميلة ساهمت في تدمير وتخريب العراق وليبيا ، وتقسيم السودان واليمن ، وبرز دورها الفاضح والمكشوف في لبنان وتجزيته وفق التشكيلة الطائفية ، ومشاركتها في المؤامرة الارهابية الكونية ضد سورية بهدف تدميرها وتقسيمها ، واشاعة الفوضى فيها ، وتصفية نظامها الممانع ، الذي يشكل الحصن المنيع لكل قضايا الوطن العربي المصيرية والمستقبلية ، فضلاً عن تفكيك كل مقومات النهوض القومي الذاتي ، سعياً الى استكمال مسلسل تدمير الشرق الأوسط ، واعادة رسم ملامح خريطته الجغرافية من جديد .
لقد كان من الطبيعي ان يتحرك الشارع العربي وينتفض ثائراً للقضاء على الأنظمة العميلة وعزلها والتخلص منها ، وتصفية جذور الفساد وحالات الاستبداد ، ولكن الثورات العربية التي سميت بـ "الربيع العربي " ، واطاحت بعدد من القادة والحكام العرب في تونس وليبيا ومصر، لم تحقق غاياتها وأهدافها  ولم تلبي مطالب واحلام الجماهير الشعبية المسحوقة ، لان التغيير المنشود والمرتجى يتطلب وقتاً طويلاً، وجهداً كبيراً ، وحراكاً واسعاً ، ونضالاً شعبياً متواصلاً . فالتغيير المطلوب الذي تصبو وتنشده هذه الجماهير ليس تغيير الحكام فحسب ، وانما تغيير المجتمعات العربية نفسها ، بنيتها وهيكليتها وقيمها وسلوكها وأفكارها ومعتقداتها ، وارساء تقاليد الحرية والديمقراطية والعدل الاجتماعي . وهو امر يحتاج الى آفاق فكرية واضحة المعالم ، والى أطر سياسية وتنظيمية وعقائدية سليمة البناء ، وقيادات وطنية مخلصة الأهداف ، قادرة على التصدي للسرطان الارهابي السلفي الوهابي ، والوقوف بصلابة ، ودون خوف،  بوجه قوى التعصب السلفية ، التي تسعى لفرض عقائد وطقوس متشددة وغريبة بعيدة عن روح الاسلام الوسطي وتعاليمه السماوية ، وتذويت فكر خرافي استبدادي يرمي الى تسطيح العقل العربي . 
وعليه فإن الحركات السياسية والقوى الوطنية والمدنية والأهلية والليبرالية والديمقراطية وأوساط اليسار الثوري في اوطاننا العربية ، مطالبة ببناء نفسها من جديد وتشكيل أوسع تحالف ديمقراطي وسياسي شعبي لأجل التغيير وارساء البديل الديمقراطي المنتظر ، وتحقيق الوحدة العربية ، وتأصيل  الفكر النقدي وثقافة التنوير والعقلانية ،  والعمل على تجديد وبعث واستكمال المشروع النهضوي القومي العربي بهدف الخروج من المأزق الراهن ، والغاء نظام التجزئة الذي فرضته القوى الامبريالية والاستعمارية على شرقنا العربي . ولا خيار امام شعوبنا لصنع الغد والمستقبل المشرق السعيد وبناء الوطن الحر وانتصار قيم العدالة  ، سوى البديل الديمقراطي بقيادة قوى التغيير الطبقية في المجتمع ، العمال والفلاحين والمثقفين الثوريين .

الرد على معوض/ انطوان السبعلاني

 عزيزي روبير، الرد على رسالة مملؤة حباً، ووفاءً، ليس بهينٍّ. وثقْ أنني ضعيفٌ أمام رسالات طلابي جميعا المنتشرين  هنا، وفي دنيا الاغتراب مسكاً وطيباً!                    
 وثقْ أني قرأتك غير مرة، كما قرأت أصحابنا الذين عبَّروا لي عن عواطفهم السامية، جراء رسالتك، وفي كل مرة كان يجيئني ، على زهوٍّ، حبُّ البكاء، ويذهب، ذلك أن الله غمرني بمحبة طلابي ، أصدقائي على الدهر، وهم المبرِّزون في شتى الميادين                                                                                                                                                                                  
وانا أقول :" اولئك أبنائي فجئني بمثلهم..." ولي أن أدلَّ بهم.                                                                                   
 فشكراً، يا صدييقي، على هذه العاطفة الصادقة، وشكراً على هذه اللغة العالية المستوى .                                                   
ويا عزيزي روبير، نحن أبناء هاتيك المدرسة" التيتنيك" التي كانت في طرابلس!                                                            
ويا رحمات الله عليها، وعلى المديرين العمالقة الذين كانوا، وعلى أمثال الفرير أندره، والفرير جوزيف: عمودي هذه  القلعة  التربوية. 
وأما الذين باعوها بلا قلب ولا رفة جفن فيصح فيهم قول أبي تمام :                                                                         
ومَنْ أخذَ البلادَ بغيرِ حربٍ            
يهونُ عليهِ تسليمُ البلادِ                                                               
   إني مرسل إليكم جميعا  كلمتي في رحيل مدير كان عملاقاً هو الآخر الفرير غبريال وقصيدتي في طلابي أينما كانوا  والمجد للبنان في يوم استقلاله.                                                                                                                                       
 بمحبة، نطوان السبعلاني                                                                                                                                                     


إسقاط الجنسية السورية خطوة إستباقية للتقسيم أم لتزوير الإنتخابات/ جمال قارصلي

لم يكتف "النظام" في سوريا بتهجير الملايين من السوريين من ديارهم وقتل الكثير من النفوس البريئة وإعتقال مئات الآلاف من المعارضين وتصفية الإعداد الكبيرة من المعتقلين والمخطوفين, بل يريد إضافة إلى ذلك نزع الجنسية السورية من عدد كبير منهم. في ثمانينيات القرن الماضي غادر سوريا, وبشكل قسري, عددا كبيرا من نخبة المجتمع السوري من علماء ومفكرين ومثقفين, تحاشيا لبطش "النظام" وحفاظا على أمن وسلامة أرواحهم. لم يعمل "النظام" آنذاك على إسقاط الجنسية عن هؤلاء جميعا وإن حصل شيء من هذا القبيل فكان في حالات نادرة. قرار نزع الجنسية هذا يرافقه قرار إصدار نموذج جديد للهوية الشخصية السورية والتي لا يستطيع المواطن السوري الحصول عليها إلا إذا قام هو شخصيا بتقديم الطلب وتم أخذ بصماته ودراسة ملفه أمنيا.
إن تطابق توقيت قرار سحب الجنسية مع قرارتغيير نموذج الهوية السورية لم يات من عبث, بل جاء من سابق تخطيط وإصرار, لأن العصابة الحاكمة تريد من خلال هذا العمل وضع الحجرة الأولى لعملية تزوير نتائج الإنتخابات القادمة والتي لن تكون مثل الإنتخابات التي سبقتها وتكررت لعقود طويلة وكانت نتائجها معروفة لدى القاصي والداني ولولا الحياء لتجاوزت نسبة المصوتين 100% بنعم "للقائد" أو لمن يقترحهم "النظام" من مرشحين. 
لو قمنا هنا بمقارنة بسيطة - ونحن نعلم بأنه لا مجال للمقارنة - كيف يتعامل البرلمان الألماني مع دستور البلاد والقوانين التي يسنها وبين طريقة عمل ما يسمى بمجلس الشعب في سوريا. فعلى سبيل المثال لا زال إلى يومنا هذا يدور النقاش في ألمانيا ومنذ عام 1945 حول إمكانية سحب الجنسية الألمانية من أدولف هتلر والتي حصل عليها بتاريخ 25.02.1932 بعد أن قدم طلبا من أجل ذلك. من المعروف بأن هتلر لا ينحدر من أصول ألمانية بل من أصول نمساوية. لم يستطع المؤيدون سحب الجنسية الألمانية من هتلر إلى هذا اليوم لأن الدستور الألماني لا يسمح بذلك, بالرغم من أن هتلر يُعتبر من أكبر مجرمي التاريخ. أما "النظام" في سوريا فهو يسخر كل شيء من أجل بقائه في السلطة وديمومته, وكل شيء يفقد قيمته من أجل الوصول إلى ذلك ولو تم التضحية بالدستور والقانون والنظام وحتى في الوطن. فما حصل تحت قبة "مجلس الشعب" السوري في عام 2000 من مسرحية هزلية والتي بواسطتها إستطاع هذا المجلس أن يغير مادة في الدستور خلال دقائق قليلة وجعل سن مرشح رئاسة الجمهورية 34 عاما عوضا عن 40 عاما لأن الوريث في الحكم آنذاك بشار أسد كان هذا سنه.
حسب القانون السوري الحالي لا يستطيع اي سوري أن يتنازل عن جنسيته السورية, وحتى عندما يحصل على جنسية دولة أخرى. عدم إمكانية التنازل عن الجنسية السورية يشكل في بعض الأحيان عائقا أمام حصول السوريين على جنسيات لدول أخرى لأن قانون تلك الدول لا يسمح بإزدواجية الجنسية. التمسك بالمواطن السوري وإلزامه بالجنسية السورية ليس نابعا من حب هذا "النظام" لمواطنيه, بل هو حبه للسيطرة والهيمنة على كل الذين يحملون الجنسية السورية وأينما كان مكان إقامتهم وتركهم رهينة في يده كوسيلة للضغط عليهم وعلى أقاربهم. هذا ينطبق ليس فقط على من يحمل الجنسية السورية, بل كذلك على أولاده وأحفاده وإن كانوا لم يروا سوريا ولو لمرة واحدة في حياتهم. على الذكور من الأولاد والأحفاد أن "يدفعوا البدل" عوضا عن تأدية الخدمة العسكرية إذا أرادوا أن يزوروا أقاربهم في سوريا.
في الدول التي تحترم نفسها ودستورها وقوانينها, يقوم عادة الشعب بمحاسبة الحاكم وطرده ‘ذا إقتضى الأمر ذلك وليس العكس من ذلك كما يحصل الآن في سوريا. على سبيل المثال تجري الآن محاكمة رئيس جمهورية ألمانيا السابق, كريستيان فولف, بسبب تهمة بسيطة وُجهة إليه وهي قبوله لدعوة من أحد رجال الأعمال والتي يتوقع القضاء بأن هذه الدعوة جلبت له فائدة مادية بقيمة حوالي 700 يورو فقط. هل نستطيع هنا ان نقارن بين هذا وما تقوم به العصابة الحاكمة في سورية من سلب ونهب وتفريط لثروات الشعب ومن تدمير للبلاد وتنكيل بالمواطنين؟ وهل يتصور أحد منا ما هو الحكم الذي سيصدر بحق هذه العصابة والتي لا زالت تتشدق وتدعي وتتستر خلف حجة الممانعة والمقاومة؟
الفقرة الثالثة من القرار الذي تنوي رئاسة الوزراء في سورية أن تصدره هذا نصها: "اسقاط الجنسية العربية السورية عن كل مواطن يحمل الجنسية السورية شارك في أعمال التخريب ضد الشعب السوري او الممتلكات الخاصة أو العامة بطريق القصد داخل الأراضي السورية أو خارجها عن طريق حمل السلاح أو التمويل أو التحريض أو التنظيم أو التسهيل". لو طبقنا مضمون هذه الفقرة من هذا القرار على العصابة الحاكمة في سوريا وعلى مبدأ "من كلامك ندينك" فسنجد أكثر من مليون سبب وسبب لنزع الجنسية السورية عن هذه العصابة. ولكن الأحرار في سوريا يوعدون العصابة الحاكمة بأنهم لن يقوموا بإسقاط الجنسية السورية عن أفرادها في سوريا الجديدة التي ستسودها الديمقراطية والتعددية وحق المواطنة والعدالة والمساواة, بل سيتم محاكمتهم ومعاقبتهم حسب القوانين التي سنوها هم بأنفسهم.
ما تقوم به العصابة الحاكمة في سوريا الآن هو مؤشر واضح على حالة اليأس التي وصلت إليه هذه الزمرة المجرمة. على هذه الزمرة أن تعلم بأن إسقاط حق الجنسية السورية عن كل المعارضين السوريين لن يفيدها شيئا لأن إنتماؤنا لسورية هو إنتماء حضاري وثقافي وأن حبنا لها نابع من حب الوطن من الإيمان وأن حب الوطن لا يكمن في الهوية الشخصية أو في جواز السفر أو في الوثائق والمستندات, بل هو موجود في القلب والضمير والوجدان وأن لا أحدا يستطيع أن ينتزع هذا الحب من قلوب الأحرار مهما كلف وصار وأن هذا الحب سيكبر كل يوم أكثر وسنورثه لأجيالنا القادمة. 

 نائب ألماني سابق من اصل سوري

عزمي بشارة والانحراف الفكري/ شاكر فريد حسن

كنا عرفنا عزمي بشارة مثقفاً نقدياً ، ومفكراً قومياً وعروبياً ، وناشطاً سياسياً مشبعاً تاريخه وماضيه بالنضال والعمل الجماهيري والمعارك السياسية والفكرية ، حيث ساهم وشارك في تأسيس لجنة الطلاب العرب الثانويين ، وقيادة الحركة الطلابية الفلسطينية في الجامعات الاسرائيلية من خلال انتمائه للحزب الشيوعي الاسرائيلي ، وبعد انفصاله عنه عمل على تأسيس حركة المساواة ثم حزب التجمع الوطني الديمقراطي بمشاركة عدد من المثقفين والناشطين في حركة ابناء البلد وبقايا "الحركة التقدمية " ، واصبح- فيما بعد- عضواً في الكنيست لثلاث دورات متتالية ، الى أن فرّ من الوطن بعد ادانته في المحاكم الاسرائيلية بتهم مختلفة ، فاستقر في قطر وعاصمتها ، حيث يقوم بدور المحلل السياسي والمنظر الفكري والناقد للحراك السياسي والشعبي في الوطن العربي عبر فضائية "الجزيرة" ، التي ظهرت حقيقتها كبوق اعلامي مشبوه في خدمة مشاريع التآمر والتفرقة والتجزئة والتشتت ، وزيادة التطرف الديني والفتن الطائفية والعرقية والمذهبية في الاقطار العربية .
لكن هذا المثقف " النقدي" و"العضوي" صاحب المؤلفات الفكرية والاعمال الأدبية والمنجزات الفلسفية المعرفية ، الذي طالما قدم للقراء المداخلات والمناظرات السياسية والفكرية والحوارية العميقة ، تم تدجينه  ، فباع نفسه وخسرها ، كغيره من المثقفين المحسوبين على تيارات العلمانية واليسار والقومية والعروبة ، وخان مبدأه وأفكاره ، وانحرف عن خطه الفكري القومي العلماني وغير قناعاته الايديولوجية ، بعد أن ذاع صيته ، وسطعت نجوميته،  واعتُبر من المفكرين والمثقفين المرموقين ، الذين تؤثر مواقفهم وكتاباتهم تأثيراً على شرائح وفئات واسعة في المجتمع القومي ،  وللاسف الشديد سقط في المستنقع القطري القذر ، وغدا واحداً من المثقفين المنحرفين والمنزلقين المدجنين  في بلاط السلاطين .
لقد كشفت الأزمة السورية القناع عن وجه عزمي بشارة ، وبدا عارياً منذ خروجه من الوطن ، واحتضانه من قبل مشيخة قطر وامرائها ، شخصاً  انتهازياً نرجسياً فقد البوصلة ، وشخصية اشكالية ملتبسة تجيد التلون والقدرة على التكيف ، والجمع بين التناقضات والتقلبات والالتباسات ، لم تخل مواقفه وطروحاته من غموض وتناقض وغمغمة ، حتى اصبح مثقف المرحلة المهزومة ، وأحد المنظرين في جوقات التطبيل والتحريض على النظام السوري ، وضد سورية العروبة ، الصمود والمواجهة والرفض ، متناسياً أيام العز والرفاهية في فنادقها الفخمة وبين رحابها واحضانها ، التي فتحتها له وللمقربين من حزبه ..!
الغريب والعجيب ان يلتقي ويتوافق رأي وطرح عزمي بشارة العلماني القومي مع رؤى ومواقف شيخ الفتن والضلالة ومفتي "الناتو" يوسف القرضاوي من الازمة السورية والمشهد المصري الحالي ،  فما الذي يجمعهما ؟ أم انهما وجهان لعملة واحد..؟!.
ان عزمي بشارة كالقرضاوي يسخر فن السياسة ، الذي يتقنه جيداً ، لخدمة الاهداف الاستعمارية المشبوهة والمؤامرة ضد سورية ونظامها الممانع . وكان قد كتب في صفحته على الفيسبوك ابان معركة القصير ، التي انتصر فيها الجيش السوري حامي حمى الوطن ، والمدافع ببسالة عن الشعب السوري البطل الملتف حول قيادته الوطنية ، وعن مستقبله ، قائلاً  : " ان النظام السياسي مستعد ان يفعل أي شيء ليبقى في الحكم ، مذابح طائفية ، تعذيب بالجملة في السجون ، اغتصاب نساء، قتل اطفال ، قصف المدنيين من الجو ، الفبركة والكذب الاعلامي لتشويه الخصوم ويستخدم في ذلك منحرفين ومرضى ومشوهين من كافة الانواع ، الاستخدام البذيء والمقرف لقضايا عادلة بشكل اداتي لهدف واحد هو البقاء في الحكم ، الاستعداد للخيانة والغدر ، الاستعداد للعب دور مكافحة الارهاب في العلاقة مع الغرب ، وكل موبقة أخرى تخطر بالبال " ، مضيفاً " انه نظام ، بل مركز عصابات من المجرمين ".. فهل يختلف  بشارة مع ما قاله القرضاوي ؟ بالتأكيد لا .
اما بخصوص المشهد المصري فيرى بشارة ان ما جرى وحصل في مصر هو انقلاب وافشال للعملية الديمقراطية برمتها ، واصفاً ذلك بالخطيئة ، ومنتقداً اقصاء جماعة الاخوان المسلمين ووضع اعضائها في السجون . وفي مؤتمر مركز الابحاث والدراسات العربية ، الذي انعقد مؤخراً في الاردن قال : " في مصر كان هناك انقلاب ومؤامرة ضد مرسي ، وهذا الانقلاب تم بعلم اسرائيل وامريكا ، وحركة تمرد هي صنيع الاستخبارات المصرية وتم زج بعض شباب الثورة بها ..! ". ولا شك ان هذه الأقوال نسخة طبق الأصل لاقوال القرضاوي وجماعة الاخوان المسلمين ..! 
لقد سبق وعرى الكاتب والمفكر الفلسطيني عادل سمارة في مقالة مطولة له نشرت قبل فترة من الزمن ، عزمي بشارة ، مشيراً فيها الى انه تاجر بالقومية ، وعمل على شراء ذمم المثقفين العرب بأموال قطرية واوامر موسادية ، واتخذ من المنامة رأس حربة لتخريب وتشويه الوعي السياسي العربي ، متسائلاً : كيف يمكن ان تنجز ابحاث جادة وعلمية من خلال قطر كإمارة لم تعرف الأحزاب ولا البرلمان ولا أية انتخابات ، ولا حقوق للمراة فيها ومعادية للقومية العربية وتشكل قاعدة امريكية ووهابية تشن خرباً تدميرية ضد سورية آخر معقل قومي .؟!
ما كنا نريد لعزمي بشارة ان ينحرف وينزلق فكرياً ويسقط في مستنقع مشيخة قطر ووحل "الجزيرة" والتلوث بالمال السياسي النفطي القطري والخليجي المسيطر والمهيمن على الاجندات السياسية والاجتماعية والثقافية في العالم العربي ، ولكن ..!!
إننا نقولها بكل ثقة وصراحة متناهية ان سورية الممانعة والمقاومة ، ومصر عبد الناصر وعبد الفتاح السيسي ، هما الأجدر بالنصر ، وقادرتان دوماً بصمودهما وبسالة جيشهما على دحر المؤامرة ، حتى لو كانت مدججة باعتى فتاوى القتل والارهاب وتنظيرات بشارة ومن لف لفهما من دعاة ووعاظ ومفكرين ومثقفين عرب باعوا انفسهم مقابل حفنة من ريالات ودولارات نفطية وخليجية وقطرية واماراتية . وان نهاية الأزمة في هذين القطرين هو نصر للشعبين السوري والمصري ، وهزيمة مدوية لكل التكفيريين والوهابيين الظلاميين ، اعداء الوطن والامة والاسلام ، وان جحافل المشيخة القطرية الحمدية القرضاوية البشارية الى جهنم وبئس المصير .

وقفة أخرى مع نتائج انتخابات السلطات المحلية/ شاكر فريد حسن

بعد أن إنجلى غبار الإنتخابات المحلية وتبدد الضباب ، لا بد من وقفة متأنية شاخصة لاستقراء النتائج التي افرزتها واستخلاص العبر منها . فقد ازالت هذه الانتخابات القناع ، وأماطت اللثام ، وكشفت حقيقة وجه مجتمعنا ، وأبرزت بشكل مركز جداً  كل العاهات والآفات الاجتماعية والتربوية والأخلاقية ، التي تنخر في جسد وعظام هذا المجتمع ، واحدثت هزة عنيفة وقوية في المبنى السياسي والاجتماعي له.
لقد انتصرت العائلية والطائفية والشخصنة والمحسوبيات والبلطجية والعنف الكلامي والمال السياسي ، وهزمت الأحزاب السياسية والوطنية وتقهقرت ، وفشل الخطاب السياسي نتيجة غياب مقومات الاستمرار والتواصل مع الناس والارتباط بالهموم الشعبية والاندماج بقضايا وآلام الجماهير . وتعرض التيار اليساري التقدمي ممثلاً بالجبهة الديمقراطية والحزب الشيوعي لضربة موجعة ومؤلمة في الصدر ، ولأكبر هزة انتخابية ، هي من اعنف الهزات التي تعرضت لها الجبهة عبر تاريخها منذ اقامتها في منتصف السبعينات ، بعد سنوات من النضال وتحقيق الانتصارات في عدد كبير من القرى والبلدات والمدن العربية ، حيث فقدت صدارتها وخسرت مواقعها ومعاقلها الرئيسية في الناصرة وطمرة وسخنين وعرابة وعيلبون وكفر قاسم ودير الاسد والبعنة الحمراء وغيرها ، ولم يبقَ بيديها سوى مجلس يافة الناصرة .
ان انحسار وانهيار الأحزاب السياسية لدليل واضح وجلي على الأزمة الفكرية والردة الاجتماعية التي يعيشها مجتمعنا في العقدين الأخيرين ، وتتمثل بتراجع الفكر السياسي والايديولوجي ، وغياب الثقافة الحزبية والتثقيف السياسي ، ونكوص الوعي الطبقي والعمالي ، واختلاط المفاهيم ، وتغير المعايير والمقاييس والمعادلات التي كانت سائدة ، عدا عن اندثار القيم وتراجع الأخلاق ، واللهاث الغريب وراء السلطة والكرسي والمنصب والمال والجاه ،  فأصبح كل واحد يبحث عن المصلحة الشخصية والذاتية ولا يلتفت الى المصلحة العامة ، ولا للمبادئ والبرامج والاجندة السياسية ، ولا للقيم الوطنية التي تربينا عليها، وكانت في يوم من الأيام هادياً ومرشداً ونبراساً وسلاحاً في حياتنا .
ومن الواضح ان الكثير من المصوتين باتوا يعتمدون ،ولللأسف ،على الخلفية العائلية والحمائلية والطائفية للمرشح الذي سيقود المجلس المحلي أو البلدي ، ولا يتم الانتخاب وفق معايير تستند الى الكفاءات والمؤهلات والاجندات والخلفية السياسية والفكرية ، وذلك لادارة المجلس والنهوض بمسيرة التقدم والتغيير والتطوير والتعمير في البلد .
ان عدم قدرة الأحزاب والقيادات السياسية في اجراء الاصلاحات الجذرية العميقة واحداث التغيير في حياة الناس على المستوى المحلي وخدمة المواطن ، وفي مجال البنى التحتية والمشاريع العامة ، واعتمادها المحسوبيات في مسألة التعيينات ، كل ذلك أدى وقاد الى نزع الثقة من القيادات السياسية والحزبية والتخلص منها ، ودعم وايصال مرشحين جدد ، لعل وعسى أن يكونواعلى قدر المسؤولية وينجحوا في تلبية رغباتهم وأحلامهم ومطالبهم في التطور واحداث التغيير المبتغى والمرتجى .
علينا أن نعترف بأن الانتخابات المحلية الأخيرة حملت في طياتها الكثير من الدلالات والمؤشرات السلبية ، واستخدمت خلالها أساليب الاحتواء والاقصاء وعدم قبول الآخر ، فضلاً عن التنازل والتخلي عن القيم والمبادئ والقناعات وتزوير ارادة الناخب بالرشوة وشراء الأصوت والذمم وتقديم الخراف سبيلاً للوصول الى رئاسة السلطة المحلية . زد على ذلك تغييب دور وصوت المرأة وتمثيلها المتقدم في القوائم الانتخابية ، رغم تزيينها ببعض الأسماء والوجوه النسوية .
ومع انتشار العصبية العائلية والطائفية والاستقطاب العشائري والحمائلي أفرغت الاطر الحزبية والسياسية من مضامينها الفكرية، وازداد الصراع على المناصب والمواقع والغنائم ، وتعمق العنف في حسم الصراع والمنافسة ، وتحول الاطار هدفاً أكثر من البرنامج بهدف الحصول على المركز والمنصب. 
انني أقولها بكل وضوح وصراحة مؤلمة أن المبنى السياسي العام في مجتمعنا في خطر ، بعد ان دخل في غيبوبة واصابته جلطة عميقة وحادة ، وأحد أعراضها التمزق الداخلي ، والتخلي عن القيم ، وانهيار الاحزاب وسقوطها واندحارها . وإنها لفرصة الآن أمام الجبهة الديمقراطية وبقية الأطر الحزبية والقوى السياسية والمدنية مواجهة النتائج على حقيقتها ، وجعلها فرصة لفحص البيت وحساب النفس والذات والمراجعة النقدية سعياً للتصحيح وتصويب المسيرة ، واستخلاص العبر والدروس واعادة ترتيب الاوراق والتشكيل الحزبي وتجديده ،  والالتصاق أكثر بالجماهير والناس، والاصغاء لنبض الشارع  ، استعداداً للمرحلة الجديدة القادمة .

عائلة قايين/ عـادل عطيـة

يتمرّغ الطير المذبوح في دمائه، وألمه.. ثم ندّعي بشاعرية: أنه يرقص بعد أن حرّكنا وتر سكينتنا الحادة على زمارة رقبته!
المصيبة ليست في ادّعائنا برقصة الطير المذبوح، ولكن في ما نراه من رقصة الإنسان المذبوح (بعد اضفاء الشاعرية أياها) على أنغام الذابح!
وكأن لوج قد تنبأ بأحوالنا، عندما علّم قبائل الكلت، كما تقول الحكايات، أن يغنوا ويرقصوا في الأزمات، وأن النجوم في السماء ترقص على موسيقى بعيدة لا تبلغ آذاننا، واننا لن نسمعها إلا بعد أن نموت وتصعد أرواحنا!
وإلا فما علاقة الموسيقى والأغاني والأناشيد بآلام الذبح العظيم، ورهبة الموت الرهيب؟!..
لماذا كانت القبائل الوحشية، آكلة لحوم البشر، تلتف حول الضحية، وتزفه إلى الموت بالاهازيج والطبول، بينما صرخاته البشرية تقطع أجواء الدغل الواسع المظلم، وتجيبه القردة بأدعيتها المرعبة، ونعق البوم، ونقت الضفدع بأصواتها الجشاء، وانضمام طيور الليل إلى جوقة الموت؟!..
ولماذا في حريق روما، وبينما كانت النيران تتصاعد، والأجساد تحترق، وفي وسط صراخ الضحايا، كان نيرون جالساً في برج مرتفع يتسلى بمنظر الحريق الذي خلب لبه، وبيده آله الطرب، يغني على وقعها اشعار هوميروس، التي يصف بها حريق طروادة؟!..
ولماذا كل الجماعات الارهابية، تهلل وتكبّر، وهي تجز الرؤوس بالفؤوس، وتمطر الأجساد بالرصاص، وتطيّر الابرياء اشلاء بعبواتهم الناسفة؟!..
هل لأن الحروف الأولى من كلمة موسيقى، تصنع كلمة: موسي، تلك الشفرة التي نستخدمها في حلاقة الشعر، ويستخدمها القتلة في حلق الأجساد، والأرواح؟!..
أم لأنهم بضجيجهم وصخبهم، يحاولون ألا يسمعوا صراخ وأنين ضحاياهم؟!..
أم هي النشوى، والمتعة الحرام، وعظمة الجبروت النازي؟!..
كل هذا، وأكثر...
لأنهم ينحدرون من عائلة قايين (وبنطق آخر: قابيل)، القاتل الأول في الخليقة، فيوبال، أحد أحفاده، والذي صنع السلاح، وأبتكر الموسيقى (حتى أصبح أب كل ضارب بالعود والمزمار في الأرض) وعزفها لمدح الأعمال الشريرة، لا يزال الالهام الأول لكل الذين يغنون للشر، ويزمرون  لترقص الحيّات، وينفخون في الأبواق، ويدقون على الطبول لأعلان الحروب...
كم أتمنى أن يخرج "أورافيس" آخر من عباءة اساطير الاغريق؛ ليروّض بانغامه الساحرة الوحوش البشرية، ويتغلب على الذين يخدعون الناس بالموسيقى الشيطانية التي تؤدي إلى حتفهم!...

ببلاوى.. أين حمرة الخجل؟/ ايمان حجازى

تتعاقب الحكومات على الشعب المصرى وكأنها عقاب وليست علاج لمشاكله , وكأنها تأتى لتزيد جروحه وليست لتداوى وتصحح مساره , تأتى الحكومة بعيوبها ولم تحاول قط التداوى من آثامها ولكن يبلى الشعب بها وتتعامل معه فوق ذلك على أنها منزلة لا ترتكب الأخطاء ولا تعرفها بل هو الشعب هو المخطىء والحكومة بريئة براءة ذئب يوسف .
هذا ما أدهشنا به سيادة الدكتور رئيس الوزراء الببلاوى عندما وصف حادث قطار دهشور بأنه ليس الأول من نوعه وقد نسى سيادته أو هذا ما خيل لنا أنه سيقول ولن يكون الأخير !!!!
أدهشنا سيادته عندما إعتبر أن الركاب أو الناس المارة هم المخطئون وليست سكة حديد مصر هى المخطئة وليست الوزارة ولا الوزير المبجل بكل تأكيد !!!!
وقد لحقت دهشتنا بتعبيرات السيد الدكتور الببلاوى دهشة أكبر من تصريح السيد وزير النقل والمواصلات – والذى للأسف لا أعرف إسمه وحينما شاهدت تصريحه عن الحادث لم تتكلف القناة عبىء أن تذكر إسمه بل إكتفت بصفته فقط - حينما أكد بأن المزلقان يعمل بكفاءة وأن سارينة أو شارة الصوت تعمل وكذلك شارة الضوء وليس هناك خطأ ما فى المنظومة الخاصة بسكة الحديد ووعد سيادته مشكورا والله بأنه سوف يدرس ويبحث ليرى الأسباب !!!!! ربما يعرضها علينا سيادته وفقا لهذا الهدوء البادى على وجوده فى تقرير يذاع لأول مرة فى جراء الحادث القادم !!!! إن شاء الله
الغريب أن هذا الوزير لم يحرك ساكنا ولم يصل الى مكان الحادث فور سماعه الخبر وإنما إستعد للكاميرات بهندامه بحضوره الهادىء بكلماته الرصينة وقد عللت الحكومة فى نهاية هذه الإحتفالية بأنها أوصت لكل متضرر بمكافأة موت وليست تعويض قدرها 20 ألف جنيه تقريبا أو يزيد !!!!!
وكأننا لم نعد نساوى شيئا ,, ما نحن إلا تسعيرة تطبق علينا فى حوادث تكشف عورة الحكومة ,,, هم تكشف عوراتهم علينا فيدارونها بمبلغ يصرفونه إما تعويضا أو تشجيعا على مباركة عملهم وإلتزام الصمت الرهيب والإكتفاء بالدعاء عليهم فى سرنا والحسبنة على الظالم !!!!
ولكن لا يكاد يمر العام حتى تتحفنا سكة حديد مصر بحادث جديد مرير وأليم ويخرب ويجرح ويحزن فى كل مرة عشرات البيوت وييتم مئات الأولاد ويحرم العديد والعديد من السيدات من عوائلهم فتزداد الطين بلة ويزداد سهم الحرمان الصاعد ومعه يزداد معدل الفقر والذى يترتب عليه إرتفاع نسبة الجهل أو عدم التعلم والفرق بينهما كبير وعليه يزيد عدد أطفال الشوارع !!!

كل هذا والحكومة الببلاوية والحكومات السابقة لها لم تحرك ساكنا ولم يحمر وجهها خجلا وهذا لأنها تعتبر نفسها بريئة ولم تفعل شيئا وأن الجمهور بتصرفاته هو المخطىء المذنب الذى يجب توقيع عليه أقصى العقوبات وكأنه لا يكفى أن تكون هذه الحكومات هى المسيرة لأعماله وإدارة شئون حياته حتى يعتبر نفسه كائنا فى جهنم والعياذ بالله  ,, لأ يبقى عليه تجرع ألم العذاب والعقاب أيضا

والى الدكتور الببلاوى وحكومته التى لم تفعل شيئا يذكر غير البلاوى ولم نرى منها غير الوجه البارد الكئيب أن حلووو عن سمانا ,ألا تعتبرونا عيبا فى ثوبكم ولا تدارو عوراتكم فينا , فأنتم جئتم على حين غرة من الزمان فى يوم لم تطلع عليه شمس ونحن عشاق لشمس هذه الدنيا فإرحلو حتى تشرق شمسنا ..
أنا , ومن موقعى هذا لا أخلى سيادة الرئيس المؤقت المستشار عدلى منصور من المسئولية فعليه يقع العبىء الأكبر فى إدارة هذه البلد , حقيقة أنه لم يسع لحكم مصر وجاءه بالصدفة ولكن الله حينما يسألك يا سيدى لن تستطيع أن تعلل له بهذا السبب إهمالك فى حكم البلاد ,,, لو لم تكن سيادتكم قادرا على التبعة وتحملها فلتتركها لمن هو قادر عملا بنص الآية لا يكلف الله نفسا إلا وسعها 
التاريخ يا سيدى لا ينسى وصدره ليس به متسع بل هو قاس وعنيف ومثله مثل ناكر ونكير فصفحة التاريح كصفحة القبر لا تنسى ولا تغفل وتحاسب على كافة الأعمال فإحرص سيادتكم على أن تكلل تاريخك وتنهى مسيرتك بما هو مشرف ولا تجعلنا نذكرك كشعب لمصر فى صفحة الملعونين أو المنبوذين ,,, عليك يا سيدى بإتخاذ ما يجعلنا كمصريين نحترمك ونجلك ونقدرك ونذكرك بأنك كنت عونا لهذا الشعب وعليه يجب على سيادتكم إصدار قرار فورى بإقالة حكومة الببلاوى تلك الحكومة التى ترى فى الشعب معوقا لمسيرتها ولا تكترث حتى لمواساته فيما فعلت يداها وما إجترفته من خيبة أمل وإلا حضرتك لا تلوم غير نفسك لتغير الشعب عليك بسبب هذه الحكومة الفاشلة 
ألا هل بلغت اللهم فإشهد
ايمان حجازى
10:40pm
ايمان حجازى

اغتيالان آثمان نغّصا ذكرى عيد الاستقلال/ المهندس حميد عواد

يطغى حزن الحداد على فرحة إحياء ذكرى عيد الاستقلال. فبعد انتخاب الرئيس رينيه معوّض بسبعة عشر يوماً وإثر انتهائه من إحياء مراسم عيد الاستقلال في 11/22/1989 فُجّر موكبه فاستشهد واستشهد معه العديد من المرافقين والمحيطين بموكبه. مقتله شكّل خسارة   وطنيّة لاتُعوّض فهو شخصيّة مرموقة من رعيل التيّار الشهابيّ تمرّس في السياسة منذ انتخابه نائباً سنة 1957 وتقلّب في مناصب تشريعيّة ووزاريّة حيث سجّل نجاحاً لافتاً. انتُخب رئيساً إثر مؤتمر الطائف فركّز اهتمامه على تطمين الشركاء المسلمين أن التعديلات الدستوريّة ستتنفّذ وطرح حلّاً سلميّاً لإلغاء حكومة العماد عون وتعهّد بالضغط لتنفيذ انسحاب سوريّ مرحليّ إلى البقاع فكان الجواب سريعاً بعصف الانفجار الذي قضى عليه. 
و منذ سبع سنوات عشيّة عيد الاستقلال طارد مجرمون حاسرو الوجوه في وضح النهار سيّارة الوزير الشابّ الطافح بالطموحت والنشاط الشيخ بيار الجميّل ونفّذوا ما كلّفهم به العقل المدبّر لسلسلة اغتيالات طالت قيادات لثورة الأرز فرموه ومرافقيه برصاصات مكتومة الصوت فجّرت فجيعة مؤلمة وغضباً مجلجلاً في قلب كلّ لبنانيّ أصيل. 
 هذان الاغتيالان الآثمان دمغا ذكرى عيد الاستقلال بدماء الشهيدين العزيزين.  
الشيخ بيار عمل بحماس وشغف مع أقرانه لتدعيم هذا الاستقلال المستهدف من مختلف الطامعين بالهيمنة على وطننا الحبيب لبنان. 
وهو ليس الشهيد الوحيد من عائلة الجميّل فهناك الطفلة مايا ووالدها الشيخ بشير الذي دُبّرت له عملية اغتيال جماعيّة بتفجير بيت الكتائب في الأشرفيّة قبيل تسلّمه مقاليد رئاسة الجمهوريّة. 
الشهيد النائب أنطوان غانم المناضل الصامت قياديّ كتائبيّ آخر اغتيل في السياق المتسلسل لاغتيال قيادات ثورة الأرز. 
لقد سالت دماء معموديّة الإستشهاد في حزب الكتائب من قمّة الأرزة حتّى جذورها للدفاع عن سيادة وحريّة واستقلال لبنان وحماية نظامه الديمقراطي ورسالته الحضاريّة ووئام تنوّعه من أنواء التطرّف العاتية الهابّة عليه لجرف معالمه الحضاريّة.  
حزب الكتائب عريق ومتأصّل في العمل الوطنيّ منذ تأسيسه سنة 1936 و له دور محوريّ في الحياة السياسيّة اللبنانيّة وفي إنجاز العبور من مرحلة الإنتداب الفرنسيّ إلى ضفاف الإستقلال وكان مؤسّسه الشيخ بيار الجميّل منذ شبابه حتّى وفاته نجماً لامعاً ولاعباً 
بارعاً على مسرح السياسة واكبه  طاقم من النوّاب والوزراء والمنظّرين السياسيّن والمفكرين والأدباء وأهل علم ومعرفة أكفياء. والحزب مستمرّ بلعب دوره البنّاء تحت رئاسة الشيخ أمين الجميّل الناشط في مساعيه الدوليّة والوطنيّة وإدارة اللجنة المركزيّة ومنسّقها    النائب الشيخ سامي الجميّل الذي يطرح بشجاعة هواجس اللبنانيّين ويدافع عن مصالحهم تحت قبّة البرلمان حيث يقترح القوانين الضامنة لذلك.  
على عكس الثلاثيّة الهجينة التي تبتغي ترسيخ فصيل فئوي مسلّح شريكاً للجيش وقوّة قارضة للدولة كان شعار الكتائب الأرزة الخالدة مزيّنة الزوايا بكلمات " الله" "الوطن" و"العائلة"، فالله يراقب أعمالنا والوطن يجمعنا شركاء في محبّته والولاء له وخدمته والإهتمام بتنشئة العائلة على القيم الروحيّة والوطنيّة السامية هو السبيل الأكيد لبناء مجتمع صالح. 
طبعاً لحزب الكتائب شركاء كثر أوّلهم توأمه القوّات اللبنانيّة بذلوا الأرواح في سبيل الدفاع عن سيادة لبنان وحريّة أهله واستقلال قراره وحماية نظامه الديموقراطي فتحيّة تقدير وإجلال لكلّ حرّاس السيادة والحريّة والاستقلال وخاصّة جيشنا الباسل ومختلف القوى الأمنيّة ولنجدّد عهدنا باستكمال إنجاز أمنيات شهدائنا الأبرار.
وتحيّة تقدير لحامي الدستور وصائن الاستقلال والمدافع بمنطق وحكمة وحرص عن قضايا لبنان في المحافل الدوليّة والراسم أطر التفاهم الداخلي والخطوط الحمر فخامة رئيس الجمهوريّة ميشال سليمان. 
عيد الاستقلال هو وقفة اعتزاز تذكّرنا بعظمة أجدادنا وفرادة تراثنا وروعة وطننا. 
وهو انخطافة تأمّل وجردة حساب نستعرض خلالها تاريخاً طويلاً حافلاً ببطولات واكبت نشوء وطننا. 
لقد بذل جدودنا تضحيات عظيمةً وجهوداً جبّارة حتى نهضوا بجنّة صغيرة احتضنت حضارات عريقة واعتصرت ثقافات متنوّعة أسموها لبنان. 
لقد جعلوا لبنان حصناً عصيّاً على الغزاة ورقعة فسيحة للعمران ومنبراً حرّاً للفكر ومنارة وضّاءة للعلم وموئلاً آمناً للأحرار ومنتدىً مفتوحاً للحوار. 
إنسان لبنان خلّاق منذ عهد الفينيقيّين الذين اخترعوا السفن لاكتشاف آفاق المتوسّط وحملوا معهم الأبجديّة والأرجوان والنبيذ. 
كالمارد المنطلق من القمقم تجلّى اللبنانيّون على مدى العالم وبرعوا وما زالوا يتألّقون في شتّى المجالات. 
كلّ مأثرة من مآثرهم تتفجّر فيضاً من الزخم في وجدان أجيالنا الطالعة فتحفّزهم على بزّ أسلافهم في العطاء الخيّر. 
جودة الإنسان اقترنت بجودة الطبيعة في لبنان فهي سخيّة العطاء، طيّبة الثمار، خلّابة الجمال تنتصب قممها مكلّلة بالثلوج مزدانة        بالأرز الشامخ على مدى العصور الذي ألهمنا الصمود فجعلناه رمز وطننا. 
  وهي متحف غنيّ بآثار حضارات شعوب تفاعلنا معها فاعتصرنا منها خلاصة حضارة خصيبة. 
عندما ارتضى اللبنانيّون أن لا يرتموا في احضان الشرق والغرب بل ان يسخّروا علاقاتهم مع العالم لخدمة هذا الوطن المتميّز عن محيطه بخليطه البشريّ وانفتاحه وتطابق النزعات الفطريّة والفكريّة لأهله وروّاده الطليعيّين مع القيم العالمية لحقوق الإنسان، لم  يتصوّروا أن الخروقات المتكرّرة لمجتمعه خلال فترات الضعف ستفرز جماعات شذّت عن مسار الحداثة وتورّطت بالتناحر بينها داخل وخارج الوطن منها من انخرط ووثّق ارتباطه ببلاد العجم ومنها من حنّ إلى الحياة القبليّة ومبايعة "خلفاء". 
الوطن وأهلنا عالقون رهائن صراعات مجنونة تغذّيها صراعات عقائديّة دينيّة شرسة تغلّف سباق توسيع مدى النفوذ. 
 هذا الخطر المصيري يحفّزنا على التصدّي له بدعم ركائز الدولة واحترام الدستور وتطبيق القوانين وتشكيل حكومة خبراء حياديّة والتمسّك بأرضنا والاستفادة من مخزون نفطنا ومياهنا وحقّنا بالاقتراع والترشّح للإنتخابات النيابيّة من خلال قانون يعطي شرائح المجتمع السياديّة قوّة تمثيليّة بدل تشتيتها شراذم ضعيفة تذوب ضمن دوائر إنتخابيّة يطغى عليها غالبيّة فئويّة. 
 لن نرتهب من قرقعة السلاح ومن انفلاش الطوف الديموغرافيّ على مدى الوطن لاقتلاع جذور اللبنانيّين من معاقلهم بل سنثبت في قرانا ونحافظ على أرضنا ونتمسّك بانتمائنا وولائنا لوطننا المحصّن برسالته النموذجيّة.  
الاستقلال هو حجر العقد في بناء الدولة ومحور الهويّة الوطنيّة وجوهر كرامة المواطن فلنصنه ونحمه من الهجمات المسعورة للإطباق عليه ومحو معالمه الفريدة وتهميش وتجفيل إنسانه. 
 تعلّقنا بوطننا الأم كتعلّق الطفل الرافض للفطام بأمّه، لسان حالنا النشيد الوطني الذي هو من أجمل الأناشيد وأبلغها معانٍ ونشيد الأخطل :الصغير (لحّن كلاهما الأخوان فليفل) الذي نقتطف منه مطلعه

هوى وطني فوق كلّ هوى  جىرى في عروقي مجرى دمي 
وفي مهجتي كبرياء الجدود  بناة العظائم من آدم 
ونحن الشباب كبار المنى   تشاد الحياة على عهدنا

أكاديمي مواظب على تقصّي وتفحّص الشؤون اللبنانيّة*  



Compassion, accurate discernment, judicious opinion, support for freedom, justice and Human Rights.
 http://hamidaouad.blogspot.com/

يا موتنا في نصالك الحياة/ حسن العاصي

كنعانيون 
من البحر جاؤوا وإليه يعودون
مسافرون والزنازين رحلتهم
حزينون ودروبهم صمّاء
تلوكهم البلاد بِغُلٍ
معصوب مصيرهم
بين راحتيّ الأسى
منذ أن أمسوا بلا وطن
تهاوت أجسادهم في المنافي
وماتوا غرباء
بلا أوطان

اللّيلة يتمزق قلبي بين موتين
على مقربة من مسافتين
على سبيل الألم
يغسل الملح خُطاي
في وادي المقابر
بالبعد من جوف المرايا
أتكوّم أمام عتبة الله
أتضرع وكفي يبكي
ياموتنا
في نصالك الحياة
كأنك وطائر النار ضدّان

هذا الرحبل النازف لايتوقف
إنّه لايتوقف
أسدلت المدائن ستائر الذبح
فأبحرت قوارب الموت
كالسيقان المبتورة
كانت الدماء تنسدل على أسوار المدينة
كأسماء الراحلين والشهداء
جاء الموت محمولاً على عواهن الرياح
فقالوا اركبوا الفُلكُ قبل الطوفان

في البدء كان وجه القمر فضّة
ذات قتل صار لونه أزرق
يمضون إلى الماء 
وحيدون كأوّل مرة
أسندوا انكسارهم على الأفق الضرير
يتوسّدون المتاهات
هم الراقدون في شقوق الحسرة
مُثقلون بالدعاء
محمومة تلك الأجساد المتهالكة
تتلاطمها الرياح العمياء
وتصفعها الأحزان

كأنَّ الموت على عجلة من أرواحهم
وضعوا أسمالهم وبؤسهم
في ليلة ماطرة
يتقاسمون الخيبات المسمومة
تظنّهم يقظى وهم تائهون
بتر البحر وريد الماء
وأوصد الموج المسفوح
خاصرة الأخاديد دونهم
وأضحى العجز الممسوس
للأضرحة جدران

انقلب البحر على ظهره
ليطوي النزع الأخير
تتقلّص اليابسة وتتلاشى
البحر لانهاية له
موجات حبلى ماتنفك
تبتلع الأجساد الطرية
مابين الموجة والغيم الهاطل
تموت حبّات المطر باكية
تهاوت أجساد الصبية
أيّها الراقدون في قعر البحر
تحرسكم قلوب الأمهات
أموات بلا أكفان

أحتاج إلى أكثر من الحزن
أكثر من الغضب
لأتحسّس المسمار الأسود في خاصرتي
وهذا اليتم الموسوم
يتوالد وجعٌ كعشب السهول
مغروساً في أحشائي كلعنة العرّاف
أشهد أن جوارب من قضوا
أطهر من أعلام البلاد
يا أحمد الكنعاني
قلب أمك أيها الغريب
قد قتلك الخِذلانُ

ادْنُ مني ببطء
نعم هذا رماد قلبي يرتعش غماً
وحزني مالح بلون الدموع
كأنّ الوطن ينبذنا
كأنّ في استعارة الفجر الضرير
لامتسع للفرح
أيّها المبحرون
اعبروا بصمت
هنا يرقد الهاربون من أخمص أحلامهم
فبين طيّات الماء تغفو أرواحهم
قد أضحت والملح صنوان

لحظة جنون/ فاطمة الزهراء فلا‏

أستكين كما الفراش
يغفو فوق الزهور
وأرتمي فوق الوسادة
وأشتهي لحظة جنون
ورزاز المطر الذي دوي بروحي
واستراح بالجفون
علموه كيف يقسو
فيبتعد بلا مسافة
يختفي بين المتاهة والسحاب
أما أنا ألهو كطير دربوه
ينأي عن حبائل الشرك
وحين أحس بالأمان
ذبحوه وقلموا أظافره
وبعثروا ريشاته الملونة
فاسبشر بها فنان يقبع هادئا
في انتظار ملهمة
ومن فوره خط بالفرشاة
رمحا وقلم
رمح أدمي الفؤاد
الذي بكي خلف الملهمة
وقلم خط به اللوعات
والدمعات عند أول منعطف
والمنعطف جرعة ماء
في قاع جمجمة
يسأله يصيح أين الملهمة؟
سقط الفنان يبكي شوقه
ورمحه وفؤاده المثكول
حتي دوامة العتمات
في قلب حوت
قذفوا إليه بيونس النبي
وأنت أيها الفنان
لست نبيا ..لكنك بشر
يخيفك الهوس المستكين
في عقل نجمة ضلت مسيرةالقمر
حين رأت توأمها الذي
لازمها آلاف السنين
ومنه أبد ا ما ارتوت
يلازم أخري غيرها
وهو جالس بين قدميها
يعيد جدلها
فانزوت حزينة
وأبدا ما تعجبت
لكنه الندم يداهمها
لأنها في حكمها عليه تعجلت
فتناثرت نورا
يعيد للفنان نشوة تأججت

المكالمات الهاتفية للدكتور حسين الخالدي مع المفتي في القاهرة ومع فريد بك في حيفا 1948

بقلم : الدكتور الياس عفيف سليمان، باحث ومتخصص في تاريخ الشرق الاوسط.
       والطالب كلود الياس سليمان من كلية العلوم السياسية.
المصدر:  يوميات دافيد بن غوريون، حرب الاستقلال 1948 – 1949، وزارة الدفاع.
الترجمة حرفية، ما بين هلالين غير وارد في اليوميات المعتمدة وقد جاء للتوضيح.

(رصدت وحدة التنصت في جهاز المخابرات) عدة مكالمات للدكتور الخالدي (الطبيب حسين فخري بن الحاج راغب الخالدي من مواليد القدس 1895- 1966 ، اخر رئيس عربي منتخب لبلدية القدس 1935- 1938 ، فيما بعد زعيم حزب الاصلاح وعضو اللجنة العربية العليا) مع امين الحسيني عندما كان في القاهرة (المفتي الحاج امين الحسيني من مواليد القدس 1895- 1974 ، مفتي القدس، رئيس المجلس السلامي الاعلى ورئيس اللجنة العربية العليا). ومع فريد بك في حيفا (فريد بك سعد، من وجهاء حيفا، من مدراء البنك العربي وعضوا في لجنة الطوارئ العربية). 
"في الاول من يناير 1948 اتصل من القاهرة المفتي وسأل خالدي في القدس: ما هو الوضع؟ اجاب خالدي: زفت. سيشرح لكم اميل كل شيء (اميل الغوري من مواليد القدس 1907- 1948، من رواد النهضة الفكرية والصحفية، من ابرز المساهمين في الحركة العربية الفلسطينية والحركة العربية الارثوذوكسية). سيدي، يجب عدم استمرار الوضع بهذا الشكل. حالة من الحيرة والحرج والفوضى هنا. اذا لم تصلحوا الوضع، والله فإنني غير قادر على عمل أي شيء. – الوضع خطر – مدينة مثل القدس لا يوجد بها نظام. يجب ان يعود كل واحد منكم من الكبير وحتى الصغير. سنغادر كلنا المدينة اذا بقى الوضع كما هو عليه. 
في يوم 2 يناير 1948 اتصل الدكتور خالدي الى القاهرة الى المفتي وقال: الوضع في القدس سيء جدا، هجوم من كل المحاور، حتى الان تدور المعركة في منطقة الشيخ جراح. السكان غاضبون. جاءوا حتى بيوتنا،  يجدفون ويهاجموننا  من كل ناحية. يجب عدم السكوت على هذا الوضع. الذخيرة التي ترسلونها غير مفيدة. لا نستطيع ان نفعل شيء. الوضع متوتر- جرحانا في كل مكان، المستشفيات مليئة. لا توجد اكفان. في الليل قصف اليهود القطمون، في هذا الصباح قصفوا الشيخ جراح. تم الاعتداء على بناية الوقف في الليل. فوضى تعم المدينة.
سأل المفتي: الجيش البريطاني موجود؟
اجاب خالدي: ينزع الجيش السلاح من العرب. لا توجد امدادات الى البلدة القديمة. لا نستطيع ان نسيطر على الوضع. خيبة امل ويأس في كل المجالات. لا استطيع ان اقول لك ما سيحدث. كل الموجودين عندك يجب ان يعودوا الى البلاد. ممنوع ان يبقى شخص واحد في خارج البلاد.  
في صباح يوم 8 يناير 1948 اتصل الدكتور خالدي من القدس الى فريد بك في حيفا وقال: الوضع صعب عندنا في القدس. حي القطمون فارغ من السكان. سكان الشيخ جراح ذهبوا، نصف سكان المصرارة غادروا. لا يرسلون لا الرجال ولا المال – اشعر كأننا نجلس وننتظر الاخلاء. قرابة الشهر وانا اتصل واتصل الى المفتي في مصر . اكاد افقد صوابي.
وقال فريد بك لخالدي: لا تسطيع القدس وحيفا الا ان تدافع. الوضع صعب. لا استطيع ان اشرح لك الوضع في الخارج.
اجاب خالدي: وهم يجلسون ويشكلون حكومة ( القصد عن الحاج امين الحسيني في مصر).
رد فريد: والذين هنا يموتون كل يوم، هكذا الحال عندنا، عندكم وفي يافا.
اضاف خالدي: في يافا الحال اسوأ. السكان يتركون.
في يوم 19 يناير 1948 وفي الساعة السادسة مساء اتصل خالدي بالمفتي......خلال الحديث يشكو ويتذمر خالدي ويقول: عندنا مشكلة مع ابو موسى (عبد القادر الحسيني 1910 – 1948 قائد القوات العربية في القدس). لا يوجد بيننا أي تنسيق واي اتصال. يقوم بالتجوال وبمضايقة اللجان القومية. لا توجد لدينا ادنى فكرة عن برامجه او عملياته. لقد توجه الى اللجان القومية في رام الله، نابلس وجنين، قال لهم انهم لجان مدنية وغير مخولة للتعامل بالشؤون العسكرية. كل المناطق تتذمر منه، ونحن لا نعرف ما العمل.
سأل المفتي: هل اعلمكم عن عملياته؟
خالدي: لا، ابدا. منذ ان قدم الى هنا لم يتوجه الينا البته، اللجان تضغط علينا وتسألنا اذا كان يجب ان يستمعوا اليه ام لا. الوضع الراهن سيء. اظن اننا نخلط بين صلاحياتنا. هذه الحالة تؤدي الى الفوضى ومن الصعب السيطرة عليها.
المفتي: ربما يجب عليك محاولة السفر الى مصر اولا؟.
خالدي: غير ممكن، مسألة المواد الغذائية والاحتياجات سيئة جدا، الفوضى سائدة في السوق، التقسيم غير منطقي، يوجد الكثير من الجياع". 
drelias10@yahoo.com

هل تنجح إسرائيل في إفشال أجندة أوباما الشرق أوسطية؟/ صبحي غندور

خمسون عاماً مرّت على اغتيال الرئيس الأميركي جون كنيدي، ويتكرّر الآن ما يحصل عادةً كلّ عام في هذه المناسبة، من تعدّدٍ للاتّهامات والتفسيرات حول مقتل كنيدي والجهة التي كانت تقف وراء الاغتيال، حتّى أنّ الوزير جون كيري دخل مؤخّراً في دائرة المشكّكين بما هو معلَنٌ منذ نصف قرن عن الجهة التي قامت بعملية الاغتيال. فما زالت "نظرية المؤامرة" حاضرةً بقصوى في الاتّهامات التي تتوزّع بين مسؤولية عصابات المافيا، وبين دور روسي/كوبي، وبين جهاتٍ أميركية داخلية فاعلة كانت تريد تصعيد التورط العسكري الأميركي في حرب فيتنام بينما لم يكن الرئيس كنيدي موافقاً على ذلك. أيضاً، هناك اتّهامات لجماعات إسرائيلية بأنّها كانت وراء الاغتيال بسبب رفض الرئيس كنيدي السماح لإسرائيل بامتلاك سلاح نووي، وبأنّ كنيدي كان يتواصل مع الرئيس جمال عبد الناصر من أجل تأمين حلٍّ عادل للقضية الفلسطينية ولمشكلة اللاجئين الفلسطينيين الذين طُرِدوا من أرضهم بعد قيام دولة إسرائيل.
وتتزامن الآن الذكرى الخمسينية لاغتيال كنيدي مع تحرّك أميركي مميّز تقوم به إدارة أوباما لإيجاد تسوياتٍ سياسية لأزماتٍ مهمّة في منطقة الشرق الأوسط، تشمل الملف النووي الإيراني والحرب في سوريا والملف الفلسطيني، وهي القضايا الثلاث التي وضعها الرئيس أوباما في خطابه أمام هيئة الأمم المتحدة بمثابة أجندة لسياسته الخارجية في هذه المرحلة.
طبعاً، هناك تلازم وتفاعل بين هذه القضايا الثلاث، وحلُّ أيٍّ منها سيساعد على الحلول للأزمات الأخرى، وكان من المهم أن يسبق التحرّك الأميركي الجاد بشأنها تفاهمات مع موسكو حول آفاق التسويات وسبل تحقيقها. لذلك وجدنا أنّ الاتفاق الأميركي/الروسي حول السلاح الكيمائي السوري كان مدخلاً مهمّاً فيما بعد للتحرّك المشترك بين واشنطن وموسكو في مسألة الدعوة لمؤتمر "جنيف 2" الخاص بسوريا، وكذلك في الحراك الحاصل حول الملف النووي الإيراني.
لكن مشكلة الرئيس أوباما في أجندته الشرق أوسطية، الثلاثية الأبعاد (إيران، سوريا، وفلسطين)، هي ليست مع خصومه الدوليين بل مع أقرب حلفائه الآن، حيث وجدنا اعتراضاتٍ علنية قاسية على هذه الأجندة من إسرائيل وفرنسا والمملكة العربية السعودية.
ورغم أهمّية التحفظّات الفرنسية والسعودية، فإنّ الأشد خطورة على إستراتجية التحرّك الدبلوماسي الأميركي الآن مصدره إسرائيل وما لديها من نفوذ سياسي وإعلامي مؤثّر في الولايات المتحدة وفي دول أوروبا.
وقد كان رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو واضحاً وصريحاً في اعتراضاته على التقارب الأميركي/الأوروبي مع طهران، وأطلق التحذيرات العلنية من الوصول إلى اتّفاقات مع إيران حول ملفّها النووي حتّى قبل حصول أي اجتماع أو اتفاق، إذ أنّ إسرائيل ترفض من حيث المبدأ وقف الصراع مع إيران، فكيف بتحقيق تفاهماتٍ دولية معها!.
إنّ إسرائيل تعمل منذ سنوات، خاصة منذ وصول نتنياهو للحكم في العام 2009، على جعل أولويّة الصراعات في المنطقة مع إيران وحلفائها بالمنطقة، وعلى إقامة محور عربي/إقليمي/دولي تكون إسرائيل فيه هي الرائدة لإشعال حرب عسكرية ضدّ إيران ومن معها في سوريا ولبنان وفلسطين، بحيث تتحقّق عدّة أهداف إسرائيلية مهمّة جداً لكل الإستراتيجية والمصالح الصهيونية في المنطقة والعالم. فالمراهنة الإسرائيلية هي على تهميش الملف الفلسطيني وعلى كسب الوقت لمزيدٍ من الاستيطان في القدس والضفة الغربية، وعلى تفجير صراعات عربية داخلية بأسماء وحجج مختلفة، تجمع بين المطالبة بالديمقراطية وبين صراعات طائفية ومذهبية وقبلية تؤدّي إلى تفتيت الكيانات العربية الراهنة، وعلى إنهاك وإنهاء حركات المقاومة ضدّها في فلسطين ولبنان، وعلى تدمير الجيوش العربية الكبرى في المنطقة، وعلى إقامة تطبيع سياسي وأمني مع كل الأطراف العربية التي تقبل السير في المحور الإسرائيلي المنشود.
كذلك راهنت حكومة نتنياهو على أنّ الحرب ضدّ إيران والتصعيد الدولي والإقليمي ضدّها سيوجِد لإسرائيل أدواراً كبيرة سياسياً وأمنياً في عموم المنطقة ومعظم دول العالم الإسلامي، وسيجعل من إسرائيل قوةً إقليمية ودولية كبرى في عصرٍ بدأ يتّسم بالتعدّدية القطبية، بحيث تكون إسرائيل عندها قادرةً على فرض "شرق أوسطي جديد" يسمح لها بتحقيق مشاريع اقتصادية متعدّدة تشمل بناء قناة بديلة لقناة السويس، تصل البحر الأحمر بالبحر المتوسط، إضافةً إلى استثمار منابع النفط والغاز في الشاطئ الشرقي للمتوسط، وإقامة أنابيب للنفط والغاز من منطقة الخليج إلى الشواطئ الإسرائيلية، وما يمكن أيضاً أن تستثمره التكنولوجيا الإسرائيلية في البلدان المجاورة التي ستحتاج إلى الكثير من مشاريع الأعمار بعدما تضع الحروب الإقليمية والأهلية أوزارها. 
ما سبق ذكره ليس من صنع الخيال، ولا هو بافتراءاتٍ على ما تريده إسرائيل في هذه المرحلة، بل هو واقعٌ حاصل على الأرض في القضايا الثلاث التي هي محور أجندة إدارة أوباما خلال فترته الثانية بالبيت الأبيض. فإسرائيل لن تخضع الآن للمطالبة الأميركية والدولية بوقف الاستيطان ولن تقبل حتماً بتقسيم القدس ولا بحلّ قضية اللاجئيين ولا بإقامة دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة على حدود العام 1967، وهذه هي القضايا التي يدور الآن التفاوض بشأنها بين الفلسطينيين والإسرائيليين بضغطٍ أميركي.
ثمّ إن إسرائيل لا تجد مصلحةً إطلاقاً في وقف نزيف الدم السوري وفي إنهاء الأزمة الدموية السورية بتسوية تحافظ على وحدة الكيان السوري وتعيد بناء الدولة السورية على أسس سليمة، بينما تُهدّد هذه الأزمة أيضاً كلَّ المشرق العربي وحركات المقاومة فيه.
إذن، هو تباينٌ كبير حاصلٌ الآن بين الإسترايجية الإسرائيلية القديمة وبين الأجندة الجديدة لإدارة أوباما التي تأخذ بعين الاعتبار المصالح الأميركية أولاً، تماماً كما فعل الجنرال دوايت أيزنهاور حينما كان رئيساً للولايات المتحدة بوقوفه ضدّ العدوان البريطاني/الفرنسي/الإسرائيلي على مصر في العام 1956، وأيضاً كما كان بعده الرئيس جون كنيدي، والذي بعد اغتياله قدّم نائبه جونسون أقصى درجات الدعم لإسرائيل وأدخل أميركا في حربٍ دامية بفيتنام. 
***
 سيكون من الصعب التنبؤ بمصير "أجندة أوباما" الشرق أوسطية، لكن ما حدث من ردود فعلٍ أميركية ودولية رافضة للضربات العسكرية لسوريا التي هددّت بها إدارة أوباما قبل الاتفافات مع موسكو، أوجد مناخاً رافضاً أيضاً لأي تورّط عسكري أميركي جديد في العالم. أيضاً، فإنّ إدارة أوباما تعتمد الآن على زخمٍ دولي لدعم أجندتها يرافقه متغيّرات سياسية إيجابية هامّة في إيران، وهو مزيجٌ مهم لإنجاح مراحل هذه الأجندة التي ستكون أمامها عقبات كثيرة، بعضها خرج للعلن الآن، لكن يبقى الأساس في عدم تراجع إدارة أوباما نفسها عن هذه "الأجندة"، وفي مصارحة الرأي العام الأميركي بما هو يجهله من حجم التباين الحاصل بين المصالح الأميركية وبين الرؤى الإسرائيلية التي لا يخفى أيضاً حجم مسؤوليتها عن تراجع موقع الولايات المتحدة نتيجة تأثيراتها السلبية في الإدارة السابقة وحروبها الفاشلة. 

*مدير "مركز الحوار العربي" في واشنطن
Sobhi@alhewar.com

متقولش إنك بتحبنى/عاطف على عبد الحافظ

(بالعامية المصرية)
****** 

متقولش تانى إنك بتحبنى
خلاص .. ملّيت كلامك
مبقاش يهزّنى
حتى نظرة عينيك
مبقتش تشدّنى
ولمسة إيديك
معدتش تهمّنى
عارف ليه ..
لإنك فى الحب كرّهتنى
     *****
مش هقول إنك خنتنى
بوعودك خدعتنى
مشيت وراك  
توهّتنى
رضيت بهواك
عذبتنى
وحاولت أسامحك
خذلتنى
برافو عليك ..
لإنك فى الحب كرّهتنى
     ***** 
     عاطف على عبد الحافظ

الوفاء بالعهد/ عباس علي مراد

منذ القدم كانت الحروب، فمنها الدفاعية ومنها العدوانية، وللحرب، اية حرب تشنّ، اهدافها الظاهرة والباطنة، منها السياسية، الثقافية والاقتصادية وغيرها، حيث يفرض المنتصر ارادته السياسية ويربط مصير المقهور بمصيره وبمصالحه مما يولد الثورات التي تبغي اعادة الحق الى اصحابه..
ونحن على مدار العام، وخصوصاً في مثل هذه الأيام من كل عام نحيي ذكرى عاشوراء، ذكرى ثورة سيد الشهداء ابا عبدالله الحسين لما فيها من معانٍ انسانية رفعت راية الدفاع عن الحق ومحاربة الفساد.
الامام الحسين لم يخشى لومة لائم لأنه عرف الحق وكما يقول السيد المسيح عليه السلام: وتعرفون الحق والحق يحرركم...
ثار الإمام الحسين لأنه رأى وعاين بأم العين التخذير الديني الذي افرغ الدين الاسلامي من معانيه وأبعده عن قيمه السامية حيث اعمى البصر والبصيرة وقاد الى الانحطاط الأخلاقي والظلم والفساد، لذلك قال لمحمد بن الحنفية في وصية له، القول المشهور: "اني لم أخرج أشراً ولا بطراً ولا مفسداً ولا ظالماً، وانما خرجت لطلب الاصلاح في امة جدي. اريد ان آمر بالمعروف وانهى عن المنكر، فمن قبلني بقبول الحق فالله اولى بالحق، ومن رد عليّ هذا، اصبر حتى يقضي الله بيني وبين القوم بالحق، وهو خير الحاكمين.
ما حصل في كربلاء مأساة، ولكن الظالمين لم يحققوا اهدافهم لأن نتائج الحروب لا تقاس بالخسائر المادية المباشرة ولكن بالتبعات السياسية والتاريخية البعيدة المدى. وقديماً قالت اليونان ما معناه: لا تربح حرب الا اذا سلّم المهزوم بالهزيمة، وهذا ما لم يحصل وانتصر الدم على السيف، لأن راية لا اله الا الله لا تزال خفاقة، ليس بالمعنى الذي يردده التكفيريون لكن كما ارادها الامام الحسين وخلفته ببعدها الانساني، ولان نهج الحسين استمراري، نرى الامام جعفر الصادق عليه السلام مكرّساً النهج عندما قال: الله فوّض الى بني آدم كل امره الا ان يذّل نفسه، لذلك ما زالت الحناجر الى اليوم تصدح لبيك يا حسين.
حسين في محرمٍ مستشهداً                      واليوم يُقتفى عملكَ
بأمثالك ترقى الأممُ                              وخَلفك دربك سلكَ
لنُصرةِ الحقِ والعقيدةِ                           قرنتَ فعلكَ بقولكَ
وخاب من بالظنِ قتلكَ                          لذا في الجحيم هلكَ
هيهاتِ منا الذلَّ مبدأً ُ                           وشعاراً مرفوعاً على رايتكَ
مصاناً أبد الدهرِ                                 حتى بعد مُرتَحَلكَ
عقولُ البشرِ بكَ تفتكرُ                          لأنها بالحقِ تريدُ وصلكَ
ولن ترضى للظلمِ سطوةً                       وان طال بعدكَ
ولن ترضى للطفِ تجدداً                       بعد ان ضحيّت بنفسكَ وأهلِكَ
لتبقى رايةُ محمدٍ                                خفاقةً في بني قومكَ
ويسود العدلُ وبه يُعمَلُ                         ولا تلقى به مشككاً
يا سيداً في شبابِ اهل الجنةِ                    لم ولن تُخيّب امل جدكَ
مبايعةَ الأشرار رفضت                        وبالدنيا والآخرة ارتفع شأنكَ
سليلَ بيت النبوة ِ                                لم تخلف يوماً عهدكَ
ونختم بقول سيد الشهداء :"من نعم الله عليكم حاجة الناس اليكم"
كلمة عباس علي مراد بمناسبة  ذكرى عاشوراء القيت في مسجد السيدة الزهراء (ع)

في ايلول/ أمل الحمداني

في ايلول
وفي كل الفصول
افتش عنك
كأن الزمان هو لك وحدك
كيف افسر ما يعتريني
وكل القطارات.. تمر دون محطات
تشتت .. تمزق..
وأنتظار ارهقني
اهيم في كل المطارات 
علّي اصادف طيفك فيها
وحين يفاجئني الشعر
دون انتظار
ابعثر الحرف علّها ترسم لي
شيئا منك انت
فالرسم اصبح محطة
اركن في خلوتي اليها
بحروف تبعثرها الريح 
وخطوط يلهو بها الرصيف
ارسمك انت

السلفيون يلعبون بالنار/ لطيف شاكر

السلفيون يلعبون بالنار ومن يلعب بالنار سيكتوي بها ان آجلا او عاجلا ويبدو ان التعصب اعمي عيونهم بعد ان اغلظ قلوبهم واقفل عقولهم عن الصواب والخطا وعن مصلحة الوطن و استقرار مصر .
ان تمسكهم بالمادة 219 او نصوص الشريعة الاسلامية في الدستور الحالي هو من قبيل خراب مصر وتدمير الوطن ومن يدعي ان التصدي للمواد السامة  هو مؤامرة علي الاسلام اؤكد واجزم ان هذه المادة بمثابة المؤامرة الكبري علي الاسلام وليس العكس ,فيظهر الاسلام بانه دين متشدد كارها للاخر مضادا للغير لايستطيع العيش المشترك مع غير المسلمين  ولا يقبل التعددية ويتعامل مع الاخرين باسوب فظ غير ادمي ولا يتناسب مع حقوق الانسان ويخالف المعاهدا الدولية في هذا الشأن ,ولايظهر بانه دين السماحة ويجذر الاسلامفوبيا امام الغرب والعالم كله.
ويؤسفني  ان اوضح للقارئ ان المرد الاساسي لهذه المادة صادر من رئيس الدولة المؤقت الذي اصدر الاعلام الدستوري متضمنا فحوي هذه المادة مما حفز السلفيين للتمسك بها والاصرار عليها وفقا لاتجاه رئيس مصر المؤقت والتي تنص في المادة الأولى للإعلان الدستوري ''جمهورية مصر العربية دولة نظامها ديمقراطي يقوم على أساس المواطنة، والإسلام دين الدولة، واللغة العربية لغتها الرسمية، ومبادئ الشريعة الإسلامية التى تشمل أدلتها الكلية وقواعدها الأصولية والفقهية ومصادرها المعتبرة في مذاهب أهل السنة والجماعة، المصدر الرئيسي للتشريع"
واذا كان رئيس الجمهورية المؤقت متأسلفا فشيمة السلفيين التشدد بالمواد السلفية الفاسدة  ,والاعلام الدستوري الذي صدر  من لجنة العشرة المبشرين بالسلفية  والموقع عليه من القاضي والعارف بقوانين العدالة الاجتماعية  والذي يجلس مؤقتا علي كرسي مصر الحضارة والتاريخ  هو بمثابة المرشد والمصباح (الغير منير) لاعضاء لجنة الخمسين في كتابة الدستور الحالي .
يقول الاستاذ سعد الدين الهلالي  أستاذ الفقه المقارن في كلية الشريعة  :       .....والمتأمل فى المادة التفسيرية رقم 219 التى أقام لها البعض الدنيا ولم يقعدها يراها موصوفة بخمسة أوصاف قبيحة فى المنهج العلمى السائد، وهى: الظلم والغموض والتناقض والتلبيس والعقم. مما يستوجب حذفها واعتبارها كأن لم تكن، بل والاعتذار لأكثر أهل العلم أن كانت هذه المادة مثبتة فى دستور مصرى يوماً ما. ووضح سيادته  تلك الأوصاف المشينة في مقاله المعنون لماذا نرفض المادة 219 من الدستور المعطل (السايق)؟
وأكد الدكتور أحمد كريمة، أستاذ الشريعة الإسلامية فى جامعة الأزهر الشريف، ضرورة إلغاء المادة، ووصفها بأنها «طائفية» وصياغتها تخالف أبسط مبادئ اللغة، وأنها تصف الأدلة بأنها كلية وهذا خطأ فإما أن تكون تفصيلية أو جزئية، والذى يوصف بالكلى أو الجزئى هو القاعدة، وأوضح أن البلد لا يحتاج إلى تهييج آخر، ويجب اعتقال جميع شيوخ ورموز حزب النور، إذا لوحوا بذلك، وأشار إلى أنه أرسل للجنة تعديل الدستور أربع ورقات يبين فيها موقفه من المواد المتعلقة بالشريعة الإسلامية، خاصة المادة 219.
ولفت إلى أن تلك المادة جعلت تفسيرها مقتصراً على الجماعة والسُّنة وهذه طائفية لأن الأمم العاقلة هى من تنشئ دستوراً للجميع، فهناك السُّنة والشيعة والأقباط وغيرهم من فصائل فى المجتمع.
وطالب «كريمة» الأزهر بألا يخضع لتوجه السلف، لأن ذلك يحجم ويقزم من دوره، وينبغى أن يكون وعاء للكل، وتساءل «كريمة»: ما دخل «المتسلفة الوهابية» بأمور الشريعة الإسلامية؟ فهذا الأمر من اختصاص هيئة كبار العلماء ومجمع البحوث، وليس مجموعة من الواعظين والدعاة.
ويدهش المرء انه بعد ثورات الشعب في 25 يناير و30 يونيو ضد التيار الديني والاسلام السياسي ,وما قدمه الاقباط من تضحيات في النفوس والكنائس والمتاجر والبيوت وشهد بهم القاصي والداني حتي اصبح دور الاقباط درس في الوطنية ونموذجا يحتذي به في حب مصر وعدم الاستقواء  بالخارج  الذي كان ينتظر ان يجأر الاقباط بالشكوي حتي يتحقق مراده بتقسيم مصر, نجد ان السلفيين يطلون برؤوسهم  الفاسدة من خلال المواد الدينية في لجنة الدستور , لاقصاء الاقباط من ادني حقوقهم  وسلب حرياتهم ,واعادتهم الي عصر الذمية المقيت  .
ورغم قلة عدد هؤلاء السلفيون  الا انهم يتاسدون المشهد ويتنمرون للدولة المدنية , والعجب العجاب ان من اساسيات ومبادئ الدستور اخذ القرارات  باغلبية عدد المصوتين علي المواد قبل اقرارها وعرضها علي الشعب للاستفتاء ,الا ان في  ظلم واضح وتجبر معلن ان تاخذ اللجنة بعدد اصوات الاقلية واهمال الاغلبية  اربعة  مقابل عشرة وكانت صياغة المواد وفقا للاربعة وليس للعشرة ,فاذا كان  رؤساء اللجان بهذا الشكل المتخلف والغير امناء  فكم يكون  شكل الدستور الجاري اعداده , فالمناط بهم العدل والحق والامانة
هم الظالمون والفاسدون وانتفت فيهم الامانة وضاع الحق بينهم .
ان مصر ليست عزبة يحكمها السلفيون وليست  ضيعة  ورثوها من اخوتهم الاخوان المسلمين بعد ان رفضهم الشعب المصري  , ان مصر اكبر واعظم مما واكبر من ترهات وتفاهات هؤلاء العروبيون الذين يريدون مصر عربية تحت حكم الوهابية السلفية السعودية
ان هذا الاصطدام ليس بين مسلمين ومسيحيين حتي لا يحتسبها اعداء الوطن لتأزيم الوضع  الديني واثارة الفتن الطائفية بدغدغة مشاعر بعض الاسلاميين الضعفاء , انما حرب بين المصريين والعروبيين وصدام بين النور والظلام  وخلاف بين  عصر السلف وعصر التقدم  وصراع بين الاسلام السياسي والاسلام المعتدل الذي يجمع بين ضفتيه كل الاديان والمذاهب في ظل دولة مدنية ليبرالية عالمانية .
ان مصرستظل موئلا  للمصريين  كما كانت قبل الاديان وفي ظل الاديان والي دوام الزمان باذن الله .
للموضوع بقية
المقال القادم ضمن سلسلة السلفيون يلعبون بالنار سنكتب عن  المادة 219  لاتضر بغير المسلمين فحسب بل  بالمسلمين ايضا