مرة أخرى حول الموضوع السوري/ شاكر فريد حسن

ما من شك أن ما يحدث في سورية يدمي القلب والفؤاد ، وما تشاهده أعيننا من صور الدماء النازفة ومشاهد القتل والإبادة والموت والخراب والدمار يثير فينا المرارة والألم والحزن العميق . إنه مخطط استعماري امبريالي رهيب لإحراق سورية وتدميرها وتفتيت الوطن العربي وتجزئته وبث الفوضى الخلاقة فيه ، مخطط تشارك فيه أمريكا وبريطانيا واردوغان تركيا والغرب ومشيخات النفط القطرية والسعودية والخليجية ، وقوى الإرهاب والتخلف والتجهيل والتكفير الوهابية ، علاوة على يوسف القرضاوي شيخ الفتنة ، ودعاة جهاد النكاح ، وفضائية "الجزيرة" القطرية 
لقد انكشفت الحقيقة وبات واضحاً أن الإدارة الأمريكية وذيولها هي التي تصدر الإرهاب إلى سورية والعراق ولبنان ومصر واليمن وكل دولة لها فيها غايات ومصالح،وإنها تدعم العصابات والجماعات المسلحة بكل مسمياتها ومنابعها وتوجهاتها،وذلك بهدف زعزعة أمن واستقرار هذه الدول،وتفتيت نسيجها المجتمعي وتدميرها،وإذكاء نار الفتنة الطائفية والمذهبية بين شعوبها وطوائفها . 
لقد فشلت الإدارة الأمريكية وحلفائها على جميع الأصعدة السياسية والدبلوماسية والعسكرية في استهداف الدولة السورية وحربها المعلنة والخفية ضدها ، ولم تنجح في تحقيق الانتصارات وتغيير الوقائع على الأرض ، من خلال دعمها للإرهاب وعصاباته وأدواته القذرة ، وإرسالها الأسلحة للمجاميع الإرهابية لتحقيق مشروعها التآمري التفتيتي   .
وعلى الرغم من إدراك سورية المقاومة وقناعتها التامة بأن المعارضة السورية لا إرادة لها وتساق كالنعاج إلى المسلخ ، إلا أنها وافقت على المشاركة في مؤتمر "جنيف 2" بغية سحب البساط من تحت هذه القوى ، التي قررت   المشاركة في المفاوضات السياسية إذعاناً للأوامر العليا من أسيادها الأمريكيين والسعوديين والغرب ، رغم إصرارها على بعض الشروط والمطالب ، التي لا تنسجم ولا تتوافق مع توجهات الوفد السوري الحكومي المفاوض بقيادة وليد المعلم ، الدبلوماسي المحنك ، الذي أثار الاهتمام البالغ بخطابه الهادئ الرصين والقوي ، وتاكيده على ضرورة مكافحة الإرهاب أولاً لحماية شعب سورية ووقف نزيف الدم السوري ،لأن  الوفد يضع سورية وشعبها في أولوياته ، بينما كان طرح وفد المعارضة غير واقعي ومثير للسخرية  .
وللحقيقة أن قرار الإدارة الأمريكية تجديد دعمها للجماعات الإسلامية المعتدلة وفق منظورها ، تزامن مع رفض ما يسمى وفد المعارضة المشارك في مؤتمر "جنيف2" كرد على البيان الرسمي الحكومي السوري بمكافحة الإرهاب وضرورة التعاون الدولي واجتثاثه من جذوره .
إن سورية بجيشها ونظامها وشعبها أبلت بلاءً حسناً في المعركة الضارية ضد قوى الظلام والتطرف وعصابات الإرهاب،  كجبهة النصرة وداعش وسواها ، وضربوا مثلاً رائعاً في الصمود والمواجهة والتصدي طيلة الثلاث سنوات الماضية ، وخاض السوريون معركة إعلامية  ناجحة ومقنعة ، مؤكدين خلالها  أن شعب سورية البطل يتعرض لأبشع حرب إرهابية لم يشهدها التاريخ من قبل ، وإن سورية ونظامها يواجهون هذا الإرهاب التكفيري نيابة عن العالم .
وفي النهايه ، إننا لعلى ثقة بأن سورية المقاومة ووأد الفتنة على أرض الشام ، هي المنتصرة في حربها الضروس ضد جماعات وعناصر القاعدة والإرهاب ، لتبدأ عمليات الإصلاح والبناء وصنع المستقبل الديمقراطي .وحمى الـلـه سورية من قوى الشر والعدوان  ، التي لا تريد لهذا الوطن أن يزدهر ويتطور ، وتعمل على تجزئته ليبق في غياهب التاريخ .

حياة وليد المعلم في خطر ..!/ جمال قارصلي

إن "الخدمة" التي قدمها وزير خارجية "النظام" وليد المعلم للمعارضة السورية لا تقدر بثمن ولو دفعت له المعارضة ما يعادل وزنه من الذهب (رغم كبر وزنه) وشكرته لمدة أيام وليالي متواصله فلا تستطيع أن ترد له ما قدمه لها من معروف وجميل. ما قام به وليد المعلم أثناء الجلسة الإفتتاحية لمؤتمر جنيف2 كان يشبه ما يقوم به الفيل في متحف للزجاج لأنه كان في كل حركة يقوم بها يكسر شيئا من الزجاج الديبلوماسي. بتصرفه هذا أعطى "المعلم" للعالم الصورة الحقيقية "لنظامه" وكيف يفكر هذا "النظام" وكيف عامل هذا "النظام" مواطنيه ولعقود طويلة وما هي أسباب إنتفاض الشعب السوري بثورته هذه لنيل حريته وكرامته. 
كلمة وليد المعلم كانت مكتوبة وطويلة جدا وكان عليه أن يقرأها كاملة وأن لا يترك حرفا  واحدا من هذا الكلام "الجميل والرنان" لأن توجيهات "القصر" كانت هكذا. للأسف نسي "القصر" بأن حنك وليد المعلم فيه كثير من الرخاوة ومهما قام بشده فسيبقى رخوا. ومن الواضح بأن هنالك من نصحه بأن يظهر بمظهر الرجل الشجاع والواثق من نفسه. بناء على هذه النصيحة أراد أن يسجل موقفا "بطوليا" أمام الرأي العام العالمي عندما تهجّم على وزير خارجية الولايات المتحدة الأمريكية, جون كيري, فكانت نتيجة تصرفه هزيلة ورزيلة ووقحة ولا تتناسب مع الأعراف الديبلوماسية. 
هذه الأخطاء الجسام تجعلني بأن لا أستبعد كثيرا بأن تقوم أجهزة أمن "النظام" بإعتقال وليد المعلم أو تصفيته أو إبعاده عن المشهد السياسي والديبلوماسي إذا ما رجع إلى دمشق.
حسب تصوري, أصبح كل أعضاء وفد "النظام" المفاوض في جنيف الآن قي خطر لأن كميرات الصحفيين كانت تفضح المستور وعلامات التوتر والتشنج كانت واضحة عليهم جميعا وكأنهم كانوا جالسين في مأتم وليس في مؤتمر من أجل إنقاذ الوطن والمواطن السوري. مظهرهم كان يوحي وكأن قوة ما كانت قد شدت كل واحد فيهم من إذنه وجلبته إلى مقعده وقالت له: أجلس! هذا مكانك ولا .. ولا ... وعليكم البقية. أما ضحكة "جميلة الوفد", لونا الشبل, فكانت مثل صرخة المطرب علي الديك وهي مسجلة كرنة هاتف جوال في مجلس عزاء وصاحب هذا الهاتف لا يعرف كيف يستطيع أن يكتم هذه الرنة التي تأتي في توقيت مناقض للأجواء السائدة. أما عملية التسمم بواسطة الكحول والتي حصلت مع الجعفري فلا نعلم ما هي أسبابها, فهل حصلت كنتيجة لحالة اليأس التي وصل إليها الوفد المفاوض أم كانت عملية إنتحار فاشلة؟
الآن أصبحت ليس فقط حياة وليد المعلم في خطر بل حياة كل أعضاء الوفد المرافق له لأن التوتر بين أعضاء الفريق كان واضحا وكان ينعكس كذلك على تصرفاتهم وحتى على حركاتهم ولغتهم الجسدية. 
كل عضو من أعضاء الوفد يعرف جيدا بأن عليه أن يكتب تقريرا مفصلا إلى أسياده حول كل ما جرى في هذا المؤتمر بعد رجوعه إلى سورية وفي هذه الحالة سيحاول كل واحد منهم أن يبريء نفسه وأن ينقذ روحه من الأخطاء التي حصلت في هذا المؤتمر وأن يقوم برمي اللوم على الآخرين.
إنني أرى, ومن دوافع إنسانية, أن يتم عرض اللجوء السياسي أو الإنساني من قبل إحدى الدول الأوربية على كل أعضاء وفد "النظام" السوري من أجل إنقاذ حياتهم لأن "معلمهم" في دمشق واصحاب القرار هناك سيغادروا البلاد عاجلا أم آجلا إلى مكان ما في هذا العالم وبهذا تكون هذه الدول قد ساهمت في حق دماء السوريين وساعدت في التوصل إلى حل مناسب للأزمة السورية. على الأعضاء الرئيسيين في وفد "النظام" أن لا يماطلوا كثيرا وأن يستغلوا الفرصة السانحة الآن لأن بعض أعضاء الوفد الغير مهمين أخذوا بهذه الفكرة وكما يقال, ونفذوا بريشهم. فما عليّ هنا إلا أن أقول: اللهم إني بلغت. 

نائب ألماني سابق من أصل سوري 
25.01.2014 

النجف تهدم الفلوجة، حرب المدن المقدسة/ أسعد البصري


ماذا يريد الشيعة من مدينة الفلوجة بالذات ؟ . إنه قرار من المراجع الكبار في النجف لهدم الفلوجة و إبادتها عن بكرة أبيها في حرب مقدسة ، وليس كما يشاع بأنها مجرد مغامرة سياسية و دعاية إنتخابية عابرة من رئيس الوزراء السيد نوري المالكي . 

النجف تريد بالفلوجة ما أرادته روما بقرطاج القديمة ... الإجتثاث والمحو من الوجود . 

قرطاج القديمة دمرتها روما ( ١٤٦ ق . م ) بمرسوم إمبراطوري شهير " قرطاج يجب أن تُدمر " ..... بعد ثلاث سنوات من الحصار والقتال انهارت قرطاج في صباح يوم ربيعي جميل ، و دخل الفرسان الرومان المدينة . 

خمسة و ثمانون ألف محارب روماني مدرب عبروا المتوسط عبر شمال أفريقيا و سيطروا على ساحل قرطاج . ثلاث سنوات من الحرب والحصار جعلت قرطاج أضعف من أن تقاتل ، الجوع والمرض أباد نصف المدينة . 

وحده حفار القبور كان يتجول بمشقة من باب إلى باب لجمع الأموات . الجيش الروماني أحرق المدينة شارعا شارعا ، و بيتا بيتا إلى درجة أن الصخور احمرت ... سبعة عشر يوما و جيش الغزاة ينتظر حتى خمدت النيران ثم استغرق هدم الجدران عاما كاملا حتى استوت المدينة بالأرض . 

حياة آلاف القرطاجيين و كنوزهم و مكتبة المدينة كل ذلك تحول إلى غبار . قرطاج القديمة ذلك الإسم الشهير ماذا نعرف عنها الآن ؟ . لا شيء على الإطلاق . وهو بالضبط ما أرادته روما . 

أوامر الإمبراطور الروماني كانت واضحة تنفيذ حكم الإعدام بالمدينة ، عدم ترك شيء ، لا بناية واقفة ولا إنسان حيّ لأن روما كانت تشعر بالغيرة من هذه المدينة التي نافستها على الثراء الدنيوي . كما تنافس الفلوجة اليوم مدينة النجف على الثراء الروحي والشرف . 

المدن تغار من بعضها البعض . 

لا يمكن للنجف ترك الفلوجة تصبح هي المدينة المسلمة الأكثر قداسة في العراق .

وزير الدفاع الأمريكي السابق دونالد رامسفيلد في مذكراته كتب تحت عنوان علاقة قوية " قدمنا هدية لأصدقائنا في العراق على رأسهم السيستاني قدرها 200 مليون دولار، وبعد قبول السيستاني للهدية أخذت علاقاتنا معه تتسع أكثر فأكثر" . 

الفلوجة تلك المدينة التي لم ترضخ للإحتلال ولم تساوم على القرآن والإيمان لا يمكن للنجف ترك حكايتها على قيد الحياة . لا يتحمل التاريخ ولا الجغرافيا رجال إيمان و إسلام في الفلوجة أكثر قداسة من مراجع النجف . الصعود المخيف لمدينة مقدسة كالفلوجة يهدد المكانة الروحية العظيمة للنجف ، لهذا بقاء الوجدان المقدس للنجف يتطلب هدم الفلوجة و ردمها . 

" قرطاج تقدم أطفالها قرابين للآلهة و تذبحهم باستمرار لأنهم يعبدون آلهة متعطشة للدماء " هذا كل ما تركته روما عن قرطاج . وربما قطع الرؤوس ، و داعش ، و أكل لحوم البشر ، و كراهية أهل البيت هو كل ما ستتركه النجف عن الفلوجة . 

"ستقع الكثير من الخسائر ، لكننا مضطرون لدخول الفلوجة " هذا ما قاله السيد نوري المالكي - رئيس الوزراء العراقي . الحملة العسكرية على الأنبار ستزيد من التطرف ويحصل السيد نوري المالكي على الشعبية التي يريدها ك مختار جديد للعصر ، و على دعم المحافل الدولية ... فلا أفضل من الإرهاب السني لتحرير صكوك غفران للمشروع الصفوي . 

منعت قوات الجيش دخول سيارات وزارة التجارة الخاصة بنقل مواد الحصة التموينية إلى محافظة الأنبار والمتضمنة مواد الزيت والسكر والرز. وقال المسؤولون عن التوزيع في المحافظة إن القافلة المكونة من خمس عشرة سيارة محجوزة منذ ثلاثة أيام عند الجسر الياباني قرب منطقة الصقلاوية، حيث يمنعها الجيش من الدخول . 

آية الله السيد حسين الصدر يقول في بيانه الصادر البارحة الكآبة مخيمة على العراق عموما بسبب أحداث الأنبار . لماذا يشعر العراق بالكآبة ؟ . لأن العراقي يقتل العراقي ؟ أم لأن الحكومة الطائفية في العراق و بتحريض من إيران تقوم الآن بممارسات و جرائم لا إنسانية كبيرة ، ستجلب المزيد من الكراهية والعزلة النفسية للشيعة . 

الكآبة واضحة على العراقيين ...السنة العرب في العراق اليوم بمثابة تأنيب في ضمير العراق ، الشاعر المعروف عريان السيد خلف يقول للحكومة الشيعية " شارتنه گبل توصل السابع جار / هَسّه احنه النخاف تلوحنه الشاره " . 

النجف اليوم تنقض على الفلوجة آخر المدن العراقية المقدسة و تحاصرها تمهيدا لهدمها 

صلاح الدين الأيوبي مدفون في دمشق و مولود في تكريت/ أسعد البصري

الحكومة العراقية الحالية جاءت على أساس تحالف أمريكي - إيراني ، بحيث تحرك رجال مثل كنعان مكية و أحمد الچلبي و غيرهم بما يمتلكون من اتصالات مخابراتية ببريطانيا وأمريكا و إسرائيل لإقناعهم بجلب الأحزاب الشيعية الطائفية التي شكلها الخصم التقليدي السابق ( إيران ) لحكم العراق بديلا للرئيس صدام حسين وهكذا تمت الصفقة . 

الآن هناك صفقة مع المرجع الشيعي الأعلى السيد علي السيستاني وإيران جلبت حزب الدعوة و المجلس الأعلى و غيرها من التنظيمات الطائفية لحكم العراق بعد تفكيك مؤسسات الدولة العراقية خصوصا الجيش والمدرسة والتعليم العالي تماماً كما صمم الأستاذ حسن العلوي في كتابه "الشيعة والدولة القومية " حيث بشر بأن الدولة العراقية التي تأسست باحتلال بريطاني منذ ١٩٢٠م و حتى الإحتلال الأمريكي عام ٢٠٠٣ م هي في الحقيقة دولة عثمانية قائمة على حكم قومي سني معادي للشيعة . 

على هذا الأساس تم طرد السنة واجتثاثهم من الدولة والجيش والمؤسسات الأمنية والتعليم العالي ....

السنة هم مقاومة لأمريكا يعتبرونهم إرهابيين و قاعدة و أعداء ٤٥٠٠ قتيل أمريكي ، و ٣٢ ألف جريح ، و ثلاثة تريليونات من الدولارات بسبب المقاومة العراقية الشرسة للإحتلال .

السنة أيضاً أعداء لإيران و نواصب يجب إبادتهم لأنهم مسؤولون عن حرب الخليج الأولى ١٩٨٠-١٩٨٨م التي حصدت خيرة شباب إيران وكلفتهم تعطيل نهضتهم الخمينية . 

وهم أيضاً أعداء للكويت وعليهم وحدهم ربما تقع مسؤولية غزوها لهذا تحالفت الكويت مع إيران وساهمت في إقناع الدوائر الغربية بالبديل الشيعي الطائفي ( عقوبة للسنة ) و استقبلت محمد باقر الحكيم ( اغتيل بتاريخ ٢٩/٨ / ٢٠٠٣م ) عدة مرات على أعلى المستويات في تسعينات القرن الماضي ، و دعمته بكل الوسائل الدبلوماسية والمالية . استند السيد الحكيم حينها على موقف أبيه المرجع الشيعي الأعلى السيد محسن الحكيم الذي عارض محاولة الزعيم العراقي عبد الكريم قاسم ضم لكويت بالقوة سنة ١٩٦١م إلى العراق وصرح عندها الكتاب الشيعة بأنهم حائرون بالتخلص من سنة البصرة الغنية بالبترول ، وغير مهتمين بضم المزيد من السنة إلى جنوب العراق .

السنة العراقيون أيضاً مسؤولون عن العداء مع البعث السوري ، لهذا تحالفت المخابرات العلوية في سوريا مع المخابرات الإيرانية في مشروع تشويه وجه المناطق الغربية و بناء معسكرات في الأراضي السورية للإرهاب والقاعدة و تفجير المواطنين لتأليب الشارع الشيعي ضدهم ، بحجة مقاومة الأمريكان ، إضافة إلى انشقاق البعث و تضليل البعثيين العراقيين . 

هذا هو باختصار وضع السنة العراقيين من عام ٢٠٠٣م إلى عام ٢٠١١م حين انسحب الإحتلال الذي 
كان يضرب المناطق السنية بالنابالم والفسفور الأبيض ويداهمها بفرق الموت الخاصة ، ويغتصب ويعذب في السجون . لم يرحل الإحتلال قبل تدريب فيلق شيعي عراقي تابع لوزارة الدفاع الإيرانية هو (فيلق بدر ) و دمجه في فرق خاصة بقمع المناطق السنية هي فرق الموت . 

هذا وضع صعب للغاية و مستحيل لأن الشيعة والأكراد اتفقا على تلبيس الميراث الثقيل لنظام الرئيس صدام حسين كله برأس طائفة واحدة . لعشر سنوات دفعت العوائل السنية فلذات أكبادها بصمت و اختناق ، تهجير بمئات الآلاف و تفريغ لبغداد من أحياء بأكملها دون أية ضجة إعلامية بسبب تهمة الإرهاب ... كانوا يخافون حتى استلام جثث أبنائهم من المستشفيات في بغداد بسبب حوادث الخطف التي حدثت بين عامي ٢٠٠٦م و ٢٠٠٨م . جريمة هؤلاء الناس الوحيدة هي أنهم لا يعرفون رأسا آخر لهم سوى الدولة العراقية وحين انهارت الدولة حدث لهم ما حدث لفرنسا بعد الثورة الفرنسية الشهيرة ( ١٧٨٩م - ١٧٩٩م ) حيث فقدوا رأسهم و أصابهم التشرذم والصدمة والجنون والتطرف . 

سلسلة جهنم الملفوفة حول رقبة السني العراقي انكسرت عام ٢٠١١م بانطلاق الثورة السورية العظيمة المذهلة على النظام العلوي حليف إيران . هنا انشغلت المخابرات السورية بنفسها فتنفست المنطقة الغربية العراقية الصعداء ، وبدأ التنسيق والإتصال خارج المركز الصفوي القاتل : بغداد ..... نحن مدينون للشعب السوري العظيم بوجودنا و حياتنا ، وإلا أين كان السنة العراقيون قبل الثورة السورية ؟ . لماذا لم يسمع بهم أحد ؟ . كانوا في السجون السرية و في الجانب الآخر من القمر الإعلامي . كانوا لعبة بيد المخابرات السورية . 

كان على السنة القيام بكل تلك الإعتصامات المليونية السلمية لإيصال صوتهم المكبوت إلى العالم بطريقة مسموعة و مقبولة وهكذا كان ، فقد أخذت تلك المحافظات وقتها في التظلم وشرح مأساة الناس ومخاطبة المنظمات العالمية والعربية وإقناع الرأي العام العالمي والمنظمات الإنسانية ... هذا مهم قبل الشجاعة ... إنه سير على حبل ، و في حقل ألغام ..... .


عائدات العراق النفطية سنويا مئة و عشرون مليار دولار تذهب للمشروع الشيعي الإيراني و دفع فواتير صفوية عدوانية . 

لقد فشل الشيعة في بناء دولة مشاركة وطنية بل خلال عشر سنوات مزقوا الروح الوطنية الناشئة 
في العراق بالدعاية الدينية المذهبية في الشارع والإعلام ، وبالتبعية الواضحة الصريحة الدينية والوجدانية والرمزية لإيران .

لأول مرة يتم عزل السني العراقي بهذه القسوة ، وتركه وحيدا يكتشف بأنه مجرد سني مستهدف ، هذا بات صراع أرحام و وجدان لا صراع مصالح و مكاسب . وكأن السني العراقي غير مدعو للمشاركة في بناء بلاده وثقافتها بل هو أصبح كهندي أحمر منقرض ...

ولأننا مدينون للشعب السوري العظيم بحياتنا أستغرب من خوف القادة العراقيين السنة من أي تصريح أو دعم للشعب السوري البطل . قبل عامين أنزل الشيخ علي الحاتم أحد ثوار سوريا الأبطال من منصة الإعتصام ومنعه من الكلام عن معاناة شعبه ... هذا موقف غريب حقاً . 

أكتب للشعب السوري العظيم الآن والقنابل تنهال كالأمطار على الفلوجة ، والموت يهاجم الرمادي وكل مدن الأنبار وعشائرها بسبب قرار رئيس الوزراء العراقي بشن حملة عسكرية على معارضيه في هذه المدن . 

المشروع الشيعي الآن في حالة اختناق فقد التهم لقمة أكبر بكثير من قدرته على المضغ وعما قريب لابد وأن تسقط دمشق أولا من فمه .لقد رأينا فيما مضى قتلى عراقيين مع النظام السوري . و في المستقبل سنرى شهداء عراقيين يدافعون عن الشعب السوري الماجد ، ويسقطون تحت أسوار دمشق و بوابات الجامع الأموي. 

صلاح الدين مدفون في دمشق ولكنه مولود في تكريت .... حين ينتصر هذا الشعب السوري العظيم سيتذكر ذباحيه الطائفيين ، كما أنه سيتذكر الذين دافعوا عن أرضه الطاهرة وقاسموه التهجير ، والقصف ، والإجتثاث الفارسي 
دمشق سرة العرب والمسلمين .... مرتبطة بشرايين وأعصاب القاهرة والعراق و اسطنبول و جزيرة العرب لا يمكن لإيران اختطافها ..... مستحيل 
دمشق طريق القوافل الذي تاه فيه مجنون ليلى و مجانين الله 

يا دمشق : 
" ويجمعنا فيكِ سوء المصير 
وما ضمنا في الأذى والمصابْ " 
كمال ناصر 

افرجوا عن الصحفي الاسترالي العالمي بيتر جريست/ ناجي أمل الوصفي


Australian journalist Peter Greste
RELEASE HIM IMMEDFIATELY!
BY Nagui-amal Elwasfi

الجالية المصرية في استراليا بقيادة رابطة الجالية المصرية الأسترالية ومنسقها الدكتور مصطفى راشد تناشد المسئولين المصريين في أستراليا بقيادة سعادة السفير حسن الليثي التدخل ومطالبة الحكومة المصرية بالافراج الفوري عن المواطن الأسترالي والصحفي العالمي المعروف بيتر جريستس فورا.

ويؤكد ناجي-أمل الوصفي (كاتب هذا المقال) أن السيد بيتر هو صحفي أسترالي يمارس عمله كصحفي وليس له علاقة من قريب أو بعيد بتنظيم الإخوان المسلمين. وفي الوقت الذي يطالب فيه الصحفييون المصريون في أستراليا بالافراج عن زميلهم المعتقل في وطنهم الأم، فهم أيضا يؤكدون أن هذا المطلب ليس معناه معاداة للحكومة المصرية وليس تدخلا في شؤنها ولكنه مطلب ينبع من الضمير والوجدان ومن الحرص العميق على مصلحة مصر وحمايتها من الدخول في عداءات لن يستفيد منها إلا القوى الظلامية.

Peter Greste is an Australian journalist. He has been arrested on December 29, 2013 by the Egyptian authority. He is now in a solitary confinement. This article is to explain to the relevant authority in Egypt why it is in the best interest of Egypt to treat him well and release him immediately.

1-Peter Greste is not just an Australian journalist, he is now an international figure and the news of his arrest have been reported all over the English-speaking world. In other words, the Egyptian authority is on notice, if any harm befalls him, Egypt which is so far had no enmity with any Western country, will be classified as a hostile nation. 

2- Peter Greste ( 46-year old) was charged with collaborating with the Muslim Brotherhood Organisation that has been declared by the Egyptian government to be a terrorist organisation. Even if... even if we, for the argument sake, agree with the allegation... even if we hypothetically assume that he did what he was charged with, it is still in the best interest of Egypt to release him immediately. Why? Because by incarcerating him, Egypt’s gain is Zero; and by treating him well and releasing him, Egypt will gain the reputation of being a modern and friendly society where everyone can go knowing that he will be in a safe country that protects foreigners and respects human rights. 

3- As an Egyptian-Australian citizen who has been imprisoned in 1971 in Egypt and tortured by Saddat’s regime for nine month without charge or trial for nothing more than writing an article in a Wall-magazine, I call upon the honourable Egyptian Ambassador Mr. Hassan Aleithy to intercede with the Egyptian government so that the release of our colleague Peter Greste can be arranged immediately and thus maintaining the strong ties between the two countries.

4- The Egyptian community in Sydney headed by Dr. Moustafa Rashed the coordinator of the Egyptian Community Association is deeply concerned about what had been reported in the Australian Newspaper which runs like this:
((((Greste was told on Thursday (Jnauary 16, 2014) by the prosecutor general that his initial 15-day detention would be continued for a third time to give investigators more time.
“He can do this indefinitely, one of my prison mates has been behind bars for six months without a single charge,” he  [Peter Greste] wrote from his cold prison cell.))))
5- Peter Greste is a journalist. His job is to report he news. There is no such a thing as objective report. Every Journalist has his own subjective point of view. Ibrahim Essa (a leading Egyptian Journalist) has his and Peter Greste has his own. And thus, arresting a journalist on the ground that his report is sympathetic to this or that party is an anti-social and anti-democratic measure and should not be allowed to continue.
6- Peter Greste is a secular journalist and the last thing people would buy about him is that he is harbouring a fanatic Islamic point of view. 
7- Keeping our colleague Peter Greste in prison will only be conducive of the idea that what had happened in Egypt on June 30 was a military coup d’état, an idea that will eventually create a reason for NATO to discuss the possibility to bombard Egypt as they did in Libya. We DO NOT want to give NATO a reason to exercise and test its satanic and diabolical weapons in Egypt. 
Egyptian journalists in Australia and the Association of the Egyptian-Australian Community in Sydney is hereby entreating the Egyptian Authority to treat their colleague well and effect his release immediately. 

واشنطون والقوة البحرية المتنامية للصين/ د. عبدالله المدني

مما لا جدال فيه أن الإقتصاد الصيني الصاعد بقوة يحتاج إلى ما يحمي الممرات المائية التي تمده بمستلزماته من الطاقة عبر المحيط الهندي وبحري الصين الجنوبي والشرقي، والتي تعبر من خلالها أيضا صادراته المتنوعة إلى العالم الخارجي، ولا سيما إلى دول الشرق الأوسط وأوروبا. ومن هنا لم يكن مستغربا لجوء بكين إلى الإنفاق بسخاء على أساطيلها العسكرية البحرية من أجل هذا الهدف، وإن لم تقل أنها تستهدف الهيمنة على تلك الممرات. غير أن واشنطون وحلفاءها في المنطقة يرون خلاف ذلك، ويخشون من تعاظم القوة البحرية الصينية إلى حد فرض بكين لرؤيتها الخاصة فيما يتعلق بحرية الملاحة البحرية والجوية أيضا في المناطق المحاذية لها. 

ولعل التحرشات التي حدثت مؤخرا بين السفن الحربية الإمريكية والصينية في بحر الصين الجنوبي، معطوفة على قرارات بكين بفرض منطقة حظر جوية محددة في المنطقة ينبيء بما لا يسر. صحيح أن إشتباكات مسلحة لم تحدث إلى الآن بين الأطراف المتصارعة على النفوذ في الباسفيكي، وصحيح أن الصينيين فرضوا أمرا واقعا على الأرض قبلت به على مضض كل من واشنطون وطوكيو لكن إحتمالات التصادم واردة خصوصا في ظل التواجد العسكري الكبير للبحرية الإمريكية هناك، فضلا عن التنافس المعلن بين طوكيو وبكين ودول آسيوية أخرى. ومن جانبها تعلم بكين جيدا أنها – على الأقل في الوقت الراهن – لا تملك الإمكانيات والخبرات التي يتمتع بها خصومها، لذا تعتمد على الاتصالات معهم لتفادي أسوأ السيناريوهات. 

وأفضل مثال على صحة ما نقول هو ما حدث في أواخر العام المنصرم حينما إقتربت حاملة الصواريخ الأمريكية الموجهة "يو إس إس كاوبين" بقواتها التي تجاوزت عشرة آلاف عنصر من حاملة الطائرات الصينية "لياونينغ". في هذه الحادثة زعم الامريكيون أنه وجب عليهم إتخاذ إجراءات طارئة لتفادي الإصطدام بالحاملة الصينية، بينما إتهم الصينيون الأمريكان بتعمد التحرش بـ "لياونينغ" وقيامهم بعمل استفزازي، مضيفين بصريح العبارة أنه "لو قامت القوات الإمريكية البحرية أو الجوية في المستقبل بالإقتراب من عتبة الباب الصيني فإن التصادم بين الطرفين سيقع لا محالة". وفي محاولة من بكين لشرح الحدث للعالم الخارجي أوضح وزير الدفاع الصيني أن سفن البحرية الامريكية والصينية كانت على وشك الإلتحام في بحر الصين الجنوبي لكن السيناريو الأسوأ تم تفاديه عبر إتصالات اللحظة الأخيرة.

في تحليل سياسي نــُشر مؤخرا في صحيفة "ساوث تشاينا مورنينغ بوست" ربط كاتبه ما بين تعاظم القوة البحرية الصينية وخطاب الرئيس الصيني السابق "هو جينتاو" حول "الحلم الصيني من جهة وبين السياسات الآسيوية للرئيس الأمريكي أوباما والمتمحورة حول التصدي للصعود الصيني بالتعاون مع حلفاء بلاده في إستراليا وسنغافورة والفلبين واليابان وكوريا الجنوبية من جهة أخرى.

ومما جاء في هذا التحليل أنّ الصين، كدولة وحضارة قديمة، مستوعبة تماما لنظرية "ماهان" – نسبة إلى القبطان البحري الامريكي "ألفريد ماهان" الذي وضع كتابا في عام 1890 حول نفوذ القوة البحرية عبر التاريخ وقال فيه أن قوة الإمبراطوريات القديمة لم تكمن في إخضاعها لعمق الأراضي في أوراسيا وإنما في سيطرتها على مياه المحيطين الهندي والباسفيكي وضفافها التي سهلت لها الوصول إلى أعماق آسيا الوسطى – وأن الصين مستوعبة أيضا لمضمون إستراتيجية التعاون من أجل نفوذ بحري في القرن الحادي والعشرين (إستراتيجية وضعتها الإدارة الامريكية في عام 2007 وإتخذ منها السيد أوباما محورا لسياساته الآسيوية).

ومما يجدر بنا ذكره في هذا المقام أن "بيب إيسكوبار" مؤلف كتابي " العولمة: كيف يتحلل العالم إلى حروب سائلة" و"أوباما يصنع غلوبالستان" أضاف إلى التحليل السابق قائلا أن الصين تعتمد في استراتيجياتها اليوم على نظرية "سبايكمان" – نسبة إلى "نيكولاس سبايكمان" مؤسس معهد الدراسات الدولية في جامعة يال الإمريكية في عام 1935 ، وصاحب المبدأ القائل بأن دول جنوب آسيا، وجنوب شرق آسيا، والصين، واليابان، والشرق الأوسط لا تعتبر مناطق عمق وإنما مناطق حواف وضفاف لمن يريد إمتلاك مفاتيح النفوذ والقوة في العالم، والقائل في عام 1942 في كتابه "إستراتيجية أمريكا في عالم السياسة: الولايات المتحدة الأمريكية وتوازن القوى" إنّ الصين إنْ تعسكرت فسوف لا تمثل تهديدا لليابان فحسب وإنما أيضا للنفوذ الغربي في البحر الأبيض المتوسط  وغيرها من البحار التي تتوسط العالم، "وبعبارة أخرى فإنه من المحتمل أن نتصور يوما تكون فيه البحار ليست خاضعة للقوة البحرية البريطانية او الامريكية او اليابانية وإنما للقوة البحرية الصينية المدعومة بقدرات جوية".

وإذا صح ما قاله إيسكوبار فإن الأمر لن يكون غريبا على كل دارس للتاريخ الصيني. ذلك أن الصين إعتنقت شيئا من هذه النظرية في القرن الخامس عشر الميلادي حينما برزت كقوة بحرية بفضل جهود أدميرالها الموهوب "زينغ" الذي قاد الأساطيل البحرية الضخمة لسلالة "مينغ" الإمبراطورية إلى السواحل والشواطيء البعيدة عبر المحيطين الهندي والباسفيكي.

والحقيقة التي لا مناص من الاشارة اليها في هذا السياق أن الصين لم تكن لتركب موجة الانفاق العسكري الضخم على قواتها البحرية (وأيضا الجوية)، بل لم تكن لتتخذ مواقف متصادمة مع الموقف الإمريكي في مجلس الأمن الدولي، لولا سياسات اوباما التي أفصح عنها منذ اليوم الأول لوصوله إلى البيت الأبيض والقاضية بتحويل البوصلة الامريكية من الشرق الأوسط إلى الشرق الآسيوي أي إلى مجال النفوذ الحيوي للصين، معطوفة على قيام الجوقة الإعلامية العاملة في إدارته بإستهداف الصين وإنتقادها في كل شاردة وواردة للحط من شأنها على نحو ما حدث مرارا فيما يتعلق بملفها حول حقوق الإنسان، أو بخلها في مد يد العون لجاراتها الآسيويات أثناء الكوارث الطبيعية، أو طريقة إدارتها لجزيرة هونغ كونغ.

وتخطيء واشنطون كثيرا إنْ إعتتقدت أنها بمثل هذه السياسات ستــُسقط الصين أو تجحمها أو تفتتها كما فعلت مع الإتحاد السوفيتي السابق. ذلك أن الوضعين مختلفين تماما، فضلا عن حقيقة أن شرارة سقوط الإتحاد السوفيتي بدأت من دول أوروبا الشرقية التي كانت تدور في فلكه، بينما لا توجد للصين كتلة شرقية تهيمن على قدراتها وتكبل أبناءها، وإنْ كانت هناك جماعات صينية داخلية ترنو إلى الديمقراطية والحريات وتخلق المتاعب من وقت إلى آخر.

د. عبدالله المدني
*باحث ومحاضر أكاديمي في الشأن الآسيوي من البحرين
تاريخ المادة: يناير 2014 
الايميل: Elmadani@batelco.com.bh

إسرائيل تجتاح آسيا من البوابة الفلسطينية/ نقولا ناصر

(الاحتفال السنوي ب"استقلال إسرائيل" في فيتنام، التي كانت ثورتها منارة يهتدي بها ثوار فلسطين من أجل التحرر وتقرير المصير، قد يكون هو المثال الأبرز على الحصاد الدبلوماسي المر لاستراتيجية التفاوض الفلسطينية)

لقد كان رئيس وزراء كندا ستيفن هاربر خلال زيارته الأخيرة لدولة الاحتلال الاسرائيلي إسرائيليا أكثر من الإسرائيليين، ومن المؤكد أن بضع عشرات ملايين الدولارات التي تقدمها بلاده كمساعدة للسلطة الفلسطينية في رام الله ليست ثمنا كافيا للصمت الفلسطيني الرسمي على التصريحات العنصرية والاستفزازية والمهينة للشعب الفلسطيني التي أطلقها خلال زيارته ولا على انحيازها السافر لدولة الاحتلال منذ تولى مقاليد الحكم فيها، وهي تصريحات وهو انحياز جديران بإغلاق كل الأبواب الفلسطينية في وجهه.

لكن استقبال الرئيس الفلسطيني محمود عباس له كان مناسبة تذكر من ناحية بالإرث الكارثي الذي تركته الاتفاقيات الموقعة بين منظمة التحرير الفلسطينية وبين دولة الاحتلال على المكانة الدولية للقضية الفلسطينية ولممثلها "الشرعي والوحيد"، وتذكر من ناحية ثانية بالعلاقات الدولية الاستراتيجية التي جنتها دولة الاحتلال من توقيع تلك الاتفاقيات، وتذكر من ناحية ثالثة بقول الشاعر: "من يهن يسهل الهوان عليه"!

إن إعلان السنة الحالية 2014 عاما لتضامن الأمم المتحدة مع الشعب الفلسطيني، وتأييد 138 دولة لقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 67/19 بمنح فلسطين صفة دولة غير عضو فيها في 29/11/2012، في ذات التاريخ الذي تعتمده المنظمة الأممية يوما سنويا للتضامن مع عرب فلسطين، وقول الرئيس عباس في العام السابق إن 128 دولة كانت تعترف بدولة فلسطين، إنما هي حقائق لا يمكن إغفالها أو عدم تقدير الشعب الفلسطيني لها ولأصحابها.

لكنها حقائق ترسم صورة زاهية للتضامن الدولي مع فلسطين تخفي الفشل الدبلوماسي الذريع الذي تمخض عن استراتيجية التفاوض التي يلتزم بها مفاوض المنظمة منذ انعقاد مؤتمر مدريد عام 1991 والاتفاقيات التي وقعتها المنظمة بعده مع دولة الاحتلال.

فهذه الاستراتيجية لم تسقط المقاومة الوطنية لدولة الاحتلال فحسب، ولم تسقط المقاطعة الاقتصادية والدبلوماسية العربية لها فقط، بل أسقطت المقاطعة الدبلوماسية والسياسية الدولية لها كذلك، ليبلغ عدد الدول التي تقيم علاقات دبلوماسية كاملة مع دولة الاحتلال الآن (157) دولة، منها دولتان عربيتان هما الأردن ومصر، ناهيك عن علاقات التمثيل التجاري والاتصالات الدبلوماسية غير الرسمية مع دول عربية عديدة أخرى.

والممثل "الشرعي والوحيد" لعرب فلسطين لم يعد يخيّر دول العالم بين علاقاتها مع ستة ملايين "إسرائيلي" وبين علاقاتها مع مليار ونصف المليار مسلم وعربي، ولم يعد موقف هذه الدول من دولة الاحتلال هو الذي يحدد علاقاتها مع فلسطين والدول العربية، بعد أن أعفاها مفاوض المنظمة من خيار صعب كهذا، من دون إغفال العوامل الأخرى الذاتية والموضوعية والمتغيرات الدولية المساهمة في ذلك طبعا.

وتثبت العلاقات الإسرائيلية المتنامية مع القارة الآسيوية ودولها الصاعدة بخاصة في الهند والصين أن انخراط منظمة التحرير في ما سمي "عملية السلام" قد أدخل دولة الاحتلال إلى آسيا من البوابة الفلسطينية.

والملاحظ أن الصين والهند مثلا لم تقيما علاقات دبلوماسية مع دولة الاحتلال إلا عام 1992، أي في السنة التالية لمؤتمر مدريد، ومثلهما فعلت الجمهورية السوفياتية السابقة كازاخستان، لتلحق بها عام ألفين دولة صديقة للشعب الفلسطيني مثل سريلانكا، على سبيل المثال.

لكن الاحتفال السنوي ب"استقلال إسرائيل" في فنوم بنه، عاصمة فيتنام، التي كانت ثورتها منارة يهتدي بها ثوار فلسطين من أجل التحرر والحرية وتقرير المصير، قد يكون هو المثال الأبرز على الحصاد الدبلوماسي المر لاستراتيجية التفاوض الفلسطينية.

فهل يعود مستغربا أن تتبجح بعد ذلك سفيرة دولة الاحتلال السابقة في تايلاند يائيل روبنشتاين بالقول إن "إسرائيل جزء من آسيا. نحن ننتمي إلى آسيا وننظر إلى آسيا كبيتنا" (فنوم بنه بوست في 3/7/2009)؟!

لقد حققت دولة الاحتلال من توقيع تلك الاتفاقيات انجازين استراتيجيين، الأول استعمارها الاستيطاني على الأرض الذي حظي وما زال بتغطية إعلامية واسعة، لكن الإنجاز الدبلوماسي الذي حققته بفتح أبواب القارتين الافريقية والآسيوية على مصاريعها أمامها ما زال مغيبا عن وعي الرأي العام الفلسطيني والعربي والعالمي  بالرغم من كونه أبعد وأعمق أثرا في دعم الاحتلال ودولته واستيطانه.

فعلى سبيل المثال، لقد أصبح حجم التبادل الاقتصادي والدفاعي بين دولة الاحتلال وبين الهند والصين وغيرهما من الدول الاسيوية يعود عليها بدعم مالي يكاد يعادل ما يقدمه لها راعيها الاستراتيجي الأميركي.

ففي العشرين من الشهر الجاري، ذكرت دائرة الإحصاء المركزية في دولة الاحتلال أن صادراتها إلى آسيا ارتفعت بمعدل (21%) من إجمالي صادراتها عام 2013 الماضي، أي أقل بواحد في المائة فقط من صادراتها إلى الولايات المتحدة. وفي سنة 2012 السابقة أصبحت الصين ثاني أكبر سوق أجنبي لدولة الاحتلال بعد الولايات المتحدة، وخلال النصف الأول من العام الماضي بلغ حجم التبادل التجاري الصيني مع دولة الاحتلال (10) بلايين دولار أميركي.

والعلاقات الهندية مع دولة الاحتلال اليوم "تشجع تعاونهما الاستراتيجي" كما كتب خلال الشهر الحالي د. يتسحاق جيربيرج الدبلوماسي السابق والأستاذ بجامعة حيفا في مجلة "دبلوماسي & فورين أفيرز" الهندية، التي تقرؤها النخبة الدبلوماسية والسياسية والاقتصادية في الهند. فالهند اليوم هي أكبر مشتر للأسلحة من دولة الاحتلال، وأكبر شريك عسكري لها، وأكبر شريك اقتصادي لها في آسيا بعد روسيا، وهذه "الشراكة" لا بد لها إن عاجلا او آجلا أن تحيّد، أو في الأقل أن تنعكس سلبا على، استمرار دعمها السياسي الرسمي والشعبي الثابت للشعب الفلسطيني.

لقد وصف القرن التاسع عشر بالقرن البريطاني الذي هيمنت فيه الامبراطورية التي لم تكن تغيب الشمس عن مستعمراتها، ووصف القرن العشرين بالقرن الأميركي الذي ورثت فيه امبريالية الولايات المتحدة الاستعمار البريطاني في الهيمنة العالمية، واليوم يوصف القرن الحادي والعشرين بالقرن الآسيوي أو بالقرن الصيني كونه يشهد صعود الصين والهند وروسيا كأقطاب عالمية في صنع القرار الدولي.

وفي القرون الثلاثة نجحت الحركة الصهيونية ثم ثم دولة الاحتلال التي أقامتها على حطام فلسطين وعربها في التعلق الطفيلي بأذيال القوى العظمى التي هيمنت عليها وسخرتها لخدمة مشروعها الاستعماري الاستيطاني في مركز الفصل بين مشرق الوطن العربي وبين مغربه، وكل الحقائق الراهنة تشير إلى أنها تكاد أن تكرر في "القرن الآسيوي" ما فعلته في سابقيه.

فهي تكاد أن تنجح في ذلك بمساعدة حيوية من استراتيجية التفاوض الفلسطينية، لتتحول "حقائق" التضامن الدولي المشار إليها إلى مجرد مظاهر لفظية للتضامن لا ترقى أبدا إلى علاقات دولة الاحتلال الاقتصادية والدفاعية والتكنولوجية المتنامية بتسارع لن يمضي وقت طويل قبل أن تتحول إلى علاقات استراتيجية مع قوى عظمى صاعدة في آسيا، بخاصة الهند والصين.

وقد كانت مفارقة ذات دلالة حقا أن يعلن الرئيس عباس في جنوب إفريقيا خلال مشاركته مؤخرا في جنازة الزعيم الراحل نلسون مانديلا  انه "لا نطلب من أحد مقاطعة إسرائيل" لأنه "لدينا اعتراف متبادل معها"في ذات الوقت تقريبا الذي دعت فيه "جمعية الدراسات الأميركية"، وهي الأقدم والأكبر في بلادها وتضم خمسة آلاف مؤرخ وباحث واكاديمي ومثقف، إلى مقاطعة الجامعات ومراكز الأبحاث في دولة الاحتلال.  

لقد كانت القارة الآسيوية حاضنة وداعمة تقليدية لفلسطين وشعبها وثورته المعاصرة قبل أن يعطيها مفاوض المنظمة ضوءا أخضر فلسطينيا يعفيها من موقف يمكن أن تكون فيه فلسطينية أكثر من "الممثل الشرعي والوحيد" للفلسطينيين في علاقاتها مع دولة الاحتلال، أو متضامنة أكثر من العرب مع أشقائهم في فلسطين.

ومفاوض المنظمة يفاوض اليوم وهو مجرد من سلاح المقاومة باختياره، وارتهانه للمظلة العربية لمفاوضاته قد حول هذه المظلة إلى سلاح للضغط عليه لا على دولة الاحتلال وداعميها، وبالرغم من رهانه على "تضامن " المجتمع الدولي، فإن إسقاطه لسلاح "المقاطعة" الدولية لدولة الاحتلال جرده من هذا السلاح كذلك.

* كاتب عربي من فلسطين   
* nassernicola@ymail.com

في الشأن اللبناني/ شاكر فريد حسن

يعيش لبنان حالة من عدم الاستقرار في خضم العواصف السياسية والتحولات الإقليمية والانقسام السياسي الداخلي والوضع الأمني السوري وتداعياته وانعكاساته على أوضاعه الراهنة ، ناهيك عن ارتفاع منسوب التوترات الأمنية واشتداد نزعات التطرف والعنف الأصولي ، واستمرار مسلسل التفجيرات الإرهابية في الضاحية الجنوبية التي  طالت مواقع ومقرات حزب اللـه ، وتقترفها عصابات التكفير ، فضلاً عن تعثر عملية الحوار وشلل الحكومة . 
لقد باتت الساحة السياسية اللبنانية رهينة التجاذبات والتدخلات السياسية الخارجية ، وبالتعاون مع بعض أقطاب النظام الرسمي العربي تحاول قوى الهيمنة الخارجية أن تلعب بورقة الطائفية لإشعال وإذكاء نار الفتنة فيها كي تحرق الأخضر واليابس  ، وذلك كجزء من مشروع التجزئة الاستعماري الامبريالي في المنطقة العربية الرامي إلى تقسيم البلدان العربية على الطريقة العراقية ، وإعادة رسم خريطة الشرق الأوسط الجديد .
لقد ترددت في الأيام الأخيرة في وسائل الأعلام المختلفة أنباء عن احتمالات تشكيل حكومة وفاق وطني ، وهذا الأمر بلا شك يصب في صالح النسيج الاجتماعي والسلم الأهلي ومصلحة الاستقرار الأمني والسياسي للشعب اللبناني .
إنهم يريدون الشر للبنان العريق بتاريخه وثقافته ، ويسعون لنسف وحدته ، ويريدونه أن يبقى ممزقاً ومنقسماً على نفسه ، تتآكله الصراعات والانقسامات الطائفية والمذهبية ، لكي يستكمل المشروع التفتيتي في المنطقة . ولذلك فأن الوضع الحالي يتطلب من اللبنانيين مزيداً من الوعي واليقظة ووضع مصلحة الوطن والبلد نصب أعين جميع القوى المتصارعة والمتنازعة لمنع التداعيات ، كما يقتضي تقديم التنازلات والتخلص من التعنت والإسراع في تأليف حكومة جديدة تتحمل مسؤوليتها التاريخية في مواجهة تحديات ومخاطر المرحلة المقبلة ، ولمحاربة قوى الشر والظلام والتكفير واستئصال جذورها من المجتمع اللبناني ومجتمعاتنا العربية . وما من شك أن قوة المقاومة والتأييد الجماهيري العارم لها يحمي لبنان والوطن العربي من الفتنة والتمزق الطائفي البغيض .

السلطة الخامسة/ جــودت هوشـيار

المدونات والمنتديات وشبكات التواصل الأجتماعي منابر حرة للتعبير عن الرأي والتواصل مع الآخرين ،  لكل من يتعامل مع الكومبيوتر ولديه أتصال بالأنترنيت ، ووسيلة للنقل الفوري لأخبار الحوادث من مواقعها مباشرة بجميع الوسائل التعبيرية المتاحة على الإنترنت ( نصوص، صور، مقاطع صوتية، مقاطع فيديو ) ، أو بهذه الوسائل مجتمعة . واحيانا يسبق المدون او المواطن الصحفي  وسائل الاعلام التقليدية في نقل الأخبار .
 التدوين وسيلة اعلامية جديدة غير تقليدية لا تخضع للرقابة ولا تعرف الخطوط الحمراء أو التابوهات ، سوى الرقابة الذاتية التي يضعها المدون بنفسه لنفسه ، أو التي تفرضها عليه قوانين بلده .

اذن . اين هو الحد الفاصل بين المدونين الهواة ونشطاء الأنترنيت وبين أولئك الذين جعلوا نقل الأخبارمهنة لهم أي الصحفيين ؟ . وهل هذا الحد موجود فعلاً ؟ .

لقد جرت ازاحة الصحافة التقليدية عن عرشها  بخطوات تدريجية ولكن متسارعة ومتواصلة .
 قبل حوالي عشر سنوات كان الأنترنيت لعبة غالية الثمن للميسورين ، ولم يكن أحد يتصور بأنها ستكون منافسة جادة للصحافة الورقية والراديو والتلفزيون ، ولكن كلما تطورت تكنولوجيا الانترنيت ،  اصبح الدخول الى الشبكة اسهل واسرع وأرخص وجرى الاعتماد اكثر على  مصدر عالمي جديد للمعلومات لا يحده حدود او رقابة ، ودخلت الصحف والمجلات  وقنوات التلفزيون والاذاعة الى الشبكة بتأسيس مواقع الكترونية لها  . ولكن ظهور مساحات مفتوحة للتعبير عن الرأي في المدونات و المتديات المستقلة ومواقع التواصل الأجتماعي ، اخذت تنتزع شيئاً فشيئاً من وسائل الاعلام التقليدية قسما من الجمهور. وجاء مشروع (web 2.0 ) ليسدد  ضربة أخرى لوسائل الأعلام التقليدية وأخذ يحتل قمة احصاءات المشاهدة على الشبكة العنكبوتية .

 وهذا المشروع بتكون من مجموعة من التقنيات والتطبيقات الشبكية الجديدة ،  التي أدت إلى تغيير سلوك الشبكة العالمية وذلك بالسماح للمستخدم  بأمتلاك قاعدة بينات خاصة به على الموقع بالإضافة إلى قدرته على التحكم بها وتزويده بأنظمة تفاعلية تسمح بمشاركته في تفاعل اجتماعي واسع النطاق مع المدونين والمتصفحين الآخرين ، وميزات أخرى عديدة لا نرى حاجة للخوض فيها .

بظهور هذه التقنيات اهتزت الصحافة التقليدية ، وكأنها أنتقلت الى المرتبة الثانية . وهي تحاول اليوم التعويض عن خسائرها بأستمالة الجمهور بوسائل شتى ، مما حدا بكثير من منظري الأعلام والعاملين فيه طوال السنوات العشر الماضية ،  الى التنبؤ بأنتهاء عصر الصحافة الورقية وموتها التدريجي خلال العقود القريبة القادمة وبزوغ فجر الوسائط المتعددة.
ولكننا لا نعتقد بأن هذه التنبؤات سوف تتحقق بحذافيرها وبالسرعة التي يتصورها البعض، لأن الصحافة التقليدية عصية على الموت ،  وأخذت تتكيف مع الواقع الأعلامي الجديد بوسائل شتى ، منها الأنتقال الى الشبكة العنكبوتية كلياً او اصدار نسخ الكترونية بموازاة نسخها الورقية أو التحول الى صحافة مجانية تعتمد على الأعلانات في ديمومتها او التحول الى صحافة التابلويد ، التى ما زالت تلقى هوى ورواجاً  لدى القراء .
واذا كانت الصحافة التقليدية فقدت بعض مواقعها ، فهل هذا يعني ان التدوين سيحل محلها وهل يستطيع المدون ان يحل محل الصحفي المهني ؟ . وما الفرق الرئيسي  بين التدوين والصحافة.؟

 التدوين هواية لمعظم المدونين  ومهنة لعدد جد قليل منهم لحد الآن .
المدون لا يحتاج الى دراسة الصحافة كما هو الحال بالنسبة الى الصحفي المحترف . اي شخص يمكن ان يكون مدوناً . بصرف النظر عن امتلاكه الحد الادنى من  موهبة الكتابة والقدرة على التعبير السليم الطلق عن آرائه  . كل ما يحتاجه  هوالاشتراك في احد المواقع التي تتيح المجال للمدونين بالكتابة والبدأ بكتابة شيء ما بين آونة وأخرى  ، لأن المدونة ليست سجل مذكرات او يوميات عادية بل نشرات الكترونية غير دورية، والأمرالمهم هنا هو ان يكون ما يكتبه المدون متاحا لمتصحفين آخرين . ولا يمكن أعتبار من يكتب لنفسه فقط  مدونا ً .

المدونة شكل اعلامي غير تقليدي والمدون من الناحية العملية حر في ما ينشره ولا يمكن التحكم فيه أو توجيهه أو فرض أي قيود عليه .

ولا يلتزم المدون بجدول زمني معين لأوقات الكتابة فهو يكتب في أي وقت يشاء ، ولا احد يفرض عليه شروطا او يقيّم محتوى المدونة . واذا كانت هناك تعليقات على ما يكتبه فأن له الخيار في نشر أي تعليق أو حجبه ،  أما الصحفي المهني فأنه ملزم بمراعاة المواعيد الدورية لصدورالصحيفة التي يعمل فيها ، وتنفيذ التوجيهات الصادرة اليه من رئاسة تحرير الصحيفة .

المدون غير ملزم بالكتابة وفق شكل معين او التفكير بسلامة لغته واناقة اسلوبه , ولا يسأل عن محتوى ومصداقية  ما يكتبه . وهو حر في سرد كل ما يحلو له ، وحتى فضائح او وقائع لم تثبت صحتها.
المدون يمكن ان يصرف وقتا طويلا في التدوين ولكنه حتى وان تطرق الى موضوع  اجتماعي مهم فأنه يفعل ذلك بمحض ارادته ، لأن لا احد يدفع له مالا لقاء عمله وهو ينغمس في التدوين لان ثمة هاجس شخصي يدفعه لنشر ما يهمه ويشغل باله  من اجل اطلاع الآخرين عليه ويحس بالمتعة من  وراء ذلك .

اما الصحفي فأن عليه ان يثبت قدراته المهنية وان يكون لديه تحصيل دراسي في الصحافة  ومعارف اساسية في المجال الذي يعمل فيه . صحيح اننا نجد في صحافتنا وصحافة البلدان الأخرى ،  العديد من أبرز الصحفيين ، الذين، لم يتلقوا تحصيلا دراسيا في مهنتهم ومع ذلك  أصبحوا صحفيين مشهود لهم بالكفاءة والمهنية العالية ،  ولكن هذه الحالات تظل استثناءا من القاعدة . الصحفي  الحقيقي حتى لو لم يكن حاصلا على شهادة في مهنته فأن لديه في معظم الأحيان شهادة دراسية في تخصص ما وقابلية  للكتابة الصحفية بمستوى جيد .. ولكن هذا لا يعني بأي حال من الأحوال ان أي شخص حاصل على شهادة جامعية في تخصص آخر يصلح ان يكون صحفيا ً . لأن الصحفي ينبغي له ان يمتلك أضافة الى الشهادة ، ما اسميه ب(هاجس الصحافة) وعندما يتوفر عنده هذا الهاجس الدائم فأنه يكتسب مهارات كتابية بالجهد والتعب من خلال تجربته الطويلة في العمل الصحفي  .

 ولكن اذا كان الشخص بطبيعته ضيق الأفق ومتواضع الثقافة  أو لا يستطيع شرح افكاره  بيسر أو الكتابة بوضوح وسلاسة وايجاز او غير قادرعلى التعامل المرن مع الناس من اجل الحصول على المعلومات المطلوبة للمعالجة الصحفية  او لا يبدي  اهتماماً بكل ما هو مهم وممتع في هذا الكون ، فأنه لن يكون صحفيا ناجحا ً .

العمل الصحفي في  العصر الرقمي يفرض على الصحفي ليس فقط ان يكون مثقفاً ، واسع المعرفة ولكن ينبغي له ان يعرف لغة اجنبية واحدة في الأقل و يتقن التعامل مع الكومبيوتر والأنترنيت .

الصحفي -  بخلاف المدون -  ليس حراً في الكتابة عن أي موضوع يخطر بباله أو عن  أي قضية يشاء ( ربما بأستثناء كتاب الأعمدة الصحفية ولكن حتى هؤلاء يلتزمون في العادة بسياسة الصحيفة ولا يحاولون تجاوزها ).

 الصحفي يعمل في حقل او قسم معين أو يكلف بأجراء حوارات  او القيام بتحقيقات صحفية محددة  وغير ذلك من أشكال العمل الصحفي وهي كلها تتم بتكليف من رئاسة تحرير الصحيفة التي يعمل فيها والتي تحدد الموضوعات المهمة او الساخنة ، التي ينبغي تغطيتها في العدد الجديد .

ثم ان الصحفي مسؤول عما يكتبه وعن مصداقية المعلومات التي يتضمنها المادة المنشورة . وهو مسؤول ليس فقط امام الوسيلة الاعلامية التي يعمل فيها بل ايضا امام القراء  وامام الناس الذين يتحدث عنهم في ما ينشره .

 بطبيعة الحال فأن من حق الصحفي ان يكون له رأيه الخاص ،  ولكن ينبغي له ان يكون موضوعيا في كتاباته ، ولا يحق له ان يؤكد شيئا او يتهم احدا جزافا . كل الاستنتاجات التي يتوصل اليها ينبغي ان تكون مدعومة بالحقائق و الادلة . أي اهمال او عدم جدية في تنفيذ مهامه يكلفه والصحيفة التي يعمل فيها غالياً. والحديث لا يدور عن الاضرار المعنوية فقط بل الاضرار المادية ايضا . حيث ان اي شخص يعتبر ما نشرعنه مساسا به ، يمكن ان يقاضي الصحفي ورئاسة تحرير الصحيفة  ويربح الدعوى وتحكم له المحكمة بتعويض مالي كبير .

يتضح مما تقدم  ، ان الصحفي اقل حرية من المدون .و يبذل جهودا أكبر ولديه التزامات وعليه مسؤوليات اجتماعية واخلاقية ، لذا فأن من حق الصحفي أن  يستلم راتبا او اجرا لقاء عمله ، والذي قد لا يتناسب دائما مع الدور الذي يلعبه في المجتمع ,

الصحفي الحقيقي  يتعلم مهنته طوال حياته والصحافة بالنسبة اليه ، أكثر من مهنة  ، أنها رسالة .
وصفوة القول ان الصحافة مهنة والتدوين هواية  .  المدون يمكن ان يتوقف عن الكتابة بمحض ارادته ، اما الصحفي فقلما نجد صحفيا متقاعدا لانه يكتب مدى الحياة .
ومن الطريف ان نذكر ملخصا عن  بعض السجالات التي دارت على المدونات ومواقع التواصل الأجتماعي بين المدونين الهواة والصحفيين المهنيين .
يعتقد الصحفي ان المدون يجهل اساسيات مهنة الصحافة  وان ما يدونه لا تتوفر فيه شروط المعالجة الصحفية الصحيحة ،   أما المدون فأنه  يعتبر الصحفي موظفا لدى مالك الصحيفة أو تابعاً لصانع القرار  الرأسمالي أو السياسي..، أي ان أحدهما لا يعترف بالآخر ، وهذا أمر مؤسف ، لأن التعايش بين صحافة المدونات والصحافة الأحتراقية المهنية يسمح للجمهور الحصول على معلومات شاملة  أكثر اكتمالا عن الأحداث .

 التدوين والصحافة وجهان للأعلام المعاصر واذا حذفنا احدهما لأصبح الأعلام أفقر وأقل حيوية وتفاعلاً  الى حد كبير .
قد يكون للصحفي مدونته الخاصة التي ينشر فيها ما لا يستطيع نشره في الصحيفة التي يعمل بها ، فقد أستخدم صحفي مخضرم مدونته  للتفوق على صحيفته. ففي الندوة التي عقدت مؤخرا في المركز الصحفي لمجلس الأتحاد الأوروبي في بركسل تحت عنوان " أثر وسائل الأعلام الأجتماعية في الصحافة "  قال الصحفي جان كواتريمرالذي يعمل مراسلا  لصحيفة ليبراسيون الفرنسية في بوكسل : " أستطيع أخذ مواد ونشرها على مدونتي ، ثم في الفيسبوك وتويتر ، لأثبت لصحيفتي أن الناس يرغبون بالقراءة حول هذا الموضوع ."
وأضاف كواتريمر أن مدونته ألهمت في بعض الأحيان صحيفته على نشر مقالات عن مواضيع كانت الصحيفة قد رفضتها أولا .كما ان التفاعل مع القراء والمعلقين على المدونة يعطيه افكارا لمقالات ويساهم في عمله .

اذا كانت صاحبة الجلالة الصحافة سلطة رابعة تراقب وتقيّم أداء السلطات الثلاث الأخرى وتنشر ما يسهم في تطوير هذا الأداء وتنقل المعلومات التي تهم المجتمع ، فأن التدوين قد أصبح بحق سلطة خامسة تراقب السلطات الأربع مجتمعة بصراحة وشفافية وجرأة .

جــودت هوشـيار
jawhoshyar@yahoo.com

مؤتمر (جنيف -2 ) والمحاولات الأمريكية لإفشاله/ شاكر فريد حسن

مع اقتراب موعد انعقاد مؤتمر (جنيف -2) تواصل الإدارة الأمريكية وأتباعها في المنطقة ، وعلى رأسهم النظام السعودي وما يسمى بـ "الائتلاف السوري" ضغوطاتهم ومحاولاتهم المحمومة البائسة لمنع مشاركة إيران فيه لبحث المسألة السورية ، وذلك بهدف صد أي دور ايراني في محاصرة وتطويق الأزمة السورية ولوضع حد للعنف الدموي وللمأساة والمعاناة الإنسانية الكارثية للشعب السوري المتواصلة منذ ثلاث سنوات .
ومن الواضح أن سعي أمريكا والسعودية وخلفهم إسرائيل لعدم إشراك وحضور ايران في هذا المؤتمر يدل على أن الدول التي ستحضره سيكون لها دور يتخطى مجرد الإشراف والرقابة على مجريات الأمور .
لا شك أن أي محاولة لاستثناء أية دولة ذات تأثير في المنطقة بمؤتمر (جنيف -2) من شأنه إطالة الأزمة السورية واستمرار سقوط الضحايا وشلالات الدم التي تروي التراب السوري .
إن الإدارة الأمريكية لم تقدم حتى الآن على أية خطوة جدية وحقيقية لوقف تسليح المعارضة ومد الجماعات والعصابات التكفيرية الإرهابية المتطرفة بالمال والسلاح ، ولا تضغط على أصدقائها في المنطقة من أنظمة عربية وخليجية عميلة لوقف العبث بالدم والمصير والمستقبل السوري ، فهذه الأنظمة موالية لها وتخدم مصالحها وتنفذ مشاريعها ومخططاتها الهادفة إلى القضاء على ثقافة وفكر المقاومة ونشر ثقافة الاستسلام والهزيمة ، وتفتيت الأوطان العربية وبث الفوضى الخلاقة ، وإشعال نار ولهيب الفتنة الطائفية والمذهبية والتفرقة العرقية وتعميق التنافضات والصراعات الداخلية فيها .
المطلوب الآن العمل الجاد والمكثف لإنهاء العنف وإيجاد مخرج وحل سياسي للازمة السورية منعاً لتدمير القطر السوري وخرابه كاملاً . وهذا الأمر يتطلب إشراك جميع القوى والدول ذات الوزن والثقل والتأثير السياسي في المنطقة وعلى رأسها إيران .

مصرى وأفتخر/ رأفت محمد السيد


بِتُ صــــــديقى مُتعبٌ بمصــــــــــــــريتى 
فهل إنتمائـــــــــى صـــــــار لعنةٌ وعِقاب
لاأجــــــــــــــــــــــد خجلا لو قبلت ترابها 
لكن قبلاتها صــــــــــــــــــارت لها أَنياب
مِنْ أَين يأتي شّـــــــــــــــعرُ التغزل فيكِ؟
بعدما صـار نهارُك قَمعٌ ومَسـاؤُك إِرْهَابْ
ماهذه مصــــــر التى عشــــــــــــــــقتها 
والتى لايكفى فى وصـفها ألف ألف كتاب

أنطوني ولسن / SPIRIT OF THE HORSE

في غفلة من الزمان قرر الأولاد الذهاب إلى " الجولد كوست " في ولاية "  "كوينزلاند " . ياولاد أنا تعبان صحتي لا تحتمل ركوب الطائرة ، لأ يابابا إحنا معاك وربنا طبيعي معاك ومعانا وإنت وماما لكما مدة زمنية طويلة لم تخرجا خارج البلد وأهي فرصة نكون كلنا مع بعض .

عاشق الطيران أصبح يخشى ركوب الطائرة . محب للسفر إن كان محلي أو على مستوى العالم صار يخاف الخروج بعيدا عن المنزل والحي . لكن الذي سافر ألى معظم محافظات مصر ومدنها وقراها بما في ذلك بلاد النوبة وشبه جزيرة سيناء وفي أستراليا ذهبنا إلى ملبورن أكثر من 10 مرات وإلى كوينزلاند وبالأخص إلى الجولد كوست أكثر من عشرين مرة وبالطائرة ، متردد ولا يريد البعد عن المنزل . لكن ما باليد حيلة إذا بقيت ستبقى زوجتي معي ، وفي هذا ظلم وإجحاف في حقها وخاصة أن أولادي وعائلاتهم هم المسافرون .كذلك لم تلتقي زوجتى والعائلة بالأخت والصديقة فاي صديقة العمر والتي إختارت الجولد كوست موطنا لها منذ  فترة طويلة ،الحقيقة لم تتركنا لحظة واحدة خلال فترة إقامتنا منذ وصولنا إلى عودتنا مما زاد من بهجة الرحلة . لهذا كله  كان عليّ أن أتوكل على الله والعمر واحد والرب واحد .

لن أخوض كثيرا في تفاصيل وجودي هناك منذ أن هبطت بنا الطائرة في مطار  كولونجاتا والأستعدادات التي أعدت لي للنزول من الطائرة ليس كبقية الركاب على سلم . لكن إنتظرت حتى غادر الجميع الطائرة وبقيت مع زوجتي وإبنتى الصغرى في إنتظار الآلة الكهربائية التي ستأخذنا إلى أرض المطار . وهناك كانت في إنتظاري مضيفة أرضية ومعها كرسي خاص بالمتقاعدين . أجلستني وبدأت في السير ، لكن إبنتي شكرتها وأخبرتها أنها ستقوم هي بالعمل .

بإختصار لن أطيل عليكم وأدخل في موضوع المقال عن روح الخيل .

الجولد كوست بلد سياحي من الدرجة الأولى إن كان في السكن أو في الحياة والأماكن المتعددة للترفيه وللأكل والسهر . ستجد هناك سياح من جميع شعوب العالم وخاصة من العرب . الجو معتدل ماعدا يوم واحد هبت عاصفة رعدية ، ومع ذلك الطرقات مليئة بالحركة .

قرر الأولاد وعائلاتهم الذهاب لمشاهدة هذا الأستعراض للخيل وما فعله المستوطنون الإنجليز في أستراليا . ذهبنا جميعا وكان عددنا يقترب من 13 بالإضافة إلى حفيدتي الصغيرتين .

كان من الطبيعي أن يبحث أولادي عن مكان لأستريح قبل أن ندخل إلى مكان الأستعراض . المكان بجملته على طراز قرى الريف الإنجليزي . المدخل مليء بالناس من جميع الأجناس بما فيهم أسترال . وقفت أمام طرابيزة على جانبيها " دكك " للجلوس وكانت جميعها مشغولة بالناس . عندما رأني أحد الجلوس وقف وأمسك بيدي وساعدني على الجلوس وفعل أخرون كانوا جلوسا وأجلسوا زوجتي وإبنتي ، أما الباقون من أولادي فكانوا مشغولون بالحجز .

 تم حجز أماكنا وبدأنا ندخل حيث يتم الأستعراض بعد أن أعطيّ لكل منا بما في ذلك الطفلتين " قبعة " رعاة البقر . طمعت زوجتي في " قبعتين " لحفيديها في سيدني فأعطتها السيدة ما طلبته بإبتساة حلوة مرحبة .

شغلنا الصف الأول لعدم إستطاعتي الصعود إلى الصفوف العليا . لا يقل عدد الحضور من المشاهدين عن ألف مشاهد مابين رجال ونساء وشباب من الجنسين مع الأطفال . أمامنا حلبة الأستعراض محاطة بسياج عازلة ومنعوا التصوير . أرض الحلبةعلى شكل مراعي الغنم والبقر في الريف الأسترالي . على اليمين شاشة عرض كبيرة جدا . أسفل الشاشة منزل على الطراز الأول للسكان الجدد النازحين من المملكة المتحدة ، وزيهم زي رعاة البقر . على جانبي الشاشة على يمين وشمال المنزل يوجد باب في كل ناحية يفتح ويغلق أتوماتيكيا دون أن تلاحظ لدخول راكبي الخيول من رعاة البقر ، والجانب الآخر للخروج منه أو دخول إستعراضات أخرى مثل السيارات القديمة وعربات السفر التي تجرها الخيول . بإختصار كلا البابين الحركة مستمرة بين دخول وخروج .

الشاشة ترى عليها مشاهد من رعاة البقر أو الغنم أو الخيول . وأنت جالس تشاهد ما يظهر على تلك الشاشة الكبيرة بما فيها مشاهدة أكبر صخرة في العالم . تتنقل بك الكاميرا من مشهد إلى آخر ومن رعاة غنم إلى رعاة بقر أو سباق الخيل . كل هذا يظهر لنا على الشاشة وفي وسط إندماجنا تمر من أمامنا مشاهد حية مما كانت على الشاشة . شاهدنا طائرة " هليكوبتر " صغيرة كانت تحلق فوق عدد من الأغنام وتساعد " الكلب " في تجميعهم خلف الراعي راكب الحصان . في وسط هذا المشهد دخلت الغنم والكلب والراعي وكانت المفاجئة أن الطائرة دخلت أيضا من فتحة في الشاشة لم نراها لأن كل ما نراه الشاشة وما يعرض عليها .

أثناء الأستعراضات كانت الشابات الأستراليات يمررن على الزوار يقدمن عصير " الليمون " أو الماء أو " النبيذ " لمن يشرب في همة ونشاط طوال فترة الأستعراض . بعد ذلك حمل الشباب والشابات صحون الطعام الموضوعة داخل حامل وتقديمه إلى الناس مع إبتسامة عذبة مرحبة تفتح شهيتك للأكل والمشاهدة .

قضينا فترة أكثر من أربع ساعات ونحن نشاهد كل ما يحببك في الخيل وحياة الريف من يوم الإستيطان إلى لحظة وجودنا ومشاهدتنا لهذه الأستعراضات الرائعة.

عندما عدنا إلى سيدني وجلست لأكتب ما شاهدت وأضيف إليه أهمية السياحة والأهتمام بالسياح بغض النظر عن من هم أو ما هي جنسياتهم ودياناتهم وعقيدتهم أو لونهم أو حتى ما يرتدون لأنهم ضيوف كرام جاءوا للأستمتاع بوقت طيب ومشاهدة ما يمكن مشاهدته من جمال طبيعي وحياة مسالمة . يرحبون بك ويقدمون لك الأطعمة أشكالا وألوان . وتستمتع بمشاهدة مياه المحيط من جانب ، و مشاهدة مياه النهر من جانب أخر .

أخذني خيالي بعيدا عن سيدني وعن الجولد كوست وعن الخيل وعن كل شيء ماعدا مصر والسياحة في مصر . وجدت نفسي أعيش في الخمسينات حيث بداية معرفتي بمصر ومدن مصر والزيارات المتعددة لأماكن الأثار والمتحف المصري . أيام الأحترام فيها لكل ضيف أو ضيفة من أي بلد ووطن عند مجيئهم للسياحة وكيف كنا نستقبلهم . إستمر خيالي في التحليق إلى الستينيات وأتذكر ذهابي إلى أسوان وكان معي الزميل فايز لنلحق ببقية الزملاء من محافظات أخرى مثل الفيوم.

صادف وجودنا وجود شاباتان أجنبيتان من هولاندا . من الطبيعي أن تدور بيننا أحاديث مطولة فهما كانتا متجهتان إلى الأقصر . في خلال الساعات الطوال في كابينة بقطار رقم 88 المتجه إلى أسوان والأحاديث المتفرعة والمختلفة تارة عن أثارنا وعظمتها ، وأتذكر كم المعرفة لديهما عن أثار مصر . وتارة أخرى عن هولاندا والحياة هناك . إنسجام وكلام يطول شرحه بعد تبادل الأسماء والعناوين ووصولنا إلى محطة مدينة الأقصر  . ودعناهما بكل إحترام . نزلتا ووقفتا على رصيف المحطة . بقيتا واقفتان على الرغم من تحرك القطار وهما يلوحان لنا بأيديهما مودعين حتى أن بعد القطار بعيدا عن رصيف محطة مدينة الأقصر .

تذكرت هذا كله وتبادل المعرفة والصداقة بيننا وبين السائحتين بكل إحترام وتفاهم . لم نتطرق إلى الدين ولا المذاهب ولا السياسة . بل كانت أحاديثنا عن الآثار والحياة في مصر وأمستردام وهولاندا على العموم .

مرت السنون وهاجرت إلى أستراليا . بعد 5 سنوات من الهجرة ذهبت إلى القاهرة عام 1976 في طريقي إلى شيكاغوا لدعوة عائلتي " أبي وأمي وأشقائي وشقيقاتي " للأحتفال بعيد ميلادي الأربعين . في القاهرة ذهبت إلى المتحف المصري في زيارة للمتحف . صدمتي كانت كبيرة للأهمال الملحوظ للأثار المصرية . لفت نظري إحدي المكلفات من هيئة الأثار المنوط بها مرافقة السياح وشرح تاريخي لكل ما هو في المتحف . كانت ترافقها سيدة أجنبية كبيرة في السن . إستمعت إلى بعض من الحوار بينهما فكانت دهشتي كبيرة عندما إستمعت إلى السيدة المرشدة السياحية وهي تتحدث عن الدين . طبيعي لا غبار عن الحديث عن الدين . لكن نحن في المتحف المصري وكان يجب أن يكون الحديث عن الآثار المصرية . ومن هنا إستشعرت الخطر الزاحف على مصر من تسلط الأخوان ومن على شاكلتهم في خراب مصر . وكم بكيت بدموع ساخنة عند زيارتي لمصر وزوجتي وإبنتي وحفيدتي وإبني وزوجته عام 1991 لما رأيته من تغير إلى الأسوأ في كل شيء .

توقعت ما سيحدث للسياحة في مصر في مثل هذا الجو الكئيب . وقد صدق حسي . بل ما زاد من قلقي على مصر سفر صديقة زوجتي إلى مصر منذ سنوات قليلة ماضية وجلوسها في مترو الأنفاق وتجلس إلى جوارها سيدة محجبة . ركبت القطار من إحدى المحطات سيدة أخرى محجبة ، فما كان من الجالسة المحجبة أن نظرت إليها بنظرة إحتقار وشخطت فيها قائلة " فزي يا كافرة وخلي المؤمنة تقعد " !!.. ولا تعليق .. وهكذا إنهارت السياحة وإنهارت مصر . كل الذي نرجوه في هذه الأيام أن تكون الصحوة الحالية ، صحوة يقظة وإعادة الوجه الحضاري لمصر من جديد وتعود مصر إلى ما عرفت به من أمن وأمان ومحبة وتبدأ عجلة العمل الجاد في الدوران يغلفها الأمل في حياة أفضل لكل المصريين وتعويض سنوات الضياع والتهميش التي كادت أن تقضي على مصر والشعب المصري .

في الختام ألف مبروك لمصر والشعب المصري لا أقول لإنتصاره في معركة الدستور ، لكن لأنه إستيقظ من غفوته وعرف حقيقة من خدعوه فهزمهم بنعم لدستور الشعب .

سيدتي أمي أختي إبنتي وزوجتي لكم كل تحية وإحترام لموقفكم المشرف وفرحتكم التي أظهرتموها بالزغاريد ورقص الفرح . مبروك علينا كلنا أينما كنا أو تواجدنا على أرض مصر أو خارج مصر .

بئس العروبة/ عصام ملكي

أين الوفاق وأين الجدُّ 
والعملُ
والعمر يركض
والأيّام تنخجلُ؟
أسطورة السلمِ
ما زالت نتائجها
تشكو الصداعَ
وسيل الحقد ينهملُ
أين العروبة واستخدام قوّتها
والوعد أفلس
والموعود يحتفل؟
أضحت عروبتنا بالعار سمعتُها
في كل مُتَّجَهٍ
واستفحل الوجلُ
أين الصواريخ والأزْماتُ أزْمتُها
والبرُّ والبحر والأجواء تشتعلُ؟
بئس العروبة إن كانت مهمَّتها
بالصمت تقضي 
وسفك الدمِّ يُقتبَلُ...
بئس الكلام إذا كانت بلاغته
لا تعرف العمق 
والأفعال تنفعلُ...
فْلسطين تشكو 
وفي الآذان صرختُها
والقدس أصبح لا قدسٌ 
ولا رسُلُ.                                 

خواطر وأحلام (سني جديدة)/ سركيس كرم

سني جديدة.. أمل جديد.. وصلاة متجددة للرب تا يحمي لبنان وأوستراليا والانسانية بالعالم.. 
*****
من سني لسني بتبقى الارادة الملتزمة قدر المستطاع بتعاليم الرب.. وبيبقى القلم يحكي بشفافية وأكيد أنو مش رح يسكت مهما كانت التحديات..
*****
من تجري في عروقه محبة لبنان وهو في سيدني وملبورن...لا بد من أن يحب اوستراليا من صميم قلبه..
*****
من يختلق الأعذار لتبرير تردده لن يستطيع يوماً أن يختبر معنى الجرأة والصراحة والعفوية..
*****
كم هو ضعيف الإرادة من يلوم الآخرين لعجزه عن متابعة المسيرة..
*****
من السهل دائما التركيز على السلبيات في أي علاقة، لكن الإبداع الحقيقي يكمن في تجاوز السلبية من خلال تعزيز الروابط الإنسانية البناءة الرامية الى تكريس الفضائل الإنسانية الأساسية...
*****
ما أقدر المرء الذي يواصل رؤية الإيجابيات لدى الغير حتى في لحظة الإختلاف ...
*****
"الدين والتطرف لا يتعايشان ابداً من حيث ان الدين هو مصدر للمحبة اما التطرف فهو مصدر للحقد" - يوسف بك كرم
*****
ويل لأمة تلغي انسانيتها بأيديها مع كل أغتيال وتفجير وجريمة إرهابية وعملية خطف وذبح.... 
*****
ويل لأمة تنتحر بملء إرادتها.. وكأنه بتكاثر الضحايا تحيا الأمم وتنتصر..
*****
"ابناء وطني، ليمتنع كل منكم على الأقل من المساعدة لأخصام حقوق وطنهم، ولنلق عنا مبادىء التقسيم الطائفي، ولنعلم اننا شعب واحد لبناني واخوان بالوطن من قديم الدهر، ولم يعترنا الذل في احد الاوقات، إلا اذا كانت تدخل بيننا الانقسامات.." - يوسف بك كرم (20 حزيران 1866)
*****
لا يجوز إستعمال حرية التعبير كوسيلة تبرر الطعن بمصداقية الغير..
*****
قالوا السياسة فن الممكن.. بس ليش "الممكن" السياسي بلبنان دايما عاجز عن إمكانية التمكن من ابسط الممكن... يمكن ما ممكن يكون ممكن إلا بوحي شو يمكن يجي من ممكن الخارج المتمكن.. ممكن ...يمكن!!

ماذا بعد "نعم للدستور"؟/ مجدي نجيب وهبة

** أيام قليلة جدا .. تفصلنا عن الإعلان عن نتيجة أكبر إستفتاء أجرى فى مصر .. يتفق عليه الشعب المصرى بالداخل والخارج .. بكلمة واحدة وهى "نعم" للدستور .. و"نعم" لخارطة الطريق .. و"نعم" للسيسى رئيسا لمصر ..
** ولكن مازال أمامنا ملفات نبدأها بالتدخل السافر للإدارة الأمريكية العاهرة فى الشأن المصرى .. فعندما أتحدث عن العاهرة ، فالجميع يدركون أننى أتحدث عن أمريكا .. فقد حازت أمريكا على هذا اللقب بكل جدارة وإستحقاق .. بل نالت العديد من الأوسمة والألقاب ..
** حصل أوباما على العديد من الأوسمة والألقاب مثل "الهلفوت" ، و"القواد" ، و"الإرهابى" ، و"زعيم تنظيم القاعدة" ، و"اللقيط" .. كل هذه الأوسمة حصدها الرئيس الأمريكى "باراك حسين أوباما" عن جدارة .. أما أمريكا فقد حصدت أكبر الأوسمة والألقاب ، فأصبحت تلقب بالراعى الرسمى الأول للإرهاب فى العالم .. وهذا ينطبق عليه المثل المصرى الذى يقول "العيل قليل الأدب يجيب اللعنة لأهله" .. فقد جلب "أوباما" الإرهابى ، اللعنة لدولته .. التى لقبها البعض بالعاهرة ، وذلك بعد أن قدمت وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة "هيلارى كلينتون" ، والسفيرة الأمريكية السابقة فى مصر "آن باترسون" ، العديد من عروض السيربتيز التى جعلت العالم كله يستاء من هذه التصرفات الفاحشة ..
** يبدو أن أمريكا مازالت تصر على التدخل فى الشأن المصرى  ، بعد أن فشلت خطتها القذرة فى تجنيد تنظيم القاعدة ، والعناصر الجهادية ، وجماعة الإخوان المسلمين الإرهابيين الفاشلة .. فإنطلقت لتدعيم الطابور الخامس ، الذى يترأسه رئيس الحكومة "حازم الببلاوى" ، الذى بليت به مصر ، بعد ثورة عظيمة أطاحت بأحلام اللقيط أوباما ...
** يبدأ الطابور الخامس فى تجميع أوراقه لمحاولة الهرب من مبنى رئاسة الوزراء .. فأعتقد أنه بعد الإستفتاء على الدستور ، لن يكون هناك خائن واحد فى مصر ، بل لن يكون فى مصر عميل أمريكى واحد .. بل أن كل من هرب ، وعلى رأسهم محمد البرادعى ، و"عمرو حمزاوى" ، و"أيمن نور" ، سوف يتم ملاحقتهم حتى يتم القبض عليهم ، وتقديمهم للعدالة فى مصر ..
** أعتقد أنه بعد الإستفتاء بنعم على الدستور لن يتبقى لنا سوى خطوة واحدة ، وهى الإنتخابات الرئاسية المبكرة ، ونزول كل الشعب المصرى إلى الميادين .. حاملين صورة الفريق أول عبد الفتاح السيسى ، مطالبينه بالترشح لكرسى الرئاسة فى مصر ..
** أعتقد أنه بعد الإستفتاء بنعم على الدستور سوف يختفى كل المتنطعين والخونة والعملاء ، ولن نسمع عن أى حركات ثورية .. فكفانا خراب ودمار ، وكل من يجد نفسه كفء للعمل السياسى ، فعليه تكوين حزب بعد إستيفاء كل الشروط ، وأولها أن يكون مواطن مصرى شريف ، وليس خائن أو عميل .. فلا نحب أن نسمع عن جماعة إرهابية تدعى 6 إبريل ، أو حركات أخرى ظهرت مؤخرا لتتحدث بإسم الشعب المصرى ، مثل حركة "تمرد" .. وأطالب بالقبض على كل متسول تسول له نفسه أن يخرج علينا فى الإعلام الفضائى ليحدثنا عن حركة 6 إبليس ، بل أطالب بغلق أى قناة تليفزيونية تسمح بإستضافة هؤلاء المجرمين بزعم حرية الرأى أو الرأى والرأى الأخر كما يدعون ..
** أطالب بعد الإستفتاء بنعم على الدستور ، وترشيح السيسى رئيسا لمصر .. بغلق ملفات جماعات الإخوان المسلمين ، وتقديمهم للمحاكمة العاجلة التى تنهى كل هذه المهازل .. فالقضية واضحة ، ومستندات القضية هى حقائق ثابتة .. ولا ينقصنا إلا النطق بالإعدام على الجاسوس الإرهابى "محمد مرسى العياط" وعصابته .. وإعدام كل من تسول له نفسه التخابر والتجسس لتحطيم وإسقاط الجيش المصرى ، والدولة المصرية .
** أعتقد أننا يجب أن نكف عن الحديث عن مهاطيل السياسة ، وكل من ينتمى إلى جبهة الإنقاذ ، وعلى رأسهم حمدين صباحى ، ومحمد أبو الغار ، وخالد داوود ، والسيد البدوى ..
** أعتقد أنه يجب أن تكف العاهرة أمريكا عن التدخل فى الشأن المصرى ، فما هو دخل وزير الدفاع الأمريكى "هيجل" بالشأن المصرى حتى يقوم بالإتصال بالفريق أول عبد الفتاح السيسى .. لسؤاله عن سير عملية الإستفتاء ، أو سؤاله عمن هو الرئيس القادم ، أو سؤاله عن أى شأن يخص السيادة المصرية .. فأعتقد أن الشعب هو الذى يقرر من هو رئيس مصر القادم ، ومن هم العملاء والخونة الذين يجب محاكمتهم ..
** أعتقد أنه على أمريكا أن تكف عن تدخلها السافر والمنحط فى الشئون المصرية .. وعليها أن تصمت عن دعم الفوضى والإرهاب فى كل دول العالم ..
** على أمريكا أن تكف عن دعم حماس الإرهابية لتحريضهم على تنفيذ عمليات إرهابية قذرة وخسيسة ضد الجيش المصرى والشرطة والشعب ..
** على أمريكا أن تكف عن التحريض ضد أقباط مصر ، ومحاولاتها المستميتة لإشعال الفتن الطائفية والتحريض على حرق الكنائس ..
** على أمريكا أن تكف عن الحديث عن إرسال مبعوثين لها أمثال السيدة "كاترين أشتون" ممثلة الإتحاد الأوربى ..
** على أمريكا أن تبحث لها عن سبوبة أو مصيبة بعيدا عن مصر .. فمصر لن تقسم ، بل على أمريكا العاهرة أن تبحث لها عن سبوبة بعيدا عن منطقة الشرق الأوسط بالكامل .. فسوريا ستظل شامخة والجيش السورى بقيادة الرئيس بشار الأسد ، سوف يسحق الكلاب والخونة والإرهابيين الذين تحركهم أمريكا لإسقاط سوريا ، وهو ما يطلقون عليه الجيش الحر ، وهو نفس السيناريو الذى إستخدمته العاهرة أمريكا فى إسقاط الدولة الليبية وقتل رئيس ليبيا العقيد معمر القذافى .. والعراق والصومال والسودان ..
** على أمريكا أن تبحث فى صناديق القمامة ، لعلها تجد ما تبحث عنه ، وعلى اللقيط أوباما أن يبحث فى أحراش وجبال تورا بورا ، لعله يجد من يعترف به كإبنا له ، وليس سفاح ..
** هذا ما لدى .. وللحديث بقية !!..
مجدى نجيب وهبة
صوت الأقباط المصريين

قصيدَة ٌ إلى يَافا/ حاتم جوعيه

يافا  أيا  أنشودَة َ  المُتشَرِّدِينَ  العائِدِينْ 
يافا  حنينُ  اللاجئِينْ 
ما زلتِ سمفونيَّة َ الطير ِ المُهاجرِ حُلمَ  كلِّ  اللاجئِينْ 
 إيهٍ  عروسَ  البحرِ  يا  ترنيمة َ الفجرِ الأسيرْ
ما زالَ جرحي نازفا ً ويدايَ  مُشرَعَتين ِ نحوَ الشَّمس ِ 
تشتاقُ الضياءْ 
قد اطفِئَتْ  كلُّ الشُّموع ِ وَشُوِّهَتْ  خُطبُ  السَّماءْ 
ما حالُ بيَّاراتُكِ العطشَى لرائِحةِ الاحبَّةِ  والصّحابْ                          
 ماذا يقول البحرُ للميناءِ  من  بعدِ الغيابْ 
يافا عروسُ البحرِ دُرَّة ُ ساحل ِ البحرِ الكبيرْ
يافا  الشُّعاعْ  //   يافا   الشِّراعْ   //
يافا   الأملْ    //   يافا   الوطنْ    //   
قتلوكِ  يا  يافا  //  شنقوكِ  يا  يافا  // 
وَرَمَوكِ في عتم ِ الظلامْ  // 
أينَ العصاقيرُ  الجميلة ُ كلُّها  قد هاجرَتْ .. قد هاجرَتْ  
.. قد  هاجرَتْ  نحوَ البعيدْ  
والبسمة ُ السَّكرى لقد ماتت  على شفةِ  الصِّغارْ   
كُنَّا  نُحِبُّّ  الياسمينْ   
كنا  نحبُّ القمحَ  والازهارَ والاطيارَ  ثمَّ  البرتقالْ 
ونغازلُ  النجماتَ  والأقمارَ  نخشعُ  في  ابتهالْ 
كاتت حدائقنا  مًعَلَّقة ً على  كبدِ  السَّماءْ 
كانت بلادي  جنَّة ُ الأحلام  قبلة َ  كلِّ .. كلِّ العاشقينْ 
واليومُ  يغزوها  الهوانُ   فيا  لبطش ِ الظالمينْ  
واليومُ  نرتعُ  في العراءِ امامَ  غطرسةِ  الرِّياحْ 
لا  تيأسي  يافا الحبيبَهْ 
أرجوكِ لا ..  لا تجزعي  لا  بُدَّ يا يافا  لهذا  الليل ِ من صُبح ٍ قريبْ  
سيعودُ  للزَّهرِ البريىءِ  أريجُهُ  وبهاؤُهُ ...     
ويعودُ  للطفل ِ الصَّغيرِ سرورُهُ  وضياؤُهُ    
ويعودُ  للشَّطِّ  الحزين ِ صفاؤُهُ 
سيعودُ  كلُّ  مُشَرَّدٍ  ويبوسُ  أهدابَ الوطنْ   
سيعودُ للميناءِ صيَّادُوهُ من بعدِ التشَرُّدِ  والضَّياعْ  
دربُ النضال ِ طريقنا 
أبدًا  على هذا الطريق ِ نظلُّ دومًا  سائِرينْ  
يافا جراحُ الاهل ِ ما زالتْ  تقاومْ 
فلتنظري شعبي المُشَرَّدَ في الخيام ِ صمودُهُ  
هَزَّ   العَوالمْ  
سيطلُّ يهتفُ للشُّعوبِ  وللدُّنى لا.. لن  نساومْ 
 سَنعيدُ  حقًّا  ضائِعًا   ونزيلُ  أهوالَ  المظالمْ    
     (  شعر : حاتم  جوعيه  - المغار - الجليل - فلسطين   ) 

انتصاراً للمرأة العربية 1/ كريم مرزة الأسدي

المرأة والرجل بين التوازن المطلوب والغزل المحبوب في  الزمن المنهوب
الحلقة الأولى 

رويدك لا ترميني بحجارة من سجيل، فأنا ذلك الإنسان الظليل ، الذي يركع لإبداع الجليل ، ويهوى خلقه الجميل ، ولم يضل السبيل، ولن يضله ، ولكن هذا العصر العربي العميل ، والجاهل العليل منذ زمن طويل - ولا أخصّ بلداً بعينه -  بظلامه وظلمه قد فرض واقعاً ظلامياً مريراً ، يتوجب فيه على المفكرين والمثقفين والشعراء والأدباء ، أن يزيحوا الغمة عن هذه الأمة ، لذا أدعو لسدّ الخلل الاجتماعي العربي  الخطير الذي وضعنا في أدنى الركب الإنساني حضارة ، وأفرغنا من محتوى الذوق الجمالي للأمة وحضارتها وتراثها الزاهي ...، حتى وجد الآخرون منه ثغرة للإساءة إلينا ، بل والاشمئزاز منا بتحريض ومبالغة في إبراز السلبيات من قبل وسائل إعلامية عالمية، وما نحن بغافلين عنها   ، وهذه ليست دعوة للتبرج الجهول ، وإنما للتفهم المعقول ، وللتماهي بجمال الخلق والخلقةّ !! ، نعم ليس بالتبرج ، ولكن بالعفة الواثقة بنفسها ، وجرأتها ، والمتفهمة لحقوقها وواجباتها  ، ولذائقة وأناقة وجمالية إنسانيتها وذاتها ، كما أنجبتها الطبيعة ، وأرادتها مشيئة الله  ، والرجل عندما يلبّي دوافع غريزته صدقاً وحقاً ، قولاً لا فعلاً إلا وفق ما أقرته الشرائع والقوانين والأعراف السليمة، لتنظيم العلاقات الاجتماعية ، وتثبيت أحقية النسل والإرث ، وصلة الرحم ، وإلا فالتلطف لطيف ، بالقول العفيف ، والمليح الطريف   كما يقول الجواهري العظيم في(جربيني))- سنأتي عليها -:
فقربيني من اللذاذة ألمسها*** أريني بداعه التكوين
فيهما دافع الغريزة يغريني** وعدوى وراثة تزويني
    الجواهري هنا لا يركن للخيال الشاعري ، وإنما يدلي بمعلومة كمنت في السرالخافي ليشهرها بالإعلان  الظاهري سيان ببداعة تكوينها ، أوإغراءغريزتها ، أو عدوى وراثتها ، والشعراء الشعراء في لحظات الإلهام الشعري ، قد يجهرون وبإباحية  بما يكمن في أنفسهم ، وبما يكتم غيرهم  تحت ستار الفضيلة المزيفة ( من برة هالله الله ، ومن الداخل يعلم الله ههههه!!) ، كم تاجر بعفتك أيتها الفضيلة الجميلة المنافقون والمخاتلون والدهاة المحتالون  ، واللذين يفعلون ما لا يقولون  ، ويقولون ما لا يفعلون ؟!! على مَن تعبّرون ، ولله عيون وعيون ، ولا أظن الشعراء الكبار وعباقرة الفنون الجميلة بقادرين على  إخفاء ما يكتمون من أحاسيس جمالية  ، ولك ولي  أن أقول   عندما يفتح العهر أمامك كل أبوابه  ، والظلم  يسيّدك بجميع قدراته ، والمال يمنحك جلّ مغرياته   ، ولا تسقط  بهاوية ضلال الشيطان   ، وتصمد  بجبروت الإنسان الإنسان ، وتحترم ضميرك ، قبل أن تخاف ربّك  ، تلك هي الفضيلة !!      
 مهما يكن من أمرك وأمري ، والله يدري ، وأنا وأنت لا ندري حتى بما نحن ندري !!  المرأة يرضي الثناء  غريزتها زهواً ورقةً  بالإعجاب ، أ والغزل البريء العفيف  ، فستزداد تماهياً ، وثقة بالنفس،وبالتالي عطاء للنوع والحياة والحضارة  ، يقول أحمد شوقي من (خفيف) غزله:
خدعوها بقولهم حسناـــــء*** والغواني يغرهن الثنــــاء
جاذبتني ثوبي العصي وقالت *** أنتم الناس أيها الشعراء
فاتقوا الله في قلوب العذارى ***فالعذارى قلوبهن هــــواء
هذا هو الحال ، الغواني والثناء ، والناس والشعراء ، والقلوب الهواء ...!! بل هذا شأن الطبيعة كلها ، يقول العبقري الخالد ابن الرومي  ، وهو أول من ربط بين الطبيعة والمرأة قائلاً   :
ورياضٍ تخايل الأرض فيها*** خُيلاء الفتاة في الأبرادِ
وكأنما أراد أن ينبهنا  أنّه أول من أكتشف هذا الربط بين مخلوقات الله الحية النباتية والحيوانية ، ولِمَ لا يكون قوس قزح تبرجاً كونياً  بألوانه الزاهية ، مهما يكن  نرجع لابن الرومي وإلحاحه على توليد المعاني والصور ، وتقليبه إياها من جميع النواحي حتى يستنفذها تماما ، ولايدع لك ولنا مطمعاً فيها ، على حد  قول ابن رشيق في (عمدته) ، وابن خلكان في ( وفياته)، اقرأ لابن الرومي وربطه مرّة ثانية وثالثة بين الرياض الزاهر ، والفتاة الزاهرة  :
تبرّجتْ بعد حياءٍ وخفرْ *** تبرج الأنثى تصدت للذكرْ
ولما يصف العنب ، يشببهه بالقراط  ( التراجي) :
لو أنّه يبقى على الدهور *** قرّط آذان الحسان الحورِ
وحتى في الرثاء يلح في هذا التشبيه متقصداً ، ففي رثاء يحيى بن عمر الطالبي المقتول 250 هـ  في عصر المستعين على يد عبد الله بن طاهر يقول :
لمن تستجد الأرض بعدك زينة ***  فتصبح  في أثوابها تتبرجُ ؟ 
منذ العصر العباسي الثاني (232هـ ) ، أي من أيام هذا ابن الرومي  البغدادي  ، بدأ التخلف الاجتماعي والفكري والحضاري والمدني والديني ( بروز ظاهرة الطائفية) ، ينخر في جسد الأمة ، إذا اسثنينا عصر المعتضد العباسي ( 278 هـ - 288 هـ) ، وتوالت النكبات ، ووضعت المرأة في غياهب النسيان ، كمجرد نسوان ، وهيمن التسلط  الذكوري على مقاليد   القيادة في جميع المجالات ، والطبيعة تأبى الخلل في توازن عناصرها ، وأي خلل يؤدي إلى مآسٍ رهيبة ، وكوارث رهيبة ، لا يعلم مداها إلا الله ، من هنا أدرك الإنسان بدليل التجارب ، والمشاهدات الدقيقة  لظواهرالطبيعة ، ما يسبب الخلل في توازن المواد الغازية والسائلة والصلبة ، بل حتى التواازن بين وجود الحيوانات وأنواعها فيما بينها من جهة  - كي لا ينقرض أحد الأنواع  -  وبين أنواع  النباتات من جهة ثانية ، وبين أنواع النباتات فيما بينها ،وبين الكائنات الحية ، والمواد الطبيعية غير الحية،ولهذه الدورات ، شبكة من ( التوازن الطبيعي) الدقيق في الحياة والكون ، وما المرأة والرجل - كجزء من هذا الوجود - إلا متكاملان ، متوازنان، وإن أيّاً منهما يتخذ قراراً انفرادياً سيان على المستوى الأسري ، أو الجمعي، سيؤدي حتماً إلى عواقب وخيمة لا يعلمها ‘لا الله ، ومن هنا تُشن الحروب ،وتُنهب الأموال ، وتخلق الفوضى ، وتنعدم الرحمة ، مشورة الرجل للرجل ، والمرأة للمرأة ، لا تكفيان ، فبأيّ آلاء ربّكما تكذبان ،    
"إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ  وَمَا أَمْرُنَا إِلاَّ وَاحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ" ولله الأمر من قبلُ ، ومن بعدُ ...