أعطيني إعلاما بلا ضمير أعطيك شعبا بلا وعي/ سري القدوة

ما بين قرارات اللجنة التنفيذية وخطوات المصالحة الفلسطينية وما وصلت اليه الامور علي الساحة الفلسطينية تكمن الحقيقة الغائبة وهي أننا في وطن نبحث فيه عن وطن وأننا افتقدنا حتى الوطن ومن لا يعرف الحقيقة فهو لا يريد ان يعرفها ويتجاهل الواقع تماما ..
ان البحث عن الحقيقة شيء مؤلم .. ومن لا يعرف واقع شعبنا الفلسطيني في ظل حالة الضياع والانقسام والفساد فهو يكون خارج الشعب ولا يحق له التحدث عن معاناة الناس ومشاكلهم فهو يعيش في دنيا وأحلام نرجسية وواقع شخصي .. يكون فيه بعيد عن معاناة اهلنا وحصارهم ومشاكلهم فمن يفكر في التجارة بالشعب عبر فرض القيود في ظل الحصار وانعدام ابسط متطلبات الحياة ليبقي هو في موقعه فهو خارج عن الشعب ويجب ان يرحل ..
الرئيس الشهيد ياسر عرفات قسم رغيف الخبز مع شعبه وعاش الأمل والحلم .. عاش الطموح والثورة .. عاش الفرح والحزن .. عاش الدولة والمؤسسة .. عاش الكفاح والسياسة .. عاش مع الشعب وكان للشعب ووقف في كل الميادين ثورة وهوية وعنوان .. فكان حكاية الشعب التي لم ولن تنتهي ..

ما دعاني الي هذا التقديم هو تلك ( الحالة الفلسطينية ) المأساة التي وصلنا إليها والتي كتبنا عنها وكانت كل كتاباتنا مجرد استهلاك إعلامي .. لم يسمع صوتنا أي احد .. قلنا غزة تبكينا لانها فينا .. لم يسمعنا احد .. قلنا نريد وحدة شعبنا .. تجاهلوا صوتنا .. قلنا الشعب يريد إسقاط الانقسام.. لم يسمع صوتنا احد.. علي حسب ما يبدو ان المرحلة هي مرحلة صراع شخصي وتصفية حسابات ولا فائدة لصوتنا الخافت الضعيف ..
اصبحنا في زمن نبحث فيه عن تهدئة مجانية مع الاحتلال وثمنها هو ادخال الوقود لشركة الكهرباء في غزة لإنارة المنازل والشوارع .. عجبا في هذا الزمن الذي يبحث الكل ويلهث وراء الكرسي ويتاجر بشعبه علي حساب مقومات النضال الوطني الفلسطيني..

عندما كان الرئيس ياسر عرفات ومعه رفيق دربه الرئيس محمود عباس يبحثان عن تهدئة من اجل فلسطين ومن اجل تحرير المدن الفلسطينية من الاحتلال واجبار الاحتلال علي الانسحاب من المدن الفلسطينية كان يخرج علينا بعض ابواق الفتنة ويقولون انهم عملاء ويعملون لحساب العدو والأجندة الاسرائيلية .. اما اليوم عندما تقصف غزة بالصواريخ تكون ثمن التهدئة هو تزويد غزة بالمحروقات .. هذا زمن الزهار وهنية وحكومة حركة حماس في غزة .. زمن العمل الاخونجي والرؤية الاخوانية لطبيعة الصراع العربي الاسرائيلي ..
ان الإعلام سلاح الشعوب في ظل تطور وسهولة الاتصال وعولمة اللغة وعصر الفيس بوك والتواصل الاجتماعي .. وان يتم استغلال هذا الإعلام والاستخفاف بعقول الناس في حرب بلا ضمير يكون هدفها التخريب والتدمير وفرض التهديد والوعيد هى لغة ليس لها أي معني سوى التدمير الممنهج لشعبنا ..

ان الهدف هو تغيب الشعب عن الحقيقة وان استغلال وسائل الإعلام وبث سموم الخلاف والحقد والكراهية عبر وسائل الإعلام هو هدف غير أخلاقي يسوق شعبنا نحو الهاوية بقصد او بدون قصد فالجريمة أصبحت جريمة مزدوجة هدفها قتل إرادة أبناء شعبنا وتغيب الحالة الوحدوية عن الحضور وفرض الاملاءات علي شعبنا وتمرير مخطط الاحتلال التصفوي الذي يهدف للنيل من الإنسان الفلسطيني وصموده وتاريخ ثورته التي قادت النضال الفلسطيني ضمن مراحل العمل الوطني المختلفة ..
أن البكاء علي الإطلال لم ولن ينفع .. فهذا الانحراف الخطير الذي نعيشه هو التدمير الحقيقي لواقعنا وأصبح الكل اليوم مسؤول ويشارك في التخريب ..
ان من سمات الإعلام الأساسية هو المصداقية والوضوح والحيادية وعندما تتجاهل وسائل الإعلام هذه الحقيقة سرعان ما تفقد ثقة متابعيها وتتحول الي بوثقة فاسدة وصوت وبوق إعلامي فاسد لا يخدم شعبنا ويعزز لغة الانقسام والفرقة ويشعل نار الفتنه ومن يستغل الإعلام ليصنع لنفسه بريق لامع سرعان ما يفقد هذا البريق وتسقط أوراق التوت عن عورته وتكون الحقيقة هي الأساس في التواصل بين أبناء الشعب الفلسطيني ..
ما من شك ان من يتاجر في هموم الشعب الفلسطيني ويسوق المواقف الكاذبة سرعان ما ينهار ويبقي في بوثقة الحقد الأعمى وحيدا لا يمارس الا الحقد ويعبث بقدرات الشعب حفاظا عن مصالح شخصية معدمة وبريق لامع هنا او هناك فهذا هو أخر ما تبقي لهم ان يتاجروا في عذاب الشعب ويتآمرون علي مستقبله ..

ان لغة التجهيل التي يتبعها ( البعض) هي لغة عابرة علي شعبنا ولا يمكن ان تكون هذه اللغة الا بريقا لامعا سرعان ما ينطفئ ويذهب مع الريح ..

الحقيقة تبقي هي من يتحدث بها ( العقلاء ) ومن حملوا أمانة الرئيس ياسر عرفات ويرفضون الزج بالحركة في متاهات الحقد والتآمر والخنوع والذل والعار الذي سيبقي يلاحق هزائمهم المتلاحقة...

مقال كتبته في الثلاثاء 13 مارس 2012 للأهمية اعيد نشره الان ...

مخاطر أسرلة التعليم جدية وخطيرة/ راسم عبيدات

قبل ثلاثة أيام كان هناك محاضرة في الكنيست الإسرائيلي لأبرز قادة اليمين المتطرف من البيت اليهودي "يوني تشيتيبون" حرض فيها على المناهج التعليمية التي تدرسها وكالة الغوث واللاجئين"الأنروا،والتي تدرس في مدارسها منهاج الدول المضيفة، فعلى سبيل المثال المنهاج المطبق في لبنان يدرس للاجئي لبنان،والمنهاج المطبق في الشام يدرس للاجئي الشام،وكذلك هي الأردن والأراضي الفلسطينية المحتلة،وهو يريد من وكالة الغوث واللاجئين ان تشطب من المنهاج التدريس عن حق العودة وعن حق الشعب الفلسطيني في استخدام كافة اشكال النضال من أجل استرجاع ارضه وحقوقه المشروعة،التي كفلتها له الشرعية الدولية،والمحاضرة تاتي في إطار الضغط على الوكالة لتصفية قضية اللاجئين متزامنا مع ما يطرحه كيري الآن حول يهودية الدولة وشطب حق العودة،هي محاولة جدية لإحتلال وعي طلبتنا والسيطرة على ذاكرتهم الجمعية،وتبرئة لإسرائيل من تحمل المسؤولية السياسية والأخلاقية عن نكبة شعبنا الفلسطيني،وهي تحمل في طياتها أبعد من ذلك،فهي تضع علامة إستفهام كبيرة على مشروعية النضال الوطني الفلسطيني وحقنا التاريخي في هذه البلاد،وكذلك فهي تحول الحركة الصهيونية من حركة عنصرية قائمة على الإحتلال والطرد والتهجير إلى "حركة تحرر وطني"،وفي هذا السياق كذلك صادقت اللجنة الوزارية للتشريع في إسرائيل على مشروع قانون للتربية لفرض هويتها بوصفها دولة 'قومية يهودية' في المدارس كافة بما في ذلك مدارس فلسطينيي الداخل،الذين يرفضونه ويعتبرونه محاولة أسرلة وتشويه للهوية العربية.

القانون الذي قدمه النائب شيمعون أوحايون (ليكود- يسرائيل بيتنا) مر بالقراءة الأولى يوم الأربعاء الماضي بتعديل قانون التعليم الرسمي في إسرائيل لعام 1953 يقضي بإضافة بند جديد على المواد الخاصة بأهداف التربية والتعليم.
وينص التعديل على إلزام المدارس والمؤسسات التعليمية كافة بتعزيز وتكريس هوية إسرائيل بوصفها دولة قومية للشعب اليهودي.
وهذا يعني بالأساس تذويب الهوية القومية والثقافية لشعبنا الفلسطيني في الداخل،ومنعه من إستخدام لغته وثقافته الخاصة في التعليم،وهذا يتماشى مع ما يجري هناك مع إجراءات وممارسات بحق شعبنا،حيث يجري العمل على تفتيت وتذويب هويته الوطنية والقومية،والتعامل معه على أساس طائفي ومذهبي،يخدم عملية التذويب والتفتيت،حيث كان آخر ما تفتقت عنه العقلية الصهيونية،هو الفصل بين العرب المسلمين والمسيحيين في العمل،وإسقاط صفة العروبة عن أبناء شعبنا الفلسطيني المسيحيين،وكأنهم قبارصة او أتراك لا سمح الله وليس عرب أقحاح.
واضح أن هناك إستهداف لقضية اللاجئين،والتي هي المرتكز الأساسي للبرنامج الوطني الفلسطيني،حيث عمدت وكالة الغوث الى إقرار كتاب"حقوق الإنسان" للصفوف السابعة والثامنة والتاسعة، دون التنسيق مع وزارة التربية والتعليم هناك،كما جرت عليه العادة،مما حدى بوزارة التربية والتعليم هناك لمنع تدريسه،وهذا الكتاب يحتوي على الكثير من المغالطات المجحفة بحق شعبنا الفلسطيني،وخصوصاً قضية اللاجئين وحق العودة،فهو على سبيل المثال لا الحصر،يتحدث عن أن أبناء شعبنا في الداخل،قد فروا من مدنهم وقراهم طواعية،وليس بفعل ما إرتكب بحقهم من جرائم وطرد وتهجير قسري من قبل العصابات الصهيونية،وهو كذلك يدعي بأن عدد اللاجئين الذي شردوا نتيجة الحروب والأحداث لا يزيد عن (200000) لاجىء،ونحن لدينا ستة ملايين لاجىء في مخيمات اللجوء والشتات،وليس هذا فقط،بل هذا المقرر يريد ان يحتل وعي طلبتنا ويضعف انتماءهم وإرتباطهم بهويتهم وقوميتهم،فعلى سبيل المثال لا الحصر في الوحدة الثالثة الدرس العاشر من الفصل الثاني من المادة 14 ص 63"يقول بأنه من حق أي إنسان الهجرة الى بلد آخر او محاولة الهجرة إليه اذا ما شعر بالإضطهاد" وهذه دعوة صريحة الى تهجير أبناء شعبنا الى خارج وطنهم،وهو كذلك يعمل على إيجاد حالة من الإغتراب السياسي والثقافي والتربوي بين الطلبة وواقعهم وقضيتهم ورموزهم وقياداتهم،فهو يتحدث عن شخصيات عالمية مثل مارتن لوثر وغيرهم وليس عن قيادات فلسطينية امثال الشهداء والراحلون أبا عمار وحبش والشيخ ياسين،ولا عن أطفالنا الشهداء ايمان حجو وفارس عودة..الخ.
وهناك الكثير من المغالطات الأخرى في هذا الكتاب،وطبعا تصفية قضية اللاجئين هي المهمة في هذا الجانب.

وليس هذا فقط،فنحن نرى بأن التعليم في القدس،هو الآخر في دائرة الإستهداف،حيث يجري العمل على أسرلة التعليم في المدينة،ومنذ بداية العام الدراسي 2013- 2014،شرع الإحتلال في تطبيق المنهاج الإسرائيلي الكامل على خمس من المدارس الفلسطينية في القدس الخاضعة لبلدية الإحتلال الإسرائيلي،في عملية تستهدف إحتلال وعي طلبتنا المقدسيين،والسيطرة على ذاكرتهم الجمعية،وكذلك تزوير التاريخ،وفرض الرواية الصهيونية،ليس على العملية التعليمية،بل على كامل مسار التاريخ،في خطوة تنكر حقنا التاريخي في الوجود،وكأننا جماعات عابرة،وليس متجذرين ومتأصلين في هذه البلد.

نحن أمام مخاطر جدية تتعرض لها العملية التعليمية،عملية إحتلال وتشويه الوعي،وزعزة الثقة والقناعة عند طلبتنا وشبابنا بعدالة قضيتهم وحقوقهم الوطنية،وحتى ثوابتهم ومشروعهم الوطني.


نحن أمام مخاطر جدية تتعرض لها العملية التعليمية،ليس في الداخل-48- والقدس،بل تتمدد الأمور نحو المنهاج المدرس في مدارس الوكالة(مناهج الدول المضيفة)،وحتى المدارس الخاصة والأهلية،وهذا يستدعي البحث عن استراتيجية شاملة لكيفية المواجهة والتصدي لهذا الخطر الداهم،والذي لا يقل خطورة عن نهب الأرض ومصادرتها.

الانتخابات العراقية ومجالسها المصلحية بين اليعقوبي والرصافي والشبيبي والجواهري/ كريم مرزة الأسدي

ما أتعس الليلة يا بارحة
مالعراق من حال سيءٍ إلى حالٍ أسوأ ، والمتاجرة بالانتخابات ، وشراء  الأصوات والذمم ، وخداع الجماهير  جريمة وطنية كبرى لا تغتفر أمام الله والشعب والتاريخ !!
 1 - الشيخ محمد علي اليعقوبي ( 1895 - 1965م) - كتبتُ ثلاث حلقات عنه وعن طرائفه ومواقفه  :  
الانتخابات النيابية (البرلمانية) الشغل الشاغل للانسان ، وللمجتمع بقياداته الدينية والسياسية والعشائرية، وانا اتكلم على مستوى العراق وبخصوصه،  وحين قامت في عشرينات القرن الماضي لأول مرة،  استعد الشعراء لها ،  ووجدوها الفرصة المناسبة لنقد الاوضاع السائدة، وابراز الذات الشاعرة ، وهل تعتقد ان الشاب المتألق الشيخ محمد علي تفوته هذه اللقطات؟ اذا اجبت بنعم, فاذن انت في خطأ مبين!! ففي بداياتها نظم مقطوعة, تلاقفتها الالسن ، ونشرتها صحيفة (الرعد), فشاعت في البلاد بين افواه العباد:
للانتخابات قـــــــــامت ***معـــــاركٌ ومعامعْ
لكلّ حزبٍ  هـتـــــــافٌ ***تستك منه المسامعْ
فللشباب  طمــــــــــوحٌ **و(للشيوخ)  مطامعْ
سوق  الضمــــائر فيها*** مابين شارٍ وبائــــعْ
ذرائعُ  القـــــــوم شتى ***والمال بعض الذرائعْ
وليس يــــــــــربح الا ** من رشّحته المـــراجعْ
لم يكتفِ اليعقوبي بهذا ،  ولا ندري بتورية (الشيوخ), هل عنى شيوخ الدين ام شيوخ العشائر! وكل مدعبل عند الناخبين جوز! ولو كان من طين جامد،  ولسان صامت, فكان يرى الاعضاء تماثيل منحوته ،وهياكلا ً مصنوعة, لذلك أرتجل حين سئل عنهم ببيتين قائلا:
أرى البرلمان ونـــوابه ***سكوت به سكتة الأخرسِ ِ
تماثيل ينحتها الإنتداب **وتعرض في قاعة المجلس ِ
وهل تتصور أنّه سكت عند هذا الحد؟ كلا! بل تابع أمر المجلس، وعقد جلساته  ،وإكمال نصابه ، وأهمية قرارته, لإيقاف الخراب ،  والمطالبة بالحساب ، نظم قصيدة نشرتها الصحف ،  وتداولها الجمهور استهزاء بالأمور، إقرأ وتذكر:
أرأيت في بــغداد مجلسنا الذي***أخذت  مقاعدها به  النــــــوابُ
نصبت على تلك الكراسي التي*** فيها هياكل كلّهــا  أنصــــــابُ
نجحوا وأسباب النجــاح  كثيرةٌ** في الانتخاب , وبئست الأسبابُ
رضيت نفوسهم بنيل مرارهـــا*** وجميع أبناء البلاد غضـــــابُ
ماضرّهم , وقصورهم  فيما ازْ ***دهت معمورة, انّ البلاد خـرابُ
سيطول موقفهم  اذا ما حوسبو***حيث الجرائم ما لهنّ حســـــابُ
ومن الأمور المستحيلة انّـــــه****ينجو القطيع, وحارسوه ذئـــابُ
لا درّ درّ مجـالس ٍ أعضاؤها **** سيّان إن حضروا بها  ،او غابوا

ليس بعيدا عن السياسين ،  فالشيخ يحمّل هؤلاء المسؤولية الكبيرة في تردي الأوضاع الأقتصادية, وتفشي الفساد الأداري بين صفوف المجتمع, هو لايحتمل الضرر الواقع على غيره منهم, فكيف الحال اذا مسّه الضرر مباشرة, وبشكل مبين من موظف مستهين, أحكي لك: تم توزيع قطع اراضي في النجف على علماء الدين أبان حكومة الدكتور فاضل الجمالي, وعند مراجعة شيخنا إحدى دوائر بغداد المختصة لتنفيذ القرار, استغفل الموظف المسؤول الخطيب المشهور, وكان يجهله لجهله بالأمور, فأعطاه رقماً وهمياً لا أساس له, وعند ذهابه للنجف لغرض تسجيل القطعة باسمه لدى الدائرة العقارية, أخبره الموظف النجفي لا وجود للرقم المزعوم في سجلات القيد المرسوم, وما هذه الاّ حيلة, فعاد خائبا الى بغداد, ولكن توجه الى مكتب رئيس الوزراء, وكان الرئيس نفسه قد أصدر أمراً -في نفس الفترة- بغلق دور الدعارة في محلة الصابونجية البغدادية, دخل الشيخ الجليل على الدكتور الجمالي, استقبله الرجل  استقبالاً حافلاً , يليق بمن مثله , وطلب منه الجلوس, رفض الشيخ اليعقوبي  هذا العرض, وقال له أقرأ عليك هذين البيتين:
قالوا ببغداد الجمـــــالي قد محى****منازل قد كانت بهنّ العواهرُ
فإنْ طهرت تلك المنازل لم تكن****لتطهر من ابنائهنّ الدوائـــــُر
وعندك الجواب ،  ما كان الحساب!
ومما يثير الاعجاب ،تناوله قضية إحالة القاضي الشرعي التمييزي, الشيخ محمد بن الشيخ طاهر السماوي (1292-1370 هج\1876-1950م) على التقاعد, بأمر صادر من السيد محمد الصدر رئيس محكمة التمييز العليا في حينه -أصبح السيد رئيسا للوزارة ولمجلس الاعيان... مرات- , وليس بناء على ذيل قانون انضباط الموظفين, فصرخ الشيخ القاضي (ما ضربني الذيل ،ولكنه الصدر) ، فتلقف الشيخ اليعقوبي صرخته مضمناً مورياً... قائلا:
قل للسمــــــاوي الذي***فلك القضاء به يـــدورُ
الناس تضربه الذيول***وانت تضربك الصدورُ
تورية الذيول والصدور توضحت من مقدمة الحديث ، أمّا القضاء فهو تورية عن المنصب الوظيفي العدلي ، وليس القضاء والقدر كما يتوهم بعض القراء.
رحم الله ما فات على شاطئ الفرات ، الماء يجري، والنفوس تغلي ، امّا ما هو الآن الحال ، فانّه لم يمر  في يومٍ على بال !!
2 - معروف الرصافي ( 1874م ننفرد بهذا التاريخ - 1945 م)) كتبت ثلاث حلقات عنه من شموخه  حتى استكانته : 
كان الرصافي يتمتع بمنزلة اجتماعية رفيعة ، وقام بتدريس طلعت باشا وزير الداخلية   ،وكان هذا العمل على مايبدو هو سبب في اختياره نائباً في مجلس المبعوثان ( النواب ) العثماني عام 1912م وذلك عن لواء المنتفك  ، ونستنتج من شعره انّه كان عضواً فعّالاً متكلماً يبدي رأيه بجرأة , حتى انه يستهزأ من نواب بغداد الصامتين في المجلس ( هو محسوب على نواب المنتفك ) ، فعندما يهجو رجلاً مغروراً جاهلاً يشبهه بنواب بغداد قائلاً :   
وشـــــامخ الأنف ما ينفكّ مكتسباً *** ثوب التكبّر في بحبوبة النادي 
قد لازم الصمت عبئأً في مجالسه *** كأنما هو من نــواب بـــــــغدادِ
كان  شاعرنا الرصافي قد عركته الدنيا وعاركها  ،وقلبته وقلبها ، وزاد على نضوجه شموخه النفسي , وثورته العارمة حتى بلغ قمة القمم ، وذروة الجرأة في قصيدته التي تلاقفتها الأجيال , ورددتها الألسن من يومه الى يومنا ، ونعتها  بـ  (حكومة الاغتراب ) :
أنا بالحكومة والسياسة أعرف***أألام  في   تفنيدها   وأعنف
سأقول فيها ما أقول ولم  أخف***من ان يقولوا شاعرٌ متطرف 
ثم يمسك الرصافي بقلمه المعول , ليضرب هيكل الدولة المصطنع من قمة رأسه الى درك أساسه  ,ليجعله عصفا مأكولا , وهباءً منثورا , كأن لم يكن شيئاً مذكورا:
علم  ٌودستورٌ  ومجلس  امــةٍ***كل عن المعنى الصحيح محرفّ
اسماء ليس لنا سوى الفاظها ***امّا معانيها فليس  تــــــــــــعرف
من  يقرأ الدستور  يعلم   أنه***وفقا  لصك   الأنتداب       مصنّف  
من ينظر العلم المرفرف يلقـه ** في عزّ غير بني  البلاد   يــرفرف
ولا تخفى استعارته ( للعلم ) ويعني به الملك ،  ليصب جحيمه عليه ,،والملك يغض الطرف عنه , ولا يبالي منه حكمة وحنكة  , بدليل الآبيات التي اعقبت البيت الاخير ، اذ انه يواصل بلا  هوادة تمزيق الصورة المزيفة بنظره  للديمقراطية :
من  بات  مجلسنا  يصدق  أنه ***لمراد  غير  الناخبين  مؤلف 
من بات  مطرد الوزارة  يلقها ***بقيود أهل الاستشارة  ترسف 
ولا نستطيع ان نواصل معك اتمام القصيدة  ،ذ يدعو فيها للثورة  ،ويهدد بزحف الجيوش ، ويوعد بطول الحساب ، ونتف  اللحى ، إن كانت هنالك ثمّة لحى يحسب لها حساب  ،ونختمها بما ختمه :
إن لم نماحك بالسيوف خصومنا ****فالمجد باكٍ  ،والعلى يتأفف
والحقيقة ان الرصافي قد مهد لهذه القصيدة بعدّة قصائد سبقتها , منها ( كيف نحن في العراق ) , يسخر فيها من الدولة والانكليز , ويشبه معاهدة ( 10 / 10 / 1922 م ) بالقيد الذي يوضع في يد  الاسير ، وما الاسير الا شعب العراق ! 
أيكفينا من الدولات أنّــــــــــــا ***تعلق في الديار لنا البنـــود 
و إنّا بعد ذلك في أفتقــــــــارٍ ٍ ****الى ما الاجنبيّ به يجــــود 
وكم  عند الحكومة من رجال ٍ *** تراهم سادة  ، وهم العبـــيد
أما  والله لو كنـــــــــا  قروداً ***  لما رضيت قرابتنا القرودا !
ثم لماذا ؟ هل تريد ان ازيدك من تصنيفات شاعرنا الجريء, أم أتوقف عن سرد قصة ( غادة الانتداب )  ,أعتقد انك معي قراءة , ومع  الرصافي شاعرية وتخيلاً , فمن تخيلاته العجيبة الغريبة , تشبيهه للحكومة بفتاة كخضراء الدمن , ظاهرها جميل , وباطنها خبيث , والعياذ بالله . ويواصل الرصافي الشامخ قذائفه بكل عنفوان وجرأة , بلسان ولا أسلط , وقساوة ولا أعنف ,و بسخرية ولا أهزأ , وبأسلوب ولا أسهل , يحفظه القاصي والداني ،و  يفهمة العام والخاص , ويجعل  لعنة الله  على الظالمين , فلا داعي للتخيل  والتبسيط فكل ما فيها صعب بسيط ، سهل ممتنع  ، فهذه ( الوزارة المذنبة  ( :
اهل بغداد أفيقوا من كرى هذي الغرارة 
ان ديك الدهر قد باض بـبـغــداد  وزاره !
هي للجاهل عزّ ،  ولذي العلم حـقـــــاره
حبّبت للوطنــــي الـحـرّ ان يــهجـر داره
كم وزير ٍ هو كالوزر على ظهر  الوزارة
ووزير ملحق كالذيل في عجز   الحمــارة
أمع الذلة كبر ا, أم مع الجبن   جســـــاره
كيف لا تخشون للاحرار في البطش مهارة 
على ما يبدو لنا ان الملك اخذ الشاعر بحلم الداهية , وحقد البعير , فالسياسة فن الممكن , والشعر فن اللاممكن , الشاعر يطلب المثالية , والسياسي يتشبث بالواقعية , ولا نطيل , المهم , شاعرنا لم يسلم من كيد الكائدين , وحقد الحاقدين على جرأته الغير معهودة , سواء في قصائده السياسية , او في ثورته الفكرية ( فصارع خصوما ًأشّداء تألبوا عليه , وأثاروا الرأي العام مرات عديدة , وهم في كل مرة يثيرونه فيها ، يضربون على وتر الدين،  وهو وتر حساس جداً  , يثور الناس أذا سمعوه ) ، حتى ان البعض أفتى بكفره ، وخروجه عن الدين , ووقف معه في شدته الشيخ عبد الوهاب النائب ، والشيخ مهدي الخالصي , لذلك عند وفاة الاخير في مشهد ودفنه هناك ( 12 رمضان 1343 هـ / 6 نيسان 1925 م ) , رثاه بقصيدة رائعة فضح فيها الالاعيب التي أدّت الى ابعاد العلماء الاعلام عام ( 1923 ) , وهم الشيخ الخالصي , والسيد أبو الحسن الموسوي , والشيخ محمد حسين النائني , المهم ألقاها في الحفل التأبيني الذي أقامه نادي الاصلاح في بغداد :
أدهق  الدهر  بالمنية   كأسه *** من  قديم ٍ, وطــاف يسقى أناســــــه 
انا أبكي عليه من جهة  العلـ ***م , واغضي عن خوضه في السياسه 
لا لأنّي  أراه  فيها   ملومــــــاً ** بل  لأني  أعيب  فعــــــــــــل الساسه
ليس في هذه الهنات السياسيا***ت الا ّ ما  ينجلي  عن  خساســــــــــه 
قد  أبت  هذه  السياســـة   الا ّ ***أن   تكون  الغشاشــــــــة الدّساســـه 
من هنا بدأ يدرك شاعرنا بوضوح ان اللعبة لم تكن سهلة قط , ولابد من دفع الثمن , والثمن باهض وباهض على حساب شرف سمعته , وحط ّ كبريائه , ولقمة خبزه , واذا زاد فهو كافر مرتد  وهناك من يصفق ,وهناك من يردد عن جهل عابر , أو علم مقصود , لذلك اخذ شاعرنا يتأرجح صعوداً وهبوطاً , يأخذه الجزر مرة , ويعيده المدّ اخرى , فوجدت بذور القنوط في نفسه الكبيرة مكمناً ...
لنرجع الى سيرة حياته مرة ثانية  , ونرى ما حلّ بشاعرنا , أذ تركناه في ( أيلول 1923 ) موظفاً هامشياً في وزارة المعارف , وفي السنة نفسها سافر الى الأستانة على الايعود الى العراق يائساً مكسور الجناح , وبقى هناك سبعة أشهر ولم يقاوم , فعاد مضطراً الى العراق عن طريق بيروت 1923 :
آب المسافر   للديارٍ*** على اضطرار في إيابه
لو كان يجنح للإياب ***لما  تعجل  في  ذهابه !!
وفي هذه السنة أصدر جريدته ( الأمل ) التي صدر العدد الاول منها في 1/ 10 /1923 ولم يصدر منها سوى ثمانية وستين عدداً , وتوقفت عن الصدور , وبقى مدة بغير عمل حكومي , وعندما ألف ياسين الهاشمي وزارنه سنة 1934  ,وكان الشيخ الشبيبي وزير معارفها , أعيد الرصافي الى الوظيفة , واصبح مفتشاً للغة العربية حتى عام 1927,  ثم نقل الى تدريس اللغة العربية وآدابها بدار المعلمين , وفي سنة 1928 استقال ولم يعد الى التوظيف , ولكن لما تولى عبد المحسن السعدون رئاسته الثانية في ( 14 / 1 / 1928 م )  ,أستطاع ان يقنع الملك  بترشيح الرصافي لمجلس النواب,وفي ( 19 / 5 / 1928) صار لأول مرة عضواً فيه,وبعد ان مرت عليه أيام عسيرة جداً,لا يجد فيها ما يلبسه الا العتيق البالي,فخاطب السعدون يشكي حاله قائلاً: 
وليس العري من ثوب معيباً ***لكاسي النفس من حلل الإباء 
ومــــــا ضرّ المهند فقد جفن ٍ***اذا ما كان محمود المـــضاء 
فأن لم تــــدرك الايام  عريي***بثوب منك يــــاغمر الـــــرداء 
لبست قرار بيتي في نهاري *** ولم اخلعه الا في المســـــاء ! 
ومهما يكن من أمر , تعدّ الايام النيابية الاولى من أسعد أيامه , جددت لديه الطموح للمضي قدماً نحو كرسي الوزارة , ولكن يصح على طموحه المثل الشعبي المعروف ( عرب وين , طنبوره وين ) , كان شعر الرصافي لا يمكن له ان يسعى بصاحبه الى أعتاب الوزارة , فمن الحال المحال الجمع بين الماء والنار , والشيء ونقيضه  ,فلا يوجد أي انسجام بين رغبته وسلوكه ( أقصد الشعري ) , فما ان جاء المستر ( كراين )  ,وأقيمت حفلة كبرى لتكريمه , ودعي الرصافي اليها , وهو نائب حتى نسى كل آآماله , فوقف في الحفل , وألقى قصيدة رائعة تفضح الحكم القائم وتعريته :
جئت يامستر كراين  *** فانظر الشرق وعاين 
فـهــو للغــرب أسيرٌ ***أسر مديون ٍ لدائـــــن 
غاصباً منه المواني ***شاحناً فيه السفائــــن 
حافراً فيه  المــعادن**  نابشاً فيه الدفائــــــن ! 
وما ان نشرت معاهدة ( 19 / 7 / 1930 م ) حتى انقض عليها كالمارد الجبار دون ا أي حساب للعواقب , ساحقاً بقدميه العاريتين كل طموحاته الوظيفية وآماله المستقبلية :
كتبوا لنا تلك العهود وأنما *** ضعوا بها قفلاً على الأغلال
شلّّت أكف موقعيها أيـّهـم**حلّت عليهم لعنة الأجيـــــــال 
فتحت له أبواب الانتخابات النيابية لمجالس أربعة اخرى , في ( 1/11/1930 عن لواء العمارة ) , و ( 8/3/1932 عن لواء بغداد )  , و ( 8/8/1935 عن لواء الدليم )  , وكذلك في ( 22/12/1937) , وللإنصاف والحق مرة ثانية ,إن الشاعر بلغ أعلى الرتب السياسية والاجتماعية في عهدي الملكين فيصل الأول , وابنه غازي (2) ,لذلك عندما توفي الملك فيصل الأول ( 8/ أيلول /1933 ), رثاه في قصيدة ,كأنها وثيقة اعتراف بحنكة الفيصل وشجاعته وسداد رأيه , إقرأمعي بعض  ما  قال فيها :
قضى بدر المكــــارم والمعالــــي **** وحيدرة المعارك  والمـغازي 
بنى مجــــداًعراقيـــــــــاًجديـــــداً**  فأسسه عــــلى المجد الحجازي
وسار من السياسة في طريـــــق *** بحسن الرأي معلمـــــة الـطراز
فما ترك الجهود بلا نجـــــــــــاح **** ولا فرصا تمر بلا انتــــــهاز
اذا اعتزم الأمور مضى وأمضى*** وإن سل المهند قــــال : مـــاز !  
  ومهما يكن , , وكانت في أوائل عام 1933 ضاقت به الأمور المالية , وضجر من صخب بغداد ,  وألاعيب ساستها , فهاجر الى الفلوجة بدعوة من ( آل العريم ) , وعاش مكرماً معززاً بينهم , وبقى في الفلوجة حتى ( أيار 1941 )  ,عندما دخل الجيش الانكليزي الى المدينة الآمنة , و بعد فشل ثورة رشيد عالي الكيلاني حيث تركها الى بغداد عائداً , وكانت حينذاك تحت سيطرة الوصي عبد الاله ومن خلفه نوري السعيد , فنزل ضيفاً في بيت صديقه السيد ( خيري الهنداوي ) , ومعه خادمه  ( عبد) حتى عثر على دار بجوار بيت صديقه , ثم انتقل بعد ذلك الى دار في محلة ( السفينة ) بالأعظمية , وهي الدار التي توفي فيها , وكان الرجل في عامه السابع والستين , عندما نزل بغداد ( 1941 )  ,ولكن لم تهده السنوات العجاف , ولا صراعات الأيام ودسائسها , بل ظلّ شامخاً بقامته العملاقة , ولم تجرأ سنواته السبعون على النيل من هيبته ووقاره ورزانته  , وفي خلال هذه الفترة الزمنية هجا نوري السعيد هجاءً مقذعاً  , وخصوصاً بعد اخفاق ثورة الكيلاني :
نوحي على المجد التليد *** يانفس والحكم الرشيد 
نوحي على  أبطالـــــــه ***وكماته الغرّ الاســـــود 
عصفت بهم ريح الطغاة  ***وهدّهم  حكـــــم السعيد 
وفتح الرصافي دكاناً صغيراً قرب بيته لبيع السجائر فكسدت سوقها , وظل الرصافي يعيش مرارة العوز , و عذاب الفاقة , حتى باع الفرش والسجاد , ومقتيات بيته المتواضع  ليستعين بثمنها على العيش , حتى رق ّ عليه أحد المعجبين بشعره ويدعى ( مظهر الشاوي ) فأجرى عليه راتباً , وسبب مأساته , ان صح التعبير – خلاصتها  :
عاهدت نفسي والأيام شاهدةٌ ***أن لا أقــرّ على جور السلاطينِ
ولا أصادقُ  كذ ّّّاباً ولو  ملكاً **ولا أخالطُ  ُ أخوانَ الشياطين 
فما كان الرجل قادراَ على كتم صوته , أو يهادن الآخرين , وللقول ثمن , وللجرأة ضريبة  , وللخصومة أعداء , وأرى أنّ الدهر وضعه في ظروف أرحم بكثير مما سيأتى بها له ولغيره  لو عاصروا سلاطين  مَنْ جاء مِنْ بعد  وبعد - يا بئس ما رأينا - ! ! 
و إليه نعود , والعود أحمد , ففي سنة 1944 وهو في عامه السبعين , يصارع الشيخوخة والأمراض والعلل , أثيرت حوله ضجّة كبيرة تتهمه بالكفر والالحاد , اثر صدور كتابه ( رسالة التعليقات ) , وتدخلت مديرية الاوقاف العامة لحسم الامر , فطلبت من العلامة ( فهمي المدرس ) أبداء الرأي في  كتابه , وبعد دراسته قال  :( وبالاجمال لم يظهر لنا كتاب تعليقات الرصافي ما يمس حرمة الدين , بل ظهر انه قوي الايمان بالله ورسوله , راسخ الاعتقاد بما جاء القرأن , ومن كفرّ مسلماً فقد كفر ) وبالمناسبة للرصافي سبعة عشر مؤلفاً تركها للأجيال , ثم لبى نداء ربه صباح الجمعة ( 16/3/1945 ) واحسبه كان يردد: 
ويل ٌ لبغداد مما سوف   تـــذكره ***عنّي وعنــها الليــالي في  الدواوين
لقد سقيت بفيض الدمع أربعــها ***على  جوانــب  واد ٍ ليــــس يسقيني
ماكنت أحسب انّي مذ بكيت بها  ***  قومي  ، بكيت على من سوف يبكيني
رحم الله الرصافي , ورحم تلك الأيام  ،بكينا عليه , فمن الذي سيبكي علينا يا ترى ؟!!! 
3 - الشبيبي الكبيرالشيخ محمد جواد (1864 - 1944م) ) كتبت عنه ثلاث حلقات، طرائفه ومواقفه : 
 من قبره يناجينا ويرسم صورة لعصرنا: 
وانتقل بك الان الى هذه المقطوعات والنتف الاخرى , فمن وكان الشبيبي يسجل لنا فيها احداث هذا العصر, وليس احداث عصره ,فمن قرصاته النقدية لمواقع المسؤولية ,ومن سخرياته اللاذعة -ونحن نسخر معه -,وكما تعلم الناس اجناس ,والنواب كما لاتعلم اصناف ..!ومن اصنافهم من ليس له أذن تسمع , ولا فم يردع , ومعنى هذا القول ,ايها المسؤولون ليشبع من يشبع ,ولا حاجة لكم بالبرقع , فليس هنالك من يد تصفع ,أقرأ وتمتع : 
ونائب يملآ الكرسي قلت لـــــه***  ماذا السكوت ؟ تكلّم أيّها الصنمُ 
الحامل الرأس لم نسمع له اذن** والصاقل الوجه ما في صفحتيه فم
وله موقفه مع الريف المظلوم ,والوطن المنهوب , يعلن نقمته ,فتعلو صرخته ,ولكن هل من مجيب لسؤال نجيب ؟ : 
الله بالوطن الذي فيه الذبــــاب علا وطنطنْ
يا ماضغين خراجه من مغرس زاك ومعدنْ 
أتلفتموه ,وقلتموا منا الدمار ,وانت تضمن
فسلوا البواخرهل غدت من غيرهذا النهب تشحن
وسلوا القوافل ما على تلك الظهور،وما تبطن
وسلوا المناصب هل بها من أهلها أحد تعنون
وشيخنا يرى ان القحط ليس بقحط الارض ,وقلة الخصب ,وانما بقحط الرجال ,وعدم شغل المنصب الخالي ,وهذا هو حال عراقنا الحبيب اليوم
أجيالنا الماضون عزّ خضوعهم وسكوتهم لمصارع الاجيال
درجوا ,وأبقوا بعدهم أفعالهم عبروا لاسمـــــــاء بلا أفعــال
تركوا البلاد,وخصبها مستوعب م،،،،ا بين أجواز الى أجيال
والخصب ليس بمسمن سكانها ان كان محفوفا بقحط رجــال
وا حسرتا خلت البلاد ,فهل لها من شاغل هذا الفراغ الخالي
ولا ريب ان الشبيبي ,لابد له ان يتطرق الى الصراع الازلي بين القوي والضعيف في وطن لا يستند على قانون نافذ ,ولا دستور ثابت ,فالى الله المشتكى
كان الضعيف اذا مد القوي يدا ***لظلم******ةٍ ردها مدفوعة بيد
واليوم ظل ضعيف القوم مضطهدا**** وارحمتاه لمظلوم ومضطهد
كم شجة ارضخته وهو معتدلٌ******* كما تعاقب طراق على وتد
يبيت مضطربا في موطنٍ قلقٍ *****كّـــــــأنّه زئبق في كف مرتعد
نعم كم من طارق تعاقب على طرق وتدنا الصابر صبر يعقوب وما زلنا نردد, صبرا جميلا. وهل هنالك موطن قلق كعراقنا الحبيب, انه زئبق في يد مرتعش! ويقول شيخنا الجليل::
واضيعة الامال بعد مناصبٍ *** حفظت مقاعدها لغيرة كفاة
من كل كأسٍ يستجد لنفسه *****حللا ولكن من جلود عراة
يامفقر العمال ان بك غيرهم***** سببا لاثراء البلاد فهات 
وهل هناك اكثر بلاغة من منصف للعمال من البيت الاخير فهات! ولك هذه الابيات الاخيرة من جارة القصر وجارة الكوخ! فيا لسعادة الاخيرة ويالبؤس الاولى :
اجارة هذا القصر نوحك مزعجٌ *** لآنسة فيه اكبــت على العزف
ادرت الرحى في الليل يقلق صوتها **وجارتك الحسناء تنقر بالدف
وجاورت هاتيك القصور شواهقا**** بدار بلا بهو وبيت بلا سقف
صور من الدنيا الدنية ,الصراع بين الاضداد ,والتفاوت ما بين الناس ,صولة القوي على صراخ الضعيف ,واحتجاج الفقير على ثراء الغني ,نعم الدنيا بكل متناقضاتها ما انفكت تشغل بال المصلحين,وتثير مشاعر المحتجين ,لهم أن يناضلوا لما يعشقون ,اويقفوا كما يشتهون ,فالحياة لا تبالي بهذا ,ولا بذاك ,لها موقفها ...وكفى...!!
4 - الجواهري محمد مهدي ( 1899م - 1997م) ، كتبت عنه خمس حلقات مع قصيدتي في رثائه ، تحت عنوان : على أعتاب ذكرياتس :    
 الجواهري عاش ثائراً  كالبركان   في معظم حياته الشعرية ،وعلى ذلك النهج تستمر حممه  لاهبة على عصبة الحاكمين الذين حاولوا مساومته في أوقات سابقة على عضوية في مجلس النواب، أو الاستيزار... وحين فشلوا في مساومته والنيل من عزيمته، راحوا ينفثون غضبهم، وينفذون ما يستطيعونه من أذى ومحاصرة وتجويع له، ولعائلته. وها هو يصرّح  بصرخة مدويّية دون حدود بمواقفه، كاشفاً المزيد من الحقائق، متحدياً ومذكراً بنفسه، لمن قد لا يعرف، هاك ما قذفته الأيام على لسانه بمناسبة تكريم عميد كلية الطب الدكتور هاشم الوتري سنة 1949 م بحضور الوصي على حكم العراق عبد الإله شخصياً  ، أيّ بعد عام ونيف فقط على وثبة كانون الثاني العراقية المجيدة عام 1948، نعم  يتفجر الجواهري برائعة وطنية جديدة، هزت مختلف قطاعات الجماهير الشعبية من جهة، ونخب الحاكمين والسياسيين من جهة أخرى، على حد السواء...:  
لقد ابتُلُوا بي صاعقاً مُتَلهّباً ***** وقد ابتُليتُ بهمْ جَهاماً كاذبا
حشَدوا عليَّ المُغريات ِ مُسيلة ً ***صغراً لُعابُ الأرذلينَ رغائبا
وبأنْ أروحَ ضُحىً"وزيراً"مثلَما **أصبحتُ عن أمْربليلٍ"نائبا"
ظنّاً بأنَّ يدي تُمَدُّ لتشتري *** سقط َ المتَّاع ، وأنْ أبيعَ مواهبا
وبأنْ يروحَ وراءَ ظهريَ موطنٌ ***أسمنتُ نحراً عندَه وترائبا
حتى إذا عجَموا قناة ً مَرَّةً ****شوكاءَ ، تُدمي من أتاها حاطبا
واستيأسوا منها ومن مُتخشِّب ٍ**عَنَتاً كصلِّ الرّمل ِيَنْفُخ غاضبا
حَرٍّ يُحاسِبُ نفسَهُ أنْ تَرْعَوي ***حتَّى يروحَ لِمنْ سواه مُحاسِبا
ويحوزَ مدحَ الأكثرينَ مَفاخراً****ويحوزَ ذَمَّ الأكثرينَ مثـــــالبا
حتى إذا الجُنديُّ شدَّ حِزامَهُ ****ورأى الفضيلة َ أنْ يظَلَّ مُحاربا
حَشدوا عليه الجُوعَ يَنْشِبُ نابَهُ**في جلد "أرقط َ"لا يُبالي ناشبا
وعلى شُبولِ اللَّيثِ خرقُ نعالِهم ****أزكى من المُترهِّلينَ حقائبا
وكما  بذكرالشاعر نفسه في بعض حديث ذي صلة: "... كان الجو السياسي محتدماً، وكنت أشعر أن الواجب يقضي بأن أؤكد موقفي" ، ومع موقفه الذي خطّه شعوره الواعي واللاواعي أبان لحظات الإبداع الإنسانية  ، رسم لنا ما يجب أن يكون عليه نائب  الشعب لخدمة الجمهور ، وكشفَ المستور عن المساعي المحمومة لتنصيب المأجور كنائب للشغب ، والأمر لمَن غلب ، وإن كان مِن لُعب ....!!       

لماذا يدافع الأقباط عن قتلة الأقباط؟/ مجدى نجيب وهبة

** أحداث مخزية ومخجلة يتعرض لها الأقباط فى كل دول الشرق الأوسط ، أو ما أطلقت عليه أمريكا "دول الربيع العربى" .. فقد حدثت منذ بضعة أيام فى مصر جريمة بشعة بمحافظة الأسكندرية .. تعتبر مجزرة بكل ما تعنيه الكلمة من معنى .. حيث قام إرهابى بقتل وذبح أسرة سورية مكونة من أربعة أفراد ، وبعد القبض على القاتل .. يبدو أن أحد المحامين نصحه بتلفيق قصة من نسج الخيال بأن القاتل تربطه علاقة آثمة بالمجنى عليها ، وأنها مهدت له الطريق لقتل زوجها وإبنها وقرينتهم .. وعندما شك القاتل أنها ممكن أن تقتله وتتخلص منه .. قرر أن يتخلص منها .. وهذا ما يعنى أن الجريمة الإرهابية تتحول بقدرة قادر إلى جريمة جنائية تصيب سمعة الزوجة المذبوحة ، وتعطى مبرر للإرهابى لتنفيذ جريمته ..
** جريمة أخرى أشد بشاعة هو ذبح سبعة أفراد مسيحيين من أسرة واحدة فى "أجدابيا" بليبيا ، وإلقاء جثثهم قرب أحد السواحل فى ليبيا .. وبالطبع خرجت تصريحات العديد من الأقباط والمنظمات الحقوقية لإدانة الحكومة والدولة المصرية ، والتصعيد فى حالة عدم القبض على الجناة .. وتناسى كل هؤلاء أن ضباط الشرطة فى مصر يتساقطون برصاص الإرهاب ، وتناسى الأقباط مذبحة رفح لشهداء القوات المسلحة المصرية على الحدود فى شهر رمضان منذ عامين .. وتناسى الأقباط مذبحة جنود القوات المصرية ، وهو عائدون من أجازتهم لوحدتهم العسكرية فى العريش ، وبلغ عددهم 26 جندى تم ذبحهم وقتلهم فى مشهد دموى ومأساوى ..
** فهل خرج علينا أسر هؤلاء الضحايا لمطالبة الحكومة بالبحث عن القتلة لهؤلاء المسلمين .. أم خرج الشعب المصرى أقباطا ومسلمين للمطالبة بالقصاص من الإرهابين وممن يحرضهم ..
** هذه المجازر البشعة التى تحدث للأقباط سواء فى مصر أم خارجها .. ليست أكثر من سيناريو مفتعل لشق صف الشعب المصرى ، وتصنيفه بين مسلم ومسيحى ، ودعوة الأقباط للخروج ضد الدولة المصرية ، والتحريض ضد الجيش والشرطة بزعم تقاعسهم عن حماية الأقباط بالخارج .. وبالطبع إنهالت الإتهامات ضد الحكومة ، وللأسف كالعادة لم نسمع عن إتهام واحد ضد الولايات المتحدة الأمريكية ، رغم أنها الفاعل والمحرض الرئيسى لكل هذه الجرائم ، بل أنها الراعى الرسمى لكل الإرهابيين فى منطقة الشرق الأوسط فى كل دول العالم ..
** ورغم أننا ذكرنا وحددنا ، وكتبنا أن أمريكا تحرض على قتل الأقباط ، وتحرض على حرق كنائسهم .. إلا أنه يبدو أن هناك إتفاق بين كل المنظمات الحقوقية التى يرأسها أقباط وهى مشهوره ومعروفة بالإسم ، بعدم توجيه أى إتهام لأمريكا من قريب أو بعيد .. لأن ذلك يعنى وقف التمويل والمساعدات الأمريكية أو الأوربية لهذه المنظمات .. وحتى لو حاول أحد أصحاب هذه المنظمات توجيه الإتهام لأمريكا بأنها وراء تلك الأحداث ، فإنه سرعان ما يعتذر ويوجه سهام إتهاماته إلى جماعة الإخوان المسلمين ..
** وجميعنا نتذكر الحادث الإرهابى بكنيسة القديسين بالأسكندرية .. حيث أن بعض الحقوقيين والمنظمات القبطية والمحامين الأقباط ، قدموا بلاغات ضد وزير الداخلية السابق "حبيب العادلى" ، بعد إقالته وتقديمه للمحاكمة وإتهامه فى قضايا قتل المتظاهرين .. رغم أن المنطق يقول أنه لا يمكن أن يكون حبيب العادلى له علاقة أو حتى علم بالحادثة الإرهابية ويترك هؤلاء المجرمين ينفذون جريمتهم .. ويومها خرجنا وكتبنا فى مقال قلنا فيه "إبحثوا عن حركة حماس الإرهابية فهى المنفذة لهذه الجريمة ، وإبحثوا عمن مولهم من أمريكا لبداية تنفيذ سيناريو إسقاط الدولة المصرية" .. وبعدها كتبنا مقال بعنوان "إفتحوا أبواب الرحيل حقنا للدماء" ..
** ورغم الذكريات الأليمة لهذه الجريمة البشعة .. إلا أن ما دعانى لفتح هذا الملف هو أنه لم يخرج علينا قلم قبطى واحد أو تصريح واحد لمنظمة حقوقية ، أو بعض محاميين الأقباط بإدانة أمريكا بالتحريض على هذا الحادث ..
** حوادث قتل الأقباط وتهجيرهم من منازلهم ، ونهب وحرق متاجرهم ، وإغتصاب بناتهم .. هى أحداث إجرامية وإرهابية تحدث فى كل قرى ومدن الصعيد بمصر .. بل إمتدت إلى الأسكندرية ، وعقب كل حادث تخرج علينا التصريحات من الأقباط بضرورة محاكمة الجماعات الإرهابية .. وهذه التصريحات لا تختلف كثيرا بين منظمات حقوق الإنسان التى يترأسها أقباط سواء داخل مصر أو خارجها ، وبالتحديد فى أمريكا والإتحاد الأوربى ، فكلها تصريحات للشو الإعلامى لا أكثر ولا أقل ..
** أما البحث عن الجانى الحقيقى .. فجميع الأقباط فى مصر وخارجها أصابهم الحول والغباء والتكبر والعناد والإصرار الغير مفهوم ، بعدم توجيه أى أتهام لأمريكا .. وبالطبع هذا الكلام موجه إلى كل القنوات المسيحية أو المواقع الإلكترونية أو الحركات القبطية التى ظهرت مؤخرا فى الشارع المصرى .. وإذا سألت لمصلحة من هذا التضليل ، لا يجاوبك أحد ، وكأنهم أصيبوا بفقدان السمع .. بل ينظرون لك فى بلاهة وغباء يحسدون عليه ..
** إننى أتحدى أى مسيحى فى مصر أو فى العالم ، كشف عن هذا الملف وفضح أمريكا مثلما فعلت أنا العبد الفقير .. بل أن الغريب أننى تعرضت لهجوم من صفحة "فريق التواصل الإلكترونى بوزاة الخارجية الأمريكية" بسبب ما كتبته ..
** نعود للحادث الأخير .. وهو قتل وذبح سبعة أقباط فى ليبيا .. فقد قال حسنى حبيب ، شقيق إثنين من الضحايا ، وشاهد عيان .. قال "هاجمنا ملثمون وهم يشهرون السلاح فى وجوهنا ويسألون أين النصارى ؟ .. وفحصوا أيدينا ليروا علامة الصليب ، وخطفوا إخواتنا فسارعنا للشرطة ، ظنا أنهم هناك ، فأخبرونا أنهم لم يقبضوا على أحد ..
** نعم .. لقد قتلهم أنصار الإخوان فى ليبيا بمباركة أمريكا الدولة العاهرة ، وصمت مطلق من كل أقباط العالم ..  ودعونا نسرد ما هى ردود الأفعال حول هذا الحادث !!..
حركة صرخة الأقباط .. أدانت حادثة مقتل سبعة مصريين فى ليبيا لكونهم مسيحيين ، معتبرة أن الحادث ليس الأول من نوعه ضد المسيحيين .. بل سبقه عمليات قتل جماعى للأقباط ، وطالبت الحركة الخارجية المصرية بسرعة التحرك وإعادة حق الشهداء السبعة ..
إتحاد شباب ماسبيرو للتنمية وحقوق الإنسان .. وصفوا الحادث الذى تعرض له الأقباط المصريين فى ليبيا أنه مأساة متكررة تقف الحكومة المصرية موقف المتفرج ، وكأن المصيبة لا تعنيها ، وطالب الإتحاد الحكومة المصرية بإتخاذ موقف حاسم تجاه السلطات الليبية للثأر لأبناء مصر ، كما طالب بإتخاذ إجراءات تضمن سلامة المصريين فى ليبيا .. مشيرا إلى أن الغضب القبطى بدأ يتزايد من تقاعس الحكومات المتتالية تجاه حقوق الأقباط ..
كمال زاخر .. لا أعرف أى قضية يدافع عنها .. يقال أنه علمانى دائم الهجوم على الكنيسة ، ولا يعنيه من قريب أو بعيد ما يتعرض له الأقباط ، ولكن ما يعنيه فقط هو لائحة إختيار البطريرك التى أصدرها البابا على أن يكون بالإنتخاب وليس بالقرعة الهيكلية التى لا يعترف بها ، ويتناسى أن القرعة الهيكلية هى طقس إنجيلى تصب فى لب العقيدة المسيحية .. بعيدا عن صراع الإنتخابات لإختيار البابا .. وهو ما يسعى إليه كمال زاخر .. ولكن الأهم من ذلك ، ما هو موقفه تجاه ما يحدث للأقباط فى مصر ، وسوريا ، والعراق ، وليبيا ، ومن هو المحرض على قتلهم .. وهل خرج علينا لإدانة أمريكا ووصفها بأنها الشيطان الأكبر فى العالم .. أعتقد أن الإجابة ستكون بالنفى ..
المناضل السياسى "شريف دوس" .. يختفى فى ظروف غامضة ثم يظهر فجأة ليدعو لعقد مؤتمر بإحدى الفنادق على النيل ، ويدعو صفوة المجتمع وبعض الكتاب المادحين لأفكاره وبعض القنوات الإعلامية لتصوير هذه المشاهد .. وينتهى المؤتمر كما بدأ .. بل بصدور بعض تصريحات المتواجدين بالمؤتمر بفشل المؤتمر ، ولم يحقق أهدافه .. هل سمعنا أن الأستاذ شريف دوس أدان الموقف الأمريكى وتحريضهم ليس على الدولة المصرية فقط ، بل ضد الأقباط فى مصر وخارجها .. الإجابة لم نسمع ..
مدحت قلادة ، رئيس إتحاد المنظمات القبطية الأوربية .. مشهور بتصريحاته العنترية ومؤتمراته فى هولندا ، ودعوة بعض المصريين من المشاهير لحضور المؤتمر ، ويعقد المؤتمر وينتهى ثم يتبخر فى الهواء ، ولا نجد أى سبب واحد لعقد هذه المؤتمرات والحديث بإسم أقباط مصر .. بينما أقباط مصر لا يعلمون شئ عن هذه المؤتمرات ، ولا حتى عن المدعوون للحضور ، أو أهدافها .. وهل هى نوع من الفشخرة السياسية والشو الإعلامى .. الله أعلم !!..
الأخ الحمساوى "جورج إسحق" .. لا أعرف ما هى ديانة الأخ الملتحى جورج إسحق .. فهل هو مسيحى الديانة بالفعل .. وإذا كان كذلك ، فهل أصدر جورج إسحق بيان ولو لمجرد كلمتين يدين فيه المؤامرة الأمريكية التى تعمل ليلا نهارا لإسقاط الدولة المصرية ، والمعروف أن الأستاذ جورج إسحق ينتمى لمنظمات حقوق الإنسان ، وله علاقة عاطفية مع الإدارة الأمريكية ، وأحيانا يهاجم الكنيسة .. هذا كله لا يهم ، ولكن أهم ما يعنيه هو تواطئ الإعلام مع كل هؤلاء فى قتل الأقباط ، وتعرضهم للمهانة ..
** فى النهاية .. يختفى صوت هذه المنظمات .. لأنها تدرك أن مصر تعانى من الإرهاب .. فلا يمكن أن توجه الإتهامات لحكومة ولا للداخلية بالتقاعس عن حماية الأقباط ، ومخطط تهجير أقباط مصر ، و.... ، والعديد من الإتهامات التى مللنا من تكرارها ..
** والسؤال هنا .. إذا لم تجد منظمة الإتحاد الأوربى للأقباط فى هولندا أو أى دولة أوربية .. ذريعة لإتهام الحكومة المصرية .. فمن إذن هو المتهم ؟ .. هل توجهت هذه المنظمات بإتهام أمريكا بالتحريض على قتل الأقباط فى مصر وخارجها ؟ .. والدليل هو دعم أمريكا للإرهاب فى مصر ، وهذا معروف للجميع .. ودعم أمريكا للإرهاب فى ليبيا ، وهذا أيضا معلوم للجميع .. ودعم أمريكا للإرهاب فى سوريا لإسقاط الدولة السورية ، بعد سقوط ليبيا .. وظهور ما يسمى بالجيش الحر ، وهذا أيضا معلوم للجميع .. وهؤلاء الإرهابيين هم من يقتلوا الأقباط فى مصر وخارجها ..
** إذا كان هذا ما يحدث .. وهذا هو المخطط الأمريكى .. فهل أدانت أى منظمة قبطية بالخارج ما تفعله أمريكا ؟ .. الإجابة لا يوجد منظمات حقوق إنسان قبطية فى مصر .. وهنا أقصد بعض المنظمات التى يرأسها مصرى قبطى ، ومعروفين بالإسم .. ومعظم هذه المنظمات إتخذوا من إسم منظمة حقوق الإنسان سبوبة للتربح ، بل أن بعض هذه المنظمات وضعوا لافتة على مدخل العقار الذي يقيمون فيه ، وجلسوا أمام جهاز لاب توب ، وليس لهم أى عمل تجارى أو وظيفة إلا التربح من وراء هذه اللافتة ، والهرولة وراء أى حادث طائفى ، وعمل ملف به ، وإرساله إلى أمريكا لقبض المعلوم .. هذا معلوم للجميع وللأسف هم لا يخجلون من التجارة بإسم الأقباط منذ عصر السادات مرورا بمبارك حتى سقوط حكم الإخوان ، ثم العودة لنفس النغمة مع عدم توجيه أى إتهام للقاتل الحقيقى .. رغم أنهم يعلمون أن القاتل الحقيقى والمحرض والراعى الرسمى للإرهاب فى العالم هى أمريكا .. ورغم ذلك هم يطبقون المثل القائل "حبيبك يبلعلك الزلط وعدوك يستنالك الغلط" .. فالأقباط فى مصر وفى العالم كله يبلعون لأمريكا الزلط ، ثم يبحثون عن الشريك أو الأداة التى تحركها أمريكا لإتهام الدولة المصرية  والأمن المصرى .. بأنه هو المحرك للإرهابيين ..
** وأتساءل .. هل هذا جبن أم خوف على مصالحهم مع العاهرة أمريكا .. أم أن البعض ينتظر المكافأت والهدايا والسفر إلى أمريكا لحضور المؤتمرات بعد أن تكون مصر قد ضاعت إلى الأبد بدون رجعة .. لأنه ببساطة شديدة ستجد كل من ذكرت أسماءهم فى المقال ، أو منظمة حقوقية ، أو حركة قبطية هم ضيوف دائمين على بعض القنوات ، وهم المتحدثون فى الإعلام بإسم الأقباط .. لذلك فألام الأقباط الحقيقية لا تصل إلى أى جهة ، ولا يتم فضح القتلة الحقيقيين للأقباط ، بل الجميع تاه وفسد ، وباعوا ضمائرهم للشيطان الأكبر فى العالم ، وهو أوباما والإتحاد الأوربى وبريطانيا ..
** أما ما يثير الضحك والسخرية هو قرارات بعض منظمات حقوق الإنسان ، وتصريحاتهم بعقد مؤتمر هام وخطير للكشف عن الأيادى الخفية وراء مقتل الأقباط فى ليبيا .. ثم يدعون كل وسائل الإعلام التى تهرول مسرعة لنقل وقائع هذا المؤتمر ، وتخرج التوصيات والقرارات بإدانة جماعة الإخوان المسلمين فى الحادث الإرهابى ، وبالطبع سيصفق الجميع بعد أن كشف المؤتمر عن سر شويبس .. ولن يقولوا لك أن ما يحدث فى سوريا ضد الأقباط ، وحرق كنائسهم ، وما يحدث فى العراق وتهجيرهم وحرق كنائسهم .. وما يحدث فى ليبيا ومصر هو نفس المخطط الذى تديره أمريكا لتسليم كل هذه الدول للإرهابيين لإسقاط وإعادة تقسيم منطقة الشرق الأوسط بالكامل .. وهو المخطط الذى دعت إليه كونداليزا رايس وزيرة الخارجية الأمريكية منذ عام 2004 ..
** وسؤالنا الأخير عقب هذه المجزرة البشعة فى ليبيا .. من قتل هؤلاء الأقباط ؟ .. الإجابة هى الأقباط أنفسهم ، وكل من ينتمى لمجالس حقوق الإنسان ، وكل القنوات المسيحية فى مصر وخارجها ، والتى أعتقد أن أصحابها يعلمون أنهم مشاركون فى جرائم قتل الأقباط بسبب التعمد فى برامجهم بتضليل وعدم كشف القاتل الحقيقى للأقباط .. هؤلاء عليهم أن يخجلوا من أنفسهم ، رغم أننى أعلم جيدا أنهم لن يهتموا ولن يعترفوا بالحقيقة ، وسيظل الأقباط يعانون من إضطهاد وقتل وطرد ، حتى يأتى الإنتقام الإلهى من أمريكا وشعبها الذين صمتوا على هذا الظلم ليبيد هذه الدولة من فوق سطح الأرض ، ويحاسب كل من ساهم وشارك فى سفك دماء هؤلاء الأقباط .. ولا عزاء لأقباط مصر وسوريا وليبيا والعراق .. فهم يقتلون وعيونهم إلى السماء فهى عزائهم الوحيد ..


أخضر وأحمر/ عصام ملكي

بلادي هجرهـــا رْغيف المقمَّر
ومن ها المجاعه الشعب متذمَّر
مــــا فـي حَـدا بيقول: الله يعين
ومرّه عــــا زنـدو بالغلط شمَّر.

عنَّا حرب هابيل مــــع قـــايين
وإلنا انكتب تــــا نْضـلّ نتمرمر
راحة فكر مــا عندنا مـن سنين
تقمَّـص بياض قلوبنا الأسمَـــر.

عِنَّا بعـض حكَّــام خـــرفــانـيـن
خَلّو البِنا عالشعب يـــتـــدمَّـــــر
وبعدن بيقولــو: مين متلُن مين؟
وعا الكُوع منهُن ما حَـدا زمَّـر.

نسيو الأبانا ونؤمــــــن وآمـيـن
وتلج العاروس جبالنا جَـــــمَّـــر
يـــا تونغ يـــا باراك يــــا بوتين
الأخضر إذا مـــا دبَّر الأحـــوال
جيبو حَــــدا من عندكن أحـمــر.
                        

بدرٌ في أرجائي/ وعد جرجس


لا تختبر صبري 

فصبري من وفائي  

عرّج على روحي 

كفاني من بلائي     
     

لو  سمّي  الإخلاص  

شمعة  لكنتُها  

 وكّنتَ    أنتَ    

 شعلةَ    ارتوائي      


  لستُ   كما   أيّوبَ

   لكن  ربما      

أيوبُ   غافلني 

بلمسِ   ردائي 


فكما   هو صلّى 

 وناشدَ  باكياً 

  أيضاً  أنا  شقّيتُ

 صدرَ سمائي 

    
     وكما  أنا   بالرّيحِ 

سروة  صامدة

 أطرافي   تمتنعُ 

 بعرقِ  عنائي


    يا  أيها  المسجونُ 

فيَّ اعتصم      

فنوافذُ  السجنِ 

 تسرّبُ   مائي 


   لحظة  غفلتُ عنِ

الأسوار غافيةً  

       فصحوتُ غارقةً

ببحرِ دمائي 


عشقي أنا صبرٌ

 وصبري  لهفةٌ

  وبينهُمُ   ترى  

 الشِّعرَ   دوائي 


  الجفن حين يغطي

 العينَ يلفعني         

عند اكتمال البدر 

في أرجائي 



    مرّة هجرتَ الليل

 فيَّ سارحاً 

فزهدتُ عن نومي

 ألمُّ بكائي 


هل   يدركُ  

 المسجونُ   فيَّ  أنّهُ

 سجني وسجّاني 

وجعبةَ دائي ؟   

    
   هلهلتُ  في  حلمي 

لأنّكَ  لمتني       

فاللومُ    كالنّارِ  

يزيلُ    شتائي 


وعندما  استيقظتُ 

 كنتَ مسافراً  

 في البُعدِ ترجمُني 

بمحوِ بقائي   


   !!يكفي  نواحٌ  ثكلةٌ

 أنت  بهِ؟  

فليُدفن  المرحومُ

 في أحشائي!


لا قبلةً  أرضاها 

بعد  ملامةٍ 

فالعودة بعدَ 

اللومِ كالإعياءِ  


  والآنَ   أطلقتُ  

 سراحكَ   بيدي  

ولك الخيارُ بحبسي

  أو إقصائي    

نــــــــــــــــــــــور/ رجاء محمد زروقي

في ذكرى رحيلها الأوّل وهي ... عروس تلتحف بشراشف بياض المهد الأبدي..
**
ذات 24 فيبروس  
تموّج النّجم 
وما سرى 
تمخّض البحر 
وما جرى 
تكوّم الزمن 
وما درى 
بأنّك " نور" بصرُ الدّنيا
والتاريخ.. أبكم .. أصمّ 
بعدك .. لا يرى 
***--***--*** 
نور" قد أُُدخل الضّيم
على متموّجات مدارك الزّمن
وقد أُُلغي ظلّي 
وأُُهرّب ما تبقّى من ملامح 
هذا الوطن 
حتّى ألقاني واضمني 
ذات سادن عدم 
***--***--***
"بكيت وقلت ومن مثلي بالبكاء جدير"
أأهفو إليك يا أخيّه..؟
 أم تريْن الجناح كسيرا
لعلّي في هفوي أعود إليّ
 ويُسعفني الفؤاد وأطير
تكدّر الزمن لأفولك أخيه
 وما عاد بفيْء "الوادي" الحبور
أضعتني بعدك وما عُدت أعرفني
 ولا إليّ أهتدي 
ولا يهتدي إليّ المرور
وأضحت ذكراك تُحاكمني 
وتقضي بأن أُُعدم على وشك الفرح
أو على قدر شبر من السرور 
*** -- *** -- ***
كنت نصف ما على الدنيا
وحين رحلت أخذت النصف الآخر
فما جدوى مرايا لا ترتدي ملامح عبورنا
وما جدوى أديم يتدثّر أسمالنا
 وما يهتدي لمرورنا 
وما جدوى نمارق تجفّ أغصانها للتّو
 من جمر فلوات منذور نفورنا
ونحن على هذا المستوى الممنوع من وسن الدنيا
بين دفّتيْ زمن يُجهض أجنّة  تبرير شرورنا
ويُدخلنا لإقامة جبرية 
لنزاول فينا مُجزل سادية لذّة الغيابات 
الحزينة دائما أختك رجاء محمد زروقي
Raja.zarrouki@hotmail.com

اختيار/ محمد أوقري

عجبا كيف تدلت في أوطاننا                             
هذه الحبال                                     
كيف صرنا لعبة                                
تحركها خيوط 
من خلف الستار               
فهل أخطأ الوحي حين استثنى النساء                          
واكتفى بالرجال 
أم أن هذا 
هو الإختيار                                   
فما عدنا نفرق                                    
بين شيوخ  وعيال                                 
ولا إن كنا في السفح                                
أم نحن على قمم الجبال                               
فهنا  صمت                                    
وهناك ضجيج                                     
ووقع اقتتال                                   
والملحن داهية محتال                                 
في أوطاننا يعيش السوي بانفعال                           
ونحن ما زلنا نتحاشى                                 
طرح السؤال                                     
فلا تكتبوا بعد الآن شيئا عني                            
كي لا تقطعوا لحني                                 
وقولوا فقط أني                                   
من هنا مررت أغني                                
قبل أن يجهز الوالي                                
مراسم دفني                                    
قولوا أني                                    
ما عدت أميز بيني وبيني                             
ولا تكتبوا                                     
فإن فعلتم فهذا يعني                              
أنكم تودون الإبتعاد عني .                
**
سواسية 
سواسية نحن                                    
  كخطوط سكة حديدية                                
ممددين                                        
كي يمر القطار                                    
وينعم الطاغية                                    
يوزع على الناس                                    
   السلام                                        
والتحية                                        
سواسية                                        
ككل ساكنة البادية                                    
منسيون                                        
وأجساد عارية                                    
لا تصلح لشيء غير الولاء                              
وحفظ الذاكرة البالية                                  
 فرتل ما شئت من سورة البقر                                    
رتلها على أنغام الوتر                                        
سلط لعناتك                                              
ومآسي  القدر                                        
ابن الأسوار عالية                                        
دعمها بالحديد والحجر                                      
واقطع كل أنواع الشجر                                      
فلن تستطيع إعدام                                          
كل البشر               

د. محمد أبو الغار.. و"سلاحف النينجا"/ مجدي نجيب وهبة

** لست من هواة قراءة أى مقال للدكتور "محمد أبو الغار" ، أو حتى من هواة مشاهدته فى الإعلام المرئى .. فهو يصيبنى بحالة رعاش مفصلى .. والبحث عن مترجم للشفرات والإيحاءات التى يطلقها "أبو الغار" فى حواره ولقاءاته السمجة والمملة على القنوات الفضائية ..
** ولكن بالصدفة قرأت مقال لـ "محمد أبو الغار" فى جريدة المصرى اليوم ، ولأننا فى مولد وصاحبه غايب .. فقد أفصح "أبو الغار" عن وجود كارثة وأزمة يمر بها أعداد ضخمة من الشباب المصرى المدنى ، والذى يحوى شباب الثورة والأحزاب والجمعية الأهلية ، وكل شباب المجتمع المدنى الوطنى ، وشباب الجامعات ، وشباب الأقباط ، وحتى شباب حزب الكنبة ..
** تتمثل هذه الأزمة فى علاقة الداخلية بالشباب وفقدان الثقة فى النظام كله ، وقد ظهرت ملامحها حين قاطع أعداد من الشباب الإستفتاء على الدستور .. ولخص "أبو الغار" مشاكل الشباب فى :
إبعادهم عن المشاركة السياسية .
حملة منظمة لتشويه صورة الشباب أمام المجتمع ، وقد قام بهذه الحملة أعوان الدولة العميقة ، مباحث أمن الدولة العائدون للإنتقام .. وكذلك بعض وسائل الإعلام ..
القبض على مجموعات مختلفى من الشباب المدنى بإتهامات فى معظمها باطلة وتجديد حبسهم ..
الإعتداءات الوحشية على بعض الشباب داخل أقسام الشرطة مثل حالة "خالد سعيد" ، و"ناجى كامل" ، ولم يتم محاسبة المسئولين عن التعذيب ، ولخرق القانون .. وهذا يعنى أن الدولة تؤيد هذا التصرف دون محاكمة ومحاسبة لضباط أمن الدولة وضباط الأقسام ..
هناك خوف بدأ يتزايد فى المجتمع بأن هناك دلائل خطر على الديمقراطية وعلى حرية الرأى ..
** ويضع "أبو الغار" حلولا للخروج من أزمة الشباب فى الأتى ..
أولا .. الإفراج عنهم جميعا إلا من تثبت عليه جرم حقيقى .
ثانيا .. إحتواء هذا الشباب الوطنى فى المرحلة الأولى ضمن ما كنت قد إقترحته على السلطات العليا بإنشاء شئ مشابه لمنظمة الشباب التى أسسها عبد الناصر ، لإمتصاص غضب الشباب ، ولدمجه فى العمل السياسى الوطنى .
ثالثا .. على الشرطة أن تركز على المؤامرات المواجهة إلى الدولة من الداخل والخارج ، وتكافح الجاسوسية ، ولتعلم الشرطة أن عهد مبارك لن يعود ..
رابعا .. مساعدة الشباب للوصول إلى المناصب القيادية ..
خامسا .. إعادة النظر فى قانون التظاهر بحيث يتعايش مع قوانين التظاهر فى الغرب ..
سادسا .. أن المجتمع والشرطة فى معركة عنيفة وكبيرة مع الإخوان ، ولا يمكن أن تدخل الشرطة فى معركة أخرى مع الشباب المدنى .. ثم يختتم أبو الغار مقاله بهذه المقولة "قوم يامصرى .. مصر دايما بتناديك" ..
** بالطبع .. أشعر أن القارئ المحترم أصيب بشئ من القرف ، وهو يقرأ تلك السطور ، وللرد على الأخ "أبو الغار" .. ما معنى كلمة الشباب المصرى المدنى .. هل يوجد شباب مصرى وشباب تايوانى وشباب صينى .. بصراحة أول مرة أعرف حكاية الشباب المصرى المدنى ، والجمعيات الأهلية ، والجامعات ، والأقباط .. حتى أن أبو الغار جه على نفسه وعصر شوية ليمون وكتب حتى شباب حزب الكنبة ..
** ياترى ما هى مواصفات الشباب فى رأى أبو الغار .. هل الشباب هم المجموعة العاطلين بالوراثة الذين يرفضون أى أعمال داخل مصر إلا إذا إشترط ننوس عين أمه أن يجلس على مكتب وتحت يده سيارة ، وبجواره سكرتيرة شيك للمقابلات الرسمية ، وسكرتيرة أخرى للفسح والذى منه .. وبالطبع لا بد أن يكون لديه مجموعة من الهواتف المحمولة .. وأى عمل أخر فهؤلاء الشباب يرفضونه جملة وتفصيلا ، فهناك ملايين الوظائف التى تحتاج إلى جهد الشباب .. ولكن لا نجد لا شباب ولا شابات بدون الشروط التى سبق أن ذكرتها ..
** أما إذا سافر نماذج من هؤلاء الشباب إلى الخارج ، فليس لديه مانع من غسل الأطباق أو العمل بجراج سيارات ، أو التسول ، أو بيع السلاسل فى ميدان نابولى بإيطاليا ، وربما تدفعه الظروف إلى الزواج بسيدة بدينة مسنة حتى يستطيع الحصول على الجنسية ، ثم المعونة لتوفر له ثمن البيرة وعلبة السجائر ..
** هل الشباب هم تلك المجموعات التى لا عمل لها إلا ملاحقة القنوات الفضائية والجلوس أمام الكاميرات ليمتعونا بأقبح الحوارات وأسمج الأراء ؟.. هل الشباب هم الذين يحملون بعض الأوراق ويقفون على النواصى يسجلون تعليقاتهم عن الحوار والمجتمع المدنى ومشاكل الدولة ، ثم يضعون تقارير مزوره ومضللة لتضليل المجتمع بأخبارهم الكاذبة .. هل الشباب هم تلك المجموعات التى تكبر الـ "جى" ، وتروق الـ "دى" .. هل الشباب هم الذين يجلسون لعمل دماغ وضرب صواريخ ترامادول وحشيش وبانجو ..
** أما شباب سلاحف النينجا الذين يتحدث عنهم أبو الغار .. فهم بعض الشباب الذين شاركوا الإخوان فى نكسة 25 يناير ، وكانوا يأملون أن يحصدوا المراكز والمناصب بالمشاركة مع جماعة الإخوان الإرهابيين .. ولكن الإخوان عاملين مثل الفريك مايحبوش أى شريك .. ولذلك فالإخوان رفضوا حزب الجبهة والحزب الديمقراطى ، وحزب الغد ، وحزب الدستور ، وحزب الوفد ، وطردوهم من نعيم الإخوان شر طردة ، مما أزعج هؤلاء الشباب فكونوا مع رؤسائهم فى هذه الأحزاب الكارتونية الهشة ما أطلقوا عليه جبهة الإنقاذ ، أو سلاحف النينجا ، والتى إكتشف الشعب المصرى إنها لم تكن إلا حزب الخراب وجبهة المنافع التى ضمت السيد البدوى ،  ومحمد أبو الغار ، وحمدين صباحى ، ومحمد البرادعى ، وخالد داوود ، وعمرو موسى ، والعديد من الوجوه التى سئمنا سماع اصواتهم ..
** هذه الوجوه بعد خروج الشعب فى 30 يونيو 2013 ، وأطاحوا بالإخوان ، ووضعوهم بالسجون لمحاكمتهم .. عادوا بعد أن إعتقدوا إنهم هم من أطاحوا بالإخوان ، وهم من خرجوا فى 30 يونيو 2013 .. وهم من قدموا شهداء وجرحى لتحرير الوطن من طاعون الإخوان المسلمين .. وتناسوا هؤلاء الشباب إنهم فصيل ينتمى لفكر الإخوان الإرهابى ، ولكنهم إستخدموا بعض العبارات الإنشائية التى عفى عليها الزمن والأيام .. وهى شعارات الثورة ، والدولة العميقة ، والإعتداءات الوحشية والتعذيب ، وخرق القانون ، والقضاء على الديمقراطية .. ويجب محاكمة الشرطة والداخلية ، وإعادة غلق مكاتب أمن الدولة .. لأن الشباب ثائر ولا يجب نشر التسريبات التى كشفت زيف هؤلاء النصابين .. أسف أقصد الشباب .. ويجب محاكمة كل المسئولين على عدم إعطاء الشباب فرصة الوصول للمناصب السيادية كالمحافظين والوزراء ..
** وللعودة إلى فرض هؤلاء الشباب على المجتمع المصرى بديلا عن الإخوان ، فلا بد كما يرى أبو الغار وقف كل الحملات التى يوجهها الإعلام لهؤلاء الشباب  ومحاكمة الصحفى والإعلامى عبد الرحيم على ، وذلك بسبب فضح هؤلاء الشباب .. والكارثة أن محمد أبو الغار لا يخجل من نفسه ، ولا يخجل من أكاذيبه وهو يدافع عن هؤلاء الخونة المأجورين ، ويزعم أنهم شباب الثورة .. ياأخى قرفتونا .. الله يلعن الثورة وعلى اليوم اللى ضحكتوا على الشعب بالتعاون مع أمريكا لإسقاط الدولة المصرية بإسم الثورة ومطالب الثوار وحقوق الشهداء ومكاسب الثورة .. قرفتونا فى عيشتنا الله يقرفكم ويقرف اللى خلفوكم ..
** أما أخر مقترحات الأخ أبو الغار لسلاحف النينجا .. هى ضم سلاحف النينجا فى معسكر شبابى أشبه بمنظمة الشباب التى أسسها عبد الناصر ، والتى أطلق عليها الإتحاد الإشتراكى .. هذا التنظيم هو أسوأ ما لطخ حكم الرئيس الراحل "جمال عبد الناصر" ، والذى تحول إلى أداة للبطش بالرأسمالية الحرة ، وأصحاب الشركات والمصانع ونسف الدولة من جذورها من جراء تأمين الممتلكات الخاصة ، وتأمين المصانع .. مما أدى إلى إنهيار السوق الإقتصادى فى مصر .. وبدأ زمن البطالة ..
** أعتقد أن هذا النظام ألغاه الرئيس الراحل محمد أنور السادات ، وأطلق حرية رؤوس الأموال ، وحرية التجارة ، وحرية الإبداع .. والأن يبدو أن الأخ أبو الغار وجد إعجاب بعض الشباب بزمن عبد الناصر فأطلق لخرافاته العنان لعودة الإتحاد الإشتراكى لتخريب الدولة أكثر ما هى خربانة !!..
** واعيد ما سبق أن ذكرته قبل ذلك بأن الثورة الوحيدة التى عرفتها مصر بعد ثورة 23 يوليو هى ثورة 30 يونيو 2013 .. أما حكاية 25 يناير فليتكم أيها الأغبياء تعترفون أنها وكسة ونكسة ومؤامرة دنيئة تدين كل من شارك فيها سواء إتهامه بالغباء السياسى والفكرى ، أو إتهامه بالتآمر مع بعض العملاء والخونة الذين قادهم وائل غنيم ، عبر صفحة ملك البانجو "خالد سعيد" وشاركته "أسماء محفوظ" ، و"نوارة نجم" ، و"أيمن نور" ، و"محمد البرادعى" ، و"خالد داوود" ، و"علاء عبد الفتاح" ، و"أحمد ماهر" ، و"أحمد دومة" ، و"وائل غنيم" ،  والإعلام المصرى بكل قنواته وبرامجه ..
** هذا هو المخطط الذى ضم أسماء كبيرة وكثيرة عادت للظهور بوجه أخر أمثال الإستشارى "ممدوح حمزة" ، و"جورج إسحق" ، و"محمد أبو الغار" ، و"حمدين صباحى" ، و"عمرو موسى" ، و"السيد البدوى" ، ومن الصحفيين "جمال فهمى" ، و"ضياء رشوان" ، و"فهمى هويدى" ، و"حسن نافعة" ، والعديد ..
** كل هؤلاء كانوا يحركون الإخوان والشباب وبعد 30 يونيو أداروا ظهورهم للإخوان بعد عزل مرسى العياط ، وعادوا بنفس الأدوات وهم الشباب للعودة إلى الحكم والسلطة والدولة .. وهناك نموذج أمامنا وهى حكومة الببلاوى بكل ما تضمه من رموز أمثال "حازم الببلاوى" و"حسام عيسى" و"أحمد البرعى" و"زياد بهاء الدين" و"احمد المسلمانى" و"مصطفى حجازى" والعديد ..
** كل هؤلاء لا تجدهم يتحدثون بمفردهم ، بل دائما يتحدثون بإسم الشباب ومطالب الشباب وتمكين الشباب ، وليس لديهم سوى العودة لنفس سيناريو ومخطط إسقاط الشرطة ونفس النغمة وهى إدانة الشرطة وأمن الدولة ، ثم الإنقلاب على حكم العسكر ، ومحاولة كسر الجيش المصرى للعودة لنفس مخطط الفوضى الذى يسعى إليه محمد أبو الغار ، أو حمدين صباحى ، والسيد البدوى ، أو رئيس الحكومة حازم الببلاوى ومستشارى رئيس الدولة ..
** هذه هى الكارثة التى تعيشها مصر الأن من مجموعة من البلطجية والمرتزقة ، يطلق عليهم الأخ "أبو الغار" كارثة فى ملف الشباب" .. فهل يعلم أبو الغار أنه يتحدث عن شباب كبر الـ "جى" وروق الـ "دى" ، وجماعة سلاحف النينجا الكارتونية ؟.. إرحمونا يرحمكم الله !!!
مجدى نجيب وهبة
صوت الأقباط المصريين

يا من كنت صديقي/ جمال قارصلي

يا من كنت صديقي كم يؤلمني صمتك الطويل على الجراح
ألا تسمع بكاء الأمهات وإستنجاد الأطفال والنواح
الحجر يبكي ألما والأهالي يستغيثون بين أنين وصياح
والشجر يندب على شعب طعنه الغدر بالسيوف والرماح
والطير هجر التغريد مكتئبا والوطن تملأه المآسي كل صباح
والسماء تذرف دما صار شلالا تسمع هديره من كل ناح
والأرض فتحت صدرها لشهداء صار الرصاص لهم وشاح
ألم تر كيف الصواريخ البالستية دمرت بيوتنا وحرقت البطاح
والقنابل العنقودية جعلت من مدننا ركاما تعيث بها الرياح
والكيمياوية قتلت أطفالنا الأبرياء في كل قصف وإجتياح
أليست مدينتي مدينتك وأهلي أهلك ونحن أخوة في الكفاح
وأليس وطننا ومصيرنا واحد فالندافع عنه بكل أنواع السلاح 
لماذا لا تقول لا! للطاغية وتصبح للثورة مشعلا ومصباح
وتشجب المجازر اليومية وتهتف للحرية والتغيير والإصلاح
وتطالب بإطلاق سراح المعتقلين من زنازن القاتل السفاح
وتسعى إلى إعادة المهجرين إلى وطن مليء بالأخوّة والسماح
وتعمل على إعادة سكان المخيمات إلى بيوت لها باب ومفتاح 
وتجهد نفسك على فك الحصار عن مدن منكوبة بقوة والسلاح 
صمتك صار عارا علينا وهل يدعك ضميرك تنام في إرتياح
لقد خاب ظني بك لأنك صامت ووصلت إلى هذا الحد من الإنبطاح


أنسي الحاج شاعر الليل يترجل ويعانق الموت/ شاكر فريد حسن

رحل عن دنيانا اليوم الشاعر الرشيق والكاتب العظيم أنسي الحاج  ، صاحب الباع الطويل في النهضة الشعرية والأدبية اللبنانية والعربية المعاصرة ، بعد صراع قاس ومرير مع المرض .
 وأنسي شاعر رومانطيقي حاد ، عنيف ، رقيق ، نقي ، وغامض ، ظلت جذوة الثورة الملتهبة والمتجددة في قصائده النثرية، كأنه في العشرينات من عمره . عاش  أحياته في العقود الأخيرة بعزلة تامة ..عزلة الأنقياء ـ كما يسميها عبده وازن ـ فكان ينام في النهار بعيداً عن الصخب وضوضاء الشوارع، ويسهر في الليل إلى أن يطلع الفجر وتزقزق العصافير ، يقرأ ويكتب ما يعانيه من آلام ومشاعر وأفكار وأحلام ويقدم نمطاً شعرياً غير مسبوق، رافضاً التسويق الإعلامي والمساومة في سوق النخاسة الشعرية والمشاركة في الندوات الشعرية والأدبية والأمسيات الثقافية.

أنسي الحاج من مؤسسي الحداثة الشعرية مع بداية ستينيات القرن الماضي ، شارك مع كوكبة مضيئة من الشعراء والمبدعين العرب، وفي طليعتهم :"علي احمد سعيد (ا،دونيس) ويوسف الخال وشوقي أبي شقرا "وغيرهم، في احداث ثورة في اللغة الشعرية باختيار قصيدة النثر كتعبير عن الحداثة الشعرية بعد أن كان نظام التفعيلة الذي فرض نفسه على أيدي بدر شاكر السيّاب ونازك الملائكة وعبد الوهاب البياتي وبلند الحيدري، وشكل ثورة الحداثة الشعرية.

أنسي الحاج وريث المدرسة السوريالية، وظّف جمالياتها في سياق قصيدته وجعل منها أساس معماره الشعري الذي بقي يتجدد ويعلو يوماً بعد يوم منذ ديوانه "لن" ومروراً بـ"الرأس المقطوع" و"ماضي الأيام الاتية"و"ماذا صنعت بالذهب، ماذا فعلت بالوردة" ثم أخذت هذه النبرة تخفت شيئاً فشيئاً في "الرسولة بشعرها الطويل" حتى شهدت انحساراً واضحاً في "الوليمة" التي جاءت بعد انقطاع شعري دام أكثر من عشر سنوات، فنراه في هذا الديوان يميل الى الاختزال واستخدام تعبيرات ذات مسحة رومانطيقية معطوفة على لغة نثرية واضحة وجلية.

أنسي الحاج شاعر بلا خطيئة ، بنقاوة البلور وطهر العذارى، وشاعر الحب بامتياز، جعل المرأة كياناً يختزن البعد الإنساني بأكمله، ويرى فيها مصدراً للوحي ومؤشراً للبقاء،وعلامة الديمومة ،تحتفظ بنبض الكون وشرارته، المثال والنموذج، الميلاد والطهارة، الرغبة والعفة، وتجسيداً للعبث الناتج عن جدلية الموت والحياة.. فيقول: 
كما أنا جذورك أنت حريتي 
وكما أنا الذاكرة 
أنت موقظة الكلمات في كهوف الذاكرة 
وكما أن الصقيع نارك، النار صقيعك
ناديت لاعناً جمالك
وها أنا أغرق فيه
ألوت بي ابتسامتك
كما يلوي البرق في السحاب
الدهر انزاح عني
كل الاعمار لهذه الأنفس
ولا عمر لها 
ميثاق الوهم ميثاقي
طيري بي ولا تلقيني 
نظرتك تفصل بين حياتي وموتي.

أنسي الحاج يتدفق بالوهج العاطفي ويعطي القصيدة ثراءها وخصوبتها، ويحفر في اللغة بأزميل كلماته الغاضبة الثائرة المتمردة، وشماً ونقوشاً من لهب ونار، والشعر في نظره بمثابة المقدس الذي لا يمكن تدنيسه. ومنذ صدور ديوانه الأول"لن" وهو مصلوب على صلبان حبه وكده وأمله وحلمه فوق كتفيه وفوق الرق واليراع متسائلاً في نهاية ديوانه" الوليمة":
تريدون شعراً،
ومتى كان الشاعر يكتب شعراً
تريدونه في سره في تأليفه 
تريدون تلك الظلال، وذلك التجديد 
وتريدون الرموز والاشكال!
والموسيقى والصور!
اذهبوا اخرجوا من هذه الغرفة 
كان شعر، ولم تكن عفوية
وكانت عفوية، ولم يكن شعر
وكان الشعر والعفوية فظل مكان
مكان اللا الامام
جائع
جائع
جائع تسمعون جائع
واصبحت الطعام 
أصبحت طعام الحب.

انسي الحاج شاعر امتلك المكان وأطل على الوجود وكتب قصيدة النثر كتعبير عن نوازع القلب البشري الانساني، وسعى دائماً الى تقطير لغته وتنقيتها كي يغدو أكثر ألقاً وعمقاً وأبعد أثراً، وهو ذلك الصوت النادر الذي انبثق من"لن" ليزيح ركاماً هائلاً من الأصوات الشعرية المستنفذة التي أنست الى السليقة والتلقائية، فأحببنا قصيدته التي يضفي عليها نوعاً من الغرابة والدهشة والحيرة واللذة ، وتتسم بالتدفق العاطفي والإضافات الفنية التي أغنت تجربته الرائدة ،  فله الوداع وسلاماً على روحه .