فشل السيسى على يد "موسى" و"هيكل"/ مجدي نجيب وهبة

** تداولت بعض الأسماء فى معظم الصحف ووسائل الإعلام ، ضمن حملة المرشح الرئاسى ، المشير "عبد الفتاح السيسى" .. فالآن المشير هو مرشح الشعب بعد ثورة 30 يونيو العظيمة .. فحرصا على نجاح منصب رئيس الجمهوية ليس فقط بالفوز ، بل النجاح الذى أعنيه هو تحقيق أمال وطموحات الشعب المصرى ، وتحقيق الإستقرار السياسى والآمنى والإزدهار الإقتصادى .. على رأس هذه الأسماء التى تثار حولها بعض الشكوك ، والغير مستحبة جماهيريا .. هو السيد "عمرو موسى" ، والكاتب "محمد حسنين هيكل" ، والمستشار السياسى لرئيس الدولة "مصطفى حجازى" ، والمخرج السينمائى "خالد يوسف" ، وعضو حركة تمرد "محمود بدر" ..
** نبدأ بالسيد "عمرو موسى" .. ترأس لجنة الخمسين لوضع الدستور ، وإستطاع أن يخدع الشعب عندما قرأ التعديل الجوهرى فى دباجة الدستور ، وهو تغير العبارة من "حكم مدنى" إلى "حكومة مدنية" .. وعندما إعترض بعض أعضاء اللجنة ، وأعلنوا أن هذا تزوير ، وأنهم لن يوقعوا على هذه الدباجة التى تم تغييرها قبل لحظات من الإعلان عن دستور 2014 المعدل .. أصر عمرو موسى على موقفه وأعلن أن مصر دولة ديمقراطية حديثة بحكومة مدنية !!!! ..
** بل المدهش أنه إستطاع إقناع المعارضين من أعضاء اللجنة ، وظهروا فى وسائل الإعلام يعربون عن سعادتهم بهذا التزوير الفج .. بل أنه تم تفصيل دستور خصيصا لتقليص دور رئيس الجمهورية والصلاحيات الممنوحة له ، بعد أن علمت اللجنة أن الشعب المصرى سيوافق بالإجماع على ترشح السيسى لمنصب رئيس الجمهورية .. وهو ما أكده "محمد سلماوى" المتحدث الإعلامى للجنة الخمسين ، عندما كتب فى المصرى اليوم بعموده اليومى تحت عنوان "من الآن فصاعدا" ..
** قال "من الآن فصاعدا لن يظل رئيس الجمهورية فى موقعه إلى أن يتوفاه الله أو تخلصه الجماهير أو تعزله .. فلم يعد من حقه أن يمد فترة رئاسته إلا لمدة واحدة .. من الآن فصاعدا لن يصبح من حق رئيس الجمهورية أن يعلنا حالة الطوارئ وقتما يشاء ، فالدستور يلزمه الحصول على موافقة البرلمان ، ولن يستطيع رئيس الدولة إقالة أى وزير إلا بعد الحصول على موافقة البرلمان .. بل أن البرلمان من حقه سحب الثقة من الحكومة وإقالة رئيس الدولة ..
** وهنا السؤال .. ماذا لو عاد الإخوان أو بعض الشخصيات المتعاطفة مع جماعة الإخوان بأغلبية ساحقة للسيطرة على البرلمان وإعادة تشكيل حكومة من الإخوان المسلمين ، وإعادة السيطرة على مفاصل الدولة .. بل أن من سلطة البرلمان إقالة وزير الداخلية ، وتعيين وزيرا مدنيا طبقا للدستور الذى قال أنها حكومة مدنية ، ومايسرى على وزير الداخلية يسرى على وزير الدفاع .. فهل مصر تحتمل عودة الإخوان مرة أخرى ؟ .. وهل لنا أن نعرف من هو إخوانى وغير الإخوانى ؟ .. وهل هذا الشعب مؤهل لممارسة الديمقراطية الحقيقية وإنتخاب برلمان بعيدا عن التيار الإسلامى ؟ .. وهل الرشاوى والأموال لن تلعب فى إختيار أعضاء البرلمان القادم ، ونجد أنفسنا للمرة الثانية أمام برلمان "قندهار 2" ..
** كل هذه الإحتمالات واردة حدوثها بنسبة كبيرة جدا ، وهو الأسلوب الرخيص والمتآمر لإسقاط مصر الذى لجأت إليه لجنة الخمسين التى تشكلت معظم أفرادها من أعضاء لا علاقة لهم بالدساتير ولا بالقوانين ولا بأى شئ ..
** والسؤال الذى نطرحه الآن .. من الشيطان الذى وضع هذه المواد والأفكار الشيطانية .. هل مصر تحتمل تجربة النظام البرلمانى ؟ .. ألم يكن عمرو موسى رئيس هذه اللجنة؟ ، ورغم ذلك خرجوا علينا فى كل وسائل الإعلام .. يطالبون الشعب بالتصويت بنعم على الدستور ، وإعتبار كل من يعارض هذا الدستور هو عميل وخائن ومعطل لخارطة الطريق ..
** لقد كنت ممن أعلنوا معارضتهم على الدستور ، بل وإعترضنا على بعض الوجوه .. وكتبنا مقال بذلك .. وإتصل بى العديد من القراء والأصدقاء يطالبوننى بالتصويت بنعم ، حتى نعبر تلك المرحلة ، وننطلق إلى خارطة الطريق .. فكيف يكون إذن بعد الخابور للمادة 146 ، و147 .. الذى وافق عليهم عمرو موسى .. فكيف يكون ضمن فريق حملة المشير ؟ ..
** هل تناسينا الزيارة السرية الليلية التى قام بها عمرو موسى ، بدعوة من أيمن نور لتناول العشاء ، والإجتماع فى منزله سرا مع الإخوانى "خيرت الشاطر" .. وبعد هذه الجلسة خرج عمرو موسى من الأبواب الخلفية وإذ به يفاجئ بأن هناك بعض الإعلاميين ينتظرون خروجه لبث الخبر بتعليمات من أيمن نور ..
** هل تناسى الشعب المصرى ما فعله عمرو موسى قبل إنتهاء عمله فى الجامعة العربية .. ألم يكن هو الذى أعطى التعليمات بالتدخل الخارجى لضرب ليبيا ، وهو ما حدث وإنتهت دولة ليبيا وتحولت إلى ميليشيات وعصابات إخوانية تتصارع من أجل السيطرة على النفط ..
** هناك الكثير الذى لا يتسع المجال للكتابة عنه .. فهل وجود عمرو موسى ضمن حملة المشير ، هو لتدعيم المشير أم لإفشاله؟؟ ..
** أما أخطر تصريحات عمرو موسى عندما قال أن المشير عبد الفتاح السيسى ليس لديه مانع من التصالح مع الإخوان بشرط الإعتراف بثورة 30 يونيو وخارطة الطريق .. أعتقد أن المشير لا يستطيع أن يقول هذا الكلام ، ولا يملك أن يقوله لأن هناك دماء كثيرة سالت من الشعب المصرى والجيش والشرطة بفضل إرهاب هذه الجماعات ، وبالطبع الهدف من بث هذه الأكاذيب التى يطلقها عمرو موسى عن تصريحات منسوبة للمشير هى بهدف زعزعة الثقة بين الشعب المصرى والمشير عبد الفتاح السيسى ..
الكاتب محمد حسنين هيكل :
** يبدو أنه تحول إلى موديل تتصارع عليه القنوات الفضائية وبعض الصحف الخاصة ، يفتحون له مجالات عديدة للحوار والكتابة .. وهنا لن أتعرض لوصف الكاتب لمصر بالتوك توك أو الطائرة المتهالكة التى يقودها طيار فاشل ..
** ولكنى سأتكلم عن هيكل الذى قرأت له مقالات عديدة فى جريدة الأهرام ، وهى مقالات أسبوعية كانت تصدر كل جمعة بعنوان "بصراحة" .. كانت تلاقى قبول من أعداد غفيرة من القراء .. لأن القارئ كان يعتقد أن هيكل يمثل فكر الزعيم جمال عبد الناصر ، ويتحدث بإسم ثورة 23 يوليو .. ومن ناحية أخرى لم تكن هناك صحف إلا الصحف القومية فقط ..
** والحقيقة أنه بعد نكسة 1967 .. شعر عبد الناصر بالإنكسار ، وبالفعل أعلن فى خطاب رسمى عن تنحيه عن السلطة ، وأن ينضم إلى صفوف الجماهير .. ولكن الشعب المصرى خرج بثورة عارمة تطالب الزعيم بإستكمال المسيرة وتحقيق النصر مهما كانت التضحيات ، وإعادة بناء الجيش المصرى وبث الثقة فى المقاتل المصرى ..
** وللأسف كانت مصر فى تلك المرحلة تحتاج لإعادة الثقة فى قدرة الدولة على عبور محنة الهزيمة .. ورغم ذلك لم يرحم قلم حسنين هيكل الدولة ، بل ظل كالسيف المسلط على الجيش المصرى والإرادة المصرية ، وكانت كل مقالاته تصدر الإحباط واليأس من قدرة الجيش على عبور خط بارليف الذى قال عنه هيكل أنه لا يمكن عبوره ، وإذا حاول الجيش المصرى أن يعبره فسوف يهلك أكثر من نصف عدد القوات المصرية .. كما وصف الجيش الإسرائيلى بأنه الجيش الذى لا يقهر ..
** وظلت مقالاته على هذا المنوال بعد وفاة الزعيم جمال عبد الناصر .. فى الوقت الذى صمت السادات .. فلم يكن بمقدوره أن يقتحم قلاع حسنين هيكل ، ولكن صمت الكاظمين الغيظ .. حتى نصر أكتوبر العظيم فى  1973 ، وإستعادة مصر لكرامتها ومكانتها .. فلم يكن أمام الرئيس السادات إلا أن يطرد هيكل من الأهرام ، بل من مصر بأكملها قبل أن يغضب عليه .. بل أن هيكل كان يتعامل بعجرفة وقسوة مع كل الكتاب والصحفيين ، وربما وصلت عجرفته لطرد بعض الصحفيين من مؤسسة الأهرام ..
** هذا هو هيكل الذى يعود للمشهد بعد تعديه التسعين عاما ، فهل لا يعلم المشير عبد الفتاح السيسى هذه الأسرار ؟ .. هل هيكل هو رجل الساعة بعد ثورة 30 يونيو 2013 ؟ .. أم أن هناك أصابع خفية تلعب من وراء المسرح للدفع ببعض الوجوه لإفشال السيسى ثم إفشال الدولة المصرية ..
المخرج "خالد يوسف" :
** شخصية غنية عن التعريف .. له مواقف عديدة ضد الشرطة والدولة حتى الأن .. وهو متعاطف مع شباب 6 إبريل والثوار .. يرفض قانون التظاهر ، بل وهدد بالإنسحاب من لجنة الخمسين إن لم يتم الإفراج عن الذين قبض عليهم بعد أن كسروا القانون وأرادوا أن يكسروا هيبة الدولة .. فهل هذا الشخص يناسب هذه المرحلة ؟ ..
المستشار السياسى "مصطفى حجازى" :
** يرفض قانون التظاهر .. له تصريحات عديدة يطالب فيها بالحوار والتصالح مع الإخوان الإرهابيين .. ويرفض إعتبار أن هذه الجماعة محظورة .. بل قال أنها تحتاج لتقنين بعض أوضاعها .. والشعب مستاء من كل تصريحاته وهو أحد المقربين من جماعة 6 إبريل ، ويعتنق الفكر البرادعاوى ويؤمن بأمريكا والربيع العربى ..
** فهل المشير السيسى يحتاج لمثل هذه الوجوه ، ونحن نبنى مصر الجديدة .. مصر ما بعد نكسة 25 يناير وثورة 30 يونيو ؟ ..
الأخ "محمود بدر" عضو حركة تمرد :
** للمرة المليون كفانا مهاترات .. فهناك ملايين من الشباب يتبنوا فكرة تمرد وروجوا لها ، وطبعوا على نفقتهم الخاصة ملايين الإستمارات وجمعوا توقيعات الملايين .. فهل كل من خرج وناضل من أجل عودة مصر من حقه أن يتصدر المشهد حتى لو لم يكن مؤهل للعمل السياسى ..
** وإذا كان كذلك .. فماذا عن الذى تعرى أمام قصر الإتحادية وهو يدافع عن مصر ، وماذا عن الذين إستشهدوا أمام قصر الإتحادية ، وماذا عن الذين تم سحلهم بأوامر مباشرة من محمد مرسى العياط ، وصمدوا ودافعوا عن هذا الوطن .. أليس من حقهم أن يتقلدوا مناصب سيادية فى الدولة ؟ ...
** أخيرا .. كل هذه الوجوه لا تصلح للعمل السياسى أو أن تكون ضمن فريق حملة دعم المشير عبد الفتاح السيسى .. لأنهم لن يدعموه بل سيؤدون إلى فشله .. بل دعونى أؤكد أن كل مسئول فى هذه الدولة إبتداء من المستشار عدلى منصور ، والحكومة الجديدة برئاسة إبراهيم محلب هم الذين يفشلون الدولة .. ولكن للأسف لا حياة لمن تنادى ..
** مصر فى حالة حرب أيها الأغبياء .. مصر فى حالة حرب ومن ليس له القدرة على مواجهة الحرب فليذهب إلى الجحيم !!..
مجدى نجيب وهبة
صوت الأقباط المصريين

زمان وديع حداد/ د. مصطفى يوسف اللداوي

قد يستغرب البعض أن أكتب في هذا العنوان، وأن أذكر الفلسطينيين والعالم بيوم استشهاد وديع حداد، وقد مضى على اغتياله ستٌ وثلاثون سنة، إذ سمم في بغداد على أيدي الموساد الإسرائيلي، وإن لم تعلن إسرائيل كعادتها مسؤوليتها، أو تكشف عن جريمتها. 
لكن ظروف مقتله كانت غريبة وغامضة، ولا تفسير لها إلا أن الموساد قد دس له سماً يقتل ببطئ، ولا يترك آثارا ًعلى الجسد، أو ما يدل عليه عبر مختلف الفحوصات المخبرية والسريرية، أو نتيجة تعرضه لموادٍ مشعة قاتلة، ما أدى إلى وفاته بعد معاناةٍ من أثر المادة المجهولة التي دخلت جسمه، غريباً عن وطنه، وبعيداً عن أهله، بعد سنواتٍ طويلة من المقاومة والعمل لفلسطين، وسنين أخرى من الملاحقة والمطاردة ومحاولات الاغتيال المتكررة، التي أعيت الإسرائيليين وأتعبتهم، بعد أن قاسوا مرارة مواجهته، وعانوا من ويلاتها، إذ أوجعتهم ضرباته، وآلمتهم عملياته، وكلفتهم مغامراته الكثير من الأرواح.
قد يبدو لهم غريباً وجريئاً، أن يكتب إسلاميٌ عن مسيحيٍ شيوعي، يعتز بشيوعيته، ويفخر بها، وهو الذي ينتمي إلى الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، وقد قاتل في صفوفها، وكان صنواً ورفيقاً لأمينها العام الأول الدكتور جورج حبش، ولعل من الأجدى أن يكتب عنه أتباعه، وأن يذكر العالم بذكرى اغتياله محبوه ومريدوه، ممن ما زالوا يحملون فكره، ويتبعون نهجه. 
لكني آثرت الكتابة عنه في ذكراه، بغض النظر عن اعتراضي على معتقداته الفكرية، واختلافي معه في منطلقاته الأيديولوجية، ومخالفتي لبعض عملياته واجتهاداته، التي أرى أن بعضها قد أضر بنا، في حين أن غيرها قد جاء منسجماً مع مسار النضال الشعبي الفلسطيني، إلا أنه عمل صادقاً لفلسطين، وضحى من أجلها، وهو الغني المثقف، الطبيب المتعلم، الذي لم تمنعه شهادته من التضحية بها من أجل بلاده.
ربما لم يعد يذكره كثيرٌ من الفلسطينيين، ممن شهدوا مرحلته، وعاشوا في أيامه، ولا أؤلئك الذين كانوا يسمعون به، ويقرأون عنه، كما قد لا يعرفه الكثير من أبناء الأجيال الجديدة، ممن لم يعاصروا ستينيات وسبعينيات القرن الماضي، فلم يعرفوا شيئاً عن وديع حداد وعملياته، رغم أنه كان ملء سمع الدنيا وبصرها، وقد شغل العالم كله بعملياته المثيرة للجدل، ولكنه يقول أنه كان يريد تسليط الضوء على القضية الفلسطينية، وإجبار العالم على الإلتفات لها، والانتباه لما يرتكبه الإسرائيليون فيها وبحق أهلها، إذ أن فلسطين لديه غالية وعزيزة، وينبغي العمل من أجلها بكل السبل الممكنة، وبجميع الوسائل المتاحة، أياً كانت نتائجها وتبعاتها.
في ذكرى اغتيال وديع حداد يتبين لنا قطعاً ما غاب فهمه عند البعض، أن فلسطين للفلسطينيين جميعاً، مسلمين ومسيحيين، فلا إقصاء لمقاوم، ولا احتكار للنضال، ولا حرمان لأحدٍ من أن يكون له دورٌ ومساهمة، ففلسطين هي ساحة المقاومة وميدان القتال، وهي مضمار السباق، وعنوان التنافس، فهي أرض القدس وبيت لحم، وبلاد الأقصى والمسرى، وكنيسة المهد والقيامة، وهي أرض الآباء والأجداد، كانت لنا وطناً، عشنا فيها سوياً، وستبقى هذه الأرض لنا، نعيش فيها، ونموت وندفن في ثراها، ولا نتخلى عنها.
كما لا تقتصر المقاومة فيها على فئةٍ من أهلها، وطائفةٍ من شعبها، إنما عبء النضال والمقاومة على الجميع، وهو واجبٌ يجب أن يؤديه أهل فلسطين جميعاً، كلٌ يساهم بدوره، ويقوم بما يستطيع فعله، لتعود فلسطين كما كانت أرض المقدسات الحرة، وموطن الأنبياء الطاهرة.
في زمان بديع حداد كان الفلسطينيون موحدين في موقفهم، ثابتين على حقوقهم، يؤمنون بالمقاومة سبيلاً وحيداً لتحرير فلسطين، وطريقاً أكيداً لاستعادة الأرض والحقوق، ولم تكن هناك مبادرات سلام عربية، ولا مشاريع تسوية، ولا مساعي للوساطة لصالح العدو الصهيوني، بل كان يتهم بالخيانة كل من يفكر بالتفاوض مع الإسرائيليين، أو الحوار معهم، والاعتراف بهم. 
وكانت فصائل الثورة الفلسطينية في زمان بديع حداد تتنافس في عملياتها العسكرية، وتراكم خبرةً نضالية، ويلتحق بصفوفها عشرات آلاف الفلسطينيين والعرب، كلهم يطمح للمقاومة، ويتطلع لمواجهة الإسرائيليين والنيل منهم، ولم يكن يسكنهم من العدو خوفٌ أو رهبة، بل كانوا يخوضون عملياتهم، وينزلون في دورياتهم، بكل قوةٍ ورباطة جأش، وثباتٍ وإقدامٍ ويقين بالنصر.
وكان العرب موحدين تجاه القضية الفلسطينية، فلا خلافات بينهم عليها، ولا مبادرات عندهم لتصفيتها أو الخلاص منها، بل كانوا يدعمون المقاومة، ويستضيفون الثوار على أرضهم، ويسمحون بفتح معسكراتٍ لهم، ويقدمون لهم الخبرات والمعدات والأسلحة، ولم تكن تقوى دولةٌ عربية على النأي بنفسها عن القضية الفلسطينية، أو التخلي عن دعم الفصائل المقاتلة، بل كانت الأنظمة تحرص على أن تظهر دعمها، وتبرز دورها، وتعلن عن مساهماتها المتعددة لمناصرة فلسطين وشعبها.
أيام وديع حداد كان الإسرائيليون يخافون من الفلسطيني والعربي في كل مكان، ويرون أنهم جميعاً يتربصون بهم، ويتمنون قتالهم، فقد كانوا جميعاً ينظرون إلى الإسرائيليين أنهم الذين يحتلون أرضنا، ويقتلون شعبنا، وكانت المقاومة وفق شعار وديع حداد، تلاحقهم إلى كل مكان، ترصد حركة مسؤوليهم، وتتابع سفريات قادتهم، وتجمع المعلومات عن مختلف الأهداف الإسرائيلية، وتهاجم بلا تردد، وتضرب وتوجع، ما أوقع الرعب في قلوب الإسرائيليين، وكلفهم المزيد من الخسائر على مدى سنين طويلة.
كم نحن في حاجةٍ إلى أن نستعيد زمان الدكتور وديع حداد، فقد كُنا في زمانه محصنين من الخطأ، ومحميين من الاختراق، وعصيين عن التبعية، وقد كانت فلسطين يومها موحدةً، وإن كانت تحت الإحتلال، ولكن أحداً ما كان يجرؤ على إبداء القبول بالتنازل عن شبرٍ من فلسطين، أو التخلي عن حق العودة، أو المجاهرة بالتفريط والمقايضة، بل كان خائنٌ من يفرط، وعميلٌ من يفاوض، وليس عربياً من يتخلى، ولا فلسطينياً يصافح أو يهادن ويساوم.

قراءة في قمة الكويت/ نبيــل عليان إسليــم

ما أشبه اليوم بالأمس، قمة عربية تعقد وأخرى تختتم، وقد بلغ اليأس مداه من المواطن العربي عامة والفلسطيني خاصة من هذه القمم التي لا تساوي عندهم الحبر الذي كتبت فيه، فقد عقدت قمة الكويت في دورتها الـ (25) في ظل واقع عربي مؤلم، جرح سوريا النازف وتغول النظام السوري على الشعب، ضحايا بعشرات الآلاف ومشردين بالملاين وجرحى بلا عداد وبلد مدمر والمستقبل مجهول الهوية في سوريا بعد مرور ثلاث سنوات على الثورة السورية، أما الوضع في مصر فحدث ولا حرج، انقلاب عسكري على الشرعية الدستورية متكامل الأطراف، وعودة لحكم الطوارئ ودولة البوليس وقتل لآلاف المنادين بعودة الشرعية وامتلاء السجون منهم أيضا، أما حال فلسطين ليس أفضل من سابقاتها، فالقدس تهود، والأرض تسرق، وقتلى وجرحى، وعصى صهيونية غليظة تلوح بين الفينة والأخرى بشن حرب جديدة على غزة، وحصار خانق طال كل شيء، وانقسام أشغل المنقسمين عن قضاياهم الجوهرية.
العراق أيضاً تعاني من أزمة ثقة بين الشعب والحاكم، وقرب نشوب حرب طائفة طرفيها السنة والشيعة، ولبنان تعيش حالة من عدم الاستقرار والتجاذبات الحزبية والتدخلات الخارجية في أمنها وسياستها.
لربما آخر القضايا العربية الساخنة الانشقاق داخل دول مجلس التعاون الخليجي وتكوين تحالف عربي جديد يضم السعودية والإمارات والبحرين إضافة إلى مصر يعادي كل من يقدم الدعم لجماعة الإخوان المسلمين هذه القراءة السريعة للواقع العربي الذي اجتمعت قمة الكويت تناقشها وتضع الحلول المناسبة لها. 
لقد عقدت قمة الكويت هذا العام وقد حُكم بالفشل على نتائجها قبل أن تبدأ جلساتها، والقضايا التي تحتاج إلى قرارات لم تناقش أو تم مناقشتها على استحياء، فقد ترك مقعد سوريا فارغاً وهذا أحبط آمال السوريين الذين تقاعسوا عن إمدادهم بالأسلحة، وتراجعت قمة الكويت عن قرار قمة الدوحة بمنح مقعد سوريا في الجامعة إلى المعارضة وتأجيل منح المعارضة المقعد إلى قمة آذار 2015م، عملاً بمبدأ قد يموت الراعي أو يموت الذئب أو يفنى الغنم. لم يرتقي البيان الختامي للقمة إلى أدنى تطلعات الشعب السوري.
أما القضية الفلسطينية فقد كانت حاضرة بقوة في هذه القمة، ولم تخلوا أي من كلمات الرؤساء العرب من ذكر معاناة الفلسطينيين وضرورة تقديم العون والمساعدة وكان واضحاً في هذه القمة بأن المجتمعين ركزوا حديثهم على القضية الفلسطينية كديكور فقط وهروباً من القضايا العربية التي لم يجرؤ المجتمعين على مناقشتها والتطرق إليها، وتعتبر هذه القمة كسابقاتها لم تقدم أي خطوة إلى الأمام في القضايا الجوهرية، بل أسوأ من سابقاتها لأن البيان الختامي ذكر الصراع العربي الإسرائيلي بصيغة جديدة هذه المرة "الصراع الفلسطيني الإسرائيلي" وهذا يدلل على إدارة الظهر للقضية الفلسطينية وتخلي الدور العربي عن واجبه تجاهها وترك الفلسطينيين وحدهم أمام الضغوط الدولية، ومن الغريب في قمة الكويت أن يطالب رئيس الانقلاب في مصر "عدلي منصور" بفك الحصار عن غزة ضارباً بعرض الحائط كل الممارسات اللاإنسانية التي تستخدم ضد الغزيين من قِبَل السلطات المصرية.
لقد اعترفت القمة العربية بالانقلاب في مصر بدليل تمثيل الرئيس عدلي منصور لمصر في القمة بل تعدى الأمر الاعتراف بالانقلاب، فقد عمل البيان الختامي على تثبيت الانقلاب بدعم ومساندة الدول التي شهدت تحول سياسي في إشارة واضحة لمصر، ولم يأتي على ذكر الممارسات القمعية التي يستخدمها الجيش والداخلية والقضاء وقد كان أخرها هدية القضاء المصري للقمة العربية الحكم بالإعدام على 529 شخص من مؤيدي عودة الشرعية كأسوأ حكم في العصر الحديث انتقده القريب والبعيد ولم يؤتى على ذكره في احتفالية الكويت. 
أمير قطر في كلمته التي تطرق فيها إلى القضية الفلسطينية بمكوناتها المختلفة وقدم الدعم والمساندة وأوصى بتشكيل لجان عمل تعكف على حل هذه القضايا، كما تطرق في حديثه للقضية السورية وضرورة تنفيذ ما تم إقراره في قمة الدوحة 2013م بخصوص الدعم والمساندة العربية للمعارضة السورية، لقد ركزت كلمة الشيخ تميم على القضايا العربية التي تحتاج إلى وقفة عروبية أصيلة لحلها.
لقد انتهت القمة العربية ولم تقدم أي حلول فعلية لأي من القضايا التي نوقشت ولم تتخذ قرارات جريئة تجاه القضايا العربية الملحة، وتركت الأيام القادمة حبلى بالتجاذبات والحراك السياسي، فعلاً لقد أثبتت هذه الطقوس السنوية "القمم العربية" بأنها لا تساوي الحبر الذي تكتب فيه.  

مشروع مارشال السيسي لإنقاذ مصر/ د. ماهر حبيب

المارشال السيسي جاء لينقذ مصر تماما مثلما فعل مشروع مارشال فى أوربا المدمرة بعد الحرب العالمية الثانية فمصر الأن تحتاج إلى من ينقذها بعد أن ضربها دمارا شاملا بعد نكسة يناير قسمت البلد وأضعفتها وحولتها إلى شيع تحارب بعضها وكما حدث فى حرب هتلر وموسولينى حيث تحارب الحلفاء والمحور ودمروا بلادهم وإحتاجوا إلى مشروع إعمار ينقذ الأوربيين من الجوع والدمار.

وجاء السيسي ليتنهز فرصة ذهبية ليصلح أخطاء الجميع الجيش والشعب والسلطة فقد أخطأ الجيش أخطاءا فادحة منذ نكسة يناير عندما إنحنى للعاصفة وإرتكب مجموعة من الأخطاء أدت إلى تسليم البلد لمجموعة من الخونة تسعى لدمار مصر ولا يمكن إعفاء الجيش من تلك الأمور فرفض الجيش لفكرة تولى جمال مبارك للسلطة جعلتهم يهربون من الرمضاء للنار ونسوا أو تناسوا أن الإخوان عدو للبلد وأنهم لم ولن يتغيروا منذ نشأتهم حتى إنتكست البلد بهم فى 2011.

وأخطأ الشعب الذى صدق بأن هناك ثورة فدعمها بطريقة مباشرة عندما خرج السذج من المطحونين ولم يكتشفوا إلا أنهم مجرد حطب فى مسلسل حرق البلد ثم عادوا إلى بيوتهم بعد أن أقنعهم المنتفعين بأنهم حماة هذا البلد ولكنهم أرادوا صرف الشعب لبيوتهم ليجلسوا فى الميدان يقتسمون تورتة الحكم بينهم.

وأخطا الحاكم السابق مبارك عندما تأخر عن الإلتفاف على المؤامرة فصار ضحية أيضا بعد أن إعتقد أنه خرج سالما من المعركة وبعد أن أراد حقن دماء المصريين ليجد نفسه مدانا بقتل متظاهرين أغلبهم قتل فى أثناء محاولتهم لهدم سلطة القانون بإقتحام السجون وأقسام الشرطة

كما أخطأ كل من تولى الحكم حتى جاء الخائن مرسى بأن سمح بتدمير مؤسسات الدولة مع وجود طوفان النكسة فالجميع خاف وإنسحب وسط جوقة الثورجية والمنتفعين بالتحالف مع الخونة.

إنها فرصة للمارشال السيسي أن يقوم بمشروع مارشال لبناء مصر الجديدة مع الحذر فى أن يقع فى فخ التصالح مع الخونة فهؤلاء خارج حسابات مصر والمصريين ووجودهم فى الحياة السياسية مثل السرطان لا يهدأ إلا بعد أن يقضى على الجميع

فلم المهاجر عَمَلْ عِمْلاق ألْهَمَتْهُ قِصَص الانبياء و التاريخ و خَيَال المُخرِج الراحل يوسف شاهين/ فراس الور

كَتَبْتُ هَذِهِ الخواطر القَيٍمَة و التي هي وِجْهَةْ نَظَرْ شَخْصِيَة في لَحْظَة غُلُوٍ حَقيقية على هذا العَمَل عِنْدَما شَعَرْتُ بِغيابِه عَنْ الفَضائِيَات العَربية مِنْ دون تَبْرير مُقْنِع، و لا اسْعَى إطلاقا مِنْ خِلال هَذِهِ الأٍسطر لِلْدِفاع عَنْ اي فنانين مِصْريين او عَرَبْ إطلاقا شاركوا بِهَذا العَمَلْ و هَدَفي يَرْتَقي الى بُعْد اسْمَى بِكَثير، فَمُرادي الأول و الآخير مِنْ هَذِهِ الأَسْطُر تَسْليط الضوء على بُعْض مِنْ جَوانِبِه الفَنِيَة الرائِعَة، فما بَيْنَ شُعوري مَعْ مُصاب مِصْر بَعْدَ الثَوْرَة مِنْ جِهَة و الهُجوم الكَبير على الحُريات و الإبداع و المَكْنوز الفَني الضَخْم بِتِلْك البِلاد و الذي اقْلَقَ الكَثير مِنْ الأُدَبَاء و المُثَقًفينْ حَوْلَ الوَطَن العَرَبي و قَلَقي على هَذا العَمَل كي لا يُدْفَنْ بإسم التَعَصُب الأعْمَى و يَبْقَى بعيدا عَنْ مَرْئى المُواطِنْ العَرَبي حَلًقَتْ افكاري بِسَماء الحُرية الرَحْبَة و الواسِعَة ساعيا بِصِدْق لإنْصَاف المُهاجر و الذي رأيَتُ بِهِ عَمْلَقَة راقِيَة مِنْ باب الإخراج و نَصْ السيناريو، فَقَدْ تكامَلَتْ عناصِرَهُ بِصُورَة مُتْقَنَة لِيُصْبِحَ مِنْ مُصَنًفَات التُحْفَة الأَدَبِيَة و مَوْروث يُوَرًثُ الى الأجْيَال القادِمَة، و أتَمَنى لِلْقُرًاء وقتاً مُمْتِعاً بِقِراءة هَذِهِ الأسْطُر راجياً مِنْ الله ان تَزيد مِنْ الوَعي بِضَرورَة فَهْم الهَدَفْ الحقيقي لِلْعَمَل و دِراسَتِهِ بصورة شُمولِيًة و إسْتيعَاب عالَمْ السينَما و حَيْثِيَاتُه و الآليًات التي تُحَرٍكُه بَدَلاً مِنْ اصوات التَعَصٌبْ التي لا تُجْدي نَفْعاً سوى قَتْل الإبْداعات مِنْ حياتنا و قَتْل نِعْمَة التمثيل و الفُنون مِنْ حياتنا، 

لا شَك ان هُنالك فَرق شاسِع بين الوحي و الإلهام، فالوحي في الدين هو انزال رباني لا يَقبَل النِقاش يُتَرْجَم بِصورة حَرفية الى كلام يُرْجى مِنهُ تكوين مَرْجَعْ لِلْناس لكي لا يَضِلوا عن الحَقْ و أُسُسْ العبادة السَليمَة، و اقوى أمْثِلة على ذلك القرآن الكريم والكِتاب المُقَدَس و التَوْراة اليَهودِيَة، و في الأدَب عِنْدَما يُشار الى قِصَة مُستوحاة من قِصَة حياة واقِعِيَة يكون المَقْصود بها ان القِصَتان تَتَمَتًعان بالتطابق التام او في أضْعَفْ الايمان التَطابُق في الكثير من جوانبهما كالحَبكة و الشَخْصِيَات و المُجريات العُمومية، و لَعَلً السينما العَرَبية و الأجنبية صَنَعَتْ الكثير من الافلام السينمائية من قِصَص مُسْتوحاة مِنْ واقِعْ الحَياة و أذْكُر بَعْض من الأمْثِلَة على سَبيل المِثَال لا الحَصْر 
Catch me if you can, Titanic (1997 production)
و ايضا في السينما المِصْرِيَة افلام عَنْ حَيَاة الرئيس المِصْري الراحِلْ جَمال عَبْدِ الناصِرْ و الرئيس المِصري الراحِلْ انْوَر السادات و عَنْ حَيَاة فَنانين مِنْ عَصْر افلام الأبْيَضْ و الأَسْوَد مثل الفَنانَة أُم كُلثوم و الفَنانَة ليلى مراد، و لا نَنْسَى مُسَلْسَلْ ابو ضِحْكَة جْنان الذي قَدًمَ حَيَاة الكوميديان الراحِلْ إسْمَاعيل ياسين. و لكن يأتي الإلهام بِفارِق جَوْهَري مَفادُه أن قِصَصَه او فَنُه يحوي الإطار العام او المَناخ العام لِحَدَثْ مُعَيَن واقعي و لكن بِتَفاصيل مُخْتَلِفة جَرَت العادة ان تكون وليدة خيال الكاتب، و اقوى الامثلة على هذا رائِعَة
The Patriot (2000 production)
الذي تَمً إنتاجه بِسَنَة الفين و الذي قام بِدَور البُطولة بِهِ المُمَثِل الكبير مِلْ جِبْسون، و تدور أحْداثُه حول ثَوْرَة الإسْتِقلال الأمريكية في القَرْنْ الثامِن عَشَرْ و بَعْضْ الشَخْصيات التي أثًرَتْ بها، و تُفيدْ موسوعة الويكيبدية و مَقالِاتِها حول الفِلْم بأن شَخْصيًة بَطَلِهِ بِنْجامِن مارْتِن مُسْتَلهَمَة و لو بِحُدود ضيٍقَة مِنْ شَخْصيات أمريكية حَقيقية كافَحَة الطُغيان البِريطاني في ذلك الوقت مِثْلْ فرانسيس ماريون و اندرو بيكينز و غيرِهِم من أبطال الإستقلال الامريكي، و لَعَلً هذا الحَدَثْ مَكًنَ الكاتب من حُريٍة خَلْقْ شَخْصية البَطَل مِنْ غير التَقَيٌد بِشَخْصيًات الواقع فَوَفًقَ بين خَلْقْ شَخْصية خيالية من مُخَيٍلَتِه و بين رَبْطِها مَعْ شَخْصيًات حَرْبية شَكًلَتْ مَسَار الإستقلال الامريكي حينها، اما و على النَقيد فَشَخْصية الجِنِرال العَسْكري البِريطاني وِليَم تافِنغْتم الذي طارد البطل بِنْجامِن فَهِيَ مُسْتَلْهَمَة من الجِنِرال باناستر تارلتون الذي عُرِفَ بِقَساوَتِه و أعْمالِه الوَحْشية تِجاه الأمريكان، فأَبْرَعَ الكاتب و المُخْرِج اثناء التصوير بتقديم الجِنِرال تافنغتم بالوَحْشْ حيث نَراه بِحادِثَة خيالية و لكن مُسْتَلْهَمَة من الوَحْشية البِريطانية في الحَرْب الأمريكية بِحَرْق كَنيسَة فيها مَدَنيين أمريكان عُزًلْ السِلاح؟؟؟ 

في الواقع نُقاد فِلم الباتريوت في بِريطانيا إنْتَقَدوا بِشِدَة هذا التَشْوِيه بِحَقْ رُموز عَسْكَرية بِريطانية و قالوا بِما قالوه ان الجِنِرال تارلتون (مُتَرْجَم عن النص الانجليزي الاصلي - أ) "و إن كانت اعَمالُة خَشِنَة لَمْ يَكْسِر قواعد لُغَة الحَرْب القاسية و لم يَقْتُل طِفْلا مَسْكينا" ، بل حتى هُنالِك شَخْصيات مَرْموقة بِبِريطانية بَعْدَما شاهَدَتْ الفِلم طالبَة كادِرَهُ بالإعْتِذار عَنْ تَشوِيه سُمْعَة الجانب البِريطاني في الفِلْم، و لَعَلً واقِعَة حَرْق الكَنيسَة بالمَدَنيين مُسْتَلْهَمَة مِنْ واقِعَةْ غَريبة حَدَثَتْ بالفِعْل في هَذِهِ الحَرْبْ الضَروس أثناء مُحاوَلَة وِحْدَة عَسْكَريِة أمِريكية الإسْتِسْلام لوِحْدَة عَسْكَرية بِريطانية، فَبِحَسَبْ رِوَايَة طَبيب مُرَافِقْ للوِحْدَة الأمريكية إسِمُه روبرت براونفيلد(ب) كانت الوِحْدَة الأمريكية الذي كان يُرافِقُها مُرْهَقَة و تُريد الإستسلام للعَدو البِريطاني في وِلايَة كارولاينا الجَنوبِيَة، فأَشًرَ قائِدْ الوِحْدَة الأمريكية الجِنِرال بيوفرد بالعَلَم الابيض لِلفِرقَة البريطانِيَة مُحاولاً اخْبَارَهُم بِقَرارُه بالاسْتِسْلام، و لكِن إنْطَلَقَة رَصاصة مَصْدَرَها غير مَعْروف و اصابة فَرَس الجِنِرال البريطاني تارلتون، فَفَهِموا العَسْكَر البريطاني أن الوِحْدَة الامريكية هاجَمَتْهُم و هي تَطْلُب الإسْتِسْلام فَثارَة الوِحْدَة البِريطانية (مُتَرْجَمْ عَنْ النَصْ الانجليزي الاصلي - ج) و بِحَسَب كَلام الطبيب "و َصَنَعَتْ أبْشَع مَجْزَرَة بِتاريخ الحُروب العَسْكَرية و التي لم تَعْرِف لها الانسانية مثيل بِحَق الوِحْدَة العسكرية الامريكية؟؟؟" و صُبْحان الله و الله اعلم منا جَميعاً مَنْ أطْلَقَ هَذِهِ الرصَاصَة. 

و في الحقيقة من باب أدبي تَتَلوَن و تختلف القِصَص و حَبَكاتُها و أحداثُها مُتأثِرة بِفِكر الكُتاب الذي بالعادة يكون مُسْتَخْلَص من خِبَراتِهم و عَـقلياتِهم، و لا أحد يُنْكِر ان هذه العَقليات و الخِبْرات تَتَقولَبْ و تأخذ شَكْلَها مِنْ مؤثرات المُجْتَمَع المُحيطة بها، و تَخْضَعْ ايضاً لما هُوَ مَقْبول و غَيْر مَقْبول حَسَب مُعطيات مُجْتَمَعاتِهم و واقِعْها، فَتْنَعْكِس هَذِهِ المُعطيات على القِصَص و السيناريوهات التي يَكتُبوها لِلْقراء، فَلِكُل حَضارة ثقافتها المُميزَة و الفُروقات التي تُميزُها عَنْ سائِرْ الحَضارات المُحيطة بِها، فَلِذَلِكَ ليس هُنالِكَ خَطَئْ او صَحْ في السينما لَطالَما انً الخَيْرَ يَنْتَصِر بآخر القِصَة او فِلم السينما و هذا الأمْرُ مُتًفَق عليه بين كُلْ الحَضَارات التي تُوَحِد الله حَوْلَ العالَمْ و ايضا الحَضَارات اللامُوَحِدَة كالبودية مثلا و الهِنْدوسية لأن الإنسان مَفْطور على فِطْرة الخير و يُحِب غَلَبَة الخير على الشر، فاسْتَطيع بالتالي القَوْل بِثِقَة أن الشيئ المَقْبول عِند المُجتمعات المُتَحَرِرَة مِثل أمريكا و أوروبا رُبَما يكون غير مَقبول عِند مُجتمعاتنا المُتدينة ليس لأنه خطأ سينمائيا و فنيا و لكن لأن ديننا لا يُشَجِعُه أو رُبَما يأمر بِعَكْسَهُ، و لكن هذا لا ينفي ان هذا الشيئ الغير مقبول عندنا هو امتداد للواقع رُغم رَفْض ديننا له و هُوَ مَوْجود رُغْمَ رَفْض ديننا لَهُ، و لهذا هو موجود بالمَسارِح و السينما لأن هُنالِك الكثير من المدارس تَلْتَقِطَهُ اثناء تجسيد الأعمال الفنية الواقِعِيَة تماماً، لِذَلِكَ خُلِقَت الحاجة لِيَتَوَفًر مُمَثلون ليجسدوا شتى الشَخصِيَات المُحْتَمَلة في السيناريوهات، حتى أصْبَحَ في الغرب و أوروبا يُقاس نَجاح الفنان بِقُدْرَتِه على تجسيد أكْبَر كَمْ مِنْ الشَخْصيات المُمْكِنة بشتى الاعمال الدرامية و لا التزامه كَفَنان بِشَخْصِيَة مُعَينَة. 

و لا نَنْسى ان الفَنْ بالعالَمْ العَرَبي هو إمْتِداد لجَسَد فني عالمي كبير أكبر من دين مُعَياً او فِكْر مُعيا و هو يَتَأثًر بِهَذِهِ المُعْطيات العالمية مَع صِراعِه الشخصي الذاتي لكي يبقى مُحافِظا على هَوِيَتِهِ العَرَبِيَة و كينونته المُمَيًزَة، و لا نُنْكِر ايضا انه يَضُم قِطاع ناجِح لإنتاج الأفلام الدينية الثَمينَة ايضا، فتواصُلِه مَعْ الفن العالمي يَحْصُل خُصوصاً مَعْ الإنفتاح على الغَرْب و الغَزو السينمائي الأمريكي الذي أصْبَحَ بإمْكانِيَاتِه الضَخْمَة مِقياس و مِثال لكثير مِنْ الأعْمَال الفَنِيَة حَوْلَ العالم، و شَبابُنا أظهروا تأثُراً كبيراً بِهَذِهِ السينما الأمريكية حتى ان الكثير من أهل الفَنْ و الكُتَاب اكْمَلوا دِراسَتَهُم الجامِعِيَة بالخارج ليَجلِبوا مَعَهُم هذه المدارس الى الدُوَل العَرَبية المُصَنِعَة لِلْدرامة في العالم العَربي، و هذا الشيئ واضح بالنسبة لكثير من اعمال الإثارة(الأكشن) التي سادت تِلْك البُلدان العَربية و في مِصْر قَبْلَ ثَوْرَة الخامِسْ و العِشرين مِنْ كانون الثاني و قد شارَكَ بتلك الأعمال نُخبة من النجوم الشَباب، 

فعلى ضوء هذه المُعطيات التي تَتَطَلب من المُتَفَرِج تَقَبُل السينما بما تَحْتَوى من إنتاج للأفلام بانواعها الأدبية و على سبيل المِثال لا الحَصْر كالكوميدية و الرومَنس و التراجدي و الفانتازيا و الأكْشِنْ و الرُعْب غَيْرِهِم، و ايضا ما تَلْتَقِطَهُ كاميرات المُخْرِجين التي تَتَمَتًع بالنُضوج و رَفْض الإستخفاف بالمُشاهِد و التي تأبى إلا و ان تَلْتَقِط بل تَصْنَعْ المَشاهِدْ القريبة جدا مِنْ الواقع بما يحوي من لَحَظَات فَرِحَة و حَزينَة و بحقيقَتِهِ و واقِعيًتِه أيضا، يأتينا فلم المهاجر بأجوائه الدَسِمَة و مع حيثياته الكَثيرَة، 

الأفلام و القِصَص التي سَبًبَتْ المُناقشات و الجِدالات بين كوادرها و نُقادها كَثيرَة، فَمِنْ ثنايا ما يَسْتَلهِمُه كٌتًابنا من أحداث تاريخية إنْطَلَقَ فِلْم المُهاجِر في عام الف و تسعمائة و اربع و تسعين، و قد كُتِبَ نَصُه الفني و أخرَجُه الراحل الكبير يوسف شاهين، و في الحَقيقَة قد شاهُدتُ هذا الفلم ثلاثة مرات ليَلْهَث لساني بأحلى عِبارات الإعْجاب و الروعةَ في كل مَرًة نَظَراً لإتقان إخراجُه و نصه السينمائي، "فَنَطَقَت مِصر الفرعونية بِرَوْعَتِها في هَذِهِ الَمْلَحَمَة التاريخية، فَقَدْ شاهَدْتُ الكَثير مِنْ الاعْمَال الأمريكية و الغربية التي تَـتَـناوَلْ حَضَارَةْ الفراعِنَة مِثْل فِلْم الوصايا العَشْر في الستينات و الافلام الحَديثة كالمومياء و عَوْدَة المومياء مِنْ انتاج ستوديوهات يونيفرسل الامريكية فما تَعَمْلَقَتْ هَذِهِ الحَضارَة الًا في فلم المهاجر،" و لا نَنْسَى أداء المُمَثلين الذين ابرعوا في تجسيد أدوارهم بِكُلْ معنى الكَلِمَة، و في الحقيقة انا كاتِبْ و اسْتَطيع ان أُؤَكِدْ انً الخَيَال عِنْد الكتًاب خِصْب جدا لا يَعرِف حُدودا مُعينة يَتَوَقًف عِنْدَها و خُصوصا اذا إلتَقى مَعْ حُقول غنية بالاحْداث كالاحداث التاريخية او كَمَلاحِم أدبية تُلهِم التَـْفكير و الخيال عِنْدَهُ، فبالعادة يُعْطي هذا المزيج من خُصوبَة الخيال و الأحداث المُلهِمَة ثِمار قِصَصية رائعة و جميلة، و يبدو لي ان قِصًة المُهاجر مُسْتَلْهَمَة مِنْ قِصًة سيدنا يوسف عليه السلام و ليست عن حياته اطلاقا بالرُغْم مِنْ وجود تقارُب بين الشخصيتين، و لا يجوز إطلاق اية مُقارَنَة او الوَزْنْ بين الشخصيتين و القِصًتين حَسَبْ ما قرأت للاسف في بعض من المَراجِع لأن القِصًة الموجودة في الفِلْم تَخْتَلِف كَثيراً عَنْ ما ذُكِر في الكِتَاب المُقَدَس و القرآن الكريم ، فشئنا ام أبينا الإحاء الأدبي هنا انتهى بوجود فُروق جوهرية كبيرة بين سيدنا يوسف و رام بَطَل المُهاجِر الذي يُجَسِد دوره الفنان خالد النبوي، فلا ذِكْر في الفِلْم لشخصية يوسف بَلْ لِبَطَل اسْمُهُ رام، كما ان رام لا يَتَمَتًع بِنِعْمَة وحي النبؤة في الفلم بل بايمان كبير بالله و حاسًة تكاد ان تكون اشبه بالحاسة السادسة النشيطة مِثْلَهُ مِثْل اي بشري آخر، و لم يُذْكَر بالكتاب المُقدس او في القرآن الكريم ان سيدنا يوسف ذَهَبَ الى مِصر لتَعَلُم الزِراعة لمُساعدة عَشيرَتُه مِنْ ظروف الصَحراء القاسِيَة بل لا يُعقل ان يَذْهَب رَجُل بار ذو مَكانَة مُمَيزة عِنْد الله او نبي الى دار عُلوم الوَثَن لتَعَلٌم فَلْسَفَتِهِم و عُلومِهِم كالطَحْنيت الفَرْعوني للاموات بل كان إكتفى بما اتاهُ الله مِنْ عِلْم كما هو الحال مَعْ بَقية الانبياء، و لا نَرَى لهُ اي نَشاط تبشيري او كِرازي في الفِلْم للوَثَن الذي ساكَنَهُم كما يَفْعَل اي نبي مُرْسَل مِنْ الله إطلاقا، و اذا قَصَد المُخْرِج يوسف شاهين لرام ان يكون نُسْخَة عن سيدنا يوسف اما كان جَعَل في الفلم الوحي الإلهي الذي يَنْزِل على الانبياء يُعَلٍمُهُ عُلوم الزِراعَة بَدَل مِنْ عناء السَفَر؟ 

لذلك المُهاجِر يَجِبْ أن يُعالَج مِنْ باب فَني سينمائي فَقَطْ و يُعالَج كَقِصَة مُسْتَلْهَمَة مِنْ شخصية تاريخية و أحداث دينية فَقَطْ، و بالحقيقة أُحِسْ بِكُل مَرًة اتابِعُهُ انني أشاهِد.....مصر الفرعونية بروعَتِها التاريخية...بِجَبَروت قَبْضَتِها على أراضيها...بِمَشاكِلِها السياسِيَة في وَقْتْ أحداث الفِلم...بِمَشاكِلِها الإقْتِصادية...و لَكِن للأسَف بِعَدَم تَكْريم السينما بتاتا لِهَذا العَمَل العِمْلاق الذي نافَسَ باتْقانِهِ اقوى المَلاحِم السينمائية التي عَرَفَها الفَنْ في أُوروبا و أمريكا، بل انا مُتأكِد انه نافَسَ بِروعَة الإخراج أفلام نالت جوائز عالمية في هوليود مِثْل الفِلم الشهير "سبارتكس(انتاج سنة الف و تسعمائة و ستين)" و افلام كليوباترا التي صَرَفَت على إنتاجها الستوديهات الغربية كثيرا، و لن أكون فني او مُحَلِلْ تَقَني في تَحليلي لهذا الفِلم بِقَدْرما سأُبُسِط ما رأيت بِلُغَة سَلِسَة بسيطة في النقاط التالِيَة :

الفِلْم احْتَرَمَ عَقْلَ المُشاهِدْ و ذَكائَه بعدة طرق: 
اولا) مَنْطقية بيئة السيناريو : تَحْدُث احداث هَذِهِ المَلْحَمَة التاريخية في حَضارتين مُخْتَلِفَتين هُما حَضارة أهْلُ البادِيَة و الحَضارَة الفِرعونية، فَحَياة البَداوة و الصًحراء قاسية جدا و هَذِهِ مِنْ الأُمور المَعْروفة خاصة لدى أجدادُنا الذين إخْتَبَروا حياة الرِمال الجافة و عَواصِف الغُبار اللئيمَة و شَحْ موفور الماء في الطبيعة الخَشِنَة، كما ان تواجُد الحيوانات المُفْتَرِسة في العَديد من مَناطِق البادية لم يَكُن مِنْ السَهْل التَعامُل مَعَهُ فكانَتْ بِمَثابَة خَطَر يُهَدِد حياتَهُم و يُهَدِد الثَروات الحيوانية التي كانوا يرعونَها لتأمين قوتهم و خُصوصا في عُصور ما قَبْل التاريخ التي تَتِمْ بها احداث الفلم، فلم يَكُن لديهِم الأسلِحَة الفَعًالة للدِفاع عن أنْفُسِهِم و ماشيتِهِم، و لتأمين الأعْشاب و الماء كانوا يرتَحِلون مِنْ مكان لآخر باحثين لأجل انفُسِهِم و لأجلِ ثَرواتِهِم الحيوانية، و هذِهِ كانت مُعْضِلَة عَشيرة رام و التي دَفَعَة بِهِ الى طَلَب السَفَر الى مصر لتَعَلُم أُصول الزِراعَة ليُخَضٍر الأرض الصَحراوية و يُريح عشيرتَهُ من عَناء التِرحال، فكانوا يعانون الأَمَرًين مِنْها خُصوصا و إن الأمْطَار أصْبَحَت خفيفة مُنْذِرَة بِسِنين قَحْط كُبرى قادمة الى ديارهِم، 

مِنْ المُهِم جداً أن أُنوه عَنْ نُقْطَة جوهرية و هي أن الإكسِسوار الذي كانوا يَرْتَدوه المُمَثلين الذين جَسًدوا دور عَشيرة رام كان مُتْقَن و مُناسِب مع البيئة التي يعيشوا بها، لأننا نَرَى في هذه الايام اعمال تُحاول شركات الانتاج القيام بها و تَصْرِف عليها ما تَصْرِف مِنْ مَبالِغ و ميزانية لتأتينا فَقَطْ بالصَدامات الكُبري، فَعلى سَبيل المِثال لا الحَصْر رأيتُ في مُسَلْسَل تاريخي عَربي تَتِم احداثُهُ في عَصْر الرومان جُنود مُسافرين في البَرْ تَحْتَ لهيب الشمس الحارِقَة و خُشونة الصحراء و لَكِنْ لتُصوِر كاميرة المُخرج لباسَهُم و كأنَهُم إرتدوه للتو من المَتْجَرْ فالجِلْدْ يَشِعُ بِلَمَعان مِنْ دون ان يكون مُهْترئ او مُغْبَر مِنْ السَفَر، كما نَرَى خوذة رأس الجُنود يَشِع مِنْها بريق باهِرْ كَبَريق الجواهر تَحْتَ الشَمْس؟؟؟؟ ما هذا إلا اسْتِخْفاف بالمُشاهِد الذي يُتابِع هَذِهِ الأعمال، فاذا تابَعْنا دِقًة تَصْميم الاكسِسوار لعَشيرة رام و التعامُل المُحْتَرِف لفريق العَمل مَعَها سَنَرَى أن تاريخياً هذا كان واقِع الِلبَاس المَوْجود عِنْدَ أهْلِ البادِيَة في ذاك العَصْرْ كما انه ليس بالحالة المثالية لأنًهُ لِبَاس يومي يَتَعَرًض لخُشونَة طبيعة اعمالِهِم و بيئتهم، فالخِيَم ايضا لَيْسَت نَظيفَة كما و أنًهُ تَمً أُخراجُها للتو من مُسْتودَع للتخزين؟ و نَرَى أيضاً المَظْهَر الخارجي للرجال بِدائي جدا فَشُعورِهِم طويلة غير مُرَتَبَة و اللِحْيَة غير مَحلوقَة لِعَدَم تواجُد أدوات حادة لِحِلاقَة الشًعْرْ في ذلك الوقت، كما و أن الأمر الرائع ان المِكياجات التي توضَعُ على وَجه المُمَثلين و النساء لأغراض التصوير غَيْر ظاهرة بتاتا و لا يَشْعُر بها المُشاهِد، كما انهُ لا تَظْهَر أيًةْ مظاهِر للزينة خارِج عَنْ ما هو مُتَوَفِر بالصورة الطبيعية بهذا المُجْتَمَع، فَمَنْظَر عشيرة رام الخارجي مُقْنِع انها من البادية بكل معنى الكَلِمَة، 

الحضارة الفرعونية : تَنْقَلِب الموازين كليا عِنْد هذه الحَضَارة الجَبارَة التي تَمْتَاز بالفلسَفة و الفِكر و المُجتَمَع المُنَظَم و الجيوش لحِمايتَها و العِلم و المَعرِفَة في البنيان و الهَندسَة المِعمارية، و قُدْرَة المُخرِج على تقديمِها بواقِعِيَة و باتْقَان كما فَعَل مع البيئة الصحراية شَدً انتباهي كثيرا، فَنَرَى الاسوار العالية التي تحمي مِصْر الفَرعونِيَة مَعْ ابواب مدينة طيبة العَريقَة التي كانَتْ جُزء مِنْ أُسلوب دِفاع عَسكري مُنتَشِر في كثير من المُدُن العريقة القديمَة، و نَرَى الحُرًاس الفرعونيين بزيٍهِم الحقيقي و أسْلِحَتِهِم العَسْكرية يَحْمون أبوابها، و نَرَى قوافِل التِجارة تَنْتَشِر في ساحاتها و أسواقها بين حُشود المدنيين المصريين بلباسِهِم التقليدي القديم، و نرى تماثيل الآلهة الفرعونيين العِملاقة تَنْتَشِر في المدينة التي كان أهل طيبة يعبدونها و أيضا اللغة الهيروغليفيا تملئ جُدران المدينة، فاسْتَقْبَلتنا طيبة القديمة بِرُبوعِها العامرة و عانَقَتْنا بزينتها و اهلها و هم يزاولوا نَشاطِهِم المُعتاد مِنْ خِلال عِدًة مَشاهِد و رام على وَشَك ان يُباع الى كبير حُرًاس فِرعون مصر، فرَوَت لنا طيبة افراح اهلِها و احزانها ايضا من خِلال المَشاهِد الدرامية للفِلم و الصِراعات و الحَبَكات الموجودة بِه. 

ثانيا) حبكات الفِلم : حبكة الفِلم الرئيسيةتَتَمَحور حول سَفَر رام الى مصر ليُحَقِق هَدَف رئيسي هو تَعَلُم الزِراعَة لكي يُريح أهلُه من عَناء التِرحال، و ما هي المَصاعِبْ التي يُلاقيها بَعْدَ انْ يَغْدروا بِهِ إخْوَتُه الذين يَغارون مِنْهُ كَوْنُه الأكْثَر دلالاً بِعائِلَتِهِ مِنْ قِبَل ابيه و كيف يُجْبِروه على السَفَر في سفينة بَعْدَ ان يَضْرِبوه على رأسِهْ و يَضَعوه في سَفينَة لِتُبْحِر بِهِ الى مِصْر، و هُنالك حبكاتان اضافيًتان ثانويًتان تَتَوَضًح مع إحْتِكاك رام بأهل مصر و هي ارادة زوجَة قائد حَرَس فرعون اقامة عِلاقَة عاطفية مَعَهُ بِسَبَب فَراغ عاطفي تَشْعُر بِهِ و مشاعِرَهُ تجاه إبنة مُعَلٍمِه الذي يُعَلِمُه الزراعة،

ثالثا) المَناخ السياسي للمُهاجِر : باختِصار شديد يَرَى العُلماء ان البِدايات المُتَحَضٍرة للانسان في حَقَبات ما قَبْل التاريخ و مُنذُ الاف السِنين كانت عندما بدأ بالتِرْحَال ضِمْن جماعات تَقْتات مِنْ ثِمار الأشجار و يَصْطاد الحيوانات ليأكُل لُحومَها، و لَكِنْ نظراً للذكاء الذي يَتَمَتًع بِهِ سُرعان ما تَعَلًم الزِراعة لتُصْبِح وظيفة جديدة لَهُ و مَصْدَر طعام جديد لمُجْتَمَعاتِه، و بما ان ضِفاف الأنْهُر تُوَفِر الأراضي الرِطْبَة و الخِصْبَة إسْتَقَرً على هذه الضِفاف و زَرَعَها و بنا لِنَفْسِه مُجْتَمَعات سَكَنَها و أحْسَن تَنْظيمَها، و مع مُرور السنين و العُقود الزمنية كَبُرَت نَسْمَة هذه المُجْتَمَعات و أصبح لها أُسُس تَرْتَكِز عليها و فَلْسَفَتها الخاصة و الديانات التي تؤمن بها، و عَيًنَت لها رئيسا و مسؤلين و قوانين لتَحْكُمَها و أصْبَحَت بهذا تُعْرَف بِحَضارات. 

مما لا شَكً بِهِ و حَسَب ما وَجَدَت دِراسات العُلماء من مُنَقِبي الأثار و الباحثين ان هُنالِك ثلاثة حَضارات عَتيقَة رأت النور على ضِفاف ثلاثة أنْهُر عَظيمَة، هُما حَضارات ما بين النهرين عند أنْهُر الدِجَلة و الفُرات و حَضارَة تَمً التَعَرُف عليها مِنْ خِلال كِتَابات مُؤَرِخين صينيين بالرُغْم مِنْ أنه لم تَنوَجِد اثارُها لغاية الآن و هي عِنْد نَهْر يانغتزي الكبير و ايضا الحَضارة الفرعونية الجَبًارة التي حَكَمَت بِقاع واسِعَة مِنْ الشرق الأوسط عَبْر فَتْرَة ثلاثة ألأف سَنَة مِنْ حَقَبَة ما قَبْل الميلاد، و هَذِهِ الحَضارات هي الأقْدَمْ على الإطلاق الذي عَرَفَها تاريخ البَشَرية، و يَعْتَقِدوا العُلماء أن واحِد مِنْ هَذِهِ الأنْهُر ربما يكون قد شَهِدَ وصول جَماعات إختارَت أن تَسْكُنَها مُنْحَدِرَة مِنْ أصول آدم و حواء، فَلَمْ يَكُن بِمُتَناول يدي الإنسان الأول إلًا مِهْنَتي تَرْبية الماشية و الزِراعة. 

عِنْدَما نَتَكَلًم عن مِصْر نَحْنُ لا نَتَكَلًم عن حضارة إنسانية عادية، فَمِصْر تُعَد عِلمياً مِنْ أقدم الحَضارات التي عَرَفَها تاريخ البَشَرية على الإطلاق لِدَرَجَة أن العُلَماء لا يَسْتَطيعوا تَحْديد بِالدِقًة بدايات وجود الإنسان بها، و يَقول العُلَماء و حَسَب توثيقات الموسوعات الرسمية أنهم إبتدأوا بايجاد أثار لِحَضارات مُنَظَمَة جِداً مُقارنة مَعْ مَقْدِرات الأنسان الأول و كانت بِمَثابَة البِدايات الأولية لِلْحَضارات الفَرْعونية يعود تاريخُها الى نِهايَة الألفية الرابعة قَبْل الميلاد، و كانت هَذِهِ الأثار لِجَماعات أو دويلات صغيرة مُنْتَشِرة على طول ضِفاف نَهْر النيل و لَكِن في نهاية الألفية الرابعة لاحَظَ العُلَماء أن هَذِهِ الدويلات تم توحيدُها الى كيان كالدولة كبير عن طريق تيار جامِع لغاية الآن لم يَتَعَرًف عليه العلماء بِصورة واضِحَة، و لكِن لديهم إحساس أن هذا التيار رُبَما يكون مَصْدَرُه مِنْ الشمال المصري، ففي سَنَة ثلاثة ألأف و أربَعْمِئَة قبل الميلاد نَرَى الخارطِة الديمُغرافية لِمِصر تَتَبَدًل الى مَمْلَكَتان مُنْفَصِلتان واحدة تَحْكُم الشمال بأراضي الدِلتا الخَصيبة و الثانية تَضُم أقسام مِنْ جَنوب مصر بأراضي ضِفاف النيل الخَصيبَة، 

فَنَحْنُ إذاً نَتَكَلًم عَنْ دَوْلَة عَرَفَت الحَضارة مُنْذُ بُزوغ فَجْر الإنْسَانِيَة، و يأتينا مؤرخ فَرعوني مُنْذَ عُتْقِيًة الزمان إسْمُه مانيثو عاش في حَقَبات ما قبل الميلاد لِيَقْسِم الحَضارة الفرعونية كاملة الى ثلاثة أقْسام، و قد سَمًى هَذِهِ الأقسام علماء عَصْرِنا على النحو التالي - المملكة القديمة - المملكة الوُسْطى - المملكة الحديثة، و حَدًدوا بِدايَة العَصْر الفرعوني في سنة ثلاثة الاف و مِئَة قَبْل الميلاد، ففي هذا الزمان كانت مصر مُوَحًدة تَحْت رَئيس فرعوني واحد وابتدأت رِحْلَة حَضارة الفراعنة الطويلة مُنْذُ هَذِهِ التواريخ العَتيقة، و مِراراً و تِكراراً تَروي لنا أثارُها الخالدة و اللغة الهيروغليفية على جُدرانها التي بُنية بأٍيدي أمْهَر البنائين لديهم و أحجار الأهرامات التي بُنية بِتَعَب و دِماء رجال هَذِهِ العُصور و التي ضَمًت رُفات مُلوكِهِم العَظيمة و تَسْرُد لنا المَعابِد الضَخْمَة التي ما زال يُسْمُع بين أروِقَتَها أصوات الكهنة و هُمْ يُصلون الى آلِهَتِهِم...كلها تُخْبِرُنا قِصَص الحَضارة الفرعونية مُنْذُ نَشأتِها الى تَعَمْلُقِها ثم وَانْتِهائِها، و كيف شَهِدَتْ اياماً ذَهَبية و ازدانة شَوارِعها باهازيج الأفراح بانْتِصَارات جُيوشِها الجَبارة في الحُروب و كيف بالمُقابِل سادة سنين حُزن حين كانت تَرْزَح تحت حُكْم عِداها. 

لِذَلِكَ لا يَعْلَم المُشاهد في حقيقة الأمر انًهُ حين يُقَدِم مُخْرِج فِلم المُهاجِر الحَضَارَة الفَرْعونِيَة في بِدايات عَهْد الفَرْعون أمينوفيس الرابع يُقَدِمها و عُمْرها ألف و ثمانمائة عام، حَضارة عِمْلاقَة ناضِجَة تَمْتاز بِهَوِيًتِها الدينية المُسْتَقِلة و نِظام حُكْم مَلكي مُتَمَكِنْ و مُميزاتها الخاصة و حدود وَرِثَتها مِنْ حُكم و الفتوحات العَسْكرية لِلفرعون ثوتموس الثالث، فامْتَدًت هَذِهِ الحُدود لِتَصِل مِنْ مَناطِق الحَبَشة جنوبا الى دِلْتا النيل شَمالا و الى مَناطِق عَبْر الأردن و اراضي كَنْعان و بِلاد الفينيقيين (لبنان) و صولاً الى حُدود المَمْلَكة الحِثية في الغَرْب و التي هي عدو تقليدي لفراعِنة مِصْر، فَلِذَلِكَ حين يَنْتَقِل رام في الفلم الى طيبة مَعْ المَلًاحَة ليَبيعوه يَجِد هَذِهِ المدينة مُزْدَهِرة جِداً، و لَكِنْ في بِدايات هَذِهِ القِصَة الدرامِيَة في عَهْد أمينوفيس يَحْصُل الغير مُتَوَقًع، فَتَكون البِلاد في إنْقِسام قوي تَمْهيداً لثورة كُبرى لم تَخْتَبِرها مصر الفَرْعونِيَة إطلاقاً مِنْ قَبْل، و السَبَبْ يَكْمُن في أنه عَبْر الأَلْف و ثمانْمَائة عام السالفة كانوا الفَراعِنة مُجْتَمَع وَثَني بِصورة مُطْلَقَة، اي كانوا يُؤْمِنوا بِتَعَدًد الآلِهَة و كانت عِبادة الأصْنَام جُزء مِنْ الطُقوس الدينية عِنْدَهُم، و لَعَلً تماثيل الأصْنَام العِمْلاقَة التي إنْتَشَرَت لِمِئات السنين بِمُدُنِهِم تَعْكِس كَمْ كانوا يُقَدٍسوا هَذِهِ الآلهة و يَهابونَها، فكانوا يَعْبِدوها مَعْ شَتى الحَيْوانات بَلْ رافَقَت وجود هَذِهِ الآلهة قِصَص عَنْ نُشوء العالم، حتى عَيًنوا للنيل إله لكي يَعْبَدوه و يَسْتَعْطِفوه ليُخَفٍف مِنْ شِدَة بَطْش هذا النهر حين يفيض، و حَدٍث بلا حَرَج عَنْ طُقوس العِبادة لِهَذا الإله الذي كان سَبَب في خُصوبَة الأراضي الزِراعية و ضِفافِه في مُعْتَقَداتِهِم، و لا نَنْسى الشَمْس التي كان لها دَوْر أيضا فالإله آمون كان إلَه الشَمْسِ و الريح و الخُصوبَة، و كانَتْ عِبادة الإلَه آمون شائِعَة في التاريخ المصري و خُصوصاً في عَهْد أمينوفيس و لكن لا شَكً ان هذا الفرعون وريث حَضارة و فَلْسَفَة حياة لا يُستَهان بها، فكان هذا الفرعون يؤمِن بوحدانية و سيادة آتون قُرْص الشَمْس كالإله الأوْحَد مُسْتَقِل في العالم، و كان يَتَعَبًد له هو و عائِلَتَه و بالمقابل كان يَتوقَع مِنْ الناس ان يَعْبِدوه كفرعون و كائِن بَشَري مِنْ لدُن هذا الإلَه.

كانوا كَهَنَة آمون را في الفلم غاضِبون جِداً مِنْ هَذِهِ الطقوس التي طَبَقًها أمينوفيس في عَهْدِه، خُصوصا عِنْدَما أصْدَر أوامِرُه للناس بِعَدَم عِبادة إلا آتون، فحتى الريع المادي الذي كانوا الكَهَنَة يَسْتَنْفِعون مِنْهُ كان يُصادِرُه ليبني عاصِمَة الإلَه الجديدة أمارنا بَعيدا عن طيبة العاصِمة التقليدية لبِلاده، فكانوا في قِمًة غَضَبِهِم و كانت هُنالك إنْقِسامات بين الناس أيضا على موضوع هَذِهِ العِبادة و لكن كانوا عَبَدة آتون بازدياد ملحوظ ليَغْتاظ الكَهَنَة أكثر، و كانت هُنالك عِدًة مَشاكِل إضافية تُلاحِق المَمْلَكَة الفرعونية فكانت مُشْكِلَة الجَفاف و عَدَمْ وَفْرَة الأمطار التي إبتدأ الناس يُحِسون بها مُسَبِبة عَدَمْ راحة عِنْدَهُم. 

و لكِن كل هَذِهِ الأمور كانت في بِداياتها في الفِلم في بِدء رِحْلَة رام في طَيبَة عِنْدَما إبتدأ يَكْسِب عَطْفْ أمهيار كبير حُراس البلاط الفرعوني و الذي يُجَسٍد دَوْرَهُ الفَنان مَحْمود حميدة، فكان أمِنْحوتِب الثالث فرعون مصر و كان أمينوفيس مازال ولي العَهْد، و في داخل القَصْر الفرعوني كانت عِبادة آتون تَتِم في السِرْ و لَعَلً هذا يَعود الى مَخاوِف مُعَيًنة مِنْ رَدًة فِعْل كَهَنَة آمون را في بِدايات تأسيس طُقوس هَذِهِ العِبادة في القُصور المَلكية و كان يَحْضُر الطقوس السرية أمينوفيس و عدد مُحَدَد مِنْ عامًة الناس و بَعْض شَخْصيات القَصْر، و لكن يَتًضِح أن هذا الطقس كان قَدْ تَسَرًب الى الخارج مِنْ غير عِلْم جَماعة أمينوفيس لِيَشْمَل عامة الناس و يَلْفِت إنْتِباه كَهَنَة آمون را و الذين يكونوا في تَذَمُر مِنْ هذا الفَلَتان، و السِجال بين أتباع آمون و عَبَدَة آتون كان قد إبتدأ ان يأخذ شَكْلا خَشِناً عِنْدَما أحاط أتْباع آتون موكِب آمون را و قاموا بِرَشْق هذا الموكب بالحِجارة أثناء قيام رام و رَفيقه بالعبودية في جَوْلَة في السوق، كما خلال سياق الفِلم تَـتَصاعَد حِدَة التوترات تدريجيا بين هَذِهِ الأطراف و في داخل الحياة السياسية في المَمْلَكة بين أمهيار و كبير كهنة أمون را لِتَصِل الى دَرَجة مُحاولة كبير الكَهَنَة صُنْع المَكائد الخَفِيَة للإطاحة بامِهيار. 

تَتَوَقًف أحداث الفِلم عِنْد نقطة زمنية لتُعالِج حبكاته بِنَتائِج مُرضية لِجَميع الأطراف، فَيَتَعَلًم رام الزِراعَة و تَخْضير أرض الصَحْراء بِصورة ناجِحَة، و يُنْقِذ مصر مِنْ تَهْلُكَة مُحَقًقَة بِفَضْل تَقَنية زِراعة الصَحراء الناجِحَة، و بَعْد صِراع عاطِفي مَرير يَتَزَوج هاتي إبنة مُعَلٍمِه التي تُجَسِد دورُها الفنانة حَنان التُرك بالرُغْم مِنْ تَعَلُقَه العاطفي في بداية الأمر بسيميهيت زَوْجَة امِهيار ، إلا أن أخلاقُه لم تَسْمَح له بخيانة القائد أمهيار الذي أحْسَنَ له كثيرا و يَحْصُل هذا بَعْد جَلْسَة عاطفية مع سيميهيت يَتَبادَل مَعَها لُغَة عاطِفية تكاد تَقودُه نحو الخيانة ليَرْدَعَه ضميره في آخر لَحْظَة فَيَتَوقًف، و يَكْتَشِف أمهيار هَذْهْ الجَلْسَة و لكن لِتُلقي سيميهيت اللوم على رام من خوفِها من زوجِها، فيُواجِه أمهيار رام ليُلْقيه بَعْدَها في السِجن، و لكن يُنْقِذ ضَمير سيميهيت الموقف حين تَبوح بالحقيقة لمَجْلِس فرعون ليُطْلَق سراح رام في النهاية، اما أمهيار فَيَنْتَصِر على كبير كهنة آمون عِنْدَما يُلْقي القَبْض عَليه بعد أن بدأ باضْطِهاد عامة الناس و حَرْقْ مَحاصيلِهِم الزِراعية بِسَبَب تَمَسُكِهِم بِعبادة آتون، و لا يَنْتَهي هذا الفِلم الرائع قبل ان يَتَصالح رام مع إخوانه بعد ان يَدْفَعَهُم الجفاف الى الرحيل الى مصر لطلب المُساعًدًة، فبعد ان إنتهت الأمور على خير تَنْتَهي مشاهده الشيقة. 

المصادر : ا+ب+ج :
1) http://en.wikipedia.org/wiki/The_Patriot_(2000_film)
2) Caxton Encyclopedia; Copyrighted 1977 Edition; The Caxton Publishing Company Limitted, UK

القمم العربية من انشاص المصرية إلى القمة الكويتية / محمود كعوش

وفق ما هو مقرر وفي أجواء من الترقب وعدم الإفراط بالتفاؤل، انعقدت قمة الكويت العربية الخامسة والعشرون في تاريخ القمم العربية العادية تحت شعار "التضامن من أجل مستقبل أفضل"، حيث اجتمع القادة العرب كما جرت العادة حول طاولة مستديرة للتداول في قضايا وهموم بلدانهم وشعوبهم. وجاء انعقاد القمة هذا العام، والتي ستتواصل على مدار يومي الخامس والعشرين والسادس والعشرين من الشهر الجاري، في ظل تلاحق التطورات المعقدة على ساحة الوطن العربي، وحالة الانقسام العربي بخصوص الأزمة السورية و"معضلة" تمثيل سورية فيها التي باتت في نظر البعض "أم المعضلات العربية"، وسعي كل من الدول العربية لحجز مكان يليق بها في المشهد العربي المقبل!! 
وبالرغم من أن بعض المراقبين المتتبعين للقمم العربية قد تعجلوا في الحكم على القمة "العتيدة" حين اعتبروها "قمة استثنائية"، إلا أن جدول أعمالها لا يوحي بأنها ستكون أكثر من قمة عادية لما ينتظر أن تحفل به من ملفات خلافية شائكة ومعقدة تتصدرها إلى جانب الأزمة السورية حالة التصدع التي تتهدد  مجلس التعاون الخليجي نتيجة الخلافت الحادة التى طرأت على العلاقات في ما بين الملكة العربية السعودية ودولة الإمارات المتحدة من جهة وإمارة قطر من جهة ثانية بسبب مواقف الأخيرة المؤيدة والداعمة لحركة الإخوان المسلمين في مصر وغيرها من الأقطار العربية التي اجتاحتها عواصف التغيير تحت مسمى "الربيع العربي". 
ولئن تمحورت تصريحات وزراء الخارجية العرب ومندوبي الدول  لدى الجامعة العربية حول إيلاء القضية الفلسطينية الأولوية على جدول أعمال القمة باعتبارها قضية العرب المركزية وشغلهم الشاغل، إلا أن الواقع العربي القائم لا ينبئ بكثير من الخير والتفاؤل، ولا يُنتظر أن تكون التوصيات التي ستصدر عن القمة أكثر من مجرد مادة صحفية "دسمة" للإستهلاك الشعبي المحلي والتغني بها في الإعلام لغرض ذر الرماد في العيون. 
لا أحد ينكر أن القضية الفلسطينية كانت في فترة سابقة وبالأخص في فترة المد القومي العربي بين خمسينات وستينات القرن الماضي، وفي ظل قادة تاريخيين من أمثال الراحل الكبير جمال عبد الناصر، قضية العرب الأولى ومحور اهتمامهم الرئيسي، إلا أن الوقائع على الأرض في ظل ما اصطلح على تسميته "الربيع العربي" تدلل على أن قادة النظام الرسمي العربي الحاليين ليسوا في وضع يُحسدون عليه بخصوص المسؤوليات الوطنية والقومية المنوطة بهم، كما أنهم ليسوا على مستوى التحديات التي تواجهها القضية الفلسطينية اليوم في ظل الضغوطات الأميركية – "الإسرائيلية" على القيادة الفلسطينية للاعتراف بيهودية "إسرائيل"، وفي ظل تصاعد وتيرة الاستيطان الصهيوني وعمليات التهجير والتهويد في الجزء الشرقي من مدينة القدس، وهم إلى جانب ذلك غير مؤهلين لإيجاد حلول للقضايا الجوهرية المتعلقة بإقامة الدولة الفلسطينية على حدود ما قبل الخامس من حزيران 1967.
منذ قمة "انشاص" المصرية التي انعفدت في العَقد الرابع من القرن الماضي وتحديداً في شهر أيار من عام 1946، وصولاً إلى قمة "التضامن من أجل مستقبل أفضل" المقرر انعقادها في الكويت بين 25 و26 من الشهر الجاري توالى عقدُ القمم العربية قمةً بعد أخرى، وما بين العادية منها والطارئة، ثمة قضايا جوهرية بات عمرُها من عمر القمم ولا حاجة إلى تعدادها أو إعادة اجترارها لأنها لن تفيد أو تضر ولن تقدم أو تؤخر!!

وفي ما يلي القمم العربية ونبذة موجزة عن كل قمة وإنجازاتها وإخفاقاتها: 

قمة أنشاص: انعقدت في الثامن والعشرين من شهر أيار عام 1946 بدعوة من ملك مصر فاروق في قصر أنشاص، بحضور الدول السبع المؤسسة للجامعة العربية، وهي: مصر، وشرق الأردن، والسعودية، واليمن، والعراق، ولبنان، وسوريا. وخرجت القمة بعدة قرارات، أهمها: مساعدة الشعوب العربية المستعمرة على نيل استقلالها، والتأكيد على أن القضية الفلسطينية هي قلب القضايا القومية. والدعوة إلى وقف الهجرة اليهودية إلى فلسطين، مع اعتبار أي سياسة عدوانية ضد فلسطين من قبل الولايات المتحدة وبريطانيا هي سياسة عدوانية تجاه كافة دول الجامعة العربية. إضافة إلى ضرورة حصول طرابلس الغرب على الاستقلال، والعمل على إنهاض الشعوب العربية وترقية مستواها الثقافي والمادي، لتمكنها من مواجة أي اعتداء صهيوني داهم.
قمة بيروت: انعقدت في الثالث عشر من شهر تشرين الثاني عام 1956 بدعوة من الرئيس اللبناني كميل شمعون؛ إثر الاعتداء الثلاثي على مصر وقطاع غزة. وشارك في القمة تسعة رؤساء عرب أجمعوا في بيان ختامي على مناصرة مصر ضد العدوان الثلاثي، واللجوء إلى حق الدفاع المشروع عن النفس، في حالة عدم امتثال الدول المعتدية (بريطانيا، وفرنسا، وإسرائيل) لقرارات الأمم المتحدة وامتنعت عن سحب قواتها. وأعربت القمة عن تأييدها لنضال الشعب الجزائري من أجل الاستقلال عن فرنسا.
قمة القاهرة: انعقدت في الثالث عشر من شهر كانون الثاني عام 1964 بناءً على اقتراح من الرئيس المصري جمال عبد الناصر في مقر الجامعة العربية بالقاهرة. وخرجت ببيان ختامي تضمن عدة نقاط أهمها، الإجماع على إنهاء الخلافات، وتصفية الجو العربي، وتحقيق المصالح العربية العادلة المشتركة، ودعوة دول العالم وشعوبها إلى الوقوف بجانب الأمة العربية في دفع العدوان الإسرائيلي. إضافة إلى انشاء قيادة عربية موحدة لجيوش الدول العربية، يبدأ تشكيلها في كنف الجامعة؛ وذلك رداً على ما قامت به إسرائيل من تحويل خطير لمجرى نهر الأردن، مع إقامة قواعد سليمة لتنظيم الشعب الفلسطيني من أجل تمكينة من تحرير وطنه وتقرير مصيره. وتوكيل أحمد الشقيري بتنظيم الشعب الفلسطيني.

قمة الإسكندرية: انعقدت في الخامس من شهر أيلول 1964 في قصر المنتزه بمدينة الإسكندرية المصرية، بحضور أربعة عشر قائداً عربياً، ودعت إلى دعم التضامن العربي، وتحديد الهدف القومي ومواجهة التحديات، والترحيب بمنظمة التحرير الفلسطينية.

قمة الدار البيضاء: انعقدت في الثالث عشر من شهر أيلول عام 1965. وقررت الالتزام بميثاق التضامن العربي، ودعم قضية فلسطين عربيا ودوليا، والتخلي عن سياسة القوة وحل المشاكل الدولية بالطرق السلمية .

قمة الخرطوم: انعقدت في التاسع والعشرين من شهر آب 1967 بعد الهزيمة العربية أمام إسرائيل في يونيو/ حزيران 1967، بحضور جميع الدول العربية ما عدا سوريا التي دعت إلى حرب تحرير شعبية ضد إسرائيل. وخرجت القمة بعدة قرارات، أبرزها اللاءات الثلاثة، وهي لا صلح، ولا تفاوض مع اسرائيل، ولا اعتراف بها، إضافة إلى التأكيد على وحدة الصف العربي، والاستمرار في تصدير النفط إلى الخارج.

قمة الرباط: انعقدت في الحادي والعشرين من شهر كانون الأول عام 1969 بمشاركة أربع عشرة دولة عربية، بهدف وضع استراتيجية عربية لمواجهة إسرائيل، ولكن قادة الدول العربية افترقوا قبل أن يصدر عنهم أي قرار .

قمة القاهرة: انعقدت في الثالث والعشرين من شهر أيلول عام 1970  بعد أحداث أيلول الأسود التي شهدتها المخيمات الفلسطينية في الأردن وكان من أهم توصياتها، الإنهاء الفوري لجميع العمليات العسكرية من جانب القوات المسلحة الأردنية وقوات المقاومة الفلسطينية، وتميزت بعقد مصالحة تاريخية بين الراحل ياسر عرفات رئيس منظمة التحرير الفلسطينية وملك الأردن الراحل الملك حسين .

قمة الجزائر: انعقدت في السادس والعشرين من شهر تشرين الثاني عام 1973 بحضور ست عشر دولة، بدعوة من سوريا ومصر بعد حرب أكتوبر 1973، وقاطعتها ليبيا والعراق. ووضعت القمة شرطين للسلام مع إسرائيل، هما انسحاب إسرائيل من جميع الأراضي العربية المحتلة، وفي مقدمتها القدس، واستعادة الشعب الفلسطيني لكافة حقوقه. ودعت إلى تقديم كافة الدعم المالي والعسكري للجبهتين السورية والمصرية من أجل استمرار نضالهما ضد العدو الإسرائيلي. وشهدت هذه القمة انضمام موريتنايا إلى الجامعة العربية.

قمة الرباط: انعقدت في السادس والعشرين من شهر تشرين الأول عام 1974 ووضعت أسس العمل العربي المشترك، واعتمدت منظمة التحرير الفلسطينية ممثلا شرعيا ووحيدا للشعب الفلسطيني .

قمة الرياض غير العادية " مؤتمر القمة السداسي": انعقدت في السادس عشر من شهر تشرين الأول عام 1976 بدعوة من السعودية والكويت لبحث الأزمة في لبنان وسبل حلها. وضمت هذه القمة كلا من السعودية ومصر والكويت وسوريا ولبنان إلى جانب منظمة التحرير الفلسطينية. ودعت إلى وقف اطلاق النار في لبنان وإعادة الحياة الطبيعية إليه واحترام سيادته ورفض تقسيمه، وإعادة اعماره، وتشكيل لجنة عربية لتنفيذ اتفاقية القاهرة .

قمة القاهرة: انعقدت في الخامس والعشرين من شهر تشرين الأول عام  1976 وشاركت فيها أربع عشر دولة لاستكمال بحث الأزمة اللبنانية التي بدأت في مؤتمر الرياض الطارئ. صدقت على قرارات قمة الرياض السداسية ودعت إلى ضرورة أن تساهم الدول العربية حسب امكانياتها في إعادة اعمار لبنان، والتعهد بعدم التدخل في الشؤون الداخلية لأي بلد عربي. .

قمة بغداد: انعقدت في الثاني من شهر تشرين الثاني عام 1978 . وكانت القمة رفضت اتفاقية كامب ديفيد التي وقعها الرئيس المصري الراحل أنور السادات مع إسرائيل، ونقلت مقر الجامعة العربية إلى تونس وعُلقت عضوية مصر في الجامعة .

قمة تونس: انعقدت في العشرين من شهر تشرين الثاني عام 1979 بمبادرة من الرئيس التونسي الراحل الحبيب بورقيبة، وأكدت تطبيق المقاطعة على مصر، وإدانت سياسة الولايات المتحدة في تأييدها لإسرائيل .

قمة عمان: انعقدت في الخامس والعشرين من شهر تشرين الثاني عام 1980 واعتبرت إن قرار مجلس الأمن اثنين اربعة اثنين لا يشكل أساسا صالحا للحل في المنطقة، ودعت إلى تسوية الخلافات العربية .

قمة فاس: انعقدت في الخامس والعشرين من شهر تشرين الثاني عام 1981 بمشاركة تسع عشرة دولة وتغيب كل من ليبيا ومصر، وبحثت في مشروع السلام العربي، والموقف العربي من الحرب العراقية الإيرانية، وموضوع القرن الإفريقي .

قمة فاس: انعقدت في السادس من شهر أيلول عام 1982 وشاركت فيها تسع عشرة دولة وتغيبت كل من مصر وليبيا، واعترفت فيها الدول العربية ضمنياً بوجود "إسرائيل". وصدر عنها بيان ختامي تضمن: 1) انسحاب "إسرائيل" من جميع الأراضي العربية التي احتلتها عام 1967، وإزالة المستعمرات "الإسرائلية" في الأراضي التي احتلت بعد عام 1967 وقيام الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس، وتأكيد حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره، وتعويض من لا يرغب بالعودة. 2) افدانة الشديدة للعدوان الإسرائيلي على الشعب اللبناني. 3) بخصوص الحرب العراقية – الإيرانية، دعت القمة إلى ضرورة التزام الطرفين بقرارات مجلس الأمن، وأعلنت أن أي اعتداء على أي قطر عربي هو اعتداء على البلاد العربية جميعاً. 4) مساندة الصومال في مواجهة وإخراج القوة الأثيوبية من أراضيها.
قمة الدار البيضاء غير العادية: انعقدت في العشرين من شهر آب 1985، وبحثت القضية الفلسطينية، وتدهور الأوضاع في لبنان، والإرهاب الدولي .

قمة عمان غير العادية: انعقدت في الثامن من شهر تشرين الثاني عام 1987 وبحثت في أمور الحرب العراقية الإيرانية والنزاع العربي الإسرائيلي وموضوع عودة مصر إلى الصف العربي .

قمة الجزائر غير العادية: انعقدت في السابع من شهر حزيران عام 1988، ودعت إلى دعم الانتفاضة الفلسطينية الأولى، وبحثت موضوع المؤتمر الدولي حول السلام، وقضية فلسطين .

قمة الدار البيضاء غير العادية: انعقدت الثالث والعشرين من شهر أيار من عام 1989 وهي القمة التي أعادت مصر إلى عضوية الجامعة العربية، وبحثت قيام الدولة الفلسطينية المستقلة، والمؤتمر الدولي للسلام، وتشكيل لجنة لحل الأزمة اللبنانية، والتضامن مع العراق .

قمة بغداد غير العادية: انعقدت في الثامن والعشرين من شهر أيار من عام 1990، واعتبرت القدس عاصمة لدولة فلسطين، ودعمت قيام اليمن الموحد، وأدانت قرار الكونجرس الامريكي باعتبار القدس عاصمة لإسرائيل .
قمة القاهرة غير العادية: انعقدت في الخامس عشر من شهر آب 1990، وقرارات القمة أدانت اجتياح الجيش العراقي لإمارة الكويت، وأكدت سيادتها!!

قمة القاهرة غير العادية: انعقدت في الحادي والعشرين من شهر حزيران 1996 بدعوة من الرئيس المصري المخلوع محمد حسني مبارك، ودعمت جهود السلام على أساس قرارات مجلس الأمن الدولي، وأيدت اتفاق العراق مع الأمم المتحدة حول برنامج النفط مقابل الغذاء .

قمة القاهرة غير العادية: انعقدت في الحادي والعشرين من شهر تشرين الأول عام 2000، إثر أحداث العنف التي تفجرت ضد الفلسطينيين بعد أن دخل رئيس الوزراء الإسرائيلي آرييل شارون الحرم القدسي الشريف، وسمىت بقمة الأقصى. حضرتها جميع الدول العربية وانسحب وفد ليبيا الدبلوماسي في اليوم الثاني من القمة. وقرر المشاركون إنشاء صندوق باسم انتفاضة القدس برأس مال 200 مليون دولار لدعم أسهر الشهداء، وإنشاء صندوق الأقصى برأس مال 800 مليون دولار لدعم الاقتصاد الفلسطيني. وقد استحدثت هذه القمة غير العادية مبدأ الانعقاد الدوري للقمة بعد أن كان يتم بشكل غير دوري وفقا للحاجة.

قمة عمان: انعقدت في السابع والعشرين من شهر آذار عام 2001، وفيها تعهد القادة العرب بدعم صمود الشعب الفلسطيني ماليا وسياسيا وتحذير إسرائيل من مخاطر التفلت من مقررات مؤتمر مدريد عام واحد وتسعين وكلفت العاهل الأردني الملك عبد الله إجراء المشاورات اللازمة لبحث الحالة بين العراق والكويت، كما وافقت على اختيار السيد عمرو موسى اميناً عام للجامعة خلفاً للدكتور عصمت عبد المجيد .

قمة بيروت: انعقدت في السابع والعشرين من شهر آذار عام 2002، وأقرت أن السلام العادل والشامل خيار استراتيجي للدول العربية يتحقق في ظل الشرعية الدولية، ويستوجب التزاماً مقابلاً تؤكده إسرائيل في هذا الصدد. وطالبت القمة إسرائيل بإعادة النظر في سياساتها وبالجنوح إلى السلم. ودعتها إلى الانسحاب الكامل من الأراضي العربية المحتلة حتى خط الرابع من حزيران 1967، بما في ذلك الجولان السوري، والأراضي التي ما زالت محتلة في جنوب لبنان، إضافة الى ضرورة التوصل إلى حل عادل لمشكلة اللاجئين الفلسطينيين وفقاً لقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 194. 
يُذكر انه طغى على أعمال تلك القمة الوضع في الأراضى الفلسطينية بعد مذبحة مخيم جنين وحصار الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات في مقره برام الله . أُقرت فيها مبادرة السلام العربية التي كانت تحمل تسمية "المبادرة اسعودية للسلام" والتي اقترحها ولي العهد السعودي آنذاك الامير عبد الله بن عبد العزيز .

قمة شرم الشيخ: انعقدت في الأول من شهر آذار عام 2003، قبل ثمانية عشر يوما من قيام الولايات المتحدة والبلدان المتحالفة معها بجريمة غزو واحتلال العراق. بيان القمة الختامي شدد على ضرورة احترام سيادة شعب العراق على أراضيه. وشهدت إحدى جلسات القمة تبادل الزعيم الليبي معمر القذافي الاتهامات في جلسة على الهواء مع ولي العهد السعودى آنذاك الأمير عبد الله بن عبد العزيز .وأحدثت مبادرة الإمارات التي اقترحت تنحي الرئيس العراقي الراحل صدام حسين عن السلطة ردود فعل مختلفة بين القادة العرب وكانت سببا بعد ذلك فى أزمة عميقة بين الإمارات وأمين عام الجامعة عمرو موسى .

قمة تونس: انعقدت في التاسع والعشرين من شهر آذار عام 2004، وكان من المفترض أن تُعقد في آذارمن العام نفسه، وتم إلغاؤها قبل موعد انعقادها بيوم بسبب الخلافات حول ملف الإصلاح في المنطقة العربية . وأكد القادة على التمسك بدعم وحدة العراق واحترام سيادته واستقلاله، ودعوا مجلس الأمن لإعطاء الأمم المتحدة دورا مركزيا وفعالا في العراق بهدف إنهاء الوجود الاميركي وترتيب مراحل نقل السلطة إلى الشعب العراقي.

قمة الجزائر: انعقدت في الثاني والعشرين من شهر آذار عام 2005، وافتتحت بالوقوف دقيقة صمت وتلاوة الفاتحة على روح رئيسي كل من الإمارات الشيخ زايد بن سلطان ال نهيان وفلسطين ياسر عرفات ورئيس الوزراء اللبناني رفيق الحريري. وحضر الموضوع اللبناني بقوة في هذه القمة، وركز المشاركون على الدعوة للانسحاب السوري من لبنان واجراء الانتخابات في موعدها. وتمسكوا بالسلام كخيار استراتيجي، وقرروا إنشاء برلمان عربي انتقالي لمدة خمس سنوات يجوز تمديدها لمدة عامين كحد أقصى.

قمة الخرطوم: انعقدت في الثامن والعشرين من شهر آذار عام 2006، وأعادت التركيز على مركزية قضية فلسطين، والتمسك بمبادرة السلام العربية التي أقرتها قمة بيروت عام الفين واثنين، وجددت التضامن مع الشعب العراقي، ودعت إلى احترام سيادة العراق وعدم التدخل في شؤونه الداخلية واحترام إرادته في تقرير مستقبله وخياراته الديمقراطية .

قمة الرياض: انعقدت في الثامن والعشرين من شهر آذار عام 2007 تحت إسم "قمة التضامن العربي"، وقد وضعت على جدول أعمالها مختلف القضايا التي تهم المسلمين من مشكلة لبنان إلى الصومال إلى السودان إلى العراق إلى فلسطين ، فكررت القمة نفسها ولم تقدم شيئاً يذكر -طبعاً بالسوء- سوى لقضية فلسطين بل قل "قضية التنازل عن فلسطين" حيث أكدت على تمسك جميع الدول العربية بمبادرة السلام العربية التي قدمها ملك السعودية كما أقرتها قمة بيروت العربية 2002 بكافة عناصرها، والمستندة إلى قرارات الشرعية الدولية ومبادئها لإنهاء النـزاع العربي – "الإسرائيلي" ، وإقامة السلام الشامل والعادل الذي يحقق الأمن لجميع دول المنطقة، ويمكن الشعب الفلسطيني من إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس. وطالبت بانسحاب "إسرائيل" من كل الأراضي العربية التي احتلتها بعد 4/6/1967 بما فيها الجولان، وطالبت "إسرائيل" بقبول المبادرة كما هي بلا تعديل ولا تطوير ولا تغيير. لاءات ثلاث عودنا حكام العرب على البدء بها والانتهاء بضدها تكررت في مؤتمر قمة الرياض الذي أجمع المراقبون على أنه كان الأسوا في تاريخ مؤتمرات القمة العربية.

قمة دمشق: انعقدت في التاسع والعشرين من شهر آذار 2008 وسط أجواء من التشاحن والاختلاف والتوترات في العلاقات العربية ــ العربية كادت تكون شبيهة بتلك التي سبقت قمة القاهرة الطارئة عام 1990 بعد قيام العراق باحتلال الكويت، وهي الحالة التي عادة ما لا تنبثق من اختلاف الرؤى الذاتية بين بعض الدول العربية بشأن قضايا ملحة على الساحة وحسب، ولكن أيضًا نتيجة لضغوط أو تدخلات دولية، بما طرحت في حينه من الأسئلة والقضايا التي لم ترتبط فقط بالقمة كمؤسسة وآلية دورية تشاورية، وإنما بمستقبل النظام العربي ككل في ضوء الإشكاليات والتحديات التي تواجهه بداية من التحدي الأساسي والمتمثل في القضية الفلسطينية، مرورا بالأزمة اللبنانية، فالأزمة العراقية، وانتهاء بالتحديات الأخرى الأقل ظهورًا في خلفية واقع أزمات النظام العربي مثل مشكلة دارفور وجنوب السودان والصومال والصحراء الغربية، فضلاً عن القضايا التقليدية الأخرى كالتعاون الاقتصادي ومكافحة الإرهاب.

قمة الدوحة: انعقدت في الثلاثين من شهر آذار عام 2009، وأكدت رفضها لمذكرة التوقيف التي أصدرتها المحكمة الجنائية الدولية بحق الرئيس السوداني عمر البشير، على خلفية النزاع في إقليم دارفور غرب السودان، كما وشددت على دعم السودان في مواجهة كل ما يستهدف النيل من سيادته وأمنه واستقراره ووحدة أراضيه. وكانت قمة المصالحات العربية التي لم تكتمل، أو بكلام آخر لم يتحقق منها شيء.
قمة سرت غير العادية: انعقدت في السابع والعشرين من شهر آذار عام 2010 وسط تساؤلات حول إمكانية نجاحها في حل الخلافات العربية المستشرية أو فشلها في ذلك وبقاء القديم على قدمه، انعقد مؤتمر قمة "سيرت" الليبية في غياب بعض الحكام العرب الذين كان من المفترض أن يكونوا مهمين قياساً بحجم دولهم والأدوار السياسية المنوطة بها، وقد أقرت سلسلة توصيات عامة بشأن تفعيل العمل العربي المشترك وأكدت على دعم السودان والصومال ورحلت عددا من القضايا الخلافية الى قمة بغداد التي تلتها.
قمة بغداد: انعقدت في السابع والعشرين من شهر آذار عام 2012، ودعت الى حوار بين الحكومة السورية والمعارضة، التي طالبوها بتوحيد صفوفها. وطالبت الحكومة وكافة اطياف المعارضة بالتعامل الإيجابي مع المبعوث الأممي والعربي المشترك إلى سوريا كوفي عنان؛ لبدء حوار وطني جاد يقوم على خطة الحل التي طرحتها الجامعة وقرار الجمعية العامة للامم المتحدة.
وكان من المقرر عقد هذه القمة عام 2011 إلا أنه نظرا لظروف الثورات العربية أو ما سمي ب"الربيع العربي" تم تأجيلها عاماُ آخر.
قمة الدوحة: انعقدت في السادس والعشرين من شهر آذار عام 2013 في دورتها العادية لمدة يومين متتاليين في ظل ظروف إستثنائية كانت تجتاح منطقة الشرق الأوسط، ووسط حراك اجتماعي عربي طالبت فيه الشعوب العربية بالمزيد من الحرية والعدالة والكرامة الإنسانية، وفي خضم تحديات هائلة كانت تعصف بالأمن القومي العربي، وعلى إيقاع  تناقض واضح في ملفات، أبرزها الأزمة السورية والقضية الفلسطينية. ولربما أن ابرز ما لفت الأنظار في تلك القمة هو حلول المعارضة السورية  المرتبطة بالغرب وبعض الأنظمة العربية التي تدور في فلك تحالف واشنطن وتل أبيب محل حكومة  دمشق للمرة الأولى منذ تعليق عضوية سوريا في الجامعة العربية في تشرين الثاني 2011، وذلك في خطوة كرست القطيعة مع نظام الرئيس السوري بشار الأسد.
القمم الإقتصادية:
1-الكويت: القمة العربية الاقتصادية والتنموية والاجتماعية (19 - 20 يناير/ كانون الثاني 2009).
2-مصر: القمة العربية الإقتصادية والتنموية والإجتماعية (19 – 20 يناير/كانون الثاني 2011).
3-السعودية: القمة العربية الإقتصادية والتنموية والإجتماعية (21 – 22 يناير/كانون الثاني 2013).
وفي الختام من المفيد أن أشير إلى ان حوالي ثلاثمئة قرار  صدرت عن مؤتمرات القمة العربية من "انشاص" المصرية في عام 1946 إلى "الدوحة" القطرية في عام 2013 الجاري " يضاف إلى ذلك القرارات المنتظر صدورها عن قمة الكويت التي نحن بصدد الحديث عنها اليوم" كان أبرزها، قرارات اللاءات الثلاثة "لا للاعتراف، لا للتفاوض، لا للصلح"، ومقاطعة مصر إثر توقيعها معاهدة سلام مع إسرائيل، وتأسيس منظمة التحرير الفلسطينية، وإقرار مشروع السلام العربي مع إسرائيل . ويلاحظ ان الصراع العربي الإسرائيلي هو القضية المحورية في جميع مؤتمرات القمة، علماً إن المطلع على المحاضر الختامية للقمم العربية والقرارات الصادرة عنها لا يستطيع التمييز بينها لإنها تتشابه في مضامينها والنتائج التي ترتبت عليها وحتى في طرق انعقادها وانفضاضها وبياناتها الختامية وكل تفاصيلها .
وللحديث بقية تستكمل في العام القادم وتتجدد كل عام مع اتعقاد قمة جديدة !!
كوبنهاجن في مارس/آذار 2014
محمود كعوش
كاتب وباحث سياسي فلسطيني مقيم بالدانمارك
kawashmahmoud@yahoo.co.uk

خواطر وأحلام (الجيش اللبناني/ سركيس كرم

جيشنا يجسّد أملنا المتبقي الوحيد بقيامة لبنان الدولة..
*****
لا سيادة ولا أمان ولا أستقرار ولا عيش مشترك من دون الجيش اللبناني وضمانته الوطنية..
*****
كل ما تهجّموا ع الجيش اللبناني بأسلوبن العشوائي.. كل ما تأكدنا أنو الجيش على حق...
*****
الجيش يعني الوطن.. والوطن "دائماً على حق"..
*****
ببساطة نحب الجيش اللبناني لأنه لا يمارس الأرهاب و لا يبيح الذبح ولا يحلل القتل والاجرام والتمثيل بالجثث ولا يسرق ولا يغدر ولا يرتشي ولا يعتدي ولا ينتهك الحرمات ولا يعقد الصفقات ولا يخون ولا يميز بين لبناني وآخر .. بأختصار نحبه لأنه للبنان ومن ثم للبنان ودوماً للبنان.
*****
الله معكم والحق معكم وكل لبنان وعالم الانتشار معكم يا جنود الوطن.
*****
تسلم يا شرف الشرف .. ويا قمة التضحية.. ويا عظمة الوفاء.. تسلم يا وطن.. والوطن ما بيسلم ألا معك وحدك يا جيشنا يا جيش لبنان.
*****
ليس هنالك من قواسم مشتركة كثيرة بين الجيش اللبناني وغالبية أهل السياسة..
*****
بيحكوا سياسي والوطن ساكت.. بيحكوا سياسي والحكي باهت.. بيحكوا بالعالي والصدى خافت.. بيضّجوا كتير والصمت لافت.. بيحكوا ..وبيحكوا وما في شي زابط...
*****
لن تستقيم الأمور في لبنان إلا عندما يحاسب كل لبناني فريقه السياسي قبل ان يحاسب الفريق الآخر..
*****
من المفروض أنو يكون الوطن كل ضيعه وكل حاره وكل المواطنين، بس اليوم بيريدو الوطن بحجم أزغر ضيعه وأزغر حاره وأزغر متزعم.
*****
حينما نقتنع أن القيادات السياسية التي نؤيد ليست معصومة عن الخطأ نكون قد بلغنا نصف الطريق نحو التوافق مع الجهة المقابلة..
*****
رائحة الكتب والطباعة غالبا ما تذكرني بلبنان..
*****
من لا يُخلص لشريكة حياته، لا يعرف ان يحب...
*****
قريباً: يوقّع في سيدني اوستراليا الكاتب والمؤرخ الخوري يوحنا مخلوف كتابه الجديد "إهدن فردوس الكنائس والاديار - حجارة تتكلم" الذي يطلقه للمرة الأولى الى جانب كتابيه "البطريرك العلامة مار إسطفانوس الدويهي الإهدني "منارة مسكونية" و "يوسف بك كرم، ايقونة وقربان على مذبح الوطن" وذلك يوم الأحد 18 ايار 2014 الساعة السادسة والنصف مساء في قاعة كنيسة سيدة لبنان هاريس بارك سيدني.

أهلنا اللاجئين في إسرائيل ومصداقية الرئيس سليمان/ الياس بجاني

الخبر موضع التعليق كما جاء حرفياً في جريدة المستقبل عدد 20 آذار/2014، تحت عنوان: حُكمان على لبنانيين باكتسابهم الجنسية الإسرائيلية."صدر عن المحكمة العسكرية الدائمة برئاسة العميد الركن الطيار خليل ابراهيم، حكمين نيابيين بحق عشرة لبنانيين بجرم التعامل مع إسرائيل والاستحصال على جنسيتها وقضى الحكم الأول بسجن كل من جان ميشال زعرور وجو جان زعرور وكاتيا ابو كسم وجيمي جان زعرور وجريس جان زعرور وجيلبير جان زعرور مدة عشرة أعوام أشغالا شاقة وتجريدهم من حقوقهم المدنية وتنفيذ مذكرات إلقاء القبض الصادرة بحقهم كما قضى حكم ثان بالعقوبة نفسها بحق كل من راشانا جورج الزقليط وفيوليت طانس نمر واسعد سمير نهرا وايلي سمير نهرا".
http://www.almustaqbal.com/v4/article.aspx?Type=NP&ArticleID=610209

في نفس اليوم، أي يوم الخميس بتاريخ 20 من الجاري، وفيما كان نواب وطن الأرز يتبارون في مجلس النواب بعرض فنونهم المسرحية والعكاظية والخطابية المفرغة من أي مصداقية، كانت المحكمة العسكرية تظلم دون حق مواطنين لبنانيين كل ذنبهم أنهم أحرار ولم يتخلوا عن أرضهم يوم تخلت عنهم الدولة طوال 25 سنة، علماُ أن بعض هؤلاء الصادرة بحقهم الأحكام الجائرة كانوا أطفالاً، يوم لجأوا مع أهلهم إلى إسرائيل.

ما جرى من هرطقة قانونية في المحكمة العسكرية هو بالواقع مسلسل افتراء وظلم وانتهاك حقوق وكرامات مستمر دون وجه حق ضد أهلنا الأبطال واللبنانيين بامتياز الذين لجأوا إلى إسرائيل عام 2000 خوفاً على حياتهم وعلى خلفية تهديدات علنية جميعها موثقة كان أطلقها قادة حزب. 

للأسف الكنيسة المارونية لم تقم بواجبها نحو أهلنا هؤلاء، ولا الأحزاب المسيحية تبنت بصدق ملفهم لا في 14 ولا في 8 آذار، وذلك على خلفية حسابات شخصية وأنانية تتعلق بأطماع السياسيين الموارنة من الفريقين تحديداً بالوصول إلى كرسي بعبدا من جهة، ولعدم إزعاج خاطر حزب الله ومحور الشر السوري – الإيراني من جهة ثانية. باختصار إن جحود القيادات الزمنية والدينية بما يخص ملف أهلنا اللاجئين في إسرائيل مرده الجبن والخوف وقلة الإيمان وخور الرجاء وانعدام الوفاء.

إن المسؤولية الأول عن عدم حل قضية هؤلاء المظلومين تقع على عاتق رئيس الجمهورية شخصياً كونه وعد بحلها ولم ينفذ ما وعد به رغم أن القانون يجيز له إصدار عفو شامل عنهم.
من هنا نعجب كيف يُطبل ويُهلل ويلقي قصائد الزجل الببغائية كثر من العاملين في المجالات السياسية والرسمية والحزبية وحتى الدينية في وطننا الأم لبنان، للرئيس ميشال سليمان خصوصاً خلال فترة الشهور الستة الماضية على خلفية مواقف وطنية لمصلحة الدولة والدستور وضد دويلة وسلاح حزب الله اتخذها وهي بالواقع بقيت مجرد مواقف لفظية ولم يصاحبها أي عمل على الأرض عملانياً. 
المواقف المُهلل لها هذه تتصف نظرياً وليس عملياً بالوطنية وبمبدأ الحفاظ على الدستور وقد وصل الحماس يبعضهم لإسقاط ألقاب متعددة على الرئيس منها البطل واللبناني الأصيل وحامي الوطن والخ، وأيضاً رفع صوره وتزينها بعبارات ومفردات البطولة. 
برأينا المتواضع كل هذا المديح قد يكون نوعاً ما مقبولاً وممكن بلعه على مضض لو أن الرئيس احترم أهم وعد أطلقه في خطاب القسم وهو إعادة أهلنا الأبطال اللاجئين إلى إسرائيل منذ العام 2000، والكل مدرك للظروف القاهرة التي فرضت عليهم اللجوء القسري، ومن أهم مكنوناتها المهرطقة والإرهابية تهديدات السيد حسن نصرالله بدخول مقاتليه إلى مخادعهم وقطع أعناقهم وبقر بطونهم، إضافة إلى تخلى الدولة عنهم التي كان يتحكم بمفاصلها ورقاب حكامها الاحتلال السوري.
وهنا لا يجب أن نغفل حقيقة الاتفاقية التي تمت على حساب أهل الجنوب (الشريط الحدودي) بين محور الشر الإيراني-السوري وإسرائيل بمباركة عربية وغربية وهذه اتفاقات كُشفت وفُضِّحت وتمت تعريتها. 
الرئيس سليمان قال في خطاب قسمه: إن "حضن الوطن يتسع للجميع"، ولكن مرت سنواته الستة في القصر الجمهوري ولم يبق منها سوى أسابيع وهو لم ينفذ وعده، لا بل على العكس في عهده تساهل وغض الطرف وتناسى وعده لدرجة أن المحكمة العسكرية لم تترك جنوبياً واحداً فر إلى إسرائيل ومن ثم غادر إلى بلاد الله الواسعة، إلا وحاكمته غيابياً واعتبرته عميلاً وأصدرت بحقه أحكاماً ظالمة وجائرة. وبالطبع الكل يعرف أن مخابرات الجيش ومثلها المحكمة العسكرية هما للأسف تحت هيمنة حزب الله.
من هنا نقول وبصوت عال ودون مسايرة أو مساومة أو ذمية، نقول إن لا مصداقية للرئيس سليمان في أي موقف لفظي يتخذه أو يعلنه طالما هو لم يلتزم بوعده ويصدر عفواً كاملاً وشاملاً عن كل أهلنا الأبطال اللاجئين إلى إسرائيل، وأيضاً عن كل لبناني مقهور ومظلوم ومضطهد هرب من الجنوب إلى إسرائيل ومنها غادر إلى بلاد الله الواسعة بحثاً عن موطن لم يجده في وطنه لبنان.
إصدار العفو الرئاسي أمر بمقدور الرئيس سليمان عمله دون حاجة لموافقة أي مسؤول آخر في الدولة لأنه يقع من ضمن سلطاته الرئاسية، علماً أن أهلنا اللاجئين في إسرائيل والمنتشرين في أصقاع الدنيا هم من يجب أن يعفون عن كل المسؤولين والأحزاب والسياسيين اللبنانيين الذين باعوا ضمائرهم وشاركوا في جلدهم وظلمهم خصوصاً الأحزاب المسيحية كافة التي وخدمة لطموحات قادتها الرئاسية بلعت ألسنتها وأصيبت بالخرس وتصرفت ولا تزال كالنعامة دافنة الجماجم الكبيرة دون أفعال في الرمال. وهنا لا نعفي الكنسية المارونية تحديداً من واجباتها والمسؤولية وهي للأسف لم تفي بهما.
نعم لا مصداقية للرئيس سليمان ما لم يفي بوعده ويصدر عفواً شاملاً وكاملاً عن أهلنا الأبطال اللاجئين إلى إسرائيل، وكل ما عدا هذا العفو هو خارج إطار الحق والحقيقة والعدل ومن عنده أذنان صاغيتان فليسمع.

القائد المعلم الخالد كمال جنبلاط: ان الحياة انتصار للأقوياء في نفوسهم لا للضعفاء/ أكرم المغوّش

في مثل هذه الايام وفي السادس عشر من اذار يوم الاربعاء الساعة الواحدة من بعد الظهر عام 1977 اطلق اعداء الله والانسانية بالنيابة عن اسيادهم الصهاينة المجرمين رصاصات حقدهم وغدرهم على القائد المعلم وكبير الشهداء البطل الخالد كمال جنبلاط ورفيقيه البطل حافظ الغصيني والبطل فوزي شديد والاف الشهداء الابطال قبلهم وبعدهم ولسان حالهم يردد مع القائد المعلم:(  إن الحياة إنتصار للاقوياء في نفوسهم لا للضعفاء )

ومن غير اعداء الله يقتلون حبيب الله المعلم كمال جنبلاط الذي قرن القول بالفعل وطبق تعاليمه الاشتراكية ووزع القسم الاكبر من ممتلكاته على كافة الطوائف والمذاهب واطياف المجتمع وهو يقول:
أنت أنا يا أخي
أنت هذا الكون في حقيقته
أنت الانسان
بل أنت وجه الرحمن
نعم كان القائد البطل كمال جنبلاط أمة بأكملها كان في ان واحد رئيس ومؤسس الحزب التقدمي الاشتراكي ورئيس تحرير الانباء الاشتراكيه وقائد الثورة اللبنانية المستمرة ضد الطغيان وأمين عام الجبهة العربية المساندة للثورة الفلسطينية ورئيس المجلس السياسي للحركة الوطنية اللبنانية ورئيس ومؤسس جمعية الصداقة اللبنانية الروسية وسكريتر اتحاد كتاب اسيا وافريقيا ورئيس اللجنة العربية لتخليد صديقه الصدوق القائد العظيم الرئيس العربي الخالد جمال عبد الناصر وعضو مؤسس ومقرر في الاشتراكية الدولية ومؤتمر عدم الانحياز مع الرئيس الخالد عبد الناصر وزعماء العالم الكبار تيتو ونهرو وسوكارنو وسوهارتو وعضو شرف في هيئة مجلس السلم العالمي وحامل مئات الاوسمه وارفعها وسام الاتحاد السوفيتي ( وسام لينين )
وهو القائل : ان الذين ليس على صدورهم قميص هم الذين سيحررون العالم .
وللمعلم العظيم الخالد كمال جنبلاط مئات المؤلفات القيمة وبلغات عالمية  في الفلسفة والادب والشعر والسياسة والاقتصاد والطب والروحانيات منها: ادب الحياة ـ ثورة في عالم الانسان ـ فيما يتعدعى الحرف ـ فرح ـ السلام ـ ربع قرن من النضال ـ اضواء على حقيقة الحزب السوري القومي الاجتماعي ـ في مجرى السياسه اللبنانية ـ اوضاع وتخطيط ـ
حقيقة الثوره اللبنانيه وسواها من مئات المؤلفات  والاف المؤتمرات والمحاضرات والندوات .
والمعلم العظيم كمال جنبلاط كان فيلوسفاً واديباً ومؤرخاً وشاعراً ومؤمناً تقياً يمقت العنف ولكنه طيب الله ثراه يقول : اذا خيرت بين الذل والعنف اختر العنف ...
فكان صانع الرؤساء فاسقط الرئيس بشاره خوري في افتتاحية له في جريدة الانباء ( جاء بهم الاجنبي فليذهب بهم الشعب).
وقال للرئيس كميل شمعون  (كن فكان وقلنا له زل فزال).
وماذا عسانا ان نقول في هذه الذكرى الاليمة على غياب جسد المعلم العظيم كمال الشرف والاخلاق ومحبة الله القائد الطاهر كمال جنبلاط: ( ان لبنان الذي نريد هو لبنان العربي الديقراطي الواحد الموحد وليس الطائفي والاستغلال والعمالة ) .
ومهما كتبنا لا يمكن لنا ان نفي القائد العظيم كمال جنبلاط بعض ما كان فيه وهو القائد اللبناني ، العربي والعالمي الذي ملأ الدنيا وشغل الناس بقيادته للنضال الصحيح من اجل المساكين والمحرومين من بلادهم بفعل الاحتلال الصهيوني المجرم والانظمة الدكتاتورية الغاشمة الذي فاق ظلمها ظلم العدو الصهيوني (بس بالعربي) المزيف يا للعار ونحن نردد مع المعلم الخالد كمال جنبلاط باسمه العظيم
ورفاقه الاحرار الابرار:
(وهل من شيء أشرف من العبور فوق جسر الموت إلى الحياة التي تهدف الى إحياء الاخرين، وإلى محض قضيتهم قوة الانتصار مع الزمن وإلى ترسيخ مثال الصمود والتضحية في نفوس المناضلين)
ونختم كلامنا بمقتطفات من قصيدة الخلود للمعلم الخالد وبطل الحرية كمال جنبلاط لشاعر المقاومة الكبير شوقي بزيع وانشاد مارسيل خليفة :
كأنما جبل الباروك أذهله
   أن تنحني فمشى في يومك الشجر
والارز أفلت من حراسه وبكى
       وفي ثناياه من جرح الردى خدر
اخالها رصاصات الغدر حين هوت
     تكاد لو رأت عينيك تعتذر
لما هويت هوى من برجه بردى
     وبانكسارك كاد النيل ينكسر
طال ارتحالك ما عودتنا ابداً
     ابا المساكين ارجع نحن ننتظر

أعدلٌ وناصرةٌ عليا؟/ جواد بولس

كان صباحي حزينًا وعابسًا. أفقت وبي شغف لمعاودة النوم. في صدري غمّة ورائحة ليل ثقيل، كرائحة العرق، ما زالت تملأ فضاء غرفتي التي كان شبّاكها مفتوحًا. 
لم يكن حلمي مزعجًا، نسيت معظمه لكن قليله الباقي، هكذا تذكّرت، جمعني بأصدقاء وصديقات لم ألتقهم منذ سنوات طوال. تحلّقنا حول طاولة مستديرة قديمة تشقق سطحها فبدت بدون لون، عليها صفّت بعض صحون صغيرة خجولة فيها بقايا نُـقْل-"مزة": قليل من سمك السردين، وصحن فيه حبّات زيتون غارقة في عصير الحامض والفلفل الحرّاق، بجانبها أكوام من قشور البرتقال والمندلينا، وكذلك منافض ضاقت بأعقاب السجائر التي ارتفعت أكوامًا تشهد على احتراق ليلنا، وعلى لذة التيه في الأبيض الراقص.
 صوت "الست" ينقر وينقل أوجاع بيرم الذي يتحسّر على التي سافرت في يوم ما واعدته: "وأقول يا عين اسعفيني، وابكي وبالدمع جودي يا عين"، فكنا نعنّ مع كل عنّة وزفرة ونتأوّه كشاعر أضاع مرمره.
فركت عينيّ وطردت ما علق بهما من كسل، وأخرجت رأسي من الشباك. تحتي شجرتا رمّان  أغصانها متعبة، وتكاد رؤوسها تلامس الأرض، على واحد منها تحط "رقطية" بحفاوة عاشقة، تستدير وأسمعها تطيّر صوبي تحيّة.  
لم يكن حلمي مزعجًا، هكذا تيقّنت، حينما غادرت البيت متوجّهًا إلى "قصر العدل" في الناصرة العليا.
 بعد ساعتين ستطالب الشرطة بتمديد توقيف من سأدافع عنه. أكره هذه المواقف، سأمثّل زميلًا تعثرت مسيرته على دروب المهنة  الوعرة. مُنعت من لقائه بأمر أصدرته جهات التحقيق. ولن أعرف طبيعة الشبهات التي استدعت تطويق داره بعشرات من رجال الأمن واقتياده مخفورًا في ساعات الفجر، وكأنّه واحد من كبار مجرمي الدولة. 
على مداخل الناصرة، ما زالت يافطات كبيرة ومخلّفات كثيرة تملأ شوارع المدينة، وتشهد على حدوث أمر عظيم، ربما عرس لأحد زعماء المدينة، أو لاقدّر الله، مأتم كبير.
 في الجو بقايا لأصداء؛ أصوات تصرخ وتهنئ العرب بنصر مظفر، وتعد بأن يستمر الفتح حتى يسحق الشيطان! وأظن أنني سمعت أن لون ذاك الشيطان  كان أحمر،  لكن الضجيج صار مزعجًا، فغاب الصوت فجأةً، وفجأةً بدأت أسمع صيحات نسوة تلعلع، ولم أتبيّن إن كانت تلك هي زغاريد أم ولولات وعويل!
أشعلت الراديو وكان ميعاد النشرة الصباحية لإذاعة فاتني سماع اسمها. 
بدأ المذيع يقرأ عناوين الصباح التي أكّدت أن وفود المهنئين ما زالت تتقاطر على بيوت المنتصرين في معركة جرت على أرض البشارة البارحة. كانت قائمة المهنئين لافتة للنظر ومميّزة، إذ ضمّت مسؤولين إسرائيليين كبارًا، وشملت أيضًا قادة من جميع الأحزاب والحركات السياسية العربية الوطنية والإسلامية، حتى رئيس بلدية "نتسرات عيليت" السيّد "جابسو" كان من بين المهنئين.
 في المقابل، هكذا نقلت الأخبار، أعلن الخاسرون أن مؤامرة فظيعة حيكت أدت إلى خسارتهم الصاخبة، وبعضهم أفتى أنّها أوقعت نحو ثلاثين ألفًا من أبناء الناصرة ضحايا غرر بهم.
كانت الناصرة نائمة، فلم أنجح بالتحقق من حقيقة ما جرى. وصلت إلى قصر العدل، يرشدني المحقق على القاعة التي فيها ستعقد الجلسة. صافحته. أخبرني أنّهم يصرون على طلب تمديد توقيف موكّلي بأحد عشر يومًا. 
أعترض على ذلك واصفًا الطلب بالمستحيل، لا سيّما وأنني لم ألتق موكلي منذ لحظة اعتقاله. لم ننجح بالتوصل إلى اتفاق.
 ندخل قاعة المحكمة، نحيي القاضي الذي يسمع عن اختلاف وجهتي نظرنا. يطلب قراءة ملف التحقيق الذي لا أعرف عنه شيئًا. موكّلي خارج القاعة، لا يسمحون لي برؤيته حتى ولا عن بعد. يتدخل القاضي ويقترح حلًا وسطيًا، يتحوّل بعد نقاش قصير لقرار بموجبه  يمدّد توقيف موكلي بسبعة أيّام إضافية. 
يطلب القاضي مني مغادرة القاعة، ومن السجّان أن يدخل موكلي ليشرح له ما حصل. 
على باب القاعة تتجمع العائلة المتلهّفة لسماع ما يطمئنها ويطفئ حرائق لوعتها. 
الأم التي تشبه جدّتي تسألني، وهي تخفي دمعتها بطرف منديلها الأبيض، عن ابنها وتوصيني به خيرًا، وتدعو لي ولأبنائي بالسلامة.
 الإخوة والزوجة يحاولون أن يبقوا على رجاحتهم واتزانهم، ولكن عيونهم تغدر بهم. 
 "نعم في القاعة كنّا كلّنا عرب" أكّدت لأحد الإخوة الذي سمعني أتكلم داخل القاعة بالعربية. في الحقيقة كان المتهم عربيًا، ومحامي الدفاع عربيًا، وكان المحقق والقاضي والسجان والطابعة عربًا! وكنّا في "قصر العدل" الذي بنته إسرائيل على أرض كانت تابعة للناصرة العربية قبل أن تشيّد عليها ذلك الكيان الذي ما زال اسمه يسبب التباسًا وحرجًا فلم يتفق العرب كيف يدعونه؟ أهو الناصرة العليا؟ ما أفظع المعنى وما أوجع الرسالة! أهو نتسرات عيليت؟ ما أخبث إسرئيل وما أظلم الخيار! 
أهو مستوطنة أم مدينة مشتهاة من قبل عرب يستطيعون إليها سبيلا؟ 
في دقائق أجد نفسي وراء مقود سيّارتي.  
وجه الحاجّة ما زال شاخصًا أمامي، دمعتي تقف على حافة العين وتتحفز للسقوط،  لولا دعاء قرأه المذيع في تلك المحطة وشدّني:
 "أللهم إني قد ضاقت علي الأرض بما رحُبت، فاقبضني إليك"!
 ومباشرةً يتابع المذيع شارحًا بأن الكلام كان عبارة عن ابتهال للإمام البخاري رفعه لربّه قبل وفاته بأيام، وبعدما ضاقت عليه الدنيا ولم يجد مكانًا يعيش فيه بسلام، فلقد ألصق به مؤمنون من ذلك العصر تهمة "الكفر"وعليها وبها مات!. لم أسمع بداية الحلقة ولا عن سبب توقيتها. أصغيت للبقية، وأنا أعبر الشارع الرئيسي في الناصرة التي لم تزل نائمة، بعدما كان ليلها حافلًا كليل الخرافة.