هل الكنيسة الأرثوذكسية تدعو للفتنة الطائفية?/ مجدى نجيب وهبة


**قد يكون العنوان صادم للكثير ولكن ما سوف اطرحة بكل صراحة ووضوح ربما يقودنا الى الاجابة عن سؤالنا وهو عنوان المقال .ربما بقصد وربما بدون قصد وبدون معرفة !!
**اول امس أثار برنامج العاشرة مساء على قناة دريم تقديم الاستاذ وائل الابراشى حول الزواج العرفى للمسيحيين جدلا واسعا بين من يؤيد فكرة الزواج العرفى ومن يرفضها بأعتبارها زنى وتعرض صاحبها للمساءلة القانونية باعتبارة يجمع بين زوجتين وهذا مرفوضا فى الشريعة المسيحية !! وذلك على آثر اعتراف القانون بالزواج العرفى واثبات نسب الاولاد الى ابيهم طبقا للورقة الموقعة بين الزوج والزوجة .
**حول الحلقة دارت مناقشات غير موضوعية لم تتطرق الى صلب المشكلة بل ان مقدم الحلقة لم يوفق فى اختيار ضيوفة باستثناء شخص واحد كان يبحث لة عن مخرج ليحصل على الطلاق بصورة مشروعة تمكنة من الزوج بأخرى أما عن الاخ ممدوح رمزى الذى يعمل بمهنة المحاماة فقد بدأ متشنجا طوال الحلقة واتعجب ما هى علاقتة اصلا بالموضوع وكان يجب على الاستاذ الابراشى ان يستضيف اب كاهن على مستوى عالى من الفكر المعتدل والمستنير المشهود لة من الجميع ليقوم ببحث هذة المشاكل وتقديم الوعود لحلها .اما عن المداخلة التليفونية للسيد نجيب جبرائيل فلم افهم منها شيئا وتناسى الاستاذ جبرائيل ان 90% من مشاكل زبائنة فى مكتب المحاماة الخاص بة تتعلق بمشاكل الزواج والطلاق فى المسيحية وهى الاحوال الشخصية. 
**لقد تحدثت وكتبت اكثر من مقال حول هذا الموضوع وطالبت الكنيسة ألا تترك ابنائها لمشاكل الازواج اذا استحالت العشرة بينهم بل طالبت الكنيسة ان تشكل لجنة من بعض الاباء الكهنة المشهود لهم لبحث كل حالات الازواج والتى يصرون فيها على الطلاق ومحاولة الوصول للحقيقة ومن بدأ بالمشاكل ويصر على تضخيمها حتى ينال العقاب الكنسى الذى يستحقة وحرمانة من الزواج والسماح للطرف الاخر المغلوب على أمرة بالزواج مرة اخرى آو على الأقل السماح لهم بالزواج المدنى وعدم تكفيرهم كما يحدث الان
**وحتى نصل للاجابة عن السؤال الهام هل الكنيسة الأرثوذكسية تدعو للفتنة الطائفية ؟؟! يجب علينا العودة مرة اخرى لقصة السيدة كاميليا شحاتة والسيدة وفاء قسطنطين
** السيدة كاميليا شحاتة زاخر مسعد، من مواليد 22 يوليو 1985 محافظة المنيا بصعيد مصر، زوجة لقس يدعى "تادروس سمعان" كاهن دير مواس.
جاء أول ظهور لها في وسائل الإعلام عندما تقدم زوجها ببلاغ في شهر سبتمبر من عام 2010 عن اختفائها في ظروف غامضة، لتشهد القاهرة عدد من الاحتجاجات أمام مقر الكاتدرائية المرقسية بالعباسية، مطالبين أجهزة الأمن بسرعة التحرك لكشف غموض الحادث.وفجأة وبدون أي مقدمات ظهرت كاميليا شحاتة بالجمعية الشرعية الإسلامية بالمنيا، لتثير حالة من الجدل والبلبلة الشديدة، حتى خرج عيد لبيب عضو مجلس الشورى، إلى مقر الكرازة المرقسية، حيث قال بصورة غير مباشرة للمعتصمين بأن كاميليا قد ذهبت بإرادتها لمقر الجمعية الشرعية الإسلامية. ومن هنا زاد الغموض أكثر حول اعتناقها الإسلام وأنها لجأت لأحد قيادات التيارات الإسلامية لحمايتها، ولكن ما زاد الأمر غموضًا،  ظهور مقطع فيديو لكاميليا شحاتة مع شخص يدعى "أبو يحيى مفتاح محمد فاضل"، يقول فيه إن كاميليا توجهت إليه لطلب مساعدته في إشهار إسلامها وأظهر صورة التقطت لها وهي تستكمل إجراءات إشهار إسلامها.
**ولكن من دون سابق إنذار اختفت كاميليا شحاتة مرة أخرى، ولم يعثر لها على أثر، ليثير ذلك الاختفاء غضبًا شديدًا، حيث خرجت مظاهرة حاشدة ضد البابا شنودة، بابا الكرازة المرقسية وقتها، أمام مسجد النور بالعباسية مطالبة بالكشف عن مكان كاميليا كما خرجت وقفات متتالية واحدة في مسجد الفتح بميدان رمسيس، تنديداً لما أسموه احتجاز الأقباط الذين اعتنقوا الإسلام داخل الأديرة والكنائس، وعلى رأسهم كاميليا شحاتة ووفاء قسطنطين وكرستين مصري.
**وفى عام 2010 في مسجد عمرو بن العاص بالقاهرة قام أكثر من 30 ألف مسلم باحتجاجات حاشدة ضد البابا شنودة واتهامه باعتقال واحتجاز كاميليا بدون سلطة قانونية تتيح له ذلك، وطالبوه بإظهار وفاء قسطنطين التي تحتجز بالكنيسة منذ أكثر من خمس سنوات واتهم المحتجون الحكومة بالضعف أمام الكنيسة القبطية التي اعتبرها المحتجون دولة داخل الدولة.وفي مفاجأة قلبت الأمور رأساً على عقب، ظهرت كاميليا شحاتة في لقاء مذاع على الهواء على قناة مسيحية يوم 8 مايو 2011 وأعلنت عدم صحة ما تردد عن اعتناقها الإسلام وأكدت أنها اختفت من منزلها بسبب خلافات زوجية وبدون علم أهلها وأنها عادت لمنزل زوجها الذي ظهر بجوارها في الفيديو.
**الثانية ، فهي وفاء قسطنطين، من مواليد عام 1956 وتعمل مهندسة زراعية، وكانت متزوجة من "مجدي يوسف عوض" وهو كاهن مسيحي، ويعمل كراعي كنيسة أبو المطامير في محافظة البحيرة وأنجبت منه ولداً وبنتاً، وقيل إنها أعلنت إسلامها في 2006، وعلى إثر هذه الأقاويل ثارت الكنيسة المصرية والأقباط وقاموا بتظاهرات أكدوا فيها أنها أجبرت على الدخول في الدين الإسلامي.
وأثارت قضيتها الرأي العام المصري، في ذلك الوقت إلى أن تدخل الرئيس الأسبق حسني مبارك وأمر بتسليمها للكنيسة، لتدعها الكنيسة في بيت للراهبات في منطقة النعام في القاهرة عدة أيام قبل أن تنقل إلى دير الأنبا بيشوي، حيث التقت البابا شنودة وأمر بتعيينها في الكاتدرائية وعدم عودتها إلى بلدتها مرة أخرى. ولم تظهر وفاء مرة أخرى من ذلك الحين وسط ادعاءات بقتلها من قبل الكنيسة عقاباً لها، وأعلن وقتها أن البابا شنودة رفض بشكل نهائي ظهورها، لأن هذا سيسبب الكثير من المشاكل للكنيسة.
وكانت هذه الحادثة سبباً في قيام جماعة تابعة لتنظيم "القاعدة في بلاد الرافدين" باقتحام إحدى كنائس بغداد وقتل أكثر من 50 مصلياً، كما توعد هذا التنظيم بهجمات أخرى ما لم يتم إطلاق سراحها.
**لم تكن حالة وفاء قسطنطين او كامليا شحاتة هى الاولى ولن تكون الاخيرة بل هناك مئات الحالات والسبب يرجع الى سوء معاملة الزوج لزوجتة او بخلة الشديد وتركها بالمنزل دون مليم واحد لشراء رغيف من الخبز أو الاهتمام بالابناء وكيف يذهبون الى مدارسهم وكيف يمارسون حياتهم الطبيعية وسط زوجين يستحيل الحياة بينهم !! 
**وسؤالنا أذا كانت السيدة وفاء قسطنطين او السيدة كامليا شحاتة هم زوجتين لكاهنين .لماذا وقفت الكنيسة صامتة ولم تستعدى كلا من الزوجين لسماع شكواهم وهو ما دعا الزوجة الى اللجؤء للاخرين للبوح بشكواها والذى استغلة بعض الدهماء لأشعال نار الفتنة الطائفية وخصوصا ان هناك صيدا ثمين ان الزوجتين لأبين كاهنين .إذن فتراخى الكنيسة عن وجود حل بين الزوجين ادى الى اشعال نار الفتنة الطائفية فى الوطن بل امتدت الفتنة الى اماكن اخرى بعيدة عن ارض مصر .
**ورغم ذلك مازال التعنت سيد الموقف ومازال هناك اصرار من الكنيسة الارثوذكسية على عدم ايجاد حل لهذة المشاكل .واعتبار ان من يخرج عن الايمان المسيحى وتعاليم الكتاب المقدس بخصوص مسألة الطلاق فهو زانى وكافر وربما نسمع غدا من يطالبون باقامة عليهم الحدود!!!!
**وإذا كانت الكنيسة تعتبر ان كل من تزوج بأمرآة مطلقة فقد زنى بها !!!فمعنى ذلك ان كل مسيحيين امريكا وأوربا واستراليا هم زناة ويجب طردهم من الكنيسة ..فا الكنيسة تعلم ان نسبة كبيرة من الازواج الاقباط الارثوذكس أول شىء يفعلوة عندما تطأ اقدامهم بلاد المهجر أو يقوموا بتطليق بعضهم ويذهب كل واحد فى طريقة ويتزوج بلآخر وتستقبلهم الكنائس الارثوذكسية بكل ترحاب بل وعندما يزورون موطنهم الاصلى يجدوا ترحيب كبير من الاساقفة والاباء الكهنة والمطارنة لرغم معرفتهم بحالات الطلاق بينهم  
فهل تتعامل الكنيسة بمكيالين بين اقباط مصر واقباط المهجر ..اعتقد اننا بدأنا نقترب من الاجابة على سؤال المقال؟!!
**** فى الماضى القريب .. كانت هناك بعض الطرق أمام الأقباط للحصول على الطلاق عن طريق المحاكم ، وهو تغيير الملة .. ولكن يبدو أن قداسة البابا المتنيح "الأنبا شنودة الثالث" قرر أن يقطع خط الأمل على هؤلاء .. فقرر إلغاء هذا البند على حد معرفتى ، وهو ما أوقف طريق الخلاص .. ** نعم .. سوف ينبرى بعض الجهابذة .. ويصرخون فى وجوهنا ويقولون "الكتاب المقدس كان واضحا وصريحا فى هذه المشكلة ، وقال "إنه لا طلاق إلا لعلة الزنا" .. نعم ، نعلم إنه لا طلاق إلا لعلة الزنا .. ولكن لماذا لا تفسرون ما قاله سليمان الحكيم فى سفر الأمثال .. حيث قال "المرأة الفاضلة ؟ .. من يجدها ؟ لأن ثمنها يفوق اللألئ" .. بها يثق قلب زوجها فلا يحتاج الى غنيمة .. تصنع له خيرا لا شرا كل ايام حياتها .. تفتح فمها بالحكمة و في لسانها سنة المعروف .. يقوم اولادها و يطوبونها زوجها ايضا فيمدحها .. وغيرها من الأقوال الكثيرة ..
** نعم .. ما دعانى إلى الخوض فى هذا الموضوع .. هو التمزق والتشتت الذى تعيشه الأسر المفككة ، والذى يدفع ثمنه الأبناء .. 
** أرجو من قداسة البابا تواضروس الثانى .. أن ينظر بكل حب وعطف لهذه المشاكل الأسرية التى يدفع ثمنها الأجيال القادمة .. كما أرجو من جميع الأساقفة والمطارنة أن ينظرون بكل عطف وحب ، وأن يدرسون كل مشكلة ، وأن يقدمون الحلول الممكنة لدرء المشاكل .. وإن إستعصت هذه الحلول ، فالإنفصال هو الحل !!!!!!..... 

كدا يا سياسه/ محمد محمد علي جنيدي


كدا يا سياسه يا بنت الإيه
مسويش عندك نص جنيه
يبقى أخويا ويعيب فيه
وتهون عشره كبيره عليه
يبقى أبويا ويقطع بيه
بعد ما كنت أنا ضي عنيه
هيه سياسه ولا غباوه
لما باعوني وبعت انا ليه
كدا يا سياسه نهين وحدتنا
والبنيان يسقط بإيدينا
داحنا سطرنا تاريخنا محبه
علشان روحها تعيش حوالينا
عايز أعرف ليه اتفرقنا
مين خلانا خصوم بعضينا
هيه بلادنا هتكبر لما
نروي ترابها بدم عنينا!
هيه سياسه ان اسجن اخويا
واقتل جاري واعيش متعاجب
لازم يستأذن واوافقله
قبل ما يتظاهر ويطالب
علشان يصرخ لازم اذله
مش دنيتنا عبيد ومناصب
يا خسارة الحريه فـ ثوره
كان يوم ليها صوت ومطالب
الحق اننا لازم نرجع
لازم نعرف إننا واحد
مصر ترابها وكل ولادها
مش هيفرق بينهم جاحد
مصر دي كانت أجمل زهرة
فارده غصونها وربنا شاهد
ليه نضيعها ونضيع واحنا
أرضنا واحده وشعبنا واحد

 - مصر


سبع من الومضات/ المختار لعروسي البوعبدلي الجزائري

(01).
تمر على قرب حرف لتغتال حرفي .
وصمتها وحي القصيدة .
وأجري أسابق رياح القصيدة .
فأدرك أن اغتيال الحروف حياة .
**
(02)
صمتك علمني بكل هدوء ثورة عشق المدينة. 
فما العشق حرفا وما العشق بوحا .
ولكنه فعل المرور ليُفتح باب المدينة .
وتكسر كل القيود .
بريش الحمام ، هديله فيه النداء.
رسالة ذاك النواح كأنه سر وأخفى .
لتُفشي الحروف الجراح .
وبلسمه هدوء ثورة عشق المدينة.
**
(03)
مرورك علمني أني أعيش ...
بظل الوطن وقد غاب عنه الوطن .
بقرطاس فتوى إمام .
يراعه حسام طُرِّز من بقايا الذبائح.
يوم زفاف إبليس ...
حين رقت زوجته للرذيلة .
وفرَّخت في كل بيت كتاب الظلام...
وتبرءُ هي .تبرَّءَ هو.
**
(04)
مرورك علمني الصمت...
حينما صودر ذاك الكتاب ... كتاب السماء .
بنزع الفضيلة ... وتحريف كل شرائعه .
وقد جعلوه بيان جهالة .
وهم وهم الجاهلون ...
مرورك علمني أن أقول سلاما .
**
(05)
مرورك علمني أنهم ما علموا معنى الحياة .
وما عرفوا فيه الحياة .
وما سألوا عن كتاب عن بقايا حضارة أولى الحياة.
وما فهموا أن كمال الحياة .
وجود أنا تخدُمه الكائنات.
**
(06)
مرورك علمني . يخاطبني 
أأنت . بل يقول أنت إنسان هذا الزمان ...
تحمل في كفك عهد كتاب.
ونسخة أصل .
وممحاة كي تزيل تأويل البلاغ بيانا .
وقنديل رب الوجود ... يضيء الطريق .
ويغمس كل بمشكاة نور ...
يجمع موسى وعيسى وآخرهم من المرسلين.
**
(07)
مرورك يا امرأة علمني كيف أحبك .
لأنه فيك وجودي وفيك وجود الوطن .
وفيك صمت الحروف وثورتها .
وفيك الرسالات من نداء السماء .
وفيك أحيا أعيش . ففيك أموت لأبقى .
لأنه فيك أنا .
ففيك عبوري ليوم اللقاء بيوم البقاء ...
أسألكِ أن تقتليني لأحيا 
لأحيا بظل الوطن فيوما ...
يعود الوطن...
يعود الوطن...
يعود الوطن ...

كفر قدوم: عن عين رفعت المفقودة/ سامح عوده



- فلسطين 
(5)
في كفر قدوم .. تتجلى الشمس فاتحةً ذراعيها تحتضن عرق السائرين في مواكب العز، هي كفر قدوم التي أضحت منارة للمقاومة الشعبية تتلمذ فيها الصبية حتى صاروا خيلاً جامحة تجوب تراب الأرض بلا وجل، هذه الجمعة كما في في  جمعة تقدمُ " كفر قدوم " ما بجعبتها من قصائد مقاومة لا تنسى، أما هم فيقذونها بما في جعبتهم من أسلحة ورذالة..!! علها تنال من إرادة مقاومتهم، لكن الأيام تثبت أن الحق هو المنتصر وما دون ذلك سراب..!!
رفعت برهم ابنُ الثالثة والعشرون عاماً واحد من بين مئات الشبان المنتفضين ضد القهر، يصحو من نومه كل يوم جمعة، يتزود بهواء مفعم بالبطولة، وبصبر يقهر الجبال، وعقدة لم يأكل الدهر منها شيئاً، لذلك بقي .. كما النسور المحلقة لم تهب المتربصين.
في الجمعة الأخيرة من نيسان يخوض رفعت  القدومي هو وشبانٍ في عمر الورد معركة يشتبكُ اللحم بالبارود، نعم معركةُ اللحم الطريق مع الحق المدجج بالقهر، فيفقد ُ رفعت عينه من رصاصة أتت من جندي صوب بندقيته نحوه .. فاقتلعتها ظلماً، وأي ظلم أكبر من هذا الظلم  .
عينُ رفعت  عين لوطن مقهور، عينٌ لنور لا تخفيه العتمة مهما  كانت ستائرها ثيقة، هي صرخة للضمير والوجدان العالمي.. صرخة فلسطيني  ذنبه أنه آمن بعدالة قضيته وبحق شعبنا في مقاومة كفلتها المواثيق والأعراف الدولية، ولهذا لا بد من إطفاء أرواح هؤلاء القتلة، الجنود الذي يزهقون ورودنا في كل يوم وليلة، شموعنا الموقدة ستظلُ مشتعلةً حتى نحقق النصر الذي عبدنا طريقه بدماء طاهرة وبقيود أدمت المعصم، وبعيون واجهت المخرز، عين رفعت عين الحق الراسخ، والعين الشاهدة على الظلم التاريخي الذي يتعرض له الشعبُ الفلسطيني تحت الاحتلال.
 لعين رفعت برهم  التي زرعت العزيمة في أرض لم تذق طعم الهزيمة ، وهي التي أنبتت   بصيلات الكلام لتستيقظ اللغة  بعنفوانها صانعة  معلقةً شعرية لم تكتب من قبل، وثقت وسائل الإعلام  الجريمة كاملةً وروت كيف قام الظالمون بظلمهم فهذا الظلم الجائر لم يترك البلدة وشبابها وأطفالها في حالهم بلا لازمهم كظلٍ أحمق، وحشٌ يلتهمُ كل زيتونة إنسانية نزرعها في الأرض..!! لهذا ستظل قطرات شاهدة على ما يفعله الاحتلال، وستظل عين رفعت المفقودة تحاكم الضمير الإنساني الساكت عن جرائم الاحتلال .

الهجرة/ أنطوني ولسن

قسم أحدهم الزواج الى ثلاثة أقسام

** زواج الله ** زواج الأنسان ** زواج الشيطان

وقام بتعريف كل على حدة ، فقال عن زواج الله أنه الزواج الذي يركع فيه الرجل على ركبتيه جاثيا ساجدا لله طالبا منه أن يعين له الزوجة الصالحة

 التي يختارها له الله لتكون شريكة حياته لتنجب له الذرية الصالحة وتحمي ظهره وقت الشدة . وكذلك تفعل المرأة الصالحة قبل الزواج .

أما زواج الأنسان ، فهو الزواج الذي يختار فيه الرجل زوجته بناء على مقاييس معينة حددها هو أو حددتها له الأسرة . مثل أن تكون العروس غنية ، أو لترابط عائلي أو لمركز وجاه أو المساعدة التي ستساعد بها تأسيس عش الزوجية . وكذلك تفعل المرأة ، تبحث عن عريس تتوافر فيه شروط معينة وضعتها هي أو وضعها لها أهلها في زوج المستقبل .

أما الزواج الثالث ، زواج الشيطان ، زواج الشهوة والجنس والمال . يشترط العريس في عروسه الجمال الصارخ والقوام الملفوف والعيون الزرق أو السود ، وأن تكون. نار ، وأحيانا يشترط فيها الى جانب هذا أن تكون غنية ، وغنية جدا ولا يهم السن مثلا .

قد يسألني سائل ما دخل الزواج بعنوان مقالك اليوم " الهجرة " . أقول له أن له دخل كبير وكبير جدا . لأن الهجرة برأيي ليست هي موضوع أنتقال الأنسان من مكان الى آخر وتجربة لقمة العيش في هذا المكان الجديد أي أنها ليست مثل الأعارة مثلا .

الأعارة أعرف أن لي مدة خدمة حسب العقد االمبرم مع من أعمل معهم بعد أنتهاء عقد الأعارة أعود ألى بلدي ودياري . لكن الهجرة تختلف أختلافا جذريا.

أعتبر بلد المهجر العروس التي سأتزوجها ، فأن كنت في زواجي أخضع للقسم الأول ، سأركع وأستشير الله أن يساعدني في أختيار بلد المهجر الذي أهاجر أليه ، هل فيه الصالح لي ولعائلتي ؟ أم لا؟

أما أذا كات هجرتي تخضع للقسم الثاني سأبدأ في البحث والمقارنة بين بلاد المهجر ، وأيهما ملآنه بكنوز الأرض حتى أغرف منها وأكتنز و لا هم لي سوى المنفعةالتي ستعود علي بغض النظر عن زوجتي وواجبي نحوها " أي دولة المهجر " .

يأتي بعد ذلك القسم الثالث ، وهو زواج الشيطان . أذا وضعت في ذهني قبل هجرتي أنني سأهاجر ألى بلد غربي لاقيود فيه ، أستطيع أن أنهل من مناهل الحرية التي أظن أنها توجد فقط في بلاد المهجر ، وأقع في رذيلة الخطية من قمار ونساء وخمر دون رقيب أو حسيب .

بالطبع هناك من يسأل ، لماذا أشبه بلد المهجر بالزوجة ؟ لأنني أؤمن بأن كل أنسان صالح عليه واجبات تجاه زوجته . لأنه عندما تزوج الرجل وترك أباه وأمه والتصق بأمرأته أصبح مسئولا عنها . وهذا لا يعني أنه يهجر والديه ووطنه وعشيرته تماما . وأن فعلت هذا أكون أبنا غير بار بوالدي ووطني الذي ولدت وعشت على أرضه ، بل أكون أبنا عاقا . كذلك لا يطلب الله مني أن أهمل زوجتي وأنكر عليها حقوقها عليّ كزوج أحب زوجته وطلب من الله أن يختارها له لتكون معينا له في الحياة .

على هذا بلد المهحر هي الزوجة التي تزوجتها عزيزي المهاجر . فلا تهملها وراع الله في معاملتك لها ، لأنها أن كنت قد أستشرت الله في الزواج منها لتحمي ظهرك وتقف ألى جوارك وتنجب لك الأبناء وترعاهم .

وأن أخترت بلد المهجرتحت القسم الثاني عن طريق أختيار الأنسان أيضا واجب عليك بعد أن أخترت أن تحافظ على زوجتك " بلد المهجر " وترعى مصالحها . لأني أظن أن شروط زواجك منها ما زالت قائمة . أما أذا وجدت أنها غير قائمة أتركها ولا تخونها .

نأتي إلى هجرة الشيطان .. وهنا ليس عندي ما أقوله في مثل هذا الوضع لأن دوام الحال من المحال .

كلام .. وكلام 

** أجمل ما في الحياة .. حلو ذكرياتها .

وأحلى ما في الذكريات ، يوم سحبك لقرار اتخذته بعد أن أكتشفت أن ضرره أكثر من نفعه .

** عدو اليوم قد يكون صديق الغد . وصديق اليوم قد يكون عدو الغد . لذا كن حكيما مع كليهما .

** سهل أحتمال الظلم .. صعب أنتظار العدالة .

** الكثير يتلف .. والقليل لا يقنع .

** السياسي .. رجل يفضل أن يكون له شعبية بدلا من أن يكون على صواب .

أنطوني ولسن

أولويّة وقف الفتنة ونزيف الدم العربي/ صبحي غندور

ثمّة رأي، هو "رأيٌ ثالث"، لا يجد له متّسعاً كبيراً في التداول السياسي والإعلامي العربي، رأيٌ يرفض "الثنائية الاستقطابية" الحاصلة في كثيرٍ من الأزمات التي تعصف بالمنطقة العربية. ففي معظم البلاد العربية، يجري الآن استقطابٌ حاد لتصنيف المواقف، إمّا مع هذا الطرف أو مع الطرف المخاصم له، تماماً كالشعار الذي أطلقته إدارة جورج بوش الابن بأنّ "من ليس معنا فهو ضدّنا". وهذا ما ينطبق حاليّاً على الصراعات الجارية في سوريا والعراق واليمن، وعلى غيرها من الدول التي تشهد أزماتٍ أمنية وسياسية، حيث يُسارع البعض لوضع أيِّ نقدٍ لطرفٍ ما في خانة "العدوّ" المتمثّل بالطرف الآخر!.
خطورة نتائج هذا الأمر أنّها تمنع أيَّ فرصٍ لوقف حدّة الصراعات أو لإيجاد مشاريع تسوية لها، كما أنّها لا تتوافق مع حقائق ووقائع الصراعات، حيث هناك دائماً تضخيمٌ أو تقليلٌ يحدث من هذا الطرف أو خصمه لعناصر عديدة مرتبطة بهذه الأزمات.
العالم كلّه عاش في منتصف القرن العشرين هذه "الثنائية الاستقطابية" على المستوى الدولي، بين "شرق شيوعي" و"غرب راسمالي"، ممّا فرض على مجموعة كبيرة من دول "العالم الثالث" أن تشكّل مجموعة "عدم الانحياز" بزعامة ناصر ونهرو وتيتو، والتي أقامت "نموذجاً ثالثاً" في بلدانها في مختلف النواحي السياسية والاقتصادية والثقافية، ولم تقبل بالانحياز الكامل لمعسكرٍ ضدّ الآخر. 
وهذه "الثنائية الاستقطابية" الدولية كانت أيضاً على مستوى الأفكار والعقائد، فإمّا "اليمين" أو "اليسار"!، وكانت على مستوى المواقف السياسية من أزماتٍ وحروب، فإمّا "دعم نظام صدام حسين" أو "دعم الاحتلال الأميركي للعراق"!، والحال انطبق أيضاً على ما حدث ويحدث في ليبيا وسوريا واليمن، وعلى الخلاف الحاصل بين بعض الدول العربية وكلٍّ من إيران وتركيا. والتصنيف "الثنائي" رافق أيضاً ظاهرة الحراك الشعبي العربي الذي بدأ منذ أربع سنوات، حيث اعتبره البعض "ثورات شعبية فقط" بينما نظر إليه البعض الآخر على أنّه "مؤامرات خارجية فقط"!. وكان "الرأي الثالث" يؤكّد – وما يزال- على حقّ الشعوب في التحرّك من أجل الحدّ من الاستبداد والفساد، لكن دون إغفالٍ لما يحدث أيضاً من محاولاتٍ إقليمية ودولية لتوظيف هذا الحراك الشعبي وتحريفه وجعله يخدم مخطّطات ومشاريع سبق وجودُها هذا الحراكَ الشعبي بسنوات.
فليس ب"ربيعٍ عربيٍّ" فعلاً ما تشهده المنطقة العربية، بل هو انتقالٌ من زمن الاستبداد والفساد إلى زمن التبعية والحروب الأهلية! وكلاهما زمنُ انحطاطٍ وتخلّف واستنساخ لماضٍ قريبٍ وبعيد عاشته البلاد العربية منذ انتهاء حقبة "الخلفاء الراشدين"، فبعدها غاب الرشد عن الحاكم والمحكوم، إلا في فتراتٍ عابرة لم تصمد طويلاً أمام جشع جماعات الفساد في الداخل، وقوى التآمر من الخارج.
لقد تعدّدت الأسباب، لكن النتيجة واحدة. فنَعَم أنظمة الاستبداد والفساد مسؤولةٌ عن تردّي أحوال الأوطان العربية وعن تبرير التدخّل الأجنبي بمصائرها، لكن هل سيغيّر ذلك الآن من النتائج الحاصلة على الأرض، حيث هيمنت الجماعات الدينية المتطرفة على المعارضات السياسية المسلّحة؟!. وللأسف، هناك عرب ومسلمون يقومون الآن بخوض "معارك إسرائيليّة" تحت "رايات وطنيّة أو عربيّة أو إسلاميّة". وهم عمليّاً يحقّقون ما كان يندرج في خانة "المشاريع الإسرائيليّة" للمنطقة، من تقسيمٍ طائفي ومذهبي وإثني يهدم وحدة الكيانات الوطنيّة ويقيم حواجز دم بين أبناء الأمّة الواحدة لصالح فئات تستفيد من فتات الأوطان، فتقيم ممالكها الفئويّة الخاصّة ولو على بحرٍ من الدّماء. أليس هو مشروعٌ إسرائيليٌّ تفتيت المنطقة العربيّة إلى دويلاتٍ متناحرة؟ أمَا هي مصلحةٌ إسرائيليّة كاملة نتاج ما جرى وما زال يجري الآن في العراق وسوريا واليمن وليبيا من هدمٍ للوحدة الوطنية في هذه الدول، ومن انشغالٍ كامل عن الصراع الأساسي مع إسرائيل؟! 
أليس هو بمنظرٍ خلاّب ممتع للحاكمين في إسرائيل وهم يرقبون ما يحدث في المنطقة العربية من دعوات للفتنة المذهبية، ومن تشويه لدور ظواهر المقاومة ضدّ الاحتلال الإسرائيلي، ومن تسعير لحملات الخصومة بين العرب وجوارهم الإسلامي، ومن تهجير متعمّد للمسيحييين العرب، ومن تصعيد حاصل في الغرب لدرجة الكراهية والخوف من العرب والمسلمين بسبب ممارسات جماعات التطرّف الإرهابية؟!.
وللأسف أيضاً، ما زالت شعوبنا العربية، والتي أرضها هي أرضُ الرسالات والرسل، ومهد الحضارات والعلوم، تعيش أسيرةً لمفاهيم متخلّفة ومعاكسة لجوهر ما جاء على أرضها من هدايةٍ وعلمٍ ومعرفة، وما زالت هذه الشعوب تكرّر الأخطاء ذاتها التي ارتكبتها في عهودٍ سابقة، تحت قياداتٍ سالفة. فأساس الخلل الراهن في الأمَّة العربية كلّها هو في فشل المفكّرين والسياسيين وعلماء الدين بالحفاظ على الظاهرة الصحية بالتنوع الطائفي والمذهبي والإثني في مجتمعاتهم، حيث أصبحت الأفكار والممارسات تصبّ بمعظمها في أطر فئوية ترى "عدوّها" في المواطن الآخر في ربوع الوطن الواحد.
فاليوم، نتعايش مع إعلام عربي ومع طروحات دينية وفكرية وسياسية لا تخجل من تحديد المواقف على حسب الطوائف والمذاهب، وهذا يُعبّر عن مستوى الانحطاط والانقسام الحاصل الآن بعدما استباحت القوى الأجنبية (الدولية والإقليمية)، وبعض الأطراف العربية، استخدام السلاح الطائفي والمذهبي والإثني في حروبها وصراعاتها المتعدّدة الأمكنة والأزمنة خلال العقود الثلاثة الماضية. وقد ساهم في ترسيخ هذا الواقع الانقسامي الأهلي، على المستوى الشعبي العربي، هيمنة الحركات السياسية ذات الشعارات الدينية، وضعف الحركات السياسية ذات الطابع الوطني أو العربي التوحيدي.
لكن، هل وصل العرب إلى قعر المنحدر أمْ أنّ أزمات المنطقة ما زالت حبلى بما هو أسوأ  وبمنحدرٍ أعمق ممّا همُ العربُ عليه الآن؟! وكيف سيكون هناك مستقبلٌ أفضل للشعوب والأوطان، وللأمّة ككل، إذا كان العرب مستهلكين بأمورٍ تُفرّق ولا تجمع! وكيف تستطيع أمّةٌ أن تنهض ممّا هي عليه من سوء حال إذا كان العديد من صانعي الرأي والفكر والفقه فيها يتنافسون على الفضائيات وعلى المنابر فيما يؤدّي إلى مزيدٍ من عوامل الانقسام والانحدار والانحطاط في أحوال الأوطان والمواطنين!؟
قد يسير بعض بلدان هذه الأمَّة نحو الأسوأ والأعظم من الصراعات والانقسامات، وقد تتهدّد وحدة أوطان وكيانات، وقد تستفيد القوى الأجنبية الدولية والإقليمية من تصدّع العرب وطنياً وشعبياً، وتداعيات أوضاعهم سياسياً وأمنياً، وانعدام تضامن حكوماتهم، لكنَّ ذلك سيؤكّد من جديد مخاطر النهج الذي تسير عليه بلدان هذه الأمَّة على مستوى معظم حكوماتها وشعوبها وحركاتها السياسية.
إنَّ الأوْلى الآن عربيّاً التحرّك الشامل لوقف الفتنة ونزيف الدم العربي بدلاً من لوم هذا الطرف أو ذاك. فالفتنة كانت مطلوبةً في البلاد العربية قبل تطوّرات الأوضاع الأخيرة، والفتنة مطلوبة الآن خلالها وبعدها. الفتنة بين العرب كلّهم، بين طوائفهم ومذاهبهم وإثنياتهم المتعددة. فتنة تُحطّم وحدة الكيانات والشعوب، وتنهي أيَّ مقاومةٍ لأيِّ احتلال، وتجعل العدوّ هو المواطن العربي الآخر. والمسؤولية هنا تشمل العرب جميعاً من المحيط إلى الخليج، وفي كلّ بقعةٍ بالعالم يعيش عليها أبناء البلدان العربية.
المسؤولية تبدأ عند كلّ فردٍ عربي، وهي مسؤولية كلّ عائلة في أن تفرِّق خلال تربية أولادها بين الإيمان الديني وبين التعصّب الطائفي والمذهبي الذي يرفضه الدين نفسه. وهي مسؤولية كلّ طائفة أو مذهب، بأن يدرك أتباع هذه الطائفة أين تقف حدود الانتماء إلى طائفة وأين تبدأ حدود المواطنة المشتركة، فلا نردّ على الحرمان من امتيازاتٍ سياسية واجتماعية، أو من أجل التمسّك بها، بتحرّكٍ يحرمنا من الوطن كلّه بل ربّما حتّى من الوجود على أرضه.

*مدير "مركز الحوار العربي" في واشنطن
Sobhi@alhewar.com

استقالة حكومة الحمد الله ضرورة وطنية ملحة/ سري القدوة

باتت استقالة حكومة الدكتور رام الحمد الله التي نتجت عن اتفاق الشاطئ بين حركة فتح وحماس للمصالحة والتي شكلت بصيص من الامل لأنهاء الانقسام الفلسطيني لدي ابناء شعبنا باتت اليوم استقالتها ضرورة ملحة بعد الفشل الزريع الذي لحق بها جراء  ممارسات حماس الرافضة لتفعيل الحكومة وعودة الموظفين الي اماكن عملهم في قطاع غزة .. 
وفي ظل هذا التمادي واصرار حركة حماس علي عدم المصالحة واختطاف قطاع غزة رهينة بيد مليشيات مسحة تسيطر علي غزة وبعد جهود السيد الرئيس والحكومة التوافقية والفصائل التي استمرت لمدة عام كامل لم تحقق اختراق يذكر في اتمام المصالحة بل عملت مليشيات حماس علي احتجاز الوزراء كرهائن في فندق المشتل بمدينة غزة ورفضت ان تتعاضي معهم كوزراء .. 
وبات من الواضح ان يقوم رئيس حكومة التوافق الوطني رامي الحمد الله بتقديم استقالته الي  الرئيس الفلسطيني محمود عباس مع أعضاء حكومته وذلك لإفساح المجال الي اعادة تقيم المرحلة السابقة واتخاذ الاجراءات المناسبة ردا علي استمرار ممارسات حركة حماس في قطاع غزة .. 

إن استقالة رئيس الوزراء رام الحمد الله تأتي  انعكاسا ليأس شعبنا ونفاذ صبر اهلنا في غزة  أمام العراقيل التي وضعتها حركة حماس الاسلامية على طريق حكومة التوافق الفلسطينية  ومنعها من مباشرة مهامها في قطاع غزة ووفقا للاتفاق الذ تم بين السلطة الفلسطينية والحركة لتشكيل حكومة وحدة وطنية تقوم بمهامها في الضفة والقطاع.

ان بلطجة حماس وعربدتها ادت الي قيام  حكومة رامي الحمد الله بقطع زيارتهم إلى قطاع بعد أن أقدمت حركة حماس على عرقلة تحرك وزراء حكومة التوافق ، ومحاصرتهم داخل الفندق الذي يقيمون فيه حيث عاد الوزراء إلى رام الله بعد أقل من 30 ساعة من وصولهم إلى غزة.

وكان من المفترض، وبناء على قرار الحكومة ان تبدأ عملية تسجيل موظفي السلطة الفلسطينية في وزاراتهم والمؤسسات الحكومية في قطاع غزة، تمهيدا لعودتهم الى العمل لكن "عملية التسجيل لم تتم" وفقا لمسؤولين في الحكومة.

وكانت قد قامت باحتلال والسيطرة علي وزارات السلطة الفلسطينية والمؤسسات الحكومية في قطاع غزة واجبرت  موظفو السلطة الفلسطينية والبالغ عددهم قرابة سبعين الف موظف في القطاع علي الجلوس في منازلهم فارضين حصار عليهم وقامت بتعين بدلا منهم من عناصرها بعد سيطرة حماس على قطاع غزة في صيف 2007.

ان ما حدث من سلوكيات لوفد حكومة التوافق في غزة وصلت الى حد البلطجة وممارسة الإرهاب .

ووقعت فتح وحماس اتفاق مصالحة وطنية في نيسان/ابريل 2014 لإصلاح العلاقات المتدهورة منذ 2007 عندما طردت حركة حماس حركة فتح من غزة اثر اشتباكات دامية.

وتم تشكيل حكومة توافق وطني في الثاني من حزيران/يونيو، واتفق الجانبان في 25 ايلول/سبتمبر على ان تتولى حكومة التوافق زمام الامور في غزة وان تلعب دورا رئيسيا في اعادة اعمار القطاع المدمر بعد حرب اسرائيلية خلفت اكثر من 2200 قتيل فلسطيني غالبيتهم من المدنيين الصيف الفائت.

فلسفة مبسطة: المضامين/ نبيل عودة

"لا يمكن ان يحمل أي إنسان مضمون جوهر الإنسان إذا
 اختار الصمت على الجرائم التي ترتكب ضد أخيه الإنسان"  
(وقصة: لقاء بعد عشرين عاما)

تميزت الفلسفة منذ ظهورها في بلاد الإغريق بقدرتها على الفرز بين المضامين الجوهرية والمضامين العرضية (غير الجوهرية)!!
ميز الفيلسوف ارسطو ( 384 ق.م - 322 ق.م ) بين شكلي المضامين Essentialism)) وأوضح ان المضامين الجوهرية هي التي بدونها لا يكون الشيء كما هو عليه، والمضامين العرضية هي التي تقرر كيف هو الشيء وليس ما هو ورأى أيضا بنفس العلاقة مع المضامين الجوهرية ان العقلانية ضرورية من اجل ان تكون كائنا بشريا، وربط هذا مع ماهية العقل. أي بكلمات أخرى عالم عظيم مثل نيوتن، الذي أحدث ثورة في العلوم، لن يكون هو نفسه بدون مضامينه الجوهرية(عقله مثلا) أما المضامين العرضية قد تحدد شكل انفه، طوله، وزنه، لون بشرته حركاته،  هذه مضامين عرضية لا تقرر عبقرية نيوتن.
المضامين إذن هي مفهوم فلسفي يبحث في الموضوع الوجودي( ما هو موجود) أي ما يتبع للواقع وما هو قائم يطلق على ذلك تعبير اناطولوجي (ontologist ).
بناء على ذلك ما يقرر تعريف الشيء أو الظاهرة هو مضمونها الجوهري. 
من هنا حاجتنا أيضا لتطبيق المفهوم الفلسفي للمضامين على الواقع السياسي، من منطلق ان لكل فعل توجد فكرة ذات مضمون جوهري، ومنها يأخذ الأفراد أو المجموعات، أو الأحزاب، أو الدول مضامينهم الجوهرية. المجموعات او الأحزاب او الدول حين تصبح مضامينهم عرضية، تعتمد على الانتماء ألاثني أو الديني ..هذا يعني انهم يعيشون على حسب زمن ضائع!!
 في عصرنا الحديث نجد ان فلسفة المضامين اخترقت العلوم الاجتماعية بمفهوم ان البنى أو العوامل الاجتماعية هي ذات مضامين تسبق تعريفها الاجتماعي.  المضامين في عصرنا تشمل جميع النظريات الحديثة وجميع الأيديولوجيات الأهم التي ظهرت في التاريخ البشري.. وعلى رأسها ثلاثة أيديولوجيات بارزة في عصرنا:
1- مضامين الأيديولوجيا النازية (الفاشية عامة)- تطرح مفهوم مفاده ان  للقومية يوجد واقع (وجودي) كان قائما كل الوقت، يوجد له طابع ومن اجله يمكن التضحية بكل شيء.
2- الايديولوجيا الليبرالية - ترى المضامين في اصطلاح حقوق الإنسان، يشمل ذلك الافتراض انه توجد حقوق طبيعية للإنسان وهي ضمن الحقوق الجوهرية لكونهم بشرا.
3 - الأيديولوجيا الاشتراكية وبالأساس في الطرح الماركسي - تطرح مفهوما يرى بالقومية، الدين وغير ذلك من الهويات الشخصية أنها  بمثابة "مضامين كاذبة" وان الانتماء الطبقي هو الذي يوحد بشكل حقيقي وجوهري  بين البشر.
لا بد من إشارة عابرة ان المفهومان النازي والماركسي لم يثبتا صحتهما الفكرية والفلسفية، ولا بد من إضافة أعتبرها هامة: اكتسب الفيلسوف الألماني نيتشة شهرة كبيرة عندما صرح ان الله قد مات، وكان قصده واضحا انه يعني  فقدان الأخلاق والحقيقة معا. فهل يمكن تحت شعارات وعود إلهية خرافية سحق مجموعة بشرية، بسبب انتمائها ألاثني أو الديني ؟! 
 ما أعادني لهذا الموضوع هو احتفال إسرائيل بيوم استقلالها. هل ذلك ضمن المفاهيم الجوهرية لحقوق الإنسان بسحق حقوق إنسان آخر، أم هي ظاهرة عرضية غير جوهرية بحكم كونها جاءت ضمن رؤية اقرب للرؤية القومية (الفاشية) المتحالفة مع الأسطورة الدينية؟
الحرب العالمية الثانية التي انطلقت من المفاهيم القومية النازية، دفعت فيها شعوب العالم عامة والشعب اليهودي ضمنها، ثمنا رهيبا لا يمكن تخيله.  هل هذا الثمن يبرر ان يدفع شعبي الفلسطيني ثمنا مأساويا لا يتوقف منذ سبعة عقود تقريبا، ضمن نظرية قومية شوفينية – دينية اصولية  لا تقع بعيدا عن الفكر القومي النازي والفكر الإيماني السلفي سوية؟!
هذا يجعلني أعيد التفكير بجوهر الإنسان المعاصر. لا يمكن ان يحمل صفة إنسان من يفتقد لجوهر الإنسان بصمته على جرائم ضد الإنسان؟ ان كان في فلسطين أو العراق أو سوريا أو نيجيريا أو اليمن أو ليبيا أو أفغانستان أو اوكراينا أو أي مكان يجري فيه سحق المضمون الجوهري للإنسان!!
في القصة التالية ، التي كتبتها في (15-02-1968)،بشكل تلقائي وكنت أديبا ناشئا آنذاك. هذه القصة تناولت المضامين التي تصور واقعا بلا مضامين إنسانية. بلا أخلاق  وبلا حقيقة. حاولت ان أصور مأساة شعبي الذي عرفته والمآسي تتقاذفه. هل هذا ضمن المضامين الجوهرية لمرتكب الجريمة؟ أم ضمن عالم فقد الأخلاق والحقيقة وفقد المعايير الإنسانية في تعامله مع قضايا الإنسان؟!
إلى أين ينحدر عالمنا بتخليه عن مضامينه الجوهرية، وعلى رأسها مضمون العقلانية!! 
*****
لقاء بعد عشرين عاما !!/ قصة:  نبيل عودة

ترامت نظراته فوق الصورة، حدق بالوجه الجامد الذي يطل منها. وجه كان حظه من التاريخ الإهمال في زاوية من زوايا الأرض.. تجعد بالطول وتجعد بالعرض، أصبح أشبه بلوحة للرسم البياني.. لوحة مربعات بدون أي تنسيق هندسي... عبر هذا التاريخ بثقله، بإهماله وآثاره فوق هذا الوجه، يلحظ الناظر آثار تشير إلى جمال سابق وفتنة ماضية.
كانتا عيناها عميقتين بائستين إلى ما لا نهاية، تحتهما أنف.. ليس كأنف كيليوبترا، لذلك لم تتغير أوضاع العالم ولا حتى أوضاع المنطقة التي تعيش فيها. كانت التجاعيد التي تجعل الوجه أشبه ما يكون بلوحة رسم بياني كافية لإخفاء ذلك الأنف بشكل يعجز عنه حتى فنان متجرد. هل هي حقا كذلك؟
سقطت دمعة بلورية فوق الصورة فسارع يزيلها بطرف ثوبه، محاولا إخفاء وجهه، في لحظات انسابت أمامه ذكريات عشرين عاما.
عشرون عاما أحالوا بينه وبين رؤية هذه المرأة التي هي...أمه!!
كان الصمت ثقيلا حتى انه لم يتحمل ذلك.
رفع عينيه عن الصورة، نظر نحو الرجل الذي جلس بجانبه، أخوه فيصل.. فيصل الذي كان تلميذا في تلك الأيام السوداء. مرت بخاطره صور متلاحقة من الماضي.. كان يود لو كان الماضي غير ما كان وكان يود لو كان الحاضر غير ما هو عليه الآن.
أخذ نفسا طويلا، عصر المستنقعين الواقعين تحت جبينه العريض محاولا تجفيفهما.
كان فيصل ما زال يجلس قربه على الكنبة العتيقة، في ناحية أخرى من الغرفة كانت زوجته.. وجهها شاحب حزين.. وعلى ذراعها طفلهما الذي استيقظ قبل لحظات وراح يبكي ويصرخ... إن موعد أكله قد حان ولكن أمه لم تعطه شيئا في غمرة هذا اللقاء القاسي.
لماذا لا يفهم ويكف عن البكاء؟
منذ عشرين عاما لم يلتقوا، لماذا لا يفهم الطفل هذا؟ منذ عشرين عاما... فقط اليوم.. والى جانبها كان بكرها فوزي، يضغط على أعصابه ويتمالك نفسه حتى لا تنفجر دموعه...وبجانبه  انتشر باقي أفراد الأسرة.. سمير ،جمال ، نجوى وفؤاد...
الطفل ما زال يصرخ ويحطم إطار الصمت. لأول مرة شعرت به يثير حنقها. ماذا تستطيع أن تفعل؟ إن الحليب قد جف في صدرها من الرعب الذي اجتاحها منذ أن رأت على مسافة غير بعيدة عن قريتهم الطائرات وهي تنقض على كتلة اللحم والحديد المتراجعة، فلا تتركها إلا وقد مزقتها بالنار. كان دائما يخيل إليها ان ابنها فوزي بينهم، لكنه لم يكن بينهم.. فقد عاد، عاد منهكا، عاد محطما، عاد والدموع معجونة في وجهه وعينيه... عاد، عاد ، عاد.. تلك هي الحقيقة التي أثلجت صدرها في أيام الرعب، تلك هي...
قطع صوت زوجها استرسالها وهو ينظر لصورة والدته :
- لماذا لم تحضرها؟
نفس السؤال عاد يكرره بعد صمت طويل. لماذا لا يغير الحديث؟ لماذا يبكي الطفل؟ لماذا يصرخ هكذا؟
- في الأسبوع القادم.. ان شاء الله !!
في الأسبوع القادم... هل نطق فيصل بذلك ..؟ انه لا يذكر تماما.. ولكن أذنيه التقطتا تلك الكلمات.. وعاد ينظر إلى الصورة أمامه.
أخذ صراخ الطفل وعويله يشتد .. فلم تجد الأم بدا من تلقيمه حلمة ثديها .. ودخلت نجوى تسخن الحليب .. لماذا لا يكبر الأطفال بسرعة؟!

******
أخيرا اقترب موعد اللقاء الذي طال حتى ابتعد عشرين عاما. اليوم سيلقاها. يعتريه شعور متوتر كلما فكر بلحظة لقاء أمه بعد عشرين عاما من الانقطاع. كانت المراسلات عبر أثير الراديو لا تشفي الشوق بلقاء أهله الذين فرض الفراق عليه وعليهما.
كانت شمس أواخر حزيران تسطع بقوة.. وكان الأب يشعر بدبيب الاضطراب، فازدادت حركته في البيت، على غير عادته... وما انفك ينظر من النافذة عبر الشارع المتعرج الممتد إلى الأفق.. ومع كل سيارة تظهر يتخيل وجه والدته داخلها، وجهها كما كان يعرفه قبل الفراق، فيخفق قلبه بقوة.
هل ستعرفه بعد هذا العمر؟ هل هي حقا كما رآها في الصورة منذ أسبوع؟ .. إنها أمه، ويريد أن يلقاها..مهما بدت غريبة عنه اليوم... كان الوقت يمر ببطء شديد فتمدد على الكنبة العتيقة، نفس الكنبة التي جلس عليها في الأسبوع الماضي بقرب أخيه فيصل.. كم يود ان يرى أولاد أخيه.. ولكنه لا يصدق ان ذلك الرجل هو فيصل نفسه ، بالأمس فقط كان طفلا صغيرا ... كأن عشرين سنة مرت بغفلة من الزمن...
لا يزال يذكر صوتها الأمومي وهي تحذره ، بسرور طفولي بعد زواجه من انها ستطرده من البيت هو وزوجته اذا خلفا بنتا... وإنها لن تقبل بأقل من ولد... تطلق عليه اسم زوجها الذي مات سنوات ليست طويلة بعد زواجهما. كان لها ما أرادت، غير أن القدر رفض أن يعطيها الفرصة لترى حفيدها... فرقتهم النكبة!!
عاشت العمر كله تنتظر يوم اللقاء... وعاش يحلم بالعودة ولقاء الأحبة..
انتبه الأب لأصوات كلاب تنبح.. اراد ان يتحرك من مكانه.. لكنه تجمد في مكانه عندما رأى ابنته نجوى تندفع نحوه صامتة ووجهها قد فقد لونه وأصبح وجهه اصفرا..!!
- أبي.. إنهم هم !!
ماذا يعني ذلك؟ هل يمكن ان يحدث مثل هذا الأمر ...
- لا تخافي..
همس من بين شفتيه بصوت مرتعش.. واندفع للخارج .. أطلت الأم بوجهها المتصبب عرقا من حر المطبخ، تبحث بعينين اتسعت حدقتاهما عن زوجها... ثم اندفعت خلفه.. كان أولادها قد ذهبوا إلى السوق لشراء الخضار والفواكه لهذا اليوم العظيم!!
ماذا حدث بعد ذلك؟ كل ما حدث يبدو غريبا...
لقد جاءوا برفقة الكلاب النابحة..!!
لم يفهم احد شيئا في بادئ الأمر.. ما كاد يطل الأب من الباب حتى دفعه جنديان بعيدا عن البيت!!
ما كل هذا؟!
بعد لحظات كانت تقف بقربه زوجته وابنته..الضابط قال بأن البيت سينسف؟!
- لماذا..؟
- الفدائيون مروا من هنا!!
- ما علاقتنا بذلك؟
- النقاش ممنوع!
- أين أذهب بعائلتي؟
- اخرس!!
- لكنه بيتي...
- اقفل فمه أيها الجندي..!!
جمد الخوف الأم والبنت وربط لسانيهما !.. الأم تقول لنفسها "الحمد لله لأن فوزي ليس هنا.. كان من المحتمل ان يشتبك معهم.. أو يعتقلوه لأنه شاب.. ثم كيف سيقتفون أثره في سجونهم؟.. ولكن بيتهم .. أثاثهم.. واتسعت عيناها أكثر وأكثر.. يا الله .. انه نائم في الداخل. أطلقت صرخة مروعة:
- طفلي.. طفلي نائم في الداخل!! 
حاولت الاندفاع نحو البيت، لكن إعقاب البنادق اعترضت طريقها.. أما الأب فانطلق كالقذيفة نحو البيت..
- عد...عد...
ارتفع صوت الجندي مرفقا بطلقات رصاص في الهواء.. صرخت نجوى:
- با ... با ...
انهارت على الأرض .. وعاد الجندي يصرخ:
- عد ... عد ..
وانطلقت رصاصات أخرى...
أحس الأب بظهره يحترق. حاول ان يركض. كان الألم ينهش جسده. حاول ان يقفز .. تجمد في مكانه. شيء غريب يمتزج مع ذاته. لكن طفله في الداخل. خطى خطوة.. رغم أن الأرض تدور به بشدة. انه يرى أمه بوجهها الذي يعرفه، بل بالوجه الذي أطل عليه من الصورة.. المربعات.. شيء لا يستطيع ان يفهمه. ماذا يريد؟ لماذا هذا الألم؟ لماذا الأرض تدور هكذا؟ لماذا يبدو البيت مائعا أمام عينيه؟ فجأة لاح له وجه الطفل... والبيت سينسف. اعتصر كل قواه في لحظة. جر قدميه.. صرخات حادة تخترق أذنيه ، يجب ان ينقذ الطفل.
انحنى على الأرض ثم فتح عينيه، .. لقد احتاج إلى قوة خارقة ليفعل ذلك. رن في سمعه صوت أعاده إلى ذكرى الحنين واللقاء... كان ذلك صوت سيارة.. إنها قادمة.. أمه التي انتظرها عشرين عاما.
نسي الألم .. نسي كل شيء.. كابوس من الغموض يملأ افقه.. أفكاره.. الصراخ يدو في رأسه.. "طفلي" صراخ رهيب.. ابنه في الداخل والبيت سينسف. السيارة تقترب.. جر نفسه خطوة.. وخطوة.. وخطوة.. وهدير السيارة يملأ سمعه ويعلو.. والألم يشل كل ذرة في جسمه... والدوران يشده نحو الأرض.. انحنى على ركبتيه... خليط غريب من الأصوات يخترق سمعه.. خليط غريب من الألوان يملأ المناظر أمامه.. ميوعة .. دوران.. وقوة خارقة تشده أكثر نحو الأرض... وترغمه ... آه .. طفله؟.. والبيت سينسف .. أمه.. السيارة تقترب.. اعتصر كل قواه.. كل عضلة في جسمه، حاول ان ينتصب بقوة، فالتصق بالأرض!!

nabiloudeh@gmail.com

الشاعر عبد الناصر صالح وكيلاً للثقافة الفلسطينية/ شاكر فريد حسن

عين الشاعر عبد الناصر صالح ، ابن محافظة طولكرم ، وكيلاً لوزارة الثقافة الفلسطينية . وجاء هذا التعيين عن جدارة واستحقاق ، وبفضل إسهاماته في الحياة الثقافية والوطنية ، وإثرائه المشهد الثقافي الفلسطيني تحت الاحتلال بقصائده المتميزة الملتزمة ، وجهوده في تعزيز التواصل الثقافي مع شعراء وأدباء الداخل الفلسطيني ، وتنظيم الأمسيات والندوات والحلقات الأدبية والثقافية في العديد من قرى ومدن ومحافظات الوطن .
وهذا التعيين بلا شك هو انجاز للثقافة الشعبية الوطنية والديمقراطية الفلسطينية ، أحد روافد المقاومة والنضال ضد الاحتلال ، التي ينتمي إليها عبد الناصر صالح ، ويعد من روادها وأعلامها ومثقفيها ومبدعيها وكواكبها الشعرية والأدبية الساطعة ، التي أضاءت الساحة الثقافية الفلسطينية ، وساهمت في تبلور وتطور الأدب المقاوم والانتفاضي في المناطق المحتلة عام  1967، وفي ترسيخ الهوية الوطنية وتعزيزها ، وتدعيم صمود شعبنا في أرضه ووطنه ، وتصديه للمحتل ، وتمسكه بالحلم والأمل والتفاؤل الثوري ، رغم العتمة والظلمة والبؤس اليومي .
عبد الناصر صالح شاعر فلسطيني مناضل ، جمعتني وربطتني به صداقة ومودة لم تفتر مع الزمن ، رغم البعاد والفراق ، والده الشاعر والمناضل  محمد علي صالح ، أخ الشاعر عبد الكريم الكرمي في الرضاعة ورفيق دربه . عرفه القراء منذ حوالي أربعة عقود من خلال قصائده وأشعاره الوطنية والسياسية والثورية والوجدانية والإنسانية الملتزمة ، التي كان ينشرها في الصحف والمجلات والدوريات الثقافية التي كانت تصدر آنذاك ، مثل " البيادر " و"الفجر الأدبي" و"الكاتب" و"الشراع" و"العودة" و"العهد" و"الفجر" و"الشعب" و"الميثاق " وغيرها . 
وهو يستحق لقب شاعر الحرية ، وشاعر الوطن، وشاعر السجناء ، وشاعر الأرض ، وشاعر الشمس ، وشاعر الفقراء ، فهو عاشق لكل ذرة تراب في وطنه الفلسطيني الذبيح والجريح والكسير والأسير ، وغمد في سجون ومعتقلات وزنازين الاحتلال ، بسبب مواقفه ونشاطه السياسي والثقافي ومقاومة المحتل الغاصب . وفي السجن تفولذ وأصلب عوده ، وتعمقت ثقافته ، ونضجت تجربته ، وخرج من وراء الأغلال أٌقوى وأشد ، وأكثر إرادة وعزيمة وإيماناً بعدالة قضية شعبه المكافح والمنافح عن حقوقه الوطنية . ولا شك أن المعاناة العميقة التي عاشها في وطنه ، هي التي حركت الوقود في نفسه وأعماقه نار الفكر والغضب الساطع والثورة المتأججة ، ولن ينسى يوماً ما ذاقه من عذاب وألم ومعاناة خلف القضبان وفي غياهب الزنزانة ، التي خرجت في حلكتها وظلمتها أجمل وأصدق قصائده .
ويتوزع نتاج عبد الناصر صالح الشعري في سبعة مجاميع شعرية ، وهي :" الفارس الذي قتل قبل المبارزة ، داخل اللحظة الحاسمة ، خارطة للفرح ، المجد ينحني لكم ، نشيد البحر ، فاكهة الندم ، مدائن الحضور والغياب " .
ومن نافلة القول ، أن عبد الناصر شاعر متجاوز بامتياز ، يحلق عالياً في فضاء الحرية وسماء الوطن ، يعانق الجرح ويسكن الألم ، ينتمي إلى معسكر الفقراء والجياع والمضطهدين والمقهورين ، ويلتزم قضاياهم ويعبر عنها ، وهو مرتبط ومسكون بالهم الإنساني الطبقي والوجع الفلسطيني ، وقصائده معمدة بالدم والنار ، وتتأجج غضباً وثورة وتمرداً . وقد أكد وأثبت حضوره الشعري بجدارة وتميز من خلال نصوصه الشعرية الفنية والجمالية الصادقة ، وعباراته الجميلة ، ولغته العذبة ، وصوره الشعرية البديعة ، وخياله الخصب ، المتجسد في دلالاته وإيحاءاته ومعانيه العميقة ، وفي رؤيته الفنية المعرفية والفكرية الناضجة وأصالته الشعرية المتجددة ، فضلاً عن الشفافية والابتعاد عن المباشرة التي طبعت قصائد البدايات . 
إنه باختصار ، شاعر يعيش قصيدته فعلاً وقولاً ، وألماً ووجعاً وقلقاً وهماً وحزناً واغتراباً ، كانت وستظل فلسطين في قلبه ووجدانه وفي كل مكان . 
وإذ نهنئ الصديق الشاعر عبد الناصر صالح بتعيينه وكيلاً لوزارة الثقافة الفلسطينية ، نتمنى له المزيد من التقدم والنجاح في أداء مهمته ورسالته الوطنية ، ونرجو له دوام العطاء والإبداع الشعري وخدمة قضايا شعبه ، حتى الانتصار على القهر والظلم والموت ، والخلاص من ليل الاحتلال الزائل حتماً .

الفلسفة في مواجهة الحدث وصنعه وإعادة بنائه/ د زهير الخويلدي

" الحدث يفقد طبيعته الانفجارية ويفعل فعله بوصفه بالأحرى عرضا أو بَيِّنة"[1]

يشير الحدث événement في اللغة العادية الى الأمر الذي يقطع نسيج وتلاحم الحياة اليومية ويسترعي الانتباه. ومن المعروف أن المؤرخين والصحفيين يستعملون المصطلح بهذا المعنى ويدعون بأن مقابلة معينة قد تثير الضجيج حولها وتلفت الأنظار وتهز الرأي العام لكونها خرقت النسق المعتاد للأخبار ولكن في الحقيقة لا يمكن أن تعتبرحدثا حقيقيا وتاما بما أنها فارغة من كل قيمة وخالية من كل معنى وبالتالي هي لاحدث أو حدث مضاد.

على هذا النحو تدعي العلوم التاريخية ضمن جدول زمني أنها مطالبة بمسك الحدث وتوليه عناية لازمة وتعطيه القيمة التي يستحقها وتنزله ضمن احداثية خاصة بنسق اجتماعي معين. على خلاف ذلك تأتي الفلسفة لتطبق مصطلح الحدث على كل ما يأتي ويحدث وتبرر ذلك بأن كل ما يصير يمتلك أهمية معينة بالنسبة الى مجرى الأشياء ومسار الأفكار وصيرورة التاريخ. ان الصيرورة قد تكون مشوهة وقد تسقط في التكرار وتفقد القيمة وتبعث على الملل اذا لم تشهد بروز أحداث جديدة وقدوم أشياء مختلفة ووقوع ظواهر غريبة وغير معهودة وظهور فاعلين غير معروفين على مسرح السياسة والمجتمع والتاريخ. من جهة أخرى يدرك الحدث في الفيزياء على أنه نقطة في الزمكان أي الذي يتم انتاجه هناك وفي لحظة ما ضمن البعد الرابع حيث يلتقي الزمان والمكان في نقطة معينة من التكثف. 
لقد جعل وايتهايد من مصطلح الحدث ركيزة أساسية في فلسفة الطبيعة ولقد ربط في كتابه مفهوم الطبيعة الذي نشره سنة 1919 الحدث بالتجربة واعتبره العنصر المتعين والأولي في الطبيعة، وكذلك نظر اليه على أنه العامل الموحد الذي يمسك ما يمر من الطبيعة، وبالتالي تعامل مع الأحداث باعتبارها قطع طبيعية حية، ولكنه بعد ذلك طور هذا المفهوم في مغامرات الأفكار وأدرجه ضمن شامة المقولة والمناسبة الراهنة وعده أحد العناصر التامة والأساسية التي تتعارض مع المواضيع الأبدية وتسهم في بناء الوحدة العلائقية للفهم المشترك والنظرة الموضوعة المشتركة. بناء على ذلك يعرف الحدث بالمعنى الفيزيائي على أنه مجموعة من المناسبات الراهنة والتي تتصل فيما بينها بطريقة محددة ضمن كم ممتد [2].
علاوة ذلك يمكن أن يمثل حدث معين قيمة ثانوية بالمقارنة مع مجموع الأحداث وضن اطار النسيج الثقافي ، ولكنه يحمل معه الجديد ويقدم الاضافة وغالبا ما تكون طرافته مخفية وأصالته غير قابلة للإدراك منذ الوهلة الأولى بل تتطلب التركيز والوعي. بهذا المعنى يتميز الحدث عن الظاهرة العلمية التي تقبل التكرار اذا ما كانت خاضعة من حيث المبدأ الى المنهج التجريبي، وبالتالي تهتم الفلسفة المعاصرة بالحدث بنفس الكيفية والمقدار والأهمية التي تتناولها مسألة المتعين والملموس والمعيش. كما يسعى الفكر الى تأسيس مصطلحاته المجردة على قاعة ملموسة وأرضية متعينة ويتعامل مع الصيرورة على أنها سلاسل من الأحداث المتقاطعة التي تظهر بشكل متواتر في الزمان وتساهم في تنظيمه وتجعل امكانية قياسه أمرا متاحا للإنسان. لقد بينت الفنومينولوجيا أن الزمن يمكن ادراكه من خلال التجربة الواعية وتعاقب الأحداث الحاضرة وتزامنها وحضورها بالنسبة الى الملاحظ في نفس الوقت ونفس المكان بالنسبة الى الوعي الادراكي للذات وضمن تجربة مشتركة مع الآخر.
لقد خضع مفهوم الحدث في الفكر المعاصر الى مقاربات متنوعة وتم تناوله من قبل الفلسفة والعلم والمنطق والتاريخ والاقتصاد ولقد وصل الأمر الى حد التعارض والتنافر في المناهج والتصورات وفي النتائج والأهداف. وتبعا لذلك يمكن تمييز ثلاثة أنماط من التفكير في الحدث:
1- سوسيولوجيا الحدث وخاصة مع كيوروQuéré وفيليب زارافيانZarifian اللذان تحركا ضمن اطار فلسفات الحدث عند جيل دولوز وألان باديو وحاولا اخضاعها الى سلطة الفعلaction وماوراء الفعلTransaction وبالخصوص داخل المجتمع والتاريخ وقاما بإدماج الحدث بالوضعية والوضع.
2- فنومينولوجيا الحدث وخاصة عند عمونيال ليفيناس وجان لوك ماريون وكان الحدث عندهما يعنيان اقتحام وهجمة وغزو من المتعالي أو نداء ودعوة تأتي من المجال المفارق وتطالب الذاتية بالإصغاء اليها وتلبيتها والاستجابة وذلك بالنظر الى كونها مسؤولة عن الغير حسب ليفيناس أو مستسلمة ومعتكفة ولا تتأسس إلا بواسطة تفاعلها من النداء وتلبيته الدعوة عند ماريون.
3- طوبوغرافيا الحدث أو موضعية الحدث ضمن إطار جغرافي وذلك حينما قام دولوز بتنزيل الحدث في المفرد أو في الجمع في حضن الأنساق والترتيبات والتنظيمات وعلى طول خطوط الهرب والافلات من قبضة الأنساق وضمن مسارات المحايثة الطويلة التي تغمر كل تموضع وتفيض على كل ذاتية.

من جهة ثانية يجمع ألان باديو بين هذه الأنماط التفكيرية الثلاثة السوسيولوجيا والفنومينولوجيا والطوبوغرافيا من أجل ايجاد تناول فلسفي متعدد الأبعاد حول الحدث وينظر اليه في ذات الوقت من جهة التعالي والكمون ومن جهة المفارقة والمحايثة ويتجه نحو اعتباره خاصية فكرية من درجة ثانية وحركة مابعد حدسية شاردة وتائهة وضالة وهائمة على وجها يجدر بالفكر التقاطها وتمعينها وإلباسها المفهوم وقولها عن طريق الكلمة.
في هذا السياق يعتبر القلب عند زاريفيان هو المكان الاجتماعي الذي تنصب فيه جميع الأحداث والموضع الذي يتم فيه ترتيب الأحداث وتنزيلها والخروج عنها والابتعاد بها، كما تمثل الكفاءة امكانية مواجهة معها.على سبيل الذكر لا الحصر يقدم جون ديوي من الناحية الفلسفية مقاربة براغماتية تسجل الحدث ضمن ماوراء الفعل وتضعه بصورة فعلية وتنزله حيث يتشكل المعنى وتدرجه ضمن التجربة باعتباره واقعة تتطلب الرصد والسبر والتحديد والتفهم.
في هذا الاطار يؤكد جيل دولوز على أمر هام يتمثل في التعامل مع الحدث من زاوية جغرافية موضعية وليس من زاوية تاريخية زمنية ويدفع بالحدث الى تنظيم خطوط الهرب وتأطير مسارات الترحل ضمن تدفق الرغبات. لقد وقعت الأحداث في أماكن معينة وأثارت الأرض وغيرت وجه العالم وبدلت أشكال الوعي وزلزلت بديهيات المعرفة وحركت بنية العقل وجددت شباب المجتمع وأزالت الحجب وألقت بالنظام في يم الفوضى وارتبط حدوثها بتوديع التقليد والتكرار وكسر عادة الاتباع واستنبات ممارسة الابداع والخلق وتجريب عدة أشكال من الابتكار والتجديد والإنشاء والتصميم.
مقتضى القول أن الحدث هو الذي يميز التجديد والإبداع والرد المناسب والاشتباك مع الواقع والمواجهة ، ولذلك يتجنب الابداع العودة الى الارض القديمة والمكوث على الوضع الحالي ويفضل الترحال على حوافي الوجود والسفر الى تخوم العالم وينبغي تثمين حدث متعال ومفارق مثل نزول الوحي وهبوط كائنات فوق آدمية وإجلال العلو.غير أنه يجب استحسان أحداث محايثة ودنيوية تقع في التاريخ وتغير العالم مثل الثورات السياسية والاكتشافات العلمية والتقدم التقني. لكن كيف يجيب الفكر بصورة عامة على الحدث؟وهل يمكن الرد بطريقة فلسفية على الأحداث المداهمة والفجائية ؟
من المعلوم أن نمط الرد الفلسفي على الحدث يختلف بين عمونيال ليفيناس وجيل دولوز وألان باديو.  -عمونيال ليفيناس
الرد على الحدث المتعالي يقتضي من الذات الكف عن الإنتشاء بالانفصال وتحمل مسؤوليتها تجاه الغير وأن تكون في مستوى علو الأحداث التي وقعت وجسامة الخسائر وأن تعترض على الفضيحة والعار وترفض القتل باسم الهوية وتكشف عن براءة الوجه وصرخته ضد التمييز وتقيم علاقة ايتيقية مع العالم والمجتمع[3]. لقد فكر ليفيناس في حدث 1968 من زاوية فلسفته الخاصة وثمن ثورة الشبيبة الطلابية وتوقف عند قدراتها الابداعية والامكانيات التي تختزنها وجرأتها على التجديد والإبداع.
- جيل دولوز
لقد بحث دولوز في كل كتاباته عن طبيعة الحدث وتبين له بعد طول نظر وتجريب أن المفهوم هو الذي يجب أن يقول الحدث وليس الماهية وآيته على ذلك أن صنع الحدث هو الشيء أكثر الأحداث رهافة وحساسية في العالم ، وأن فعل العكس من ذلك هو تشكيل دراما أو تشكيل تاريخا هزليا. كما لا ينبغي أن يريد الإنسان ما يحدث له وفق نية سيئة تكتفي بالشكوى والتذمر والدفاع وتسقط في المحاكاة بل يجب أن يتحمل المعاناة والعذاب الى النقطة التي تنقلب فيها على الأحداث وتشرع في حياكة الحدث الأبرز وتخرجه من الظلمة الى النور وتظهره على الملأ في المفهوم الحي والصورة البلورية.

 في الواقع لا يكون للفلسفة هدفا آخر غير أن تكون في مستوى الحدث. بعد ذلك لا يعتقد دولوز في الميديا وفي قدرتها أن تكون المنبع والمصدر التي تأتي منها الأحداث وتقع ولكنه يرى في كونها كافية في اظهار بداية الحدث والوصول به الى هدفه بينما الحدث مهما كان جزئيا فإنه يستمر الى نهايته ويستقطب عددا كبيرا من المشاهدين .
هكذا يوجد الزمن الضائع قبل الحدث وبعده ولكن الحدث هو الذي يستوعب الزمن الضائع ويحاول استعادته وتذكره ونفض الغبار عنه وامتلاكه والاستحواذ عليه.ان الزمن الضائع لا يوجد بين حدثين بل هو في داخل الحدث نفسه وينبغي ايقاظه من غفوته وتحريكه نحو التدفق.كما أن الفن هو الذي يدرك الحدث وليس الميديا وبالخصوص السينما التي تقدر على استنهاض الأحداث الغابرة.

 في نفس الاتجاه الحدث يتم انتاجه دائما من قبل أجساد متقاطعة ومتشابكة تخترق النظام وتطمح الى اتمام صيرورتها. ان الرد على الحدث يكون ببناء المفهوم في الحدث وإدراج الحدث في المفهوم، لكن ماذا تفيد هذه البنائية في الواقع؟ وفيم يتمثل الحدث؟ وأين يخوض المواجهة ومع من ولماذا وماذا يريد؟
كل حدث هو ضجيج يحدثه صوت مجموعة من القطرات المائية على مسطح المحايثة وذلك حينما تنخرط في صيرورات من السقوط الذي لا يكف ولا يقطع ولا يكتمل ولا يصل الى مبتغاه ولا يبتلعه النظام بل يستمر في النهل من السديم. ان المحبة والحركة والموت والضحك هي كلها أحداث مبنية للمجهول وتسقط على الذات من جميع الاتجاه وتستبد بأحوالها وتعكر مزاجها.
في الواقع الفلسفة ليست ردا على الأحداث فحسب وإنما هي في حد ذاتها خلق للحدث وجواب حدثي عن طريق ابداع للمفهوم وترتيب جماعي للمقاومة. من هذا المنطلق تتجه حركة الفكر الى اشعال مواجهة محايثة للأحداث وتجعله متأرضنة بصورة ذاتية ضمن لعبة الفعل ورد الفعل وعلى أرض محايثة للحدث الغير والغير الحدثي. ولا يتطلب الأمر مراقبة الفكر الفلسفي للأحداث على صورة فاعل مستبد من الخارج بل يقتضي الأمر أن يكون المرء على مقربة من الأحداث وأن يجاور مكان حدوثها وأن يعاصر زمن وقوعها ويعيش لحظة انبثاقها وولادتها وانهمارها وتفجرها واشتدادها وتوهجها وانخفاضها وسكونها وخمودها وذهابها واضمحلالها. ان المواجهة ليست حدثا بين بقية الأحداث بل انها الحدث الأكبر في ماهيته وذلك لأنها تشارك في صنع الأحداث وتعمل على تحقيقها على أحسن وجه وتدفعها في حركة دائمة ضمن حاضرها المتغير وبالتالي تنخرط الحقيقة الأبدية للحدث ضمن تحققها الزمني وداخل حلقتها الابداعية وتتقمص جسد الابداع. لكن هل الحدث حسب ألان باديو هو ابداع داخل السلطة وبمسايرتها أم بالخروج عنها والتضاد معها؟ هل يوسع الحدث من نظام السلطة أم يعيد انتاجها بصورة مختلفة ؟ الابداع هو انقلاب في الأحداث وتغيير في نسق حدوثها بل هو حدث مطلق ومغاير للمجرى العادي لايقاع الزمن ومسار التاريخ البشري وبالتالي: "الحدث هو شيء معين يسمح بانبثاق امكانية تنفلت من رقابة المكنات بواسطة السلطة المهيمنة"[4]. لكن كيف ساهمت المقاربة الوضعية في تلاشي موضوع الحدث وتقلص الاهتمام به في العملية التفسيرية وتم الانتصار للقانون واعتماد البنية في تحليل الوقائع وصياغة العلاقات بين الأشياء والأفعال ؟

الهوامش والإحالات:
 Les notions philosophiques, événement, Editions PUF, Paris, 1990, p907

 Emmanuel Levinas, Humanisme de l’autre homme, Edition le livre de poche, Paris,1990, pp112-113.

Alain Badiou, avec F.Tardy, la philosophie de l’événement, Meaux, Germina, 2010, p20.

بول ريكور، الزمان والسرد، القسم الأول، ترجمة سعيد الغانمي وفلاح رحيم، دار الكتاب الجديد المتحدة، بيروت، 2006.

[1]  بول ريكور، الزمان والسرد، القسم الأول، ترجمة سعيد الغانمي وفلاح رحيم، دار الكتاب الجديد المتحدة، بيروت، 2006.ص339.

[2] Les notions philosophiques, événement, Editions PUF, Paris, 1990, p907.

[3] Emmanuel Levinas, Humanisme de l’autre homme, Edition le livre de poche, Paris,1990, pp112-113

[4] Alain Badiou, avec F.Tardy, la philosophie de l’événement, Meaux, Germina, 2010, p20.

صفقات التبادل.. رعاية دولية وتنفيذ ما سبق والتزم به أولاً/ راسم عبيدات

اسرائيل دائماً تخرق الاتفاقيات  ولا تلتزم بأية صفقات تعقدها مع الفصائل ولا السلطة الفلسطينية وتاريخها حافل في الخروقات وعدم الإلتزام، ففي صفقة التبادل التي عقدتها مع حركة فتح في 23/11/1983،والتي بموجبها اطلق سراح معتقلي معسكر أنصار اللبناني،و 65 أسيراً فلسطينياً من سجون الإحتلال،في مطار اللد وقبل إقلاع الطائرة التي ستقل الأسرى المحررين مارست اسرائيل خدعة واعادت ستة من الأسرى الفلسطينيين الذين كانوا ضمن الصفقة الى السجون الإسرائيلية،وكذلك في صفقة إبعاد محاصري كنيسة المهد ال(39) الى غزة وعدد من الدول الأوروبية،التزمت اسرائيل وبرعاية اكثر من دولة بإعادتهم بعد فترة محدد من الزمن،ولكن حتى من استشهد منهم،المبعد الشهيد عبدالله عواد لم تسمح بدخوله ميتاً.

 وانا مع قناعتي التامة بأنه من حق أسرانا على فصائلهم وسلطتهم تحريرهم من الأسر....ولكن من التجارب السابقة،واضح بأن الإحتلال يخرق كل الاتفاقيات وشروط الصفقات ولا يلتزم بأية تعهدات،ولذلك يجب قبل الشروع او الإتفاق حول صفقة جديدة لتحرير الأسرى،اولاً ان يكون هناك موقف فلسطيني موحد حول كل تفاصيل صفقة التبادل،من حيث من هم الأسرى المشمولين في الصفقة،ومن هي الجهة الدولية التي ستضمن وترعى الإتفاق او الصفقة،ويفضل أن يكون ذلك من خلال أعضاء اللجنة الرباعية مجتمعين،وما هي المناطق التي سيخرج اليها الأسرى المحررين.

وقبل الشروع في تنفيذ اي صفقة تبادل بين الفصائل الفلسطينية او السلطة بالضرورة ان يجري تنفيذ ما التزم به سابقاً وخرقته اسرائيل ولم تلتزم به،فالدفعة الرابعة من أسرى ما قبل أوسلو ال(31)،أغلبهم من الداخل الفلسطيني – 48 - التي التزم الإحتلال للسلطة الفلسطينية بإطلاق سراحهم،ولم يف بتعهداته،يجب ان يتم إطلاق سراحهم أولاً،وأن لا يكون أي منهم من الأسرى المشمولين في الصفقة الجديدة.... وكذلك من جرى إعادة اعتقالهم من الأسرى المحررين في صفقة الوفاء للأحرار بالضرورة ان يجري إطلاق سراحهم ولا تفاوض عليهم أي ال(65) أسيراً الذين إعيد اعتقالهم،وكذلك الأسرى المبعدين الى قطاع غزة او خارج الوطن،والذين انتهت مدة إبعادهم يجب أن يعودوا الى أماكن سكنهم،ومن ثم يجري البحث في شروط الصفقة الجديدة،وبأن تكون برعاية واسعة عربية وإقليمية ودولية والصليب الأحمر وهيئة الأمم المتحدة.

السلطة والفصائل عليها التعلم من اخطائها السابقة،وعليها ان لا تستعجل الأمور،ويجب التدقيق في تفاصيل التفاصيل،ويجب ان يكون هناك  هيئة دولية مثل الأمم المتحدة وأعضاء الرباعية،كفرقاء أساسيين في ضمان تنفيذ الإتفاق والإلتزام بكل شروطه،ويجب ان تكون شروط الصفقة واضحة ومعلومة لكل أبناء الشعب الفلسطيني،وليس كما جرى في صفقة الوفاء للأحرار على الرغم من اهميتها وقيمتها،حيث اسرائيل خرقت شروطها بالكامل ولم تلتزم بها،فهي لم تعد أي مبعد من الأسرى المحررين،أبعد وفق الصفقة،بل واعادت  اعتقال عدد كبير ممن تحرروا بالصفقة من الضفة الغربية والقدس،وكذلك في أي صفقة قادمة،يجب عدم شرعنة سياسة الإبعاد للأسرى المحررين،حيث (40)% ممن تحرروا في صفقة الوفاء أبعدوا عن أماكن سكنهم،فالأسير يعود الى مكان سكنه وليس لمكان آخر،فهناك سابقة يبنى عليها،الصفقة التي نفذتها الجبهة الشعبية القيادة – العامة في ايار 1985،حيث تحرر (1150) أسير فلسطيني أغلبهم من المحكومين بالسجن المؤبد والأحكام العالية،ولم يبعد أي أسير فلسطيني عن مكان سكنه،سوى من اختار هو الخروج طواعية وبإرادته.

آمال كل أمهات وزوجات وأبناء وعائلات الأسرى،معلقة على صفقة التبادل التي قد تجري ما بين المقاومة الفلسطينية وبالتحديد حركة حماس مع دولة الإحتلال،فهم يدركون جيداً بان هذا الإحتلال، يستخدم أبنائهم الأسرى كملف من اجل الإبتزاز السياسي،وبالتالي نيل حريتهم من زاوية العملية التفاوضية،او ما كان يعرف بحسن النوايا وغيره غير ممكن،فالإحتلال يريد من السلطة دفع ثمن سياسي لقاء ذللك،فالقضايا الإنسانية والأخلاقية خارج حساباته وتفكيره،ولذلك هم يعلقون الامال الكبيرة على صفقة التبادل التي يجري تبلورها مع حركة حماس،كما ذكر اكثر من مسؤول في حركة حماس،بمن فيهم ابو عبيدة القائد العام لكتائب القسام،وكذلك رئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل،والذي قال:- بانه لا صفقات تبادل قبل تنفيذ ما التزم به سابقاً"،ونحن نفهم من ذلك إطلاق سراح من اعيد إعتقالهم من الأسرى الذين تحرروا في صفقة الوفاء للأحرار،والمبعدين الذين لم يعد أي منهم الى مسقط رأسه بناءاً على شروط تلك الصفقة،وستحسن صنعاً وفعلاً حركة حماس،لو تضمنت الصفقة عودة مبعدي كنيسة المهد.

الوحدة والتنسيق بين كل ألوان الطيف السياسي والوطني الفلسطيني،وبوجود مرجعية واحدة،يمكن لنا ان نحقق افضل النتائج في إدارة الصفقة وإطلاق سراح اكبر عدد ممكن من الأسرى،ليس كماً،بل ونوعاً،ويجب ان تشتمل الصفقة على تحرير كل الأسيرات والأطفال والنواب والوزراء،وكذلك الأسرى المرضى من ذوي الأمراض المزمنة.

نحن امام عدو مراوغ،عدو ضامن للمظلة الحامية له والجاعلة منه دولة فوق القانون الدولي،يعربد ويخرق القانون والإتفاقيات الدولية كما يشاء،وهناك من يحميه من أية قرارات او عقوبات قد تتخذ بحقه او تفرض عليه بسب خرقة للقوانين والمواثيق والإتفاقيات الدولية،إنها امريكا وقوى الغرب الإستعماري،ولكن الآن بعد ان أصبحت فلسطين عضواً من اوائل نيسان الحالي في محكمة الجنايات الدولية،الصورة مفترض ان تتغير،يجب اعداد ملف كامل بكل الجرائم التي إرتكبها الإحتلال ويرتكبها وأجهزته الأمنية وإدارة مصلحة سجونه بحق أسرانا،ورفع ذلك الى محكمة الجنايات الدولية من اجل جلب قادة الإحتلال الذين إرتكبوا جرائم بحق أسرانا الى محكمة الجنيات الدولية،من أجل إعتقالهم ومحاكمتهم على تلك الجرائم،فهي جرائم حرب بإمتياز،وهناك الكثير من الأدلة التي تدين قادة الإحتلال بإرتكاب جرائم حرب ضد أسرانا.

وفي الختام أقول علينا أن لا نتعجل صفقة التبادل،بل يجب التروي والتشاور والتنسيق بين كل مركبات ومكونات العمل السياسي والوطني الفلسطيني،وقبل الشروع بتنفيذ الصفقة،فليعمل الإحتلال على تنفيذ ما إلتزم به سابقاً،وان يتراجع عن خروقاته وتجاوزاته الخطيرة.

في ذكرى استشهاد كمال ناصر ضمير الثورة وشاعرها/ شاكر فريد حسن

في العاشر من نيسان العام 1972 أقدمت المخابرات الصهيونية على اغتيال الشاعر والمناضل الفلسطيني كمال ناصر مع رفيقيه كمال عدوان وأبو يوسف النجار في بيروت . وقد استهدفت هذه الجريمة هؤلاء الفلسطينيين الثلاثة كونهم من قيادات الثورة الفلسطينية ، ولهم دور في المقاومة والتعبئة والنضال في سبيل تحرير الوطن السليب .
لقد اغتالوا كمال ناصر لأنهم خافوه ، ولأنه أرعبهم بكلماته المقاتلة وأشعاره الثورية وقلمه الجريء ، ولدوره في نشر وتأصيل ثقافة الرفض والالتزام السياسي وفكر المقاومة . كيف لا وهو كزميله وصديقه الشهيد غسان كنفاني ، فقد جعل من الفن ثورة مقاتلة ومن الثورة فناً مقاتلاً .
يعد كمال ناصر من قادة الثورة الفلسطينية ومفكريها البارزين ، أطلق عليه الشهيد صلاح خلف (أبو إياد) لقب ضمير الثورة . وهو مؤسس دائرة التوجيه والإعلام الفلسطيني ، وبفضل حضوره الشخصي والثقافي أصبح رئيساً للجنة الإعلام العربي الدائمة المنبثقة عن الجامعة العربية . وإلى جانب مسؤولياته هذه كلف مهمة الإشراف على تشكيل اتحاد الكتاب والصحفيين الفلسطينيين ونجح في ذلك . كذلك بادر وأشرف على إصدار مجلة "شؤون فلسطينية " وكتابة افتتاحياتها ، وعمل على تطبيق الوحدة الإعلامية بين فصائل المقاومة ، ولكن القدر لم يمهل زميله ورفيقه غسان كنفاني ، رئيس الدائرة الإعلامية في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين كي يعيشا سعادة تحقيق هذه الوحدة الإعلامية تمهيداً لتحقيق الوحدة الوطنية – حلم كمال ناصر – على مختلف الأصعدة فكان أن اغتالته القوات الصهيونية في بيروت يوم الثامن من تموز 1972 ، كما جرت بعد ذلك محاولة ثانية لاغتيال بديل غسان ، بسام أبو شريف ، المسؤول الإعلامي في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين .
ولعل من المفارقات أن يولد كمال ناصر ويموت في الشهر والتاريخ نفسه ، فقد ولد في العاشر من نيسان عام 1924 ، واغتيل في العاشر من نيسان العام 1973. وهو من مواليد غزة حيث كان والده يعمل فيها ، وينتمي إلى أحد أشهر العائلات الفلسطينية في بير زيت . وقد بدأ وعيه السياسي بالتفتح والتبلور والنضوج في أيام ثورة العام 1936 ، وكان مواظباً على المشاركة في التظاهرات الشعبية الوطنية المناهضة للانتداب البريطاني وللهجرة اليهودية .
انطلق كمال ناصر إلى الجامعة الأمريكية في بيروت ليحصد العلم ويغرس الثورة ، وفيها غنى الوطن وغنى الحبيبة ، وتخرج قافلاً إلى بيروت ليبدأ نضاله المنظم من أرض الصراع والمعركة وهو الأشد فعالية ، مقتفياً بذلك أثر كل المثقفين من أبناء قريته التي كانت تشهد أعذب معانقات مثقفيها في حين يكونون لها البلسم المنشود .
ومنذ صغره شغلته هموم وطنه السياسية ، وراح يترجم أحاسيسه الوطنية وآمال أبناء شعبه ، ويعبر عن مأساة اللاجئين والمشردين الفلسطينيين ، فقال هاتفاً : 
مأساة هذا الشعب مأساتي      وجراحه الثكلى جراحاتي 
أنا بعض ما ينساب من دمه    وكأنه من   بعض   آهاتي 
قدران في درب المنى اعتنقا   هيهات ينفصلان ، هيهات 
عاش كمال ناصر من اجل قضية شعبه ووطنه ، ناسجاً أشعار الحب والحرية والفرح ، وكرس قصائده صوتاً صافياً ومخلصاً لقضايا وطنه المعذب فلسطين . 
كان شاعراً مجيداً وموهوباً ، وشاعراً مناضلاً ومقاتلاً في صفوف الثورة والمقاومة الفلسطينية وقد عرف كيف يكون الهوى والعشق للمرأة ، وكيف يكون الهوى والعشق لفلسطين وترابها المقدس . 
كتب الشعر في كثير من الأغراض الشعرية ، غير أن الشعر الوطني والسياسي والنضالي والإنساني طغى على غيره من الأغراض الأخرى بسبب مأساة ومعاناة شعبه في مخيمات اللجوء والتشرد . وجاء شعره في شكله ومضمونه تعبيراً وتجسيداً صادقاً وأميناً عن كفاح وبطولات أبناء شعبه وتطلعهم لنيل حقوقهم وتحقيق هدفهم الوطني . وكان يؤمن بأن الأدب يجب أن يكون ملتزماً ، ويكون للحياة وللشعب وللمستقبل . واتسمت أشعاره بالبساطة والوضوح والرقة والجمالية الثورية ، وخالياً من التكلف والصنعة اللفظية .
سقط كمال ناصر شهيداً على أرض لبنان برصاص الغدر الًصهيوني في العاشر من نيسان 1973 ، وأثار استشهاده موجة من الحزن والغضب الشديد في نفوس وأعماق أبناء شعبه ، الذين أحبوه واحترموه وقدروه وثمنوا دوره الوطني والثوري والكفاحي كمثقف وشاعر حقيقي ملتزم بقضايا الوطن والإنسان . ورغم انتمائه للديانة المسيحية إلا أنه دفن في مقبرة الشهداء الإسلامية بجوار ضريح صديقه في النضال والمقاومة والأدب والصحافة والأدب غسان كنفاني ، وذلك بناءً على رغبته .
خلاصة القول ، كمال ناصر شاعر وأديب وصحفي وسياسي وثوري ومناضل شجاع صهرته النكبة وعجنته التجارب ، دافع عن أرضه ووطنه وقضيته بقوة وعنفوان وكبرياء ، فكان نصيبه الشهادة على يد الغدر والهوان . قال الشعر فأخصب خياله وأبدع  وترجم مشاعره الوطنية الفياضة عبر الجمال والحرية ، وسيظل في الوجدان والذاكرة الفلسطينية الحية .

الخطيئة الثانية/ أنطوني ولسن

قال أحدهم أن المرء ينتهي من حيث يشتهي . وقد أنتهى آدم وحواء لأشتهائهما ثمرة التفاح ، وكانت " قضمة " واحدة كافية لأخراجهما وطردهما من الجنة والحكم عليهما بالشقاء والتعب مدى الحياة .

أنا واثق تمام الثقة أن كليهما ابتعد عن شجرة التفاح " معرفة الخير والشر " ولم يقرباها لسنين عديدة خوفا على نفسيهما أن يخسرا أيضا هذه الأرض " الجنة " التي حذرهم الرب من عدم الأقتراب أو أكل من ثمرة .. التفاح .

لكن أستطاعت الحية أن تغري حواء فأكلت من الثمرة . ذهبت الى آدم وبيدها ثمرة أخرى قدمتها له . يبدو أن آدم قد رأى حواء مختلفة عن حواء التي أوجدها الله لتكون ونيس له فأخذ الثمرة و" قضم " منها قطعة وبدأ في " مضغها " لكنه تذكر أنها الثمرة المحرمة فأمسك بيده عنقه ليمنعها من " الهضم " لكن لقد وضعها في فمه فسقط في الخطية . شعر آدم وحواء أنهما عريانان فحاولا الأختفاء وتغطية عوراتهما . وأعتقد أن وقوع آدم في الخطية بتناوله الثمرة ووضعها في فمه كان بسبب رؤيته لحواء عارية مما أدهشه وأنساه وصية الرب .

خسرا " الجنة " وطردا إلى الأرض الملعونة التي إختفيا فيها بعيدا عن الله والتي حكم الله عليهما بالشقاء والتعب عند الإنجاب . على الرغم من كل هذا إلا أنهما وجدا لحظات هناء وقت الجماع الجنسي الذي أوجد غريزته فيهما الله ليحافظ عن طريقه على البشرية من الأنقراض والفناء .

منذ أيام آدم وحتى هذه الأيام ، نجد غريزة الجنس تأخذ أشكالا وأوضاعا غريبة .

أستغلت المرأة الأولى هذه الغريزة لأذلال الرجل الأول ووضعه في المنزل لتربية الأبناء ، وبالتالي السيطرة عليه سيطرة تامة .. وإلا !.

قاوم نفس الرجل هذا الأذلال بعد أن تمكن من أشعال النار ، ووجد فيها سبيلا ووسيلة للسيطرة على وحوش الغابة ، بعدها بسط نفوذه على المرأة . فخضعت له وأنقلب الوضع . فخرج هو ليصطاد وبقيت هي لطهو الطعام على تلك النار الجديدة إلى أن تعودت عليها المرأة ولم تخشاها .

أستمر هذا الحال والجنس يلعب لعبته الخطيرة بين آدم وحواء . أي بين الرجل والمرأة كل يستغله للسيطرة على الثاني وأخضاعه له بعد أن تلاشت سطوة النار وأصبحت النار من الممكن أن تؤذي كليهما وتحرقهما وتدمرهما .

خرج الرجل عن هذه الدائرة ، ووجد في معاشرته للرجل مثله مخرجا من مأزق تسلط المرأة عليه عن طريق غريزة الجنس . ووجد تفاهما تاما بينه وبين صنوه في الجنس وظهر اللواط . حرم الله اللواط . بل حاربه بحرق سادوم وعاموره لأنه " اللواط " تسبب في تسيب المجتمع وانغماسه في الشر والرذيلة .

لم تهدأ الحال بين الرجل والمرأة ، ولم يعيشا في سلام ووئام كما كان منتظرا بعد حرق سادوم وعاموره ، بل أخذت العلاقة بينهما أشكالا وأوضاعا مختلفة متبانية. تارة يخضع الرجل للمرأة ويسود السلام ، وأخرى تخضع المرأة للرجل محاولة ايجاد السلام .

جاء عصر المرأة . العصر الذي نحياه الأن . تمردت على الرجل . خرجت عن طوعه . شاركته في رجولته وقوته . مارست جميع أعماله . لم تعد النار تحرقها ، ولا الماء يغرقها ، ولا السماء تخيفها . دخلت الحرب وغاصت في قاع المحيطات وصعدت الى السماء بالطائرة والصاروخ . بل أنها تأخذ مكانها بين رجال الدين . فلم يعد هذا الكوكب كوكب تعاون ومحبة . ولم تعد غريزة الجنس في أحلى أوقاتها متعة محللة جميلة ، ولا سلاحا يسيطر به أحدهما على الآخر .

عرفت المرأة السيطرة على لهفتها الى الرجل ، ومارست الجنس مع المرأة مثلها . تمرد الرجل أيضا وعاد الى اللواط محاولا إيجاد مخرج لنفسه للتمتع بهذه الغريزة خارج سيطرة المرأة و " قرفها " . عاد البعض منهم إلى المرأة ، وعاد البعض منهن الى الرجل . وجد هذا البعض أن الأزدواجية شيء ممتع وأن لم تجد هذه وجدت تلك . و " هاص " الناس وأصبح الأستخفاف بأسمى غريزة وهي غريزة البقاء لا حدود له .

 وهنا ظهرت الحطيئة الثانية . بمعنى أخر ظهر ضرر الخطيئة الثانية . في الخطيئة الأولى كما نعرف خرج أدم من الجنة وبعرق جبينه يأكل خبزه ، وبالأوجاع تلد حواء.

أما الخطيئة الثانية فقد أصيب آدم وحواء بأخطر وباء عرفته البشرية وهو مرض " الأيدز " . هذا المرض ينتشر بين الناس انتشار النار في يوم عاصف . لا يرحم طفلا بريئا ولا رجلا راعى حرمة جسده ولا أمرأة خافت الله في حياتها .

يحار الأطباء في كيفية حصر المرض ومحاربته . أصبحت غريزة الجماع أو الحب كما يطلقون عليها في الغرب ، غريزة رعب وخوف . تشككت المرأة في زوجها لأنها في أعماقها تعرف عنه أنه " تفص وخلبوص " .

خاف الرجل من المرأة ، قد يكون المرض أصابها أثناء ولادتها ، أو أستعمالها دورة مياه خارج المنزل . أو لربما انقادت وأخطأت ولو مرة واحدة في حياتها . من يضمن سلامتها !. أطفال يولدون أبرياء ولكنهم يصابون بالمرض . أبرياء كبار يحتاجون الى نقل دم . من يضمن أن هذا الدم لم يكن ملوثا .

لا أحد يعرف الى أين الطريق . الرعب بدأ حقيقة ملموسة بين علاقة الرجل بالمرأة وأيضا الرجل مع الرجل والمرأة مع المرأة . لا أعتقد أن الأيام المقبلة ستساعد على عودة العلاقة الحميمة الطبيعية بين الجنسين .

الخطيئة الأولى كفارتها " دم المسيح " . فما هي كفارة الخطيئة الثانية ؟ لا أعتقد أن لها كفارة إلا الطهارة . فهل يطهر الأنسان ؟

 كلام .. وكلام

** أجمل ما في الحياة حلو ذكرياتها .

وأحلى ما في الذكريات .. يوم التوبة والأبتعاد عن الخطيئة .

** يعتقد بعض الناس أنهم أذكياء .. وبعض الناس يجعلونهم يعتقدون أنهم هكذا بالفعل أذكياء لأستغلالهم .

** قال لها أعطني قلبك .. فمنحته جسدها . فلما زهد فيه .. لم يبق شيء منها .

** الناس معادن ، فيهم الذهب وفيهم الصفيح .. التكنولوجيا الحديثة أخرجت ناس قشرة ذهب .

أنطوني ولسن

خداع الشعوب بتوصيفٍ مُزيّف للحروب/ صبحي غندور

اختار الأوروبيون الذين قاموا بحملاتٍ عسكرية على بلاد الشرق العربي، من أواخر القرن الحادي عشر حتّى الثلث الأخير من القرن الثالث عشر، اسم "الحملات الصليبية" كتوصيف لحروبهم التوسّعية من أجل تبريرها أمام شعوبهم بالادّعاء أنّها من أجل الوصول إلى القدس، مهد السيد المسيح عليه السلام. وأدرك العرب آنذاك بطلان هذا التبرير الأوروبي فأطلقوا على هذه الحملات اسم "حروب الأفرنجة"، خاصّةً أنّ قبائل عربية مسيحية عديدة قاتلت ضدّ الغازين الأفرنج إلى جانب المسلمين العرب. 
هكذا أيضاً جرى خداع شعوبٍ عديدة في مراحل زمنية مختلفة من خلال تبرير حروب كثيرة أخرى جرت على مدار التاريخ، حيث ابتدع لها أسماء وصفات لا تُعبّر عن حقيقة أهداف هذه الحروب. ألم تكن حرب إدارة بوش على العراق تحت اسم "الحرب على الإرهاب"؟! ثمّ ألم يُشوّه الأوروبيون معنى كلمة "الاستعمار" فاستخدموها لتبرير احتلالهم لبلدان عديدة في آسيا وإفريقيا؟! وألم تفعل ذلك أيضاً الحركة الصهيونية باستغلال اسم "إسرائيل" لتبرير مشروعها الإستيطاني على أرض فلسطين؟!.
ولعلّ أخطر التوصيفات للحروب والصراعات يحدث حينما يحصل استغلال أسماء دينية ومذهبية لوصف حروب ونزاعات هي بواقعها وأهدافها سياسية محض، وهذا ما يجري عادةً في الحروب الأهلية التي تُسخّر فيها كل الأسلحة بما فيها سلاح الطائفية السياسية. فالحرب الأهلية اللبنانية التي بدأت في العام 1975 بسبب خلاف بين القوى السياسية اللبنانية حول مسألة الوجود الفلسطيني المسلّح في لبنان تحوّلت فيما بعد إلى "حرب بين المسلمين والمسيحيين"!!.
ولنتخيّل لو جرى اعتبار الصراعات والحروب التي حصلت بين الهند وباكستان أنّها بين المسلمين والهندوس تستوجب الصراعات بين الطرفين حيثما يتواجدان في العالم! أو لو تمّ توصيف الحرب بين الإنجليز والأيرلنديين الشماليين بأنّها حرب بين الكاثوليك والبروتستانت تفرض الصراع بين الطائفتين في كلّ أنحاء العالم المسيحي!!.    
طبعاً ما كان غائباً في هذه الصراعات المشار إليها هو وجود "الطرف الثالث"، الذي يكون له مصلحة كبيرة في تصعيد وتوسيع دائرة الصراعات وتأجيج المشاعر الانقسامية بشأنها، وهو الموجود للأسف حالياً في كلّ الصراعات والحروب المحلّية الجارية في المنطقة العربية. وهذا "الطرف الثالث" الحاضر في الأزمات العربية هو مجموعة من الجهات الإقليمية والدولية التي قد تتباين مصالحها، لكنّها تتّفق على هدف جعل الأزمات العربية تأخذ أبعاداً طائفية ومذهبية وإثنية. فصحيحٌ أنّ هناك خلافاتٍ عديدة بين إيران وبعض دول الخليج العربي، لكن ما المصلحة العربية والإسلامية من توصيف هذه الخلافات بأسماء مذهبية أو قومية؟! ولماذا يحرص البعض على القول إنّ الصراع مع "إسرائيل" ليس بصراعٍ ديني بينما يتمّ استخدام التوصيفات الدينية والمذهبية في صراعاتٍ مع أطراف أخرى؟!.
ويسعى الكثير من العرب والمسلمين لنزع الصفة العربية والإسلامية عن جماعات التطرّف والإرهاب، بينما لا يجدون مشكلة في تعميم التسمية الطائفية أو المذهبية على أي خلاف مع فريق سياسي محلّي أو بلد عربي أو إسلامي مجاور.
إنّ المخاطر القائمة حالياً هي ليست على أتباع هذا الدين أو ذاك المذهب فقط، بل هي أخطار محدقة بحقّ الأوطان كلّها، بما فيها الشعوب والحكومات والمكوّنات الاجتماعية فيها. فضحايا العنف المسلّح الجاري الآن عربياً، من أيِّ جهةٍ كان مصدر هذا العنف، هم من أوطان ومناطق وأديان ومذاهب مختلفة.
  إنّ تنظيم "داعش" مثلاً، ينتعش ويستفيد من هذ التوصيفات المذهبية لصراعات سياسية محلّية أو إقليمية، حتّى من قِبَل بعض من يتحدّثون ضدّه شكلاً ويدعمون ضمناً – ولو عن غير قصد - مبرّرات وجوده حينما يتّجهون بحديثهم إلى "عدوّهم" الآخر، وهو هنا قد يكون من طائفة أخرى أو مذهب آخر أو من دولة أخرى. فكثيرٌ ممّن يظهرون الآن على الفضائيات العربية يبدأون حديثهم ضدّ "داعش"، لكنّهم فوراً ينتقلون إلى الحديث عن "الحالة الطائفية والمذهبية"، وعن وجود "الخطر الآخر" في داخل الوطن أو من دولة مجاورة، ممّا يساهم في إعطاء الأعذار لوجود "داعش" ولممارساتها باسم الإسلام، الذي هو كدين براءٌ من فكر هذه الجماعات وأساليبها. 
طبعاً، فإنّ هذا النوع من الأحاديث الطائفية والمذهبية يزيد الآن الشروخ الدينية والوطنية ولا يبني سدوداً منيعة أمام جماعات التطرّف، بل على العكس، يرفدها بمزيدٍ من المؤيّدين. فالمواجهة مع جماعات "التطرّف العنفي" تحتاج الآن إلى وقف كل الصراعات والخلافات داخل المجتمعات العربية والإسلامية، وإلى تحقيق أقصى درجات التوافق الوطني والديني حتّى يمكن محاصرة هذه الجماعات وتجفيف كل منابع الدعم المادي والبشري لها. 
في الدول الغربية، ما زال الكثير من الآراء يُحمّل الإسلام كدين مسؤولية وجود جماعات التطرّف العنفي التي تعمل بأسماء مختلفة؛ منها "القاعدة" المنتشرة عالمياً، و"بوكو حرام" في نيجيريا، وحركة "الشباب" في الصومال، وصولاً الآن إلى جماعات "داعش"، وغيرها العديد من الأسماء العاملة تحت رايات "إسلامية" في آسيا وإفريقيا، وبعضها يتحرّك في نطاق محلّي فقط، لكن البعض الآخر له امتدادات دولية تصل إلى أماكن مختلفة في "العالم الإسلامي"، وفي القارّتين الأوروبية والأميركية.  
إذن، خطر جماعات التطرّف العنفي بأسماء "إسلامية" موجودٌ فعلاً ولا مجال لنكرانه، ولا يصحّ القول فقط إنّ هذه الجماعات هي "صناعة خارجية" يتمّ الآن توظيفها. فالمشكلة الأساس هي بوجود بيئة مناسبة لنموّ مثل هذه الجماعات في الدول العربية والإسلامية، بغضّ النّظر عمّن يبدأ بالزرع وعمّن يحصد "الثمرات" لاحقاً. فلو كانت "الأرض الفكرية" لهذه الجماعات قاحلة ويابسة وغير مرويّة محلّياً، لما أمكن لأيّ زرعٍ خارجي أن ينجح أو أن يحصد ثمار شرّ ما يزرع!. فلو لم يكن هناك فراغ فكري للمفهوم الصحيح للدين وللمواطنة لما أمكن استقطاب هذا الحجم من أتباع هذه الجماعات.
فالمنطقة العربية مهدّدةٌ الآن بمشروعين يخدمان بعضهما البعض: مشروع التدويل الغربي لأزمات عربية داخلية، ثمّ مشروع التقسيم الصهيوني لأوطان وشعوب المنطقة. وما تقوم به جماعات التطرّف الديني العنفي يساهم بتحقيق المشروعين معاً في ظلّ غياب المشاريع الوطنية العربية التوحيدية. 
إنّ إعلان وجود "الدولة الإسلامية" في العراق وسوريا هو مقدّمة عملية لإنشاء دويلات دينية جديدة في المنطقة، كما حصل من تقسيم للبلاد العربية بعد اتفاقية سايكس- بيكو في مطلع القرن الماضي، ممّا سيدفع هذه الدويلات، في حال قيامها، إلى الصراع مع بعضها البعض، وإلى الاستنجاد بالخارج لنصرة دويلة على أخرى، وإلى إقامة تحالفات مع إسرائيل نفسها، كما حصل أيضاً خلال فترة الحرب الأهلية اللبنانية.
لكن ليس التطرّف باسم الدين هو المستفيد الأوحد من تشويه حقائق الصراعات والحروب، بل إنّ المستفيد الأوّل منها هو المشروع الصهيوني التقسيمي للمنطقة العربية، والذي كان حاضراً بقوّة في الحرب الأهلية اللبنانية وبإعلان "دولة لبنان الحر" عام 1978، وبالتشجيع على "حرب الجبل" في العام 1983، وفي دعم الجنوبيين السودانيين للانفصال عن الشمال، وفي مساندة مشروع انفصال الشمال الكردي عن العراق، وفي حثّ صُنّاع القرار الأميركي على غزو العراق في العام 2003، وفي الدعم الحاصل الآن لبعض قوى المعارضة السورية على الحدود مع سوريا، وفي الدعوة لتشكيل جبهة عربية – إسرائيلية مشتركة ضدّ إيران، كما ردّد نتنياهو ذلك مرّاتٍ عدّة خلال الفترة الماضية.   
فهل يشكّ أحدٌ بمصلحة إسرائيل ودورها في نموّ جماعات التطرّف الديني وفي وجود دولة "داعش"؟! وأين المصلحة الإسلامية والعربية في مواصلة الصراعات والخلافات الفرعية أمام هذا الخطر المحدق الآن بالجميع ؟!.
وإذا لم يستطع العرب وقف خطايا حروبهم وصراعاتهم الداخلية، فليحسنوا على الأقل توصيف هذه الصراعات حتّى لا يخدموا عدوّهم الحقيقي وأفرعته الدولية والمحلّية!.  
*مدير "مركز الحوار العربي" في واشنطن