من طشت أم وجدى لتوك توك محلب/ أشرف حلمى

صار رئيس الوزراء السيد محلب على خطى المعزول مرسى فى طريق موزاياََ لطريق التوك توك لحل مشاكل الوظائف الحكومية فبعد ان حيا مرسى وشكر سائقى التوك توك فى اول خطبه له فاجأنا السيد محلب فى حوار تليفزيونى موجهاََ كلامه للشباب الذى قام بالثورة  "مفيش وظائف حكومية.. اشتغلوا سواقين تكاتك " وكان هذه الوظيفة قطاع عام تابعه لوزارة النقل والمواصلات التى تمتلك ألاف التكاتك  مرخص لها السير والعمل فى جميع انحاء الجمهورية . 
هذا التصريح الخطير من السيد محلب يعد إعتراف صريح بفشله الزريع بإدارة الحكومة فى مجالات التوظيف ممهداٌ بذلك الى إلغاء وزارة القوى العاملة المسئولة عن التعينات الحكومية كذلك إحباط الشباب الجامعى فى الحصول على وظائف حكومية مما سيؤثر بالتاكيد على المستوى العلمى للشباب المتميز الذى سوف يختصر طريق العلم ويتجه الى طريق التوك توك .
والغريب ان ياتى تصريح محلب بعد يومان من موافقة الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر على الإعلان عن عدد 11880 وظيفة فى عدد من التخصصات المختلفة لسد العجز في مختلف قطاعات الأزهر الشريف والمناطق الأزهرية وكان مؤسسة الازهر تابعة لدولة أخرى خارج حدود مصر ونطاق الحكومة المصرية مما يؤكد ان حكومة محلب حكومة إسلامية وهابية معظمها طابور خامس تعمل على تشجيع التعليم الدينى فى المدارس الازهرية الفاشلة طبقاََ لنتيجة الدور الأول للشهادة الثانوية الأزهرية بقسميها العلمي والأدبى للعام الدراسى المنتهى 2014-2015 بنسبة نجاح 28,1% والتى إعتمدها عباس شومان وكيل الأزهر والذى يعتبر تمييزاََ واضحاََ لفئة معينه من الشعب المصرى فاشلة علمياََ متخلفة فكرياََ تعمل على تخلف المجتمع المصرى . 
ففى الوقت الذى تتزين فيه مصر إحتفالاََ بإفتتاح قناة السويس الجديدة التى دعى الى إنشاءها الرئيس السيسى لجلب المزيد من العملات الصعبة 
 نجد رئيس الوزارة يمتدح التوك توك ويشجع الشباب على قيادة التكاتك.
تحيا طشت إم وجدى الذى عبرت خلاله سفن عملاقة ويحيا توك توك محلب الذى حل مشاكل المواصلات والبطالة .

أور سليم أو سليم الضو/ جواد بولس

خسر صديقي رهانه ونجحت، على عكس ما تمنّى وتوقّع بسبب تعبي، أن أصل إلى مبنى جمعية الشبان المسيحية، القائم في شارع الملك داوود في القدس الغربية. كان المساء في القدس رتيبًا، لا تحمل رياحه أيّة بشائر للناس، غير ما تعد فيه ملائكة حيرى، أهلَ أرضٍ تنزف قداسة حمراء وسرابًا: عيشوا قليلًا وناموا قليلًا. حاولوا أن لا تحلموا وأن تفيقوا كما يفيق القانعون أو البؤساء، وإن لم تفيقوا، فافرحوا لأنكم أخيارٌ بررة وشهداء.
قاومت سطوة الكسل، كي أشاهد مسرحية "ساغ سليم"، وقد أوصى بها العديد من أصدقائي وصنفها أهل الفن والأدب، بالمونودراما، أو مسرحية الممثل الواحد.
 تركنا "بيت حنينا"، أمامنا يتغانج  خيط من الشمس، كحاجب مغنية غجرية، وفي دقائق معدودة، وصلنا منطقة المصرارة، التي بدت على خدّيها صفرة كتلك التي تسبق النعاس أو المرض، حجارة السور كانت كبيرة، وسواد الليالي عليها أوضح من ذي قبل، قلّة من الناس تدخل من باب العامود، على يميني بدأ يتسامى صرح "النوتردام" العظيم، ليشهد أن القدس لم تكن دومًا عروس عروبتنا، وما أن قطعناه بدأ الغرب ينبلج، وأمامنا تنفرج وتتراقص مدينة، بصخب وبكثير من الحنّة والطيب، حتى بدت كعروس تفيض أنوثة في ليل زفتها.
حارة "ماميلا" (مأمن الله)، التي تركتها النكبة بيوتًا مهجورة وخرائب، صارت كجبال من صوان أملس، وذلك بعد أن أحالتها أحلامهم والنهم إلى مجمّعات سكنية ما بعد عصرية، وأسواق تزاحم "مولات" العرب والعجم والسنسكريت. نسير ببطء بمحاذاتها، ونلج شارع الملك داوود الذي ما زال يشهد على حكمة رب قايين، وعلى الفارق بين الديناميت ورائحة النار، وبين عصا الراعي ورائحة الندى!
كان انضباط من حضروا لمشاهدة المسرحية لافتًا، فقبل الثامنة بدقائق معدودة بدا أن الجميع على استعداد، وكأننا تجرّعنا ما سقتنا إياه روما، حين أوصت أغرابها أن يتصرّفوا فيها كأهلها الرومان. فهنا، في حضن الحضارة، نصير، نحن عصافير الشرق، أسيادًا للنظام وعبيدًا للكياسة والقانون ونعيف المزاول وساعات الرمل.
على يمين المسرح يتأبط، حبيب شحاده، عودَه. في وجهه وسامة طافحة وغبطة، فهمنا لاحقًا أنها قسمات فرح بمولوده الجديد "سري"، وفي الزاوية اليسرى يجلس سليم ضو على حقائبه. من ثنايا جسده يسيح قلق، كلّما تفرّستُ فيه اكتشفتُ أنه للغضب أقرب، فلقد كان ينتفض برقة، كفرخ نسر يستعد لطيرانه الأول.   
لم ترفع ستارة ولا نادى المنادي، فالقصة، أن "سليمنا" لن يمثّل، كما توقع، ربما، بعضنا، بل، جاء ليقضي معنا ساعتين من "ملح وزعتر"، ومسرحه، بالحقيقة،حياتنا، ورحلته، هكذا سيفهمُنا دمعنا والابتسام، رحلتنا. 
استفزني، ما شاهدته  وأشغلني، كما يليق بالإبداع، وأراحني كما يُنتظر من ترفيه هادف وراق.
فعماد، الذي ولد في البعنة، يرفض أن تكون بعنته في الجليل الأسفل، لأنه يؤمن أن جليله عال وحر.يولد في عائلة وادعة وفقيرة. صحته متضعضعة، ويصير، بلغة الفلاحين، طفلًا "موَتْوِتًا"، فتخشى عليه والدته وتذهب به الى الشيوخ، أسياد فن التهليع، فيجزم هؤلاء أن العلّة في اسمه، ويقترحون أن تختار العائلة لضمان نجاته، إمّا: فكتور أو وليم أو سليم، بدلًا من عماد. 
وتختار العائلة "سليمًا"، فما لفكتور ووليم بالحجارة والحجّارين، وأهله يعملون، كما يعمل معظم البعناويين، في الحقل والمحجر، ومثلهم كانوا من الحمر الميامين.  
وتكرّ قصة ذلك السليم التي هي قصتنا. 
في البداية نشم روائح النكبة التي تزكم، فتليها قصص القمع  في زمن الحكم العسكري، فقصص الشقاوة، والبلوغ والتعب والعشق والرحيل والوطن. 
لا أجمل من الواقع، حين يأتيك مرايا تستعيد ذاكرة مهشمة، فكان وهو يحدثنا عن زمن الفقر والقلّة يستثير فينا ذلك الحنين الذي لا يصدأ، إلى شقاوة عذراء، ما زال بعض من عطرها متناثرًا في كل زاوية وزقاق في قرانا وحواكير منازلنا. وحين أرجعنا إلى مدارسنا الابتدائية،استعدنا كيف كنّا نصطنع الفرح في يوم "استقلال دولتنا الفتية" لنكسب من الحرية "لحاءها".
وككل فنان كبير، نجح سليم، بعد بداية فاترة، أن يسكن في كل واحد فينا أو أن يأخذنا  إلى "جوّاه"، فانتزع من أكبادنا، مرّة تلو المرة، موجات ضحك، سالت أحيانًا، كدموع فرح على ما لامس فينا المعجزات وبقائنا رغم أنف الخيبة، وأحيانًا، بكاءً على ما تكبدّه كبارنا ونحن الصغار من ذل وشظف عيش واضطهاد.     
 لا أبأس من واقع يواجهك ببواطن عجزك وظلم القدر...
حياتنا كانت حقائب، وكأننا على موعد ورحيل. فسليم، يشقى كسائر أترابه، لكنّهم  يضربون بعصيهم الساحرة الأرض، فيحوّلون التراب ملاعب للأحلام، والوحول ميادين للسباقات والفحولة، ويصنعون، كذلك،من جماجم الحيوانات سيوفًا وخناجر ومسدسات، لتصير بأيديهم جداول ومناجم فرح.
وحيدين تركنا في وطننا. أقلّية صحت على سماء ملأى بالغربان وبيننا تنبت بدايات يأس وفقر،  وينتشر وكلاء للعهد الجديد يحاولون النيل من كل حر وتصيّد كل فالح وبارع. فتلبس الكابتن "جيمي" سليمًا الذي كان، فهلويًا وبارزًا، وساعة كان سليم يضحكنا على خوفه من ذلك الجيمى، وكيف صدّه، تذكر بعضنا "جيميه" والبكاء والقلق، أمّا حين كاد سليم يبكي على كيف أطلق اليهود الرصاص على كلب جارهم في القرية كي لا تنبه الكلاب أهل المطلوبين عند اغارة الجيش والبوليس على بيوتهم ليلًا، ضحكنا لأنه أخذنا، مباشرة، إلى أطراف القرية التي تعلّم على تخومها الأولاد دروسهم في "القصعات" والقرمزة، وعلوم الريح والروائح والجهات. 
سليم ساغ، هو أنا أنت والآخرون،
على مدار الساعتين روى/مثل/حكى/غنى/سرد، حكايات كل واحدة وواحد منا، وحكاية عائلة ووالدين فلسطينيين عاشقين بفطرة السنابل، وبقلوب وسيعة، حكيمين كالسواقي وبسيطين كالطين، وعن حكمة فلاحين خبروا أن الأرض بركة، ولكنها تسرق منهم وتغتصب أمام عيونهم، فتيقنوا أن العلم سلاح ومستقبل وبركات.
قد كان سليم، طفلًا، مثلما كنا، وكانت بعنته حمراء مثل لون أبنائها الوطنيين الشيوعيين الناشطين الذين صبغوا بنضالاتهم  علم البعنة وأخواتها بالأحمر،حين تصدوا لموبقات "حكام الدولة العسكريين".وكان سليم مكافحًا، فتشبث بخياره وتخرج وهو في الواحدة والعشرين من منارة ذلك الزمن، ثانوية "يني يني" في كفرياسيف، وكان حالمًا، فأخذه حظ المجتهدين إلى مدينة الروح والشعر والأنوار وعمل على أهم مسارحها ردحًا من زمن. وكان وكان .. لكنه عاد إلى بلاده ومملكته حيث سهاده تشاطره تاج العزة ومعهما أربع أميرات يعوضنه على ما تأخذ الحياة منه والمسارح. عاد لأنه مثلنا، واقعي وعاشق.   
 ربما لم تكن هذه أنجح العروض، كما صرّح سليم بعد العرض مباشرة، فقدسنا كانت غائبة وراء أسوار من غبار وتعب وخيبة، وفي أورشليم تعاني  جمعية الشبان المسيحية من برودة مستوطنة وطاغية، ونحن الذين حضرنا صرنا مثل عرب مستغربين، قد يقتلنا الحنين وتردينا الأماني، لكننا بعدنا عن أطراف قرانا وعن دفء كوانينها وعبق طوابينها ووهج وقّاداتها.
لقد استفزتني حكايات ذلك السليم، فضحكت منها حتى البكاء وبكيت حتى الوجع. فحياته هي حياتنا: قصة ما كان واندثر، وقصة ما قد يأتي من مطر. عن صُدف وكفاحات، ضياع وصور، وعن نضالات وخيانات وأذناب ورؤوس، وشقاء ونقاء وولادات وموت وسهر.
إنها حكاية كل "أور سليم" فلسطيني، بقي على أرضه، وأحب شعبه والإنسان والوطن، فصار "ساغًا سليمًا"، تماما كحكايات الضوء عندما يفيض سليمًا كالقمر.

قناة السويس وقبائل سيناء بين الماضي والحاضر/ د.نبيل عواد المزيني


ان المصريون ابهرو العالم بحفر قناة السويس في عهد اجدادنا وهاهم يبهرون العالم مرة اخري بحفر قناة السويس الجديدة , فقد كان لقناة السويس تأثير كبير علي قبائل سيناء وخاصة علي قبيلة مزينة اكبر واقوي قبائل الجنوب , فتذكر وثائق قبيلة مزينة قول شيخهم عواد ابوعبيد المزيني " ان ديار مزينة كانت ممتدة دون انقطاع من سيناء الي صحراء القليوبية منذ قيام باشا مصر محمد علي بتوطين سبعة فروع من بدو مزينة في حوض الزهار بالقليوبية بقيادة الشيخ ابوعبيد المزيني حيث كانوا يعملون بنقل التجارة والسياح مابين المحروسة والشام والحجاز, وبعد شق القناة فصلت بيننا وبين سيناء و اقتصر دور مزينة علي نقل البضائع بين المحروسة والسويس الي ان توقف استخدام الجمال كوسيلة للنقل" وقد شهد الكاتب الصحفي عادل حمودة بقدرة ابناء قبيلة مزينة علي حماية المنشئات وحراسة الطرق والحدود وأشاد بدورهم في الدفاع عن مصر وحفظ الامن والاستقرار .

وتستمر القبائل المصرية في القيام بدورها الوطني , فبعد ان بارك شيخ مزينة وقاضي عربها موسي ابوصفيران لمصر ولشعبها العظيم افتتاح القناة الجديدة قال " نعاهد مصرنا قيادة وشعبا علي الاستمرار في تقديم الدعم والتضحية من اجل استقرار الوطن الغالي كما فعل اجدادنا " كما أوضح الشيخ رمضان ابورويبض ان قبائل سيناء سوف تساهم في تأمين المصانع والمنشئات التي سيتم بناؤها ضمن مشروع تنمية محور قناة السويس إلى جانب قيامهم بتأمين أبراج الكهرباء وذلك بالتعاون والتنسيق مع قوات الأمن , واكد الشيخ ناصر ابوبريك علي اصطفاف القبائل خلف الجيش ضد الارهاب حيث قال " ان الارهاب لا يترك اخضر ولا يابس فهو عدو للجميع لاكننا قادرون علي حماية منجزاتنا الوطنية , وسوف تسير عجلة التنمية الي الامام رغم انف الاعداء في الداخل والخارج " .

وبعد ان ساهم بدو سيناء في حفر قناة السويس الجديدة عن طريق تقديم ابنائها الدعم باللوادر والقلابات والبلدوزرات من محاجرهم , بدأو استعدادهم للمشاركة في حفل الافتتاح حيث سيتم نحر الذبائخ صباح يوم الحفل واقامة الولائم و تقديم الوجبات الغذائية لقائدي السيارات التي تسلك الطرق المارة في ديار مزينة وهي طريق النفق وطريق شرم الشيخ  وطريق طابا وطريق القنطرة كما سيتم تقديم رقصات الدبكة والدحية والمربوعة المستوحاة من التراث البدوي والفلكور السيناوي مع زغاريد الصبايا ابتهاجا بهذا الحدث التاريخي .

وفي اطار استعداد القبائل للمشاركة في فعاليات الحفل الوطني لفتتاح القناة قال الشيخ محمد الدارومي من قبيلة مزينة ويعمل ربان سفن "مبروك لمصر وكل العالم وأنة لفخر لي ان اشارك في حفل افتتاح قناة السويس الجديدة باليخت من شرم الشيخ الى السويس وان شاء الله سوف يكون مهرجان مصري جميل يبهر العالم " كما اشادت المستشارة فضية سالم بهذا المشروع الوطني العملاق بعد ان وجهت الشكر والتحية للرئيس السيسي وللقوات المسلحة حيث قالت " قناة السويس الجديدة إنجازكبير بإيدي مصرية وبهذة المناسبة نهنئ أنفسنا ونهنئ الشعب المصري " ومن جيل الشباب قالت سهام سعيد الطالبة بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية " ان مصر اثبتت للعالم ان شعبها لا يعرفون المستحيل ويظهر عند التحديات معدنة الاصيل " . 

واذا كان الراحل محمد عواد المزيني قال في اذاعة "صوت العرب" مخاطبا قبائل سيناء اثناء حرب الاستنزاف 
سـينا يا شــال وعقـال علي الراس *** يارجال القبايل في الجبل والوادي
يا صقور وذيابة علي ألارض حراس *** صامدين وافيين من عهد الاجدادي 

فأنة لمن دواعي سرور كاتب هذا المقال ان يهدي بيتين من الشعر لمصر ورئيسها :
السيسي وعد و أوفي بالمطاليب *** و قبـايل سـيناء بالمال والرجال تمدة                   
مزينة ماتخاوي غير الرئيس الذيب *** قائد الجيش اللي مصر لشدايد تعدة

الباحث د. نبيل عواد المزيني
رئيس مركز المزيني للدراسات والابحاث
وسفير الجمعية المصرية لعلوم وأبحاث الأهرام بأمريكا 

أزمة النفايات وتطهير الدولة/ ترايسي داني شمعون

تكومت النفايات وإنتشرت رائحة العجز وعدم الكفاءة النتنة على طول وعرض أرض الوطن. وما هذا إلا بدليل للجميع كي يتنشقوا ويروا فشل أداء الدولة مراراً وتكراراً!
 
تتعفن النفايات تماماً كالجرح المفتوح الذي يجعل المواطن اللبناني بمواجة صدمة تلو الأخرى مترافقة مع درجة عالية ولا تحتمل من الضغط والتوتر تصل إلى جرائم غضب لا يتخيلها العقل والمنطق الإنساني.

فضيحة فشل ايجاد حل لموضوع النفايات، ما هو إلا بالتساوي نتيجة المناورة السياسية في المماطلة من أجل ضمان إستمرارية إحتكار الشركة الحالية ومن أجل المحافظة على حصص بعض السياسيين المالية من الآذارين!
 
سنوات من الإهمال المتفاقم أدى نتيجةً إلى الزيادة في عدد السكان؛ فلبنان يستضيف مليون ونصف لاجئ سوري، ومع ذلك، التقصير في أداء الواجبات "صنع في لبنان"!

نواجه يومياً آثار هذا الإهمال: العجز عن التقيد بالدستور، العجز عن إنتخاب رئيس، العجز عن التخطيط للمستقبل، العجز عن القيام بأي شيء والتخطيط الطويل الأمد له كي يصب في مصلحة المواطن حصراً!
 
تعمل الدولة اللبنانية كآلة تفاعلية تضع سواعدها بحالة تأهب عندما يحن وقت العبور إلى الشاطئ، ولكن بدون أي بعد نظر ولا خارطة طريق كونها لا تصل إلى مرحلة التطوير والتطور. تتقاسم كارتلات السلطة قالب الحلوى حتى قبل تصنيعه وتذهب الهبات الكريمة التي تأتي من المحسنين من كل أنحاء العالم لتختفي في ثقب الإنتهازية الأسود!
 
إن تراكم النفايات في كل مكان ما هو إلا سطحية أعراض سبب عميق كامن وراء كل هذا الفشل الممكن اختصاره بالتالي: "الأنانية المتوحشة"، معطوفة على حلول تخلق من هنا وهناك تفوح منها رائحة الصفقات المشبوهة!
عندما لا يستطيع 24 وزيراً متعلماً من الجلوس في غرفة ووضع كل مشاكلهم وخلافاتهم جانباً من أجل الصالح العام، فلماذا إذاً يصلحون؟
 
هذا يعني أن مصالحهم الراسخة تمنعهم من إيجاد حلول للمشاكل ما لم تؤمن لهم الربح في ما يتعلق بمصالحهم الطائفية الضيقة! وهذا يعني أيضاً بأنهم يتصرفون كمبعوثين بدل من أن يتصرفوا كرجال دولة في خدمة المصلحة العامة.
 
معظم سياسيينا نهب مستقبل البلد. الإحتكارات المالية محمية ومدعومة من خلال سياسات الدولة الغريبة، مما أدى إلى شلل التوازن الإجتماعي لإقتصاد البلد الذي يهرع بلا هوادة نحو الفقر، وللأسف يدفع خيرة شبابنا إلى تبني خيار الهجرة نحو "مراعٍ" أكثر خضاراً!

فلنستيقظ قبل فوات الأوان ولنتنشق رائحة النفايات!
 
 * رئيسة حزب "الديمقراطيون الأحرار"

الارهاب والوطن/ عبدالواحد محمد

كم  مرت بالوطن العربي محن عبر عقود طويلة  جعلتنا جميعا بين مؤيد ومعارض واليوم اختلفت الصورة بعدما ساد الوطن العربي من المحيط إلي الخليج موجة عارمة من الارهاب الذي لا وطن له غير دماء الابرياء  غير احداث الفوضي باسم هلامي السلمية والديمقراطية  لا بأسم حقوق إنسانية  ؟!
وشهد العالم علي مرمي ومسمع ما حدث يوم الأثنين  29 يونيو  الشهر الماضي من اعتداء آثم راح ضحيته المستشار هشام بركات النائب العام المصري  في حادثة مروعة هزت الضمير المصري والعربي  مسلطة الضوء علي ما يصنعه الارهاب من قتل ودمار حتي تغيب يد العدالة الطولي في ملاحقة متطرفي الفكر لكن الله لهم بالمرصاد في ظل تلاحم شعبي وحكومي من أجل  عودة الاستقرار إلي كل مؤسسات الوطن العربي التي دفعت ثمن ماعرف بالثورات الربيعية التي جاءت من رحم عملاء الوطن في الداخل والخارج لكي يسقطون هيبة رموز اوطاننا  بتلك الحجج الواهية والمكشوفة والتي تعد جزء من مخطط كبيرلتقسيم الشرق الأوسط !
نعم توجد اخطاء تحتاج إلي تصحيح داخل أوطاننا بأحتواء الشباب العربي والعمل علي  حل مشكلاته والوقوف الإيجابي علي كثير من قضاياه وعلي رأسها البطالة  لكي يكون سندا للوطن بدلا من تركه فريسه للتطرف والارهاب الذي نراه شاخصا في عالمنا العربي اليوم داعش في العراق وسوريا  وسيناء وليبيا واليمن وغيرهما من عواصم الوطن تعبث بمقدرات الوطن في صياح مسموع وذلك بأستقطاب الشاب واللعب علي وترالعقيدة التي هي بريئة من هؤلاء الخونة الذين جاءوا من رحم الصهيونية العالمية لا  الإسلام  الذي هو  في جوهره السلم والسلام التسامح والبناء !
كما فزعنا جميعا بما شاهدناه مؤخرا في الكويت بسقوط عشرات القتلي في مسجد الصادق أثناء صلاة الجمعة في 26 يونية الماضي  ثم توالت الاحداث الارهابية في تونس باستهداف السياح الاجانب كما شهدنا ماحدث في الجزائر من استهداف 11 جندي جزائري  راحوا ضحية الارهاب الاسود ومن قبلها  مظاهرات غرداية  الجزائرية لاحداث فتنة من اجل بث الفوضي   في كل عواصمنا العربية التي يحاولون زرعها بالشوك والصبار ؟
  من أجل وقف عجلة البناء في الوطن بل اصبحت الورقة الاكثر ترويجا اليوم ( الطائفية ) هذا سني وذاك شيعي من أجل اشعال المنطقة بلغة لا تقرها مذاهب وأديان !
ربما هي الورقة التي تعلب عليها امريكا  اليوم وغدا في مستقبل شرق اوسطي جديد الا إذا توحدث كل عواصمنا اوطاننا في لغة واحدة اسمها  قدسية وطن !
نحتاج إلي ثورة تصحيح من أجل استعادة الشباب العربي في لحمة وطن من أجل القضاء علي الارهاب والتطرف بمد جسور من التواصل الذي فيه لغة العلم هي السائدة والاقوي وذلك بتحديث مناهجنا العلمية في المدارس والجامعات وارساء دعائم للعدالة الاجتماعية التي يشعر بها كل شاب ومواطن عربي فلا تعرف الواسطة طريقها إلي مؤسسات الوطن ولا  الإبقاء علي الفساد المتراكم من عقود طويلة  مهما كانت مواجهته وتحدياته  لأنه هو ايضا أحد الاسباب الجوهرية التي تصنع أرهابا وتطرفا ندفع جميعا ثمنه  في الفية ثالثة  غير كل الالفيات السابقة والتي  تحملنا إلي عالم اسمه تقسيم المنطقة كما قسمت من قبل بموجب وعد بلفور في مطلع عام 1928 م من القرن العشريني !
لابد من مواجة الارهاب والتطرف بكل آليات الفكر البناء الذي يحمي العقل العربي من الانحراف  من السقوط في عالم هو استعماري بامتياز !
 فثورة التصحيح القادمة لابد أن تؤمن بدور الشباب في المشاركة في بناء الوطن عبر كل مؤسساته  العلمية والتعليمية والأمنية والقضائية  والثقافية  والاقتصادية والعقائدية  الخ لكي نفسد علي اعداءنا مخططاتهم  بلغة العقل التي هي لغة الفكر لغة أجدادنا الذين سادوا العالم شرقا وغربا عبر حضارة إسلامية عريقة  جاءت من رحم الوسطية والإبداع ؟!
كما لابد من مواكبة الإعلام العربي لقضايا العصر فلا ينعزل عنها داخل استديوهات مغلقة ويبدو صوت الكتروني بلا قلب إنساني !
نحتاج اعلام الحقيقة اعلام يحث الشباب علي الإنتماء للوطن والعمل بعاطفة وعقل يؤمن أن القادم أفضل أن المستقبل أفضل ؟!
بقلم 
عبدالواحد محمد 
كاتب   واعلامي وروائي عربي 
abdelwahedmohaned@yahoo.com

ترحل الأيام/ محمد محمد علي جنيدي


ترحل الأيام عني
أقتفي الشيب كأني
بلبلٌ بعد الربيعِ
قد شدا لحن التمني
ترحل الأيام فينا
كم تركناها سنينا
وارتشفنا ذكرياتٍ
علّها تروي الحنينا
يا بساط الليل تاهت
بعض أحلامي فذابت
لم يزل بعضٌ لليلي
إن سهرناه تدانت
سائلٌ أيام عمري
يا تُرى هل شاب زهري
سوف تبقيني الليالي
ساهراً إن لاح بدري
 – مصر
m_mohamed_genedy@yahoo.com

مصيبة بشّار بن بُرد الشاعر/ د.عدنان الظاهر


كنتُ أتصوّرُ أنَّ المرحوم الدكتور طه حُسين الأديب الناقد والباحث والمؤرّخ هو الشخص الوحيد الحاقد على الشاعر الكفيف بشّار بن بُردْ والكاره له وقد رأيناه وعرفه الجميع متحاملاً كذلك على شاعر عراقي آخر هو المتنبي. كتب عن المتنبي كتاباً معروفاً بعنوان " مع المتنبي " لكنه لم يكتب عن الشاعر الآخر كتاباً خاصاً إنما كتب عنه مقالة أو أكثر ضمّنها كتابه الموسوم " من تأريخ الأدب العربي ، المجلد الثاني (1).
كما عرفته في أمور نقد الشعر والشعراء بشكل عام، يقول رأياً ثم يعود فيذكر نقيضه ويبقى كذلك يراوح ويتراوح بين رأيين مختلفين جدّاً. وجدت ذلك في مواقفه من الشاعر العراقي الكوفي أبي الطيّب المتنبي كما أراه اليوم في إنطباعاته النقدية عن الشاعر البصري العراقي بشّار بن بُردْ. ولكي لا أظلم الرجلَ طه حسين ولا أظلم نفسي أنقل مقتطفات مما قال في كتابه آنف الذِكْر عن بشّار بن بُردْ :
( وإنما عرفنا من أمر بشار أكثر مما عرفنا من أمر والبة لأنه كان من الشعراء الممتازين حقاً، ولأنه استطاع أنْ يفرض نفسه على الجيل الذي عاش فيه واستطاع أنْ يفرض نفسه لا لنبوغه في الشعر فحسب، بل لأنه كان فرداً شاذاً بكل ما في الشذوذ من معنى : شاذاً من ناحية حياته المادية، شاذاً من ناحية شكله الجسمي، وشاذاً من ناحية فنه وحياته العقلية. .... فبشار ولد مكفوفاً وكان شديد الذكاء جداً / الصفحة 81 من المصدر السابق ).
( ... إلى جانب هذا الشذوذ في حياته العقلية والسياسية والدينية كان بشار شاذاً في شخصه المادي فكان ضخم الجثة إلى حد فاحش، وكان الذين يرونه يشبهونه بالجاموس، وكان قبيحاً جهماً غليظ الوجه، وهذا الجسم الضخم الهائل الذي كان يشبه الجاموس، وهذا العقل الثائر وهذه الحرية المتمردة قد أطلق لنفسه الحرية في إرضاء غرائزه وفي إرضاء غرائزه في غير تحفظ ولا احتياط وفي غير تأنق / الصفحة 83 ).
( ... كذلك أصابَ اللهُ بشّاراً بهذه الآفة فسلبه البصر وكان إلى ذلك نابغة في الشعر يكادُ ينعدمُ نظيره في قوة الذكاء وحدّة الذهن ولكنه أساءَ استعمال آفته، كما أساءَ الإنتفاع بذكائه وحدّة ذهنه فأصبح بغيضاً إلى الناس مُذمّماً منهم ثقيلاً عليهم حتى روى الرواة أنَّ عامة أهل البصرة ابتهجوا لموته واستبشروا به، كأنَّ الله قد أزاح عنهم ضُرّاً / الصفحة 86).
قد يبدو عميد الأدب العربي مُنصفاً متزّناً وموضوعياً في كلامه هذا عن الشاعر بشّار بن بُرد لكنَّ المؤاخذات عليه يمكن إجمالها بما يلي :
1ـ إغفاله لذكر المصادر التي اعتمدها في نقل هذه الأقول والمقتبسات ... فسبيله الذي رأينا سبيل بسيط ساذج من قبيل : قيل ... وقالوا ... وسمعنا ... روى الرواة ( لم يقلْ مّنْ هم هؤلاء الرواة ؟ ) لذا لا يمكن الثقة بمثل هذه الأقوال لأنها ضعيفة وغير موثّقة.
2ـ تركيزه على الجوانب الخَلْقية والخُلُقية السلبية في الشاعر مع إشادته بنبوغه الشعري  وذكائه وحدّة ذهنه فهل يعيب الرجل أنْ يكون ضخم الجثة حتى يلمزه رجل مثل طه حسين ويُشببه بالجاموس ؟ أهذا من دأب ومن خلق وشيمة العلماء الباحثين ؟ إنه شاعر وليس راقصاً أو مغنيّاً ولا عارض أزياء يا سيّدنا طه حسين. ثم إنك مثله فاقد لنعمة البصر لكنَّ عماك لم يحلْ دون أخذك العلم في جامعات باريس وحصولك على أعلى الشهادات ثم قيامك بالتدريس في الجامعات المصرية لعقود من السنين قبل أنْ تستوزر لوزارة المعارف في مصر.
ما كان الشاعر إلاّ مرآة حيّة ناطقة عكست مزاج وطبيعة عصره ولم يخلق شيئاً من عنده .. فإذا جهر بالزندقة وعبادة النار وتفضيل هذه على الطين وإذا لاطَ وزنى فإنما كان يمارس ما كان يمارسه غيره سواء في زمانه أو في الأزمنة التي سبقته والمرء ابن زمانه. المجوسية والمانوية والزنى وإتيان الشهوة من الذكران ( اللواط ) كلها كانت أموراً مألوفة وشائعة في جزيرة العرب قبل الإسلام واستمرت وإنْ ضَعفت حتى يومنا هذا يا طه حسين وقد ذكرها القرآن ( عدا المانوية ) في أكثر من موقع وسورة كما يعلم الجميع. هل أذكّرك سيّدي طه حسين، وقد درستً في باريس، أنَّ الشاعر الفرنسي بول فاليري كان رجلاً لوطياً وكان عاشقاً للشاعر الآخر الشاب رامبو ؟ هل أسقط النقّاد هذين الشاعرين وهل نبزوهما ولمزوهما وشهّروا بهما وعيّروهما بما كانا فيه ؟ لا أعرف مقدار حظ طه حسين من الشعر والشعراء الفرنسيين وهل كان جيّد الإطلاع عليهما ؟
المهم ... موضوعنا بشّار بن برد.
سوف لن أغوص عميقاً فيما قال طه حسين في شعر وشاعرية إبن برد، ولي في هذا الشأن رأي نشرته قبل سنين حينما تعرّضتُ لمواقف هذا الرجل من أبي الطيب المتنبي وأبي العلاء المِعرّي خلاصته أنه غير متمكن بل وضعيف جداً فيما يخص تحليل ونقد الشعر رغم نبوغه في الأدب عامة وتأريخ الأدب خاصةً. لذا لم أُدهش من ذكره لبعض شعر بشار وإعجابه الكبير وإشادته المُفرطة به كأنه لا يدري أنَّ هذه الأشعار بالذات لا يمكن وضعها إلاّ في مستويات متوسطة أو حتى دون المتوسطة من حيث الجودة وقوة الشاعرية. هذا شأنٌ آخر له مكانه الخاص وزمانه الخاص ومقامه الخاص.
الآن ... ما هو ( ربّاط الكلام أو ربّاط الحجي ) ؟ سؤال في محله وسأوفيه الكثير من حقه.
ربّاط ومثير الكلام هذا ما قرأت أخيراً في كتاب البيان والتبيين للجاحظ (2) من أخبار تخص صاحبنا الشاعر بشّار بن بُرد، الجاموسة الزنديق عابد النار المجوسي ! لقد فوجئتُ، نعم، فوجئتُ، أنَّ شعراء معاصرين لبشار بن بُرد كانوا قد حملوا عليه وأساءوا إليه وعيّروه بعاهته التي أُبتليَ بها منذ ولادته ثم عرّجوا فذكروا اخوته لأمّه بكلام غير لائق. يقول البيان والتبيين إنَّ بشّاراً كان موالياً وربما صديقاً للمعتزلي المعروف واصل بن عطاء لكنه انقلب عليه وتركه وهجاه بشعره. نقرأ ما كتب الجاحظ في البيان والتبيين 
( وكان بشار كثير المديح لواصل بن عطاء قبل أنْ يدين بشّار بالرجعة ويكفّر جميع الأمّة ... الصفحة 36 ....)
( فلما انقلب عليهم بشّار  ومقاتله لهم بادية هجوه ونفوه، فما زال غائباً حتى مات عمرو بن عبيد وقال صفوان الأنصاري يدافع عن واصل بن عطاء ويُكبرُ قدره :
متى كان غزّالٌ له يا ابنَ حوشبٍ
غُلامٌ كعَمْروٍ أو كعيسى بنِ حاضرِ
ولما قام بشار بعُذر إبليس في أنَّ النارَ خيرٌ من الأرض وذكر واصلاً بما ذكر قال صفوان :
زعمتَ بأنَّ النارَ أكرمُ عُنصراً
وفي الأرض تحيا بالحجارةِ والزندِ

وتُخلقُ في أرحامها وأرومها
أعاجيبُ لا تُحصى بخطٍّ ولا عقدِ

وفي القعرِ من لُجِّ البحارِ منافعٌ
من اللؤلؤِ المكنونِ والعنبرِالوردِ

وفي قُلل الأجبالِ خلفَ مُقطّمٍ
زَبْرجدُ أملاكُ الورى ساعةَ الحشدِ

وفي الحَرّةِ الرجلاءِ تُلقى معادنٌ
لهنَّ مغاراتٌ تبجّسُ بالنقدِ

من الذهبِ الإبريزِ والفضةِ التي
تروقُ وتُصبي ذا القناعةِ والزُهدِ

وكلُّ فِلزٍّ من نَحاسٍ وآنكٍ
ومن زئبقٍ حيٍّ ونُوشاذرٍ سِندي

وفيها زرانيخٌ ومَكْرٌ ومَرتَكٌ
ومن مَرقَشيثاغيرِ كابٍ ولا مَكدي

وفيها ضروبُ القارِ والشبِّ والمها
وأصنافُ كبريتٍ مُطاولةُ الوّقدِ

ومن إثمدٍ جَونٍ وكِلسٍ وفِضّةٍ 
ومن توتياءٍ في معادنهِ هندي

وكلُّ يواقيتُ الأنامِ وحَليها
من الأرضِ والأحجارِ فاخرةِ المجدِ

وبعد هذا العرض الكيميائي الفاخر والنادر يتعرض الشاعر لبشار بن بُرد الأعمى المسكين المغلوب على أمره فيؤذيه بذكر عاهته الطبيعية وما أصاب أخويه لأمّه من عيوب خَلْقية فيقول في نفس هذه القصيدة :

فيا ابنَ حليفِ الطينِ واللومِ والمعى
وأبعدَ خلقِ اللهِ من طُرُقِ الرُشدِ

أتهجو أبا بكرٍ وتخلعُ بعدهُ
عليّاً وتعزو كلَّ ذاكَ إلى بُردِ

رجعتَ إلى الأمصارِ من بعدِ واصلٍ
وكنتَ شريداً في التهائمِ والنُجدِ

أتجعلُ ليلى الناعظيّةَ نِحلةً
وكلَّ عريقٍ في التناسخِ والردِّ

تواثّبَ أقماراً وأنتَ مُشوّهٌ
وأقربُ خلقِ اللهِ إلى القردِ

لقد ولدتْ أمُّ الأُكيمهِ أعرجاً
وآخرَ مقطوعَ القفا ناقصَ العَضدِ

وَلَدتِ خُلداً وذيخاً في تشتّمهِ
وبعدُ خُزَراً يشّتدُ في الصُعُدِ

ثلاثةٌ من ثلاثٍ فُرّقوا فٍرقاً
فاعرفْ بذلكَ عِرقَ الخالِ في الولدِ
( الخُلد ضربٌ من الجرذان يولدُ أعمى والذيخ ذَكَر الضباع وهو أعرج، والخُزَر ذَكر الأرانب وهو قصير اليدين لا يلحقه كلبٌ في الصُعُد / الصفحة 41 ). 
هذا بعض ما قال الشاعر صفوان الأنصاري قبل طه حسين بقرون وقرون في شاعرنا بشّار بن بُرد. وفيما يخص البيت الأخير نجد الشرح التالي : وكانوا ثلاثة مختلفي الآباء والأم واحدة وكلهم وُلِدَ زمناً ولذلك قال بعضُ مَنْ يهجوهُ :
إذا دعاهُ الخالُ أقعى ونَكَصْ
وهُجنةُ الإقرافِ فيهِ بالحِصصْ
( الإقراف : الهجنة من قبل الأب، عنيَ أنه لئيم الأم والأب / شرح في حاشية الصفحة 41 ).
كان هذا نصيب الشاعر بشّار بن بُرْدْ من بعض معاصريه وعارفيه وشائنيه وقد هاجموه بشراسة لأنه انقلب على صاحبه السابق المعتزلي المعروف واصل بن عطاء وعيّره ونبزه فما بال أستاذنا وعميد الأدب العربي وهو مبتلى بذات العاهة التي أُبتلي بها بشار وما أسباب تحامله عليه وهو رجل أكاديمي وموسوعي ومتمكن جداً من لغته وأساليبه في التحليل والتفسير ؟ 
إنها بالفعل مصيبة بل مصيبتان ولعنتان أحاقتا بهذا الشاعر إبن بُرد إحداهما عراقية بصراوية قديمة والأخرى مصرية قاهرية بنت القرن العشرين فمن يُنصف المظلوم ومن يأخذ بثأره ... مَنْ ؟
الهوامش :
1ـ طه حسين / من تاريخ الأدب العربي المجلد الثاني، الطبعة الرابعة، دار العلم للملايين، بيروت، لبنان . العصر العبّاسي الأول ( القرن الثاني ) الصفحات 85 ـ 107 
2ـ البيان والتبييّن تأليف أبي عثمان عمرو بن بحر الجاحظ، الطبعة الأولى، القاهرة، مكتبة إبن سينا للنشر والتوزيع. الجزء الأول الصفحات 37 ـ 41 .

عيحا/ محمود شباط

كل قرية من قرى لبنان هي قريتي، ولكن انطلاقاً من مبدأ "كلما قربت كلما حرقت" أهدي هذه الأبيات إلى قريتي عَـيْحَـا (عَـيْـنُ الحَياة). إلى أحبِّ بقاع الأرضِ إلى قلبي : 
عَـيْـنُ الـحـَـيَـاةِ وعَـــيْــنُ الـجُـودِ لا تَـسَـلِــي
بــتِّ لأهْـلِــكِ صِـنْــوَ الــغِــمْــدِ لـلأسَــــــلِ
مَــهْــدُ الـطّـفُــولــةِ طــيّ الـرّوحِ مــا بَــقِــيَ
صَـخْـرُ "الـرُّويْـسِ" ملاذَ الـطّـيـرِ مِـنْ وَجَـلِ
ما حَـالُ سَـهْـلِــي و "بِـئْـرُ الشّرقِ" و"العَدَسَهْ"
كَـيْـفَ "الـحُـرُوفُ" وكَــيْــفَ مَـوسِـمُ الـحَـجَـلِ
و"وادي الـمَـغَـائِــرُ" و "الـمِـزْرَابُ" مـا فَـــتِـــئـا
ذِكــرىً تَـجُــوبُ بَــــيــنَ الـــقَــلْـــبِ والــــمُــقَـــــلِ
عَـــيْـحَـا فَـدَيْــتُــكِ مــا أسْـنـــاكِ غَـــافِـــيَـــــةً
نِــعْـمَ الـوِسَـادَةِ مَــــا تَــلـقَــيْــنَ فِــــي الــجَــبَـــلِ . 
شروحات للكلمات الموضوعة بين مزدوجين :
الرُّويْس : تلة صخرية جنوب القرية
بئر الشرق والعدسه : مصدرا المياه الرئيسيان لغاية عام 1964
الـحُروف : جبل يقع شرق القرية
وادي المغائر والمزراب : واديان يقعان شمال القرية.


مجرد سؤال/ سركيس كرم

(المشاغب)
عزيزي القلم..تمهّل ... يكفيك مشاغبات..
*****
(جورج الريف)
نظرات المتفرجين الجبناء الكثر توازي بفقدان حسها الانساني وبإنعدام نخوتها وحشية طعنات المجرم طارق اليتيم..
*****
(مؤهلات)
مجرد سؤال برسم المعنيين: ماذا ينقص هؤلاء الاساتذة بالنضال والسياسة والعمل الوطني والتشريعي من مؤهلات لكي يتم طرح أسماءهم وحثهم بالتالي على دخول حلبة المنافسة على رئاسة التيار الوطني الحر:   ابراهيم كنعان، نبيل نقولا، زياد أسود، سيمون أبي رميا ....!!!
*****
(النقد)
كم هي واهنة تلك المؤسسات التي لا تتقبل النقد..! ألا يدرك القيمون عليها أنه وبإصرارهم على رفض سماع الرأي الآخر مهما كان موضوعيا يتعامون عن الأخطاء الفادحة التي يرتكبونها بتواتر مقلق والتي ستؤدي بهم وبمؤسساتهم الى ما لا نتمناه..!
*****
(كلامكم أوسمة)
كتب الاستاذ الياس الشدياق:  "ينساب حبر قلمك على ورقة خرساء فيجعلها تحمل المعرفة لطلاب الحقيقة.. " 
*****
(الأدب من دون أدب..خسارة)
وحسبنا بأنه على الكاتب ان يجسّد في شخصيته وتصرفاته ما "يبشّر" به ويرفع لواءه، وإلا فقدت الكلمات معناها مهما كانت جميلة.. فالسلاح الفكري الأمضى في ميادين الكلمة يكون أكثر فعالية بصلابة الثبات وصفاء الصراحة، وهو كذلك وقبل كل شيء في الشفافية التي لا يطالها غبار تهجمات قلة من بائعي الكلام. كذلك لا تتأكد الإستمرارية الأدبية إلا عبر السعي الدؤوب الى تطوير الذات والقدرات والإصرارعلى تحمل مسؤولية ما يكتب ويتم نشره  من دون الأختباء وراء أحد هرباً من المسؤولية..
*****
(الأشرار والأخيار)
كنا نضحّي ليل نهار
كرامة تا نبقى أحرار
رفضنا ظلم الوصاية
وواجهنا كل "الأشرار"
---؛---
اليوم إنقلبت اﻵية
وما بقى فينا نختار
تا صرنا بالنهاية
ننطر توريث "اﻷخيار"
**

حركة أسيرة أم حركات؟/ جواد بولس

الآن، وقد تحرر الأسير خضر عدنان وعاد إلى من أحب وما اشتهى، أستطيع أن أتناول ما حرصت أن لا أقترب منه حينما كان بحاجة إلى كل وشوشة طير تنسيه جوعًا مستوطنًا ونجمة تؤنسه في ليله الرمادي، كي يصمد ويكمل مشواره الذي يحاول كثيرون أن يسبروا كنهه ويتحققوا مما أشغلهم فيه: من أين يستمد خضر مصادر قوّته وذاك الإصرار الخارق على مناوشة الموت؟ كثيرون التجأوا، كما فعل أجدادنا القدماء، حينما عجزوا عن استيعاب فعل أو تفسير ظاهرة، إلى سحر الأساطير ونحت شخصية البطل فوق الطبيعي، فصار خضر، في حكايات العطش، بطلًا، وأسطورةً في لغة عافت خنوع أسيادها وجهلهم، واشتاقت إلى فوارسها وفراديسها وإلى من يعيد الخضرة إلى ضادها.  
اليوم، سأكتب عن خضر كي ألامس ما عرّاه، حين أقسم مجددًا: إمّا الحرية مجللة بالعزة والكرامة وإمّا الممات بشرف. فنحن، بالعادة، نسّاؤون في ساعات الولادة والفرح، نطرب على صرخة الوليد الأولى وهو يحيّي فيها هذه الدنيا مبديًا استعداده لمسيرة العودة، ونهمل ما سبقها من وجع وما سيلحق من هم وجزع.
فرادة خضر، بكونه مختلفًا عمّن هم في منزلته، وعمّن يعيشون مثله مسلوبي الحرية وراء جدران القهر، ويتكبّدون ما يمارسه السجّان الإسرائيلي من صنوف القهر والقمع والتحكّم. إنّه شجاع بالفعل، والشجاعة كانت دومًا شرطًا من شروط الحرية. لم يكن يومًا مقامرًا عابثًا، بل كان واضحًا، مستعدًا، يعرف أن النجاح مهمّ ولكن الأهم منه التعلم من الفشل، "فاعقل وتوكل"، كانت وصية على دروب الحرية، وناقوس قائد يمشي بهدي العقل أولًا ويليه ما يهوى القلب ويختار. 
لقد كانت التجربة التي خاضها خضر في العام ٢٠١٢ فرصةً ذهبية، كان الأولى بالحركة الأسيرة أن تستخلص منها بعض العبر والدروس وتستثمرها في نضالاتها من أجل تحسين ظروف الأسرى في المعتقلات الإسرائيلية بشكل عام، والأهم تشبيكها في مسألة الاعتقال الإداري الذي دفع بها إضراب خضر، وما رافقه من تداعيات، إلى صدارة الاهتمام، على المستويين المحلي والدولي.
بعد خمسة وستين يومًا، وحين كان يرقد، بين حياة وموت، على فراشه في مستشفى صفد، وافقت النيابة العامة الإسرائيلية، في حينه، على حلّ مقبول عليه، فأوقف إضرابه وحُرّر، بعد ذلك، إلى بيته. تقادمت تلك الأحداث ومضت دون أن تترك لها أثرًا ذا معنى في صفوف الأسرى، بينما بقي رذاذ عطرها، يعبق في بعض زوايا الوطن الجانبية، ولا يحسن استنشاقه إلا أصحاب الأنوف السليمة غير المصابة بداء الفصائلية أو الاستنشان القاتل.
لقد ترك خضر وراءه حركة أسيرة غير موحّدة، ترزح تحت أعباء خلافات تنظيمية داخلية، وتدفع ثمن اتساع شقوق شروخها الفصائلية، حتى وصلت الأوضاع فيها إلى المطالبة بفرز الأسرى حسب تنظيماتهم وفصلهم كليًا وإبعادهم من سجن إلى آخر لضمان جودة الأنواع ونقائها! وفعلًا "استجابت" إدارة مصلحة السجون الإسرائيلية  لرغبات من طلب ذلك "الفصل العرقي"، وحصل كل تنظيم على حيّزه المستقل، مما أتاح لهؤلاء المسؤولين ما لم يحلموا به من فرص للتغلغل في ثنايا الضغائن المتنامية وزرعها بالألغام والأسافين، فضعف عامود الحركة الفقري وضربت وحدتها وتلاحمها. 
فمنذ بدء الاحتلال الإسرائيلي نجح الفلسطينيون ببناء جسم للحركة الوطنية الأسيرة، والتي شكلت ردًا حاسمًا لقمع الاحتلال، وقدّمت للعالم حالة إنسانية متفوقة على موبقات السجون وقمع السجانين، ومن خلال التضحيات الجسام ووضوح الرؤية الوطنية وضعت الحركة سفرًا مشرّفًا من المواقف والقيم التي أجبرت، حتى أعتى أعدائها، على احترام أفرادها وما راكموه من تجربة لافتة في تاريخ نضالات الشعوب ضد قامعيها. هذا إضافة لما شكّلته الحركة الأسيرة، طيلة تلك العقود، من كواسر أمواج وحصون متقدمة حمت، عند أكثر من كبوة، قوام الوحدة الفلسطينية الوطنية.
ومرّت ثلاثة أعوام وقرر خضر، بعد اعتقاله إداريًا مرة أخرى، أن يخوض معركته الثانية، معلنًا إضرابه عن الطعام ومقسمًا، إما الحرية وإما الحرية. ومضت الأيام وتقهقرت صحته بشكل مقلق وخطير، ولكن، بخلاف ما استجلبه إضرابه الأول، لم نلمس، هذه المرة، ذلك الزخم من الإسناد والمناصرة؛ فلقد غاب صوت الشارع الفلسطيني الموحد، ومثله صمتت المؤسسات، إلا ما صدر من بحة خجلى هنا ومترددة هناك، بينما لم تحرك أغلبية الأسرى ساكنًا، وكأن خطوة الخضر، هذه المرة، لا تعني الوطن ولا الوطنيين، فهي محسوبة كخطوة فردية، له ولتنظيمه ريعها إن كسبت، وعبء الخسارة، بالمقابل عليهما. 
كانت الصورة قاتمة وكان خضر يستشعر ذلك الاختلاف، وفي لحظة صدق مع نفسه، بدأ يستعيد قواعد اللعبة الصحيحة، ويخاطب أحرار العالم ومن باسم الحرية يحيا ويشقى، فبدأ نبض الشارع يستجيب ويخفق، وعيون العالم تدمع وتبرق. 
وأمّا الحركة فبقيت أسيرة في مواقعها وتمارس عاداتها وطقوسها الجديدة، حتى انني لمست أحيانًا أن البعض كان يأمل أن لا يكون خضر، كما تتحدث عنه الاخبار، ذاك المناضل العنيد، وعندما كنت أضعهم أمام حقيقة ما يجري وموقفه، كانت الخيبة تتساقط من وجوههم. آلمني ما سمعته وأحزنني ما شاهدته، ومع أنني أعي أن المسؤولية الكبرى تبقى عند قادة الفصائل وهيئاتها الأساسية خارج السجون، لكننا لن نعفي الحركة الأسيرة مما وصلت إليه، وإذا لم تستفق قياداتها الوطنية الواعية، ستتمكن قبضات السجانين من رقابها، كما تتمكن فكوك الأسود من رقاب فرائسها.
ومرّةً أخرى تنتصر الارادة. 
وأمطرتنا الأقلام والمواقع بقصصها عن ذاك البطل الخيالي! والأسطورة الحية!، وكنت أقرأ وأشاهد وأسمع، وأخشى عليه ممن كانوا يحرسون بوله ويقصفون حلمه وما زالوا كالتماسيح يتحيّنون غلطة وفرصة، وأخشى عليه من أخوة له، إختلطت عليهم الأمور، وحسبوا أن قضبان السجون عصي تؤمّن لهم سلطة وسلطانًا ونسوا أنهم أسرى لأوهام وضحايا لعجز، وأخشى عليه من حب "القبائل" وعناقها الذي يكون في كثير من الأحيان كعناق الدببة خانقًا، وأخشى عليه، كذلك، من نفسه، فلا تصدّق يا خضر، أنك أسطورة، ولا تقبل أن تكون بطلا في إحداها، فلطالما بقيت كعاب الأبطال عارية وعرضةً، كما علمتنا الأسطورة، لإصابة سهام الحقد المسمومة.
معطيات كثيرة تغيّرت بين التجربتين، في فلسطين وفي ساحة خضر وملعبه، فلقد احتضنه العالم مكافحًا باسم الحرية الانسانية وكرامتها، وليس كجندي في صفوف هذا التنظيم أو ذاك، وكاد أن يدفع هو ثمن عودته إلى حضنه المحلي الضيّق، لولا استعادته، وفي الوقت المناسب، لتوازنه الضروري حين عاد وانطلق، يخاطب، باسم كرامة الانسان الصافية، ميادين العالم الرحبة.
 يستحق الوجع الفلسطيني من يمثله على منصات الشرف العالمية، ففي مسيرة عطاء هذا الشعب كانت هنالك دائمًا رموز للتضحية  والمقاومة النبيلة، وكانوا جميعهم قيمًا  و قامات أكبر من تنظيم ومن بلد، فهل ستبقى، يا رفيقي، نقيًا كالنبع، عاديًا كالنار، حرًا كالريح، ضعيفًا كالندى؟ وهل سترضى أن تكون إنسانًا، لا أقل ولا أكثر، لتبقى، كمن ساروا على درب العزة هذه، الأقوى والأدوم والأنصر، ونضمن أن يعاقب الخطاة، يومًا، لأن الخطيئة، هكذا وعدت العاصفة، لا تشيخ.. ولا تموت.   

إسرائيل يرق قلبها على غزة وأهلها/ د. مصطفى يوسف اللداوي

ألا يحق لنا أن نتساءل باستغرابٍ شديدٍ عن أسباب الرفق والحنان الذي يبديه العدو الصهيوني فجأة على قطاع غزة وسكانه، وهو العدو الغاشم، والمحتل الظالم، والمعتدي السافر، الذي يحاصر قطاع غزة منذ سنواتٍ، ويقتل أبناءه ويعتقلهم على الدوام، ولا تأخذه به شفقةٌ ولا رحمة، ولا يرقب فيه إلاً ولا ذمة، وهو الذي شن عليه عدواناً همجياً في مثل هذه الأيام من العام الماضي، دمر فيه مرافقه وخرب بنيانه، وقتل الآلاف من سكانه، وضيق عليه وعلى أهله، وحرمهم من كل سبل العيش الإنساني الكريم، بعد أن سوى بيوتهم بالأرض، وشتتهم في جنبات القطاع الضيقة في العراء دون مأوى وسكن، تحت الشمس حيناً وفي ظل البرد والمطر أحياناً. 
اليوم يعلن ضباطٌ كبار في جيش العدو عن رغبتهم في رفع الحصار عن قطاع غزة، وفتح المعابر التجارية، وتشغيلها بأقصى طاقاتها، وتوسيعها لتتمكن من استيعاب أعدادٍ كبيرة من الشاحنات، والسماح بإدخال الإسمنت والحديد ومختلف مستلزمات البناء، لإعادة إعمار القطاع وما تهدم من بنيانه ومساكنه، وتحسين ظروفه، والنهوض به اقتصادياً واجتماعياً، ليتجاوز أزماته، ويخرج من ضائقته.
فضلاً عن فتح معبر إيريز، والسماح لآلاف الفلسطينيين بالعبور منه سفراً إلى الأردن، ومنه إلى أي مكانٍ آخر، أو الموافقة على سفر الطلاب من مطار اللد "بن غوريون"، والسماح للعمالة الفلسطينية من قطاع غزة بالعمل مجدداً في البلدات الإسرائيلية، خاصة في بلدات الغلاف الحدودية، بالإضافة إلى السماح لأبناء القطاع بزيارة القدس والعلاج في مستشفياتها، والصلاة في المسجد الأقصى المبارك، في الوقت الذي تطالب الحكومة الإسرائيلية القيادة المصرية بضرورة فتح معبر رفح الحدودي، ورفع الحصار المصري المفروض على القطاع، وزيادة أعداد المسافرين عبر الأراضي المصرية وتسهيل إجراءات سفرهم.
الحكومة الإسرائيلية لم تعد تتحدث عن إدارة الحصار، وتنظيم عملية إدخال مواد البناء ومراقبتها، وضمان عدم استخدامها في غير إعادة بناء البيوت المدمرة، تحت رقابة ورعاية منظمة الأونروا والمنظمات الدولية الأخرى، لتتأكد من عدم استخدام الإسمنت والحديد في إعادة بناء الأنفاق المدمرة، أو بناء أخرى جديدة، وهي التي تخاف الأنفاق وترى أنها تهدد أمنها، وترعب سكانها، وهي التي كانت تتخذها حجة وذريعة لتشديد الحصار، وتأخير الإعمار.
غابت لدى المسؤولين الإسرائيليين سياسة التضييق والتشديد، ومفردات العقاب والمحاسبة، وحلت مكانها كلمات رقيقة وأخرى حانية، تنظر بعين الرحمة والعطف إلى سكان قطاع غزة، وترى أن من حقهم أن يعيشوا حياةً كريمة، لا يعانون فيها ولا يشكون، ولا يقاسون ولا يعذبون، وتطالب المجتمع الدولي بأن يقف إلى جانبها في محاولة التخفيف من معاناة سكان القطاع، والمساهمة بقدراتها المالية والسياسية في إنقاذ غزة من مصيرها الآيل للسقوط، ومستقبلها المنذر بحربٍ جديدة.
بل إن هناك أصواتٌ إسرائيلية عسكرية وأمنية وأخرى سياسية تعارض سياسة حجز عوائد الضرائب الفلسطينية، وترفض أن يستخدمها رئيس حكومتهم في الضغط على السلطة الفلسطينية في رام الله، وتطالب الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي بضرورة أن يكون لهم دوراً أكبر في محاولة النهوض بأوضاع الفلسطينيين الاقتصادية والمعيشية.
ألا يحق لنا أن نتساءل باستغراب، عن أسباب تغير نبرة خطابهم، وعلو صوتهم، التي تشي ببعض الرحمة والشفقة، هل أن العدو الصهيوني قد استيقظ ضميره، وأدرك خطأه، وعزم على إصلاح ما أفسده، وتعويض ما دمره، وأنه فعلاً صادقٌ في مشاعره، ونادمٌ على ما ارتكبه، وعازمٌ على أن يغير من سياسته، وأن يبدل من إجراءاته، معتقداً أنه أخطأ في السنوات الماضية، وأساء في سياساته العدوانية التي صنعت الحصار، وتسببت في المعاناة، وخلقت أجواءً مناسبة للحروب والمعارك.
هل يشعر الكيان الصهيوني أن وضعه الدولي بات حرجاً، وأن دول أوروبا الغربية والولايات المتحدة الأمريكية باتوا يضيقون عليه، وأن حملات الحصار الدولية ضدهم بدأت في التوسع والازدياد، وهي تعود بالضرر على على مواطنيهم، وتلحق أذىً كبيراً باقتصادهم، وأن هناك متغيرات في السياسة الدولية، وفي الأوساط الحاضنة والراعية تاريخياً للكيان.
أم أن الحكومة الإسرائيلية قايضت فرنسا على خطتها، وأملت عليها سحب مقترحها لمفاوضاتٍ جديةٍ مع الفلسطينيين، كان من الممكن أن تفضي بسرعةٍ إلى دولةٍ فلسطينية مستقلةٍ رغماً عنها، مما قد يشكل عليها خطراً، ويتسبب لها في أزمةٍ داخلية كبيرة.
أم أن هناك حوارات سرية، ومفاوضات جانبية، ووساطات دولية مع السلطة الفلسطينية وقوى فلسطينية أخرى، تهدف إلى التوصل إلى هدنةٍ طويلةٍ الأمد، تزيد على العشر سنواتٍ، تتوقف فيها طبول الحرب، وتتراجع أسباب التوتر، وينشغل القطاع وسكانه في عملية إعمارٍ واسعة وشاملة، تجعل إمكانية تمديد الهدنة سهلةً وضرورية، وتجعل من عملية التلاعب بها والتفريط بها ضرباً من المقامرة الخاسرة، والجنون الكبير الذي يرتد سلباً ودماراً وخراباً جديداً على القطاع وسكانه، بما لا يحتملونه ولا يقوون عليه، بعد سنواتٍ من البناء والإعمار المنظم، والاقتصاد النامي الواعد.
أم هي صفقةٌ خفيةٌ كبيرة، يشعر الإسرائيليون أنهم بحاجةٍ لها، وأنها تخدمهم على المستوى الاستراتيجي، وأنها في الوقت الذي ستكبل بها الفلسطينيين وتجبرهم على الالتزام بوقف إطلاق النار الشامل والدائم، برعاية وضمان المجتمع الدولي، فإن حكومتهم ستخرج من الحرج الذي أوقعت نفسها فيه مع أوروبا وأمريكا والمجتمع والدولي، وستظهر أمامهم حرصها على الفلسطينيين، واستعدادها للتضحية من أجلهم، وهذا من شأنه أن يحسن صورتهم، ويذهب عنهم الصورة البشعة المقيتة التي رسمتها الحروب والاعتداءات وعملية الحصار القاسية، ويخفف من الأضرار التي لحقت باقتصادهم، والتي من الممكن أن تهدده أكثر.
أم أن هناك أسباباً خفية، ودوافع سرية، تدفع الإسرائيليين إلى تغيير سياستهم، والمباشرة في رفع الحصار عن القطاع، ومنها أنه أدرك أن الحصار لا يؤدي إلى الاستسلام، وأن العقاب لا يقود إلى التأديب، وأن القهر لا يصنع الذل، وأن قوة الاحتلال مهما بلغت فهي ضعف، وأن إرادة الشعب مهما عانت وضحت فهي قوة، وأن انتصارات المقاومة النوعية في غزة كانت في ظل الحصار، وتحت وطأة العقاب، ومع ذلك فقد طورت المقاومة من قدراتها، وزادت من إمكانياتها، وواصلت تدريباتها وعملياتها.

أنوار القلوب/ محمد محمد علي جنيدي


خذْ من حياتِك حكمةً ودليلا
واجعلْ لقلبِك غايةً وسبيلا
الطيرُ يشدو في السماءِ مسبحٌ
سكن الفضاءَ وأحسن التبجيلا
اللهُ قد أهداه قوتَ نهارهِ
وغداً تراه مرددَ الترتيلا
والنحلُ أسكره الرحيقُ ليرتوي
سرَّ الشفاءِ العبقري جميلا
عسلاً طرياً تزدهي ألوانُهُ
كالطيفِ يرسلُ نورَه المأمولا
والنملُ من صنعِ البديعِ فعالمٌ
قد شاء ربُّك أن يكونَ جليلا
أسرابُه السمراءُ تحملُ رزقَها
تسرى كأن برأسِها الإكليلا
ما بالُ أمرِك يا ابنَ آدمِ شاكيا
إن تخشَ فقراً قد تموتُ ذليلا
الفقرُ هجرانُ الكريمِ لشهوةٍ
فتغيبُ أنوارُ القلوبِ طويلا
لا تغفُ عن تقوى الإلهِ لساعةٍ
وابصرْ بربِك واشعل القنديلا
 - مصر
m_mohamed_genedy@yahoo.com

جنة الحب/ عباس علي مراد


الى التي لم تغادرني ابداً
الى النور الذي يغلب الظلام
الى الملهمة ذاتِ السحر العابق بالجمال
الى السكون الذي يأخذني الى دفء النفس
الى الصوت الذي ينادني بهمس القلوب
الى الحبيبة التي اجتاحت القلب
الى التي استوطنت مشاعري
وجعلتني اسيراً خلف اسوار حبها
كيف الخلاص من شباكك؟
بغير المزيد من العشقِ!
فجازني بالعشق عشقا
جازني بالحب حبا
حتى يفنى حبُنا في مجاهل الحلم 
وينجلي الدجى
 وتضاء جنان الروح
وتُفرشُ دربنا بالوان الفرح ووروده
ونُزيل الاحزان
 خذيني ... 
ضميني ...
حتى يشتعلَ قلبينا
فجنة الحب بنارها سلام
هي الرَّوض بحوريتها
وامال القلوب
وبحرالغرام
دعيني اغرق
دعيني اغرق
وارحميني


سدني

بيت خالتي خولة/ محمود شباط

في الحيِّ المقابل لمنزلنا بيتٌ عتيقٌ تُركَ كطفل شريد على قارعة الزمن، مهجور منذ أن ماتت خالتي خولة قبل عشرين سنة، أقامت فيه وحيدة بعد أن التحق الفتيان الأربعة واحد تلو الآخر بأبيهم في البرازيل، آخرهم فواز، رفيق طفولتي.
من على شرفة منزلنا كنت أزور منزل خالتي بالمنظار، رأيته آخر مرة قابعاً بين شجرتي التين واللوز، نسيم خفيف يحرك أذرع الشجرتين فتمسحان عن السطح الترابي غبار الهجر والوحدة. الهشيم يغطي دربه الترابي الواصل بين مدخله وطريق البلدية المصبوب بالخرسانة. وعلى جدرانه الحجرية كتابة جديدة لم أتمكن من قراءتها. 
للحنين أجراسٌ تُـقرعُ بشجى حين تفيض المشاعر بالذكريات الجميلة، تركتُ المنظارَ واتجهتُ نحو منزلٍ طالما لعبتُ مع فواز في برحته الصغيرة وعلى الشجرتين، شقيتُ طريقي وسط الهشيم، لمستُ جبهة خالتي عبر الباب الخشبي المُشقق، أزحتُ الهشيمَ عن حوض ورد صغير مستطيل عمرته المرحومة بحجارة صغيرة، وعلى يسار الباب حوض النعناع، وفي الزاوية قن الدجاجات.
على حجارة الجدار الأمامي كتب أحد الطلاب ربما : " لو كان لبيت خولة أمٌّ لبكت عليه" آخر اقتبس عن طرفة بن العبد: "لخولة أطلال ببرقة ثهمد / تلوح كباقي الوشم في ظاهر اليد".
نظرت عبر شق الشباك إلى داخل غرفة العائلة التي كانت غرفة الضيوف والنوم والطعام، ضوء الشمس الداخل عبر ثغرة منهارة من السقف أتاحت لي نعمة مشاهدة فستان خالتي الأسود الذي كانت ترتديه في الأفراح والأتراح، وكذلك منديلها الأبيض، وخف بلاستيكي ذكرني بقدميها الصغيرتين.
على الحيطان الداخلية الطينية المطلية بالكلس غبار وأتربة والكثير الكثير من بيوت العنكبوت، هناك عَـلّـقت خالتي قميصاً لكل من أبنائها الأربعة الذين سافروا ولم يعودوا حتى بعد أن سافرت هي دون عودة. عرفتُ من بينها قميصاً أزرق مرتوقاً على المرفقين، إنَّه لهُ.

الخبر في 11/07/2015

عدد فلسطينيي الداخل أكبر من الخارج.. ولأول مرة/ علي هويدي

لأول مرة منذ تاريخ نكبة فلسطين في العام 48 يصل عدد الفلسطينيين في فلسطين الإنتدابية المحتلة عاميْ 1948 و1967 إلى أكثر منه في الخارج، فقد وصل عدد الفلسطينيين في العالم حتى منتصف شهر أيار/2015 وحسب الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني في رام الله إلى 12.349.150 فلسطيني موزعين في الضفة الغربية (2.880.745 فلسطيني بنسبة 23.32%)، وقطاع غزة (1.788.049 فلسطيني بنسبة 14.47% )، وفلسطين الـ 48 (1.546.353 فلسطيني بنسبة 12.52%) ليصل العدد الإجمالي للفلسطينيين الداخل إلى 6.215.147 فلسطيني بنسبة 50.31%، ويتوزع باقي الفلسطينيون في العالم إلى الأردن (3.722.833 فلسطيني بنسبة 30.14%)، ولبنان (507.988 فلسطيني بنسبة 4.11%)، وسوريا (566.560 فلسطيني بنسبة 4.58%)، وباقي الدول العربية (630.232 فلسطيني بنسبة 5.10%) ودول أمريكا اللاتينية والشمالية وأوروبا ودول أخرى إلى (706.390 فلسطيني بنسبة 5.72%)، ليصل العدد الإجمالي للفلسطينيين في الخارج إلى 6.134.003 فلسطيني بنسبة 49.69%.
يلعب مؤشر الزيادة السنوية لأعداد الفلسطينيين في الداخل الفلسطيني المحتل دوراً بارزاً في العملية السياسية وخطورة القنبلة الديموغرافية على الوجود الصهيوني داخل فلسطين، ولا شك يشرف على هذه المؤشرات ونموها وتطورها أهم مراكز الأبحاث والدراسات السياسية والإستراتيجية داخل الكيان المحتل والمراكز الغربية المتحالفة، حيث تزود تلك المراكز صانع القرار الإسرائيلي بأهم وأبرز النتائج، ويعود السبب إلى الفوبيا السياسية التي تسيطر على الكيان الإسرائيلي، فهذا يتعارض مع رؤية المشروع الصهيوني بتفريغ فلسطين من سكانها الأصليين تمهيداً للإعتراف بـ "إسرائيل" دولة يهودية لا وجود فيها لغير اليهود.
تنفيذ مخططات الطرد والترحيل للشعب الفلسطيني والتي يعمل عليها الكيان منذ ما يقارب القرن من الزمان لاستجلاب اليهود من مختلف دول العالم للعيش في فلسطين كمشروع إحلالي قد فشلت. بدأ هذا المشروع مع المؤتمر الصهيوني الشهير الذي عقد في مدينة بازل في سويسرا عام 1897 الذي قرر أن تكون فلسطين وطناً لليهود.. وجاء الإنتداب البريطاني على فلسطين واستمر لمدة 30 سنة ليشكل عاملاً رئيسياً ومساعداً في تنفيذ رؤية المؤتمر الصهيوني واعتماد خطط الطرد والإبعاد، فمن مدينتيْ حيفا ويافا وحدها تم تهجير حوالي 130 ألف فلسطيني قبل قيام دولة الكيان الغاصب في العام 1948. 
تلجأ سلطات الإحتلال إلى وسائل مختلفة لإجبار الفلسطينيين على الرحيل أو التخفيض من أعدادهم سواء من خلال سن قوانين مثلاً تدعو إلى عدم لمّْ الشمل الفلسطيني، فلا يُسمح للفلسطيني من أراضي 48 بضم زوجته إليه إن كانت من الضفة الغربية أو قطاع غزة، أو معاملة الفلسطينيين في الداخل الفلسطيني المحتل كمواطنين من الدرجة الثانية، أو إجبارهم على تغيير مكان إقامتهم، والقسم بيهودية الدولة لمن يحمل الهوية اليهودية وغيرها..
حسب تقديرات الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني فإن عدد الفلسطينيين في فلسطين الإنتدابية سيتساوى مع عدد اليهود في نهاية العام 2016؛ وستصبح نسبة السكان اليهود حوالي 48.9% من السكان بحلول نهاية عام 2020، حيث سيصل عددهم إلى نحو 6.9 مليون يهودي؛ مقابل 7.2 مليون فلسطيني.
في كل سنة يثبت الإحصاء الفلسطيني فشل التطهير العرقي الذي يشرف عليه وينفذه المشروع الصهيوني، وكذلك يفشل بالتخلص من فلسطينيي الـ 48 أو السعي لأسرلتهم وسلخهم عن الكتلة البشرية الفلسطينية في فلسطين والعالم أو تذويبهم في المجتمع اليهودي، وكذلك يفشل في سعيه الحثيث لدعم مشاريع تدعو لذوبان اللاجئ الفلسطيني في مناطق عمليات "الأونروا" أو الشتات كمقدمة لشطب حق العودة، ومع كل إحصاء جديد يرتفع مؤشر الخوف والقلق لدى الإحتلال، فهو يدرك أهمية الحرب الديموغرافية مع الفلسطينيين في السياق الإستراتيجي الوجودي للصراع، ومع رجاحة كفّة الوجود السكاني للفلسطيني هذا العام لصالح الداخل ولأول مرة، تبرز الحاجة للإستخدام النوعي لهذا الثِقل البشري لرحيل المغتصب كجزء غريب غير متجانس مع المحيط..، وهذه مسؤولية - بالدرجة الأولى - جميع مكونات الشعب الفسطيني الرسمي والشعبي..!
كاتب وباحث في الشأن الفلسطيني

وبعدَ أن تموت الأزهار... هناكَ بعضُ وفاء/ كريم عبدالله

( لغةُ المرآيا والنص الفسيفسائي )
كــ زهرةِ كاردينيا ماتتْ  ( ليلى ) وفقدتْ عذوبةَ عطرها , كلَّ ليلةٍ تعبىءُ كلماتي وتطفو في الذاكرةِ , تعومُ في المخيلةِ تهمسُ كــ النسيمِ وتنثرُ في أرضِ أحلامي أمنيات كثيرة , ترسمُ البهجةَ في دفاتري المدرسيّةِ , تكتسحُ رمادَ أزمنتي وتهزُّ ضفافَ النسيانِ متمرّدةً تحتلُ وحشةَ السنوات  . آهٍ أيّتها الزفراتُ المحمّلة بالحنينِ إليها ! قلبها الطفولي يصغي لمراثي المساء الحزين , تأتي كلّ ليلةٍ تبحثُ في أزهاريِ الذاويةِ  تمنحها بعضَ الأخضرار , تسكبُ مِنْ عشقها الدفين حسرةَ قيثارة بلا مأوى , تخالها إذا هطلتْ مع الندى فراشةً ترتدي أجنحةَ الضياءِ , بريئةً تحطُّ على أغصاني المزهرةِ بالوجع   , تندسُ دونَ ضجيجٍ في زوايا عتمتي , تدثرُ إرتجافَ  الأيام فلتهثُ شيخوخةَ الغياب .  يا لخيبتي سرقتها ( أستارت )* مسرعةً بها نحو المجهول ! ما عادتْ تتوهّجُ كلماتي حينَ تراودني بينَ حينٍ وآخر , تركتْ شبابيكي مشرعةً تداهمها الأوهامَ الموبوءةِ , ما عادتْ تنزلُ مضطرةً أتنشّقُ أريجها , لا شيءَ سوى البردِ القارصَ عندَ مفترقِ سماواتِي  المكفهرةِ , شعرها الفاحمَ إكتسى بلونِ الثلجِ  تحتَ هالةِ القمرِ المسافر , فكيفَ لي أنْ أشاركها بعضاً مِنْ هذا الغيابِ الطويل .... ؟ !

أستارتْ : آلهةُ البحر .
بغداد
العراق

كوردستان تسأل حكيم الهند/ كفاح محمود كريم

     لم يمر في تاريخ البشرية المعاصر رجل سياسة وحكم، مسالم وحكيم الا باستثناءات قليلة جدا مثل المهاتما غاندي، حيث رفض العنف بأي شكل من أشكاله ومهما كانت أسبابه أو مسوغاته، واعتمد العقل والحكمة وفكرة السلام المقاوم للعنف بدلا من العنف ضد العنف، والمعجزة انه نجح ومع من؟ مع اعتى استعمار شهدته البشرية، واستطاع إرغامهم على قبوله وقبول مشروعه، ناهيك انه أسس لإمبراطورية ديمقراطية في بيئة لا تصلح إطلاقا لهكذا ممارسة أو نمط اجتماعي وسياسي في مجتمعات متخلفة للعظم، ومتناقضة حد التذابح، ومتشعبة إلى مئات من الاثنيات والقوميات والأديان، ورغم ذلك نجح غاندي إلى حد اللحظة في إشاعة التسامح والسلام والتعايش بينهم جميعا.

     لست قاصدا أن اشرح لكم تجربة الهند أو معجزة الهند، وأؤكد أنها معجزة خارقة في تطبيق الديمقراطية في بلاد وبيئة لا يمكن بالقياسات الأوربية والأمريكية إلا أن تتقسم أو يحكمها دكتاتور بالحديد والنار، خاصة وان النموذج العراقي والعربي والشرق أوسطي عموما هو أسوء ما يمكن اعتباره تجربة ديمقراطية رغم الفارق الكبير بين الهند وبينهم في حجم المكونات وعددها، وتقاربهما في التخلف عند نقطة الشروع، لكنني طالعت واحدة من أروع تجليات الزعيم الهندي الكبير المهاتما غاندي وانأ ابحث عن توصيف لسلوك البعض ( الديمقراطي ) في مسألة ولاية الرئيس البارزاني للرئاسة وكوردستان تخوض واحدة من أشرس حروبها ضد الفاشية والشوفينية الدينية والقومية استهدفت وجودها بالكامل أرضا وشعبا وكيانا، ورغم أن الرئيس بارزاني يصر على عدم استبدال تاريخه النضالي بكرسي الحكم وهو زاهد كما يعرفه الجميع، فان ما قاله المهاتما غاندي قبل عشرات السنين كأنما جاء صدى لما يحصل اليوم، وربما كان الأصدق في توصيف الحالة التي نمر بها الآن وتستدعي الانتباه والحذر خاصة وان المنافقين على الطريقة البريطانية يمارسون أدوارهم بكل خبث ولؤم.

     ودعونا الآن نتوقف عند ما قاله حكيم الهند وفيلسوفها الكبير غاندي:
" كلما قام شعب الهند بالاتحاد ضد الاستعمار الانجليزي يقوم الانجليز بذبح بقرة ورميها بالطريق بين الهندوس والمسلمين لكي ينشغلون بينهم بالصراع ويتركون الاستعمار!"

     وكلما اقترب شعب كوردستان من تحقيق أهدافه السامية، أنتج الاستعمار لعبة جديدة تشبه بقرة الانكليز لكنها على الطريقة البعثية مجملة بإكسسوارات ديمقراطية ومعفرة بأنفاس الجيران اللدودين!  

     لقد انتصر حكيم الهند، وسينتصر حكيم كوردستان

kmkinfo@gmail.com  

عاشت مؤسسة الغربه/ فؤاد الورهاني


من قال اني ليوم بي غربي..؟
بعدالي عم يتزورني الغربي
ان  كان اذاعة  ولا  تلفزيون
ولا مجلي  خبارها   تنبي
للعلم فيها وللأدب مخزون
وشربل بعيني شاعر النخبي
فيها مودي الف لون ولون
ابكبست الزر بلحظة بتلبي
بحضر موسيقى خبار ولا فنون
وبالفكر منها بشيل وبعبي
وهيي الأفضل دوم لما بكون
بدي محطة الحق ما تخبي
حملت خباري بدربها عالكون
وقالت لغيرها زيح عن دربي
بالعب حطها ونفعها مضمون
 عزلط جوا وبكل القبي
بي قلبها في محبة الأم الحنون
الكل همها تا ولادها تربي
زورا الصبح بليل (افترنون
وشوف الحقيقة بحلف بربي
بتحب وما عندا حقد وضنون
ومن هيك انا ابادلها لمحبي

ألا تعرف ماذا أقصد؟/ شوقي مسلماني

1 (الخطر المظلم)  
كشفَ عالِمُ أحياء 
إنّ السمكةَ الضعيفةَ 
لا أمان لها إلاّ في التواري 
بين شقوق الصخور 
غير إنّ سمكة القرش 
المُزوَّدة بما يُعيّن لها مكان السمكةِ الضعيفة 
تجتاحُها اجتياح عاصفة 
وإذّاك بالتحديد يجتاحُ سمكةَ القرش ذاتها 
جنونُ الشهوة 
فلا تبقى سمكة في الجوار 
مهما كانت سليمة 
بمأمَن مِنَ الخطرِ المُظلِم. 

2 (الآب وآبوب)  
- كيف الحال أيّها الآب؟.  
- سيّئة!.  
- سلامتك  
هل تشكو من شيء؟ 
آمل أن يكون الأمر عارضاً!.    
- أنا يا آبوب صحّتي جيّدة 
لكنّ المكان صار لا يُطاق.  
- صحيح.     
(وأردف آبوب، وهو ينحني فوق مكتبه، ويتظاهر إنّه يمسح غباراً):    
- فالظروف غير ملائمة، والتعقيدات متكاثرة، والأوضاع دقيقة.   
- ومَن هو المسؤول؟.   
- أنت أعلم!. 
- أنا؟.  
- آبابا لا يتركنا لحالِنا.  
- لو تشرح لي مِنْ فضلِك.   
- أنا منذ استلمتُ زمام هذا المقام 
كنت أريد أن أرفع 
وأن أوسّع 
إلاّ إنّ آبابا لا يُسهّل عليّ ذلك 
وجعل آبوبو معي في القمرة 
عوض أن يجعله معلّقاً 
في السجن 
مِنْ ساقيه.      
- أنتَ مسؤول أيضاً؟ 
فالجميع يقولون إنّ الحقّ هو على آبابا 
كأنّ آبابا مشجب!.  
- أقسمُ بأبيك الذي في السماء 
إنّي أخيراً حاولتُ استعادة زمام الأمور 
لكنّ آبابا سارع إلى إعاقتي.   
- ولماذا يُعيقُك آبابا؟.   
- لأنّ آبابا يُريد 
أن تعضَّ كلابُه الناسَ الطيّبين.   
- فقط آبابا لديه كلاب 
يريدها أن تعضّ الناسَ الطيّبين؟.   
- ماذا تقصد أيّها الآب؟.   
- ألا تعرف ماذا أقصد؟. 
- البغال تحمل ما لا تطيقه الخيل.   
- وعلى هذا النحو يُلتزَم المكان؟ 
يُقتل الحصان لأنّه يحمل أقلّ؟ 
إنّك يا آبوب تجعل المكان مقفِراً 
ليس فيه سوى آبابا وكلابه المفترِسة.   
- عندنا أحمال!.  
- عليك يا آبوب أن تلتزم حدودك.  
- يد آبابا طويلة 
ويجب أن نصبر. 
(قال له الآب وهو يهمّ بالخروج)     
- اعملْ يا آبوب ما يوافقك 
لكنّي أنبّهك، خذْ منّي حذرك. 

3 (غريق)  
يا حادي العيس 
في الرمال الهائلة. 
**

ومرّات 
في الصمت 
لا غزال، لا فراشة 
لا شيء. 
**

وبلغتِ الهوّةُ مبلغاً 
وبات التجسير 
في أمسّ الحاجة إلى معجزة   
دماء كثيرة 
سُفكتْ 
بأنياب كثيرة.  
**

وهناك 
مَنْ يجتاز المسافات 
طالباً نباحاً  
وعلى هذا النحو 
يمضي وقتٌ كلّه أسف.  
**

كان بالأمس أيضاً 
يرفع يداً طالباً النجدة.  
Shawki1@optusnet.com.au

داعش... ومسيحيو القدس/ راسم عبيدات

في ضوء ما يجري في المنطقة العربية من مشاريع تفتيت وتذرير وتجزئه وتقسيم،وحروب مذهبية وطائفية،وقيام "داعش" دولة ما يسمى بخلافة الشام والعراق،بعملية قتل وطرد وترحيل قسري لأقليات بكاملها كما حصل مع الطائفة اليزيدية في العراق ومع مسيحيي الرقة السورية والموصل العراقية،ومحاولاتها لنقل تلك الفتن المذهبية والطائفية لأكثر من قطر عربي،وبما يشمل تفريغ المشرق العربي من مسيحيي الشرق،وفق مخطط تشارك فيه  قوى استعمارية غربية وامريكا و"اسرائيل"،فإن الاستهداف يتجه نحو مسيحيو فلسطين،هؤلاء المسيحيون الذين يتكامل الدور بين "إسرائيل" و"داعش" لسلخهم عن قوميتهم العربية،حيث سعت "اسرائيل" في الداخل الفلسطيني- 48- من خلال بعض رجال الدين المسيحيين،في المقدمة منهم المطران "نداف" لتفكيك لحمة ووحدة شعبنا،عبر استحضار قومية مصطنعة للمسيحيين "الآرامية" وبأنهم ليسوا جزءاً أصيلاً من الأمة والقومية العربية،والان تكمل "داعش" هذا الدور المشبوه عبر نشر بيانات تهديد ووعيد،وتعطي المهل للمسيحيين المقدسيين من أجل مغادرتهم للمدينة قبل نهاية شهر رمضان الفضيل،والإ فإنهم سيواجهون القتل والموت.

قبل ان نتطرق الى بيانات "داعش" وتهديداتها ووعيدها للمسيحيين المقدسيين،لا بد من القول بأنه على الرغم من نزيف الهجرة المسيحية العربية المتواصل،فإن المسيحيين استمروا وسيستمرون في  ان يكونوا جزءا هاماً وفاعلاً من المعادلة الفلسطينية.

 وعلينا التذكير والتأكيد على حقائق هامة وضرورية،بأن العرب المسيحيون لم يعلو مسيحيتهم وطائفيتهم وديانتهم فوق وطنيتهم وقوميتهم،بعكس الكثير من الأحزاب والتيارات الإسلامية،التي جعلت حزبيتها وديانتها فوق قوميتها ووطنيتها (الإخوان وحزب التحرير وغيرهم)،وكذلك فقد امتلك كثيرون من النخب السياسية المسيحية العربية مشاريع سياسية جامعة لا تقسيمية (إلا في حالات شاذة مثل مشروع »القوات اللبنانية« الذي عُرف بـ »الفيدرالية«) بل كانت مشاريع ذات طابع قومي، أكان ذلك قوميا سوريا أم قوميا عربيا. وانخرط كثيرون من النخب المسيحية في مشاريع سياسية ذات طابع مساواتي، وذات مضمون اجتماعي مثل الأحزاب العلمانية واليسارية. وأسس بعض المسيحيين حركات للتحرر الوطني، ولا سيما في فلسطين أمثال الراحلين الكبيرين جورج حبش ووديع حداد ونايف حواتمة وغيرهم. وعلى الرغم من هذا التاريخ البهي فإن شياطين التفكيك والكراهية والحقد الأعمى شرعوا مؤخرا في تسميم التعايش بين أبناء الوطن الواحد. هذا ما حصل في لبنان، وهو ما يحصل حاليا في العراق وسوريا ومصر. أما في فلسطين فواضح بأن الدور عليها الآن وهذه الأمور مجتمعة،علاوة على همجيتها واحتقارها للإنسانية والمواطنة،من شأنها ان تجعل بلادنا العربية ذات لون واحد،أي قفار خاوية إلا من لون الغبار.

ما الذي تريده "داعش" من بث بيانات الفتنة ونشر رسائل الوعيد والتهديد للمسيحيين المقدسيين"؟؟!!،وهل للدين الإسلامي علاقة بمثل هذه الجماعات المغرقة في التطرف والحقد والكراهية؟؟أليس هناك تاريخ طويل من الوحدة والعيش المشترك بين مكونات المجتمع المقدسي ومركباته بمسلميه ومسيحييه..؟ أليس هناك عهدة عمرية اعطاها الخليفة عمر  للمسيحيين من اهل القدس..؟؟

لماذا تهدد "داعش" مسيحيو القدس وفلسطين،وتتوعدهم بالويل والثبور؟؟ أليس الأولى ب"جهادها" المزعوم تحرير الأقصى والقدس؟؟ ولماذا بكل ما تملكه من قوة وتمدد،كما هو حال دولة الاحتلال،لم تقم بأي عمل ضد دولة الاحتلال؟؟ظ،ولماذا والأقصى يجري اقتحامه يومياً من قبل المستوطنين المتطرفين،والسعي لتقسيمه والإعتداء على حرائره،لم نسمع لا عن تهديد ولا وعيد"داعشي" ولا بيانات او منشورات توزع ضد ذلك.

السعي لطرد وتهجير مسيحيي القدس وفلسطين هدف إسرائيلي سعت له بالكثير من الوسائل،واهداف"داعش" و"اسرائيل" متطابقة في هذا الجانب.

والتهديد والوعيد  ال"داعشي" في ظروف جرى فيها التوقيع على اتفاق تاريخي بين فلسطين والفاتيكان حول تنظيم العلاقة بين الطرفين،وخصوصاً الوجود الكاثوليكي في فلسطين،وهذا طبعاً لا يعجب الاحتلال ويغضبه ولا يروق له.

إن بيانات ومنشورات "داعش" تجاه المسيحيين المقدسيين،يجب ان تأخذ على محمل الجد من قبل السلطة الفلسطينية والقوى والأحزاب والمؤسسات المقدسية،ولا يجوز القول بأنها من صنيعة الإحتلال واهدافها خبيثة ودنيئة ومشبوهة ضرب لحمتنا ووحدتنا وعيشنا المشترك في القدس،بل هذه البيانات والتهديدات  لا سمح الله اذا ما اقدم  واحد من المخبولين او المعتوهين المشبعين بأفكار وقناعات هذه الجماعة على عمل في إحدى الكنائس او الأديرة،فإن من شأن ذلك نقل الفوضى والفتنة الى فلسطين والقدس،وبما يحدث شرخاً جدياً وحقيقياً في النسيجين الوطني والمجتمعي المقدسي خاصة والفلسطيني عامة.

مسؤولية  الحماية والدفاع عن السلم الأهلي والمجتمعي،وتوفير الحماية لأبناء المدينة بمختلف مركباتها الدينية والسياسية والفكرية،هي مسؤولية جماعية يتحملها الكل المقدسي،قبل السلطة والأحزاب والفصائل،ولذلك بالضرورة أن يقف المقدسيون بمختلف مذاهبهم وطوائفهم ومركباتهم وانتماءاتهم،ضد هذه الجماعات التكفيرية والإقصائية،والتي تحمل مشاريع مشبوهة متوافقة مع اجندات ومشاريع الإحتلال، أولاً في نقل الفوضى الى ساحتنا وعقر دارنا،وتفكيك نسيجنا ولحمتنا ووحدتنا وطنية ومجتمعية،ومن ثم العمل على  الطرد والترحيل القسري لمسيحيي هذه البلاد كمواطنين عرب أقحاح أصيلين في هذه البلاد الى المنافي.

الخطر جدي وداهم وحقيقي،ولذلك يجب أن ندرك خطورة الموضوع،وعلينا أن نتداعى لعقد مؤتمر جماهيري شعبي،تمثل فيه كل مكونات ومركبات المجتمع المقدسي وطنياً وسياسياً ودينياً  وعشائرياً وتربوياً وإعلامياً ومجتمعياً ومؤسساتياً،يعقد تحت شعار"حماية السلم الأهلي والمجتمعي في المدينة مسؤولية جماعية" و "داعش"و"الصهيونية" نفس العقلية والهدف" تفريغ المدينة المقدسة من سكانها العرب الأصليين،هدف صهيوني بإمتياز".

وفي النهاية أقول يجب أن نكون يقظين وحذرين لقطع الطريق على هذه المخطط المشبوه،مخطط نقل الفوى و"الفتنة" الى فلسطين والقدس.