أبو جورج، ديب الزرقا/ الكولونيل/شربل بركات

رحل أبو جورج بدون ضجيج وبسرعة كعادته باتخاذ القرارات...

رحل أبو جورج والبسمة تملأ ثغره بالرغم من الألم المزدوج؛ في الجسد المعاني مرضا خبيثا تسلل بدون علم وتمكن قبل أن يلحظه الأطباء، وفي فراق الأحبة والغياب عن الوطن وترابه الذي طالما سقاه عرقا ودما عندما دعت الحاجة...

أبو جورج الجندي المجهول الذي كان ملأ كل فراغ ونفّذ كل مهمة وأمّن كل ثغرة في الدفاع عن الوطن حيثما دعت الحاجة. وقد تنقل بين المناطق وتدرج بالرتب والمناصب والأسلحة والقطاعات حتى قائد كتيبة في سلاحي المشاة والمدرعات وقد أحيل على التقاعد وهو بعد في كامل قوته وفضّل الهجرة عن الوطن، الذي أحب وخدم بكل اخلاص، ليبعد عن المذلة الآتية التي لحقت بكل اجحاف أبناء الجنوب الأبطال والمخلصين...

أبو جورج الصديق الوفي ورفيق السلاح الذي لا يهاب مهمة ولا يتهرب من صعوبة ولا يهمل عملا قبل أن ينهيه بكل دقة، أنهى اليوم عمله على هذه البسيطة وذهب كعادته باكرا ليقدم تقريره عما أوكل إليه لسيد الكل بدون ندم أو تردد...

لم يكن أبو جورج، الرجل الرصين قليل الكلام والذي يفرض احترامه على الجميع، بعيدا عن أجواء الفرح وحب الحياة فهو نديم محبب لجلسة كأس عرق، ورفيق مفتقد للعبة ورق، ومحب لأجواء المرح واللهو لا يهرب من حلبة الرقص إذا ما فرضت ولا من المشاركة بالغناء في الأجواء المناسبة، ولا تزال أغنيته المفضلة "سمرا يا سمرا" ترن في الآذان...

أبو جورج من الرجال القلائل الذين لا يذكرون إلا بالخير ولا ينقل عنهم أية نميمة أو طول لسان في زمن كثر فيه المنافقون وشاعت فيه لذة التجني ونقل الكلام الباطل من أعلى المستويات إلى أدناها...

نودّعك اليوم أبا جورج ونودع معك الاقدام والهمة وحب الوطن والغيرة عليه. نودّع فيك رجلا ملأ مكانه ونفذ دوره على أكمل وجه، فكان الجندي المنضبط، والشريك المتفهم، والزوج الغيور، ورب العائلة الحنون، والوالد العطوف، والجد الفخور، الذي يرعى الكل ويحافظ على الصداقات ويبني العلاقات المتينة...

عزاؤنا أن "من خلف ما مات" وكل من حولك من الأولاد والأحفاد هم من خيرة أبناء هذه الجالية والقرية التي نحب ومسقط الرأس الذي لم تنسه ولو قست الأيام وبعدت المسافات...

سيستقبلك الرب بدون شك في عليائه بتلك الجملة التي يتمنى الكل سماعها :"وجدت أمينا على القليل فسأقيمك على الكثير أدخل فرح سيدك"...

تعازينا لام جورج والأبناء والبنات والأحفاد وكل الأقارب في لبنان وكندا والولايات المتحدة وبقية أنحاء العالم...

اشتاق "للشتاء"/ الدكتور رافد علاء الخزاعي


أشتاق للشتاء
لرائحة المطر
للأكواب الساخنه
الشاي المهيل
الحليب الساخن
رائحة الشلغم
من يد امي الحنونة
لسماع قصص عمتي
عن الجني
عن الهور
عن امجاد الاجداد
وصوت الكتيلي يرسل اشارات اعجاب
تشبه صوت بوق الانتصار
بخاره المتصاعد مع ضؤ 
المدفاءة النفطية علاء الدين
يرسم لوحات سريالية
تنافس مسرح الدمى
اشكال حيوانات
تطير على بساط سحري
على جدران الغرفة العارية
نضحك ونحن
ننظر من النوافذ
حبات المطر تتدلى من اوراق الشجر
نهرب من طول الليل
الى الحضن الدافى
الالتحام العفوي مع صوت الرعد
انه الشتاء
يعطي لارواحنا الشفاء
يرسم في مخيلتنا
قصص واساطير
تمحيها اخبار الفضائيات
عن جني حقيقي
اسمه داعش
انتفض له الاحفاد
والسوال الازلي
هل ستبقى العمات 
تحكي قصص الامجاد
قصص الحرمان
والاهأت
قصص كثيرة  لا اظن
ان العمات سترويها
للاجيال
لان وقتها
الاجيال سافروا بعيدا
في ديار اللاعودة
الى حضن
الوطن المتشظي
في هذا الشتاء

حاجة مجتمعاتنا للتنوير/ شاكر فريد حسن

تشهد مجتمعاتنا العربية امراض العنف والكراهيات الطائفية ، وظواهر التطرف والتعصب الديني والمذهبي ، وتجتاحها الحركات السلفية والاصولية التكفيرية ذات الثقافة الماضوية التي تقدس الماضي والسلف وتتبنى حلولاً ماضوية ، وتسعى الى ازاحة واغتيال كل ما هو عقلاني في التراث العربي الاسلامي  ، ويتعرض ما تبقى من مثقفين نقديين وتقدميين وعلمانيين لحملات تحريضية وتكفيرية ظالمة بسبب افكارهم ومعتقداتهم ومواقفهم الجريئة من التوظيف السياسي للدين ، ومعارضتهم لمسلكيات وممارسات الاصوليين التكفيريين فرض وصايتهم الاخلاقية على المجتمع والغاء الاخرين .وكذلك دفاع هؤلاء المثقفين ومناداتهم بقيم العقل والحرية والابداع والسؤال والاجتهاد الديني وضرورة تحقيق العدالة الاجتماعية والمساواة . 
ولا ريب ان ما يحدث في مجتمعاتنا من تراجع حضاري وتطرف مذهبي وصراع هويات ضيق ، يعود بالاساس الى تهميش فكر التنوير النقدي عن منابر التوجيه والتثقيف والتوعية ، ولذلك فإن مجتمعاتنا العربية تحتاج اليوم لهذا الفكر لأجل تخطي وتجاوز ازماتها واوضاعها المتردية ، والتصدي للخطاب التكفيري وتجديد الخطاب الديني ، وخلق وعي ديني اسلامي جديد ينسجم مع المتغيرات والتطورات العصرية والحضارية ، والعمل على نشر الفكر التنويري الداعي الى اعمال العقل ، وترسيخ الثقافة الانسانية الحضارية التي تؤمن بالمستقبل والقيم السامية النبيلة واحترام الاخر والفكر المختلف .

في رثاء أخي الحبيب الشهيد عامر كعوش/ محمود كعوش


 (لكَ الرحمةُ...ألفُ مليونَ رحمةٍ ورحمهْ)
لغيابِكَ...
ألفُ غَصَةٍ تغزوني وتتسللُ إلى قلبي
ألفُ صوتٍ يرسو في شرايينِ جسمي 
ألْفُ قِمَهْ
ألْفُ نِجْمَهْ
ألفُ مليونَ قمةْ ونجمةْ
في شِفاهِ التينِ والزيتونِ غَنَّتْ
ألْفُ نَخْلَهْ 
ألْفُ كَرْمَهْ
ألفُ مليونَ نخلةْ وكرمةْ
**
**
ألفُ شمعةٍ تُضاءُ لروحِكَ
ألفُ شمعةْ
ألفُ دمعةٍ تُذرفُ لغيابِكَ
ألفُ دمعةْ
ألفُ مليونَ شمعةٍ ودمعةْ
**
**
ألفُ عينٍ بكتكَ اليومَ
بِحَرْقَةٍ ولوعَهْ
وذَرَفَتْ عليكَ ألفَ دمعةٍ ودمعهْ 
ألفُ عينِ بكتْكَ ثم حَنَّتْ وحَدَّتْ
ألفُ عينٍ ودمعهْ
ألفُ مليونَ عينٍ ودمعهْ 
**
**
يا بُرْعُمَةَ الصباءِ وكلَ الضياءْ 
يا حبيبَ اللهِ 
وكُلَ الأنبياءْ 
أنتَ أغلى الناسِ
أنتَ عنوانُ الكبرياءْ
يا رمزَ العزةِ والأباءْ 
يا إكليلَ الغارِ والفداءْ
أنتَ كُلُ الحُبِ والإيثارِ والنقاءْ
أنتَ كلُ صفاءٍ وبهاءْ
وكلُ خاطِرٍ عَذْبٍ يُحَلِقُ في علاءْ
ويطاولَ العلياءَ في أقصى السماءْ
**
**
أنتَ ألفُ مليونَ قلبٍ إليكَ يسعى
ثم يصبو ويرنو
ونحوك يخطو ويخطو
وإليكَ يدنو ثم يدنو
ألفُ مليونَ صدر عليكَ يحنو 
وبحبكَ ينطقُ
وبكَ يخفقُ
ونحوكَ يَهْفو ثم يهفو ويهفو!!
**
**
لِخَدِكَ ألفُ مليونَ قبلةٍ
وقبلهْ
لروحكَ ألفُ مليونَ بسمةٍ 
وبسمهْ
وفي أذنك ألفُ مليونَ همسَةٍ
وهمسهْ
ولكَ الرحمةُ
ألفُ مليونَ رحمةٍ 
ورحمهْ 
وعليكَ تذرفُ العينُ ألفَ مليونَ دمعةٍ
ودمعه !!!!!!!!!!!!!!
**
**
محمود كعوش

الأباء التعساء/ أنطوني ولسن

الآباء التعساء يُنجبون أبناء تعساء، والآباء السعداء يُنجبون ابناء سعداء. هذه قاعدة عامة، وما يخرج عنها فهو شاذ. والشواذ لا حكم عليهم!
لا يوجد انسان على وجه الأرض يريد أن يكون تعيساً، وان كنت أعتقد أن ثمة حالات شواذ يمكن معها أن يوجد مثل هذا الإنسان الذي فعلاً يريد لنفسه التعاسة. ومع ذلك اعتقد أن وجوده شيء ضروري في هذه الحياة. كل منا عندما يستيقظ في الصباح، يقول: يا فتاح.. ويبدأ في العمل والسعي وراء رزق أولاده، ورزقه. وتأخذنا الحياة فوق أمواجها، تارة تكون الريح هادئة؛ فيسير مركب حياتنا هادئاً رائعاً وممتعاً. وأحياناً تغدر بنا الريح وتزمجر، ويعلو مركب حياتنا فوق الأمواج وتقذف به الرياح ويهبط مع الموج الهابط وكل من في السفينة يعتريه الخوف والفزع، وينعكس هذا على تصرفاتهم، وأفعالهم.. وبدوره ينعكس على الأبناء فينتابهم الفزع والخوف من الحياة؛ لأن أبناءنا هم مرآة حياتنا: كل فرح يبدو علينا نراه في عيونهم، وكل دمعة حزن تسقط منا تحرق افئدتهم. صغار لا يعرفون ماذا يفعلون حيال تعاستنا. ومع ذلك يجد البعض منا لذة في تعذيبهم حيث يستمرون في احاطة أنفسهم بالتعاسة. خلافات لا تنتهي، وهروب من واقع الحياة، وعدم مجابهتها المجابهة السليمة الصحيحة. يستيقظ الأبن على صراخ والده في الصباح، وتفتح الأبنة عينيها على بكاء أمها.. وهي تنعي حظها التعس لزواجها من والدها. 
ما الذي تنتظره من الأبناء، إذا كان الآباء هكذا مصرون على تعاسة انفسهم وتعاسة أبنائهم معهم؟
متى يعرف كل أب وكل أم انه خير لهما الا ينجبنا ابناء ان لم يعرفا كيف يتحكمان في تصرفاتهما! 
متى يعرف كل أب وكل أم أن ابتسامة الصباح في وجه الطفل تجعله يستقبل يومه بالسعادة التي تمده بالنشاط والحيوية طوال نهاره فيستطيع أن يستوعب دروسه بالمدرسة؟
كم يفعل الترحاب والحنان والبسمة الصافية والسؤال عنه عند عودته من المدرسة فعل السحر في نفسه الصغيرة، وتجعله ينام ليله هانئاً مرتاحاً؛ لأن غده سيكون بنفس الصورة الوردية الجميلة!
كل هذا لأن والديه عرفا قيمته لديهما، وعرفا أن سعادتهما ستنعكس عليه وتتحول الدمعة في عينيه الى ابتسامة، والحزن الى فرحة وضحكة صافية مجلجلة.
التعيس لا يرى الشمس؛ لأن التعاسة سحابة قاتمة تحجب نورها عنه وتحرمه من دفئها. أما السعيد فيراها ويحس بدفئها حتى لو حجبها السحاب؛ لأنه يستطيع تبديد هذا السحاب ويجعل الشمس بنورها ودفئها تملأ سماء حياته.
هل نستطيع، أنت وهو وهي وأنا، العمل على تبديل تعاستنا الى سعادة؛ حتى نجعل أبناءنا سعداء؟..
أقول الحق: الحياة ليست سعادة دائمة.. لكن لا يجب أن نزيد من تعاستها ، تعاسة من صنعنا!
***
كلام..وكلام

** أجمل ما في الحياة ذكرياتها.. وأحلى ما في الذكريات اليوم الذي تحملت فيه ظلم الظالم دفاعا عن مظلوم.
**كم أتمنى أن أكون الماء الذي يطفيء ظمأك عبر شفتيكِ.
**لا ينام العريان أو الجوعان أو البردان.فهل تعمل على مساعدة أي منهم على النوم؟
**لكل أنسان ثمن واضح فوق جبهته لمن يعرف القراءة.

في راهنية الواقع العربي/ شاكر فريد حسن

ما من شك ان الواقع العربي يزداد سوءاً وانحطاطاً، ومجتمعاتنا العربية من محيطها وحتى خليجها ، ينخرها التخلف والفساد وتسودها الصراعات المذهبية والدينية والعشائرية والنزاعات العرقية والفئوية ، علاوة على اخفاق وفشل مشروع حركة التنوير والنهضة العربية ، وانتشار الغلو الديني والتعصب الطائفي ، عدا عن الفوضى الخلاقة التي تعيشها الأقطار العربية بفعل ما يسمى ب" الربيع العربي" الذي تحول الى " خريف عربي" ، واثبتت تطورات الأحداث انه ليس سوى مؤامرة استعمارية وامبريالية دنيئة تستهدف تجزئة وتقسيم الأقطار العربية ونهب الثروات الطبيعية في المنطقة . 
وفي خضم ما يجري من ذبح وقتل وصراع داخلي طائفي وارهاب دموي واعتداء على التراث والحضارة ، وهيمنة القوى الاصولية والسلفية التكفيرية على المشهد ، والتي تعتبر من اشد واشرس مقاتلي ومحاربي الفكر التنويري   ، نواجه ونشهد انتكاسة فكرية ومعرفية ، ونكوصاً للعقلانية   ، وتراجعاً لحركة التنوير العربية التي اصابها الفشل والاخفاق والانهيار في اعقاب رحيل روادها واعلامها البارزين من حملة مشاعل الفكر التنويري والاصلاحي والمدافعين عنه .
لقد شهدت مجتمعاتنا عبر تاريخها وتطورها نشوء وتأسيس حركات فكرية وسياسية ، وظهور قوى عقلانية وعلمانية متنورة عملت وساهمت في نشر واعلاء راية فكر النهضة والتنوير ، ولعبت ادواراً هامة في الحياة السياسية والفكرية العربية ، ولكن الأنظمة المستبدة مع القوى الدينية المتعصبة والمتشددة ، حاربت بشدة هذه القوى الطليعية التنورية وقمعتها بالحديد والنار . 
إن التنوير في جوهره يعني تغليب التسامح وقبول الرأي الاخر ، والتخلص من التقليد ، وفتح  باب الاجتهاد ، وتحرير العقل من الخرافات والأوهام والأساطير . وكم نحن بحاجة لمثل هذا الأفكار في ايامنا هذه . 
وعلى ضوء ما يحدث الان في مجتمعاتنا واوطاننا العربية من تمزق وارهاب تكفيري ًوظلامي ، هنالك حاجة وضرورة ماسة الى احياء وبعث فكر النهضة والاصلاح والتنوير ، وارساء العقل والعقلانية ، وسيادة الروح النقدية ، وصناعة مستقبل جديد . ومن واجب ما تبقى من نخب فكرية وقوى متنورة ومتحررة وأحزاب تقدمية وعلمانية ، العمل والسعي الى بث الروح الثورية مجدداً بين اوساط الشعب والجماهير العربضة ، وترسيخ وعي ثقافي وفكري نهضوي وحضاري تحتاجه شعوبنا العربية الرازحة تحت نير الفقر والتخلف والعبودية والاضطهاد والقهر السياسي والاجتماعي .

مجيد حسيسي تسكنُهُ النزعةُ الإنسانيّة!/ آمال عوّاد رضوان




 أقام المجلس الملّيّ الأرثوذكسيّ الوطنيّ– حيفا ومنتدى حيفا الثقافي أمسية شعريّة للشاعر الكرمليّ مجيد حسيسي، وذلك بتاريخ 11-9-2015 في قاعة كنيسة مار يوحنا المعمدان الأرثوذكسية، شارع الفرس 3، حيفا، وسط حضور كبير من شعراء وأدباء وأصدقاء وأقرباء، وقد رحب الأستاذ المحامي فؤاد نقارة رئيس منتدى حيفا الثقافي بالحضور، وتولى عرافة الأمسية الأستاذ إحسان حسيسي، وكانت مداخلات نقدية لكل من د. صالح عبود بعنوان حضور المرأة في شعر المجيد، تناولت قراءة الكتابَيْن "عزفٌ على جراح الصّمت" و "بيت القصيد مشرّعٌ"، ومداخلة نقدية لد. منير توما بعنوان المشاعر الانسانية المتدفقة في شعر مجيد حسيسي، تناولت الكتابين "وطني على ظهري" و"بيت القصيد مشرّعٌ"، ومداخلة الفيلسوف معين حاطوم، وقد تخللت الأمسية قراءات شعرية للمحتفى به الشاعر مجيد حسيسي، وفقرة فنية غنائية مع الفنان قفطان عيسمي بقصيدة لحنها للشاعر مجيد حسيسي بعنوان (سميح أبو وطن)، ومداخلة زجلية للشاعر الزجلي نجيب سجيم، ومداخلة باللغة المحكية بعنوان مريول حيفا للشاعر راضي مشيلح، ومداخلة الشاعر علي ابو شاهين بقصيدة بعنوان (في كفّي ملحمةٌ)، وفي النهاية شكر الشاعر الحضور والمنظمين والمشاركين، ثم تمّ التقاط الصور التذكاريّة. 
*جاء في مداخلة د. صالح عبود بعنوان (حضور المرأةِ في شعرِ المجيدِ): الحضور والسّادة الكرام،                 اسمحوا لي قبلَ وُلوجيَ في قراءتي للمرأةِ في شعرِ المجيدِ، ومن خلالِ نماذجَ منتقاةٍ منسولةٍ من مجموعتيهِ "عزفٌ على جراح الصّمت" و"بيت القصيد مشرّعٌ"، وهي غايتي الثّانيةُ من حضوري بينَكُم، أن أُسفرَ عن غايتي الأولى، وأزفَّ شُكري الجَزلَ وعرفانيَ الأجَلَّ، لشاعرنا المكثرِ النَّميرِ الفذِّ المُعبّرِ الكبيرِ في كلِّ ما نَظمَ وقرضَ من شعرٍ يَتيمٍ ومقطوعاتٍ وقصائدَ تختزلُ تجربةً شعريّةً قَمِنَةً بكلِّ ثناءٍ وتقديرٍ. وأنَا من حشدٍ ممّن يُدمنونَ قراءَةَ جَديدهِ ونشيدهِ يوميًّا في صفحته المتوقّدة صباحَ مساءَ، في موقع التواصلِ الرَقْميِّ الفيسبوك، صفحةٌ خَليقةٌ بالقراءةِ والاهتمامِ والمتابعةِ، لما فيها من نصوصٍ شعريّةٍ رفيعةٍ من إبداعِ المجيد.  وها أنا باسطٌ أَصْغَرَيَّ: جَنانيَ الحافظَ وَلسانيَ اللافظَ ثناءً وعِرفانًا لكَ أبا يوسُفَ.
يعلنُ شاعرُنا في فاتحةِ مجموعته الشعريّة "بيتُ القصيدِ مشرَّعٌ" عن مجملِ ما تحتويهِ المجموعةُ برُمَّتِها، إذ يقول: "سَيبقَى بيتُ أفكاري، تُشرِّعهُ هواجسُ قلبِ إحساسي وأحلامي/ أزيّنُهُ بِحُسـنٍ جاءَ يُبدعُهُ، حـروفًا مـــن شذَا فكري بأقــلامي".
بذلكَ، يؤكّدُ الشّاعر، بما لا يقبلُ مراءً ولا جَدَلًا، أنّ مادّةَ شعرهِ في المجموعةِ المذكورةِ تحديدًا تتّسمُ بقصائدَ ومقطوعاتٍ وَنُتَفٍ وأبياتٍ مُثنَّاةٍ ويتائِمَ، كلّها تمثّلُ هواجِسَ جَنانِهِ المرهفِ حِسًّا وأحلامًا، ينقُلها للقارئِ من خلالِ حروفِهِ المنْتظَمةِ بحُسْنٍ وتَوليفٍ ينسَجمُ معَ إيقاعِ الحياةِ وقضاياها الّتي طَرَقَها في مادّتِهِ المُقَفّاةِ. ها هوَ يُمِدُّنَا بنفسِهِ وَنظْمِهِ وقافيتِهِ، فيخبرنا عن تصوّرِهِ للبيتِ الشّعريّ، فيوجزُ فيهِ قولَهُ: "إن لم أكنْ مددًا للشّعر أنظمهُ/ بَاتت قوافي الهوى، ترثي معانيها/ فالشّعرُ قافيةٌ، إيقاعهُ شَجَنٌ/ ألفاظُهُ سهلَةٌ تسمو براويها!" (67).
الشّعرُ في عُرفِ شاعرنا المجيدِ، شعرٌ مُقَفًّى، موزونٌ، لا بأوزانٍ خليليّة أو ما بعدَ الخليلِ، بلْ وزنُهَا الماتعُ المانعُ هوَ الشّجَنُ، أي الحزنُ وَالهَمّ، ومفرداتهُ ألفاظٌ جزلةٌ سَهلةٌ لا تعيقُ القارئَ، ولا تُحجِمُهُ عنْ فَهمِهِ وإدراكِهِ، فتَجعلُ النّصَّ الشّعريَّ ساميًا في نظرهِ، دانيًا من القارئِ دُنُوَّ السّاحلِ منَ البحرِ.
تتجلّى صورة المرأة في "بيت القصيد مشرّع" عن شعورٍ صادقٍ وعاطفةٍ رقيقةٍ، وفي حضورها في حاضرةِ قصيدتِكَ وبيتِكَ شاعرَنا المجيدْ، تذكّرنا دومًا أنّها ليست مُلحقًا أو تكملةً، بل هي شِعرٌ بذاتها وَلِذاتِها، وأنَّ حضورها في البيتِ جوهرُ البيتِ وعِمادُ تبصرتِهِ وآيةُ نُبوءَتِهِ. لم يكن شاعرُنا بعيدًا في شعرهِ عن أصواتٍ شعريَّةٍ محلّيّةٍ عربيّةٍ وإنسانيَّةٍ تعتمدُ عوالمَ المشاعرِ والعواطفِ الذّاتيّةِ، بلْ تيَمّنَ سَمتَ الورودِ والرّياضِ وَغاصَ في واقِعهِ حينًا، وَارتقَى في سَناءِ خيالِهِ وَمُخَيَّلَتهِ حينًا، فبدَا في قصيدتِهِ وَبيتِهِ مُحبًّا وعاشِقًا لكلِّ جميلٍ وادِعٍ شَفيفٍ، يَسرُّ الحياةَ ويبعثُ نشوةَ الحُلُمِ والأملِ والألَمِ الخَالدةِ. المرأةُ عندَ كثيرٍ من الشّعراءِ مصدرُ إلهامٍ وعنوانُ إشراقةٍ وحنانٍ وعاطفةٍ صادقَةٍ، وشاعرُنا الكرمليّ يعشقُ الجمالَ، ويستوحي في شعره صورًا بلمساتٍ شعريّةٍ مُثخنةٍ بالصّدقِ الحقيقيّ والوجدانيّةِ المُتَّقدةِ بالرّغبةِ والطُّهرِ: "إذا كَانت بِإخلاصٍ تواعِدُني   سأبقَى العمرَ أعشقُها بإخلاصِ/ أعيشُ بها، وفيها ما تبقّى لي/ منَ الأيّامِ، سجنًا أو بأقفاصِ" (16)
هذا شاهدٌ دالٌّ على أنَّ الوصالَ بينَ الحبيبَينِ مرهونٌ بشرطٍ هامٍّ وقَبليٍّ هوَ الإخلاصُ الصّادقُ بينَهما، وقد عمدَ شاعرنا في كثيرٍ من نصوصهِ إلى تسليطِ الضّوءِ على شروطِ الحبِّ وقيَمِهِ الخالِصَةِ وفي جُؤْجُئِهَا الإخلاصُ والصّدقُ، وهمَا قِوامُ العشقِ والهُيامِ:  فلا عشقٌ إذا ما سَوَّرَتْهُ/ بوادرُ صدقٍ وإخلاصٌ يصونُ/ فإنَّ حَياتِي بغيرِ عشـــقٍ/ فَراغًا يكونُ وَلَسْتُ أكونُ.
يعترفُ شاعرنا، أنّهُ بشرٌ ولهُ- كسائر البشر- جَذوةٌ في القلبِ، وَمن مِنَّا لا تُحدِّثُهُ نفسُهُ بالشّبابِ وَصَبَابَتِهِ؟! "قالتْ أراكَ شبابًا، قَلبُكَ الأسدُ/ تُحيي فؤادًا هـــــوَى بالعشقِ يرتعدُ/ مهلاً، أجَبتُ أنا، سهامُها انطلَقتْ  فيها، أعودُ الفتى، والوصلُ مستنَدُ!" (15)
ذاكَ هوَ الوصلُ الصّادقُ الّذي يبعثُ في الرّوحِ شبابَها، وفِي نارِ العشقِ دِفئَهَا، وفِي قلوبِ البشرِ نَبضَها. حبّرتُ هذهِ الورقةَ، وزوّرتُ (زيّنتُ) فيها مقالتِي، كي أصلَ بِكُمْ إلى قصيدةٍ وَقَعَتْ في نَفسِي موقعًا حَسَنًا، فَحازَتْ في قراءَتِي للمجموعةِ حيِّزًا، فوجدتني أنقلبُ إليهَا قارئًا مرّةً ثانيةً، حتَّى استحوذَتْ على تَبصِرَتي فقَضِيَّتُها قَضِيَّتِي، وغايَتها غايَتي..
أتأمَّلُ وإيّاكُم قصيدةً رشيقةً تُثقِلُها قضيّة المرأةِ الشَّرقيّةِ، إذ يُخاطِبُ الشّاعرُ من خلالها الرّجلَ الشّرقيّ مدافعًا عنها، وناصحًا إيّاهُ، وهو يقولُ: "يَا سيّدي/ يَا حضرةَ السّي سيّدي/ إن كنتَ تعتقدُ النّساءَ مهانةً/ أو سلعةً قد تُشترى من/ سوق أسواطِ النّخاسةِ والعبيدْ/ فتكونُ من أهلٍ قضَوا../ وتَنكَّرُوا للحُلمِ يبغونَ الوئيدْ/ للمرأةِ الحقُّ الّذي تحيا بهِ/ أوْ بعضُ شيءٍ من جديدْ/ فَلَها جمالٌ قدْ صَفا/ وَلَها بنينٌ للسّلامِ وللمحبَّةِ والصّمودْ/ وَلَها جذورٌ راسخاتٌ في صخورٍ من صدودْ/ فَبرَبِّ دينكَ.. هل أتيتَ منَ العدَمْ؟/ لا تَعجبَنَّ.. فرحْمُ أُمِّكَ يستحي/ والصَّمتُ أعيَاهُ الأَلَمْ!!/ يَا سيّدِي.. يا حضرةَ السّي سيّدي../ لا فرقَ عندَ ذكورِ إنسانٍ قَزَمْ/ أن يُظلمَ الحُسْنَ الّذي وهبَ الحياةَ منَ العدمْ/ إن تقتنعْ.. صرتَ الرَّفيقَ.. وإنْ تُعارِضْ/ سوفَ تحيا ظالمًا.. وَبنفسِهِ لقدِ انظلَمْ/ ولسوفَ تحيا تائِهًا../ من غيرِ طيفٍ سابحٍ.. ومؤيّدِ!!/ يا سيّدي../ يا حضرةَ السّي سيّدي" (39-41)
قصيدةٌ تُفصحُ عن موقفِه من مكانة المرأة في مجتمعِها الشّرقيِّ، إذ يطالبُ بإطلاقِ جناحيها من قيدٍ باتَ وهمًا ميْتًا. يطالبُ لها أن تعيشَ حياتهَا حرَّةً غيرَ هيّابَةٍ، فتختارَ لنفسِها ما تشاءُ، وتُعربَ عن رأيِها دونَ وجلٍ. يخاطِبُ الشّاعرُ الرّجلَ باسمٍ يعبّر عن حالَةٍ ينبُذُها هوَ وهيَ، "السِي سيّدي"، وهي عبارةٌ تعبِّرُ بمحمولها الثّقافيِّ عن حالَةٍ ووَضْعٍ هيمنَ منذُ سنواتٍ، ولا يزالُ، في عالمِ المرأةِ المتأرجِحِ بينَ ما كَسِبَتهُ وما تطمحُ إليهِ.. اختارَ الشّاعرُ هذهِ الصّفةَ للرّجلِ الشّرقيّ، أي "السي سيّدي"، كي يُعربَ عن موقفٍ رافضٍ لها، وكَيْ ينقضَ أسبابَ وجودِ شخصيّةِ "سي السيّد" الّتي حاولَ محفوظُ في ثلاثيّتِهِ المعروفةِ تسليطَ شيءٍ من الضّوءِ عليها، وشاعرُنا يعيشُ في زمانٍ آخرَ، وفي مجتمعٍ آخرَ، مختلفٍ في كثيرٍ من تفاصيلِهِ الصّغيرةِ والكبيرةِ عن عالمِ الثّلاثيّةِ، ولكنّهُ معَ ذلكَ، ينبّهُ إلى أنّ حالةَ "سي السيّد" لا تزالُ حاضرةً، وإنْ بزيٍّ مختلفٍ، إذ لم يَعُدْ "السّي سيّد" يلبسُ تلكَ الثّيابَ ويعتمرُ طُربوشَهُ الأحمرَ، بلْ نراهُ متمدّنًا في لِباسِهِ كاشِفًا شعْرَهُ، حضاريًّا في شكلِهِ، حتَّى يصلَ عندَ قضيّةِ الأنثى، فنجدُهُ هوَ هوَ.. "السي سيّد" بأسماءَ أخرى وأشكالٍ مغايرةٍ!
تغيّرتْ فينا أمورٌ كثيرةٌ، وما يزالُ في بالِ كثيرٍ منَّا أفكارٌ قديمةٌ يعلوها غبارُ السّنينِ الهِزالِ.. ولا يزالُ "السي سيّدي" يبتغي من المرأةِ أن تكونَ صَنَمَهُ المتحجِّرَ المفرّغَ من طبيعةِ النّاسِ وفطرةِ الخَلْقِ: تتشكَّلُ الأزمانُ في دوارَنها دُولاً/ وهنَّ على الجمودِ بواقٍ.
معالجةُ شاعرِنا المجيدِ لقضيّة المرأةِ من جانبٍ، وتعدّدُ أصواتِ القصيدةِ الواحدةِ من جانبٍ آخرَ، يدلُّ على تنوّعٍ ثريٍّ في سياقِكَ وتناوُلِكَ المُجَلِّي لرؤياكَ إزاءَ تِلكُمِ القضيّة الهامّةِ. ذكّرتني قصيدتُكَ، أبا يوسفَ!، ببعضِ أبياتٍ للرُّصَافِيِّ قالَ فيها: مَا أهونَ الأنثى على ذُكراننا/ فَلقد شجاني ذُلّها وخضوعُها/ ضَعُفَتْ فَحجَّتُها البكاءُ لخصمها/ وسلاحُها عندَ الدفاعِ دموعُها/ هي متعةُ المستمتعينَ ولَيتها/ كانتْ لزامًا لا يجوزُ مبيعها/ فوَليُّها عندَ الزواج يبيعها/ وحليلها عند الطلاق يبيعها/ وكلاهما متحكّم في أمــرها/ هذا يعرّيها وذاك يُجيعها. إنَّكَ في هذه القصيدةِ، كما في غيرها، تتقمَّصُ قميصَ الواعظِ النّاصِح لمجتمعٍ منَ الرّجالِ، الّذينَ يحيونَ تائهينَ في تيهِ أفكارِهم المُظلمةِ الظّالمةِ، فتدعوهمْ للبصرِ والتّبصُّرِ في رِحابِ الفكرِ التّنويريّ المنشودِ. نحنُ أمامَ شاعرٍ مكينٍ يمتلكُ قدرةً على إبصارِ الواقعِ، وإعادةِ صياغَتِهِ بأبياتٍ وأشعارٍ صادقةٍ تخدشُ الواقعَ المتهالكَ بشعريّةٍ حَيِيَّةٍ شُجاعَةٍ تتعطَّرُ منْ شذَا حروفِهِ الصّادقةِ المُصَدَّقَةِ.. فأختم كلمتي بقولي:
حَسْبُ الْقَوافي أنْ يَكونَ مَجِيدُ/ شِعْرًا مَجِيدًا لِلقَصِيدِ رَصِيدُ/ أَبْدَعتَ فِي كَلِمَاتِكَ إِذْ شُرِّدَتْ/ وَالنَّارُ تُبْرِدُ وَهْجَكَ وَتُقِيدُ/ أَبَدِيَّةٌ فيكَ المَشَاعرُ وُقِدِّتْ/ صَوتًا تَعَالَى نَزْفُهُ التَّغْرِيدُ/ هَاجرتَ في ذاتِ المُحبِّ طَلاقةً/ وَصَبَأتَ من دينِ السُّكونِ تريدُ/ نَجعًا رَواءً للقصيدِ وللهوى/ يُنشيكَ رُوحًا يَنضَويها مَجيدُ
مداخلة الفيلسوف معين حاطوم:  كتبت مرة،  الفكر أوصل الإنسان الى القمر، والشعر أنزل القمرَ إليه، ولأن استاذي الشاعر مجيد حسيسي كان قد أنزل الأقمار إلينا على مدى ستين عاما، فأضأت أخاديد أرواحنا، وداعبت غوامض نفوسنا، وحثتنا عن حب واحترام لنقتديه، فلقد كان أستاذًا ومُربّيًا، ومن ثمّ مديرًا، دأب ألّا يبخلَ على طلابه في استنطاق نفوسِهم بجَمال الكلام، وبديع الخيال، والتشجيع على صحيح الإنشاء والمطالعة والتأليف، فلقد آمن بأن مطابخ الشعوب العظيمة من حبر ولون وورق، ولحسن حظي كنتُ أحد تلامذته، وواحدًا من العشرات الذين شجعهم على الاستمرار في طرْق أبواب الأدب والفسلفة والفن.
مجيد حسيسي شاعر يسهل الحديث عنه، فلم يترك بابًا من أبواب الشعر إلّا وطرَقه، ولم يترك موضوعًا إلّا وتفاعل معه. حمل وطنه على ظهره، ولم يتركه ليتدحرج كصخرة سيزيف. تفاعلَ مع الظواهر الاجتماعيّة السلبيّة ودحَضَها مُستنكِرًا. مجّد الوطنيّين وأنشدهم شعرًا، مثل سلطان باشا، وياسر عرفات، ومنديلا وغيرهم، وجعل من قلبه دفيئة للمعاناة والأحاسيس الإنسانيّة، مُتوِّجًا إيّاه بالحبّ والشوق والحنان من جهة، والتخوُّف والقلق من شرور الدنيا ومآسيها من جهة ثانية. 
لا مجالَ في هذه الكلمة القصيرة للإسهاب والتصنيف لإنتاج الأستاذ مجيد شعرًا ونثرًا، فمواسمه الخضراء كثيرة، وحدائقة لا تشكو من وفرة الورد والشوك، ولكنّني أشعر برغبة أن أحدّثكم عن نقلة نوعيّة في نتاج الأستاذ مجيد، فهناك انطباع عامّ، بأنّ الشاعر حين يختمر بحكمة الأدب والشعر، يتصوّبُ بفكره وإحساسه نحو الخلاصات. إنّها حالة من النضوج المتسامي، يسعى من خلالها صاحبها، من فضّ المظاهر والتفاصيل الهامشيّة، بغية الوصول إلى جوهر القول، ولو نظرنا الى تاريخ الفكر الفلسفيّ، لرأينا أنّ الاشتراط هو أساس للعلائق المنطقيّة التي تقود إلى النتيجة الحتميّة، فأنت لا تشترط شيئًا منطقيّا، إلّا إذا تيقنت من كماله كفرض منطقيّ، هذا طبعًا في علم المنطق، ولكنه يتخذ شكلًا آخر من أشكال الفرْض أو الإشتراط عند الشاعر، فالفرض أو الإشتراط منوطان بحصانة معرفيّة، وتجربة ثابتة في الاستقراء النفسيّ لحقائق الوجود الحسّيّ والأخلاقيّ. 
يقينًا إن الأستاذ مجيد ارتقى إلى هذه الحالة النادرة في ثقافته الحسّيّة والجماليّة، فطعّمها باشتراط هو الباب والمسلك لقول الحكمة، ولكي لا يبدو قولي غامضًا، فأنا أحدّثكم عن شرطيّات مجيد حسيسي في كتابه الذي لم يرَ النور بعد، والذي أطلق عليه اسم "إذا"! فاسمحوا لي بأن أقرأ لكم بعض قصائد هذا الديوان، وهي كما سلف أعلاه: اشتراط وطرح وخلاصة حكميّة: 
إذا انطفأتْ مِنَ الأحداقِ عَـيْــــنٌ/ فعَـيْـنُ الحَـقِّ تجعَـلُـهُ البصيــــرا ! وفي مكان آخر: إذا اجتمعَتْ قوى الأخيارِ في وطني/ يباتُ المجْدُ فوقَ رؤوسِهِمْ عَلَـما! وأيضًا: إنْ أنتهي.. نعشي يكونُ مِنَ الحروفِ ومنَ الكلامْ/ فأنا أُكَـنّى الضّـادَ في عُرفِ الأنامْ.. لن أنتهيْ.. مادامَ في أرضي بقايا من عربْ أو بعضُ شيءٍ من سلامْ! وغيرها الكثير الكثير من الشرطيات الحكمية. تحياتي لأستاذي الشاعر مجيد حسيسي، وكلّي أمل أن يرى "إذا" النور حين يكتمل .
مداخلة د. منير توما بعنوان- المشاعر الإنسانيّة المتدفقة في شعر مجيد حسيسي
أتناول في هذه المداخلة مجموعتين شعريّتين للشاعر المبدع الأستاذ مجيد حسيسي؛ "وطني على ظهري"، و"بيت القصيد مُشرّعٌ"، علمًا أنه صدر لشاعرنا في السابق عدد من المجموعات الشعرية الأخرى، ولكني آثرتُ في دراستي الموجزة هذه، أن أتطرق إلى الجوانب المحوريّة التي تعكس المعاني والصور الأدبيّة، التي تنبعث من هاتين المجموعتين، باعتبارهما تمثيلًا صادقًا، ومُعبّرًا عن شاعريّة الأستاذ مجيد المتألّق دائمًا في عالم القوافي، والفيّاض برهافة الحسّ الشفافة دائمًا وأبدًا. 
إنّ أكثر ما استرعى انتباهي في مجموعة "وطني على ظهري"، أنّ شاعرنا قد تناول المعاني وراء كلمة "الصمت" ومشتقاتها الواردة في القصائد بصورة مبطّنة، حيث يظهر في معظمها "موتيف الصمت" بشكل بارز، وبالتالي فإنّ الشاعر يكون قد قصد معنًى معيّنًا يعكس نفسيته في مواقف معيّنة، لتبرير وتسويغ أحاسيس تعتمل في صدره وفكره، وهذا يقودنا إلى فكرة "المعادل الموضوعي" التي ابتدعها الناقد والشاعر العالمي ت.س. إليوت، الذي من خلاله، لا يُعبّر الكاتب عن آرائه تعبيرًا مباشرًا، بل يخلق عملًا أدبيًّا فيه مقوّماته الفنيّة الداخليّة، التي تكفل فنّيًا تبرير الأحاسيس والأفكار للإقناع بها، بحيث لا يحسّ المرء أنّ الكاتب يُفضي إليه بذات نفسه بإثارة المشاعر المباشرة دون تبرير لها.
لعلّ شاعرنا في مجموعة "وطني على ظهري"، قد اختار كلمة "الصمت"، باعتبارها موتيفًا يتكرر في معظم القصائد، وذلك انطلاقًا من كوْن الشاعرية حالة نفسية منوطة بدرجة الانفعال واتساع نطاقه، وأسمى درجات الشاعرية وأفعلها في النفوس، ما كان منها واسع الانفتاح على أعماق الحياة، وصادرًا عن النشوة الداخليّة واللذة الوجدانيّة. وفي هذا الديوان تعبيرٌ عن تجربة انفعاليّة، في تمازج تامّ بين التجربة والتعبير عنها، ويستعين بتقنيّاتٍ جديدة وتغيّراتٍ شكليّة في الشعر، تنبعث من فكرة وشعور هادف يمتاز بطابع عاطفيّ قويّ. فيتحدّث الشاعر في أولى قصائده "شيءٌ من إباء" عن صمتٍ صارخ، يُفهم من إيحاته، إلى أنه تسيطر على سطور القصيدة عاطفة الأسى والحسرة للحالة التي صار إليها الوضع العربيّ، والصّمت الصارخ هنا يوحي بثورة هادئة في أعماق نفس الشاعر الذي يتألّم ويعاني بصمت ثائر فيقول: هذي عيونُ الفجرِ تسألُ/ دموعٍ في عيونٍ من مساء/ هذا جناحُ الليلِ/ الصمتُ فيها صارخٌ/ يبغي العبور(ص 9-10).
ويبدو أنّ للصمت سلطته الفنيّة والمعنويّة والإيحائيّة على الموقف المتمثل بالعاطفة المتّقدة والنفسيّة المائجة، فيقول "في ليلة" (ص14)، مشيرًا إلى فعل الصمت قائلًا: في ليلةٍ/ صمتت نجومُ الليلِ وانتحبَ القمرْ/ النّاس في بلدي تماثيلٌ...صورْ/ وخيوطُ سِرْكٍ في الملاهي كالدّمى/ وقصيدتي/ جزءٌ من الأحداثِ تُفهمُ بالوما.     هنا يعقد الشاعر مقارنة بين صمت النجوم وحالة الناس المتردية في سكونهم، وتسليمهم بالأمر الواقع المحيط بهم، ويشبّهُ الصمت من حوله بالضجيج والدوّامة، استعارة عن ثورة داخليّة هادئة بهيجانها، في جوانحه التواقة دائمًا رفض حالة الخواء والابتئاس والتراجع، التي تحدق بالأوضاع السائدة، فيقول ص18:  الصّمتُ من حولي ضجيجٌ في احتراقي/ دوّامةٌ.. تحمّلني أوزارها
وكما للصمت بريق، فإنّ "معايير الحياء" في هذه الحياة وهذا المجتمع تصمت وتتلون وتتبخر، دلالة على الخواء الأخلاقي وانعدام الالتزام بالثوابت المتعارف عليها، وسقوط المحبّة التي يجب ألّا تسقط أبدًا، لكنّ ضياع موازين الحياء التي صمتت، قد أفسدت كلَّ جمال في دنيانا، كما جاء في قصيدة "أحبّك" ص29: صمتت معايير الحياءِ.. تلوّنتْ/ وتبخّرتْ مثلَ الأثيرْ.
أمّا قصيدة "أوترحلين" ص46، فترد فيها كلمة "الصمت" والتي تشكّل معادلًا موضوعيًّا في القصيدة، باعتباره يصوّر انفعالًا خاصًّا، لتجربة حسّيّة يُثار فيها الانفعال إثارة مباشرة، وهي تُعبّر عن موقف إنساني يعتريه الشجن والحزن الممتزج بالطبيعة، حيث أنّ الصورة الشعريّة تتعاون فيها الصور الجزئية، وتحلّ الصور الجزئيّة محل الأنغام في الموسيقا، بكوْن اللغة تمتاز بالحيويّة ذات الكلمات والأسلوب السلس: أوترحلينْ؟/ والصّمتُ من أوصال مَن قطع الحنين/ العشقُ يرعى مع نجوم الليل في فلك السّنينْ/ أوترحلينْ؟ وبقيّة من فجرِ صبحٍ/ تتفجّر الأضواء فيه.. من أنين!
اللافت في الديوان أنّ الشاعر يتّسمُ بالدقّة في التعبير عن جوانب النفس، فالألفاظ حيّة، والعبارة موحية بعيدة عن التكلّف، يأتي الخيال فيها لتأييد الجو الوجدانيّ العامّ، وترسيخ العاطفة، كما في عبارة "صمت القدر" من قصيدة "سأموت" ص 54: سأكون في صمتِ القدَر/ أرجوحةً/ أو لعبةً للطّفلِ.. لم/ يجدِ الطّعامَ..  ولا الثّمرْ!  وفي "كلّ المراكب غادرت" ص114: "بالصّمت أحكي ما يجيش بداخلي"، حيث يجعل الصمت ناطقًا مجازًا، ترافقه موسيقا ناعمة سلسة بشعر خافق منساب بأشجى العواطف الإنسانيّة وأسماها، فشاعرنا يحترف استخدام الاستعارات في قصائده بالحيوية والأداء التصويري والعمق الفكري الإنساني، والابتكار المطلق والارتباط بالطبيعة، وهذه المعاني تظهر في النّص "أحلام الجدود" ص 121: صمتَ الترابُ بأرضنا متنهّدًا/ فتنهّدت فينا السّواقي والعيون/ صرنا دخانًا في فضاءٍ يستحي/ وتراثنا كجراحِنا.. فينا يهونْ. هنا تتضح لنا وحدة الجوّ النفسي المتمثّل في الأسى واليأس والألم والمعاناة.
 المجموعة الشعريّة الثانية "بيت القصيد مشرَّعٌ" للشاعر مجيد حسيسي، تمتاز بخصوصية فريدة تختلف بشكلها، من حيث إتيان الشاعر بأبيات قليلة العدد كوحدة واحدة، دون أن تشكّل هذه الأبيات قصيدة بحدّ ذاتها، لا بل أحيانًا يجود علينا الشاعر ببيت واحد منفرد، يحمل في كلماته الكثير من المعاني الثريّة بالصور والإيحاءات الأدبيّة الفنيّة، يتخلل كلّ ذلك جانبٌ كبيرٌ من الحكمة الاجتماعية الفلسفيّة جزلة الألفاظ، واضحة المعاني لا يعتريها وعورة أو تعقيد، إلّا أنّها رصينة المبنى ومتينة التركيب، وهذه الميزات تدخل في إطار ما يُعرف بالسهل الممتنع في دنيا الأدب، فينتهج غالبًا أسلوب الشعر الكلاسيكي العمودي الموزون المقفّى. في مجموعة "بيت القصيد مشرّع" يبدو شاعرنا وجدانيًّا في قصائده، مصوّرًا الأحاسيس الذاتيّة من خلال ومضات شعريّة دافئة مفعمة بالروح الهادئة، والفيّاضة محبّة وخلقًا رفيعًا يفوح بنزعة إنسانيّة، لا يتبنّاها وينتهجها إلاّ كبار النفوس من ذوي الخير والتسامح والسلام، في عالم يعجّ بالعنف من شتّى الضروب، وبالمتناقضات من مختلف الاتجاهات وبالتوتّرات البشريّة الحافلة بالعيوب الإنسانية، وبالتّالي فإنّ شاعرنا يتجه كثيرًا في أشعاره إلى نظرة صوفيّة واضحة أحيانًا، من حيث المعاني الموحية عبر كلمات ومفردات تؤكّد مدى تأثّر شاعرنا بالشعر الوجداني الصوفيّ، وإن كان هذا التّأثّر يُلمَس بالفطرة عند القارئ، ليبعث به إلى حالة من التّأمل المؤدي إلى نشوة نفسيّة روحيّة داخليّة، بفعل جماليّة الكلمة معنىً ومبنىً.
شاعرنا يأتي بمقطوعات شعريّة تفيض وجدًا وتأمّلًا، ككتلة ملتهبة من مشاعر وأحاسيس مرهفة العواطف، تتدفق بانسياب متأتّ عن استغراق في الألم الكامن المكبوت في قلب الشاعر، كما ص 12-13: يا قلبُ، في ضعفكَ المنهوكِ خاتمتي فهل تنيرُ الفضا، ركنًا بلا عمدِ؟ يا قلبُ، لو صرختْ من لهفةٍ وبكتْ فالدّمعُ حجّتُها، والصّمتُ لا يجدي قد كنتَ لي سندًا، في الوصلِ تسعفُني واليوم بتَّ قذىً في عينِ مُحتدٍ! 
نلمس لدى شاعرنا مشاعر إنسانيّة أصيلة، تولي ضمير الإنسان الأولويّة في إشاعة نور الحياة في هذا الوجود، مما يشعرنا أنّ الشاعر يتألّم من غياب الضمير عند الكثير من الناس، ويبدو ذلك إشارة وتلميحًا من خلال البيت المنفرد ص23 و ص24: ضميرُ المرءِ في الدنيا شعاعٌ إذا انفقدَ الضّياءُ من الوجودِ! قد يكونُ الموتُ حقًّا تستحي منهُ الظّروفْ/ إنّما موتُ الضّمائرْ تستحي منهُ الحتوفْ .
هكذا يؤكد مدى إيلاء شاعرنا للضمير في حياة الإنسان الأهميّة القصوى التي لا تقبل المساومة أو الإلتفاف على الضمير بأيّ شكلٍ من الأشكال، وفي موضع آخر من الديوان، يأتي شاعرنا ببيتٍ منفرد من الشعر يحتوي على كثير من حكمة الحياة، فيما يتعلق بالصمت والبوح أو الكلام، مما يذكّرنا بموتيف الصمت، حيث يشير هنا إلى أنّ الصمت يكون أحيانًا أبلغ من الكلام، كما أنّ البوح يشكّل أحيانًا نوعًا من الضعف أو قصورٍ في الحكمة بشأن أمورٍ يستعصي على المرء الحصول عليها أو تحقيقها مهما باحَ أو تكلّم بخصوصها كما جاءص61: قد يكونُ الصّمت أقوى من كلامٍ لا يُقالْ أو يكونُ البوحُ ضعفًا في أمورٍ لا تُنالْ. 
هكذا نخلص إلى حقيقة كون الشاعر الأستاذ مجيد حسيسي إنسانًا رقيقَ الشعور، يترفع عن الصّغائر ويعيش مع الذات الإنسانيّة في بُعدها الأخلاقيّ والوجدانيّ، تشهد بذلك أشعاره في مجموعتي "وطني على ظهري" و "بيت القصيد مشرّع"، بالإضافة إلى مجموعاته السابقة حيث يتجلّى فيها أيضًا ذلك الإنسان المتألّم مما يسود الدنيا من مثالب واعوجاج، يعاني بصمت الإنسان الراقي المتحضّر المستقيم، علاوة على كونه شاعرًا لامعًا تتنوّع أغراض شعره الفريد بشكله ومضمونه وأناقته، من حيث متانة اللغة وجزالة الأسلوب وثراء المعاني، ففي هذا الشعر نلمح نفحات صوفية خفيفة الصدى، تنبعث من روحه الطيبة المقرونة بأفكار حكيمة صائبة، ليجمع كلّ ذلك في بوتقة من شعر الحياة سلس التدفق ومعتدل الانفعالات. فلشاعرنا مجيد حسيسي أصدق وأطيب التمنيات بموفور الصحة والعمر المديد وبالمزيد من العطاء والإبداع.
مريول/ راضي مشيلح: مع بَسِمْتوُ فاق البحر والموج مثل خيول جفلانه وحيفا عروس وراكعه تْصلي تا يرجعوا مثل الفجر غيابها ال ياما وياما بالشعر غنولها وغفوا عيون الليل في جَدّولها وجاي انا بعد الوقت حامل معي سلة حروف ملوّنه مثل الطفل أول ما بلْش بالمشي خايف من خيول البحر تا توقعو ولما شفوني عيونها ع طول فتحتلي ايديها وقلبها حبيتها وبلشت ارسم طولها امي انا ومتعربش بمريولها
علي ابو شاهين/ جمجمة جدي تبرعم: معجزة هي يا سيدي أن تبرعم جماجم الموتى/ وان تزهرَ أعمدةُ المدينة وأن ينسى الفلاحون/ زهران تعال لأحدثكَ عن شيخ الشباب عن أسدٍ هصورٍ لا يخاف الذئاب عن جمجمة شهيدٍ بين الصخور داعبتها الوحوشُ نظفتها النسور/ وكان ما كان ودار الزمان وكان طوفان نوح/ وراح قابيل بقتل أخيه لا يبوح/ عادت الحمامةُ ونبش الغراب التراب وحرّم أمرؤ القيس الصبوح وسرنا على رفات الأجداد ننكر الماضي نعيش الأمجاد ونتدحرج بثوب انسان زرقاء اليمامة أنبأتنا عن جيلٍ يأتي وعن جيلٍ كان عن قصر الخَوَرنَق/ عن أجراس الكنائس عن مال قارون/عن أحلى النفائس عن تاريخٍ أبطالهُ محرومون وأنذاله مُمَجَّدون عن حجّاج فضّ غشاءَ بكارتنا/ ونام في أمان على ايهاب الغزلان رحنا يوماً نداعب أعشاش الطيور حيث جمجمة جدي دون القبور طالعتْنا نبتةٌ غريبةٌ بزهرٍ ينثُّ نور لا مثيل له بين الزهور أخبرنا عرّاف البلد ونساء القريةِ وكُلَّ الطابور من الذئب الكاسر إلى ابن وردان لنسمع صوتاً العقل فيه حار الجمجمة نبتةٌ إخضوضرتْ وبدا فيها الإزهار إبنوا حولها مقاماً مقدساً وقُبَّةَ مزار رُفع عن عيوننا الحجاب ورُشقنا بسهمٍ يحملُ أسمى آياتِ العتاب سجدنا وراء الإمام/ وقررنا أن تكون جمجمة جدي عنوانَ الكتاب في سفرٍ يُدوَّنُ فيه كل من أصاب ويبقى عبر الزمان حديث المضافة والديوان 
قصيدة نجيب سجيم: يا مجيد بليلنا الغريد/ حيفا بوجودك غار منها العيد/ وأيلولها شفتو متل نيسان/ زهّر كأنك راسمو بهالإيد/ وإنت الـ عمرك للشعر ألوان/ جمعت الفصول بأجمل مواعيد/ كنت بربيعك ورد والأغصان/ كل يوم تغزلن قميص جديد/ وصيفك متل منجيرة الرعيان/ يسكب لحن ويقول عيد وزيد/ وضوّا خريفك بالحبق مليان/ وغنّاك مزراب الشتي تغريد/ والدالية بالكرمل المنصان/ بين الوراق وبين العناقيد/ قالت الك يا صاحب البستان/ بعمر الصبا عشقتك عنب حليان/ واليوم جايي أشربك يا نبيد.
مجيد حسيسي/ أبا الأوطان/ إلى روح سميح القاسم/ لحّنها وغنّاها الفنان قفطان عسيمي: أبا الأوطانِ، هلاّ قمتَ تسعى ليرقى المجدُ أرضًا في انتحابِ رسمتَ الحرفَ لوحاتٍ لتبقى مُخلّدةً على صدرِ الكتـابِ/ صنعتَ المجدَ من حرفٍ تجلّى وصنتَ السّيفَ من صدأِ القِرابِ/ زرعتَ الحبَّ في صدر المنايا وذقتَ المُــرَّ من كأسِ الشّرابِ/ حملتَ النّعشَ تسعى في جهـادٍ قطفتَ الحبَّ من كلِّ الشِّعابِ/ عشقتَ الأرضَ ترويها حنينًا وتعمـلُ دونَ قصدٍ للثّواب/ تُحنّى الحرفَ تجعلُهُ حُـسامًا يُـعرّي الغاصبينَ منَ الثّيابِ/ تُراسلُ توأمًا للروحِ سرًّا وتبكي مثلَ أنّاتِ التّرابِ/ تُـكلّلُ هامةَ الأحزانِ غارًا وتمسحُ دمعَ عينٍ من عذابِ/ فقدتَ زميلَكَ المحمودَ نورًا ليرقى، دونَ تذكرةِ الإيابِ/ وجئتَ اليومَ مُنفردًا بِـســفْرٍ وتحملُ همَّ شعـــبٍ في اكتئابِ!/ حباكَ اللهُ في مرضٍ عُضالٍ ويأبى أن تكونَ بِلا انتســابِ/ فمنتصِبًـا بقامتكِ المسيرُ ومنتشيًا كصقرٍ في اقترابِ/ أطالَ اللهُ دهرًا عِشْتَ فيهِ وأغدقَ شهدَهُ من كلِّ بابِ!/ أبا الأوطانِ هلاّ قمتَ تسعى ليرقى المجدُ أرضًا في انتحاب!
مجيد حسيسي/ حيفا والمهاجر: قد ضقتُ ذرعًا يا زماني كأنّني بحرٌ تراجعَ للفضاءِ مُسلِّما تتمرّغُ الأمواجُ فوقَ عُبـابِهِ كالأفقِ يرسمُ للثّريّا سلّما الموجُ في حيفا حزيـنٌ عاتـِبٌ قد أزبدَتْهُ خديعَةٌ.. فتألّما هاجت عواصِفُهُ تُـعِـدُّ مُخلِّصًا والرّيـحُ غاضبةٌ تصدُّ تظلّما! حيفا تنامُ على ضلوعِ مهاجرٍ والكرملُ الوسنانُ يجثو نائِـما فاحتْ زهورُ تِـلالِهِ وتعطّرَتْ.. أنفاسُ صُـبحٍ باتَ يلهو حالِما قد ضاقَ مثلي بالزّمانِ كأنّهُ أمسى مخيفا صامتًا متشائما ذابت خيوطُ النّورِ منهُ تأسّفًا صارت منارًا فوقَ ديرٍ قائما في طلعةِ العذراءِ يبكي كرملي ومآذنُ الأديانِ باتت صائمهْ! حيفا تنامُ على ضلوعِ مهاجرٍ أجراسُها صمتَتْ وعيني لائمهْ!
مجيد حسيسي/ إليكَ عنّي: يا مـَن تسربلتَ حنايا جسدي وتزودتَ من طعامي ودَمي/ وصِرتَني وصِرتَني مثلي حالمًا أو نادمًا تشكو عنائي من فمي/ صرنا على وجهِ المياهِ موجةً تكسّرَت على صخورِ العدمِ/ صرنا على صدر الليالي نجمةً تساقطت على شفاهِ النّدمِ/ صرنا على الفجرِ الرّطيبِ قُبلةً تبخّرت فوقَ الرّصيفِ المُـعتِمِ/ رسمتَني كالطّـائرِ المذبوحِ في ليلةِ إلهامي ربيعَ الموسـمِ/ أنتَ الذي جاءَ بداخلي وانتهى بداخليي سمو معي للأنجُمِ/ أنتَ الذي يُضحِكُني بدمعِهِ تبكي معي على ذراعي ترتمي/ طفلانِ كنّا حينَ ضعنا وانتهتْ هُويّتي فجئتَـني لتحتمي/ دخلتَ نفسي من سراديبِ المنى قد وشَمونا بلهيبِ الميسمِ/ صرنا معًا نمشي على غيرِ هدىً صرنا بقايا قلبِـنا المُتيّـمِ/ أنتَ الذي ابكيكَ فيَّ خاسِرًا خسِرتَني خسِرتَني كلَّ الأسهمِ يكفيكَ أنّي أحملُ الإسمَ الذي سُـمّيتَـهُ لأهلِ فخرٍ ننتمي/ أنت الذي أضعتَ منّي سيرتي إليكَ عنّي فكفاني خاتَـمي/ بإصبعي مزركشٌ.. ما غشّـني ما كان من أسبابِ تعسي المؤلِمِ/ إليكَ عنّي.. لن تبيعَ موقفي من ثورتي.. أنا لشعبي أنتمي/ إليكَ عنّي فإنّي من يَعْرُبٍ ما كمتُ يومًا في ثيابِ الأعجمي!!
مجيد حسيسي/ أنّةُ المسيحْ: يا ربُّ كفاني تجربةً فالأرضُ مثيرةُ أحزاني وتُدمي النَّفْسَ في جسدي فشعبُ الأَرْضِ أعياني نزلتُ الأرضَ بالتّقوى نثرتُ الحُبَّ في الطّرُقِ جمعتُ النَّاسَ من حولي زرعتُ الشّمسَ في الأُفُقِ وفوقَ الماءِ أحيانًا مشيتُ كأنَّ في حقلي فقالوا ذاكَ مجنونٌ وقالوا هذا من زُحلِ/ فبتُّ كأيِّ مأفونٍ وباتَ الجِنُّ في عقلي سئمتُ النَّاسَ أعلّمُهم سئمتُ الرّوحَ في بلدي أدرْتُ الخَـدَّ في جَلَدٍ شبعتُ الضّربَ في جسدي سئمتُ النَّاسَ أسامحهم سئمتُ الرّبَّ في النّـاسِ لئنْ صممتَ يا ربّي على إيفادي للأرضِ فهذي الجنّةُ اِفتحْها لأخرجَ منها للأبدِ/ فنارُ جَهَنَّمَ أُخمِدُها ونارُ النَّاسِ تكويني فسجّلْ تحتَ أقدامي وفوقَ الشّمسِ من عِبَري: مسيحُ النَّاسِ يكرهُهم لأنّ النَّاسَ مُذْ وُجِدوا يدوسون على النَّاسِ وأنّ الدّينَ لا يُجدي فدينُ النَّاسِ في النَّاسِ 
مجيد حسيسي/ مـَن يا تُرى في هذه الدنيا أكونْ: من يا ترى في هذه الدنيا أكونْ؟ أمِنَ الجهالةِ والعدمْ؟/ أم من سلالةِ زاهدٍ عافَ الحيــــاةَ بكلِّ ما فيها وسافر في طريقٍ من ضبابٍ من ندمْ؟/ وأنا على هذا الرّصيفِ مواعدٌ وصلَ الظّنونْ النّورُ من وَهَجِ الفنارِ يخيفُني والصّمتُ يجعلُني شريكًا في السّكونْ أتحسسُ الأحلامَ أشربُ خمرتي.. من دَنِّ فجرٍ حالمٍ.. والنّجمُ يرقصُ في جنونْ مـَن يا ترى في هذه الدنيا أكونْ؟ أمِنَ الثَّرَى قد جئتُ طينًا ينشوي فيهِ القمرْ؟ أم من ترابٍ باردٍ لا ينكوي منه القَدَرْ؟ أم من رياحٍ عاصفهْ؟ أم من قنابلَ ناسفهْ؟ أم أنّ في الدنيا مكانًا جئتُ منه وانتهى مثلي بلا وطنٍ.. سماءٍ.. أو مطرْ؟ من يا ترى في هذه الدنيا أكون؟ أمِنَ الجُنونِ وشربِهِ كأسَ المجونْ؟ أو من تلاقي الشّـرِّ في جحرِ الفجورْ؟ أو من بلادٍ لم يعُدْ فيا التَقى.. كفرَتْ بنعمةِ ربِّها.. عبدتْ صحورْ؟ باعتْ كرامةَ جلدِها وتمرّدتْ صارت مَتاعًا .. تنتشي من خمرةٍ.. والفِسقُ فيها في الجدورْ؟ من يا تُرى في هذه الدنيا أكون؟؟ للهِ فينا.. بعضُ شيءٍ من شؤونْ !!

سبوبة/ أشرف دوس

فجأة وبدون  سابق إنذار أصبح احمد عز لقمة عيش لاى اعلامى مش لاقى موضوع حلقة و فجأة بقة هوة الشماعة والى يعلق عليها اى سياسي فشل السياسة في مصر دولة بأكملها تحمل رجل واحد مسؤولية ما حدث من ظلم و فساد ... أنا شايف ان هوة ليه حق الترشح و عن الفساد الى كان بيعملوا و التزوير فا انا عايز اسال سؤال .. حد زمان كان يقدر يقول لحسنى  مبارك لا ؟ 
والواقع أن  ترشح عز بمثابة عودة الى الوراء وكانه لم يكن يوجد ثوره وارى ان الشعب فى الوقت الحالى يتحمل ارتفاع الاسعار والظروف الصعبه من اجل الوطن فاذا قتلت فيه الاراده وحب الوطن فماذ تنتظر من هذا الشعب هذه الكلمه لمن فى يده الامر اذا كنتم تريدوا أن نصدقكم ونثق فيكم يجب أن يكون للدولة مخالب تستخدم في هذه الظروف الحالكة 
دوله كامله قاصده رجل واحد ... يا جماعه هو عاوز يترشح  حقه وإحنا ولجنة الانتخابات  من  حقنا  نرفض و 
انا ضد اقصاء عز او غيره من المشهد السياسي ولازم ندى الفرصه للكل 
اسمع  من  يقول  الراجل ده لو فاسد كان قفل المصانع كلها وشرد العمال و هو إيه اللي جبره على الذل اللي شافوا فئ آخر 4 سنين ما هو كان سافر خارج البلد و ريح دماغه لكن الراجل ده بيحب البلد علشان كده لسه بيفتح  مصانع جديده و بيشغل عماله كتيره و اديلوا فرصه تانيه يثبت حبه للبلد
وهناك اخر  يرى انة  يجب  على المسئولين والرئيس  ان  يحاكموه على تزويره الانتخابات وعلى فساده فى الصناعة والبرلمان والوطن الان لايستحمل امثال هؤلاء الفسده ,,نحن نبنى مصر الجديده مصر النظيفة من إشكال الزبانية وأصحاب المصالح الخاصة والأهداف الشيطانية 
للناخب المصرى فقط الحق في اختياره آو استبعاده لا نريد إقصاء لأي مواطن لإغراض سياسية وأحقاد  ,وأخير
لك الله يا مصر ( وحسبنا الله ونعم الوكيل)

أنفاقُ غزة شراكٌ إسرائيلية/ د. مصطفى يوسف اللداوي

منذ أن انتهى العدوان الإسرائيلي الأخير على قطاع غزة في شهر آب 2014، والكيان الصهيوني مشغولٌ برمته في قضية أنفاق المقاومة، التي شكلت له رعباً مهولاً، وعيشته كابوساً كبيراً، وتسببت في خسارته لبعض جنوده أسراً وقتلاً، وأرهبت سكان المستوطنات القريبة من قطاع غزة، الذين كانوا يتوقعون أن يجدوا مقاتلي المقاومة الفلسطينية فجأةً بينهم، يقتلون ويأسرون ويعودون من حيث أتوا سالمين غانمين لم يمسسهم سوء.
وفعلاً قد نجحت المقاومة الفلسطينية في العبور إلى العمق الإسرائيلي عبر الأنفاق الكثيرة التي تتشعب تحت أرض القطاع، ودخلوا إلى مواقع عسكرية إسرائيلية، واشتبكوا مع حاميتها، وأوقعوا فيها خسائر مادية وأخرى معنوية، كانت أشد وقعاً وهولاً على نفوسهم من الأولى. 
إذ كيف نجح المقاتلون الفلسطينيون في الوصول إلى مواقع عسكرية حساسة، رغم حالة التأهب القصوى التي يعيشها العدو، ودرجة الاحتياط العالية، ومستوى الانتباه واليقظة التي يبديها الجيش الإسرائيلي، فضلاً عن الكاميرات والمناطيد وأجهزة الرقابة والتجسس، والطائرات التي تملأ الأجواء، ولا تتوقف عن الطيران في الليل والنهار، تجمع المعلومات، وتصور المواقع، وتتابع حركة المقاتلين وترصد أنشطتهم.
أدرك قادة أركان جيش العدو الإسرائيلي، أن الأنفاق التي حفرتها المقاومة، وبنتها تحت الأرض، وجعلت منها شبكة منظمة، وزودتها بكل ما تحتاج إليه من وسائل اتصالٍ قويةٍ وفاعلة، فضلاً عن الكهرباء والتموين، والممرات والمسالك السرية، التي تمكنها من المناورة والانسحاب في حال اكتشافها أو قصفها، أنها ستكون السلاح الاستراتيجي القادم، الذي ستعتمد عليه المقاومة، وستزيد من إمكانية اختراقه للبلدات الإسرائيلية، بحيث يسهل على رجال المقاومة الوصول إلى الأعماق بسهولةٍ ويسر، وتنفيذ المهام بدقةٍ وإتقانٍ.
لهذا انشغلت قيادة الأركان الصهيونية في دراسة ظاهرة الأنفاق، وحاولت أن تتعرف على خرائطها الحقيقية، وأعدادها ومساراتها، ومناطق انتشارها، وفوهاتها ومخارجها المختلفة، وقد وجد بعض الضباط الإسرائيليين، أن كشف الأنفاق وتهديمها أو تفجيرها، لن يحقق الأمن للإسرائيليين، ولن يمكنهم من إجهاض أو إحباط عمليات المقاومة الجديدة، ومحاولاتها المتكررة، فالهدم والتدمير لا يعني الغلبة والانتصار، بل إنه قد يدفع المقاومة إلى تعويض النقص، وصيانة المتضرر، وحفر الجديد والمزيد، وفي هذا تحدي حقيقي لقدرة الجيش على كشف مخططاتهم، ومعرفة أنشطتهم.
كلفت قيادة الأركان الإسرائيلية عدداً من الباحثين والعلماء المختصين بالجيولوجيا وعلم طبقات الأرض، وغيرهم من أساتذة الهندسة وعلماء الطوبوغرافيا، وطلبت منهم المساعدة في إيجاد وسائل وطرق من شأنها الكشف عن الأنفاق، ومعرفة ما تحت طبقات الأرض، وما إذا كانت فيها تجاويف ومسارات أم لا، ووضعت تحت تصرفها ميزانياتٍ كبيرةٍ، ومعداتٍ وآلياتٍ كثيرة، ولكنها أوصت بأنها غير معنية بتهبيط الأنفاق وتهديمها، بل إن الهدف الأول هو الكشف عنها، ومعرفة مساراتها وفوهاتها الأولى ومخارجها من الجانب الإسرائيلي، ولهذا فهي لا تفضل إجراء هزات أرضية، وارتجاجاتٍ في طبقات الأرض، لتصدع الأنفاق في حال وجودها، أو تسقطها وتخربها.
يوجد فريقٌ من المسؤولين الإسرائيليين، ينادون بإحباط عمليات المقاومة، وإفشال مخططاتهم، ودفعهم إلى اليأس وفقدان الأمل، وذلك من خلال كشف الأنفاق والإعلان عنها، وتصويرها ونشرها للعامة، والقيام إما بهدمها أو بإغلاقها من الجانب الإسرائيلي بالإسمنت والباطون المسلح، ليتعذر على المقاومة استخدامها من جديد، وهذا يكون من خلال العمل الأمني الواسع والدقيق، ومحاولة الاختراق والتجسس على العاملين في قطاع الأنفاق، أو من خلال استخدام معداتٍ وآلياتٍ ثقيلة، تقوم بعمل ارتجاجات وهزات في طبقات الأرض العليا، تشبه الاهتزازات الزلزالية، ومن شأن تكرار هذه العمليات ونجاحها في كشف العديد من الأنفاق، أن يدفع المقاومة إلى اليأس والإحباط، والتخلي عن هذا السلاح التي تعتقد أنه السلاح الاستراتيجي الأهم الذي تملكه إلى جانب الصواريخ التي بات مداها الدقيق يصل إلى شمال تل أبيب.
لكن فريقاً آخر من المسؤولين الإسرائيليين، وهم على ما يبدو الأكثرية، وأصحاب الرأي الغالب، الذين يدعون إلى العمل بسريةٍ تامة لكشف الأنفاق، ومعرفة كافة التفاصيل المتعلقة بها، وعدم الإعلان عن اكتشافها، بل دفع بعض الإعلاميين لإثارة الجلبة وتوجيه الاتهام لقادة الجيش ومحاسبتهم على عجزهم وعدم قدرتهم على كشف الأنفاق، وتجريد المقاومة منها، في الوقت الذي يقوم سلاح الهندسة، والخبراء الأمريكيون وغيرهم، إلى جانب قطاعاتٍ علميةٍ مختلفةٍ، وشركاتٍ دولية خاصة، يتم التعاقد معها لمعرفة طبقات الأرض المحيطة، وتحديد جميع الأنفاق الموجودة.
يدعو هذا الفريق إلى ضرورة احتفاظ الجيش الإسرائيلي بالنتائج التي توصل إليها، وكتمانه لأي أخبار تتحدث عن نجاحاته أو عن حجم الإنجاز الذي حققه في محاربة سلاح الأنفاق، وفي الوقت نفسه يقوم الخبراء المعنيون بتلغيم الأنفاق المكتشفة، ووصلها بمصادر غازٍ قاتلٍ، سامٍ وخانقٍ، أو إدخال متفجراتٍ فراغية إليها، بحيث يتم تفجيرها في أوقات المواجهة، أو في الأوقات التي يكون فيها المقاومون الفلسطينيون، لما لهذا الفعل من أثرٍ نفسي كبير، إيجابي على الجيش وأفراده، الذي نجح في كشفها وتدميرها على من فيها، وسلبي على المقاومة التي أكتشف أمرها، ودمر نفقها، وأحبطت عملياتها.
على المقاومة الفلسطينية أن تكون حذرة ويقظة، وأن تنتبه وتحتاط، وألا تركن كثيراً إلى هذا الإنجاز الكبير، وتعتقد بأنه عصيٌ على الانهيار، وأن من الصعب على العدو اكتشافه وإبطاله، ولأنه سلاحٌ عظيمٌ ومخيف، وله دوره وأثره، فيلزم علينا أن ندرك عظمَ مخططات خصومه ومساعيه لإحباطه. 
ولتعلم المقاومة أنها تحارب عدواً خبيثاً ماكراً، لا يرحم ولا يرأف، ولا يحترم ولا يلتزم، ولديه من القدرات والإمكانيات ما يمكنه من الاكتشاف والإخفاء، والاكتفاء بالمعرفة والاحتفاظ بالخطة، وعليه فإن غاية ما نخشاه أن يقوم العدو بتشريك هذه الأنفاق وتفخيخها، ومراقبتها ورصد حركتها ومن فيها، استعداداً لفرصةٍ ينتهزها، ومناسبة ينفذ فيها جرائمه، وإنه على هذا يعمل، وفي سبيله يخطط، فهو أكثر من يخدع، وأول من يغدر، فهل تعي المقاومة هذا الخطر، وتدرك أنه ممكنٌ، وهل منه قد احتاطت، وله قد استعدت، وهل عندها البديل المفاجئ، والرد الصاعق؟ ....

لِنعْتَرِفْ بِخِيَانَتِنَا لِيَاسِرعَرَفَات/ ماجد هديب

أوسلُوٌّ هِي مَحَطَّةُ كَكُل الْمَحَطَّاتِ وُصُولاً الى فِلَسْطِين.. لَمْ نَصِلْ بَعْد, وَلَكِننَا سَنَصُلُّ بِعَزِيمَةِ شُعَبِنَا وَصَلَاَبَةِ ارادته, وَمِنْ لَهُ تَحَفُّظ, فان لِي اُكْثُر مِنهُ, لَكُنَّ ايماني بِقدرةِ شُعَبِي وَبِحُقِّهِ فِي اقامة الدَّوْلَة يُلْغِي مَا اتخوف مِنهُ وَأَتَحَفَّظُ عَلَيهِ, لَأنَ الْاِنْتِفَاضَةُ لَمْ تَقِفْ بَعْد, وَمَرَاحِل تَطَوُّرِهَا

مَا زَالَتْ فِي اِسْتِمْرَار.

 هَذَا مَا كَانَ يُرَدِّدُهُ دَوَّمَاً شَهِيدنَا الْخَالِدِ يَاسر عَرَفَات فِي جلساته حَوْلَ اِتِّفَاقِيَّة اوسلو فهُوَ الْقَائِدُ الْاِسْتِثْنَائِي، الَّذِي جَاءَ لِشَعَبَهُ مُنْقِذَاً ومنتشلاً لَهُ مِنْ حَيَاة الذلِّ وَالْمهَانِ لِيَنْقُلُهُ الى حَيَاة الْكَرَامَةِ, وَمِنْ حَيَاة التَّوَسُّلِ عَلَى اعتاب مُؤَسِّسَات التَّمْوِينِ الى الْاصْطِفَافَ امام مُعَسْكَرَات الثَّوَرَةِ لِاِمْتِشَاقِ السِّلَاَحِ, تَمَامَاً كَمَا كُل الأنبياء الَّذِينَ ارسلهم اللَّه لِإِخْرَاجِ النَّاسِ مِنْ حَيَاة الظلِمَاتِ الى النور.. إِنّهُ رَسُولَ شُعَبِ فِلَسْطِينِ جَاءَ لِإِحْقَاقِ الْحُقِّ وارساء الْعدْلَ فِي ظل عَالم مُتَغَطْرِس أَغُمْضَ عَيْنَيْهِ عَنْ جَرِيمَةِ اِغْتِيالِ وَطَنِ وَتَذْوِيبِ هُوِيَّةِ شُعَبِ وَتَشْتِيتِهُ. اِنْه مُفَجِّر الثَّوَرَةِ، لِحِمَايَةِ أَرْضِ الرِّسَالَاتِ السَّمَاوِيَّةَ، حملَ الْبُنْدُقِيَّة وَخَاضَ الْحُروب، وِجَابَ الأرض طَوَّلاً وَعَرَضاً لِلتَّعْرِيفِ بِحُقوقِ شُعَبِهِ وَاِسْتِقْطابِ الدُّعمِ لَه،وصلَ لَيْلُهُ بِنهَارِهِ وَلَمْ يَتْعَبْ, رَغْمٌ مَا فَعُلُوًّا وَحَاوَلُوا, سَوَاءٌ كَانَ ذلكَ مِنَ انظمة الْخِيَانَةَ وَالْغَدَر او الأعداء, حَيْثُ كَانَ يَخْرُج بعد كل حرب او مؤامرة مِنْ تَحْتَ الْأَنْقَاضِ ممتشقاً سِلَاَحُهُ رَافِعَاً بِإِصْبَعَيْهِ، إشَارَة النَّصْرِ، وَقصفة زَيْتونٍ بِالْيَدِ الْأُخْرَى لِلْإِبْقَاءِ عَلَى خَرِيطَةِ فِلَسْطِين سِيَاسِيًّاً. هُوَ لَيْسَ كَمَا نَحْنُ, وَنَحْنُ لَا نَمْلُكَ ان نُكَوِّن كَمَا هُوَ, هُوَ الْقَائِدُ الْمُوَاطِن, وَهُوَ الْغَاضِبُ الْهَادِئ, وَهُوَ الْحَاسِمُ الْحَنُون.. هُوَ الثَّوْرِيُّ السياسي والمسالم الشَّرِس, وَهُوَ الْمُبْتَسِمُ الْمُتَجَهِّم, وَالطِّيبَ الصّلْب.. يُدَاعِبُكَ كَطِفْلِ امامه, يَتَحَسَّسُ عَلَى الآمك واوجاعك, يَجْمَعَ الْكَلُّ حَوْلهُ, يسَالُ عَنْ مِنْ يُعَادِيهِ, وَمِنْ يتامر عَلَيهِ او يُعَارِضُهُ ايضا ,وَيُسَارِعُ لِلْاِطْمِئْنَانِ عَلَيهُمْ كَلَمَّا بَلَغَهُ اِنْهَمْ بِحَاجَةِ الى مِنْ يَتَلَقَّفُهُمْ مِمَّا اِصْبَحُوا فِيهِ مِنْ مَرَضٍ او عَوَزٌ. يَجْمَعُ الْجَمِيعُ, وَيَجْلِسُ مَعَ الْجَمِيعِ ليُرْسل مِنْ خِلَالهُمْ رَسَائِل لِلْجَمِيعِ لِتَحْقِيقِ هَدَفٍ سَعَى الِيه فَيَجْمَع الْعَمِيل وَيُجَالِسُهُ ان أراد ايصال أمرٍ لإسرائيل ليَرْبَك مَا ارادوا فعلَهُ, كَمَا كَانَ يُجَالِس مِنْ بَاع نَفْسهُ لِأَنْظِمَةِ الْغَدَرِ ليفْسُد حسابات مَا تُكَالِبُوا عَلَيهِ, لَكِنهُمْ وللأسف قد نَالُوا مِنهُ ,لَيْسَ لقْوَة فِيهمْ, او ضُعِف مِنهُ, بَلْ لِثِقَتِهِ الَّتِي منَحهَا لِشُعَبِهِ الَّذِي اِنْفَضَّ مِنْ حَوْلهُ ,لَيْسَ كَرِهًا فِيهِ, بَلْ لِأَنّهُ تَاهَ فِي الْبَحْثِ عَنْ مُصَالِحِهِ وَالْاصْطِفَافِ مَعَ قُوَّة وَعِصَابَاتٍ وَحِسَابَاتٍ فَاِكْتَمَلَ حِصَارُهُ بِفُعُلِ هَؤُلَاءِ ليصْبَحْ حصاره عرْبياً وَدولياً بَعْدَ ان مَهَدُوا لِهُ فِلَسْطِينِيَّا فَاِتَّجَهَ قَبَلَةُ الْقُدُسِ وَعَّيْنَاهُ تَدْمَعَانِّ مردداً لِقَدْ خذلوني يا قَدَّسَ وما عاد لي قوة للوُصُولِ الِيكَ وَسُيوف غَدَرهُمْ تُلَاحِقِنَّي وانا عَلَى اعتابك. نِعْمَ لِقَدْ غَدرُوا بِهِ وَاِنْفَضُّوا مِنْ حَوْلهُ, لانَهُمْ ارادوا سُلْطَة لَا ثَوَرَة وَلَا دَوْلَة, فسَاهَمُوا بِخُطَّةِ انهاء الْكُبَّارَ وَاسقاط حكمة الشُّيُوخِ وَتنحية نخبة الثُّوَّارِ وَاِسْتَبْدَلُوهُمْ بِتَيَّارِ الأسرلة وهم مِنْ أَرَذْلِ الصّغَار, الَّذِينَ غَدِرُوا بِهِ وَمَا زَالُوا يَتَبَاكَوْنَ عَلَى رَحِيلهُ وَنَحْنُ مَعهُمْ لَسْنَا ابرياء, لِأَنّنَا سَمْحَنَا لِهُمْ ان يَخْدَعُونَا, كَمَا سَمْحُنَا لِغَيْرهُمْ الْمُتَاجَرَةَ فِينَا بِشِعَارَاتِ الْمُقَاوَمَةِ الَّتِي هِي مِنهُمْ برَاءٌ. نِعْمَ عَلَينَا ان نَعْتَرِفُ بَانَنَا غَدَرُنَا بِياسر عرفات عندما اِلْتَزَمَنَا الصُّمَتُ على حِصَارِهِ وَتَعَامِيِنَا عَنْ حُفَّظ اُرْثُ نِضَالَهُ وَتَجْسِيدَ فِلَسْطِينُ جُغْرَافِيَّا بَعْدَ تَجْسِيدِهِ لهَا سِيَاسِيًّا.. نعم لِنَعْتَرِفْ بَانَنَا غَدَرُنَا بِيَاسِر عَرَفَات وَعَلَينَا أن نَقْرَ ايضا بَانَنَا مَا زَلَّنَا فِي مَرْحَلَةِ صمتٍ وَخَنُوعْ لأنِهُمْ نَجَّحُوا فِي ايصالنا لِمُرحلَةٍ مُتْعِبَةٍ لَا نَجْرُؤُ عَلَى قَوْلِ فِيهَا وَلَا نَمْلُكَ فَعَل وَلَا حَتَّى قرَارٍ... لِنَعْتَرِفْ اذا بِخِيَانَتِنَا.

ماجد هديب

كاتب فلسطيني

عمر الجاسر واحلام وطن/ عبدالواحد محمد

هو فنان عربي الهوية سعودي الجنسية يملك العديد من رسائل الإبداع العربي ممثلا ومخرجا وناقدا  ومحكما سينمائيا ومسرحيا  ومؤلفا ومبدعا يطوف كل عواصم الإبداع العربي من أجل حلم لا يكف عن البوح بأجمل قصائد الوطن؟!
وعندما نقرأ في كتابه العربي  بعض من تلك الرسائل العربية المبدعة نشعر إننا أمام فنان كبير متعدد المواهب والخبرات التي تنم عن عشق أصيل  للثقافة العربية التي الهمته كثيرا من تلك القصائد  الحالمة والتي لا تكف عن حلم ليل نهار لذا هو فنان لا يعرف نوم بل يشعر دوما إنه علي موعد مع أنشودة وطن مع كل قصائد الوطن الي حولها إلي رسائل إبداعية !
أنه الفنان والمبدع والمثقف الاستاذ عمربن محمد بن عبد العزيز الجاسرمدير الجمعية العربية للثقافة  والفنون فرع جدة والذي يحملنا إلي الوطن من عاطفة اسمها  الفنون لا بل من ملحمة اسمها الفن العربي لإيمانه بحاجة العقل العربي دوما ودائما إلي الإبداع الذي نجده شاخصا علي المسرح  عبر اسقاطات يومية فيه احلام الوطن تخرج إلي النور بفلسفة الواقع والقدرة علي النقد الذي يوجعنا لكنه يمتعنا ويرتب عقولنا من حالة إلي أخري  !
فالفنان العربي عمر الجاسر أول من اسس فرقة جدة المسرحية ( فرقة خاصة )  تحت اشراف جميعة الثقافة والفنون عام 1986 م  وشارك بها في مهرجان أبها  الثقافية  وأيضا الجنادرية ؟!
 لانه يؤمن أن المسرح أبو الفنون وسلطة  المسرح سلطة شعبية  لكونه ضمير وطن !
كما اسس الفنان المبدع  مسرح عمر الجاسر أول مسرح تحت  أشراف جمعية الثقافة والفنون عام 1995م ويعد أول مسرح سعودي يري النور بعد تجربة الرائد المسرحي أحمد السباعي في  مكة المكرمة فالمسرح له قدسية لكونه باعثا علي حرية العقل بدون مكياج !
كما أنشا أول فرقة مسرحية للطفل السعودي إيمانا منه بدور المسرح في  مد جسور بينه وبين وطنه بينه وبين ثقافتة العربية في محتواها البسيط بلا فلسفة لا تتفق مع مضمون العقل الطفولي لكنها تحمله إلي آفاق رحبة من العلوم والمعرفة  بلغة الحكاية بلغة المشهد المسرحي الذي يؤمن بالحوار دون الاهواء !
والمثقف العربي الاستاذ عمر الجاسر سيرته الفنية  ثرية  جدا وتحمل في جوهرها الإيمان بكل قضايا الوطن التي تحرره من الاوهام والتطرف والارهاب لكون الثقافة المسرحية  والتلفازية والإذاعية والسينمائية رسائل فيها عقل مبدع لا يعرف عزف بلا ضمير ثقافي فيه كل مولدات الإبداع  العربي رئيسية وليست ثانوية !
رسالة مثقف كبير وعاشق للوطن  يقرأ كل يوم قضاياه بدون أوهام لذا نعيش معه الحكاية المسرحية بلا ملل وقدرة علي العودة إلي عاداتنا وتقالدينا العربية بنكهة رقمية  بنكهة عصر الهواتف الذكية والفيس بوك وتويتر وانستغرام  والبريد الإلكتروني ونحن نجول معه في مسرح الجاسر لنجلس أمام ستار مكشوف  فيه الفنان المبدع عمر الجاسر يقرأ كل رسائل الوطن بنكهة من يحرر العقل من أوهام التطرف والوثنية بكل كبرياء مبدع بكل كبرياء مثقف عربي يعي الحاضر والمستقبل بلا خطوط حمراء !
عبدالواحد محمد 
كاتب وروائي عربي 
abdelwahedmohaned@yahoo.com 

اعترافات ذئب/ أشرف دوس

عقارب الساعة تشير إلي الواحدة ظهرا عندما قررت  مريم الطالبة الجامعية الذهاب لزيارة خالتها وشراء بعض المتطلبات الخاصة بها.
غادرت منزلها واستقلت سيارة ميكروباص وقرب وصولها الي منزل خالتها قررت النزول واستكمال باقي المسافة سيرا علي الأقدام خاصة أنها خرجت في وقت الذروة .
وأثناء ذلك فوجئت بسائق ميكروباص يقوم  قائدها بمعاكستها وعندما نهرته قام بسبها بأبشع الشتائم والألفاظ البذيئة .تركها تسير في هدوء واستغل خلو احدي الشارع التي تسير فيها وقام باعتراض طريقها واستخراج سلاح ابيض "مطواة" من بين طيات ملابسه .حاولت مقاومته لكنها فشلت بكل الطرق استغاثت بشاب كان يسير بجوارهما وبالفعل تدخل لكنه سخر منه وقام بطعنه بجرح نافذ بالصدر ثم سقط علي الأرض غارق في دمائه.
حاولت الفتاة الاتصال بوالدها من هاتفها المحمول لإنقاذها لكن أثناء ذلك لاحظ المتهم وقام بخطف الهاتف منها واستغل هذا الموقف وترك الشاب المصاب غارقا في دمائه وقام بجذب الفتاة داخل الميكروباص بالقوة ثم قام بضربها علي رأسها حتى فقدت الوعي وظل يسير بها ما يقرب من ساعة كاملة متجها إلي شقته وهناك استمر في اغتصابها ما يقرب من 10 ساعات حتى افقدها عذريتها.
في منتصف الليل استطاعت  مريم استعادة وعيها لتجد نفسها داخل شقة مكونه من غرفة وحمام وعارية الجسد تمام وعلي جسدها آثار دماء وقتها أصيبت بحالة هستيرية من هول الصدمة وظلت تبكي ما يقرب من الساعة ويجلس بجوارها السائق المتهم يدخن سيجارة حشيش وهو ينظر إليها ويضحك يصوت عالي
حاولت الفتاة استعادة وعيها وإلمام ما تبقي من ملابسها وخرجت من هذه الغرفة وهي تترنح يمينا ويسارا وقام الاهالى بتوصيلها إلي اقرب قسم شرطة
وفور دخولها المكتب سقطت علي الأرض فاقدة الوعي وقتها أيقن رئيس المباحث أن هذه الفتاة تعرضت للاغتصاب لان ملابسها ممزقة بالكامل ربها أثار كدمات بجميع أنحاء جسدها.
وطلب رئيس المباحث إحضار كوب عصير والاستعانة بإحدى موظفات القسم في محاولة لاستعادة وعي الفتاة مرة أخري وبعد 10 دقائق بدأت تسترد وعيها وبدأت تتحدث مع رئيس المباحث
.
علي الفور قام رئيس المباحث بعرض مجموعة من صور المسجلين الذين ارتكبوا مثل هذه الجرائم علي المجني عليها في محاولة للتعرف عليه .
لكن لم تتعرف الفتاة علي المتهم وقتها قام رئيس المباحث بأخطار   رئاسته  بتفصيلات البلاغ و
بدأ فريق البحث بالحصول علي أوصاف المتهم من المجني عليها وفحص جميع سائقى الميكروباص الذين المتواجدين بالمنطقة وبعد عملية الفحص و التحريات أكدت أن أوصاف المتهم تتطابق مع سائق يدعي (عماد. ت ) ومقيم بدائرة القسم.
علي الفور قام رئيس المباحث باستئذان النيابة العامة بمداهمة منزل المتهم والقبض عليه.
في ساعة متأخرة من الليل قام رئيس المباحث برفقة قوة من مباحث القسم من مداهمة منزل المتهم والقبض عليه واقتياده إلي قسم الشرطة وهناك اعترف المتهم بارتكاب الواقعة لأنه كان تحت تأثير المخدرات.
اعترافات ذئب..........!
شاب شارد الوجه نحيف الجسد علامات الخوف تظهر عليه تحدث قائلا : أنا بطالب بإعدامي منها لله المخدرات هي اللي دمرت عقلي وجعلتني ارتكب هذه الجريمة فانا لم أتخيل إنني ارتكب مثل هذه الجريمة في يوم من الأيام.
وظل يبكي المتهم قائلا: "أنا ضحية الفقر منذ صغري وعملت في مهن كثير منها ميكانيكي وسباك وغيرها لكن كل هذه المهن لم ترضي طموح وكنت اسعي دائما إلي الأفضل ومن هذا المنطلق أصبحت مسجل خطر ومعروف لدي الجهات الأمنية".
وفي النهاية قام رئيس المباحث بإحالة المتهم إلي النيابة للتحقيق التي أمرت بحبسه 4 أيام علي ذمة التحقيقات بعد أن وجهت له تهمة الاغتصاب

. .. يجب محاسبة كل مسئول كان سببا في تعري نساء الوطن وجعل لحومنا رخيصة أمام كلاب تنبح......

حين تكشف أوروبا عن وجهها الآخر/ علي هويدي

إحترام وقبول الإنسان بغض النظر عن العمر واللون والجنس والمعتقد من المبادئ التي دأبت أوروبا على التغني بها لا بل وتعتبرها نموذجاً يحتذى به، وما على على دول العالم الثالث بشكل خاص إلا اتخاذها مرجعاً، وتعتبرها المرتكزات التي تقوم عليها مؤسساتها الحكومية وغير الحكومية المختلفة، لكن أن تعلن بعض دولها مثل بلجيكا وسلوفاكيا ممارسة التمييز وتصنيف إستقبال اللاجئين الفارين من ويلات الحروب والأوضاع الإقتصادية الصعبة سواءً من سوريا أو غيرها من الدول على أساس طائفي وبأنها لن تسمح للمسلمين من اللاجئين بدخول أراضيها ورحبت كل منها باستقبال اللاجئين المسيحيين، وأن يقف رئيس الوزراء المجري ليتحدث بنفس المعنى، وأن توضع الأسلاك الشائكة بين الدول لمنع دخول اللاجئين، وما يدور الحديث عن استغلال للعمال اللاجئين في المانيا من خلال العمالة الرخيصة.. وبقاء حوالي خمسين لاجئاً فلسطينياً من العراق معتصمين أمام مكتب الهجرة في مدينة مالمو لأكثر من أربعة اسابيع دون موافقة السلطات السويدية على قبول طلبات لجوئهم، وبقاء أكثر من 80 لاجئاً فلسطينياً من سوريا رهن الإعتقال في سجون السلطات السلوفاكية من شهر تموز/يوليو الماضي حتى الأن بحجة الهجرة غير الشرعية.. فهذا يعتبر تجاوزاً للخطوط الحمر في العلاقة مع الإنسان وانتهاكا صارخا للمعاهدات والمواثيق الدولية التي وقَّعت عليها تلك الدول، لا سيما المادة الثالثة من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان التي تنص على أن "لكل فرد الحق في الحياة والحرية وسلامة شخصه" والفقرة الأولى من المادة 14 التي تنص على أن "لكل فرد الحق في أن يلجأ إلى بلاد أخرى أو يحاول الإلتجاء إليها هرباً من الاضطهاد"، وخرقاً لإتفاقية جنيف الرابعة للاجئين التي تنص على "تقديم المساعدة لكل من هو بحاجة اليها" ..! 

قالت صحيفة "التايمز" البريطانية، في مقال إفتتاحي الإثنين 7/9/2015، إن اللاجئين السوريين يمثلون اختباراً مهماً لقدرة الإتحاد الأوروبي على التحرك لمواجهة الأزمات، وطالبت بريطانيا بأن تنتهز الفرصة وتأخذ بزمام المبادرة، وقالت الصحيفة إنه خلال 48 ساعة تجلت أزمة هوية تهدد أسس الإتحاد الأوروبي على قضبان السكك الحديدية قرب العاصمة المجرية بودابست، ورأت الصحيفة أن رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان مخطئ في اعتقاده بأنه إذا "سُمح للجميع بالدخول، فإن أوروبا ستنتهي"، وأكدت على أن هذه الأزمة ستنتهي عندما تتراجع وتيرة القتال في سوريا. وقالت التايمز إن أوروبا برهنت على عجزها عن مساعدت اللاجئين؛ لأنه لا يوجد إجماع أوروبي بشأن تحديد الطرف المسؤول عن مأساتهم، ولا على كيفية التعامل مع هذه الأزمة"..!

ومع فشل الإتحاد الأوروبي كإتحاد للتوصل إلى صيغة مشتركة للتعاطي مع اللاجئين الجدد، وخلاف الدول الأعضاء، وتراشق الإتهامات لا سيما بين ألمانيا والمجر..، وعملياً فشل معاهدة دبلن لبصمة اليد، وتصريحات بعض الدول لضرورة إعادة النظر بإتفاقية الشينغن بين دول الإتحاد..، تكون أوروبا قد كشفت عن الوجه الآخر لمعتقداتها أمام أول إختبار إستراتيجي، وفشلت في ترجمة مبادئها النظرية على أرض الواقع، بخلاف شعوبها التي استنهضت وحرَّكت حكومات تلك الدول وبرلماناتها..!

لا شك بأن حالة الإرباك التي تعيشها دول الإتحاد الأوروبي بتعاطيها مع توافد اللاجئين، لن تمر بسهولة وفي المدى المنظور، سواءً لدى الأحزاب المتنافسة في البرلمانات والحكومات، أو على المستوى المنظمات غير الحكومية وشعوب تلك الدول، فصورة الطفل السوري الغريق "آلان كردي" على شواطئ تركيا، وغيرها من الصور المؤلمة للاجئين، والإنتهاكات اليومية لكرامة اللاجئ ستلاحق صانع القرار الأممي، و حتماً سيكون لها تأثير على مصداقية تلك الدول، وكيفية تعاطيها مع حقوق الإنسان في الحاضر وفي المستقبل..!

وحدي أفكرُ أكثر مما يجبُ/ فراس حج محمد

أبحث في ملامح الوقتِ عنها
وعن وقت كان لنا هنا
عند هذه الساعة بالضبطْ
كانت تجلسُ في ركنها 
تحدثني
وتكتبني
وتقول: (.....)
كأنني لا أتذكرُ شيئا من ملامحها هنا
أم أنها مثل الوقت أصعبُ من أن أقول: 
"كم هي راسخة في كل ثانية"!
كم أنتِ قاسية أيتها الملامحُ 
عندما تهجمين مرة واحدة 
لتمارسي الخيانةَ مرتين!
هي لا تحدثني الآن قليلا أو نادرا
تشعلني برمادها ودمي وأتوه 
وأبقى جالسا وحدي أفكر أكثر 
مما يجبُ
عند مساء العاشرةْ!
وأستلقي على صورة الماء 
فأرى شبحا لها يشابهني 
ويضحكْ!
أبلع غصتي... 
ولم أجد دافعا للبكاءِ 
غير ما تهدل في عيوني من نعاس السفرْ
أحاولها هنا 
فتحيلني دخانا أزرقا في سماءٍ معتمةْ!
يا ليتها تكتب لي جملة واحدة 
من جنون وغضب 
أو قهقهات ساخرة!
يا ليت ملمح صوتها الشتويّ 
ينقذ ما تبقى من ملامح وقتها 
وتكتب لي صمتها هكذا دون رد: (....)!
حينئذ سيكون لليل معنى يشبهُ القهوةْ 
وألمُّ نفسي من تبعثرها وأغرق....!  

سايكس بيكو 2/ فراس الور

كثيرا ما أسمع بهذا المصطلح في الحوارات الثقافية على الفضائيات العربية، فيشير اليه نخبة من السياسيين بدافع تبرير حالة الفوضى الكبرى التي تجتاح المنطقة العربية، فمما لا شك به ان ثورات الربيع العربي المبرمجة التي اشتعل فتيلها في الشارع العربي مع الإنقسامات السياسية و الفوضى الأيديولوجية فشلت بتحقيق هدفها...فبعد حرب أهلية دامية لم يتدخل بها الجيش المصري بل كان أبطالها الأحزاب السياسية و شخصيات انطلقت من المجتمع المصري مباشرة و بعد مواجهات دامية و عنيفة قرر الجيش المصري عزل الأحزاب الدينية المتشددة التي صعدت الى الحكم منذ ثورة 25 من يناير، فمع بلوغها كرسي رئاسة الجمهورية و مجلس البرلمان المصري العريق لم تستطع هذه الأحزاب تحقيق الإستقرار المرجو لمصر...فبأقل من سنة فقدت هذه الأحزاب الثقة بالشارع المصري ليتقلص جمهورها الى فصائل محدودة في المجتمع المصري تؤمن بعقيدة التكفير الفتاكة؟!

استطاع الجيش المصري بصعوبة بالغة و لكن بكفاءة و بنجاح كبير تنظيم لُحْمَةْ سياسية ثمينة جدا بين الأزهر الشريف و الكنيسة القبطية...فمع الإعلان النفيس لنجاح ثورة 30 من يونيو عزم حينها قائد الجيش المشير عبدالفتاح السيسي على بناء دولة المؤسسات و القانون في مصر...و إعادَتْ تثبيت ما قد دمرته الأحزاب الدينية بتعصبها و قلة خبرتها و عدم حنكتها السياسية..فأعلن عن خطة ثلاثية المراحل (الإستحقاقات) لبناء دعائم تُمَهِدْ لحياة سياسية سَوِيَة و طبيعية لا تهدد سلام المجتمع المصري..بل تُوَفِرْ له حياة سياسية منطقية يستطيع تقبلها بسلاسة و بمنطقية تامة، فبعد أن عَطًل العمل بدستور عام 2012 و الذي يعد خطوة تمهيدية ليستلم الجيش الحكم بالبلاد نظم إنتخابات سياسية لرئاسة الجمهورية...و استطاع بنجاح ساحق أن يَعْبُرْ بمصر لعهد لم يكن أحد في المنطقة العربية يتوقع أن تعبر اليه هذه الجمهورية التي قاسة الأمَرًيَنْ بعد ثورة 25 من يناير...و اصبح فخامة الرئيس عبدالفتاح السيسي رئيس لجمهورية مصر العربية...و عَيًنَ بعزيمة و أصرار رئيس للوزارء و كلفه بتشكيل لفيف وزاري ليستطيع أن يُمَهِدْ لمؤسسات الدولة التي أصبحت ضعيفة بالماضي، 

مصر نجحت كثيرا بعبور مرحلة صعبة للغاية بواسطة حكومة دولة الرئيس ابراهيم محلب حيث نجح دولة الرئيس بتفعيل الوزارات الى كفاءاتها المعهودة من جديد، و اصبحت الدولة المصرية بنشاطها السياسي داخليا و خارجيا فاعلة أكثر من قبل بحمد الله و رعايته...فبفضل عزيمة الرئاسة المصرية و إلتزام اللفيف الوزاري المُوَقًرْ تشكل لمصر هوية سياسية جديدة اصبحت قادرة بفضلها على الإنطلاق نحو سياسة خارجية مقنعة لدول العالم...حتى الإستقرار الإقتصادي اصبح ممكن مع قدرة الامن السيطرة على الأوضاع أكثر من قبل...

بحلول الإنتخابات البرلمانية القادمة بإذن الله ستتمكن مصر من تحقيق الإستحقاق الثالث للخارطة التي رسمتها الدولة للنهوض من ازمات الماضي...فقد عينت اللجنة العليا مواعيد ثابتة في أكتوبر و نوفبمر لهذه الإنتخابات التي ستوفر لمصر مجلس برلمان ليساعد الحكومة المصرية في واجباتها الإدراية و في الحياة التشريعية للدولة...و لكن الحظ لم يحالف باقي الدول في المنطقة العربية...فمنذ حرب الخليج و العراق في فوضة مستمرة أدت به لاحقا الى انهيار تماسك الدولة و لحمة أهله بصورة كاملة...

فبعد أن انهار حكم الرئيس الراحل للعراق صدام حسين رحمه الله انهارت معه دولته و أمن تلك البلاد و منظومة الجيش الوطنية التي كانت تحمي أمنه الداخلي و حدوده الخارجية...مما أدى بالبيت الابيض الى محاولة ارساء دعائم دولة جديدة مبنية على الديمقراطية...فلم تتغير خارطة العراق على الإطلاق في عهود حكومة المالكي على الإطلاق...فهل نستطيع القول أن سايكس بيكو 2 كانت تطرق ابواب الشرق الاوسط...ربما نستطيع القول بأن الظروف كانت تتهيئ لها فما هي الفائدة من المحافظة على حدود دولة لا راعي لها و لا جيش يرعى حدودها من الداخل و تركيبتها السكانية لا تتمتع بالإستقرار...و هنا تكمن خطورة الموقف إذ فشل المالكي مع كل أسف بدعمه للفئات الشيعية في الدولة العراقية بإرساء قواعد دولة تستطيع فرض هيبتها على الاراضي العراقية بالكامل...فبفضل تطفل إيران بشؤون الدولة العراقية رأينا ردت فعل من أحزاب مسلحة تنتمي الى المذهب السنية تحاول الكفاح المسلح ضد ارادة الدولة الشيعية هذه...حالة من الغوغاء أدت الى نشوء حزب داعش بالمنطقة من فراغ القوة هذا...و بسرعة قياسية بسبب ضعف الدولة العراقية استطاع شن هجماته المسلحة و اقتطاع اجزاء شاسعة من العراق لإخضاعها تحت سيادته؟!

الدولة السورية تشهد انهيار كلي بسبب نجاح أعداء تلك الأمة بدعم معارضة داخلية ظهرت فجاة في الحياة السياسية السورية...فبعهد الرئيس الراحل حافظ الاسد رأينا هذه الدولة متماسكة جدا تخضع لرئاسة هذه الاسرة التي ربما تكون المسؤولة بصورة مطلقة على بناء الحضارة و العمران و مؤسسات الدولة فيها...فَمَنْ بنا سورية إلا الرئيس الراحل حافظ الأسد رحمه الله؟ اقول هذا إنصاف للحق و للعدالة ليس إلا...و لكن منذ أن تولى الرئيس الحالي بشار الأسد الحكم بها رأينا اصوات ترتفع في داخل الحياة السياسية السورية و حيث كانت مُسَيًسَة من ارادات خارجية رأت في فراغ القوة بالعراق فرصة سانحة لبدء بتهيئة سايكس بيكو 2...ففوضة بالعراق جغرافياً تساهم بإمتداد فوضى لسوريا بواسطة الاراضي المنبسطة و الشاسعة ستكون مرتع سليم لإنتشار الأحزاب الدينية المسلحة و التي قد تكون عناصر مهمة بإضعاف النظام السوري...فهو المسؤول الأول كحزب حاكم وطني على دعم حزب الله في الجنوب اللبناني بأجندته الجهادية التي تستمد شرعيتها من إيران و الحكم الشيعي بها...و سوريا و إيران حلفاء بمعادلة لا تَسُرْ اسرائيل بأي صورة كانت...و خصوصا بعد إنتصار حزب الله و لو الجزئي بحرب تموز ابتدأ البيت الأبيض بعزف نغمة شرق أوسط جديد...فالفرصة اصبحت سانحة حينها لمعارضة سورية من الداخل لخلق شرخ استراتيجي و جغرافي ليعزل حزب الله عن سرويا...و لضرب حليف لإيران في المنطقة...حزب الله و سوريا و إيران مثلث كان يجب إضعافه بعد حرب تموز في لبنان، 

سايكس بيكو 2 ضرب ليبيا بالفوضى ايضا...فبعد أن تدخل الحلفاء و انتهى حكم الرئيس الراحل معمر القذافي رحمه الله بقية ليبيا بفوضى كبيرة جدا و دون اية محاولات جادة للصلح الوطني إلا مؤخرا...فربما تنجح هذه المساعي و ربما لا...فسايكس بيكو 2 لم يَحِلْ بعد...بل الفوضى الداعمة له تُهَيِئْ له الكثير...لتظهر المنطقة بأنها غير قادرة على حكم ذاتها و لتتبرر التدخلات الأجنبية بالمنطقة...فسايكس بيكو 1 أتى بسهولة لأن المنطقة كانت تتألف حينها من بلدان مشوشة جغرافياً بسبب الحكم العثماني بالمنطقة...و لكن الأمر مختلف كليا في سايكس بيكو 2...فالفوضى يجب أن تضرب بلدان بأسرها من الجبهة الداخلية حتى تنهار و تبقى المنطقة العربية ضعيفة جدا...و ايضا للمحافظة على وجود اسرائيل كدولة قومية لليهود حول العالم،

كسبت اسرائيل من الربيع العربي الكثير...زال هم الدُوَل التي تدعم حزب الله من الشمال...و بقية العراق مشوشة كدولة بسبب تدخل ايران بالمنطقة...و اصاب سوريا الفوضى لينتهي خطر حزب البعث السوري من امام الدولة الصهيونية...و ليبيا ربما ستنهض كدولة او لا...و لكن ضعفها سيخدم انتشار الجماعات المسلحة في وسط و غرب افريقيا...فللقارة الإفريقية أجندة خاصة للمستعمرين الغرب، كل الدعائم تتوافر بشدة لهيمنة الدول الغربية من جديد على المنطقة بجيوشها لتعيد النظام من جديد...و لكن من يضمن نجاح محاولاتها...فلم تنجح الجهود كليا في السالف في العراق...فحتى و إن حَلًتْ الجيوش الأمريكية في المنطقة يجب تماسك الجبهة الداخلية لهذه الدول العربية حتى تنجح محاولات المستعمر بإعادة بناء الدُوَل العربية...فالتطفل الإيراني في المنطقة لم يخدم الأوضاع ابدا في بعض الدول العربية...

هنالك من يقول أن إغراق المنطقة في صراعات طائفية هو سيد الموقف بالنسبة للغرب...و لكن لا أظن أن هذا هو هدف الغرب من المنطقة...فإستقرار الوضع في ليبيا و العراق لإنتظام تكرير البترول بالمنطقة و لإستقرار أسعار النفط ضروري جدا، فخروج هذه البلدان من صناعة النفط لا يخدم استقرار اسعار هذه السلع عالميا، لأنه في العراق يكمن ثاني مخزون استراتيجي للنفط بالعالم، الذي أحاول الوصول اليه من هذه الأسطر أنه في الظروف الحالية تتكون دعائم سايكس بيكو 2 ...ففي 1 خرجت المنطقة من الحكم العثماني ضعيفة جدا لتقتطع دول الغرب لها نفوذ تهيمن عليه بصورة استعمارية...و ها الربيع العربي و الحروب الأهلية تضعف المنطقة من جديد لتهيئ حلول سايكس بيكو 2...منطقة ضعيفة و مهيئة لقدوم قوى الإستعمار من جديد،  

ورحل الولد الفوضوي ولم ترحل أغنياته/ فاطمة الزهراء فلا

أغنية بحجم الفضاء والحلم المتسع كجلباب جده يوم تسامر مع القمر في ليلة صيف إنه محمود المغربي شاعر جنوبي آخر يرحل في عامه الثالث والخمسين , بعد أن طرح شجر الليمون , وغنت مع أغنياته الفوضوية شجرة الصبار..
والشاعر الكبير من مواليد محافظة قنا فى فبراير 1962، بدأ كتابة الشعر من صغره، وبدأ يكتب شعر الفصحى في أواخر السبعينيات، وكان أول لقاء له بالجمهور من خلال حفل تنصيب اتحاد طلاب كلية الآداب بقنا في عام 1981 فى حضـور محافظ قنا والقيادات التنفيذية وشعراء قنا الكبار. اتجه "شاعر الجنوب" بعد ذلك للمشاركة فى العديد من المؤتمرات والنـدوات الأدبية وصدر له عـدد كبير من دواويــن الشعر منها أغـنية "الولد الفوضوى"، "العتمة تنسحب رويـــدًا"، "تأملات طائر"، "ناصية الأنثى"، "صدفة بغمازتين"، "تجليات المغربى" ومجموعة شعرية بالعربية والفرنسية. وحصل مغربى، على عدد من الجوائز منها جائزة أخبار الأدب فى الشعر عام 1995، وجائزة هيئة قصور الثقافة فى نفس العام، جائزة المجلس الأعلى للشباب والرياضة الأدبية عام 1996، كما تم تكريمه في عدد كبير من المحافل الأدبية المحلية والدولية منها تكريم النادى الثقافى العربى بالشارقة بدولة الإمارات العربية المتحدة وفى المهرجان الدولي للشعر بالناطور المغربية 2013، وفى مهرجان الدار البيضاء الأدبى بالمملكة المغربية 2013 وتكريم جماعة بصمات التشكيليين العرب بالقاهرة في يناير2015 
تميز شعر المغربي بالبساطة والعمق يقول في قصيدة مشاهد بالعامية المصرية..
ف بلاد برّه
المطره شئ عادى
بتصادق كل الشبابيك
وتملّى بترقص فوق أسفلت الشارع
وكمان بتعاكس شعر البنت الشقرا بحنان
وساعات بتشده بجنون
لكن فى بلدنا
قصد فى صعيد المحروسة
لمّا تزورنا المطره..
تتحزم بجنازة
وتغنى ب بوووووووووووووووووووه
إنها رائحة الوطن الساكن بين ضلوع الشاعر مهما كانت أناشيد الحزن المطلة من تحت جلاليب القبح
الولد الجنوبي، الولد الفوضوي، الشاعر الأسمر، كلها ألقاب يحملها الشاعر المصري محمود المغربي، الفائز بجائزة أخبار الأدب في الشعر عام 1995، وصاحب دواوين (صمت الوقت، أغنية الولد الفوضوي، العتمة تنسحب رويدا، تأملات طائر، وناصية الأنثى)، وصدر له حديثا ديوان “صدفة بغمازتين” عن بورصة الكتب للنشر والتوزيع، ينظر إلى الشعر على أنه (الفعل الخلاق في حياتي)، وتتجلى بدايته الحقيقية مع الشعر كما يراها، في مشاركته لجماعة “رباب الأدبية” عام 1980، التي كان يشرف عليها الشاعر أمجد ريان في فترة وجوده في محافظة قنا بصعيد مصر، حيث تعرّف في هذا المناخ، كما يقول، “على الكبار مثل أدونيس وسعدي يوسف وعبد المعطي حجازي والبياتي وصلاح عبد الصبور والسياب وأمل دنقل والأبنودي، وعرفت بأن هناك شعراً مختلفاً غير ما درسناه في المدرسة”.
الولد الجنوبي
يقول الشاعر المغربي عن تسميته بالولد الجنوبي: “إن مفردة الجنوبي تجعلنا نستعيد الجنوب، صعيد مصر، بكل تفاصيله الثرية؛ شعراء أميون ومتعلمون، بالجلباب والبنطال، حنان الجنوب وقسوته، مفردة الجنوب تجعلني أرى “المغربي الصبي” حاديا خلف المحراث، يشدو بالمواويل، يؤنس نفسه وروحه المنفردة في الحقول البعيدة عن المدينة في القيلولة، أتذكره مندهشا ومصغيا إلى عازف الربابة الشجي، الذي يجيء مثل غيره في وقت حصاد محصول القمح، إلا أن “الجنوبي” يبقى مرتبطا بشعراء وأدباء كثيرين مثل: أمل دنقل، وعبد الرحمن الأبنودي، وبهاء طاهر، ويحيى الطاهر عبد الله، وعبد الرحيم منصور، وغيرهم، وفي الجنوب أتذكر أنه في عقد الثمانينات كان المناخ فياضا بروح العطاء والتلاحم والاحترام في كل مجالات الفنون من أدب ومسرح وفنون شعبية وتشكيلية وغيرها، حيث كانت الحقبة غنية بالأمسيات والندوات، كما كنا نجد في قرى الجنوب ما يسمّى ب”ظاهرة المنادر” التي كانت تستقبل الشعر والشعراء وتتفاعل الجموع مع الكلمة.. كل هذا اندثر تقريبا وبات المشهد بائسا، نحن الآن أمام جمهور تحوّل من “القراءة” إلى “الفرجة” وطبعا هناك أسباب أخرى عديدة ساهمت في ذلك.
ويقول عن لقب الولد الفوضوي: “إن مفردة الفوضوي تكررت في مجموعتي الشعرية الأولى “أغنية الولد الفوضوي”، الذي أعتبره جواز مروري الحقيقي لعالم الشعر الغني والمدهش والسحري، فقد صدرت المجموعة عن سلسلة الكتاب الأول بالمجلس الأعلى للثقافة المصرية 1998 ووجدت صدى طيبا جدا في الصحف والمجلات، وتمت مناقشتها في فعاليات معرض القاهرة الدولي للكتاب ضمن برنامج المقهى الثقافي، ونوقشت في أبحاث مؤتمر أدباء مصر من خلال الناقد الدكتور مجدي توفيق، كما نوقشت في دراسات موسعة في المجلات والصحف المصرية من أهمها دراسة تحت عنوان “الحداثة , والمغربي ذلك الجنوبي العاشق لتفاصيل الهم في الصعيد الجواني , كان يعشق الكراس حين يدون حكاياه المزروعة تحت التوتة ولهيب الصهد في الصعيد الجواني
ترى ماذا يحدث للغة بعد إدمان طويل على الكتابة مع تقدم العمر؟ هل يألفها الشاعر، هل تتوالد بين يديه؟ يرى الشاعر المغربي بأن اللغة هي من أهم أدوات الشاعر والمبدع عموما، هي فاتحة الكتاب والحياة والتقدم، وهي سر السعادة، شعارنا المرفوع في كل الثورات، اللغة هي الحياة في اجلّ تفاصيلها وعنفوانها، وكلما تقدم العمر بالشاعر، عانق حرفه أكثر، ليصبح هو واللغة وجهين لعملة واحدة، ساعتها فقط، لابد أن يستعيد الشاعر كل الضياء الدفين في روح العالم، من خلال قصيدته وسحره المدهش. !