مَن كان يكره صداماً فإنّ صدّاماً قد مات/ أسعد البصري

إذا كانت العلوية هي حبُّ عليّ
فكل عربي وكل مسلم هو علويّ
في بداية التسعينات من القرن الماضي
كانت الكهرباء مقطوعة وكنا خمسة عراقيين مشردين
في شقة بائسة بحي السيدة زينب ريف دمشق
زارنا شاب سعودي من تلاميذ الشيخ حسن الصفار
الذي يسميه الصفويون ( سامريّ القطيف )
لأنه ( متعرب ) بمعنى حب العرب كما يقول حسن العلوي
كان الشاب معمماً وذا معرفة ب نهج البلاغة كتاب عليّ
على ضوء الشموع شرح لنا خطاب عليّ ( صفات المتقين )
يردد كلمات علي بصوت خافت وعميق
كنت الوحيد بين التلاميذ ممن يعشقون الأدب والشعر تحديداً
فقد اقشعر بدني
إلى درجة خشيتُ أن يسمع الآخرون دقات قلبي
رأيت عظمة الظلال التي ملأت المكان
بسحر ذلك الهاشمي الذي يخرج صوته
من خلال القرون والعذاب الإنساني
كان شيءٌ ما يوحي بالهيبة
ثم تحولت الهيبة إلى خشية
ولأول مرة أدركت معنى كلمة ( جلال )
والله إن ابن أبي طالب لذو جلال
منذ تلك المحاضرة القيمة عرفت أن هناك شيئاً
في هذه الدنيا اسمه الروحانيات
كلمات علي حكمة عربية روحانية هائلة
لكن ذلك لا يعني أن نجبر أحداً أو نكمم الأفواه
من أراد انتقاد عمر وأبي بكر وعلي
فليفعل وليس عليه دنية ولا دم جاهلية
الديمقراطية تضمن حقه و كذلك الإسلام
أما العروبة فهي أصلاً عقيدة علمانية
يروي العقاد في كتابه عبقرية عمر
أن الفاروق قال يوماً لأبي مريم السلولي قاتل أخيه :
( والله لا أحبك حتى تحب الأرض الدم المسفوح )
فقال له أبو مريم : أتمنعني لذلك حقاً ؟
قال : لا
قال : لا ضير إنما يأسى على الحب النساء
هذا هو احترام الخلفاء للقانون
وليس السجون السرية والتعذيب في حكومة دولة القانون
كلنا شاهدنا جنود المالكي يقفزون وينزلون بأحذيتهم الأمريكية الصنع
على صدر مواطن عراقي
يرقصون ويهتفون كلاماً صفويّ الصنع
كان ذلك الرجل الذي تقيأ دماً عراقياً حتى مات
أحد المعلمين المدمنين على العرق
كان اسمه هارون
يحبُّ زوجته أزهار و ابنته خولة
ليلة إعدام صدام حسين
شرب كثيراً من العرق لأنها أيام عيد
فقد احتاط واشترى الكثير من جاره المسيحي حبيب حنا
لما سكر خرج يمشي في شارع الرشيد
ينظر إلى النجوم
يبصق على هذه الأعمدة والجدران العباسية
التي هي كل ما تبقى من بغداد القديمة
بعد حرب الأمين والمأمون
صاح في الليل : بغداد هدمكِ أخوان تذابحا على كرسيّ
نظر إلى جنود المالكي بداية المنعطف
في لحظة سُكرٍ و غضب قال لهم :
(( من كان يكره صداماً فإن صداماً قد مات
ومن كان يكره العراق فإن العراق حيٌّ لا يموت ))
هذه جريمة ذلك السكّير الذي قُتِلَ رفساً بالبساطيل كما رأينا

CONVERSATION

0 comments: