ميراث في البال؟ أم وسام على صدر الجالية؟/ جورج هاشم

الجمعة في 17/10/2014، على مسرح النادي الرياضي في بانكستاون، ومن الساعة التاسعة صباحاً وحتى الثالثة من بعد الظهر، اجتمع حوالي الالف تلميذ وتلميذة من مختلف مدارس الولاية الابتدائية والثانوية، الحكومية والخاصة ليبهروا الحضور بمقدرتهم على اجادة فنون الرقص، الدبكة، عرض الازياء، الغناء، العزف، المسرح... وقبل كل ذلك ليبرزوا ثقة كبيرة بالنفس وهم يتحاورون باللغة العربية الفصحى والعامية... وتبارت المدارس في تقديم أفضل ما اعدَّته عن عائلة لحود الفنية وعن المطربة الراحلة سلوى القطريب... ورغم عدم معرفتي العميقة بهذه العائلة الفنية المتعددة المواهب والمميزة، قلت في نفسي: ولماذا لا اساير من دعوني الى هذا اليوم؟ أُثبت وجودي. أقضي ساعة من الوقت ثم اتسلل هارباً، كما عادتي، في الحفلات الفنية الزاعقة المتلفة للوقت والاعصاب وللذوق في مرات كثيرة... واصبح العرض المنتهي يشدني الى الاتي. وبين العروض المشوقة تسربت الدقائق والساعات. وسرقنا الوقت الجميل قبل ان تعلن مقدمة البرنامج القديرة، اللبقة، على مشارف الثالثة، عن انتهاء الحفل وتعدنا باحتفال اغنى واروع في السنة القادمة...
منذ سنة ولجنة ميراث في البال تحضِّر لهذا الاحتفال. عمل ضخم تعجز عنه المؤسسات الكبرى والميزانيات الضخمة. ولكن اعضاء اللجنة عوَّضوا بالارادة والاخلاص والتفاني والسهر المتواصل والتمارين التي لم تتوقف ليتمكن الف طالب وطالبة بين السابعة من العمر والثامنة عشرة من تقديم عروض كادت تصل، في بعضها، الى مستوى الاحتراف... الجهود الجبارة التي تتوجت بهذا الانجاز الرائع ابتدأت مع لجنة ميراث في البال لتمتد الى المدارس التي وافقت على المشاركة. الى الاساتذة الذين خصصوا الكثير من وقتهم للتدريب. الى الموسيقيين الذين مرَّنوا الطلاب على هذا الاداء الجميل. الى التلاميذ انفسهم الذين بحثوا واختاروا وثابروا ونجحوا في تقديم يوم مميز. ولم تتوقف بالطبع عند لجان التحكيم وخاصة خلال العرض الطويل. فكنت ترى اعضاء اللجنة المتخصصين، كل في مجاله، يراقبون، يقيمون، يناقشون، ويتفقون على القرار الصعب لاختيار فائز او اثنين او ثلاثة من بين كثيرين يستحقون الفوز...
طبعاً التحية الكبرى تذهب الى الاهالي الذين اشتركوا في هذا العمل الثقافي الفني المميز، والذين وقفوا الى جانب اولادهم، يتمرنون معهم في البيت، او يصطحبونهم الى ليالي التدريب الطويلة. الذين مشوا، خطوة خطوة مع اولادهم، الى هذا النجاح العظيم... والذين توتروا اكثر من اولادهم وهم يرونهم على المسرح او في انتظار النتيجة...
لقد تعلَّم هؤلاء التلاميذ، من ميراث في البال، عن الفن اللبناني الاصيل: عن الموسيقى والمسرح والغناء. عن الازياء والثقافة واللغة ما تعجز عنه المدارس في سنوات. فالطالب الذي يحب ما يعمل يستطيع التعلم بسهولة اكثر... اضافة الى ثقة كبيرة في النفس بدت جلية واضحة مع ما يقدمون على المسرح... والطالب الواثق بنفسه، الغني بحضارته سيقف واثقاً فخوراً بمستقبله وحضارته وبوطنه كما يفخر بحضارة ووطن اهله...
هذا العمل كلَّف، الى جانب السهر وحرق الاعصاب والجهد والصداع والوقت والتنظيم، كلَّف لجنة ميراث في البال الكثير من المصاريف التي تكفّل بمعظمها مجموعة من الداعمين ورجال الاعمال والمؤسسات... فلهم كل الشكر والتقدير... الاعلام العربي، رغم انهم من الداعمين، الا ان حضورهم في المناسبة لم يكن كما يجب لينقلوا هذا الانجاز الهام الى اكبر عدد ممكن من ابناء الجالية...
الملفت في هذا الاحتفال ان اللجنة المنظمة وزَّعت جوائز تقديرية " وتروفيز" على بعض من ساهم في انجاح هذا العمل. ومَن تلقّوا هذا التكريم، وانا هنا اتكلم عن حصتي، لم يقدموا اكثر من جزء بسيط من الف مما قدَّمه كل عضو من اعضاء لجنة ميراث. فكل واحدة من اعضاء اللجنة عادت الى بيتها ، بعد انتهاء الحفل، منهكة ليس من تعب اليوم الطويل وحسب، بل وايضاً من الوف عبارات الثناء والشكر والتقدير التي انهالت من كل الحاضرين... واذا لم اذكر كل سيدة بمفردها، من سيدات اللجنة، وكل واحدة منهن تستحق التكريم، سأوجه التحية الى الرائعة روزماري سليمان والى دينامو اللجنة شادية حجّار التي تبعث الحياة في كل عمل تشارك به، فكيف اذا كانت هي القائدة؟
اعضاء لجنة ميراث في البال، أنتم، منفردين ومجتمعين، لستم بحاجة الى اوسمة نعلقها على صدوركم. أنتم الوسام على صدر هذه الجالية... فشكراً لكم..

CONVERSATION

0 comments: