ابوت، الاداء المتعثّر وحرب التسريبات/ عباس علي مراد

بعد ان نجا رئيس الوزراء طوني ابوت من التحدّي على زعامة الحزب قبل ثلاثة اسابيع بحصوله على تأييد 61 صوتاّ مقابل 39 من اصل 102 عضواً، الذين يشكلون الكتلة  البرلمانية للحزب وتغيب نائب وامتناع آخر على التصويت، اعلن رئيس الوزراء " أن الحكومة الجيدة تبدأ اليوم".
المعلوم ان رئيس الوزراء ومنذ فوزه بإنتخابات ايلول عام 2013 وعد بوعود ونفذها، وكسر وعود اخرى عندما عرض ميزانيته الاولى التي لاقت ردود فعل سلبية لدى المواطنين، هذه الردود لاقت آذان صاغية في مجلس الشيوخ الذي عرقل اقرار الميزانية خصوصاً في ما يتعلق بإصلاح التعليم الجامعي والضريبة على زيارة الطبيب،بالاضافة الى ذلك عانت الميزانية والدخل الحكومي من تراجع اسعار المواد الأولية كالفحم والحديد والغاز، هذا التراجع وعدم اقرار جميع بنود الميزانية زاد من حجم المشكلة الموجودة حيث نسبة الإنفاق الى ارتفاع والمداخيل الحكومية الى انخفاض، ولسدّ العجز لجأت الحكومة الى الإستدانة.
وعود رئيس الحكومة التي اطلقها بعد التحدي على زعامة الحزب ،والتي كان أهمها المزيد من الإستشارة  مع نواب المقاعد الخلفية بدأت تتبخر عندما اقدم رئيس الوزراء على طرد النائب فيليب رادوك منسّق الكتلة البرلمانية للحزب، والتي اعتبرها البعض نوع من الإنتقام من رادوك اوتفرد بالقرار من رئيس الوزراء كما قال وزير الاتصالات مالكوم تيرنبول في برنامج سؤال وجواب على محطة اي بي سي في 16/02/2015.
لم يكن اداء رئيس الوزراء افضل عندما حاول تذكير اندونيسيا بأن استراليا قدمت لأندونيسيا قرابة مليار دولار العام 2004 بعد فيضانات المدى العالي (تسونامي) والتي راح ضحيتها اكثر من مئة الف مواطن في محاولة منه للضغط على اندونيسيا لوقف حكم الإعدام بحق اثنين من مجموعة التسعة المتهمين بتهريب المخدرات اندرو شان وماياران سوكومارمز، هذه التصريحات اعتبرتها اندونيسيا نوع من التهديد حسب الناطق بإسم الخارجية الأندونيسية الذي أضاف بأن الكل يعرف طبيعة الرد على التهديد، وقد قام بعض الغاضبين من الاندونسيين بوصف رئيس الوزراء طوني ابوت  بشيلوك احد ابطال مسرحية شكسبير "تاجر البندقية" والذي كان يدين الناس اموالا  ويفرض شروط قاسية على من يخفق في السداد، وقد جاء هذا التعليق من ضمن حملة لاعادة اموال المساعدات لأستراليا، وقد علّق الصحافي وليد علي في صحيفة (سيدني مورنيغ هيرالد 20/02/2015 ص 18) على اقوال ابوت كأنها ترداد لما قاله المذيع آلن جونز بهذا الخصوص على تلفزيون اي بي سي في 16/02/2015 برنامج سؤال وجواب، وأضاف ان المشكلة، ان رئيس الوزراء يدير دبلوماسية على المستوى الدولي وليس برنامج بث مباشر، واعتبر الخبير في الشؤون الأندونيسية غريغ فيلي من الجامعة الوطنية الاسترالية ان تصريحات ابوت خطأ كبيرا حيث تسمح للذين يريدون الحط من قدر استراليا القول ان المساعدات ليست من اجل الإغاثة ولا مساعدات انسانية، انما من اجل اهداف استراليا الخاصة (س م ه 21/02/2015 ما وراء الأخبار ص 27).
من جهة ثانية وبخصوص بناء اسطول الغواصات الاسترالية، اعتبر النائب من جنوب استراليا شون ادواردز بأنه خدع من قبل رئيس الوزراء الذي كان وعده قبل التحدي على زعامة الحزب بأن مؤسسة بناء الغواصات الاسترالية سوف تؤخذ بعين الإعتبار وتستشار كما اي شركة اخرى ليتبيّن لاحقاً ان الحكومة لم تتواصل مع الشركة كما ذكرت صحيفة (س م ه في عددها الصادر السبت الواقع في 21/22 قسم ما وراء الأخبار ص 26).
كأن الإداء المتعثر لرئيس الوزراء والتدمير الذاتي، لهذا الإداء لا يكفي، فقد بدأت حرب على رئيس الوزراء من نوع آخر ومن داخل الحكومة فقد بدأت حرب التسريبات حيث نشرت حريدة ذي استراليان في 21/02/2015 خبراً عن ان رئيس الوزراء طلب المشورة عن امكانية غزو العراق منفرداً بقلم المحرر المساعد جون لاين، ويقضي اقتراح ابوت حسب الصحيفة بإرسال 3500 جندي استرالي لمقاتلة الدولة الإسلامية في العراق، وذلك خلال اجتماع عقد في كانبرا في 25 تشرين الثاني الماضي وقد حضرته مستشارة رئيس الوزراء بيتا كردلين والتي لم تعارض الإقتراح الذي حملة رئيس الوزراء بعد ذلك لكبار المخططين العسكريين الذين صعقوا من الإقتراح واخبروا ابوت ان ارسال 3500 جندي استرالي من دون اي غطاء من الولايات المتحدة او حلف الناتو يعتبر كارثة على استراليا. رئيس الوزراء طوني ابوت ردّ على هذا الخبر بأنها قصة خيالية وكاذبة ومع ذلك تصّر الصحيفة على مصداقية الخبر.
في ظل هذه الأجواء، من هنا الى اين والى متى سيصمد رئيس الوزراء في منصبه؟
كنا بعد التحدّي على زعامة الحزب ونجاة رئيس الوزراء، اعتقدنا ان الفرصة التي منحت لرئيس الوزراء هي تقديم ميزانيته الثانية في أيار القادم، لكن الدلائل تشير الى ان الأمور قد تتسارع اذا ما استمر الإداء الحكومي على ما هو عليه الى جانب التسريبات التي تشكل مدخلاً الى تغيير في القيادة ووقف حالة التدهور والتخبط.
يبقى علينا، ان ننتظر ماذا سيقدم رئيس الوزراء في خطته الأمنية والتقرير عن حادثة مارتن بلايس هذا الاسبوع وردود الفعل عليه، وهل ستكون لصالح رئيس الحكومة ام لا؟
في الختام، نشير الى مقال نشرته صحيفة ذي غارديان الالكترونية  في 18/2/2015  بقلم جون راديك، المقالة، تدعو الى انتخاب قيادة الحزب من قبل اعضاء الحزب وضرورة اصلاح النظام الغير ديمقراطي المعمول به حالياً، حيث تحتكر الكتلة البرلمانية  اختيار زعيم الحزب، وذلك من اجل مصلحة الوطن.

Email:abbasmorad@hotmail.com

CONVERSATION

0 comments: