إدارة التوحش في الخليج/ احمد الياسري

 استراليا / سدني 

 ( إدارة التوحش ) هو كتاب مكون من مجموعة مقالات تفصيلية ألفها

 ( ابي بكر ناجي ) الاسم الحركي ل( محمد خليل الحكايمة )  وهو احد ابرز قادة تنظيم القاعدة الايدلوجيين ، ظابط مصري سابق لديه خبرة طويلة في المجال الاستخباري والاعلامي ايضا . هرب من أفغانستان الى أوربا وتحديدا بريطانيا قبل الحرب ، وتعرض للملاحقة فقرر العودة للشرق الأوسط خوفا من اعتقال السلطات البريطانية له ، استقر في ايران ويقال انه عمل بأذاعة إسلامية في طهران بعد الحرب الامريكية على أفغانستان ،  عاد بعد ذلك الى أفغانستان واغتيل في عام ٢٠٠٦ باستهداف طائرة أمريكية من دون طيار ! تم التأكد فيما بعد ان الشخص الذي قتله الأمريكان في ذلك الحادث هو المنظر الفكري لتنظيم القاعدة ومؤلف كتاب ( إدارة التوحش )( محمد خليل الحكايمة)   الذي يعتبر من اخطر الكتب في تاريخ التيارات الدينية الإرهابية المتطرفة ! وهو الكتاب الذي يعتبر المرتكز الأساس لحركة تنظيم الدولة ( داعش) .

قرأت هذا الكتاب البسيط جدا وهو اقرب للأفكار والتصورات الصحفية التي تطرح بالمقالات  من الكتب المنهجية ، ولكن الأفكار المطروحة بهذا الكتاب خطيرة جدا ومتشعبة فهي تبني التصور لإقامة دولة الخلافة العالمية الهدف الأساس الذي تسعى له كل المجاميع الإرهابية المتطرفة في العالم . 

مؤلف الكتاب يشرح لاعضاء هذه التنظيمات كل تفاصيل المراحل التي يمر بها التخطيط والتنفيذ لإقامة دولة الخلافة الذي يقسمها لمراحل 

المرحلة الاولى هي ( شوكة النكاية والإنهاك ) والمرحلة الثانية هي مرحلة ( إدارة مجتمع التوحش ) والتوحش يقصد به الكاتب الفوضى التي ستصير بعد سقوط الأنظمة وفقدان الأمن في بعض المناطق كيف تدير التنظيمات الإرهابية هذه الفوضى المتوحشة .والمرحلة الثالثة هي مرحلة ( التمكين ) : والتمكين هي المرحلة النهائية من مخاض الصراعات القتالية . 

الذي يقرأ الكتاب يتأكد تماما انه المنهج الذي طبقته داعش تماما في العراق وسوريا ، ابو بكر البغدادي شخصيا تاثر بافكار الحكايمة وجعل هذا الكتاب المنهج الذي يسير عليه تنظيم داعش .. ارهاب المجتمع، استهداف العدو القريب،  وسحب القوى العظمى لحرب تستنزف طاقاتها الاقتصادية والعسكرية ، إبادة الأقليات وخلق تحالفات مناطقية،  البأس بالحرب،  كيفية تنفيذ العمليات وإدارة المعارك ، طرق الاستقطاب ، ديمومة المعارك وتقسيمها الى نوعية وشاملة ، الخطاب الإعلامي العسكري والفكري ،، كل هذه التفاصيل شرحها الحكايمة وبوبها في كتابه . داعش ترجمت الكتاب الى واقع في العراق وطبقته . 

مشكلتنا الحقيقية وسبب انكساراتنا الأمنية والمجتمعية امام هذه التنظيمات اننا لا نقرأ جيدا افكارهم وخططهم وطرق تنفيذها نتعامل معهم بشكل فوقي نتهمهم بالجهل دائما دون ان نضع خطط حقيقية ومعالجات علمية لإيقاف امتداد فكرهم وتوسعهم يوما بعد يوم وقدراتهم الخطيرة في ضرب مجتمعاتنا واستهداف سلمنا الأمني لذلك قررت انا كباحث وكاتب ان أناقش الفكر التعبوي الذي انطلقت منه داعش والاساليب الذي خطط لها مفكرو هذا التنظيم في إدامة عجلة الحرب والتوسع متمنيا ان تكون كتاباتنا في هذا المجال ذات قيمة . 

 النقطة المهمة التي طرحها الحكايمة في كتابه :: هي اختيار مناطق التوحش .. 

ولعل اهم منطقة أشار لها الكتاب بعد اليمن والصومال والعراق هي دول الخليج واعتبر السعودية مثلا المنطقة التي يجب ان تدخل ضمن تطبيقات فكر مرحلة إدارة التوحش بجميع مراحله التعبوية والعسكرية . 

ماحصل في السعودية والكويت من تفجيرات استهدفت مساجد شيعية

هي بداية انتقال حمى التوحش لهذه الدول وهي بداية مرحلة ( شوكة النكاية والإنهاك )  البدء  بتقسيم المجتمع الى أصناف،ضرب المرتدين و الكفار فيه وتهيئة الانصار والامكانيات المادية خصوصا وان قيادات هذا الفكر وكوادره هم خليجيون متوغلون في هذه المجتمعات ولديهم مايكفي من الخلايا القادرة على نقل المعركة بالسرعة الكافية .

الخليج مقبل على حرب توحش طاحنة ستعصف بمجتمعه وستنقل الاٍرهاب له من أوسع ابوابه،  حرب اليمن التي تبنتها الدول الخليجية 

كانت احدى أبواب انتقال التوحش لأراضيها  لان خطابها وطرق تسويقه اعلاميا كانت طائفية أعطت انطباعا ان الصراع ليس صراع حدود وسلطة ولكنه صراع سني شيعي  وبذلك ادخلت دول الخليج نفسها في مرحلة ( شوكة النكاية والإنهاك ) دون ان تشعر واقتصرت طريق طويل امام هذه التنظيمات التي لا تنتصر الا بمجتمع التوحش والانقسام 

ولنلاحظ خريطة امتداد داعش 

- العراق ( بعد صراع السنة مع حكومة المالكي ) 

- مصر ( صراع الآخوان مع السيسي) 

- ليبيا ( صراع الحكومتين والبرلمانين) 

البيئة المنقسمة هي البيئة الحاضنة لانطلاق فكر داعش و الخصبة لانتشار افكار إدارة التوحش والتغلغل من باب  الصراعات الطائفية وصناعة الفوضى الأمنية والتخبط السياسي  

الذي هو عبارة عن مجتمع توحش بحسب منطق داعش يجب ان يتم ادارته بما يضمن تمدده وتحقيق الخطط التي رسمها لانتشاره وسيطرته على العالم عبر بوابة هذه الصراعات بعد السيطرة على دول الصراع  

رسالتي للدول الخليجية  ان تقوم بالخطوات التالية الحقيقية الي تمنع فكر التوحش من الدخول لأراضيها :: 

١- إيقاف حرب اليمن وإيجاد حل سياسي بدل العسكري 

٢- دعم العراق بقوة بحربه ضد داعش واعتباره جبهة متقدمة للامن الخليجي 

٣- إيقاف دعم جبهة النصرة وداعش بسوريا ودعم التسوية بين المعارضة المعتدلة والنظام السوري 

٤- حل الخلافات مع ايران وإيجاد مصالحة حقيقية مع السعودية لتجنيب المنطقة صراعات تستفيد منها داعش ببث افكار التوحش. 

٥- الاستفادة من التجربة المجتمعية والسياسية العمانية في التنوع المذهبي وتجريم الخطاب الطائفي ، وعمان تعتبر دولة متقدمة جدا في محاربة التطرّف وخلق التعايش . 

.... هذه الأمور تمنع دخول التوحش لإراضيكم بخلاف هذا فستصبح دول الخليج قريبا محطة وقود يشتعل بها التوحش بسرعة البرق خصوصا وان تهديدات داعش بدأت تتحقق على الارض  .