أبو جورج، ديب الزرقا/ الكولونيل/شربل بركات
رحل أبو جورج والبسمة تملأ ثغره بالرغم من الألم المزدوج؛ في الجسد المعاني مرضا خبيثا تسلل بدون علم وتمكن قبل أن يلحظه الأطباء، وفي فراق الأحبة والغياب عن الوطن وترابه الذي طالما سقاه عرقا ودما عندما دعت الحاجة...
أبو جورج الجندي المجهول الذي كان ملأ كل فراغ ونفّذ كل مهمة وأمّن كل ثغرة في الدفاع عن الوطن حيثما دعت الحاجة. وقد تنقل بين المناطق وتدرج بالرتب والمناصب والأسلحة والقطاعات حتى قائد كتيبة في سلاحي المشاة والمدرعات وقد أحيل على التقاعد وهو بعد في كامل قوته وفضّل الهجرة عن الوطن، الذي أحب وخدم بكل اخلاص، ليبعد عن المذلة الآتية التي لحقت بكل اجحاف أبناء الجنوب الأبطال والمخلصين...
أبو جورج الصديق الوفي ورفيق السلاح الذي لا يهاب مهمة ولا يتهرب من صعوبة ولا يهمل عملا قبل أن ينهيه بكل دقة، أنهى اليوم عمله على هذه البسيطة وذهب كعادته باكرا ليقدم تقريره عما أوكل إليه لسيد الكل بدون ندم أو تردد...
لم يكن أبو جورج، الرجل الرصين قليل الكلام والذي يفرض احترامه على الجميع، بعيدا عن أجواء الفرح وحب الحياة فهو نديم محبب لجلسة كأس عرق، ورفيق مفتقد للعبة ورق، ومحب لأجواء المرح واللهو لا يهرب من حلبة الرقص إذا ما فرضت ولا من المشاركة بالغناء في الأجواء المناسبة، ولا تزال أغنيته المفضلة "سمرا يا سمرا" ترن في الآذان...
أبو جورج من الرجال القلائل الذين لا يذكرون إلا بالخير ولا ينقل عنهم أية نميمة أو طول لسان في زمن كثر فيه المنافقون وشاعت فيه لذة التجني ونقل الكلام الباطل من أعلى المستويات إلى أدناها...
نودّعك اليوم أبا جورج ونودع معك الاقدام والهمة وحب الوطن والغيرة عليه. نودّع فيك رجلا ملأ مكانه ونفذ دوره على أكمل وجه، فكان الجندي المنضبط، والشريك المتفهم، والزوج الغيور، ورب العائلة الحنون، والوالد العطوف، والجد الفخور، الذي يرعى الكل ويحافظ على الصداقات ويبني العلاقات المتينة...
عزاؤنا أن "من خلف ما مات" وكل من حولك من الأولاد والأحفاد هم من خيرة أبناء هذه الجالية والقرية التي نحب ومسقط الرأس الذي لم تنسه ولو قست الأيام وبعدت المسافات...
سيستقبلك الرب بدون شك في عليائه بتلك الجملة التي يتمنى الكل سماعها :"وجدت أمينا على القليل فسأقيمك على الكثير أدخل فرح سيدك"...
تعازينا لام جورج والأبناء والبنات والأحفاد وكل الأقارب في لبنان وكندا والولايات المتحدة وبقية أنحاء العالم...