أعطيني إعلاما بلا ضمير أعطيك شعبا بلا وعي/ سري القدوة

ما بين قرارات اللجنة التنفيذية وخطوات المصالحة الفلسطينية وما وصلت اليه الامور علي الساحة الفلسطينية تكمن الحقيقة الغائبة وهي أننا في وطن نبحث فيه عن وطن وأننا افتقدنا حتى الوطن ومن لا يعرف الحقيقة فهو لا يريد ان يعرفها ويتجاهل الواقع تماما ..
ان البحث عن الحقيقة شيء مؤلم .. ومن لا يعرف واقع شعبنا الفلسطيني في ظل حالة الضياع والانقسام والفساد فهو يكون خارج الشعب ولا يحق له التحدث عن معاناة الناس ومشاكلهم فهو يعيش في دنيا وأحلام نرجسية وواقع شخصي .. يكون فيه بعيد عن معاناة اهلنا وحصارهم ومشاكلهم فمن يفكر في التجارة بالشعب عبر فرض القيود في ظل الحصار وانعدام ابسط متطلبات الحياة ليبقي هو في موقعه فهو خارج عن الشعب ويجب ان يرحل ..
الرئيس الشهيد ياسر عرفات قسم رغيف الخبز مع شعبه وعاش الأمل والحلم .. عاش الطموح والثورة .. عاش الفرح والحزن .. عاش الدولة والمؤسسة .. عاش الكفاح والسياسة .. عاش مع الشعب وكان للشعب ووقف في كل الميادين ثورة وهوية وعنوان .. فكان حكاية الشعب التي لم ولن تنتهي ..

ما دعاني الي هذا التقديم هو تلك ( الحالة الفلسطينية ) المأساة التي وصلنا إليها والتي كتبنا عنها وكانت كل كتاباتنا مجرد استهلاك إعلامي .. لم يسمع صوتنا أي احد .. قلنا غزة تبكينا لانها فينا .. لم يسمعنا احد .. قلنا نريد وحدة شعبنا .. تجاهلوا صوتنا .. قلنا الشعب يريد إسقاط الانقسام.. لم يسمع صوتنا احد.. علي حسب ما يبدو ان المرحلة هي مرحلة صراع شخصي وتصفية حسابات ولا فائدة لصوتنا الخافت الضعيف ..
اصبحنا في زمن نبحث فيه عن تهدئة مجانية مع الاحتلال وثمنها هو ادخال الوقود لشركة الكهرباء في غزة لإنارة المنازل والشوارع .. عجبا في هذا الزمن الذي يبحث الكل ويلهث وراء الكرسي ويتاجر بشعبه علي حساب مقومات النضال الوطني الفلسطيني..

عندما كان الرئيس ياسر عرفات ومعه رفيق دربه الرئيس محمود عباس يبحثان عن تهدئة من اجل فلسطين ومن اجل تحرير المدن الفلسطينية من الاحتلال واجبار الاحتلال علي الانسحاب من المدن الفلسطينية كان يخرج علينا بعض ابواق الفتنة ويقولون انهم عملاء ويعملون لحساب العدو والأجندة الاسرائيلية .. اما اليوم عندما تقصف غزة بالصواريخ تكون ثمن التهدئة هو تزويد غزة بالمحروقات .. هذا زمن الزهار وهنية وحكومة حركة حماس في غزة .. زمن العمل الاخونجي والرؤية الاخوانية لطبيعة الصراع العربي الاسرائيلي ..
ان الإعلام سلاح الشعوب في ظل تطور وسهولة الاتصال وعولمة اللغة وعصر الفيس بوك والتواصل الاجتماعي .. وان يتم استغلال هذا الإعلام والاستخفاف بعقول الناس في حرب بلا ضمير يكون هدفها التخريب والتدمير وفرض التهديد والوعيد هى لغة ليس لها أي معني سوى التدمير الممنهج لشعبنا ..

ان الهدف هو تغيب الشعب عن الحقيقة وان استغلال وسائل الإعلام وبث سموم الخلاف والحقد والكراهية عبر وسائل الإعلام هو هدف غير أخلاقي يسوق شعبنا نحو الهاوية بقصد او بدون قصد فالجريمة أصبحت جريمة مزدوجة هدفها قتل إرادة أبناء شعبنا وتغيب الحالة الوحدوية عن الحضور وفرض الاملاءات علي شعبنا وتمرير مخطط الاحتلال التصفوي الذي يهدف للنيل من الإنسان الفلسطيني وصموده وتاريخ ثورته التي قادت النضال الفلسطيني ضمن مراحل العمل الوطني المختلفة ..
أن البكاء علي الإطلال لم ولن ينفع .. فهذا الانحراف الخطير الذي نعيشه هو التدمير الحقيقي لواقعنا وأصبح الكل اليوم مسؤول ويشارك في التخريب ..
ان من سمات الإعلام الأساسية هو المصداقية والوضوح والحيادية وعندما تتجاهل وسائل الإعلام هذه الحقيقة سرعان ما تفقد ثقة متابعيها وتتحول الي بوثقة فاسدة وصوت وبوق إعلامي فاسد لا يخدم شعبنا ويعزز لغة الانقسام والفرقة ويشعل نار الفتنه ومن يستغل الإعلام ليصنع لنفسه بريق لامع سرعان ما يفقد هذا البريق وتسقط أوراق التوت عن عورته وتكون الحقيقة هي الأساس في التواصل بين أبناء الشعب الفلسطيني ..
ما من شك ان من يتاجر في هموم الشعب الفلسطيني ويسوق المواقف الكاذبة سرعان ما ينهار ويبقي في بوثقة الحقد الأعمى وحيدا لا يمارس الا الحقد ويعبث بقدرات الشعب حفاظا عن مصالح شخصية معدمة وبريق لامع هنا او هناك فهذا هو أخر ما تبقي لهم ان يتاجروا في عذاب الشعب ويتآمرون علي مستقبله ..

ان لغة التجهيل التي يتبعها ( البعض) هي لغة عابرة علي شعبنا ولا يمكن ان تكون هذه اللغة الا بريقا لامعا سرعان ما ينطفئ ويذهب مع الريح ..

الحقيقة تبقي هي من يتحدث بها ( العقلاء ) ومن حملوا أمانة الرئيس ياسر عرفات ويرفضون الزج بالحركة في متاهات الحقد والتآمر والخنوع والذل والعار الذي سيبقي يلاحق هزائمهم المتلاحقة...

مقال كتبته في الثلاثاء 13 مارس 2012 للأهمية اعيد نشره الان ...

CONVERSATION

0 comments: