سبوبة تحرير القدس .. ومنع زيارة الأقباط/ مجدي نجيب وهبة

** كنت لا أريد أن أتعرض لهذا الموضوع مرة أخرى .. فقد عبرت عن رأيى من قبل ومن خلال الواقع عند زيارتى الأخيرة للقدس والأماكن المقدسة فى إسرائيل ، بإستثناء بلدة "رام الله" ، ومدينة غزة الحائرة ..
** ما دعانى إلى العودة لهذا الحوار هو سببين .. الأول هو الحركة الإحتجاجية التى خرجت بالأمس أمام سلالم نقابة الصحفيين وليس داخل النقابة ، وهذا يعنى أن المتظاهرين ليست لهم علاقة بنقابة الصحفيين من بعيد أو قريب .. ولكنهم يتمسحون بسلالم النقابة .. فقد خرج مجموعة ممن أطلقوا على أنفسهم حركات نضالية أو ثورية أو شباب النضال من أجل تحرير فلسطين فى ذكرى الإحتلال الإسرائيلى للدولة الفلسطينية ، وبالطبع لم يكن الهدف من هذا المشهد هو الحشد من أجل تحرير القدس ، بل كان المشهد مدبر ومخطط له للهتاف ضد المشير عبد الفتاح السيسى ، المرشح الشعبى لرئاسة مصر .. 
** وكالعادة .. عندما يتطاول السفهاء .. فقد بدأت الهتافات الحنجورية التى سئمنا منها "بالروح بالدم نفديك يافلسطين" .. وإنتهت بتوجيه أقذر الألفاظ للمشير عبد الفتاح السيسى ، وللجيش المصرى ..
** يقول البعض من هؤلاء ؟ .. الإجابة فى منتهى البساطة أن هؤلاء هم عناصر من الإخوان المسلمين الإرهابيين ، وعناصر من حماس تعيش فى مصر وتتمتع بخيرات هذا الوطن ويحملون الجنسية المصرية ..
** هؤلاء هم أنصار المرشح الغير محتمل "حمضين صباحى" لأن ذلك بالنسبة لهم سبوبة للإندساس وسط أى هتافات ضد المشير السيسى وطبعا كله بحسابه .. هذا بخلاف الأحزاب الكارتونية وحركة كفاية ، وحزب الغد ، وحزب الدستور ، والوطنية للتغيير .. وكل هذه الحركات المضللة والتابعة لجماعة الإخوان الإرهابيين ..
** هذا لو كان هناك حشد .. أما إذا كانوا لا يتعدى عددهم الخمسين أو المائة فرد .. فستجد كل هذا الكوكتيل على سلالم النقابة ..
** أولا .. لقد قرفنا من كلمة القضية الفلسطينية لأنه أساسا لا توجد أى قضية ، ولكن كان هناك سبوبة تتقاسم بين السلطة الفلسطينية المعتدلة ومنظمة حماس الإرهابية ، وكان هناك دعم خليجى ودولى لهذه المنظمات ، ولم يكن يعنى كل الحركات النضالية فى فلسطين إلا الإعلان عن النضال خارج فلسطين ضد الأنظمة العربية وضد مصر .. ففى فلسطين أو دولة إسرائيل لا توجد ملصقات تطالب بتحرير الأرض ، بل الجميع يعيشون فى حالة تحفز داخلى ، ولكن فى نفس الوقت هم يحملون الجنسية الإسرائيلية ، وإذا تحدثت مع أى فلسطينى فى الضفة الغربية أو الشرقية ، ستجده يسب فى مصر والعرب .. وهذا ما سمعته بأذنى .. بل وصلت البذاءات والسفالة إلى توجيه السباب إلى المشير عبد الفتاح السيسى والجيش المصرى ، ووصف الأقباط الذين ذهبوا لزيارة الأماكن المقدسة بالعملاء والخونة ، ويظلوا يترحموا على قداسة البابا المتنيح "البابا شنودة الثالث" ، علما بأنهم لا يسترزقون إلا من الحجاج المسيحيين الأرثوذكس .. لأنهم كثيرين الشراء للهدايا التذكارية والصور المسيحية لدرجة أن أحد الفلسطينيين أصر على أخذ 30 دولار من مواطن مسيحى مصرى نظير 4 أقراص طعمية ورغيفين .. ولم يقبل أن يتنازل عن سنت واحد من الثمن ..
** أعتقد أننا لم نتعرض لأى مضايقات من قبل الشرطة الإسرائيلية أو المواطنين الإسرائيليين بل قوبلنا بكل حفاوة وحب .. وهذا ليس لأننى أدعو للتطبيع ولا لهذا الكلام الفارغ ..
** وللرد على هؤلاء المضللين .. أن هناك مبادرة سلام وتمثيل دبلوماسى بين الدولتين ، وهذا يكفى لأن أملك حريتى فى الذهاب إلى إسرائيل من عدمه ..
** نعم .. المصريين فى إسرائيل يتعرضون للبذاءات والسباب من الشعب الفلسطينى ، بل وتجدهم متحفزين ضدك .. ولولا وجود الشرطة الإسرائيلية فى كل شبر ، وكل شارع من الكنائس والأديرة وكنيسة القيامة للحفاظ على الأمن لتعرض أقباط مصر للإهانة .. بل وتعرضت كل الأماكن المقدسة للهدم ..
** أما من يدعون للنضال .. فرجاء الذهاب إلى إسرائيل قبل حمل هذه الشعارات الفضفاضة الحنجورية .. ستجد دولة بكل هذه الكلمة من معنى ، وستجد قانون يطبق على الجميع ، فلا يمكن أن تجد ورقة أو قصاصة أو عقب سيجارة ملقى فى الشارع .. هذا الكلام لا ينطبق على القدس الغربية فقط ، بل على كل المدن الإسرائيلية .. كما لا يمكن أن يفكر سائق تاكسى فلسطينى يعيش فى كل المدن الإسرائيلية ، وأكررها جمعيهم يحملون الجنسية الإسرائيلية .. أن يجرؤ على كسر إشارة المرور ليس خوفا من العقاب ولكن إحتراما للقانون .. فكيف تطالب بإحترام الدولة والقانون ، ثم فى خارج نطاق الحدود تطالب بالكفاح المسلح وتدعو لحرب العصابات ، ونسج القصص البطولية الكاذبة ...
** الجميع يدعون لتحرير القدس الغربية من أيدى الإحتلال الإسرائيلي .. حتى يتمكن الأقباط من زيارة الأماكن المقدسة .. بينما القدس الشرقية ضمت أيضا إلى الكيان الإسرائيليى ، وأصبح الجدار العازل مجرد ذكرى أو ديكور ، ولا يجرؤ أى مناضل فلسطينى أن يقتحم مبنى للشرطة الإسرائيلية أو يتعرض لدورية إسرائيلية أو يحمل لافتة تطالب بالنضال .. ولكن النضال يجب أن يكون بسواعد الجيش المصرى .. فى نفس الوقت هم يسبون الجيش المصرى ويسبون المشير ، ويسبون الشعب المصرى .. ويتمنون ألا يذهب الأقباط المسيحيين إلى زيارة الأماكن المقدسة .. ولكنهم لا يستطيعون التعرض لأى جاليات أخرى مثل السودانيين أو الأحباش أو الأرمن الأرثوذكس أو الكاثوليك أو الإنجيليين إلا الطائفة الأرثوذكسية المصرية فهى ملطشة .. ويكفى أنه عندما فكر الأقباط فى الصلاة والتناول ، فقد تم تجهيز قاعة أفراح ورقص ومطعم لإقامة القداس .. وللأسف كان الجميع صامتون ومبسوطين .. لأن التناحة وصلت إلى ذروتها مع أقباط مصر وكل أقباط العالم .. فلم أقرأ لقلم واحد ، أو كاتب واحد ، أو موقع إعلامى واحد ، أو قناة فضائية واحدة مسيحية تتناول هذه القضية ، أو ينددون بما يتم مع أقباط مصر داخل الأراضى المقدسة ... فالجميع يؤمنون يقول السيد المسيح "من ضربك على خدك الأيمن حول له الأخر أيضا" .. وتناسوا قول السيد المسيح "بيتى بيتى للصلاة يدعى وأنتم جعلتموه مغارة لصوص" ...
** لذلك فأنا أعيد مقولة قداسة البابا تواضروس فى ختام زيارته للإمارات .. ردا على موقف الكنيسة الرافض لزيارة القدس إلا بعد تحريرها من الإحتلال الإسرائيلى قائلا "موقف الكنيسة القبطية الأرثوذكسية من زيارة القدس واضح وثابت ، وهو أننا لن نزورها إلا مع كل إخواننا المسلمين" ، وهو الموقف الذى إتخذه البابا الراحل كيرلس السادس عام 1967 ، وإستمر على نهجه البابا شنودة الثالث ومستمر إلى اليوم .. وحتى الأن لا يوجد تطبيع شعبى بين مصر وإسرائيل ، حتى إن كان هناك تطبيع سياسى ، وبالتالى فإن من يسافر إلى القدس يكسر الإجماع القبطى والكنسى حول الأمر ، وهو أمر غير جيد .. لكن الكنيسة لا تمانع فى رغبة كبار السن فى السفر إلى القدس ، ولا ترحب بمن هم دونهم" ..
** وهنا دعونى أتساءل مرة أخرى .. عفوا قداسة البابا ، أى قدس تتحدث عنها .. فالقدس الغربية هى دولة إسرائيل ويقول البعض إنها محتلة .. والقدس الشرقية تم ضمها إلى القدس الغربية وأصبحت تحت السلطة الإسرائيلية وكل الفلسطينين يعيشون سواء فى الشرقية أو الغربية أو تحت سقف الإحتلال ، فجميعهم يحملون جنسية إسرائيلية ومعظمهم يتم تجنيده الأن فى الجيش الإسرائيليى ، ولم أسمع طوال فترة تواجدى فى القدس عن شئ إسمه قطاع غزة ، فهو منفصل تماما عن الأراضى الإسرائيلية أو على حد قول البعض الأراضى الفلسطينية .. كما أن قطاع رام الله هو قطاع منفصل تماما .. بل أنه ممنوع على الرئيس الفلسطينى عباس أبو مازن الزيارة إلى القدس الغربية أو أى مدينة إلا بتصريح مسبق من السلطات الإسرائيلية ، وحكاية المصالحة بين فتح وحماس هى محاولة للفت الأنظار إلى حركة حماس وفتح بعد أن تخلت معظم الدول العربية عن هذا الوهم .. كما إنه ليس مقبولا أن تظل مصر تضحى بأخر جندى مصرى من أجل سواد عيون القضية الفلسطينية ، بينما الفلسطينيين يتآمرون ضد الجيش والشرطة والشعب المصرى لإسقاط الدولة المصرية .. وهذا يعنى أن قرار قداسة البابا الراحل "شنودة الثالث" لم يعد له أى جدوى الأن ..
** هذا بجانب إنعدام الترحيب بالحجاج المسيحيين بسبب طول فترة المقاطعة ، وعلينا أن نعلن أنه لا توجد أى مزارات أو أثار أو كنائس للأقباط الأرثوذكس فى إسرائيل أو فلسطين .. ولا توجد أى تحريم لأنه أساسا ليس لدينا أى شئ نتحدث عنه .. وهذا سوف يحدث إن أجلا أو عاجلا إذا إستمرت قصة المقاطعة ..
** أما عن قداسة البابا المتنيح "كيرلس السادس" ، فهو لم يصدر قرار المقاطعة بل أن عام 1967 الذى حدثت به نكسة يونيو وهزيمة الجيش المصرى ، فقد كان من المنطقى والطبيعى أنه لا زيارات للقدس أو إسرائيل ، ثم عادت الزيارات بعد نصر أكتوبر 1973 ، ثم إنقطعت الزيارات بأوامر من قداسة البابا الراحل "شنودة الثالث" بعد توقيع معاهدة السلام "كامب ديفيد" .. وهذه هى الحقيقة !!..
مجدى نجيب وهبة
صوت الأقباط المصريين

CONVERSATION

0 comments: