صرخة فاطمة ناعوت المؤلمة الواعية بوجه المثقفين: يا معشر الثيران

أيها المثقفون، في مصرَ 
وفي أرجاء الدنيا،
أنتم معشرُ الثيران،
انتظروا مصيرَكم كما مصيرِ الثور الأسود 
الذي ترك شقيقيه الأبيضَ والأحمرَ للأسد الأعمى.
قد أُكِلنا جميعًا يومَ أُكِل “طه حسين” 
و"فرج فوده" 
و"نجيب محفوظ" 
و"نصر حامد أبو زيد" 
وغيرهم.
أنتظرُ محاكمتي يوم ٢٨ يناير مرفوعة الرأسِ،
لأنني لم أتخلّ عن مثقفٍ مأزوم في قضية حِسْبه،
لم أذُدْ عنه بقلمي وبلساني. هامتي مرفوعة
لأنني لم أترك مِشعلَ التنوير يسقط من قبضتي لحظةً من أجل مغنم رخيص،
أو مزايدة تافهة،
أو تهافتٍ مُزرٍ على مكسب.
أُقدَّمُ للمحاكمة فرحةً لأنني نذرتُ قلمي لنُصرة الحق
والذود عن مسلوبي الحقوق المُستضعفين في الأرض،
ولم أستغلّ قلمي ولا زوايا الصحف التي فتحت لي عتباتِها
من أجل الارتزاق أو للكتابة عن أمرٍ شخصي.
أذهبُ راضيةً مرضيةً وأنا أقول لجبران خليل جبران،
يا أبتِ الطيب نمْ قريرَ العين في سمائك،
أنا الجبرانيةُ الجميلة ابنتُك لم أخذلك يومًا ولن أفعل،
انتصرتُ للراقي من الآداب والفنون والعلوم ولم أبتذل قلمي
ولا لُغتي
ولا روحي في الرخيص.
أذهبُ إلى المحاكمة عزيزةً،
أنفي للسماء لأن لي دينًا في عنق كلّ من تخلّى عني
وعن قضية التنوير
واختبأ تحت مِقعده مرتعدًا
راجفَ القلب
من حملة السيوف ناحري الأعناق.
أتركُ ساحة المثقفين دائنةً لا مُدانةً.
أذهبُ إلى محاكمتي الشهر القادم فخورةً أن أرفع الأقلام
وألمعَ العقول في مصر
وفي أرجاء المعمورة،
دافعت عن قضيتي،
لا بل عن قضية التنوير.
أذهبُ جسورًا مطمئنةً
لأن أساتذتي من قبلي لم يهابوا
وذهبوا إلى مصائرهم جسورين غيرَ هيّابين،
وأنا تلميذةٌ صغيرة في أواخر مقاعد درسِهم.
طوبى للأسد الجائع الذي ينتظركم عند المِفرق، 
فجّهزوا لحومكم 
وشحومكم 
وعِظامكم، 
حتى يشبع الأسدُ. 

CONVERSATION

0 comments: