الثابت والمتحول في سوريا الثورة/ سعيد ب. علم الدين

إن المأساة الرهيبة التي تتعرض لها سوريا: 
شعبا وأرضا، تراثا وحضارة، إرثا إنسانيا غنيا ونسيجا اجتماعيا عريقا، منذ أربع سنوات ثقيلة دامية سحقت تحت براميلها المتفجرة دون رحمة البشر والحجر، هي ضرورة تاريخية حتمية طبيعة، كان لا بد منها، ومن وقوعها لتَّخَلُّصَ من براثن عائلة مجرمة حاقدة طائفية عنصرية، هجينة منبطحة أمام العدو، همجية ظالمة مستبدة مستكبرة على شعبها ومنذ أكثر من أربعين سنة عجافا أذاقتهم فيها شر الأمرين.
واذا لم يسحق السوريون هذه الدكتاتورية المرعبة الآن، رغم التضحيات العظام، فإنها ستسحقهم دون رحمة ورأفة وستتابع مص دمائهم لأربعمة عام على أيدي سلالة حقيرة من آل الأسد اللئام. 
ألم تسمعوا بالمثل المشهور: كلب ومسك عظمة! 
فكيف اذا كان كلبا مسعورا جعاريا كعصابة مغتصب النساء وذابح الأبرياء وقاتل الأطفال؟
وخامنئي الأعور الدجال يبارك بغبطة هذه الأفعال!
كيف لا، وهي دكتاتورية شموليةٌ مشبعة بالحقد التاريخي والعنصرية: 
طائفية الجذور، سادية العقل، قاسية القلب، قابعةٌ على صدر هذا الشعب الصابر الحضاري النبيل ككابوس ثقيل تحول مع السنوات الى نفق مظلم دامس بليل حالك مخابراتي عفنٍ طويل.
ولهذا كان لا بد لهذا الشعب من الانتفاض على واقعه الأليم والثورة للخروج من النفق المظلم، وتحقيق المستحيل باستعادة حريته وكرامته وعنفوانه وعزته وحقوقه المسلوبة على أيدي عصابة حاكمة سارقة ماكرة مخادعة طاغية باغية.
ومع بزوغ الربيع العربي أشرقت شمس الحرية واخترقت أشعتها ظلام النفق السوري فأضاءت مشاعله أيدي براعم الثورة، أطفال درعا. 
هل كان ممكنا تفادي ما حدث؟ 
نعم لو كان بشار انسانا سويا، ووطنيا سوريا، وحاكما حكيما محبا لشعبه وليس وريثا لئيما حاقدا في قلبه، ويفكر ولو للحظة بمصلحة سوريا ومستقبل أبنائها، وليس بمصلحته الخاصة ومستقبل ابنه الوريث!
ولكن بما انه ليس سويا ولا وطنيا ولا حكيما، ولئيما حاقدا مستكبرا وبالنسبة إليه ولبطانته الفاسدة: سوريا غابةٌ وهم أسيادها وأسودها الكاسرة الى الأبد. وتأكيدا على ذلك شعارهم المرفوع منذ بداية الثورة، " الاسد أو نحرق البلد". 
فماذا ممكن ان ينتظر الشعب السوري العريق الحضاري من عصابة أبو حفاظ البشاري؟ 
ولهذا كان على شعب الغابة في قانون العصابة ان يظل مطيعا خانعا مسحوقا يعيش من فتاتها، وإلا تعرض للافتراس بشرا وحجرا كما يحدث الآن.
ففي سوريا الملتهبة بثورة يخوض غمارها شعب جبار منذ أربع سنوات باللحم الحي وبمعارك اسطورية وانتصارات بطولية ضد قوى الشر والهمجية البشارية الإيرانية الروسية الحالشية الداعشية، الكل في هذا الصراع السوري الاقليمي الدولي الدامي متحول ويعمل حسب مصالحه الآنية، إلا الجيش السوري الحر فهو الرقم الصعب والثابت في المعادلة، وسيزداد ثباتا مع الأيام رغم كل المؤامرات والاختراقات ومحاولات الطعن والتصفية التي لا ينفك يتعرض لها منذ تأسيسه على يد البطل المقدام الشهيد الحي العقيد رياض الاسعد.
والجيش الحر الديمقراطي والمعتدل في توجهه لمستقبل سوريا الجديدة هو وحده الذي يرعب بشار الاسد ويحسب له هذا السفاح الف الف حساب. كيف لا وداعش والنصرة هما صنيعتا مطابخ مخابراته الشيطانية والتآمرية الإيرانية لسَّيطرة على الدول العربية. مخابرات آل أسد لها باع مهني احترافي اجرامي طويل في تأليف وتركيب وتجنيد وتدريب وتسليح وتوجيه واختراق وغسل أدمغة الجماعات الإرهابية الإسلامية السنية الغبية. 
هذه الجماعات السنية الإجرامية أضرت بوحشيتها وظلمها وحقدها وغبائها المنقطع النظير بكل ثورات الربيع العربي وبالاعتدال السني الى ابعد الحدود، محاولة سرقة الثورة الشبابية من أيدي أصحابها الشرعيين اي الشباب العربي المنتفض لكرامته ومستقبله، لمصلحة ارهاب ملالي ايران في المنطقة والتغطية على جرائم حرسها الرجعي من حزب حسن ايران الى بشار الى المالكي الى الحوثيين وبقية الحثالة العربية من المتآيرنين. 
هذا وقدمت داعش والنصرة خدمات لبشار ما كان ليحلم بها، وتسببا بعدم دعم أمريكا ودول الغرب الدعم الكافي للثورة بالسلاح الفتاك، لكي لا يقع بأيديهما الملطختين بدماء الأبرياء في كل مكان.
خاصة بعد أن انقلب هذا السلاح عليهم في ليبيا محاولا تدمير كل طموحات وآمال وتضحيات الشعب الليبي بقيام دولة ديمقراطية تعددية حضارية عصرية.
والآن الجيش الليبي يخوض معارك ضارية ضد الجماعات الإسلامية الإخوانية المتطرفة الغبية.
فأمريكا والغرب لم ينسوا بعد الدرس القاسي الذي تلقوه في ليبيا، فهم ساعدوا ثورتها الربيعية لتنتصر على القذافي، فتحولت بعد انتصارها الى مؤامرة خفية وثورة خريفية بأيدي جماعات الارهاب الاسلامية وفي مقدمتهم "القاعدة" الغبية، حيث أرتكبوا جريمة حرق السفير الأمريكي  
المناصر الأكبر للشعب الليبي في ثورته.
فالجيش الحر بقواه الفاعلة على الارض السورية رغم قلة الإمكانات وشح الموارد هو من يمثل حقيقة جوهر ونضال وكفاح الشعب السوري من أجل الكرامة والحرية والديمقراطية والدولة المدنية التي افتقدها ومنذ انقلابات عسكرييه الشمولية المشؤومة ضد الدولة الديمقراطية الفتية عام 49 إثر نكبة فلسطين وكانت البداية لكل الانقلابات العسكرية الغاشمة في العالم العربي على قوى الشرعية والديمقراطية من مصر الى العراق والى معظم الدول العربية التي لم ترتح شعوبها من استحمار عسكرها العربي  اللقيط بعد تحررها من الاستعمار الغربي المقيت.
ومن هنا فالكل متحول والجيش السوري الحر هو الثابت ومن ورائه القوى السياسية السورية والعربية والدولية التي تدعمه.
فعلى مدى أربع سنوات بشار وبطانته وشبيحته وعصابته وعلوييه هم الخاسر الأكبر. البارحة تم على يد الشبيحة تدمير قصر المجرم رستم غزالي، هذا يدل على شعورهم بالهزيمة وعدم قدرتهم على حماية القصر لكي لا يقع بأيدي الثوار. وهناك تذمر واضح في الطائفة العلوية التي خسرت وتخسر يوميا خيرة شبابها وقودا لحرب خاسرة.
وهناك تذمر مكبوت في الطائفة الشيعية اللبنانية من خسارة المئات من شبابها خدمة للمجرم بشار وقمعا للثورة الشعبية.
أما ايران فهي في تراجع اقتصادي وتقهقر عسكري واضح في سوريا، لعجزها رغم انخراطها في الحرب الى جانب بشار مع كل غلمانها واذنابها وارهابييها من حزب حسن ايران الى ميليشيات شيعستان العراق وأفغانستان، على حسم الحرب لمصلحتها، ولم ولن تستطع الانتصار على الشعب السوري الثائر لكرامته وغزوهم لأراضيه.
وروسيا بعد ان انخرطت بكل حماقة ورعونة الى جانب بشار هي اليوم تهرول خلف المعارضة لحل الصراع، حفاظا على ماء الوجه.
حتى مقاتلي داعش والنصرة من السوريين سيأتي اليوم الذي يعودون به الى وطنيتهم ورشدهم ويلتحقون بالجيش الحر، لأن داعش والنصرة منظمتان همجيتان مهزومتان حضاريا قبل هزيمتهما الحتمية عسكريا، ولا مستقبل لهما لا في سوريا ولا في العراق ولا حتى على سطح المريخ حتى ولو صعدا إليه على ظهر البراق.


CONVERSATION

0 comments: