خواطر رقيقة فوق الأحزان/ فراس الور

اراضي الغربة...ترابها مبتل من دمع من مروا بها...بذور اشجارها احلام المارة من ربوعها في طريقهم الى الغد المجهول...على اغصان أشجارها ورق كتب عليه صيحات و كلامات الطفولة الرقيقة للبراعم التي تكبر في مقلتي أم تزرع و تحصد تعبها تحت قرص الشمس المنير، يفوح من زَهْرِهْ بألوانه البهية رونق فواح يداعب والجدان و يثلج قلب أب يتذكر طلب أبنه لحلاوة عربية او لدمية وسط تنهدات قلبه المهموم و المرهق...ورد الحقول براعم الغد التي تنبت بحقول جنان الغربة الخلابة تتراقص تارة من نسيم عليل ينشر عطرها المنعش بين العابرين و المسافرين من وادي الدموع هذا و تارة تقف ساكنة منتصبة لتغذي ابصار الناظر اليها بألوان قزح السرمدية...الأحمر و الزهري و الأبيض و البنفسجي و التي تحاكي عنفوان ربيع حزين يمر من عمرنا العربي...
عَمِدْ يا قوس قزح غربة من يمر من هذا الوادي تحتك بألوانك الحلوة...فشمسه تروي اوراق الزهر و الشجر نضارة و اشراق و نسيمه يهز سلامها لتتراقص على ملمسه طربً و ابتهاجا...و كأنها تقول له أحبك و اشتقت للمستك الحنونة بعد طول غياب...ربيع طال غيابه عنا ليحرم طفل بريئ روعة الجري وراء فراشة بيضاء تتطاير من وردة الى وردة بحنو و سرور...ليجلب فصول أمطارها بلا حنان تروي الأرض بمياهها ثم تغزل رياحها ورق الثلوج الرقيقة و الباردة من قلب الغيوم البيضاء و ترميه على الحدائق الترابية و البيوت و الأشجار العارية...
لذلك تبتهج أوراق الأشجار حينما تحيك نسيجها يد الرحمن من جديد في مطلع كل ربيع فتزدان بخضار الحياة و يكتب القدر عليها صيحة طفل ولدته أمه من أحشائها مع ميلادها بأرض الغربة...يكتب القدر عليها أمنية طالب يافع و هو يصلي بقلبه أن تعبر به الأيام الى نجاح يكلل به عناء و شقاء الدراسة الطويل...تُدَوِنْ الأيام عليها أمنية أم أن تعود من مهجرها الى موطنها الذي يسكن قلبها كالؤلؤة الوضاءة بقلب محار البحار الأزلية...و يكتب الزمن الغدار على اوراق ثانية دموع من يشعروا بعناء غربة و شقاء مرير فَيُصلوا لِيَدْ حانية تمسح دمعهم و بسمة تثلج صدورهم من جديد...
سماء حدائق الغربة مرصعة بالماس و الزمرد و الياقوت و  العقيق البراق...اضواء باهرة تبدء بالظهور بغسق هادئ يودع به قرص الشمس الوهاج الغربة الحزينة و يسرح وراء الافق الرحبة ليسمو من جديد بهاء القمر الحنون...و تبدء الأجرام الكريمة التي نثرتها يد الرحمن الخلاقة منذ أزمان آدم و حواء القديمة بالتراقص فوق الغربة الحزينة...تتراقص بهاءا بيعون الناظر اليها و تُسَبِحْ صنيع يديه الخلاق سبحانه لتكتمل لوحة الرحمن الأنيقة فوق سماء إنسية تضم مسكونة تعانق اوقاتها الفرح و الحزن معاً...فيسمع هنا زغروطة أم تَزُفْ أبنها على انغام اهزوجة الفرح و هنالك صيحة مريرة من أم نائحة تغرز معول بالأرض لتدفن ابن شهيدا...الحياة ضحكات رقيقة فوق الأحزان و أنغام تصدح من بلبل غسوله في الضحى ندى الرحمن الخالص و دمعة أم باكية على إبن ودعته بخدرٍ حنون الى مثواه الأخير كانت قد قتلته طلقة غادرة و حرب شعواء كالتي تعج بها ايامنا الحالية...ضحكات دامعة من الألم...ميلاد يكسر ايقاع الموت بالحياة...مسيح عرشه سرمدي بهي شافي و متألم لأجل حبه للبشر....ألا تدمع نفس العين مرة من الفرح و مرة من الحزن...الغربة قلبنا الذي ينبت بأحلامنا و آلآمنا و سماء سرمدية تضيئ دربنا منذ حاثتنا بهذا العالم الى أن ننهي غربتنا في هذا العالم و نستيرح بكنف الرحمن حيث تكمن راحتنا الأبدية...لتبقى قصصنا منثورة على اوراق الشجر في ربوع الغابات النضرة يداعبها البلبل الخجول و نسيم الربيع العليل و قطرة ندى من غيمات الرحمن...و قلم عاشق للطبيعة يتغزل بجمالها الفتان...       

CONVERSATION

0 comments: