ورحل شاهر خماش/ سري القدوة

حقيقة الامر اجد نفسي في مهمة صعبة هذه المهمة ان انعي زميلي واخي الحبيب شاهر خماش وهذه المهمة التي جندت نفسي كي احاول الكتابة عن شاهر الانسان الطيب وعن الصباح ورحلته معها وعن فقدان اعز ما نملك في ايام الغربة وان نعود بالذاكرة الي تلك الايام وخلية النحل في الطابق العلوي وتلك الغرفة الاسبستية في اول مكتب التوجيه السياسي بمنطقة تل الهوا في غزة  التي بدأت منها الصباح عددها الاول لترى النور كصحيفة مطبوعة اعتز بها وبولادتها وعددها الاول ..

تلك هي المهمة الصعبة التي احاول اختراق المسافات لأكون هناك .. اكون مع هذا الجيل الاعلامي المتميز والذي عمل بصمت ليصنع هذا الانجاز لأول صحيفة تصدر في قطاع غزة في ظل السلطة الوطنية الفلسطينية وتستمر بالصدور اسبوعيا وبشكل منظم من ولادتها في السابع من اكتوبر عام 1996 الي حين الانقلاب والسيطرة علي مكاتب الصباح ومصادرة الارشيف وبيعه في الجملة كورق للف من قبل الاشخاص الذين قاموا باقتحام مبني الجريدة الواقع بشارع النصر بمدينة غزة ..

بمناسبة الارشيف تذكرت تلك الواقعة حيث اتصل بي اخي شاهر هاتفيا وقال لي لقد شاهدت جريدة الصباح تباع بسوق الجملة وقد التقينا سريعا لنذهب الي المحلات ونحاول شراء الاعداد بالكيلو الذي اتفقنا مع البائع ان ندفع شيقل مقابل كل كيلو وبالفعل تمكنا من شراء بعضا من الاعداد واتفقت مع شاهر ان يحفظها لديه وهو الوحيد من اسرة الصباح بالإضافة الي اخوة اخرين يحتفظون بنسخة او نسختين من الاعداد التي صدرت طيلة عشر سنوات متتالية كأرشيف شخصي لهم ..

شاهر خماش شعلة من الحيوية والنشاط والابداع الرياضي بشكل متكامل فهو يصر علي ان يتقدم ويثبت بجدارة انه يستحق ان يصدر قرار تعينه رئيسا للقسم الرياضي بجريدة الصباح بعد رحبل اخونا المناضل محمود الزعيم واستشهاده في اقبية التحقيق بسجون سوريا حيث كان شاهر قد التحق معنا للعمل بجريدة الصباح وتحديدا بالقسم الرياضي ..

شاهر يبدع في اخراج صفحاته الرياضية بين الخبر والمباراة والتغطية الرياضية والمقال والنقد وسرعان ما يحقق انجازات ملموسة كمحرر رياضي متميز بين الزملاء الاعلاميين في قطاع غزة ويسجل اهم انجاز بانه لم يكن محررا فقط بل عمل علي اخراج الصفحات الرياضية الخاصة به فاحب المشرط والمسطرة الحديدية وورق المونتاج حيث كانت بداية العمل والاخراج اليدوي بقطاع غزة ولم يكن بعد قد دخلت الصباح في مجال الاخراج الالكتروني للصحيفة ..

شاهر خماش يمضي صانعا تجربة رائعة وقيمية في مجال الاعلام الرياضي حيث كان يتنقل بين المواضيع المختلفة ليسجل الاهداف بكل دقة ..

واستمر بالعمل مبدعا ومشاركا في كل المجالات الاعلامية ومراحل صناعة الصحيفة لنجد انفسنا امام اهتمام القراء ورسائلهم الدورية للصباح الرياضي ونقف امام مئات المقالات النقدية من مختلف الكتاب والمحليين الرياضيين بقطاع غزة والضفة الغربية ..

والصباح تدخل عالمها الالكتروني حيث اصر شاهر خماش علي نقل جهازه الخاص من بيته الي غرفته في الصحيفة ليقوم بتحرير الاخبار الالكترونية ونسجل ارتفاعا في متابعة الصحيفة وموقعها علي الأنترنت واهتماما ملحوظا في هذا المجال ..

 في ذكري رحيل الرئيس ياسر عرفات وقفنا جميعا في هيئة التحرير مضغوطين للوقت وكان قرارنا بإصدار عدد خاص عن الرئيس ياسر عرفات فطلبت من شاهر ان يتوقف عن اصدار الصفحات الرياضية فقال لي كيف اتوقف لا الصباح الرياضي هي عن الرئيس ياسر عرفات ودوره في المجال الرياضي والشبابي وبعد ان ناقشته بالفكرة اقنعني بذلك واتفقنا ان يسلمنا المادة لتنفيذها واخراجها لأجد انني اقف امام صفحتين متكاملتين عن الرئيس ياسر عرفات ودورة الرياضي فكان لهيئة التحرير ان اصدرت عددا متميزا حول الرئيس ياسر عرفات نفتخر في اعداده اخراجا وتحريرا ومحتوي كان لنا ان نخلد الرئيس وان يبقي هذا العدد الذي ضاعفنا طباعته شاهدا لجريدة الصباح وحضورها الاعلامي المهم في تلك المرحلة من تاريخنا ..

العديد من الاشياء والشخوص تحملها الذاكرة والعديد من المحررين يحتضرون بقوة مواقفهم وعطائهم ولكني الان اكتب عن رحيل زميلينا شاهر خماش وانا اتنقل بين ثنايا الصحيفة ليحتضر في الذاكرة رحيل اخونا باسل الشنطي ويوم ان ذهبنا الي المقبرة لدفنه حيث توفي ايضا في صراع مع المرض يومها صعدت الي الحافلة التي تنقل جثمان الراحل باسم الشطني ابو العبد لاجد شاهر بجانبي وفي مقدمة اسرة الصباح ولنعمل معا علي طباعة البوستر الخاص برحيل اخونا ابو العبد الشنطي ونقف سويا لوداعه وايضا لا انسي مواقفك يا شاهر وانت حاضر معنا في ذكري رحيل اخونا محمود الزعيم لتصر علي تخليده من خلال اقامة المباريات التي حملت اسمه تخليدا لذكراه ..

حقيقة الامر رحلة طويلة وصعبة هي ايامنا مع صباحنا عشناها سويا لا يمكن ان تغتزل في كتابة مقال او قطعة نثرية لتنعي هذا التاريخ الابداعي الجميل من حياتنا التي حفرناها معا .. فتلك هي مهمة صعبة لا يمكن لي ان اترجمها عبر هذه المقالة بل الواقع والحقيقة اكبر من ذلك وما تحمله النفس من ذكريات هي كبيرة يستحق ان تترجم الي قصة سرد لتجربة صحافيه عاشتها الصباح بحلوها ومرها وكانت جزء من حياتنا كمجموعة من الشباب الطموح الذي اصر علي العمل الصحافي مؤمنا بالفكرة ليصنع الهدف ..

لقد كنا في الصباح ليس موظفين هنا او هناك نتقاضى راتب بل كنا اسرة واحدة نفخر بها وندفع مما نتقاضاه ثمنا لعملنا مؤمنين برسالتنا الاعلامية وفخورين بإنتاجنا لصحيفة صنعت كاملا في غزة في ظل عدم وجود امكانيات اعلامية ونقصان التجربة وخاصة مع ولادة الاعداد الاولي ..

الحديث عن صحيفة الصباح يحتاج الي مساحات واسعة وتلك التجربة الاعلامية التي عشناها معا حيث هناك زملاء وزميلات نعتز بهم وبالعمل معهم ليس هنا مجال الان للكتابة عنهم وعن مواقفهم وتبقي الاشارة الي ان رحيل شاهر خماش ترك اثار بالغة في قلوبنا جميعا وما تلك البرقيات ومئات رسائل النعي والتعزية التي تلقيتها الا دليلا علي حب الناس واهلنا له فهو انسان طيب اصيل سنبقي نتذكره ولن ننساه ابدا وعلي درب العمل والعطاء سنمضي من اجل غد افضل ومن اجل ان تكون الطبعة الجديدة للصباح قريبا في غزة .. هذا حلمنا وسيبقي رغم كل الالم الذي نحمله من لوعة الفراق والبعد القسري عن ارضنا وتلك التجربة القاسية التي عشناها في سنوات العشرية السوداء ..

CONVERSATION

0 comments: