الحب والسعادة/ أنطوني ولسن

أولاً : الحب

الحب هو البساط السحري الذي يطير بك الى الجبال ويهبط الى الوديان ، ولا ترى سوى الجمال ، ولا تشعر إلا بالحنان . وهو أي الحب ، أكسير الحياة الذي يعطيها الدفعة القوية لتواجه صعابها ونكباتها .
الحب هو الدواء لكل داء ينخر في نفس الأنسان ويجعله يحقد ويحسد ويكره ويقتل ويدمّر ويغار ويحتار . إذا كنت تحب انساناً تجد قلبك خالياً من الحقد والحسد والكُره وكل الآفات الأنسانية الفتّاكة . من يحب يشعر أنه قريب جداً من الله . لأن الله محبة ، وقريب جداً من الأنسان . لأن الأنسان أحبُ المخلوقات وأقربها إليه .. إلى الله .
الحب الحقيقي هو الحب المعطي . يعطي بلا معايرة. وإذا أعطى الأنسان المحتاج إلى العطاء من قلبه دون أنيعايره ، يردّ اليه قلب المحتاج حباً قوياً مملوءاً بالوفاء والأخلاص والتضحية .
عندما أحب الله هذا المخلوق الضعيف الذي خلقه وهو الأنسان ، ضحى بنفسه أخذاً شكل انسان ، معلقاً فوق صليب العار ، سافكاً دمه الزكي ، مخلصاً اياه من موت محقق هو أجرة الخطية .
" هكذا أحبَ الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد " .
الحب إذن هو أسمى الصفات التي يمكن للأنسان أن يتحلّى بها ، فيقوم بأعظم المعجزات التي لا يستطيع القيام بها بأعماله أو إيمانه . هكذا تقول الآيات في الرسالة الأولى إلى أهل كورنثوس الأصحاح13 والتي نقرأ منها الأيات التالية :
صرت " ان كنت أتكلم بألسنة الناس والملائكة ولكن ليس لي محبة فقد
نحاساً يطنّ أو صنجاً يرنّ . وان كانت لي نبوة وأعلم جميع الأسرار وكل علم وان كان لي كل الأيمان حتى أنقل الجبال ولكن ليس محبة فلست شيئاً . وان أطعمت كل أموالي وان سلمت جسدي حتى احترق ولكن ليس لي محبة فلا أنتفع شيئاً . المحبة تتأنّى وترفق .. المحبة لا تحسد ، ولا تظن السوء ..." .
وفي أخر الأصحاح نقرأ :
" أما الآن فيثبت الأيمان والرجاء والمحبة . هذه الثلاثة ولكن أعظمهن المحبة " .

ثانياً : السعادة

عندما يبحث الناس عن السعادة . يظن بعضهم انها في المال ، ويظن آخرون أنها في البنين ، وتظن مجموعة من البشر أنها .. السعادة ، في السلطة والجاه . بل قد يظن المرضى فكرياً من البشر أنها في التعنّت والصلف واستعباد الناس واذلالهم ، فيجدون في هذا العمل سعادة لنفوسهم السقيمة المريضة .
ويظل الأنسان يبحث عن السعادة .. ولا يجدها ..يا تُرى ما السبب في إختفاء السعادة وبُعدها عن الناس ؟. وهذا مجرد اجتهاد مني ، أن الأنسان يبحث عن السعادة بين الأشياء الزائلة الفانية المادية . ولا يبحث عنها بين الأشياء الخالدة الأزلية الروحية . والسعادة ليست فيما حولنا . بل هي كما أعتقد أيضاً أنها موجودة بداخلنا . أي أنها قريبة جداً من كل واحد فينا . كيف يكون هذا والأنسان يلهث ويجري ويموت دون الحصول على السعادة التي بداخله ؟ لسبب بسيط ، أنه لم يفكر أبداً فيما يمتلك هو وليس ما يمتلك غيره . لو فكر الأنسان فيما أنعم الله عليه به لشعر بالسعادة .. ولكنه يقلل من شأن عطايا الله له ، ويجد في العطايا التي يعطيها الله للآخرين سعادته . ويتعذب الأنسان الذي لا يستطيع الحصول على ما للغير ، ولا يستطيع الأستمتاع بما بين يديه . وقد صدق قدماؤنا عندما قالوا " القناعة كنز لا يفنى " .
ونرى في حادثة الغني الذي ذهب للرب يسوع وسأله كما جاء في انجيل مرقس الأصحاح العاشر 17 ـ 22 . نقرأ الآتي :
" وفيما هو خارج الى الطريق ركض واحد وجثا له وسأله أيها المعلم الصالح ماذا أفعل لأرث الحياة الأبدية. فقال يسوع ،لماذا تدعوني صالحاً ، ليس أحدُ صالحاً الا واحد وهو الله . أنت تعرف الوصايا ، لاتزنِ ، لا تقتل ، لا تشهد بالزور ، لا تسلب ، أكرم اباك وأمك .فاجاب وقال يا معلم هذه كلها حفظتها منذ حداثتي . فنظر إليه يسوع وقال له ، يعوزك شيء واحد ، إذهب بِعّ كل ما لَكَ واعطِ الفقراء فيكون لك كنز في السماء وتعالَ اتبعني حاملاً الصليب .فاغتمّ على القول ومضى حزيناً لأنه كان ذا أموال كثيرة " .
ياليتنا ونحن نخطو أولى خطواتنا لعام 2013 أن نعرف المعنى الحقيقي للحب المعطي ، وأن لا نبحث عن السعادة في أشياء زائلة لأن السعادة في قناعتنا بما لدينا ، وتقدمنا بالحمد والشكر لله الذي وهبنا السعادة في قلوبنا ، في داخلنا.
2013 عام جديد سعيد
وعيد ميلاد مجيد

CONVERSATION

0 comments: