دور النشطاء الاقباط/ لطيف شاكر

  في زخم الامور المتردية  للاقباط  في مصر وفي خضم الاحداث الدموية والهجمات الغوغائية علي  كنائسهم   وبيوتهم  ومتاجرهم   دون مبالاة من الحاكم او اهتمام الحكومة, واستمرار اضطهاد الاقباط بطريقة مستفزة ومتكررة في العلن دون استحياء او اتخاذ اي اجراء حاسم.
كان لزاما للاقباط ان يتصدوا لهذه الامور المريرة التي  المت بهم خاصة في عهد بات ظلم  الاقباط  امرا عاديا  لاتبالي به الدوله  كالماء الذي يشربونه والهواء الذي بتنفسونه   ولاتكترث به المؤسسة الرئاسية او يشغل بال جهاز الداخلية او الاجهزة الاخري المعنية ويتلقفه الاعلام حينا ويغض النظرعنه اغلب الاحيان   .
حقيقة ان هذا الاضطهاد ليس وليد الساعة وليس بجديد في عهد مرسي  ونظامه الفاسد ,بل كان سمة كل الحكام  في كل العصور السوداء  و يزداد  درجته او ينقص  طبقا لعاملين  الاول  يعتمد علي شخصية الحاكم  وثقافته  وخلفيته الدينية وتربيته , والسبب الآخر قدرة الاقباط علي التعبير علي ظلمهم وامكانية فرض انفسهم علي المسئولين من خلال حضورهم  سياسيا وحزبيا , كما حدث  في الزمن الجميل  قبل ثورة العسكر المشئومة 52  ,او عن طريق اثبات وجودهم في مجالات  الاستثمارات او نبوغهم  علميا وشهرتهم بالخارج الذي  ينعكس علي الداخل  .
 لكن في كل الاحوال يحاط  تواجد الاقباط   بشئ من الشكوك والريبة من المؤسسات الامنية, مما يسبب خوف ورعب للمستثمر القبطي الذي يسعي جاهدا ان يبعد عنه شبه الطائفية باسلوب يدفع ثمنه غاليا لدرء هذه الشكوك , لان الدولة باتت  تتعامل  مع الاقباط من خلال العنصرية وليس من خلال المواطنة الصحيحة وبفرز ديني تعصبي .
هذا الموقف يحتم علي الاقباط  ان يفكروا بحكمة وتروي في ظل اليات دولية كثيرة وقنوات شرعية ,  وجهات حقوق الانسان والامم المتحدة وهيئاتها القانونية والمعنية بحماية الاقليات  , ومحاكمها الجنائية والدولية  , يحتاج الاقباط والاقليات ان  يتعرفوا عليها وكيفية  ولوج ابوابها واقناع المسئولين  بقضيتهم  وما هي  الادوات التي يستخدمونها  لاقناع هذه الجهات بالظلم الواقع عليهم وما يجب ان يقدموه  من سجلات وصور وفيديوهات توضح الاحداث والمجازر جماعية و فردية لتفعيل دور هذه المؤسسات الحقوقية.
ان  هذا الامر يستلزم تاسيس لوبي قبطي ومن الاقليات  علي درجة كبيرة  من الوعي القانوني والمعرفة الحقوقية  والثقافة السياسية والقدرة علي التعبير  علي ان يتسموا اعضاء اللوبي  بالغيرة المقدسة وانكار الذات والعمل الدؤوب ولديهم دراية كاملة بالاحداث والمشاكل القبطية .
لا ننكر وجود نشطاء كثر في كل بلاد المهجر وفي بعض البلاد الاوربية  يحملون هموم الوطن داخلهم ويتألمون بالآم اخوتهم في مصر ويشاركونهم انينهم  ,لكن يعملون بطريقة فردية  او شبه جماعية  دون انساق جماعي علي مستوي جماعة الاقباط  ومجتمع  الاقليات مما يؤدي الي ضعف صوتهم وخفوته  ولا يلتفت اليه في اغلب الاحيان
ان وجود جمعيات او هيئات او مؤسسات لخدمة القضية القبطية  أمر طيب اذا كان هدفهم واحد ولديهم بوصلة للوصول الي  الهدف المنشود , لكن للاسف نجد تضاربا بينهم كاعضاء وكجمعيات  مما ا أدي الي فشل  التوصل الي نتيجة مرجوة حتي الان .
ان تضارب الاراء وتباين الاهداف والتنافس علي الكرسي الاول والظهور بمظهر غير لائق  يتسبب ليس في عرقلة  الوصول الي الهدف , بل الي استخدامهم ضد القضية القبطية وتشتيت الاقباط , لاسيما ان  المخابرات المصرية لها دور  ملحوظ  في اختراق بعض الجمعيات  والقنوات الفضائية (سنفرد مقال عن الاعلام) وكونت صداقات مع  بعض النشطاء  وقامت بتوجيههم ورسم سياستهم الظاهرة تتسم بالتقية امام الناس والخفية  الحقيقية لحساب دولة الظلم .
 والامر المخزي ان اختراق بعض الجمعيات والنشطاء يتم من خلال تقديم مكافأت مالية سخية اومراكز حكومية او تعينهم في  مجالس تشريعية وهذه وظائف  طالما حلموا بها قبل حماسهم الكاذب  للقضية القبطية  وبالنسبة للشرفاء يكون  بالتهديد المباشر والغير مباشر لاهلهم وذويهم  بمصر.
ناهيكم عن تواجد بعض  الجمعيات تحمل اسماء كبيرة ملفتة للانظار مقترنة بكلمة العالمية او الدولية او المصرية او القبطية  وخلافه ولا تحمل من هذا الاسم الا وهما  وخيالا ,  دون اي عمل  او نشاط سوي الكلام الكثير والرغي الفاضي ,والطعن في جمعيات او هيئات نشيطة  ,مما يعيق الطريق نحو المراد , وغالبا مايؤخذ بكلام هؤلاء  عند حاجة الدولة والاعلام المصري الي رأي مناهض للقضية القبطية  وضد حقوق الاقليات, بل يصل الامر ان يشيد بهم الاعلام  حسب التوجه الحكومي  معتبرين اياهم المسئولين  عن الاقباط , وينشروا تصاريحهم  واقوالهم بالصحف ويفسحوا لهم حوارات بالفضائيات الدينية والحكومية .
ان الموقف الحالي لبعض النشطاء والجمعيات يعطل سير القضية القبطية,  ولن يستقيم الامر  ولن يلتفت الي شكوي الاقباط  وعدم الاصغاء الي طلبهم  ورفع الظلم عنهم ,الا اذا اتحد النشطاء الاوفياء كجمعيات او افراد علي هدف واحد ورأي واحد وفكر واحد ,بل من الافضل ان ينضم الي صفوف الاقباط  كثير من  المسلمين  الغير متذمتين والرافضين للغبن ,ولرفع سيف الظلم عن رقبة الاقليات , بل يكون ايضا  من المفيد ضم  مسيحيو الشرق وهم يحملون نفس النير والظلم  ,اضافة  الي  عدد من الجمعيات والهيئات  المهجرية والاوربية الذين يتبنون شأن الاقليات في المنطقة العربية  والدفاع عن تواجدهم وعدم تفريغ المسيحيين  من البلاد العربية  .
واقول الحق وضميري شاهد علي كلامي ان اقباط الداخل  بعد خروجهم من عباءة الكنيسة التي فرضت عليهم  اكثر من اربعة عقود قدموا نفوسهم الغالية  رخيصة علي مذبح  الجهاد ضد الظلم وطلب العدل والمساواة  , ولم  يألوا جهدا في التظاهرات والمشاركة الوطنية  والحضور الحزبي  وتكوين الائتلافات المختلفة ,واستشهد منهم عدد لاباس به  تحت عجلات مركبات الجيش والامن ,واثناء الهجوم الغير ادمي علي الكنائس والمتاجر والبيوت وصمدوا بشجاعة ضد الظلم ,ومازالوا  يجأرون بالشكوي والظلم من حاكم ظالم ودولة فاسدة وحكومة رخوة لاضمير لها, ولهم مواقف يشار بها بالبنان وقد اثبتوا انهم رجال اشداء مع اخوتهم المسلمون الاحرار . هذا ماقام به اقباط واقليات الداخل رغم الظلم والبطش والسجون والقتل.. فما دور اقباط الخارج الان وهم يتنعمون بحرية الكلمة .
ان اقباط الخارج لديهم  امكانيات ضخمة جدا ماديا واستثماريا  وعلميا وفكريا ويشغل كثير منهم مراكز مرموقة وفي مواقع استراتيجية هامة وبعضهم لهم علاقة وطيدة بصناع القرار, ولهم كامل الحرية في التعبير عن الام واوجاع الاقباط والاقليات دون خوف او ضعف .
 اقباط الخارج بامكانياتهم المهولة وعددهم الكثير الذي يربو عن الثلاثة ملايين يحتاجوا الي  تنسيق وتوجيه وترشيد  ليكونوا جالية محترمة لها تواجد في  كل المحافل الدولية وفي وطنهم الثاني ,ويكون لهم صوت قوي في الانتخابات الرئاسية والبرلمانية  ليحظوا باهتمام المرشحون, والسعي الي كسب اصوتهم مثل الجالية اليهودية والارمنية وخلافهم وهم اقل عددا    , خاصة وان اقباط  الخارج يحملون في قلوبهم حبا شديدا لمصر ومحبة قوية للاقباط  ويأملون درء الظلم عن كاهل كل الاقليات .
دون هذا لن يكون امام الاقباط خاصة والاقليات عامة الا ترك قضيتهم في يد حكومات ظالمة يلتمسون مراحم حاكم فاسد, ويبكوا علي اطلال وطن الاقباط  ضاع منه الاقباط المسلمون والمسيحيون ونندم حظنا العاثر من ظلم الحكام بالداخل وتفكك الاقباط بالخارج ولايكون  امامهم سوي الترحيب  بالغزو او الفتح العربي الجديد كما اشاروا اليه دعاة الاخوان والسلفيين  ومكتب الارشاد فور تنصيب مرسي حكم مصر . ولا يكون امامهم الا قبول  احد الاختيارات الثلاث اما الاسلمة الجبرية او دفع الجزية وهم صاغرون (لااعرف حكمة دفع الجزية وهم صاغرون) او القتل  ويمكن في سماحتهم الآن ان يضعوا بديل رابع وهو التهجير من بيوتهم ووطنهم ... وللعدل والانصاف  سيتركوا للاقباط  حق الاختيار !!!!!!
في حوار اخير  مع المفكر الكبير  د. بطرس غالي  وردا علي سؤال : باعتبارك قبطياً.. كيف ترى مظاهرات أقباط المهجر ودعاوى اضطهاد الأقباط فى مصر؟
يقول سيادته : لست خائفاً من أى مظاهرات ينظّمها الأقباط فى العواصم الأوروبية والأمريكية، ولا داعى لأن نقلق ونكبّر الموضوعات أكثر مما تحتمل، وعلينا تقوية جاليتنا المصرية فى الخارج بصرف النظر عن كونهم أقباطاً أم لا، ويجب أن نتعلم من إسرائيل التى استفادت كل الاستفادة من جاليتها فى الخارج
وهنا بيت القصيد والكلام المفيد : كيف نقوي جاليتنا المصرية في الخارج ؟ سؤال مطروح علي النشطاء افرادا وجمعيات قبل فوات الاوان  .
اما كيف نتعلم من اسرائيل  فسوف اخصص له مقال في القريب بعد مقال عن دور الاعلام الفبطي .

CONVERSATION

0 comments: