صور محروقة!/ عـادل عطيـة

صور الأشياء، والكائنات المحيطة بنا، كانت أول الحروف الهجائية في اللغة الإنسانية الأولي.
ولا تزال الصورة، بعد اختراع حروف اللغة، تحمل لنا التأثير المستحيل دونها؛ فالصورة تساوي ألف كلمة، كما يقول المثل الصيني.
وقد وصل مجد الصورة إلى المدى الذي قال عنه الناقد الفرنسي رولان بارت: "اننا نعيش في حضارة الصورة"!
لكن البعض أبى إلا أن تكون الصورة غير الصورة، تجوز بالخدعة عن طريق الفضاء، وتحتل الأقمار، وتقتحم بيوتنا، وتغزو عقولنا، وتبدّل أفكارنا!
فقد أتى هؤلاء الفيروزيون، نسبة إلى فيروز، بعد أن غنّت لهم: "الكذب موش خطية"، ببعض مؤيديهم في رابعة العدويّة.
وبادوات الخداع رسموا عليهم الاصابات، والدم.
ورسموا الموت.
واصوات تعلو بالنحيب، والعويل، واللطم.
ارسلوا بالصور المتحركة إلى وكالات الانباء العالمية، وإلى القنوات الفضائية.
الصور في خداعها، هزّت المشاعر، وادمت القلوب قبل العيون.
نجحوا في نشر الاكاذيب، وتضليل الشعوب، وصفّ العالم ضد الوطن.
هذا ما فعله، أيضاً، بخسة ونذالة، انصارهم في سوريا.
فقد بثوا شريطاً مصوّراً، قالوا فيه: انهم ضحايا حرب كيماوية!
هاجت الدنيا على النظام السوري البريء، وخسر كثيراً من رصيده!
ولكن، كما أن الفيلم الخام، يحترق عند تعرضه لضوء الطبيعة، فان الصور تحترق عند تعرضها لضوء الحقيقة الأثيل.
لقد كان الضوء قوياً، عندما تأملنا في شريط الصور، فرأينا أطراف المموّتين وهي تتحرك؛ حتى قيل: "يموت الاخواني وصوابعه بتلعب"!
ثم رأينا، بعد ذلك، أن من قيل عنهم انهم شهداء، صاروا أحياء يمرحون، بمعجزة الحقيقة الساطعة!
وكان الضوء قوياً، عندما رأينا "شهداء الكيماوي" في سوريا، وهم يضحكون ويلعبون، بعد انتهاء التصوير!
لم يتعلم هؤلاء الذين يخترعون الكذب، أن: "الكذب مهواة".. فقدوا من الذاكرة، قصة الصبي، التي قرأناها صغاراً في مدارسنا، هذا الصبي الذي كان يدّعي الغرق أكثر من مرة، وفي كل مرة، كان يخرج لسانه، ويعلن للذين يأتون لانقاذه: انه يمزح.. حتى جاء يوم غرقه، وفي وقت غرقه صرخ كثيراً، ولم يستجب أحدا؛ لأنه كما تقول حكمة القصة: " لا أحد يصدّق كذاباً"!
لقد ارتدت صور الاخوان المفبركة، وتمثيلياتهم الحقيرة، التي قتلت تعاطفنا معهم، إلى نحورهم.. ولم نعد نصدقهم، فصورهم المزيفة احترقت، واحترق معها كل أمل في تصديق غيرها!...

CONVERSATION

0 comments: