الوفاء بالعهد/ عباس علي مراد

منذ القدم كانت الحروب، فمنها الدفاعية ومنها العدوانية، وللحرب، اية حرب تشنّ، اهدافها الظاهرة والباطنة، منها السياسية، الثقافية والاقتصادية وغيرها، حيث يفرض المنتصر ارادته السياسية ويربط مصير المقهور بمصيره وبمصالحه مما يولد الثورات التي تبغي اعادة الحق الى اصحابه..
ونحن على مدار العام، وخصوصاً في مثل هذه الأيام من كل عام نحيي ذكرى عاشوراء، ذكرى ثورة سيد الشهداء ابا عبدالله الحسين لما فيها من معانٍ انسانية رفعت راية الدفاع عن الحق ومحاربة الفساد.
الامام الحسين لم يخشى لومة لائم لأنه عرف الحق وكما يقول السيد المسيح عليه السلام: وتعرفون الحق والحق يحرركم...
ثار الإمام الحسين لأنه رأى وعاين بأم العين التخذير الديني الذي افرغ الدين الاسلامي من معانيه وأبعده عن قيمه السامية حيث اعمى البصر والبصيرة وقاد الى الانحطاط الأخلاقي والظلم والفساد، لذلك قال لمحمد بن الحنفية في وصية له، القول المشهور: "اني لم أخرج أشراً ولا بطراً ولا مفسداً ولا ظالماً، وانما خرجت لطلب الاصلاح في امة جدي. اريد ان آمر بالمعروف وانهى عن المنكر، فمن قبلني بقبول الحق فالله اولى بالحق، ومن رد عليّ هذا، اصبر حتى يقضي الله بيني وبين القوم بالحق، وهو خير الحاكمين.
ما حصل في كربلاء مأساة، ولكن الظالمين لم يحققوا اهدافهم لأن نتائج الحروب لا تقاس بالخسائر المادية المباشرة ولكن بالتبعات السياسية والتاريخية البعيدة المدى. وقديماً قالت اليونان ما معناه: لا تربح حرب الا اذا سلّم المهزوم بالهزيمة، وهذا ما لم يحصل وانتصر الدم على السيف، لأن راية لا اله الا الله لا تزال خفاقة، ليس بالمعنى الذي يردده التكفيريون لكن كما ارادها الامام الحسين وخلفته ببعدها الانساني، ولان نهج الحسين استمراري، نرى الامام جعفر الصادق عليه السلام مكرّساً النهج عندما قال: الله فوّض الى بني آدم كل امره الا ان يذّل نفسه، لذلك ما زالت الحناجر الى اليوم تصدح لبيك يا حسين.
حسين في محرمٍ مستشهداً                      واليوم يُقتفى عملكَ
بأمثالك ترقى الأممُ                              وخَلفك دربك سلكَ
لنُصرةِ الحقِ والعقيدةِ                           قرنتَ فعلكَ بقولكَ
وخاب من بالظنِ قتلكَ                          لذا في الجحيم هلكَ
هيهاتِ منا الذلَّ مبدأً ُ                           وشعاراً مرفوعاً على رايتكَ
مصاناً أبد الدهرِ                                 حتى بعد مُرتَحَلكَ
عقولُ البشرِ بكَ تفتكرُ                          لأنها بالحقِ تريدُ وصلكَ
ولن ترضى للظلمِ سطوةً                       وان طال بعدكَ
ولن ترضى للطفِ تجدداً                       بعد ان ضحيّت بنفسكَ وأهلِكَ
لتبقى رايةُ محمدٍ                                خفاقةً في بني قومكَ
ويسود العدلُ وبه يُعمَلُ                         ولا تلقى به مشككاً
يا سيداً في شبابِ اهل الجنةِ                    لم ولن تُخيّب امل جدكَ
مبايعةَ الأشرار رفضت                        وبالدنيا والآخرة ارتفع شأنكَ
سليلَ بيت النبوة ِ                                لم تخلف يوماً عهدكَ
ونختم بقول سيد الشهداء :"من نعم الله عليكم حاجة الناس اليكم"
كلمة عباس علي مراد بمناسبة  ذكرى عاشوراء القيت في مسجد السيدة الزهراء (ع)

CONVERSATION

0 comments: