خواطر: نعم للدستور المصري الجديد/ فراس الور

استخسروا بنا الحرية، استخسروا بنا دساتير ديمقراطية، استخسروا بنا الفكر الحر و الحريات الدرامية و احتكروها لأنفسهم بكل أنانية و كأنا الديمقراطية مادة مسجلة بإسمهم في الغرب، بل قاموا بتصدير كل حركة متشددة تعتمد على الجهاد و التكفير الى بلادنا العربية بخطوة غير مسبوقة و غير مبررة و كأن المُراد هو الإنتقام من السلام و الإستقرار الذان لطالما تمتعنا بهما في البلاد العربية، سفكوا دماء العرب بكل قسوة...قُطِعَتْ هامات بشر من قِبَلْ مَنْ يعتقدوا أنهم يرضون الله و بِرًهُ...تَدَنًسَتْ دور عبادة للمسيحين في بلاد الشام و مصر و تهدمت من دون أدنا اعتبار للحرية الدينية التي تنادي بها الامم المتحدة...تم مهاجمت الأزهر الشريف بكل قسوة و كأنه حوزة دينية لدين آخر غير الإسلام...قُتِلَ بشر مدنيين و كادحيين لا يسعون إلًا للقمة العيش بإسم دعم الشرعية التي رفضتها الثلاين من يونيو من عام 2013...تمت مهاجمة الأُسَرْ و الأطفال الذين هم أحباب الله و قَتْل تلك الملائكة الصغيرة بإسم دَعْم الشرعية التي عزلها الجيش...جُرِدَتْ النساء من شرفها بكل قسوة كما نقراء بالصحف بإسم دعم الشرعية و إرْتُكِبَتْ بِحَقِهَا أبشع الخطايا التي نهى عنها الدين و الأخلاق...
            هاجموا الحريات الفنية و نَعَتوهَا بِأَكْرَهْ العبارات غير مُكْتَريثينْ لِمَشَاعِرْ و احاسيس الراي العام و الحياء العَام، فاض الإعلام في مصر مِنْ شكاوي عدة فنانين و من بينهم الفنان عادل إمام و الفنانة إلهام شاهين الذين عانوا من الهجوم على مناخهم المهني و التجريح بِحَقِهِمْ، بل ذَرَفَتْ هذه الفنانة الدموع و هي تُجْرَحْ بكل قَسْوَة من قِبَلْ ابناء هذه المدارس المتشددة لأنها تُمَارِسْ عَمَلِهَا كَمُمَثِلَة ليس إلًا، تهجموا على الاثار العامة و هددوا بِهَدْم تُراثْ أربعة الاف عام من الإنسانية غير مُدْركينْ انها مُلْك للعلم و للإنسانية حول العالم و لِوِصَايَةْ الأُمَمْ المُتَحِدَةْ...نَظًموا التفجيرات الكبيرة لِزَعْزَعَةْ الأَمْن المِصْري و الذي ذَهَبَ بِسَبَبِهَا الأرواح البريئة، أَعْطوني خَيْراً و مَعْروفاً صَنَعوه و هُمْ يطالبوا بِعَوْدَةْ الشَرْعِيَة لكي نقول كَطَبَقَاتْ مُثَقًفَة ان مَعَهُمْ حَقْ بالمُطَالَبَة بِهَذِهِ الشرعية...فَمِنْ الواضح ان هذه الشرعية لا تُعَلِمْ إلًا القتل و الدَمَارْ و انتهاك الأعراض و سب الرموز الدينية مِمَا يدفعني للسؤال...هل هذه الأخلاق التي يُعَلِمُهَا الرسول (عليه الصلاة و السلام)؟ فَمِنْ أخلاقه يتمثلوا المسلمين حول العالم،
أنا أعلم انً أخلاق المسلمين ارقى بكثير فَلَطَالَمَا عِشْنَا بينهم نتقاسم رغيف واحد في بلادنا و نَعيشْ بِكُلْ تَنَاغُمْ و مَحَبَة و سلام...هذا هو المُسْلِمْ الحقيقي فالمُسْلِمْ من سَلِمَ الناس مِنْ لِسَانِهِ و يَدِهِ...أَلَيْسَ هذا تعليم الرسول (عليه الصلاة و السلام)؟ فَبَعْد ثورة الثلاين من يونيو مِصْر كانت كالكَبْش الذي ثار فَجْأَةً و أَكَلَ لَحْمَهُ و لَحْم أَوْلادِهْ...فإذا كانت هذه هي الشرعية التي فَقَدَتْهَا مصر فلا أَظُنُهَا سَتعودْ لِأَنًهَا لَمْ تَزْرَعْ الخير بعد يونيو من 2013، بل سَفَكَتْ دَمْ المسلمين الذين يُنَادوا أَنْفُسَهُمْ بالوَسَطيينْ و كأنهم يَتَعَبًدونْ لإله غير الله و يكرموا رسول غير محمد (صلى الله عليه و سلام)، هان على تلك الأُمًة دَمُهُمْ و لَحْمُهُم فابرعوا بِتَمْزيقْ لُحومْ أَتْبَاعَهَا كآكلي لحوم البَشَرْ الذي يَأْكُلونْ مَنْ هُمْ مِنْ دون جِنْسِهِمْ و يَشْربونْ دِمَاءْ أَطْفَالْ مَنْ لا يَنْتموا إلَيْهِمْ...الرسول لَيْسَ من آكلي لحوم البشر فَهُوَ مَنْ مارس الرَحْمَة و آمر حتى بِعَدَمْ قتل الشيخ و المرأة و الطفل بالحَرْب...فَهُوَ مَنْ رأى بالكنيسة ملجأً لَهُ وَقْت اضطهاد أَهْلَ قُرَيْش لدعوته و ارسل صَحَابَتَهُ لِلْنَجَاشي مَلِكْ الحَبَشَة المسيحي لِيَلْتَجِؤا اليه...و عمر ابن الخطاب (رضيَ الله عنه) مَنْ صَلًى بِجَانِبْ الكنيسة كي لا تُهْدَمْ بعد ان دخل القُدْس و أَبْرَمَ على العهدة العمرية...
            أَقولْ بَعْد الذي رأيته في مصر بعد ثورة يونيو أهلاً بالحُرِيَةْ و الدستور المصري الجديد الذي سَيَجْري الإسْتِفْتَاءْ عَليهْ في مُنْتَصَفْ هذا الشَهْر الحالي...نَعَمْ و أَلْف نعم لدستور يَعْدِل بين الفئات الإجتماعية و الدينية المختلفة للمصريين فقد رَسًخَ مفاهيم الديمقراطية مِنْ جديد في مصر...حَافَظَ على روح المواطَنَة و لم يُمَيِزْ بَيْن مسلم و مسيحي و بين إنْسَان سليم و ذوي الإحتياجات الخاصة لِيُحَافِظْ على اللُحْمَة الوطنية المِصْرِيَة بصورة شَامِلَة و كَامِلَة...إنْطَلَق مِنْ الحرية التي زرعها الله في حياة الإنسان و الإرادة الحُرًه التي يَتَمَتًعْ بِهَا و مَفَاهيمْ الديمقراطية لِيُعْطي روح جديدة للحياة السياسية المصرية بعيداً عَنْ التَعَنُتْ و التعصب و التَشَدُدْ و الرؤية المَحْدودَة، دستور عَارَضَ التَمْيِزْ بِكُلْ ابعاده و التحريض على العُنْصُرِيَة لِيُضْفي مَفَاهيمْ جديدة إنسانية لمؤسسات الدولة و الحَيَاة البرلمانية لكي تَخْدِمْ فَقَطْ مَصْلَحَة المواطن المصري، و قد كَفِلَ الحُرِيَاتْ الفَنِيَة و حُرِيَةْ الإبداع الفِكْري في بُنودِهِ لِتُصْبِح مُحَصَنًة ضِدْ اي اعتداء لِيُؤَمِنْ حُرِيَة فِكْرِيَة و حُرِيَة فَنِيَة و ثَقَافِيَة مثالية بِكُلْ معنى الكَلِمَة، هذا الدستور هو ارض صَلْبَة لِصِيَاغَةْ القوانين التي سَتَحْكُمْ حَيَاةْ الدَوْلَة الإقتصادية و البرلمانية و التشريعية و القضائية و تَضْمَنْ المؤسسات اللازمة لكي تكون مُؤَسَسَاتْ الدولة فاعلة بصورة جيدة و لكي يَدْفَعْ البلاد للأمام، و للذي يقول أَيْن الدين مِنْ كُلْ هذا أقول ان مصر لَمْ تَخْلَعْ عنها روح الإسلام بل بقي الدين الإسلامي هو دين الدولة و الحوزات الإسلامية فَاعِلَة بِمِصْر و بقي الشَرْع فاعلاً لكي يَحْكُمْ بين الناس و الذي تَغَيًرْ هُوَ ان الدستور نَظَرَ للمصريين بناءا على جِنْسِيَاتِهِمْ لا على ديانتهم، لأن مصر هي بلد جمهوري لِتَأْخُذْ الدولة شرعيتها من المواطن المصري ككيان بشري لا فقط من المسلمين، و إلا سَتَسْقُطْ الديمقراطية من حياة الدولة المصرية لأن المسيحين لا صَوْت لَهُمْ و سَتَتَحَوًلْ الى دكتاتورية إذا مارست العنصرية ضد فئات الشعب المصرية، و كما وهب الله نفس السِمَاتْ الإنسانية لِكُلْ البَشَرْ مِنْ عَقْل مُفَكِرْ و نَفْس خالدة و ارادة حُرَة وايضا جَسَدْ بشري سليم بِصَرْف النظر عن دينهم و عِرْقِهِمْ لتكون هذه المفاهيم القاسم المشترك بين كل البشر و لتعطي هذه السِمَات الإنسانية شَرْعِيَتِهَا بحياة البشر كذا فعل الدستور المصري فَأَعْدَلَ بين كُلْ المصريين...
            أَلْمَسُ حِسْ انساني رائع بِبُنودْ هذا الدستور فَأَصْغَيْت لِمَعَالي عَمْر موسى و هو يُعْلِنْ نَصَهُ و يَشْرَحْ عَنْهُ في جَلَسَاتْ التصويت على الدستور بِلَجْنَة الخمسين الذي بَثًتْهَا مَحَطَاتْ الفضائية...فَهَلْ سَيَقولْ المواطن المصري لا للإنسانية و سيوافق على شَرْعِيَة شَجًعَتْ ابناءها على القتل و الدَمَار؟ هل سَيَفْخَرْ المصريون و المسلمون بالقتل و الدمار امْ بِدَسْتور يَحُثْ على الإنسانية و المُسَاواة و العَدْل؟ أنا مُتَأَكِدْ انْ الأغلبية السَاحِقَة من المصريين سَتَتًجِهْ الى صناديق الإقتراع لِتُصَوِتْ على هذا الدستور بِنَعَمْ لأنه لا بديل عَنْ هذا المشروع الذي عَبًر عَنْ رَأْيَهُمْ بِكُلْ صَلابَة و شُمولِيَة و سَيؤَمِنْ لَهُمْ حياة سياسية مُسَتِقَرة،            

CONVERSATION

0 comments: