الأزمة النووية مع إيران إلى أين؟/ محمد إقبال

في خضم عطلة الكريسمس واعياد الرأس السنة الميلادية الجديدة، النظام الإيراني ومن شدة حاجته إلى أي مکسب او إنجاز من إتفاق جنيف ليتمكن من عرضه کنجاح وموفقية له على قواته المنهارة، قام بإجراء الجولة الثالثة للمحادثات على مستوى الخبراء مع الغرب. الحقيقة هي أنه وكلما يمر الزمن كلما تتنتهي احتياطات الديكتاتورية الارهابية الدينية الحاكمة في إيران أكثر وتشتد في نفس الوقت حرب الذئاب في اعلى نقطة بنظام ولاية الفقيه أكثر فأكثر. بنائا على ذلك فإن هذا النظام بحاجة ماسة إلى «إنجاز» ما اكثر من أي وقت مضى في مجال المفاوضات النووية ليجد متنفسا ولو لفترة مؤقتة لأزماته المستعصية الاقتصادية.

هناك قاسم مشترك في مواقف سلطات نظام الملالي المختلفة من جانب مختلف الاجنحة والذي يدل على خلافاتهم أيضا، بالرغم من أن كل جناح يؤكد على هذا بنائا على مصالحه وبلسانه الخاص، وهو أن جميعهم يشتاقون وعلى أشد من الجمر لإستمرار المفاوضات والحصول على إنجاز  ومکسب محدد منها، وتصل هذه المواقف إلى حد يعتبر الحرسي نقدي القائد العام لقوات التعبئة (الباسيج)، المفاوضات النووية «جزءا من الكفاح مع الإستكبار العالمي»!!
لکن هناك قاسم مشترك آخر هو: اتخاذ مواقف متناقضة جدا.. وفي بداية تجرع كأس السم النووي، كان جناح خامنئي أكثر إصابة بهذا المرض ولكن الأن نرى أن جميع التيارات والاجنحة الحاكمة يطرحون تهافتات بهذا الخصوص حيث يقول عراقجي نائب وزارة الخارجية للملا روحاني من جانب: «المواضيع التي لم  يتم التوصل للإتفاق بشأنها هي نقاط بسيطة فنية تنفيذية فقط»، أي أنه لا يوجد مشكلة في المفاوضات.. ولكنه وفي نفس الحديث يشکو بأن «الخلافات المتبقية هي حالات هامة».
أما بشأن الوضع في جناح خامنئي فهو ليس بأحسن حال: والملا أحمد خاتمي «ممثل الولي الفقيه» وفي حين يعتبر مفاوضي النظام الإيراني «أبناء الشعب» فإنه يعترف في الوقت ذاته أنه «ليس لدينا أي أمل بهذه المفاوضات وفور إنتهاء المسألة النووية، سيذهبون إلى حقوق الإنسان، وثم إلى صواريخنا بعيدة المدى».
لماذا هذا الوضع؟ الجواب سهل للمهتمين بالشأن الإيراني: إن نظام ولاية الفقيه في مأزق قاتل.. إن لم يتجرع الكأس السم النووي، ستخنقه حالات المقاطعة والأزمات المستعصية وفي نفس الوقت عليه أن يقبل مواجهة خطرة مع المجتمع العالمي. أما لو يتجرع كأس السم ويكون ملتزما بالاتفاق النووي مع الغرب، لا يكون هناك من معنى لولاية الفقيه في هذا النظام، وأن النظام الإيراني دون ولاية الفقيه يعني إنهياره وسقوطه بشكل كامل. 
إن آثار تجرع كأس السم النووي لحد الان وبهذا المقدار  قد دمر النظام الإيراني ومن المؤكد ستتوسع هذه الأثار إلى حد أن الانهيار من الداخل من جانب، وإنتفاضة المواطنين الغاضبين من جانب آخر ،والذي يسمونها زعماء النظام  وبلهجتهم الخاصة «إنتفاضة فيلق الفقر» ستؤدي إلى السقوط المحتوم. 
هذا هو موقف الدكتاتورية الدينية الحاكمة في إيران، ولكن أية قوة أوصلت النظام الى هذه النقطة؟ بإختصار و بعبارة واحدة هي المقاومة الإيرانية بعمودها الفقري  منظمة مجاهدي خلق الإيرانية والتي قامت منذ عام 2002 ولحد الآن بكشف المشاريع النووية  السرية لإيران الملالي حيث أدى إلى توقف النظام ومراوحته في هذه النقطة. ولو لم ينتهج الغرب سياسة الاسترضاء مع هذه الدكتاتورية لما وصلت الاوضاع في إيران إلى هذه المرحلة الخطيرة. إذن وبأخذ ماقد سردنا ذکره آنفا، فإنه من الواجب في الوقت الحاضر بشكل خاص حيث يحتاج الملالي فيه  الى«انجاز» ما، من الضروري جدا ان لا يقدم لهم أية تنازلات حتى لو کانت بسيطة. 
* خبير ستراتيجي إيراني
Meghbal2012@gmail.com

CONVERSATION

0 comments: