هنئوني .. ترشحت لمنصب وزير/ سامح عوده


لا تصدقوني إن قلت لكم بأنني ترشيحت لمنصب وزير فهو ليس حقيقة، وأنا كاذب، فتلك إشاعة من ضمن سلسلة الإشاعات التي تروج في البلد، ولأنها إشاعة.. ليس لها أساس من الصحة قررت أن أبدأ  بها المقال، وعلى العموم أؤكد  لكم أنها إشاعة لن تتحقق يوم ما،  وهي ليست النبؤه  التي حققت ذاتها ، فأرجو ألا يغضب مني أصحاب المعالي حفظهم الله، وليعذروني إن هفوت..!!

الظرفاء في بلدنا .. وخاصة ممن لديهم فراغ كثير، وشغلهم الشاغل حدثني فلان وقال لي علان، أو علانة، أو جاءني في المنام، يشغلون أنفسهم في مواضيع هابطة، ظناً منهم أنها خفة دم..!! متناسين أن  ما يتم تداوله من إشاعات تؤدي إلى بلبلة كبيرة وإرباك داخل المجتمع، بل وتؤدي إلى حالة من الفوضى الهادئة، والململة غير المحمودة، والمصيبة إن تحولت الإشاعة إلى معلومة يقينية لدى البعض، فهي الكارثة بحد ذاتها، والأخطر من ذلك إن كانت الإشاعة تستهدف موضوعاً حساساً يمس أمن المجتمع وأمانه.

المختصون  يعرفون الإشاعة على أنها " خبر أو مجموعة من الأخبار  الزائفة يتم تداولها بشكل سريع وتتداول بين العامة ظناً منهم على صحتها، ودائماً ما تكون الأخبار شيقة ومثيرة لفضول المجتمع والباحثين وتفتقر إلى المصدر الموثوق "، لعل أكثر ما يؤرق مجتمعنا افتقاد الإشاعة إلى المصداقية والسند في المعلومة، وكلما توسعت زادت الإضافات عليها كالتوابل تضاف إلى الطعام، فلا تشعر بمذاقه بقدر ما تشم وتستطعم بالتوابل.

أظن أن الإشاعة كمن يلقي حجراً في بركة ماءٍ راكدة فيتحرك كل شيء فيها وتزول حالة السكون التي كانت سائدة ليتحول الماء الصافي إلى ماء عَكّر، وأن الإشاعة في الانتشار كدوائر الماء التي ارتسمت على سطحها، كلما تباعدت عن مركز إلقاء الحجر ازداد حجم الدائرة، وهذا ما يحصل فعلاً في حال انتشار الإشاعة،  تكبر وتكبر .. كالنار في الهشيم كلما امتدت زاد لهيبها يزاد سعيرها، فمن ينقذنا من نار ربما تحرق كل شيء أنيق في مجتعنا، وتبقِ نمطاً من الملل والازدراء يخيم على عوالمنا، ويضر بنمط العلاقات الاجتماعية فيما بيننا، سيكولوجيا الإنسان وسوسيولوجيا  المجتمع لا يقبلان الإخلال بنمط الطمأنينة الذي يحتاجه، وان إضافة جرعة من الإشاعة يعكر صفو سلمنا الأهلي.

إن الإشاعة تحتاج إلى وسط كي تنتقل وتتوسع والملفت في الأمر أن التكنولوجيا الحديثة  وسعت من مجال الإشاعة وجعلتها تشغل حيزاً كبيراً في حياتنا، فالهواتف الذكية ووسائل ومواقع التواصل الاجتماعي وسعت من انتشار الإشاعة، لهذا كونوا على ثقة أن التكنولوجيا وما وفرته لنا من خدمات ان أسأنا استخدامها ستكون السيف الذي يقطع رقابنا ويورثنا أمراضاً اجتماعية ويضر بعقيدتنا ومعتقداتنا ويؤجج نار الفتنة النائمة.

الآن ولأن الأعناق كلها تحت المقصلة نحن مطالبون بوعي مجتمعي أكبر، ومطلوب بأن يكون على سلم أولويتنا سؤال مهم : كيف ننهض بمجتمعنا ؟ نحن الفلسطينيون مطالبون بأن نُسَخَر كافة الإمكانيات المادية  والمعنوية والتكنولوجية لصالح قضيتنا وصراعنا اليومي مع الاحتلال ومستوطنيه، ليست رقابنا وحدها تحت المقصلة  .. فالمجتمعات العربية مطالبة بأن تحذوا حذونا، خاصة وأن نار الفتنة بدأت تصحو من مهدها فاحذروا النار القادمة..!! نار الإشاعات حارقة، فهي لا تبقِ ولا تذر .       

CONVERSATION

0 comments: