من يعيش في أزمـــة؟ نبيل عليان إسليم

في ظل التغيرات المتسارعة في منطقة الشرق الأوسط بشكل عام وعلى الساحة الفلسطينية بشكل خاص، تتوالى الأحداث فلا يكاد يمر يوم إلا وتطفو على السطح أحداث جديدة وتصريحات تتناقل عبر لسان السياسيين والإعلاميين، وفيها من هو غالب ومن هو مغلوب، من هو مرتبك ومن هو مأزوم؟
 ولو تتبعنا في تقييم الحالة القائمة ستجد أن هناك العديد من الأزمات التي تعصف بمنطقة "الشرق الاوسط" بشكل عام، فمنها فشل المفاوضات الفلسطينية الاسرائيلية، والمد والجز في المفاوضات الدائرة بين الجانب الأمريكي والايراني حول الملف النووي، والانقلاب العسكري في مصر الذي هز مكانة مصر علي كافة الصعد المحلية والاقليمية والدولية وما ترتب عليه من دخول مصر في نفق مظلم وأزمات متلاحقة، وعدم قدرة إسرائيل علي مواجهة الموقف الغربي المتمثل في مقاطعة الدول الغربية لمنتجات المستوطنات وتهديدها في حال فشل المفاوضات، تكاد لم تقتصر الأزمات علي نطاق معين أو علي فترة زمنية قصيرة والدليل علي ذلك الملف السوري الذي يعتبر أعقد ملف في الوقت الحالي تشهده المنطقة نتيجة تقاطع المصالح الدولية في سوريا.
المتابع للأحداث على الصعيد السياسي بشكل مستفيض يجد أن كل الاطراف منغمسة في مستنقع من الأزمات، فالوضع المصري حدث ولا حرج حيث باتت فصول الانقلاب واضحة وجلية قتل بالآلاف وسجن بعشرات الألاف، شارع ملتهب وتردي شديد في حركة السياحة وعودة دولة البوليس للحكم وانهيار الاقتصاد المصري.
 كما وتنغمس السلطة في رام الله بأزمة حقيقية تظهر ملامحها جلية في عدم مقدرتها على التعاطي الحقيقي مع ملف المصالحة لخضوعها للأجندة الأمريكية وخوفها من التقدم في عملية المصالحة التي ستكون على حساب الرضا الأمريكي والأوروبي والإسرائيلي، وانسداد في مشروع التسوية، فلم تعد السلطة قادرة على تقديم تنازلات بمفردها كالتي قدمت في اتفاقية أوسلو، كما أن هناك عدم رضى على الأداء الأمني للسلطة وتعاني فتح من انقسام داخلها أدى في الآونة الأخيرة إلى تقديم قيادتها في غزة استقالتها وفصل بعض الموظفين التابعين لدحلان، وأصبحت الحركة تحظى برصيد وطني ضعيف سواء على المستوى الفلسطيني أو العربي.
بعد ثورات الربيع العربي استبشرت حركة حماس بالمستقبل القادم خاصة بعد فوز الاخوان المسلمين في الانتخابات التي جرت في بلدان الربيع العربي وخصوصاً الجارة مصر،  لكن الانقلاب في مصر قلب الموازين وأعاد الحصار مرة أخرى علي قطاع غزة و هذا ما زاد من تفاقم الأزمة الاقتصادية والمالية والإنسانية على القطاع بل عمل الإعلام والقضاء المصري على تشويه صورة حماس واتهامها بأنها حركة ارهابية، وقد أصبح أحد أبرز أولويات الحكومة في غزة تحسين الأوضاع المعيشية في غزة، كما توجهت حماس لإنجاز ملف المصالحة مع حركة فتح من أجل إنهاء حالة الانقسام لكن فتح تتعامل مع ملف المصالحة من خلال مناورات سياسية الهدف منها رسالة مبطنة للمفاوض الصهيوني بأن البديل عن فشل المفاوضات هو المصالحة مع حماس، وبرغم من كل ذلك حماس ما زالت تشكل رقم صعب في وتيرة الصراع والأزمات الجارية وتبدي مرونة للتعامل والتعاطي مع الملفات الداخلية والخارجية.
كافة الأزمات التي تعصف الإقليم المحيط يفرز لنا إن الإقليم بشكل كامل يعيش على مستنقع من الأزمات المتشابكة، ويحاول كل طرف من الأطراف تصدير أزمته إلى الآخر، لكن السؤال من يستطيع أن يتحلى بطول النفس والفوز في الجولة الأخيرة؟ 

CONVERSATION

0 comments: