قراءة في قمة الكويت/ نبيــل عليان إسليــم

ما أشبه اليوم بالأمس، قمة عربية تعقد وأخرى تختتم، وقد بلغ اليأس مداه من المواطن العربي عامة والفلسطيني خاصة من هذه القمم التي لا تساوي عندهم الحبر الذي كتبت فيه، فقد عقدت قمة الكويت في دورتها الـ (25) في ظل واقع عربي مؤلم، جرح سوريا النازف وتغول النظام السوري على الشعب، ضحايا بعشرات الآلاف ومشردين بالملاين وجرحى بلا عداد وبلد مدمر والمستقبل مجهول الهوية في سوريا بعد مرور ثلاث سنوات على الثورة السورية، أما الوضع في مصر فحدث ولا حرج، انقلاب عسكري على الشرعية الدستورية متكامل الأطراف، وعودة لحكم الطوارئ ودولة البوليس وقتل لآلاف المنادين بعودة الشرعية وامتلاء السجون منهم أيضا، أما حال فلسطين ليس أفضل من سابقاتها، فالقدس تهود، والأرض تسرق، وقتلى وجرحى، وعصى صهيونية غليظة تلوح بين الفينة والأخرى بشن حرب جديدة على غزة، وحصار خانق طال كل شيء، وانقسام أشغل المنقسمين عن قضاياهم الجوهرية.
العراق أيضاً تعاني من أزمة ثقة بين الشعب والحاكم، وقرب نشوب حرب طائفة طرفيها السنة والشيعة، ولبنان تعيش حالة من عدم الاستقرار والتجاذبات الحزبية والتدخلات الخارجية في أمنها وسياستها.
لربما آخر القضايا العربية الساخنة الانشقاق داخل دول مجلس التعاون الخليجي وتكوين تحالف عربي جديد يضم السعودية والإمارات والبحرين إضافة إلى مصر يعادي كل من يقدم الدعم لجماعة الإخوان المسلمين هذه القراءة السريعة للواقع العربي الذي اجتمعت قمة الكويت تناقشها وتضع الحلول المناسبة لها. 
لقد عقدت قمة الكويت هذا العام وقد حُكم بالفشل على نتائجها قبل أن تبدأ جلساتها، والقضايا التي تحتاج إلى قرارات لم تناقش أو تم مناقشتها على استحياء، فقد ترك مقعد سوريا فارغاً وهذا أحبط آمال السوريين الذين تقاعسوا عن إمدادهم بالأسلحة، وتراجعت قمة الكويت عن قرار قمة الدوحة بمنح مقعد سوريا في الجامعة إلى المعارضة وتأجيل منح المعارضة المقعد إلى قمة آذار 2015م، عملاً بمبدأ قد يموت الراعي أو يموت الذئب أو يفنى الغنم. لم يرتقي البيان الختامي للقمة إلى أدنى تطلعات الشعب السوري.
أما القضية الفلسطينية فقد كانت حاضرة بقوة في هذه القمة، ولم تخلوا أي من كلمات الرؤساء العرب من ذكر معاناة الفلسطينيين وضرورة تقديم العون والمساعدة وكان واضحاً في هذه القمة بأن المجتمعين ركزوا حديثهم على القضية الفلسطينية كديكور فقط وهروباً من القضايا العربية التي لم يجرؤ المجتمعين على مناقشتها والتطرق إليها، وتعتبر هذه القمة كسابقاتها لم تقدم أي خطوة إلى الأمام في القضايا الجوهرية، بل أسوأ من سابقاتها لأن البيان الختامي ذكر الصراع العربي الإسرائيلي بصيغة جديدة هذه المرة "الصراع الفلسطيني الإسرائيلي" وهذا يدلل على إدارة الظهر للقضية الفلسطينية وتخلي الدور العربي عن واجبه تجاهها وترك الفلسطينيين وحدهم أمام الضغوط الدولية، ومن الغريب في قمة الكويت أن يطالب رئيس الانقلاب في مصر "عدلي منصور" بفك الحصار عن غزة ضارباً بعرض الحائط كل الممارسات اللاإنسانية التي تستخدم ضد الغزيين من قِبَل السلطات المصرية.
لقد اعترفت القمة العربية بالانقلاب في مصر بدليل تمثيل الرئيس عدلي منصور لمصر في القمة بل تعدى الأمر الاعتراف بالانقلاب، فقد عمل البيان الختامي على تثبيت الانقلاب بدعم ومساندة الدول التي شهدت تحول سياسي في إشارة واضحة لمصر، ولم يأتي على ذكر الممارسات القمعية التي يستخدمها الجيش والداخلية والقضاء وقد كان أخرها هدية القضاء المصري للقمة العربية الحكم بالإعدام على 529 شخص من مؤيدي عودة الشرعية كأسوأ حكم في العصر الحديث انتقده القريب والبعيد ولم يؤتى على ذكره في احتفالية الكويت. 
أمير قطر في كلمته التي تطرق فيها إلى القضية الفلسطينية بمكوناتها المختلفة وقدم الدعم والمساندة وأوصى بتشكيل لجان عمل تعكف على حل هذه القضايا، كما تطرق في حديثه للقضية السورية وضرورة تنفيذ ما تم إقراره في قمة الدوحة 2013م بخصوص الدعم والمساندة العربية للمعارضة السورية، لقد ركزت كلمة الشيخ تميم على القضايا العربية التي تحتاج إلى وقفة عروبية أصيلة لحلها.
لقد انتهت القمة العربية ولم تقدم أي حلول فعلية لأي من القضايا التي نوقشت ولم تتخذ قرارات جريئة تجاه القضايا العربية الملحة، وتركت الأيام القادمة حبلى بالتجاذبات والحراك السياسي، فعلاً لقد أثبتت هذه الطقوس السنوية "القمم العربية" بأنها لا تساوي الحبر الذي تكتب فيه.  

CONVERSATION

0 comments: