شيء اسمه المقاومة الشعبية/ سامح عوده

كفر قدوم .. الجزء الثاتي 
( 2 )
ما أن تشرقُ شمس الصباح وتداعب خيوطها الخجولة حدود المكان .. حتى يصحو الفلاحين إلى كرومهم ومزارعهم، وتتحركُ عجلة الحياة فيها، تشمُ رائحة الخبز الزكي بعد أن يؤذن للفجر، كل في مكانه يتحرك بحثاً عن لقمة العيش، وتعمير ما يمكن تعميره في الأراضي شاسعة الامتداد، أو إصلاح ما يمكن إصلاحه بعد ليل دمر المستوطنين شجراً وزرعاً ندياً، هي معركتهم اليومية البقاء على أرضهم منغرسين إلى جانب أشجارهم التي ورثها الخلف من السلف.

لمع نجمُ المقاومة الشعبية بعد انتفاضة الأقصى وتحديداً في العام 2003 بعد أن بنت حكومة الاحتلال جدار الفصل العنصري في الأراضي الفلسطينية وكثفت الاستيطان عبر إنشاء بؤر استيطانية وإضافة أحياءً استيطانية للمستوطنات الموجودة ، صاحب ذلك حالة خنوع عربي مقيت وصمت غليظ، وتواطؤ مجتمع دولي أقل ما يوصف " بالحقير" ، هذا ما جعل حلفاء إسرائيل الكبار  يوصمون مقاومتنا المسلحة " بالإرهاب " ، وصرنا تحت حجر الرحى إما أن نتوقف أو يطلق العنان لترسانة إسرائيل العسكرية لقتل المواطنين المدنيين العزل..!!   لذا كان لزاماً علينا أن نستمر، خاصة وأن العتاد الموجود في يد الفلسطينيين متواضعٌ .. وبشكل كبير، فتداعت القوى الفاعلة على الساحة للتفكير ببرنامج مقاوم ذو فاعلية يكون له أثره الواضح في الاستمرار بزخم المقاومة في وجه الاحتلال وعدم التسليم بسياسة الأمر الواقع .. والموت بصمت..! .

شهدت الأراضي الفلسطينية ولادة المقاومة الشعبية في عدد من القرى والبلدات الفلسطينية منها من بقي نجمها لامعاً ومنها من خفت بريقه بعض الشيء، فكانت  بدرس بلعين ونعلين والنبي صالح وجيوس..!! ومناطق متعددة تشهد انتفاضة جديدة ذات طابع خاص تلقى مداً شعبياً وتلحق الضرر بالاحتلال خاصة في موضوع التعاطف الدولي مع الاحتلال وجيشه، لهذا فقد كشفت المقاومة الشعبية وجه الاحتلال القذر وبشاعة الجرائم التي ترتكب خلال المسيرات الأسبوعية، خاصة وأن عدسات الكاميرات وعناوين الأخبار وثقت الكثير من تلك الجرائم .

كفر قدوم وإن انطلقت فيها المقاومة الشعبية بعد عام أو عامين من اتساع رقعة المقاومة الشعبية إلا أنها أبدعت فاستحقت أن تكتب سطراً بماء الذهب في دفاتر المقاومة الشعبية، لذلك كان التحدي الأبرز للبلدة قبل الانخراط في ركب المقاومة الشعبية ضمان الاستمرارية وعدم التراجع، بل وزيادة الزخم الشعبي وتعزيز المشاركة الجماهيرية في تلك المقاومة، واستقطاب فعاليات أخرى من خارج البلدة واستقطاب وسائل الإعلام بذكاء لتسليط الضوء على معاناة السكان المدنيين .

أسئلة كثير كانت مطروحة في حينه، ربما بعض العلاقات الخاصة مع كوادر البلدة وفعالياتها جعلتني أتفهم وجع سياط الأسئلة التي تجلدهم، خاصة وأنك ستجر البلدة إلى مربع  غير معروف، هذا المربع من الممكن أن يولد عذابات أخرى للمواطنين زيادة على عذاباتهم اليومية التي يواجهونها، والسؤال الموجع الذي كان يؤرقهم ما السبيل إلى الاستمرارية بنفس الزخم وتجنيب البلدة ومواطنيها أقل الخسائر؟ سؤال يحتلُ المرتبة الأولى في سلم الذكاء وهو سؤال مشروع لبقاء نجم المقاومة الشعبية ساطعاً دون أن يخفت .

CONVERSATION

0 comments: