
المصالحة جاءت بالإكراه وتحت الضغط والضرورة،ولكل طرف أسبابه وأجنداته،وحماس بدت بانها قدمت تنازلات كبيرة من اجل تلك المصالحة،ليس من اجل المصالح العليا للشعب الفلسطيني،بل طبيعة الظروف المحيطة والمتغيرات العربية والإقليمية فرضت عليها ذلك،ولذلك قبلت ان تخرج من الحكومة،ولكن مع الإستمرار في الحكم،فهي صاحبة اليد الطولى في السيطرة على القطاع امنياً وسياسيا ودبلوماسياً،فحتى وزير الداخلية والذي هو رئيس الوزراء أيضاً،ليس له أية سيطرة على الأجهزة الأمنية،وبالتالي تلك الأجهزة تاخذ تعليماتها واوامرها من حماس وليس من مسؤول حكومة التوافق ووزير داخليتها.يضاف لذلك بأن تلك الحكومة لا تحمل برنامجاً سياسياً متوافقاً عليه،فحتى لو قال الرئيس أبا مازن هذه الحكومة حكومتي وبرنامجها برنامجي،فالتناقضات والصراعات والخلافات كبيرة وهي قابلة للإنفجار في كل مطب وقضية.
لم يمض على تشكيل حكومة "التوافق" فترة قصيرة،حتى إنفجرت الإلغام في تلك الحكومة،سلطة رام الله صرفت رواتب موظفيها في القطاع،ولم تصرف رواتب موظفي حكومة حماس بعد الإنقسام حزيران(2007)وهذا دفع موظفي حركة حماس وبأوامر من قادتهم الى التظاهر إغلاق البنوك وخلق فوضى عارمة،دفعت البنوك الى الإغلاق،وكذلك خلقت حالة من الإحتكاك والإشتباك مع الموظفين الذين يريدون الحصول على رواتبهم من موظفي سلطة رام الله،وهذه المعضلة من شأنها دفع الأمور نحو تعميق الأزمة الداخلية والمجتمعية.
وكان رد الرئيس أبا مازن على ما حدث في قطاع غزة،بأنه يتوجب على حماس دفع رواتب هؤلاء الموظفين،والسلطة او حكومة التوافق غير ملزمة بالدفع،فهي تدفع (58)% من ميزانيتها لقطاع غزة،وكذلك القول بأن معبر رفح لن يفتح قبل ان ينتشر عليه الحرس الرئاسي،وتنفيذ ما اتفق عليه في القاهرة بشأن المعبر،لكي تتأزم الأمور وتتعقد.
الحكومة الجديدة ستكون غير قادرة على تامين رواتب عشرات الآلاف الموظفين التابعين لحماس بالاضافة لرواتب موظفيها،وخصوصاً انه في الفترة التي سبقت تشكيل حكومة الوفاق،جرى توظيف وترقية اعداد كبيرة من الموظفين في القطاع،وهذا يجعل حكومة الدكتور رامي الحمد الله ،حكومة تسول و"شحدة" ولن تستطيع تحقيق الأهداف المناطة بها،من إعمار ورفع للحصار عن قطاع غزة،والتحضير للإنتخابات،والتي لا تعرف ستكون رئاسية وتشريعية للسلطة،أم انتخابات لدولة تحت الإحتلال؟؟ الأطراف التي التزمت بالدفع كقطر وبموافقة أمريكية،لن تقوم بالدفع كشؤون اجتماعية او جمعية خيرية او من منطلق واجب قومي او وطني،بل الدفع تم بموافقة امريكية ولأهداف سياسية،أي الدفع له شروطه،وكيري وزير الخارجية الأمريكي كان واضحاً في هذا الجانب،عندما قال بان امريكا ستعترف بحكومة التوافق،ولكن ستقوم بالمراقبة لعملها،أي بمعنى الأموال التي قدمت للحكومة صرف جزء منها على الأسرى او الشهداء،فهذا يعني وقف الدعم عن هذه الحكومة وسحب الإعتراف بها،ولذلك خلت حكومة الحمد الله من وزارة شؤون الأسرى،كمطلب امريكي- اوروبي غربي نيابة عن اسرائيل.
ولذلك ما جرى حتى اللحظة الراهنة،لا يشير بان قطار المصالحة وطي صفحة الإنقسام قد أقلع،فهناك الكثير الكثير من المعضلات بحاجة للحل،وما جرى ليس أكثر من إتفاق إطار،وليس بحكومة توافق وطني.
0 comments:
إرسال تعليق