العربية الحدث تميط اللثام عن لغز إسقاط الطائرة التركية/ محمد فاروق الإمام

تابعت كما تابع الملايين بأعصاب مشدودة وعيون محدقة وعقل متيقظ وآذان صاغية ما بثته قناة "العربية الحدث" يوم أمس السبت 29 أيلول، لتكشف ولأول مرة "الوثائق السرية المسربة" حول الأزمة السورية، لغز إسقاط الطائرة التركية بأدق تفاصيلها، والذي وقع في 22 حزيران من العام الجاري بعد اختراقها المجال الجوي السوري لثوان قليلة، لا تستحق من أي دولة جارة أن تأمر بإسقاطها أو حتى توجيه إنذار لطاقمها ولا حتى لفت انتباه خارجية تلك الدولة، فهذا أمر عادي يحدث بين كل دول الجوار في العالم.
وكشفت "الوثائق الأمنية السورية" التي بثتها القناة أنه "ثبت أن الطائرة التركية التي أسقطها النظام السوري أسقطت بصاروخ دفاع جوي نوع "غراد" وليس بمضادات جوية كما أعلن جهاد مقدسي الناطق الرسمي باسم وزارة خارجية النظام، وتكشف الوثائق البالغة الخطورة أن الأوامر بإسقاط الطائرة صدرت من القاعدة البحرية الروسية في طرطوس، وأن الطيارين لم يقتلا بل تم القبض عليهما.
فقد كشفت العربية الحدث عن "وثيقة سرية كانت في طريقها من مكتب رئيس النظام السوري بشار الأسد متوجهة الى رئيس فرع العمليات في المخابرات الخارجية تبلغه أن المخابرات الجوية السورية والقوات البحرية تمكنت من القبض على طيارين من سلاح الجو التركي".
وأضافت أن بشار الأسد أصدر أمرا بوضع الطيارين التركيين تحت تصرف فرع العمليات الخارجية وفق بروتوكول أسرى الحرب، وذلك للحصول على أية معلومات لديهما حول خطط الجيش وسلاح الجو التركي وماهية دعم الحكومة التركية ـ"للجيش الحر"، حسبما أشارت إليه الوثيقة السرية.
وذكرت الوثيقة التي حملت اسم "تركيا.. الطياران الأسيران" أن الأسد وافق على دراسة مقترح اللواء بسام مرهج بنقل الطيارين التركيين الى الأراضي اللبنانية للبقاء في عهدة حزب الله للاستفادة منهما في وقت لاحق.
وتابعت "العربية" أنه أسدل الستار على قصة الطائرة التركية وخباياها بالوثيقة الثالثة، الصادرة من رئاسة الجمهورية السورية، والتي تحمل في طياتها 3 نقاط مهمة، أولها أن الأسد أمر بـ"التخلص من الطيارين التركيين المحتجزين بطريقة طبيعية وإعادة جثمانيهما الى مكان سقوط الطائرة في المياه الدولية وذلك لإحراج الحكومة التركية".
والنقطة الثانية كما ذكرت "العربية"، فكانت مطالبة "القيادة السورية بالإسراع إلى تقديم اعتذار رسمي للحكومة التركية عن إسقاط الطائرة لإحراج الحكومة التركية لكسب تأييد الرأي العام الدولي".
أما النقطة الثالثة فهي "التلويح بتحريك حزب العمال الكردستاني على الحدود التركية كرسالة تحذيرية للحكومة التركية بمدى خطورة الوضع في حال استمر دعمها للجيش الحر".
وما كشفت عنه العربية الحدث يجعلنا نضع ألف إشارة استفهام عن العلاقة المشبوهة بين روسيا والنظام السوري، فإذا مكّنت روسيا النظام السوري من امتلاك مثل هذه الأنواع من الصواريخ المضادة للطائرات الدقيقة والفعالة والمتطورة فلماذا لم تستعمل هذه الصواريخ في مواجهة الطائرات الصهيونية التي قصفت المفاعل النووي المفترض في منطقة دير الزور في عمق الأراضي السورية، ولم تستعمل في التصدي للطائرات الصهيونية التي قصفت منطقة عين الصاحب العسكرية قرب دمشق، ولم تتصدى لهذه الطائرات العدوة عندما استباحت سماء سورية فوق قصور الأسد المتواجدة على الساحل السوري إضافة إلى دمشق العاصمة، وهذه الطائرات هي من نفس نوع الطائرة التركية التي أسقطت بصاروخ "غراد أرض جو" بأمر من بشار الأسد، أو بأمر من قائد القاعدة العسكرية الروسية في طرطوس!!
أنا أعرف وكل الأحرار والشرفاء يعرفون أن هذه الصواريخ التي زودت روسيا النظام السوري بها كانت مشروطة بأن لا تستعمل في مواجهة الطائرات الصهيونية، رغم معرفتي المسبقة أن النظام السوري لا يحتاج لمثل هذه الشروط، وهو الذي حافظ على أمن حدود إسرائيل الشمالية لأكثر من أربعين سنة، ولو لم تكون العلاقة بين إسرائيل والنظام السوري علاقة بقاء ووجود لما وجدنا إسرائيل تغض الطرف عن كل ما يحدث على الجبهة السورية الإسرائيلية، حيث يقوم النظام بتموضع الفرق والألوية والأفواج العسكرية السورية وتحريكها في كل الاتجاهات في المناطق المنزوعة السلاح بموجب اتفاقية فك الاشتباك التي وقعها النظام السوري عام 1974 عند الكيلو "54" مع الكيان الصهيوني، دون أن نسمع لإسرائيل أي تحفظ على تلك التحركات أو إظهار أية خشية منها!!
حتى الساعة لم نسمع عن أية ردة فعل للحكومة التركية تجاه الكشف عن هذه الوثائق التي تمس كيان تركيا وسيادتها وسلامة أبنائها سواء كانوا عسكريين أو مدنيين، وقد طالت قذائف مدفعية النظام السوري الأراضي والبلدات الحدودية التركية ووقوع بعض الإصابات في هذه البلدات، فهل سنشهد في قابل الأيام ردة فعل تليق بتركيا تجاه نظام مجرم لا ذمة له ولا ميثاق، تلقنه درساً قاسياً يوازي حجم ما يرتكبه بحق شعبه وبحق دول الجوار من جرائم واعتداءات؟!

CONVERSATION

0 comments: