ثورة أهلكها الهوى/ ايمان حجازى


عندما إنتفض المارد بعد طول حبسه فى القمقم تنفسنا جميعا الصعداء وقلنا أتى نصر الله وقلنا أنها غضبة الحليم التى حذر الله جل وعلا منها من فوق سبع سماوات وإسترخصنا دمنا الذى سال فشربه التراب ودهسته الأقدام ثمن فى سبيل تحقيق الأمل وإستهنا بأرواحنا وبأجسادنا وأعمارنا وحملنا رؤوسنا فوق أيادينا وحين صرخ المارد وزلزلت صرخته صرح الظلم وأتت على بنيانه أو هذا ما تخيلناه

وحين صرخ المارد إعتقدنا جميعا أننا وجدنا المصباح فخربشناه فخرج لنا العفريت وصرخ صرخته وقهقه قهقهاته المعتادة سائلا إيانا تطلب ايه ؟ تتمنى ايه يا مصطفى !!!! فقلنا بكل صدق وفى صوت واحد
عيش حرية كرامة إنسانية عدالة إجتماعية

فإعتذر المارد بأنها ليست من قدراته وإكتفى المارد بأن وضع المخلوع – محميا – فى مستشفى عشر نجوم ينفق عليه من أموالنا وكأنه وكأننا  لم نكتفى بما نهبه منا فأخذنا على أنفسنا عهدا أن نحرم أنفسنا ولا نحرمه أن نجوع ليشبع أن نمرض ليشفى وأن نهان ليتم تكريمه ولأن يظل كريما الى الأبد بينما نحن أذلاء فى وطن إفتدينا حريته بحياتنا

وعندما طالبنا المارد الطلب الثانى وهو القصاص للثوار من القتلة والسفاحين المأجورين والخونة الطبيعيين – غير المأجورين – الفلول – إعتذر المارد فقد كان هذا خارج نطاق قدرته ,, وتجرعنا كأس المرار ونحن نرثى شهداءنا مرات ومرات مع كل حكم بالبراءة يصدر لصالح قاتل وجه فوهة سلاحه لأجسامنا فخرج منه الرصاص يزهق أرواحنا


وعندما طالبنا المارد بمحاكمات عادلة  قرر أن يجارينا ويسايرنا ونحن صدقناه فأدخلنا حجرة عملياته وقام بتخديرنا بجرعة بنج ليست زائدة لتنهى حياتنا وإنما هى جرعة مغيبة عن الوعى فقط فتجعلنا نرى ونشاهد ولا ننفعل ولا نعترض ولا تمكننا حتى من الصراخ ,, وهكذا تركنا مخدرين  نشاهد ما يفعل فينا ومعنا وكلما إستفقنا يعاد تخديرنا ,, وعليه فوجئنا بأحكام سياسية لا تثمن ولا تغنى من جوع , تليها براءات والحجة
 كانت دائما إنعدام الدليل أو ضعفه أو عدم الإقتناع به وعدم إرتياح صدر القاضى له

وتوالت إعتذارات المارد علينا عواصف تطيح بعقولنا حتى وصلنا لأن الظالم يدعى البراءة , وأن الظالم يستعدى علينا الله , وأن الظالم يرفع قضايا رد إعتباروتعويض ويطالبنا بالإعتذار بل والتكريم

والأكثر من هذا أنه تم بالفعل تكريم الظالمين بينما مازال بعض الثوار فى الحبس مسجونين , عندها قرر المارد الإنتحار فدخل فى قمقمه بنفسه  مرة أخرى , سجن نفسه هذه المرة دون الحاجة للغير كى يسجنه , سجن نفسه مكتئبا مغتاظا مقهورا وبعد أن أضحكته عبارة قالها الفنان الراحل يحيى شاهين فى ثلاثية العالمى نجيب محفوظ – بضاعة أفسدها الهوى – ورأى أنه أسقطها على ثورته التى كانت حلما عاشه وفسره وتمنى أن يحققه فقال مقهقها بصوت عال قبل دخوله القمقم – ثورة أهلكها الهوى هأ هأ هاااااااااااااااااااه

فكانت فعلا ثورة بيضاء ناصعة أصعقت العالم وأجبرته على إحترامها والإنتباه إليها ولكن أهلكها هوى القاضى وعدم إرتياحه للأدلة وعدم إقتناعه ببراءة وصدق المارد بل الأكثر وهو ما أثبت هلاك المارد هو إنتماء القاضى لما كان , للبنيان الذى ثار المارد عليه والذى كان فى هدمه حياة  للمارد

والسؤال هل يأتى يوم يثور المارد على محبسه مرة أخرى ويخرج للحياة ليصنعها من جديد ؟؟
متى ؟؟ وكيف ؟؟
والإجابة دوما كانت ومازالت وستظل طبقا لقول المولى جل وعلا ( إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيرو ما بأنفسهم ) صدق الله العظيم
 ألا هل بلغت اللهم فإشهد 


CONVERSATION

0 comments: