من هو الفلسطيني/ سعيد الشيخ

لا أدري لماذا كلما سمعت أو قرأت خبرا عن منح الرئيس الفلسطيني محمود عباس لاحدهم الجنسية الفلسطينية أصاب بالامتعاض وأتحسس فلسطينيتي، ويروح السؤال في داخلي يماوجني ويعاصفني حتى أشعر ان روحي ستقتلع من جذورها.. وهو السؤال الذي لا اريد الآن ان أعطيه الصفة الاشكالية والساحة الفلسطينية منتفخة بأورام الانقسام، بل اكتفي ان أطرحه بكل هدوء على الشكل التالي: من هو الفلسطيني؟
منح الجنسية في الدول الحرة يخضع لقواعد وقوانين، تحتل فيها الاعتبارات الانسانية والاجتماعية المقام الاول، ولا ندري ما هي الاعتبارات التي تعتمدها السلطة الوطنية الفلسطينية لمنح جنسيتها لأحدهم..هل يكفي مثلا ان يكتب احدهم قصيدة، أو واحد يغني اغنية ملتهبة بالعواطف ثم يرتدي عباءة السلفية وهو بنصف وعيه، وآخر يقدم خدمة للفلسطيني من خلال واجب وظيفي.. هل كل هؤلاء يستأهلون قرارا رئاسيا لمنحهم الجنسية الفلسطينية؟ في حين الثورة الفلسطينية تمتلئ بمئات الشهداء العرب الذين سقطوا على طريق حرية فلسطين، ولا احد يلتفت الى انصافهم واعتبارهم عبر تكريم عائلاتهم.
لقد عاش الفلسطينيون في الدول العربية بلا استثناء في حال من الحرمان والظلم ودائما بدرجة هي أدنى من درجة المواطنين الاصليين , وقد شكّلت بعض الدول فروعا امنية تابعة لأجهزتها السلطوية تفنّنت في قهر الفلسطيني وحاربته في احتياجاته ومعيشته...
وحسب الخبر المنقول من بيروت وفي مفارقة عجيبة ان مدير الامن العام الحالي قد حظي بالجنسية الفلسطينية بتوقيع وختم الرئيس عباس. وللعلم فقط ان جهاز الامن العام هذا وعبر سنوات طويلة قد حرم الكثير من الفلسطينيين من مجرد وثيقة سفر، وهي التي قد حوّلتها السلطات اللبنانية الى سوق رائجة لابتزاز الاموال من اللاجئين الفلسطينيين.
يسخن السؤال كلما تكررت حالات منح الجنسية الفلسطينية، مرة من رئاسة رام الله ومرة من حكومة غزة التي لا تعترف بإقالتها...يسخن في حلق اللاجئ الفلسطيني ويتحوّل الى مرارة:
وماذا عنّا نحن الذين نحمل الصفة الفلسطينية أبّا عن جد؟
واذا جئنا الى رام الله أو الى غزة هل ستعاملنا السلطات على اننا فلسطينيون لنا حق المواطنة.. أم من الاساس سينتظرنا حارس الحدود الفلسطيني ليردنا على أعقابنا كما يفعل حارس حدود الاحتلال الاسرائيلي.
ليت الحكمة الفلسطينية من منح الجنسية شمالا ويمينا تيسّر لنا ما المغزى والمعنى اللذان يستعصيان علينا؟.. وحتى نفهم هذه الحكمة فاننا نحذر من منح الجنسيات بهذا الشكل الذي يأخذ طابع "مكرمة الرئيس" مما يطرح اشكاليات ستتفجر لصالح الفساد المستشري والانقسام الذي ينتفخ ويتطاول ويتمدد ويهدد كل الحياة الفلسطينية.
نتحسس فلسطينيتنا ولسان الحال يقول:ليت ان لا نفقد فلسطينيتنا حينما الرئيس الفلسطيني يمنحها بختم وتوقيع لبعضهم، لا نحظاه نحن الملايين الستة خارج دولة عباس ودولة حماس.
--------------------------
* كاتب وشاعر فلسطيني

CONVERSATION

0 comments: