أيها المحرضون على الشر متى تهتز شواربكم/ صالح الطائي

لا أقول منذ أن اشتدت الهجمة السلفية الشرسة على التشيع لتوجيه أنظار الشباب المسلم إلى النزاع التاريخي الداخلي بدل النزاع العدواني بيننا كمسلمين وبين الصهيونية العالمية والاستكبار العالمي بعد أن ادعى كبيرهم الذي علمهم السحر أن الشيعة أشد خطرا على الدين من الصهاينة، ولكن منذ أن وردتني أخبار المجازر المرعبة التي يرتكبها العسكر البوذيون ضد طائفة  "الروهينجاس"  المسلمة السنية في إقليم "أراكان" في جمهورية ميانمار الاتحادية وأنا أتابع أخبار الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي، البروفيسور "أكمل الدين إحسان أوغلو" بعد أن تقززت إلى حد القرف من متابعة أخبار الزعامات والتنظيمات الإسلامية الأخرى في محور الشر وقرن الشيطان وثلاثي الخيانة السعودية وقطر والكويت التي وظفت كل جهدها ودعمها اللوجستي لتقدمه للمتمردين السوريين في سبيل أن يحسنوا نصب العبوات الناسفة التي تقتل أكبر عدد من الأبرياء أو يحسنوا ترصد هذا الشيعي العراقي أو ذاك ممن ألجأتهم الظروف للهرب إلى سوريا للفتك بهم مرة بالسكاكين وأخرى بالأسلحة الكاتمة وثالثة بالحرق بالنار لأن العلويين والشيعة ((مرتدون)) ويمثلون خطرا على الإسلام السلفي الوهابي المتخلف!
وكانت خلاصة متابعتي لنشاط السيد أوغلو التالي:
• أعرب الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي، البروفيسور أكمل الدين إحسان أوغلى، عن رفض المنظمة للانتخابات الرئاسية المزعومة في إقليم ناغورني كاراباخ المحتل في جمهورية أذربيجان والمزمع عقدها يوم 19 يوليو 2012
• الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي يدعو القيادة السورية إلى وضع مصلحة سوريا والشعب السوري فوق كل اعتبار ويؤكد أن التضحية يجب أن تأتي من القيادة
• على إثر الأحداث الدامية التي جرت في سوريا وتواصل مسلسل العنف وسفك الدماء في هذا البلد،
• الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي يتوجه بالتهنئة للأمة الإسلامية بمناسبة حلول شهر رمضان المبارك لعام 1433هـ
• الأمين العـام لمنظمة التعـاون الإسلامي يهنئ الشعب الليبي بنجاح العملية الانتخابية في ليبيا
• إحسان اوغلو: المساس بالأقصى هو اعتداء على أحد أقدس مقدسات المسلمين
• الأمانة العامة لمنظمة التعاون الإسلامي تدين بشدة مجزرة بلدة التريمسة بريف حماة
• منظمة التعاون الإسلامي تحيي ذكرى ضحايا مجزرة سريبرينيتشا
• منظمة التعاون الإسلامي تعزي في وفاة صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سعود بن عبد العزيز
• إحسان أوغلو يأمل في أن تتمكن المنظمة من تعزيز إنشاء المؤسسات الصغرى والمتوسطة
• منظمة التعاون الإسلامي تعرب عن قلقها إزاء أوضاع مسلمي الروهينجيا في ميانمار. أدان الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي، البروفيسور أكمل الدين إحسان أوغلى، بشدة في بيان صدر اليوم في جدة تجدد القمع وانتهاك حقوق الإنسان لمسلمي الروهينجيا في ميانمار منذ يونيو الماضي في أحداث ذهب ضحيتها عدد من المدنيين الأبرياء الذي تعرضت بيوتهم ومساجدهم للحرق وأجبروا على مغادرة وطنهم. وأضاف الأمين العام أن مواطني ميانمار من مسلمي الروهينجيا يتعرضون على مدى العقود الثلاثة الماضية لانتهاكات جسمية لحقوق الإنسان ترتكبها قوات أمن ميانمار، وشملت التطهير العرقي والتقتيل والاغتصاب والتهجير
هكذا جاء خبر اهتمام منظمة المؤتمر الإسلامي وشيخها الأوغلو بالمذابح البشعة التي ترتكب بحق أخوتنا المسلمين السنة من طائفة "الروهينجاس" في "ميانمار" على مدى العقود الثلاثة الماضية وليس على مدى أيام أو أسابيع أو حتى أشهر، وهي لا تختلف كثيرا عن مواقف الأنظمة العربية التي أوقفت خزائن بلدانها وجهدها الإعلامي لدعم التمرد السوري بعد أن أسهمت في تخريب ليبيا وحرق وتدمير العراق وزرع الفرقة بين أهله.
أما باقي المنظمات والهيئات والمؤسسات التي روجت للفكر السلفي التكفيري ضد الشيعة والتي شجعت الانتحاريين للقدوم إلى العراق بعد أن دعمتهم بالمال والمساندة ويسرت لهم سبل التنقل واللجوء، أو التي نظرت مشروعية ((جهاد)) الشباب العربي المغرر به في سوريا الجريحة، فإنها هي الأخرى لم ترق إلى أكثر من إعلان الإدانة اليتيمة أو الاستنكار المسكين أو المطالبة الخجولة، وكانت خلاصة جهدهم:
• استنكر شباب 30 دولة إسلامية مساء أمس السبت في لقاء نظمته الندوة العالمية للشباب الإسلامي، ما ترتكبه جماعات بوذية من مجازر في حق شعب بورما المسلم.
• أدان إتحاد علماء المسلمين الكردستاني، اليوم الأربعاء، ما أسماه المذابح التي يتعرض لها المواطنون المسلمون في ميانمار، داعياً الأمم المتحدة إلى وقف حملات التطهير العرقي التي تمارس بحق المسلمين في ذلك البلد، بحسب بيان للإتحاد.
• طالب "بصير أحمد خان" - رئيس رابطة مسلمي "الهند" - بوقف المذابح التي يقوم بها البوذيون ضد المسلمين في "ميانمار" فورًا، وخاصةً ضد النساء والأطفال.
• أدانت السلطات الليبية الانتهاكات والمذابح التي ترتكب يوميا بحق الشعب المسلم في ميانمار الاتحادية "بورما سابقا". واستنكر المجلس الوطني الانتقالي الليبي اليوم الأربعاء المذابح الجماعية التي ترتكب في جمهورية ميانمار الاتحادية .

بل إن بعض البلدان المتشددة طائفيا والتي أرسلت مجرميها لتفجير التجمعات الشيعية في العراق باسم الدفاع عن الإسلام أغلقت أبواب مدنها بوجه المسلمين الفارين من الموت في ميانمار حيث ورد في الأخبار أن السلطات في "بنجلاديش" هذه الدولة السنية المتطرفة قامت بتعزيز حدودها مع ميانمار للحيلولة دون دخول عشرات المئات من المسلمين الفارين من المذابح التي يتعرضون لها على أيدي البوذيين. وقد أشارت "ديبو موني" وزيرة خارجية بنجلاديش أن بلادها لن تقوم بتوفير الحماية للاجئين الروهنجا المسلمين، بالرغم من المطالبات الدولية ومناشدة مفوضية حقوق الإنسان بالأمم المتحدة بالتعاون مع المسلمين. وقد أدى إغلاق الحدود البنجلادشية أمام المسلمين إلى مزيد من العنف!
بل وحتى أمريكا التي نصبت نفسها حامية للديمقراطية في العالم استهانت بالدم المسلم وقدمت دعمها للمجرمين في ميانمار  من خلال مساعدات اقتصادية مكافأة لهم على جرائمهم حيث وقعت شركة "جنرال اليكتريك" الأمريكية، أكبر مصانع العالم لمعدات إنتاج الكهرباء وخدماتها، أول عقد تجاري لشركة أمريكية مع ميانمار
وذلك في أعقاب قرار الولايات المتحدة تخفيف العقوبات التأديبية المفروضة على ميانمار. وذكر راديو هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) أن الشركة الأمريكية وقعت عقد بيع معدات طبية متطورة مع مستشفيين في مدينة يانجون بميانمار. يشار إلى أن الرئيس الأمريكي "باراك أوباما" كان قد أعلن يوم الأربعاء الماضي تخفيف العقوبات المفروضة على ميانمار للسماح للشركات الأمريكية بالقيام بأعمال تجارية هناك، بعد "التقدم الذي أحرزه الرئيس "ثين سين" والإصلاحات الاقتصادية والسياسية التي تبناها.
أما منظمة (العفو الدولية) التي أقامت الدنيا ولم تقعدها بسبب ما يجري في سوريا والتي وصفت الإرهابيين القتلة الذين يرتكبون الجرائم في المدن السورية بالأبرياء فقد تجاهلت في تقرير لها صدر يوم 21/7  المذابح التي يتعرض لها المسلمون في ولاية أراكان كليا.
وبدل أن يوجه المسلمون الذين كانوا ولا زالوا يدعمون الإرهاب في العراق وسوريا وليبيا جهدهم لنصرة إخوانهم المسلمين في ميانمار يطالب رئيس تجمع الوحدة الوطنية الوهابية وشيخ مشايخ التكفير  السلفي في البحرين الرئيس المصري المنتخب "محمد مرسي" بهدم الاهرامات وعمل ما لم يتمكن من عمله  "عمرو بن العاص" الذي نجح فقط في حرق مكتبة الإسكندرية العظمى. بعد أن شجعهم مرسي على مثل هذه المواقف المقرفة بإصداره أمرا يمنع دخول العراقيين إلى مصر.
وبدل أن يطالب الشيخ "عبد الله التميمي" [1] خطيب وإمام مسجد في حمص بتوحد الأمة ضد العدو المشترك نراه يطالب إسرائيل بدعم مطالب وحقوق السنة في سوريا ولبنان، مشيراً إلى أنّ الدولة العبرية لم تكن قط عدو السنة الحقيقي ونحن معها في جبهة واحدة،  وأشاد  التميمي في حوار مباشر على الهواء على القناة التلفزيونية "الإسرائيلية" بما يسمى دولة إسرائيل ونفى بشدة أي عداوة معها واصفا بأنها لم تكن ولن تكون عدوة أبدا وأنهم [أي اليهود والسنة] يقاتلون جنبا إلى جنب في معركة واحدة تجاه نفس الأهداف ولم ينس (فضيلة الشيخ الأرعن) إعلان عداوته الشديدة لحزب الله كحزب ممثل للشيعة لا أكثر لكي يذكر إسرائيل بالعدو المشترك ويغازل عواطفها. وهذا الغزل أكده رئيس الاستخبارات الإسرائيلي السابق "آفي ديخنر"[2] من على (you tube) بشريط ظهر فيه يتكلم بالعربية مؤيدا بحرارة ثوار سوريا ويدعوا تلامذته وشركاءه الحكام العرب وشيوخ السلفية الوهابية إلى أن يمدوا يد العون للشعب السوري ويستعجلوا سقوط بشار الأسد.
إن انشغال الطوائف والدول والحكومات والمنظمات العربية والإسلامية بالنزاعات البينية ولاسيما مسألة السنة والشيعة وتفضيل هذا الجانب اللئيم على كل مطالب الحياة الأخرى جعل وضع المجاميع المسلمة قريب الشبه من وضع "الثيران الثلاثة" لا يشك عاقل في حتمية أكلها الواحد تلو الآخر، ولكن تواريخ الأكل سوف تختلف تبعا للظروف.
ثم إن سكوتهم عما جرى بالأمس في البلقان وسكوتهم عما يجري اليوم في ميانمار مقابل (هوساتهم) الرعناء لدعم المعارضة الطائفية السورية والمجاميع الإرهابية في العراق يعني بكل تأكيد أن كل ادعاءاتهم حول الإسلام، والتمسك بتعاليمه، والعمل بهداه هي مجرد كذب وافتراء على الله ورسوله (ص) لأنهم اثبتوا بعملهم المكشوف وبسكوتهم عن ذبح المسلمين وقيامهم بذبح المسلمين المخالفين بعدهم عن الدين وتلقيهم الأوامر من أسيادهم الملحدين.   
كما أن سكوت الشيعة المستمر منذ أربعة عشر قرنا بلغ مداه الأقصى ولم يعد من تحمل للصبر بعد أن ترك أخوتهم المخالفون لهم مذهبيا العدو المشترك يصول ويجول في جنباتها وصبوا جام حقدهم على التشيع وأهله حتى دون أن يفهموا معنى التشيع أو سبب تعلقنا به، وأنا في هذه المناسبة وفي هذا الشهر المبارك شهر الوحدة والأخاء والعبادة وقبول الطاعات، ومع هذه المخاطر التي تحيق بالإسلام والمسلمين أرجو من (الآخر) أن  يكبت غلواءه وغروره وتبعيته للمستكبرين وشراكته مع الصهاينة، وان يستجيب لنداء الدكتور حسن فرحان المالكي الذي قال: "لقد آن الأوان لنفهم الشيعة" فمن المفارقات الغريبة أن يبكي الشيعة أخوة لهم في الدين يتعرضون للذبح في ميانمار رغم ما يقاسونه هم أنفسهم من أفعال الإرهابيين المنحرفين الطائفيين في العراق وسوريا ولا تهتز شوارب السعوديين والكويتيين والقطريين لمصائب أخوتهم في المذهب وهم يحرقون على أيدي البوذيين.

CONVERSATION

0 comments: