العمال يعلنون الحرب على الخضر/ عباس علي مراد

بعد انتخابات عام 2010 الفيدرالية خسر حزب العمال الاكثرية في مجلس النواب ،مما اضطر رئيسة الوزراء جوليا غيلارد لعقد صفقة مع النواب المستقلين وحزب الخضر ، الذي فاز لأول مرة بمقعد في مجلس النواب عن مدينة ملبورن في  فيكتوريا ، بالاضافة الى امساك الحزب بميزان القوى في مجلس الشيوخ.
أُعتبر الاتفاق نصر لحزب العمال حسب بعض الاستراتيجيين في الحزب،وكان  من اهم البنود التي تضمنها الاتفاق بين الطرفين فرض ضريبة الكربون على الرغم من ان جوليا غيلارد كانت قد قالت ان حكومة ترأسها لن تفرض ضريبة الكربون. تراجع رئيسة الوزراء عن وعدها الانتخابي وفرض ضريبة الكربون التي بدأ العمل بها اول الشهر الحالي بسعر 23 دولاراً للطن سبب لرئيسة الوزراء وجع رأس سياسي ،حيث اتهمت بالكذب واخذت شعبيتها بالتراجع كمفضلة لرئاسة الحكومة بالاضافة الى تراجع نسبة الاصوات الاولية لحزب العمال الى ادنى مستوياتها والتي بلغت 26% وحسب آخر الاتستطلاعات التي جرت الاسبوع الماضي كانت 28%.
منذ فترة بدأ بعض نواب حزب العمال بالتلميح الى ان التحالف مع حزب الخضر يأخذ من رصيد الحزب. وما كان يقال خلف الابواب او بصوت خافت ظهر الى العلن خصوصاً بعدما رفض الخضر بالاتفاق مع المعارضة الفيدرالية وكل حسب موقفه، تمرير مشروع النائب المستقل روب اوكشوط  لحل مسألة اللاجئين "الغير شرعيين" في مجلس الشيوخ والذي كانت الحكومة قد تبنته في مجلس النواب بالتعاون مع النواب المستقلين الاربعة.
السكرتير العام لحزب العمال في نيوسوث ويلز سام داستياري دعى الى عدم اعطاء الاصوات التفضيلية لحزب الخضر بصورة آلية.
تبنى اقتراح داستياري السكرتير الوطني لإتحاد نقابات عمال استراليا بول هوز، هوز احد زعماء جناح اليمين في حزب العمال ومن الداعمين لرئيسة الوزراء ويعتبر احد رموز مجموعة "الرجال مجهولي الهوية" التي اطاحت بكيفن راد من رئاسة الوزراء عام 2010.
فقد شن هوز وعبر مقالة في جريدة " صانداي تلغراف" الاحد 08/07/2012 هجوماً كاسحاً على حزب الخضر ودعى حزب العمال الى تدميرهم وقال انهم ينفذون اجندة متطرفة واصفاً اياهم بأنهم المقابل اليساري لبولين هانسون زعيمة حزب "امة واحدة" التي برزت على الساحة السياسية بأرائها العنصرية والمتطرفة عام 1996، ولم يكتفِ هوز بذلك مضيفاً ان الخضر يعارضون جوهر القيم التي يؤمن بها حزب العمال ،ولذلك يجب محاربتهم بكل ما اوتينا من قوة معتبراً ان من واجب العمال ايقاف هذا التطرف الذي يهدد الديمقراطية في البلاد.
زعيمة حزب الخضر كريستين ميلن ردت بعنف على هجوم هوز قائلة: ان هذا دليل على فقدان "الرجال مجهولي الهوية" الصلة بقواعد حزب العمال واضافت ان الهجوم يمثل اسوأ مثل عن "مرض نيوسوث ويلز" في الخلافات التي تضرب حزب العمال معتبرة ان الخضر يشكلون الضمانة لحكومة الأقلية ولرئيسة الوزراء (صنداي تلغراف 08/07/2012 ص 2).
من جهته اعتبر زعيم المعارضة طوني ابوت ان حزب العمال تبنى افكار الخضر من خلال فرض ضريبة الكربون وبسط سجاد الاستقبال لطالبي اللجوء، مضيفاً من الواضح من هو الذي يتحكم بحزب العمال انهم مجموعة "الرجال مجهولي الهوية".
من جهتها رئيسة الوزراء وعبر ناطقة باسمها حاولت التخفيف من وقع المسالة المطروحة قائلة ان مسألة الاصوات التفضيلية  من اختصاص القسم التنظيمي في الحزب مضيفة ان الخضر والكتل الاخرى لديها قيم  مختلفةعن قيم حزب ،  وان حكومة العمال على استعداد للعمل مع الجميع من  اجل تنفيذ السياسات التي تخدم المصلحة الوطنية.
قد يكون لمخاوف بعض قادة حزب العمال من حزب الخضر ما يبررها ولكن ما ينساه هؤلاء ان الخلافات الداخلية التي ما زالت تعصف بالحزب على المستوى الفيدرالي منذ العام 2009 ،وما قبلها نموذج الفساد والمحسوبية الذي تحكم بفرع الحزب في نيو سوث ويلز الذي ادى الى هزيمة غير مسبوقة للحزب في تاريخ الولاية وذلك في انتخابات الولاية اذار عام 2011 حيث احتفظ الحزب ب20 مقعداً من اصل 93 عدد مقاعد مجلس النواب. وكذلك ما حدث لفرع الحزب في ولاية كوينزلند الذي خسر الحكومة وحصل حفنة من المقاعد في انتخابات هذا العام(7 مقاعد من اصل 89 مقعداً).
اذن، على حزب العمال قبل فتح معركة مع الخضر، اصلاح ذات البين في ما بينهم وكف ايدي قادة الاجنحة ومراكز القوى، واقامة اصلاح حقيقي كثَُر الحديث عنه ،بينما كل الدلائل تشير الى ان هناك جعجعة بدون طحين كما يقول المثل العربي، وهذا ما اشارت اليه صحيفة (س.م.ه) في افتتاحيتها الجمعة 06/07/2012.
سدني 08/07/2012ٍ

CONVERSATION

0 comments: