شهوة الخطاب القومي في العراق/ أسعد البصري

التقارير التي تنشرها القدس العربي عن الوضع السوري لا قيمة لها
هي تنقل مخاوف الأقليات من الفوضى والإنفلات و تصاعد العنف الأهلي
إن إزالة نظام طائفي قديم راسخ كالنظام السوري لن يكون سهلا
هذه العملية ليست نزهة وكلما طالت المعاناة ازداد الحقد و رسخ في الذاكرة
على الشعوب تقديم تضحيات كبيرة لكي لا تقع في هذا الفخ مرة أخرى
كلما ازداد الخراب رسخ الدرس القومي في الذاكرة
دمشق دخلها المغول و بنوا في الجامع الأموي تلالا من الجماجم
لا توجد مشكلة الشعوب خالدة و هذه أقدم مدينة مأهولة في التاريخ
سوريا تنهض و تعود من غير سوء بعد هذا الخراب الجميل الرائع
الشعب السوري ليس فيه مرجعية كالشيعة
ولا توجد لديه أحزاب وتنظيمات معارضة قديمة و خبيرة كالعراق
رغم دخول عناصر إرهابية مع الثوار و حدوث تجاوزات كبيرة
نحن مع إطالة الأزمة لأن الحقد هو الدرع الوحيد للشعب السوري
لكي لا يأتي بهذه الجماعة مرة أخرى إلى قيادة البلاد
خصوصاً بخبرتهم المخابراتية والعسكرية و بتحالفاتهم التاريخية
مع الأخذ بنظر الإعتبار طاقاتهم البشرية
الثقافية والإعلامية مع الثروات المهربة خارج البلاد
لو تم إسقاط النظام بشهرين مثلا فإن هذه الجماعة ستعود إلى السلطة
خلال عام واحد بعناوين جديدة و بذات الدعم الإيراني
الديمقراطية مجرد رأي الغوغاء
الألم الطويل يتحول إلى وعي بديهي لدى الغوغاء
و يفيد في كل الأحوال لحماية منجزات التغيير
نحن مدينون فيما يحدث من حراك عراقي و مظاهرات
إلى السوريين الأبطال وشعب سوريا الشجاع
دائماً الوضع العراقي يتأثر بإيران و بسوريا
وما الخميني و ميشيل عفلق إلا تعبيرا رمزيا عن هذه الحقيقة
في السنوات الماضية كان التحالف السوري الإيراني
ينحر العراق من الوريد إلى الوريد
فقد كانت المخابرات السورية تبني معسكرات للقاعدة والإرهاب
و ترسلهم لتفجير الشيعة بالتآمر مع المخابرات الإيرانية
هكذا يصبح عندك شيعي يحكم البلاد و سني إرهابي خارج على القانون
هكذا استمرت المعادلة الماكرة سنوات طويلة
وفي هذه الضجة قتلت إيران العلماء والضباط والطيارين والأطباء والأساتذة
تمت تصفية عناصر نهضة العراق القومية
لهذا تغير الواقع بانهيار نظام الأسد العلوي وانشغاله بنفسه
المطلوب وعي لأن المكر شديد واللغو كثير
النظام السوري الذي كان يرسل المتطوعين والخبراء العسكريين
للقتال مع الجيش الإيراني ضد الجيش العراقي
كيف صار يحتوي القاعدة و يدرب السنة الأغبياء لتفجير الشيعة ؟؟؟
لقد تغير الواقع الديموغرافي للعاصمة العربية بغداد
من ٥٦٪ نسبة السنة العرب فيها عام ١٩٩٧م
إلى ١٥٪ نسبتهم الحالية بعد الإحتلال و سيطرة النظام الطائفي الشيعي
يقول عبد الحميد الكاتب في مقاله الأخير عن هذا الموضوع :
(( ومنذ الأشهر الأولى للاحتلال أصبح من المألوف
لدى البغداديين رؤية صور زعماء
الشيعة (الخميني، الصدر، السيستاني،
محمد باقر الحكيم) وأعلامهم الملونة (لا سيما السوداء) مرفوعة
في كثير من مناطق بغداد، وتعززت
الصورة الشيعية لبغداد بعد حملات التهجير
والتطهير الديني (2006 - 2007).))
إن الرئيس العراقي السابق صدام حسين لم يُهَجّر الشيعة
من مناطقهم في بغداد كالثورة والشعلة
لم يقم بتغيير ديموغرافي / سنّي جذري في العاصمة
كان يعتقد أن العرب جميعا شيء واحد
بدليل دعمه الواسع للعربستانيين في إيران
كان هناك ثمانية ملايين عربي مضطهدا قوميا في إيران
لا تعليم عربي ولا وظائف حكومية تليق بهم
إضافة إلى فقر شديد في أرض غنية
بآبار بترولية كآبار عبادان العربية السليبة
يعيشون من الحقول والرعي والتخلف
جميعهم شيعة و جميعهم يحبون الرئيس صدام حسين
إلى درجة أن المسؤولين الإيرانيين في الأحواز استأجروا حافلات كثيرة
ثمانينات القرن الماضي و طالبوا العرب بالرحيل فيها إلى العراق
إذا كانوا حقاً يحبون الرئيس صدام حسين
كان ذلك بعد واحدة من مظاهراتهم العربية الباسلة
التي كانت تنتهي باعتقالات و سجن و قمع شديد
من قبل الجيش الإيراني العنصري
كان الرئيس صدام مقتنعا بأن المشكلة قومية وليس دينية
لهذا قام بتسفير العراقيين من أصل إيراني أثناء الأزمة
وهذا تصرف قام الأمريكان بأسوأ منه مع اليابانيين الأمريكان
أيام الحرب العالمية الثانية
كانت القيادة العراقية تنظر إلى المحنة من زاوية قومية فقط
لهذا كان التركيز على المشكلة الكردية أكبر من المسألة الطائفية
لا .... لم يقم صدام حسين بتطهير ديموغرافي لصالح السنة في بغداد
لقد عشت مع المعارضة
ومعظم هذه الشخصيات التي في الحكم اليوم
أعرفهم شخصيا ، لهذا هناك رغبة دائماً بإسكاتي أو إلهائي
إننا كقوميين عرب نعلم بأننا لم نقدم إلى الحضارة أدبا مهما
منذ القرن الرابع الهجري
بالتحديد منذ سقوط بغداد و غرناطة على يد التتار والصليبيين
لأن عطاءنا الحضاري كان في عهد الأمة العربية الإسلامية
هو عطاء أمة بأكملها تدفعها الوحدة الثقافية والسياسية
إلى إطلاق العقول والنفوس
اليوم نحن أمة ممزقة لا نستطيع منافسة الأتراك والفرس
ناهيك عن الأمم الأوربية
إن رغبتي بالحديث عن العروبة و عن واقعنا
هي شهوة خطاب قومي عربي شديدة
أكبر من رغبتي الحديث عن الكلاب السائبة
التي تكتب رفضها للعروبة و هموم الأمة بحجة الديمقراطية
في فترة انحطاط قومي شامل للأمة العربية
مشكلة الكتاب الشيوعيين بعد الإحتلال هي تحولهم إلى إصلاحيين
فمهما حدث يكتبون عنه ببرود و باعتدال و يشغلون الناس بالتفاصيل
الكتابة الراديكالية مفقودة
إن الملحمة العراقية هي في الروح
أما الواقع المادي مجرد انعكاس مباشر للوجدان
لقد قام النظام العراقي السابق ببناء
كل الجسور والبنايات في العاصمة بغداد
بعد حرب ١٩٩١م بطاقات محلية تحت الحصار القاسي خلال عام واحد
لهذا نرى أن هدر الوقت بالكتابة عن كل تفاصيل الحياة والفساد
هو خدعة كما كتب سعدي يوسف لقبول الخراب والتطبيع معه بحجة انتقاده
الشيوعيون يعبرون بهذا الأسلوب عن تحالفهم مع الإحتلال و حزب الدعوة
بتحويل الكتابة عن الفساد إلى تقليد صحفي يومي يدعو إلى الضحك والتندر
لو قرأنا سعدي يوسف جيدا سنخرج بنتائج باهرة
لهذا أظن أنهم بدأوا يراسلونه بسبب خروج شياطين من أفكاره
هناك حدود يقف عندها سعدي بسبب تاريخه
لكنني أسرق أفكاره ولا أقف مطلقا لأن تاريخي مختلف
العراق بحاجة إلى أناشيد وكرامة وإلى تصالح مع تاريخه القريب
بحاجة إلى استعادة دوره و عروبته في لغة راديكالية جارفة
أما المجاري و الكهرباء فقد أصلحها القوميون سابقا و يصلحونها لاحقا
إن الروح القومي يعمل بالكهرباء و يولدها

CONVERSATION

0 comments: