ألف باء "سياسة"/ رأفت محمد السيد

الجزء الأول

الحديث عن السياسة أصبح من الأمور الشائعة عقب ثورة 25 يناير بعد حرمان دام عقود طويلة حُرم فيها هذا الشعب من ممارسة حقه السياسى ولو بالحديث فقط عنها ، ولكن مع إنتشار هذه الظاهرة الصحية لدى أغلب المصريين إلا أن الكثيرين لايعلمون الكثير عنها ، فهم يرددون مايستمعون له من القنوات الفضائية وماينقلونه عن الجرائد المعتدلة والمنحازة فتختلط  أفكارهم وتجدهم مشتتين لايعرفون اين الحقيقة ؟ ومن يكون على حق ؟ ومن على باطل ؟ ولذلك كان من الضرورى حبا واعترافا بجميل هذا الشعب لعظيم على َّ أن أقدم إليه وجبه خفيفة فى شكل سلسلة من المقالات عن السياسة ، ليكون لديه ولو أقل القليل من الأدوات للحديث بعلم عن السياسة وعدم لإنجراف وراء الدعوات المضللة التى تغرر بهذ الشعب وتذهب به إلى طريق الهلاك مستغلين جهل البعض سياسيا والذى نتج عن حرمان وقهر لإبعادهم عن مايسمى بالسياسة ، وأتذكر عندما كنت اسأل أبى رحمه لله وأنا طفل صغير هو الرئيس مش بيتغير ليه ويأتى مكانه رئيس اخر كان يضع يده على فمى ويقول لاتتحدث فى هذه الأمور يابنى أمام أحد أرجوك " لاتتكلم فى السياسة " ومنذ ذلك الوقت ومن كثرة اسئلتى لأبى وعدم رده على أسئلتى الكثيرة قررت ان أقرأ سرا فى اية كتب عن السياسة ، ولأننى شعرت بالحرمان من ممارسة حقى بمعرفة السياسة وخباياها سنوات طويلة قررت أن أنقل لأحبابى بعض ماتمنيت ان أتعلمه وأنا صغير وهو الحديث عن السياسة وأبدأ حديثى بتعريف معنى السياسة لغة واصطلاحا ثم معناها فى المعجم القانونى ، ثم فى تراثنا الإسلامى كخطوة أولى نحو التعريف بمعنى السياسة بصفة عامه ، ثم نتطرق إلى موضوعات تدخل فى صميم السياسة ووصف أحوال بلدنا فى ظل الأحوال السياسية المترديه
أولا : مفهوم كلمة (السياسة) لغة واصطلاحا :كلمة السياسة في اللغة : مصدرها ساس يسوس سياسة – فيقال : ساس الشخص  الدابة أو الفرس إذا قام على أمرها من العَلَف والسقي والترويض والتنظيف وغير ذلك ، وكأن الإنسان بعد أن تمرس في  سياسة الدواب ارتقى إلى سياسة الناس وقيادتهم في تدبير أمورهم ،  ويذهب المعجم القانوني إلى تعريف السياسة أنها: (أصول أو فن إدارة الشؤون العامة )
أما عن السياسة فى تراثنا الإسلامى : فإن كلمة (السياسة) لم ترد صراحة  في القرآن الكريم ، لا في سورة مكيِّه ، ولا في سورة مدنيِّه ولا أي لفظة مشتقة منها وصفا أو فعلا . ومن قرأ (المعجم المفهرس لألفاظ القرآن الكريم) يتبين له هذا ، ولكن هذ لايعنى أن القرآن أو الإسلام لا يعني بالسياسة ولا يلتفت إليها . ، فقد لا يوجد لفظ ما في القرآن الكريم ، ولكن معناه ومضمونه مثبوث فيه ، والدليل على ذلك أن كلمة (العقيدة) لا توجد في القرآن ، ومع هذا مضمون العقيدة موجود في القرآن كله ، من الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر، بل العقيدة هي المحور الأول الذي تدور عليه آيات القرآن الكريم ، وكذلك كلمة (الفضيلة) فهي لا توجد في القرآن ، ولكن القرآن مملوء من أوله إلى آخره بالحثِّ على الفضيلة، واجتناب الرذيلة ، فالقرآن وإن لم يجئ بلفظ (السياسة) جاء بما يدل عليها، وينبئ عنها مثل كلمة (المُلك) الذي يعني حكم الناس وأمرهم ونهيهم وقيادتهم في أمورهم . جاء ذلك في القرآن بصيغ وأساليب شتَّى، بعضها مدح وبعضها ذم. فهناك المُلك العادل، وهناك المُلك الظالم، المُلك الشُورِي، والمُلك المستبد. فلحديث عن السياسة جاء تحت مسميات عديدة مثل " التمكين ، الإستخلاف ، الحكم وفى مواضع عديدة من القران الكريم ، فهذا كله حديث عن السياسة والسياسيين تحت كلمة غير (السياسة).
السياسة فى السنة النبوية :  قد وجدت فيها حديثا تضمَّن ما اشتقَّ منها، وهو الحديث المتفق عليه عن أبي هريرة ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "كانت بنو إسرائيل تسوسهم الأنبياء، كلما هلك نبي خلفه نبي، وإنه لا نبي بعدي، وسيكون خلفاء فيكثرون". قالوا: فما تأمرنا؟ قال: "فُوا ببيعة الأول فالأول، وأعطوهم حقهم الذي جعل الله لهم ، فإن الله سائلهم عما استرعاهم
وقد جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية في مادة (سياسة)[4] قولها: لعل أقدم نص وردت فيه كلمة (السياسة) بالمعنى المتعلِّق بالحكم هو: قول عمرو ابن العاص لأبي موسى الأشعري في وصف معاوية : إني وجدته ولي عثمانَ الخليفة المظلوم، والطالب بدمه، الحسن السياسة، الحسن التدبير.
وخلاصة القول : أن كلمة " السياسة " المقصود بها من وجهة نظرى المتواضعة أنها تختص بتسير الأمور ورعاية الشئون ومن هنا اصطلح على أن السياسى هو من يتولى تسيير أمور الناس ورعاية مصالحهم ، ولأن مصالح البشر تتشابك وتتعارض وتتناقض كان دور السياسى هو التوفيق بين هذه المصالح ورعايتها بما يحقق فى النهاية مصلحة الجماعة التى يراعى شئونها كأن تكون دولة ما أو مجموعة من البشر يربطها رابط مشترك ، إن كلمة سياسة يمكن أن تستخدم أيضا للدلالة على تسيير أمور أي جماعة و قيادتها و معرفة كيفية التوفيق بين التوجهات الإنسانية المختلفة والتفاعلات بين أفراد المجتمع الواحد،بما في ذلك التجمعات الدينية والأكاديميات و المنظمات، باختصار فإننا نعرف الآن " أن دور السياسيين هو رعاية مصالح الأفراد العاديين الذين لا يشتغلون بالسياسة وذلك بالطبع بطريقة تحقق الصالح العام وليست مصالح شخصية خاصة ؟

CONVERSATION

0 comments: