الغزالي والعراق و الطائفية/ أسعد البصري

عن صفحة الكاتب والباحث العراقي علاء اللامي

نفاق المتعصبين لأبي بكر وعلي :

كتب الإمام أبو حامد الغزالي في كتابه "إحياء علوم الدن" عن نفاق المتدينيين المتعصبين ( ترى الواحدَ منهم يتعصب لأبي بكرٍ وهو آكلُ الحرامِ مطلقُ اللسانِ بالفضولِ والكذبِ ومتعاطٍ لأنواعِ الفسادِ ولو رآه أبو بكرٍ لكانَ أول عدوٍّ له ..وترى فضولياً آخر يتعصبُ لعليٍّ وكانَ من زهدِ علي و سيرتهِ أنه لبسَ في خلافته ثوباً اشتراه بثلاثة دراهم وقطعَ رأسَ الكُمَّين إلى الرسغِ وترى الفاسقَ لابساً ثيابَ الحرير ومتجملاً بأموال اكتسبها من حرام وهو يتعاطى حبَّ علي ويدعيه )
المصدر : ص17 المستطرف الجديد / هادي العلوي
.....................................
ملاحظة هذا الكلام غير صحيح اليوم ، الغزالي يتحدث عن الطالبيين والعلويين العرب وتعصبهم لأهل البيت مقابل تعصب آخرين لأبي بكر و عمر . هذا لا ينطبق على الوضع الحالي . بعد الدولة الصفوية ظهر دين جديد غنوصي هرمسي يعتمد عبادة البشر في مافيا روحية تنتهي إلى المرجعية . هذا ليس فكرا ولا وجهة نظر لتحاججه وتقول له هذا يلبس وذاك لا يلبس ، أو هذا لا يظلم وأنت تظلم ، الغنوص فوق المحاججة والتناقض لأنه كما أطلق عليه المؤرخ البريطاني توينبي (( تمثل كاذب )) للإسلام قامت به ثقافة نرجسية ذات حنين و جاذبية قومية هي إيران . الهرمسية بالتحديد (( طقس )) وليست أفكارا و وجهات نظر . الطقس يخاطب الغرائز والحواس واللامعقول المظلم ، تذكر عمر الوثنية عشرات الآلاف من السنين بينما التوحيد مجرد فكرة فتية . الغنوص هو عقل مستقيل و حواس نرجسية متيقظة تجعلك تشم رائحة خراء في المسجد السني دون أن تعرف السبب . خصوصا أن السنة في أحسن الأحوال ( أبناء عامة ) وهذا يعني ضمنيا أنك ( أبناء الخاصة ) عقدة التفوق المذهبي هي عقدة التفوق القومي الإيراني .
مشكلة إيران أن تشيع العشائر العراقية حديث كما ورد في كتاب الباحث اليهودي العراقي رجاء النقاش . معظم هذه العشائر العربية دخلت التشيع منذ قرنين فقط . وهذا راجع إلى عدة أسباب أهمها ضيق المدارس الدينية في النجف الأشرف و كربلاء بالغارات الوهابية ، خصوصا العهد العثماني لم يكن يسمح بحاميات فارسية كبيرة . فكانت هذه العشائر درعا بشريا للحوزة والأضرحة . إضافة إلى ضعف التبشير العثماني وإهمال الباب العالي للفلاحين الفقراء بين النهرين على جانبي الفرات والجنوب ، فكان الناس بحاجة إلى فقهاء يعلمونهم الكتاب والحكمة والفقه . الجانب الأخير والأهم هو ظلم الإقطاع و عبودية نظام الري الآسيوي جعل من مأساة الحسين وما يرافقها من بكاء و تعبير صادق عن الألم أكثر ملاءمة من المذهب السني . الذي كان مذهب السلطة والإقطاع والبرجوازية .
مع هذا التشيع العراقي حديث ومازال يحمل ملامح عربية (طالبية ) . لهذا كانت خيبة أمل كبيرة حين انتصرت العروبة العراقية القديمة عند عشائر الجنوب على التشيع الحديث في حرب إيران . لقد كانت تلك الحرب اختبارا كبيرا أثار شهية كل باحث في هذا الشأن لمعرفة أي العصبيتين أقوى ؟ العروبة ؟ أم التشيع ؟؟ .
وكانت العروبة أقوى بكثير ... لهذا الحكومة العراقية خائفة من ثورة الأنبار .
ولهذا إيران لم تثق يوما بالعراقيين العرب .
الشيعة العرب جنوب العراق أقل رغبة بتشويه العرب لأنهم عرب مثلهم . الفرس عندهم تاريخ طويل بهذا الفن وهو تشويه الخصم تاريخيا حتى لو هزمهم سياسيا . يراهنون على الزمن والعناد والهزيمة الثقافية . في الشاهنامة التي كتبها الشاعر القومي الفردوسي أن الضحاك بن قيس هو ابن ملك عربي ظهر له الشيطان وأغراه بقتل أبيه فقتله . ثم قبله على كتفيه واختفى فنبت ثعبانان يهيجان عليه في الليل ولا يهدآن حتى يطعمهما  دماغ طفلين من الشعب كل ليلة . كل هذا التشويه لأن الضحاك في الحقيقة حكم فارس وقتل بطلها جمشيد . بقيت الأمهات الفارسيات يعلمن هذه الحكاية للأطفال ألفي سنة عقابا للملك العربي الغازي . نفس الحكاية تكررت مع الخليفة عُمر بن الخطاب فيما بعد . وفي الشاهنامة بكاء و شكوى من قسوة الزمان و عماء القدر الذي جعل العرب البدو أبناء الصحراء والغبار الهمج يحكمون الحواضر والبساتين الفارسية الغناء . هذا تعريض واضح بالبيئة .
هذا المزاج الفارسي غير منسجم تماماً مع عشائر جنوب العراق . لأن التاريخ والثقافة مختلفتان . هناك قناعة عند المثقفين الشيعة العرب في العراق بعد تجربة عشر سنوات سوداء من الإحتلال الفارسي للعراق بأن الفرس يتخذون من التشيع وسيلة للتوسع القومي على حساب الشعوب العربية لنهب
ثرواتها و تجهيلها واستغلالها .

CONVERSATION

0 comments: