مطر يثقب الذكريات و يحفر القلب . الساعة الرابعة والثلث عصرا في أوتاوا .
" أتعرفين أيَّ حزن يبعث المطر ؟
وكيف يشعر الوحيد فيه بالضياع "
لقد أمطرت حتما قبل أن أُولّد ، وأمطرت على أمي وهي حامل بي ، في طفولتي نزل المطر الحقيقي على عيوني .
المطر البعيد يحمل رائحة الإنكسار في هذا الركن البعيد من العالم . تعال واجلس معي ، واشرب الكابوتچينو في هذا المقهى الهاديء . نعم أنا بخير أيها المطر ، وأنت كيف حالك يا صديقي ؟ . رائحتك مفعمة بالحياة والبروق .
لقد أنجبتُ فتاة في عيونها مطر كثير . وجهها مكسور ، وملامحها مبتعدة كغروب قمر شاحب . شاعرة يا للحزن يا صديقي المطر .
تعال واشرب من كأسي ، ماؤك و ذكرياتي أيها المطر يا معطف الحضارات .
عندما تعمل بمحطة وقود ، في الليل ، وترى الرجال الوحيدين الذين تجاوزوا الخمسين ، وهم يشترون الواقي الجنسي Condom بثلاثة دولارات .
وربما يشترون الجنس بثلاثين دولارا من مدمنة مخدرات و مومس . ربما تشعر بالخوف من مصيرك كإنسان غريب . ربما تعتذر لزوجتك حين تعود إلى البيت .
ربما تخاف على بناتك ، و تتحسس قلبك وهو يتلفت من الخوف ، وأنت تسحب الغطاء على أطفالك .
هؤلاء الذين يشترون الحب بعد منتصف الليل في كندا يثيرون الرعب حقاً .
مع هذا على الإنسان الحر أن يكون شجاعا ، و أن يواجه الحياة بمفرده . لا يخشى جثث القتلى في هذه الساحة الكبيرة ، التي هي ساحة معركة اسمها الحياة .
إنني أرفع رأسي وأرفض القطيع المتضامن ، والعائلة ، والحماية الدينية ، والعزاء .
أرفع رأسي بشجاعة رجل وحيد لا يمتلكها الفاتحون ، ولا يمتلكها الفرسان الصليبيون .
الى الأمام أيتها الأيام
إن الإنسان مجرد شجاعة و حرية ، هذا هو المهم في النهاية . المعارك العظيمة ليست تلك الحماقات التي ارتكبتها الجيوش بشكل جماعي ، وإنما هي تلك التي خاضها إنسان واحد بمفرده .
معركة سقراط ، و ابن خلدون ، و المتنبي ، و غاليلو ، و سبينوزا ، و نيتشه ، و ماركس
أنا في الحقيقة معلم ، وأبحث عن تلاميذي
خصوصا بعد أن هجرتني نسائي و بناتي
أن نكتب معناه أن نتوقف عن الحياة . هذه قضية يصعب تفسيرها . لكن الشعب الذي لا يستطيع حماية هؤلاء الهامشيين من الضياع ينتهي إلى النسيان .
الكتاب هم ذاكرة الشعب ، و معنى وجوده ، والتفسير المقنع لبقائه
حين أنظر إلى حياتي كلها ، ليس فيها شيء خاص ، ولا حتى أية حكاية مهمة .
النصوص ، نعم النصوص النادرة ، هي أهم حدث في حياة الكاتب .
إنك تفارق الحياة ، لا تريد شيئا لنفسك ، فكل شيء للكتابة . غير أن ما يؤلمك حقاً ، هؤلاء
الذين شاركوك تلك الولادة العسيرة لإنسان حقيقي كان مطمورا في بقاياك .
الذين أطعموك ، و حملوك إلى الطبيب ، و سكبوا على رأسك الماء في ليالي الهلوسة ، و أغلقوا خلفك باب الحمام لكي لا يسمعك الأطفال وأنت تحدث نفسك .
ابنتك التي أمسكت بردائك و لم تكن تعلم بأنك تتعلم معنى الأبوة . حبيبتك التي تركت عطورها على فراشك ، لم تكن تعلم بأنك تتهجاها في كتابك .
لا تتألم لنفسك حين تفارق ، بل لأجل الآخرين الذين يتمسكون بك .
لابد أن تفارق باستمرار حتى يأتي الفراق العظيم ، وتتحول إلى ريح مسافرة على شاطيء نهر ، أو سفح جبل .
نعم هذه نكهة الأعالي والمرتفعات في كلماتي ، بسبب أسلافي البدو المحاربين . غير أنني لا أشبه أسلافي ، فقد أذلَّتني الحياة و ألقت بوجهي إلى الأرض .
بمرور الوقت آمنت بأسلافي وأصبحتُ عقيدة صامتة ، و مؤثرة .
ضع في يدك حفنة نقود ...، عشرة آلاف دولارا .... عشرين .... خمسين ألفا ... تحسس هذا المبلغ ، حاول أن تعده ورقة بعد ورقة ، جرّب أن تشمّ النقود ، تحسس ثقلها بين يديك .
إذا شعرت باغتراب عن هذا المال ، وبأنك في الحقيقة لا تعرف ما تفعل بكل هذه الأوراق . فاعلم بأن مملكتك ليست من هذا العالم .
الفقر وطن جذاب نشتاق إليه ، ونرتكب أفظع الحماقات لنعود إليه .
هناك أشياء لا يمكن أن أموت قبل أن أحدثكم عنها . من الغريب أن هناك شعراء يكتبون كلاما لا معنى له .
إن الوقت لا يتسع لقول الأشياء العظيمة ذات المعنى الكبير ، فكيف يضيعونه بكتابة أشياء بلا معنى ، يا للجهلة والسخافة .
لعلي آخر المحاربين المأساويين في العراق . عندي روح فارس عربي ، لكن قلبي يرتعد من الخوف ، لأن في دمي أيضاً ذلك العبد المغني الذي اشتراه المأمون في طريقه من خراسان إلى بغداد .
" أتعرفين أيَّ حزن يبعث المطر ؟
وكيف يشعر الوحيد فيه بالضياع "
لقد أمطرت حتما قبل أن أُولّد ، وأمطرت على أمي وهي حامل بي ، في طفولتي نزل المطر الحقيقي على عيوني .
المطر البعيد يحمل رائحة الإنكسار في هذا الركن البعيد من العالم . تعال واجلس معي ، واشرب الكابوتچينو في هذا المقهى الهاديء . نعم أنا بخير أيها المطر ، وأنت كيف حالك يا صديقي ؟ . رائحتك مفعمة بالحياة والبروق .
لقد أنجبتُ فتاة في عيونها مطر كثير . وجهها مكسور ، وملامحها مبتعدة كغروب قمر شاحب . شاعرة يا للحزن يا صديقي المطر .
تعال واشرب من كأسي ، ماؤك و ذكرياتي أيها المطر يا معطف الحضارات .
عندما تعمل بمحطة وقود ، في الليل ، وترى الرجال الوحيدين الذين تجاوزوا الخمسين ، وهم يشترون الواقي الجنسي Condom بثلاثة دولارات .
وربما يشترون الجنس بثلاثين دولارا من مدمنة مخدرات و مومس . ربما تشعر بالخوف من مصيرك كإنسان غريب . ربما تعتذر لزوجتك حين تعود إلى البيت .
ربما تخاف على بناتك ، و تتحسس قلبك وهو يتلفت من الخوف ، وأنت تسحب الغطاء على أطفالك .
هؤلاء الذين يشترون الحب بعد منتصف الليل في كندا يثيرون الرعب حقاً .
مع هذا على الإنسان الحر أن يكون شجاعا ، و أن يواجه الحياة بمفرده . لا يخشى جثث القتلى في هذه الساحة الكبيرة ، التي هي ساحة معركة اسمها الحياة .
إنني أرفع رأسي وأرفض القطيع المتضامن ، والعائلة ، والحماية الدينية ، والعزاء .
أرفع رأسي بشجاعة رجل وحيد لا يمتلكها الفاتحون ، ولا يمتلكها الفرسان الصليبيون .
الى الأمام أيتها الأيام
إن الإنسان مجرد شجاعة و حرية ، هذا هو المهم في النهاية . المعارك العظيمة ليست تلك الحماقات التي ارتكبتها الجيوش بشكل جماعي ، وإنما هي تلك التي خاضها إنسان واحد بمفرده .
معركة سقراط ، و ابن خلدون ، و المتنبي ، و غاليلو ، و سبينوزا ، و نيتشه ، و ماركس
أنا في الحقيقة معلم ، وأبحث عن تلاميذي
خصوصا بعد أن هجرتني نسائي و بناتي
أن نكتب معناه أن نتوقف عن الحياة . هذه قضية يصعب تفسيرها . لكن الشعب الذي لا يستطيع حماية هؤلاء الهامشيين من الضياع ينتهي إلى النسيان .
الكتاب هم ذاكرة الشعب ، و معنى وجوده ، والتفسير المقنع لبقائه
حين أنظر إلى حياتي كلها ، ليس فيها شيء خاص ، ولا حتى أية حكاية مهمة .
النصوص ، نعم النصوص النادرة ، هي أهم حدث في حياة الكاتب .
إنك تفارق الحياة ، لا تريد شيئا لنفسك ، فكل شيء للكتابة . غير أن ما يؤلمك حقاً ، هؤلاء
الذين شاركوك تلك الولادة العسيرة لإنسان حقيقي كان مطمورا في بقاياك .
الذين أطعموك ، و حملوك إلى الطبيب ، و سكبوا على رأسك الماء في ليالي الهلوسة ، و أغلقوا خلفك باب الحمام لكي لا يسمعك الأطفال وأنت تحدث نفسك .
ابنتك التي أمسكت بردائك و لم تكن تعلم بأنك تتعلم معنى الأبوة . حبيبتك التي تركت عطورها على فراشك ، لم تكن تعلم بأنك تتهجاها في كتابك .
لا تتألم لنفسك حين تفارق ، بل لأجل الآخرين الذين يتمسكون بك .
لابد أن تفارق باستمرار حتى يأتي الفراق العظيم ، وتتحول إلى ريح مسافرة على شاطيء نهر ، أو سفح جبل .
نعم هذه نكهة الأعالي والمرتفعات في كلماتي ، بسبب أسلافي البدو المحاربين . غير أنني لا أشبه أسلافي ، فقد أذلَّتني الحياة و ألقت بوجهي إلى الأرض .
بمرور الوقت آمنت بأسلافي وأصبحتُ عقيدة صامتة ، و مؤثرة .
ضع في يدك حفنة نقود ...، عشرة آلاف دولارا .... عشرين .... خمسين ألفا ... تحسس هذا المبلغ ، حاول أن تعده ورقة بعد ورقة ، جرّب أن تشمّ النقود ، تحسس ثقلها بين يديك .
إذا شعرت باغتراب عن هذا المال ، وبأنك في الحقيقة لا تعرف ما تفعل بكل هذه الأوراق . فاعلم بأن مملكتك ليست من هذا العالم .
الفقر وطن جذاب نشتاق إليه ، ونرتكب أفظع الحماقات لنعود إليه .
هناك أشياء لا يمكن أن أموت قبل أن أحدثكم عنها . من الغريب أن هناك شعراء يكتبون كلاما لا معنى له .
إن الوقت لا يتسع لقول الأشياء العظيمة ذات المعنى الكبير ، فكيف يضيعونه بكتابة أشياء بلا معنى ، يا للجهلة والسخافة .
لعلي آخر المحاربين المأساويين في العراق . عندي روح فارس عربي ، لكن قلبي يرتعد من الخوف ، لأن في دمي أيضاً ذلك العبد المغني الذي اشتراه المأمون في طريقه من خراسان إلى بغداد .
0 comments:
إرسال تعليق