اللقاء الذي يجمع بين رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس والرئيس
الأمريكي براك اوباما في واشنطن ، لا يختلف كثيراً عن لقاءات سابقة ولا يحمل
جديداً . فاوباما يحاول جاهداً الضغط على عباس والسلطة الوطنية الفلسطينية تمديد
جولة المفاوضات مع الإسرائيليين وقبول اتفاق الإطار الذي يجري الحديث عنه ، الذي في
صلبه وأساسه الاعتراف بـ "يهودية الدولة" .
إننا ندرك جيداً أن أمريكا لم تكن يوماً محايدة ، وطوال الوقت كانت
منحازة إلى جانب السياسات الإسرائيلية العدوانية قولاً وفعلاً ، ولذلك فأنها ليست
ولن تكون يوماً راعياً نزيهاً للمفاوضات ، وطوال سنوات التفاوض الماضية فشلت
وأخفقت في تحقيق أي تقدم في العملية السياسية السلمية .
إن أسباب فشل المسار التفاوضي هو غياب أفق الحل مع الحكومة
الإسرائيلية ، وانحياز الإدارة الأمريكية المطلق للرؤية الإسرائيلية وتبني الموقف
الإسرائيلي بشكل متطابق ، علاوة على رفض حكومات إسرائيل المتعاقبة احترام حقوق
الشعب الفلسطيني ، وتمسكها بنهجها العدواني العنجهي المتغطرس وبلاءاتها المعروفة .
ولا شك أن القيادة الفلسطينية أصبحت تدرك أكثر من أي وقت أن هذه
المفاوضات عبثية ولا فائدة ترتجى منها سوى إطالة عمر الاحتلال وتخليده ، وتعطي
المؤسسة الإسرائيلية الحاكمة مزيداً من الوقت للمضي قدماً في بناء وتوسيع
الاستيطان في الأراضي الفلسطينية وشرقي القدس .
ما تطرحه أمريكا من خطة إطار يمس الحقوق الوطنية الفلسطينية ، وبمثابة
تقويض لدعائم وأسس وثوابت الحق الفلسطيني ، وتنسف كل قرارات الشرعية الدولية
والأمم المتحدة بحق الفلسطينيين إقامة دولتهم ذات السيادة في حدود العام 1967
وعاصمتها القدس الشرقية ، وحق العودة للاجئين . وعليه لا يمكن لأي قيادي في السلطة
الفلسطينية القبول بها والتنازل عن أي من
المرتكزات والثوابت الفلسطينية ، التي لا تقبل المساومة والمجازفة .
المطلوب من عباس والقيادة الفلسطينية الانسحاب فوراً من المفاوضات
الحالية ، ورفض خطة الإطار التي وضع أسسها كيري ، بسبب الضرر الذي ستلحقه بالمشروع
الوطني الفلسطيني ، والتمسك بالخيار السياسي الوحيد وهو التوجه للمؤسسات الدولية
والأمم المتحدة لتنفيذ قراراتها بخصوص المسألة الفلسطينية . ومن الضروري والحاجة
الماسة في هذه المرحلة الصعبة والحالكة استكمال جهود المصالحة الوطنية الفلسطينية
وتعزيز اللحمة بين جميع قوى وفصائل الشعب الفلسطيني ، وبناء إستراتيجية وطنية
فلسطينية موحدة وواضحة المعالم ، وفق برنامج سياسي نضالي ووطني يضمن الحق
الفلسطيني المشروع ، وإنهاء الاحتلال الجاثم على صدور أبناء شعبنا في الضفة
والقطاع .
0 comments:
إرسال تعليق