محاولة إغتيال قانونية...الجزء الحادي عشر/ فراس الور

خارجي :
الأردن – منزل الرجل، 

داخلي :
في هذا المشهد يكون الرجل جالس في بيته، يكتب ما يخالج وجدانه من أفكار، 

أشعر أننا نعيش داخل سيناريو كبير يكتب حلقاته القدر، يتحرك بكل جبروت ليكتب مشاهده المختلفة لنعيش ما يحيكه لنا من احداث تارة تكون فرحة و تارة تكون حزينة و مؤلمة، هل نحن فريسة قلم هذا القدر المكار؟ أم أنه شماعة نعلق عليه ثمار أخطائنا و نتائج ما تقترفه ايادينا...نفكر و نقرر و نفعل و إذا أتت الرياح بما لا تشتهيه السفن نقول أنه القدر...قد حل بلياليه الحالكة على حيانتا فلم نحصد ما كنا نتمناه من حظ و نصيب...

نحن مساكين جدا فلسنا آله نخلق الحظ و الحياة التي نريدها...فنخضع لقوانين كثيرة بهذه الحياة و نتفاعل مع معطيات كثيرة بدنيتنا...فأول ما يفرضه علينا قدرنا هو أهلنا...ديانتنا...بيئتنا و أسرتنا و ذوينا المقربون، يقول بنا المجتمع المتحضر بأننا في البلاد العربية مجتمع بدائي...حينما ننولد ندخل تلقائيا بنظامنا الإجتماعي العشائري و تُكْتَبْ لنا ديانتنا...نَكْبُرْ و نتبنى العادات و التقاليد التي يؤمنوا بها أهلنا، ننساق للعيش كما تعيش عشيرتنا و القرية أو المجتمع التي ننتمى اليه بصرف النظر عن قرارنا الفردي و ارادتنا الحرة...ألعلنا مساكين بسبب هذا القدر...لتنعكس الآية قلبا و قالبا في أمريكا و أوروبا حيث المجتمع منفتح جدا و الديانة شيئ خاص بالفرد لا تُفْرَضْ على المجتمع و العادات و التقاليد غير موجودة إذ تلك البلاد بلاد الحرية فلا يَفْرِضْ عليك المجتمع شيئ لا تريده...تعيش بحرية و تتنفس بحرية و تحب بحرية بصرف النظر عن ديانة الذي تحب و تقرر بحرية و بإرادتك لذلك انت مسؤل عن كل افعالك...فلذلك تقع عليك دينونة الخالق إذ يتعملق العقل المفكر و الإرادة الحرة هنا...لدرجة أنك تلمس ما لمسه الله حينما فكر و قرر أن يخلق الكون و الكواكب و الأرض بحرية مطلقة...الحرية...نعم أنا حر فحينها أقهر القدر...و لكن بعالمنا العربي نحن فريسته...لا غير...فالمسالة مسألة اين تعيش...

نحن نستطيع أن نلمس الحرية التي يتمتع بها الخالق إذ بلغت الإرادة الحرة و امكانيات العقل المفكر ذروتها، فليس هنالك عقل مفكر من دون ارادة حرة و ليس هنالك ارادة حرة من دون عقل مفكر...تؤمان يعيشان في داخل النفس الحية...مثلث مغروز في داخلنا لكي نحيا و نلمس ما أعظم الله و عطاياه بحياتنا...فهذه أحسن صفات الله و قد وهبنا اياها لا لكي نعيش كالآلهة لأننا لسنا كذكلك...و لكن لكي نلمس جزء من وجوده الرباني بحياتنا لكي ندركه عن طريقها...فإذا أدركناه عن طريقها نستطيع أن نقتنع أنه موجود...و إذ اقتنعنا أنه موجود بلغنا قمة الحقائق الفكرية...الله...و لن ينزع منا أحد هذه الحقيقة...بل هذه القناعة الإلهية...

لهذه الاسباب قررت ابنة وكيل الظلم مقاومة والدها و ليكون لها تحربتها الذاتية مع قراراتها...لكي تعرف ما معنى كلمة حرية...أن تخرج من حضن المجتمع التقليدية البدائي الى مراحل أنضج بالحريات الفردية و الفكرية...فالفنون هيا هبات من عند الله و الذي يتمتع بها يشعر بقيمتها في حياته...فها هو وكيل الظلم يجلس بمفرده على شاطئ بحر من شواطئ الإسكندرية يحاكي ذاته من الألم و ثقل الهموم...

خارجي :
ساحِلْ مِنْ سواحِلْ الإسْكِنْدرية، 

و يكون الوكيل بهذا المَشْهَد جالِسْ على مَقْعَد عام على رصيف بِقُرْب شاطئ البَحْر، و يكون مَوْج البَحْر هائِجْ مِنْ رياح العاصِفَة التي تُلْقي بأمْطَارِها على الأرض مِنْ حين لآخر، فَتُجْبِر هَذِهِ العاصِفَة الناس على الإتِجَاه لِلْبِنايات و المَحَلات التُجارية في الشارع، أما الوكيل فَيَكون على نَقيضْ تام بِحَالَة هُدوء بِعَكْس الطَبيعَة مِنْ حَوْلِهِ  و يكون بِتَفْكير عَميق حَوْل مُجريات يَوْمِهْ الحافِلْ، و نَرى مِنْ وَقْت لآخَر السَماء تَبْرِق و تُرْعِد و امْطَار حَمْراء تَتَساقَط مِنْ حَوْلِه و لَكِنْ لِيَبْقى الوكيل بِغَيْبوبَة عَنْ الذي حَوْلَهُ مِنْ كَثْرَة التَفْكير العَميق، فَيُفَكِر تارة في هَذِهِ الأثْنَاء بالحِوار الساخِنْ الذي حَدَثَ بَيْنُه و بَيْن زَوْجَتُه و شَقيقها، و تارة بِبِنْتِهْ التي سَجًلَتْ بما يراه عار عَلَيْه و على عَقيدَتَهُ الدينية الذي يُغالي بها...

الوكيل : ايههه يا زَمَنْ يا دوار، هَكَذا يا دَوْلَتْ؟ بَعْد كُلْ هذا العُمْر مِنْ الزواج تَضَعيني كالمَريض على سرير فَحْص الدُكْتور و تَسْتَجْوبيني عَنْ ماذا اصَابَني؟ بَعْد عِقْدَيْن مِنْ الزواج و بَعْدَ انْ وَهَبَنا الله ابْنَة جَميلَة و رائِعَة تَرَبًتْ على ايْدينا و بَعْدَ هَذِهِ العِشْرَة...هَكَذا تَحِلٍ مَشَاكِلَنا؟ لَطالَما كُنْتِ في زواجِنَا طائِعَة و مُحِبَة لي، تَفْهَمي ما هُوَ وَجَعي حتى مِنْ قَبْلِ ما اقولُه لكِ...مِنْ نَظْرَة عَيْناي كُنْتِ تَفْهمي ما هي عِلًتي، مِنْ صَوْتي إذا كان مُتْعَبْ، كُنْتِ تَهُمِ لِمُداواة وَجَعي بِحُبًكِ و حَنانَكِ، لَطالَما كان حُبَكِ لي بَلْسَم يُداويني بِلُطْف و حُبْ كَبير، و صَدْرُكِ مأوى لي حينَما اكون مُتْعَبْ و مُنْهَك القُوَة، كُنْتِ زمان مُطيعَة لي أكْثَر مِنْ هَذِهِ الأوْقَات، كُنْتِ خَيْر سَنَدْ لي في هَذِهِ الحَياة، كُنْتِ شَريكَةْ حياتي بِكُلْ مَعْنى الكَلِمَة، اطْبَاعَنا مُنْسَجِمَة مَعْ بَعْض جداً و ارائِنَا مُتًفِقَة بِكُلْ امور زواجَنا مَعْ بَعْض، كان الناس يَحْسِدونا على انْسِجَامَنا هذا...بل كُنَا كَشَريكي حَياة مَثَل حي لِلْتَفاهُمْ بَيْنَ اصْدِقائَنا، قُوتَنَا نَتَشَارَكَهُ بِهَناء و طُمَئْنينا و اوْقاتَنَا سَعيدَة جداً لِدَرَجَةْ انًهُ حينَما كُنَا نَخْتَلِفْ على شَيْئ كُنَا نَسْتَغْرِب كَثيراً و خِصامَنا لا يَطول اكْثَر مِنْ عِدَةِ ساعات، بل كُنْتُ في بَعْضِ الأوقات اتَنازَل و اُصالِحَكِ بِكُلْ حُبْ و مَحَبًة مَهْمَا كان سَبَبْ حُزْنُكْ مني، كُنْتِ كُلْ شَيْئ جَميل و حُلوْ بِحَياتي...ياه كَمْ كُنْتِ مُتَعَلِقَة بي مَثْل الطِفْلَة التي تَتَعَلًقْ بِحُبْ ابيها...حتى كُنْتِ تَعْتَمِدي عَليً بِنَصائحي قَبْل انْ تَأْخُذي الكَثير مِنْ القرارات التي تَهُمُكِ، حتى لِدَرَجَةْ انًكِ في بَعْضِ الأحْيَان كُنْتِ تَسْأليني رأيٍ بالأثواب التي تَرْتَديها لِلْحَفَلات التي كُنَا نَذْهَب اليها، و فَجْأة يَتَغَيًرْ كُلُ شَيْئ...بأَقَل مِنْ سَنَة مِنْ وَقْت ما دَخَلْتِ هذا الحِزْب الغريب، فَتَبَدًلَتْ شَخْصِيَتُكِ معي...اصْبَحْتي...اصْبَحْتي مُسْتَقِلَة أكْثَر...

يَنْظُر الى السَماء و تَدْمَع عَيْنَيْه و بَعْض مِنْ القَطَرات الحُمْر تَنْهَمِر مِنْ غُيومِ السَماء على وَجْهِهِ و ثِيابِهِ، يُكْمِل و نَظَرات الحُزْن تَمْلئ تعابير وَجْهه،

الوكيل : اصْبَحْتي بَعيدَة عني كثيراً، اصْبَحْتي مُسْتَقِلَة بِكُل شَيْئ...تَلْبَسي ما تُريدين...تُفَكِري كَيْف ما تُريدين...تَفْعَلي ما تُريدين بِصَرْفِ النَظَرْ إذا اُشارِكُكِ الرأي ام لا...نَضَجْتي كثيراً لِدَرَجَةْ انً ارائـنا ابْتَعَدَتْ عَنْ بَعْض بِصورَة كَبيرَة جداً...بَلْ كَوًنْتِ مُعْتَقَدات كَثيرَة مُسْتَقِلَة عَنْ وِجْهَةْ نَظَري لِدَرَجَةْ انًكِ تَحَوًلْتِ لِناقِضَة لي...تُراقِبني بِكُلِ شَيْئ و تَرْصُدِ كُلً كَلِمَة اقولُها...اعْطاكِ الحِزْب خِبْرَة ذاتِيَة و فُرْصَة لِتُكَوِني ثَقافَتُكِ المُسْتَقِلَة بِحَيْث زَرَعَ بَيْنَنا فراغ كَبير غَذًتْهُ الثَوْرَة و احْداثُها...اشْعُر بِبَعْض الأحْيَان انً اسْتِقْلالِيَتُكِ توحي الي انًكِ ما عُدْتِ بِحاجَتي،

يَنْهَض مِنْ مَكانِه و يَسير على الشاطئ و الدَمْعُ بِعَيْنَيْه، يُكْمِل و هُوَ يُفَكِر بِذاتِهْ،

الوكيل : صَعْب علي ان اتَقَبًلْ نُضوجَكِ و اسْتِقْلالِيَتُكِ عني لِهَذِهِ الدَرَجَة يا دَوْلَتْ، صَعْب...صَعْب انْ اتَقَبًل مُعارَضَتُكِ لي الى هذا الحَدْ، صَعْب جداً، و حَتى ان هاجَمْتُ بَعْض مِنْ الفنانين فَهُم فاسِدون بِنَظَري، يَعْلَموا انً الدين لا يُعْطيهِم الحُريات التي يَسْتَثْمِروها بأفلامِهِم فِلَماذا يَكْسِروا شريعة الله و يَشْتَرِكوا بأعْمَال بها هَذِهِ الجُرْأة؟ حقي ان اعْتَرِضَ على ما يُقَدِموه فَهُوَ ضَدْ شَريعَة دينِنا، و لَكِن مُرافَعَة الرَجُل بالمَحْكَمَة و كلامُكِ يا دَوْلَت و نَحْنُ نَتَشاجَر ايْقَظَة شَيْئ بداخلي، كَلامكِ...رُبَما هذا ما يَقْهَرُني يا دَوْلَت...كَلامُكِ الذي يُحاوِل ان يوقِظْ شَيْئ مَدْفون في داخل ضَميري لا اعْرِف ما هُوَ بالضَبْط، و ابْنَتي التي كَسَرَت كلامي و سَجًلَتْ بالدراما، ابنتي التي تَنْشُر صُوَر الفنانات في كُلْ مكان في غُرْفَتِها، مَنْ المَسْؤل عَنْ هذا و انتِ تَعْلمي يا دَوْلَت كَمْ سُلوك هذا القَوْم يُثير غَضَبي؟ مَنْ المَسْؤل عَنْ تَعَلُقْ ابْنَتي بالفُنون و حُلُمي كانَتْ ان تَدْرُس الشَريعَة بالجامِعَة، يا لَيْتَها لَوْ تَضَع صُوَر لِفَنانات يَلْتَزِمْنَ بالفُنون الإسْلامِيَة لكانَتْ صَدْمَتي اخَفْ بِكَثير، و لَكِنًها تَضَع صُوَر...سافلات الفَنْ و الذين هُمْ اعْداء حِزْبي لِيَوْم الدين...تَضَعْ صُوَر مَنْ دَنًسَ سُمْعَة مِصْر فَنياً...أخْ يا إلهي كَمْ هَذِهِ صَفْعَة مِنْ الزَمَنْ لَنْ انْسَاها...و لَمْ يَكْتَفي الزَمَنْ بما فَعَلَهُ لي بإمْراتي و ابْنَتي فَذَهَبَتْ ابْنَتي الى بَيْتِ خالها بَدَلاً مِنْ انْ تَعْتَذِر مني و تُصْلِح خَطَأَها

يَنْهَضْ بِتَصْميم و فَجْاَة يَتَنَبًهْ الى المَطَر الأحْمَر المُنْهَمِر عَلَيْه فَيَسْأل ذاتَهُ،

الوكيل بِنَبْرَة مَصْدومَة : ماذا يَجْري بِهَذِهِ الدُنْيَا؟

يَنْطُر الى السَماء و يَصْرُخ : مَطَر احْمَر؟ 

يَسير بِفَزَعْ الى الشارِعْ الرَئيسي الذي رَكَنَ بِهِ سَيارَتِه، يَصِلْ اليها و يَلْتَفِت حَوْلَهُ لِيَرى الناس تَهُمَ بالهَرَب مِنْ الشارع مِنْ المَطَر الغَريب، يُخْرِج هاتِفَهُ النَقَال و يَتًصِلْ بالنِيَابَة مَكان عَمَلِهِ فَيَرُد عَلَيْه مُعاوِنَهُ، 

المُعاون : نَعَم سيدي، 

الوكيل : ما قِصًةْ المَطَر الأحْمَر الذي يَنْهَمِر مِنْ السَمَاء؟

المُعاوِن : لا اعْلَم سَيدي و لَكِن وَرَدَتْ اقْسَام الشُرْطَة الكَثير مِنْ الشَكاوي بِسَبَب هَذِهِ الأمْطَار، 

الوكيل : هَلْ تَتَصِل بدائِرَةِ الأرْصَاد الجَوِيَة؟

المهاون : فَعَلْت، و اجْهِزَتَهُم تَرْصُد امْطَار و غُيوم عادِيَة و نوء قوي جداً...اجواء عاصِفَة عادِيَة، 

الوكيل : لَحْظَة مِنْ فَضْلِك، 

يَمْسَح قليلا مِنْ المَطَر عَنْ يَدُه و يَفْرِك القَطْرَة بَيْن يَديه، فَيَقول لِلْمُعاوِن، 

الوكيل : هَلْ تَعْلَم ان مَلْمَس المَطَر و كأَنًهُ دِمَاء؟

المعاون بِنَبْرَة مَصْدومَة : لا إله إلا الله يا حَضْرَت الوَكيل، هَلْ انْتَ مُتَأكِدْ؟

الوكيل : مُتَأكِدْ لِدَرَجَة انني اريد مِنْك انْ تَلْتَقِطَ عَيٍنَة مِنْ هَذِهِ الدَماء و تُرْسِلْها الى مَعْمَل طبي حالا، اريد تَحْليلاً لِهَذِهِ الأمْطَار الحَمْراء،

المعاون : حاضِرْ سيدي

يُغْلِق السَماعَة و يَنْظُر الى البَحْر بِصَدْمَة بالِغَة، يَصْعَد فَوْقَ غُرْفَةِ مُحَرِك السَيَارَة ثُمَ الى فَوْق سَطْحِ السَيارَة بِدَهْشَة، و يَتَأَمًل سَطْح البَحْر الذي تَبَدًلَ لَوْنُه مِنْ الأزْرَق الى الأحْمَر...يتبع 


CONVERSATION

0 comments: