سـدني
القِـيَـم مبادىءٌ لم يسنها القانون ولكـنها قانون سَــنــَّـتــْه المبادىء ، إنها أعـراف نبعـتْ من طبـيعة الإنسان الخـَـلـْـقـية ، تبلـورتْ في خـلجاته وإسـتـقـرّتْ في ذهـنيته فـصارت جـزءاً من تكـوينه تـناقـلها الجـد إلى أبنه ومنه إلى حـفـيـده ولأجـيال ممـتـدّة في عـمق تأريخه دونما حاجة إلى أن تصطبغ بها جـيناته . إنه إنسان إبن أمه نمى أبـيضاً في أحـشائها الـنـقـية وليس داخـل قـذارة محـفـظة نـقـود جـلـدية ، تربّى بريئاً في أحـضانها الطاهـرة المرئية وليس داخـل عالم نـفايات الإجـتـماعات المخـفـية ، إنه إنسان تعـلـَّـمَ القـيَم قـبل أن يعـرف الحـرف والقـلم . تـرى ! ماذا حـدث لمن يقـف أمام مرآة مقـعـرة فـيرى صورته المكـبَّـرة الخادعة بألوان نادرة ! يحـمل أبواقاً نحاسية يسـكـت طـنينها حـين تهـبَّ رياح من جـبال عالية ، نراه لا يهـتـف إلاّ بأجـور مدفـوعة نـقـدية ، ماذا نـقـول للحـرباء حـين تمطر عـليها السماء سـلوىً ورَقـية فـتـتـلـوَّن جارفة تلك المبادىء السامية إلى شـقـوق الأرض المرويّة عـنـدئـذ تـكـشف عـورتها وتـتهافـت عـلى الفـتات الراسبة عـنـد حافات غـرينية .
رحـم الله جـدتي التي لم تـكـن تعـرف من الحـياة شيئاً سـوى مخافة الله من خلال صلاتها الوردية ، ضعـيفة البُـنية لكـنها أبيّة ، لم تـدرس الرياضيات ولكـنها تجـيـد العـمليات الحـسابـية ، تحـتـرم كـلمتها الثمينة دون أن تـذل من نـفـسها ولا تحـط من قـيمتها أمام أصحاب العـروش الزمنية ، كانت صاحـبة قـيم ومبادىء لا تـزيغ عـنها من أجـل حـفـنة دراهـم معـدنية ، وسـؤالـنا الـيوم : ألم تـتـرك جـدّتي بعـضاً من تـرسّـبات ثـقافـتها الأمّـية عـلى بعـض من إعلاميّـينا الذين يعـظمون أنـفـسهم داخـل قِـربة من ثـقافـتـهم الهـوائية ؟ نـقـول لهم : إذا كانت قـيادتي لمركـبتي تــُغـضِب شـرطي المرور ، دعه هـو يحاسـبني ولا تستـرخـص كـرامتـك أداة بـيـده فـتـكـون عـبـداً له ، مثـلما قال الفـيلسـوف ﭙـْـيـيـر تيلار دي شاردن : إذا كان منهجي في الحـياة يُـغـضب الله ، دعه هـو ينـبِّهني وليس أنت ! ولكـن الـطـُـعـمَ مغـري يا ولـد ، والمجـد لله دائماً .
0 comments:
إرسال تعليق