
يلعب مؤشر الزيادة السنوية لأعداد الفلسطينيين في الداخل الفلسطيني المحتل دوراً بارزاً في العملية السياسية وخطورة القنبلة الديموغرافية على الوجود الصهيوني داخل فلسطين، ولا شك يشرف على هذه المؤشرات ونموها وتطورها أهم مراكز الأبحاث والدراسات السياسية والإستراتيجية داخل الكيان المحتل والمراكز الغربية المتحالفة، حيث تزود تلك المراكز صانع القرار الإسرائيلي بأهم وأبرز النتائج، ويعود السبب إلى الفوبيا السياسية التي تسيطر على الكيان الإسرائيلي، فهذا يتعارض مع رؤية المشروع الصهيوني بتفريغ فلسطين من سكانها الأصليين تمهيداً للإعتراف بـ "إسرائيل" دولة يهودية لا وجود فيها لغير اليهود.
تنفيذ مخططات الطرد والترحيل للشعب الفلسطيني والتي يعمل عليها الكيان منذ ما يقارب القرن من الزمان لاستجلاب اليهود من مختلف دول العالم للعيش في فلسطين كمشروع إحلالي قد فشلت. بدأ هذا المشروع مع المؤتمر الصهيوني الشهير الذي عقد في مدينة بازل في سويسرا عام 1897 الذي قرر أن تكون فلسطين وطناً لليهود.. وجاء الإنتداب البريطاني على فلسطين واستمر لمدة 30 سنة ليشكل عاملاً رئيسياً ومساعداً في تنفيذ رؤية المؤتمر الصهيوني واعتماد خطط الطرد والإبعاد، فمن مدينتيْ حيفا ويافا وحدها تم تهجير حوالي 130 ألف فلسطيني قبل قيام دولة الكيان الغاصب في العام 1948.
تلجأ سلطات الإحتلال إلى وسائل مختلفة لإجبار الفلسطينيين على الرحيل أو التخفيض من أعدادهم سواء من خلال سن قوانين مثلاً تدعو إلى عدم لمّْ الشمل الفلسطيني، فلا يُسمح للفلسطيني من أراضي 48 بضم زوجته إليه إن كانت من الضفة الغربية أو قطاع غزة، أو معاملة الفلسطينيين في الداخل الفلسطيني المحتل كمواطنين من الدرجة الثانية، أو إجبارهم على تغيير مكان إقامتهم، والقسم بيهودية الدولة لمن يحمل الهوية اليهودية وغيرها..
حسب تقديرات الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني فإن عدد الفلسطينيين في فلسطين الإنتدابية سيتساوى مع عدد اليهود في نهاية العام 2016؛ وستصبح نسبة السكان اليهود حوالي 48.9% من السكان بحلول نهاية عام 2020، حيث سيصل عددهم إلى نحو 6.9 مليون يهودي؛ مقابل 7.2 مليون فلسطيني.
في كل سنة يثبت الإحصاء الفلسطيني فشل التطهير العرقي الذي يشرف عليه وينفذه المشروع الصهيوني، وكذلك يفشل بالتخلص من فلسطينيي الـ 48 أو السعي لأسرلتهم وسلخهم عن الكتلة البشرية الفلسطينية في فلسطين والعالم أو تذويبهم في المجتمع اليهودي، وكذلك يفشل في سعيه الحثيث لدعم مشاريع تدعو لذوبان اللاجئ الفلسطيني في مناطق عمليات "الأونروا" أو الشتات كمقدمة لشطب حق العودة، ومع كل إحصاء جديد يرتفع مؤشر الخوف والقلق لدى الإحتلال، فهو يدرك أهمية الحرب الديموغرافية مع الفلسطينيين في السياق الإستراتيجي الوجودي للصراع، ومع رجاحة كفّة الوجود السكاني للفلسطيني هذا العام لصالح الداخل ولأول مرة، تبرز الحاجة للإستخدام النوعي لهذا الثِقل البشري لرحيل المغتصب كجزء غريب غير متجانس مع المحيط..، وهذه مسؤولية - بالدرجة الأولى - جميع مكونات الشعب الفسطيني الرسمي والشعبي..!
كاتب وباحث في الشأن الفلسطيني
0 comments:
إرسال تعليق