قراءة في طبيعة الأزمات السياسية في العراق/ محمد الياسين

من مُسلمات أمور العملية  السياسية أن قادتها لم يتخطوا الأزمات ولن يتخطوها ، لاسيما وأن بعض المعنيين بشأن العملية السياسية والمقربين منها والمنخرطين فيها يصرون  دوماً على تكرار قول أن قادة العملية   " يعتاشون "على الأزمات ، وتأكيدهم على أن رئيس الوزراء الحالي نوري المالكي يُعد نموذجاً لأولئك القادة .
الملاحظ في النهج المتبع من قبل القادة الحاليين في حال إندلاع أزمة سياسية والتي غالباً تكون أبعادها خارجية أتباعهم لمبدأ تعليق الأزمات بدلاً عن تصفيرها ، كما يُفترض في بعض المسائل حفاظاً على المصلحة الوطنية ، ما يؤدي بتفجير سلسلة أزمات في آن واحد كلما مررنا بأزمة جديدة ، حل مصطلح ترحيل الآزمات محل تصفير الازمات وسياسة عبور مرحلة محل سياسة تثبيت دعائم مكتسبات المرحلة ، أصبحت قواعد أساسية في طبيعة المشهد السياسي وحالة سلوكية أعتاد عليها القادة .
بمعنى أن جوهر الأزمة الحقيقي في كل أزمة هو سلسلة أزمات تراكمية أخذت طابع الازمة الواحدة ، تعليق الأزمات عوضاً عن تصفيرها نهجاً سياسياً نهجهُ قادة الصراع  تنافساً من أجل الفوز بإدارة الأزمة كأقوياء ومواجهة الخصوم كضعفاء وفق سياسية  " مطرقة وسندان " يُلوح بها تارة ويُضرب بها تارة أخرى أن أقتضى الأمر ذلك ،" المالكي نموذجاً مع خصومه " في الامساك بملفات فساد ضدهم يلوح بها بين الحين والاخر  كأداة حسم معركة سياسية ، و بنسب متفاوتة تحتفظ  أطراف الأزمة بأدوات ضاغطه  يلوحون بها كلما إشتدت الأمور وعصفت بهم  ، مع الأخذ بعين الإعتبار بوصلة الإرادات الخارجية المؤثرة في حسم الأمور .
يتأمل بعض الساسة والمتفائلون بحل الأزمة الراهنة بمجرد إنعقاد المؤتمر الذي دعي إليه من قبل أطراف الأزمة السياسية ، عبر تفعيل بنواد إتفاقية أربيل المزعومة! ، رغم أن بعض الساسة المطلعين على مقررات إجتماع أربيل أكدوا في أكثر من مناسبة بجلسات خاصة على عدم وجود أي إتفاق حقيقي " مُوقع " بين القادة السياسيين كما روج في الاعلام  ، سوى الاتفاق في حينها على فقرتين أساسيتين ،الاولى منها الموافقة على ترأس المالكي للحكومة وإصراره على ذلك بعدم الذهاب لاربيل قبل إبلاغه بموافقة الاطراف الرئيسية على ترأسه للحكومة ، والفقرة الثانية تتعلق بتقاسم المناصب والوزارات بين الكتل السياسية .أما بخصوص الورقة المقدمة من قبل التحالف الكردستاني والمدرج فيها تسعة عشر فقرة وغيرها ، لم يتم التوقيع عليها رسميا بين القادة السياسيين . "حسبما أفادت مصادر برلمانية مطلعة بذلك".
 لذا من المتوقع أن المؤتمر المزمع عقده لن يأتي بعصا سحرية  أو يقدم مفاتيح حلول حقيقية لتذويب الازمات السياسية ، وأنما يتوقع منه تعليق للأزمة الحالية وترحيل آخر لمرحلة قادمة لا محال .

CONVERSATION

0 comments: