غيرمؤهل/ عباس علي مراد


عندما تفجرت العام الماضي قضية تجسس صحيفة نيوز اوف ذي وورد على الهواتف في بريطانيا والتي شملت اكثر من ستة آلاف شخص وذلك حسب الشرطة البريطانية والتي كان بعض افرادها موضع الاشتباه في الحصول على رشوة من الصحفيين لغض النظر او تسهيل تجاوزات اؤلئك الصحفيين بحق المواطنين.
اعتقد معظم الناس ان قطب الاعلام روبرت ميردوخ سوف يخرج من القضية الفضيحة مثل الشعرة من العجين كما يقول المثل العربي، خصوصا بعدما قدم ميردوخ اعتذارا علنياً للشعب البريطاني الذي اثارت غضبه تلك الفضية.
على الرغم من استقالة موظفين كبارمن المؤسسة الاعلامية ومن ثم اغلاقها بالرغم من انها مؤسسة تدر ارباحاً هائلة وتبلغ قيمة املاكها 250 مليون جنيه استرليني، فإن رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون قد شكل لجنة تحقيق برلمانية لبحث ملابسات وخفايا فضيحة التنصت، وقد ترأس تلك اللجنة القاضي اللورد ليفنسون، بالإضافة الى ذلك كان حزب العمال المعارض قد طالب بوضع حد لسيطرة ميردوخ على سوق الإعلام في بريطانيا ووضع قواعد جديدة لتقليص سلطته حيث تسيطر عائلة ميردوخ على 40%من الذين يحق لهم التصويت في شركة نيوز كورب الإعلامية.
لم تنته تداعيات تلك الأزمة عند هذا الحد فقد اجبرت الفضيحة ميردوخ على سحب عرضه لشراء كل شبكة بي سكاي بي.
يوم 01/5/2012 وجهت اللجنة البرلمانية المكلفة بالتحقيق بالقضية انتقاداً حاداً لروبيرت ميردوخ في تقريرها حول فضيحة التنصت على الهواتف ووصفته بأنه غير مؤهل لإدارة مؤسسة اعلامية كبرى، واضافت اللجنة ان ميردوخ " يتمتع بقدرة هائلة على التذكر والاستيعاب عندما تناسبه الامور"، وكذلك فقد اتهم التقرير صحيفة نيوز اوف ذي وورد وشركة نيوز انترناشيونال التي تشكل جزءا من مؤسسة نيوز كورب الإعلامية الكبرى بتضليل اعضاء لجنة التحقيق البرلمانية عن حجم التجاوزات واتساع عملية التنصت.
على الرغم من تاريخ بريطانيا الاستعماري الأسود والذي اورث العالم معظم المشاكل التي زرعتها بريطانيا العظمى من جنوب افريقيا حيث كان نظام الفصل العنصري السابق، الى فلسطين التي سلمها المستعمر البريطاني للمستوطنين الصهاينة  الذين اقاموا دولة اسرائيل بعدما طردوا السكان الفلسطينيين من ارضهم ودمروا بيوتهم ونكلوا بهم، وصولا الى الهند وباكستان وغيرها من بؤر التوتر حول العالم التي يبدو فيها الإرث البريطاني واضحاً وليس آخرها العراق وليبيا وسوريا...
اما عندما يتعلق الأمر بمصلحة بريطانيا وشعبها، فتتعاضد الأيادي من أجل اغلاق كل النوافذ التي تحاول الإساءة الى القيم البريطانية ،وهنا العبرة طبعاً على الرغم من انه وكما في كل مكان من العالم فإن السياسيين البريطانيين يحاولون استغلال اي مسألة من اجل تحسين شعبيتهم ولكن ليس على حساب مصلحة الوطن والشعب، وهذا ما اخفق في ادراكه القطب الإعلامي الكبير روبيرت ميردوخ، وهذا ايضاً ما اخفقت بأخذ العبرة منه شعوب وسياسيين ودول بالإستفادة من التجربة البريطانية والتي لسنا بحاجة الى جامعات ومحاضرات وكتب ومقالات لنتعلمها ونتعض بها لانها تبث على مرأى ومسمع من الجميع.
لذلك يحق للبريطانيين ان يقولوا لميردوخ انه غير مؤهل رغم قدرته الهائلة على الإستيعاب الاستنسابي وما ينطبق على ميردوخ ينسحب على شعوب ودول لا تزال تنوء تحت الإرث الاستعماري البريطاني رغم خروج البريطانيين من بلادهم وكما قال الإمام علي: ما اكثر العبر وما اقل المعتبرين.
سيدني
Email:abbasmorad@hotmail.com

CONVERSATION

0 comments: