تجميد الدستور.. ماذا يعني؟/ محمد الياسين


لم يعد خافيا على احدا من العراقيين عدم جدية وعود قادة العملية السياسية ، وكثرة اكاذيبهم ، رئيس الوزراء على سبيل المثال اخلف بوعوده للعراقيين حينما امهل حكومته مئة يوم لتحسين اداءها في جانب تقديم خدمات للمواطنين وغيرها من وعوده اليهم ، على ضوء تظاهرات 25 شباط وما لحقها بعد ذلك ، من حراك شعبي كاد ان يطيح بحكومته ، ورغم ان نظام الديمقراطية يستمد شرعيته من الشعب وقائم عليها ألا ان المالكي رفض الاستجابة لرغبة الشارع العراقي بخروجه عن السلطة ولجأ لاستخدام وسائل وأساليب تنافي مبدأ الديمقراطية في التعامل مع المتظاهرين ، واكتفى بوعود قطعها على نفسه لهم ولم ترى النور .
اتساع دائرة الازمة حول المالكي بدخوله صراعات ومشادات كلامية مع غالبية مكونات الطيف السياسي وذهابه الى خيار تصفيات سياسية لخصومه عبر القضاء يذكرنا بمحاكم الثورة التي اقامتها الانظمة السابقة من اجل تصفية خصومها ومعارضيها دون ان يحضوا فيها بمحاكمات عادلة .
يتضح  من خلال ممارسات سياسية وامنية بواسطة السلطة تخلي رئيس الوزراء عن مفهوم الديمقراطية في ادارة الدولة ، هذا ان كان تبناه اساسا ، وذلك من خلال انفراده بالسلطة وصناعة قرار الحكومة دون العودة للتشاور مع الاطراف الاخرى ، وحصر ادارة الملف الامني بيده ، وتدخلاته المباشرة في سياسات البنك المركزي وسلطات يفترض استقلاليتها كالقضاء والجيش اللذان اصبحا اداته في ضرب وتصفية خصومه ومعارضيه .تلك سياسات وممارسات استبدادية لا تصدر الا عن دكتاتور يسعى الى بناء دولة بوليسية قائمة بوجوده وتنتهي بزواله ، اشارته مؤخرا  الى احتمال تجميد الدستور ، والتي اعدها بعض الساسة انقلابا على الديمقراطية ، واعدها اخرون تهيئة لانقلاب عسكري على الدستور ، تعني اعلان الاحكام العرفية واعطاء صلاحيات اوسع الى قادة الجيش والاجهزة الامنية الموالين لدولته! ، في القيام بحملات اعتقالات واسعة  تطال معارضين ومنافسين للحكومة .

يجدر بنا التأكيد على ان ذاكرة العراق حافله بتجارب الانظمة الدكتاتورية وحكامها وميولهم الى التصفية لا تقف عند حد معين ، وانما يلجأون الى تصفية حتى المقربين منهم ، طالما شعروا بتهديد او منافسة من قبلهم .
 تجميد الدستور في ظل أزمة سياسية تتصاعد وتيرتها تعني نية المالكي في قيامه بانقلاب عسكري ليس على الدستور والديمقراطية ، فهما اكذوبتان عرف حقيقتهما شعب العراق ،وانما على شركاءه في العملية السياسية لازاحتهم من المسرح السياسي وانفراده في بناء دولة بوليسيه بقيادة حزبه وزعامته كقائد ضرورة! ينفرد في حكم العراق!.

CONVERSATION

0 comments: