إصحا يا شعب/ راسم عبيدات

 
هناك الكثير من الدروس والعبر والحقائق كشفت عنها الفعاليات الجماهيرية والشعبية المساندة والداعمة والمتضامنة مع الأسرى في إضرابهم المفتوح الذي استمر 28 يوماً،وكذلك حول الاضراب نفسه.
ففي داخل الأسر وجدنا أن هناك من حاول ان يسرق ويستثمر جهد الأسرى ونضالاتهم وتضحياتهم وخوضهم لملحمة الأمعاء الخاوية،من خلال تنصيبه لنفسه ناطقا ومفاوضا باسم الحركة الأسيرة،يتفاوض مع إدارة مصلحة السجون من أجل وقف الإضراب دون ان يشارك فيه..!!؟؟،ولم تقف الأمور عند هذا الحد بل ذهب البعض الى ما هو ابعد من ذلك من خلال الطلب من والضغط على الاسرى لعدم المشاركة في الإضراب،رغم ان هناك قراراً فصائلياً بخوض الإضراب بشكل جماعي في 17/4/2012،ومن كان لهم اجتهاد ورؤيا  مغايرة حول الموعد اتفق في حال عدم استجابة ادارة مصلحة السجون الإسرائيلية لمطالب الأسرى على ان يلتحقوا بالاضراب بتاريخ 1/5/2012،ولكن بدلاً من ذلك وجدنا  إختلاقا للأعذار والحجج والمبررات الواهية،والحركة الأسيرة واهالي الأسرى والجماهير الشعبية وكل جماهير شعبنا تحتاج من الذين لم يحترموا توقيعاتهم ولم يشاركوا او يلتزموا بالاضراب توضيحات وحجج مقنعة،لماذا وعلى أي أساس اتخذ هذا الموقف،ولمصلحة من؟ والمهم هنا أن الخطوة الالتفافية على نضالات الاسرى وقطف وسرقة واستثمار جهدها ونضالاتها وتضحياتها لم تنجح،حيث ان اللجنة المركزية العليا للاضراب اعلنت بشكل واضح وصريح،بأن من يمثلها ومخول بالتحدث باسمها حول الاضراب استمراره او تعليقه او وقفه هو فقط الهيئة الناطقة والمتحدثة باسمهم أي  اللجنة المركزية العليا للأسرى المضربين،وما جرى في داخل المعتقلات من محاولات لسرقة نضالات الاسرى المضربين وتضحياتهم وتجييرها لصالح من لم يضرب وجدنا نفس المشهد والصورة تتكرر في الخارج وعلى نحو أسوء،حيث وجدنا أن المستويات الرسمية السلطوية،المترفة والمتنعمة بمال الشعب الفلسطيني والناهبة والهادرة له قد أحسنوا عملية الاستثمار والسرقة لتلك النضالات والتضحيات،حيث وظفوا كل إمكانياتهم المادية والإعلامية والفهلوية السياسية والاستعراضية،من أجل ان يتم تسليط الأضواء عليهم والظهور بمظهر القائد للإضراب وحركة التضامن مع الأسرى،في خطوة الهدف الأساسي منها امتصاص نقمة الشارع وخداع وتضليل الجماهير وأهالي الأسرى أنفسهم،والظهور بمظهر الأبطال الذين لولا جهودهم وحركتهم الاستعراضية لما تحقق الانتصار للحركة الأسيرة؟؟.
هذا الانتصار المتحقق للحركة الأسيرة،ليس له أباء وأمهات شرعيين إلا من خاضوا ملحمة البطولة والفداء،هم الأسود والأشاوس في قبور الأحياء والصفيح الساخن وأقسام العزل والزنازين،ممن اشتركوا في تلك الملحمة،وخاضوا الاشتباك مع إدارة مصلحة السجون وأجهزة مخابراتها،يدافعون عن حقوق ومنجزات ومكتسبات الحركة الاسيرة،عن تاريخها وتراثها ووجودها وتضحياتها ونضالاتها،فإرادتهم وصمودهم وثباتهم على مواقفهم ووحدتهم هي من صنعت هذا الانتصار بامتياز،وكذلك الحركة والهبة الجماهيرية الواسعة التي قادتها وشاركت بها الجماهير الشعبية المساندة والداعمة لأبنائهم الأسرى في سجون الاحتلال بشكل عام لعبت دورأ مهماً في تحقيق هذا الانتصار والانجاز،وليس الذين لهم أجنداتهم وأهدافهم والذين كانوا يعملون من تحت الدولة ويسعون لفرملة الإضراب وحتى إجهاضه.

ولذلك على القوى والفصائل والحركات الشبابية والتي ليس لها مصلحة في سلطة مسقوفة بشروط وأوامر الاحتلال ان تغادر المربع الذي ترسمه لها هذه السلطة،ألا وهو الديكور وعلى الأكثر الاشراك في القرار وليس المشاركة في صنعة،عليها أن تشق طريقها بعيداً عن مجريات السلطة وبامكانياتها الذاتية،وبالقدرالذي تلتحم فيه مع الجماهير وتكون قياداتها حاضرة في الميدان والفعل،ستجد الجماهيرتقف معها وتساندها،رغم كل ما تتعرض له من تضليل وخداع وضغط وابتزاز وتحكم في لقمة عيش العباد،حيث يجري رهن الشعب وربطه باملاءات وشروط المؤسسات الدولية من البنك وصندوق النقد الدوليين وغيرها،بحيث أصبحنا أسرى الرواتب،والتي أضحت فوق  عصا مسلطة فوق رقابنا ولها الألوية على الوطن والقضية.

إن الجماهير الشعبية اذا ما وجدت القيادة الموثوقة والمؤتمنة والمعبرة عن همومها وطموحاتها وتطلعاتها ستلتف حولها،فهي  في سبيل عزتها وكرامتها تجود ولا تبخل،تضحي وتعطي بلا حدود،فعلى سبيل المثال لا الحصر الرفيق القائد احمد سعدات لا يملك مالاً ولا اطياناً،بل يملك ارادة وموقف سياسي وفكر ومبدأ ،ولذلك يحظى باحترام الحركة الأسيرةوجماهير شعبنا الفلسطيني،وأظن لو ان قائداً آخر ممن يحبون الاستعراضية والفهلوية وحب الظهور والأضواء،توجهت له إدارة مصلحة السجون الإسرائيلية من اجل التفاوض حول الإضراب ومطالب الحركة الأسيرة،لن يكون موقفه كموقف هذا الرفيق القائد برفض محاورتها ومفاوضتها،والقول لها بأن هناك عنواناً واحداً للحركة الأسيرة ألا وهو اللجنة المركزية العليا للإضراب.

ولذلك من الآن فصاعدا يجب ان تتغير المعادلات،فعاليات وأنشطة ومناشطات بعيداً عن عباءة السلطة أو الاسطوانة المشروخة الوحدة الوطنية غير الموجودة او المترجمة على ارض الواقع،فإما فعاليات وانشطة وحدوية حقيقية فيها مشاركة في القرار وصنعه،وإما لا للمشاركة الديكورية او الاشراكية،وعلى الشعب ان يصحو  وان يميز،رغم كل ما يتعرض له من تضليل وخداع وتهديد بلقمة العيش وتغول للأجهزة الأمنية ،يجب أن يصحو صحوة شاملة ،صحوة تضع النقاط على الحروف،وتقلب الطاولة وكل المعادلات،وتلزم السلطة بشقيها على التعامل مع المناضل أو الأسير كمناضل وأسير للوطن وليس لهذا الفصيل أوذاك،هذا ابن سارة والآخر ابن هيجر،والذي قد يكون قدم للوطن والقضية عشرات إضعاف ما قدموه ممن تصبغ عليهم الرتب والنياشين والألقاب وتغدق عليهم الأموال من أموال الشعب الفلسطيني،ويمنحون الامتيازات والتسهيلات.

وبالتالي أقول بأن الحقوق تنتزع انتزاعاً ولا تستجدا استجداءاً،وهناك الكثير من الخبايا والأسرار والأمور ستتكشف بعد مدة،وخصوصا ًحول عدم الدعوة او الطلب من الأسرى المشاركة في الإضراب،رغم التوقيع على المشاركة به،وهذه المواقف ستعكس نفسها على الحركة الأسيرة في سجون الاحتلال بشكل كبير،وما نريده نحن حركة أسيرة موحدة أداتها الوطنية التنظيمية،وليس حركة أسيرة تخضع للتجاذبات والأجندات والمصالح الخاصة والفئوية،والاحتلال هو المستفيد الأول والأخير من أي ضعف أو تفسخ يصيب جسم الحركة الأسيرة الفلسطينية.

CONVERSATION

0 comments: